المصدر: Getty
مقال

الاقتصاد اليمني بين الإصلاح والانهيار

يؤثر الصراع وتغير المناخ على قطاعي الزراعة والمصارف في اليمن لدرجة تُهدد سبل عيش اليمنيين، غير أن العودة لزراعة البُن تُعد خطوة في المسار الصحيح.

 محمد علي ثامرعبد الله علي, و إسماعيل الأغبري
نشرت في ١٦ مايو ٢٠٢٣

في هذه المناقشة ، تنشر صدى ثلاث وجهات نظر بخصوص الاقتصاد اليمني والتهديدات التي تواجه سبل عيش اليمنيين. وضعت سنوات من الصراع - والإدارات المتنافسة التي أقيمت في صنعاء وعدن - جنبًا إلى جنب مع آثار تغير المناخ، وضعت الاقتصاد اليمني في حالةهشة، ما أثر على اليمنيين على مختلف أطيافهم الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي أرغمهم على إجراء تعديلات وتغييرات على أعمالهم فقط من أجل البقاء والاستمرار.

في المقال الأول ، يحلل محمد علي ثامر قانونًا صدر مؤخرًا يهدف إلى حظر المعاملات الربوية في اليمن. واستكشاف أوجه القصور الهيكلية للقطاع المصرفي اليمني، يرى محمد ثامر أن هذا القانون سيعقد تعاملات البنوك مع المؤسسات المالية الدولية ويهدد الأطر القانونية التي تحافظ على حقوق المستثمرين وأموالهم وودائعهم، ما قد يؤدي في النهاية إلى توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد ما لم يتم إجراء تعديلات مناسبة.

يواصل مقال عبد الله علي دراسة التحديات الاقتصادية في اليمن، ويركز على القطاع الزراعي، الذي يساهم - بشكل مباشر أو غير مباشر - في دخل 73.5 في المئة من السكان. تعرضت سبل عيش المزارعين للخطر بسبب التغيرات الهائلة في أنماط الطقس نتيجة لتغير المناخ، فضلاً عن الآثار الاقتصادية للحرب والحصار. سيؤدي تقديم المزيد من الدعم لهذا القطاع والاهتمام به على طاولة السلام، كما يقول علي، وسيساهم في تنمية اقتصادية أوسع.

أخيرًا، في المقال الثالث، يتعمق إسماعيل الأغبري في القطاع الزراعي، موضحًا حملة تعمل بهدف الحد من زراعة القات وتحويل الموارد نحو زراعة البُن. في ظل النقص الحاد في المياه، يعتبر القات محصولًا يستهلك موارد مائية كبيرة دون تقديم أي فوائد للإمدادات الغذائية، بينما تعد القهوة محصولًا أكثر ذكاءً للمناخ. بدأ بعض المزارعين بالفعل في تغيير أولوياتهم الزراعية، بمبادرة تم إطلاقها لزرع مليون نبتة بُن بحلول عام 2025.

قانون منع التعاملات الربوية في اليمن

من المتوقع أن يؤدي قانون منع التعاملات الربوية في اليمن إلى زعزعة المراكز المالية للبنوك وقد يعرضها للحجر والإفلاس. 

محمد علي ثامر

أقرَّ مجلس النواب اليمني قانون منع التعاملات الربوية في مارس الماضي وضمَّ القانون 13مادة هَدَفَت لتحريم المعاملات الربوية بكافة أشكالها الظاهرة والمستترة في جميع التعاملات التجارية والمدنية التي تُجرى بين الأشخاص(الطبيعيين، والاعتباريين)، ووِجَّه بالأساس نحو التعاملات البنكية في البنوك التجارية والإسلامية؛ متجاهلاً التحذيرات التي أطلقها خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، والباحثين والمتخصصين في الشأن الاقتصادي والمصرفي بأن سريانه سيؤدي لانهيار وإغلاق البنوك، لكونه سيضعف مراكزها المالية المُتعثرة أصلاً منذ تسع سنوات عن دفع ودائعها، رغم انتهاجها سياسة الدفع بالتقسيط بشكل مبالغ بسيطة وبفتراتٍ زمنيةٍ مُتباعدة.

هذا الانهيار سيأتي بسبب اتخاذ الحكومة في عدن وصنعاء قراراتٍ اقتصاديةٍ خاطئة، أبرزها قرار نقل البنك المركزي إلى عدن في عام 2016، والتضارب والازدواج في اتخاذ السياسات النقدية، والتعامل بـما يشبه العملتين القديـمة والجديدة، وتذبذب قيمتها أمام الدولار، وآخرها إصدار هذا القانون وبدأ العمل به مع أول منشورٍ أصدره البنك المركزي (في صنعاء ينظم عمل البنوك بـموجبه.
تدعو هذه التداعيات المحتملة والتحذيرات المتتابعة للتساؤل  بشأن ما إذا كان سيتم التراجع عن قانون منع التعاملات الربوية كما حدث في إيران وليبيا عندما لمستا الضرر الواقع على اقتصاديهما أم أن الوضع سيستمر كما هو عليه حاليا.  

هل نحن مقبلون على إغلاقٍ للبنوك؟

تؤكد الدلائل والوقائع وآراء المتخصصين في الشأن المصرفي على احتمال إغلاق البنوك. نظراً لكون البنوك ستصبح عاجزةً عن دفع ودائعها، ولن تستطيع تغطية نفقاتها؛ إلا إذا نوَّعت استثماراتها كالاستثمارات العقارية– مثلما توجَّه بنك التسليف التعاوني والزراعي مؤخراً–نحو الاستثمارات الصناعية والتجارية؛ الأمر الذي سيخلق مشكلةً قانونية تتمثل بحظر ممارسة هذه الأنشطة، بناءً على المواد (20،21،22) من قانون البنوك رقم(38) لعام 1998، ما سيتوجب إنشاء شركاتٍ تابعة ستحتاج للوقت والمال والخبرة؛ وهذا الأمر سيثقل كاهل البنوك، ومن ثم سيعرضها للإفلاس والإغلاق.

كيف سيؤثر تطبيق القانون على اقتصاد اليمن

إن تطبيق هذا القانون سيؤثر على الوضع الاقتصادي الهش في البلد، وعلى زيادة الأوضاع المعيشية سوءاً، وسيلتهم 1,7تريليون ريال؛ (3,3)مليار دولار إجمالي استثمارات البنوك في الدَّين العام البالغ 9 تريليونات ريال يمني؛ (17.4)مليار دولار، و 3,9 تريليون ريال؛ (7,5)مليار دولار إجمالي الأرصدة المودعة كاحتياطيات تخص البنوك، وهيئات التأمينات، وشركات الاتصالات والبريد. ينص القانون على استراتيجيةٍ وطنيةٍ لسداد الدَّين العام، لا يُعرف متى ستنفذ ولا آلية عملها. سيعمل هذا القانون أيضاً على إيقاف القروض بـمختلف أنواعها؛ فمن المنطق ألا تمنح أي جهة أموالها إذا كانت لن تحصل على عوائد، وسيؤدي ذلك لانكفاء البنوك على حالها، واتخاذها سياساتٍ تقشفية أبرزها الاستغناء عن الكثير من كوادرها؛ الأمر الذي سيزيد معدل البطالة البالغ 14في المئة من إجمالي القوى العاملة عام 2022، أو 32 في المئة بحسب دراسةٍ موَّلتها اليونيسيف، أضف إلى ذلك عجز الحكومة، بشقيها في صنعاء وعدن، عن دفع مرتبات موظفيها البالغ عددهم 1.3مليون موظف منذ 2016. 

توضح المؤشرات الدولية وأبرزها تقرير خبراء لجنة العقوبات أن 17مليوناً من اليمنيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومن هذه الأرقام يتضح لنا أن هذا القانون سيزيد الطين بلَّة، حيث سيتحول الشعب اليمني إلى أكبر تجمعٍ سكاني في العالم يُعاني الجوع والفقر، مالم يتجه اليمنيون نحو تحقيق السلام في وطنهم، وإيقاف العمل بهذا القانون، استرشاداً بالتجربتين السابقتين في ليبيا وإيران: فقد أصدرت ليبيا  قانوناً لمنع المعاملات الربوية عام 2013؛ ولكنها أوقفته في 2015، نظراً لأثره المباشر في إيقاف الخدمات المصرفية للمواطنين، وتعريض المصارف لمخاطر ماليةٍ عالية، وإيران السبَّاقة في إقرار هكذا قانون في سبتمبر 1982، وكانت السبَّاقة للاحتيال عليه، حيث خوَّلت بنكها المركزي تحديد الحد الأدنى لنسبة الأرباح للبنوك في المشروعات المشتركة والمضاربة والاستثمار والبيع الإيجاري ومعاملات الأقساط والشراء بالدَّين وودائع العملاء، وعمولات الخدمات المصرفية؛ أي توزيع أرباحٍ بـمعدلاتٍ ثابتة، تُحَمَّل كرسومٍ على القروض، أو كحصصٍ من أرباح الشركات، أي خُلِقَ ببساطةٍ لإضفاء الشرعية على الربا وليس تحريـمه.

وأخيراً، يعد إصدار هذا القانون ضربةً قاضية لما تبقى من القطاع الاقتصادي اليمني، والمصـرفي بشكلٍ خاص، لكونه سيخلق عقباتٍ كثيرة في تعامل بنوكها مع المؤسسات المالية الدولية، والأطر القانونية للمحافظة على حقوق وأموال المودعين والمستثمرين فيها، وطرق معالجة الدَّين العام في ظل الحرب الدائرة منذ عام 2014، وتغلغل الفساد في أوساط الحكومة، وعدم اتخاذها سياساتٍ اقتصاديةٍ مدروسة قبل تنفيذها.

محمد علي ثامر، كاتب وباحث من اليمن، ينشر في مجلة اتحاد المصارف العربية، ويدير مجلة الخطوط الجوية اليمنية، وهو مؤلف كتاب بنك التسليف التعاوني والزراعي.. الريادة المصرفية في اليمن، وكتاب بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار.

 اليمن: الحرب والتغير المناخي ومستقبل المزارعين 

قد تدفع أزمة تغير المناخ القطاع الزراعي في اليمن الذي يعاني أصلا من تبعات الحرب إلى نقطة الانهيار.

عبد الله علي

يشكل اليمنيون الذين يعملون في القطاع الزراعي الشريحة الأوسع في البلاد. فهي المصدر الأول للدخل ل 73.5 في المئة من السكان، سواء بصورة مباشرة من خلال الأنشطة الزراعية أو غير مباشرة من خلال الأنشطة ذات العلاقة بالخدمات والتجارة أو التصنيع، وتساهم الزراعة بنحو 80 في المئة من الدخل القومي اليمني، وتوفر فرص عمل لنحو 54 في المئة من القوة العاملة في أنحاء البلاد. 

الآن وبعد تسع سنوات من الحرب في اليمن لا يزال بعض المزارعين  يكافحون في زراعة المحاصيل الزراعية المتنوعة لتأمين الغذاء لأفراد عائلتهم، على الرغم من غياب الإمكانيات والتحديات التي يواجهونها في بلد تشهد حرباً أهلية تدخلت فيها دول خليجية وعربية وإقليمية تسببت بمقتل مئات الآلاف من المواطنين ونزوح الملايين وخلفت أسوأ أزمة إنسانية  في العالم إذ يحتاج ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66 في المئة من إجمالي عدد السكان، إلى مساعدات إنسانية وحماية.

الحرب والمناخ 

يواجه المزارعون في اليمن تحديات جمة، إذ شهد القطاع تدهورا كبيراً نتيجة القصف والحصار المفروض على البلاد من قبل قوات التحالف الذي تقوده السعودية. حيث كشفت وزارة الزراعة والري في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً أن إجمالي الخسائر الناجمة عن الحرب والحصار، الذي لحق بالقطاع الزراعي، بلغ 111 مليار و 279 مليون و 271 ألف دولار خلال السنوات الماضية. 

ويشكو المزارعون في البلاد من ارتفاع أسعار الوقود، وغلاء الأسمدة، والمبيدات الزراعية، ومضاعفة الضرائب والجمارك الحكومية التي تفرضها السلطات المختلفة. و مؤخراً التغيرات المناخية التي بدأت مؤشراتها في ارتفاع وتيرة موجة الجفاف وذلك بدوره انعكس سلباً  على المحاصيل وتراجعها مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على العاملين في الزراعة، وتوسيع دائرة المجاعة مع غياب البدائل، وتدهور الاقتصاد الوطني وإغلاق معظم المؤسسات الاقتصادية الكبرى أبوابها وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي. 

ومع اعتماد 3 من بين كل 4 يمنيين على الزراعة للبقاء على قيد الحياة، قد تدفع أزمة المناخ القطاع الزراعي الذي يعاني أصلا من تبعات الحرب إلى نقطة الانهيار. وذلك بات واضحا إذ يشكو المزارعون في اليمن من تدمير سبل عيشهم نتيجة الجفاف الشديد وتراجع هطول الأمطار الموسمية كما حدث في العام 2022. 

 يعتمد المزارع (م .ق) من مدينة إب، في تأمين الغذاء لأفراد عائلته على الزراعة، وهو يقول إن كمية الثمار الزراعية في سنة 2022 تراجعت إلى أقل من النصف نتيجة تراجع هطول الأمطار وموجة الجفاف التي شهدتها البلاد، فهو مثل ملايين اليمنيين، يعاني حالياً من ظروف معيشية متدينة، زادت حدتها بسبب تضاعف أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية بشكل غير مسبوق بالتزامن مع انهيار العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة والاستقرار الوهمي  لأسعار الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين.1

كان (م. ق) قبل سنوات يحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب المتنوعة: القمح، والذرة، والبقوليات لنحو سنة كاملة حتى عودة الفصل الزراعي في السنة المقبلة، لكن في السنوات القليلة الماضية تراجعت المحاصيل، على سبيل المثال، في الموسم الزراعي لسنة 2022 تراجعت المحاصيل إلى أقل من النصف، وذلك لا يكفي لغير 5 أشهر. 

إنقاذ القطاع الزراعي 

ينصح الخبير الاقتصادي  اليمني رشيد حداد بضرورة إنقاذ القطاع الزراعي، وتقديم الدعم العاجل قائلاً إن العمل في الزراعة ودعم المزارعين في اليمن هو الحل للحد من تردي الأوضاع المعيشية، فهي تساهم في الحد من البطالة والفقر وتحسن الظروف الاقتصادية، على وجه الخصوص لسكان المناطق الريفية الذين يمثلون نحو 75 في المئة من السكان في اليمن.2

في الوقت الراهن مع غياب الدولة والانقسام السياسي الحاصل نتيجة لاستمرار الحرب، يمكن للمنظمات الدولية العاملة في البلاد أن تساهم في إنقاذ الزراعة عبر توفير الدعم، وتسهيل الحصول على الإمكانيات الزراعية، وتوفير الطاقة البديلة، والاستفادة من أنظمة حصاد المياه، والتوسع في الزراعة المطرية وذلك من شأنه أن يساهم في إنقاذ العاملين في الزراعة من شبح الفقر.

في حال قادت أي مفاوضات سياسية مقبلة بين الأطراف المتنازعة في البلاد وهي تبدو قريبة الأجل، خاصةً عقب الاتفاق المفاجئ بين السعودية وإيران، باعتبارهما الدولتين اللتين تملكان قرار إيقاف حرب اليمن. ففي حال تم إدراج ملف الزراعة في قائمة المفاوضات وأجندات عملية بناء السلام سوف ينعكس هذا بصورة إيجابية على القطاع الزراعي والمزارعين. ويمكن القول إن من شأن توفير الدعم والاهتمام بالقطاع الزراعي أن يساهم في زيادة الدخل، وخلق فرص العمل، وتحسين الأمن الغذائي.

عبدالله علي  كاتب وصحفي يمني مستقل تركز أعماله في الغالب على القضايا الإنسانية، وتنشر في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية. 

ملاحظات:
1 - حديث خاص مع المزارع محمد قاسم 50 سنة وأب لعشرة أولاد في محافظة إب الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي وسط اليمن. 
2 - تصريح خاص من الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الحداد.  

العودة إلى البُن في اليمن

فضّل المزارع اليمني نادر الحمادي الإبقاء على شجرة البن في مزارعه الجبلية، والتوسع في زراعتها على حساب نبتة القات المدمرة للاقتصاد. هذه الأسباب التي دفعت الحمادي إلى زراعة البن.

إسماعيل الأغبري

يمارس نادر الحمادي الزراعة في محافظة تعز وسط اليمن، وهو واحد من المزارعين الذين واجهوا تمدد القات، وضاعفوا غرس شتلات القهوة في منطقته الشهيرة بأجود أنواع البن اليمني المعروف دولياً باسم "موكا".

يشهد البلد المحترب، مبادرات اجتماعية لمواجهة التغيرات المناخية المتضاعفة خلال السنوات الأخيرة نتج عنها تقلص حصة الفرد من المياه، وبات على شفا التصحر بسبب توسع شجرة القات المستهلكة للمياه على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى، وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2012 فإن القات يتوسع سنوياً بما يعادل 6-10 ألف هكتار.

القات رفيق التصحر 

أشارت مقالة بحثية أعدها عبده بكري أن "كمية تصدير البن بين اليمن والعالم، في مطلع القرن الـ 18، وصلت لقرابة 20 ألف طن في العام".  هذا التراجع الذي نشهده الآن في إنتاج البن اليمني جاء بسبب انتشار زراعة شجرة القات المخدرة التي يتعاطاها معظم اليمنيين وتحقق عائدات مادية طائلة للمزارعين.

تستهلك نبتة القات ما لا يقل عن نصف المياه المستخرجة جوفياً للأغراض الزراعية، ما ينذر بارتفاع التصحر إلى 97 في المئة من الأراضي اليمنية، والذي يبلغ حاليا نحو90 في المئة. وفقا للإدارة العامة للغابات والتصحر.

زادت مساحة زراعة نبتة القات في العقود الأخيرة على حساب شجرة البن حيث تراجعت الأخيرة بمقدار 415 هكتارًا، حيث تقلصت الأراضي المزروعة بالبن من 33,959 ألف هكتار في العام 2015، إلى نحو 33,544 ألف هكتار في أواخر 2017، حسب تقرير موقع حلم أخضر.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، تراجع إنتاج القهوة بمقدار 490 طنا سنوياً، حيث أنتج البلد في العام 2015 19,257 طنا وتراجع إلى 18,856 طنا في العام2017.   

العودة إلى البن

قبل سنوات حصل نادر الحمادي على 60 غرسة بُن، وتلقى دورات تأهيلية في جمعية بني سنان الناشطة زراعيا، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة إنتاجه إلى ما يقارب 600 كيلو غراما في العام.  
يمتلك الحمادي اليوم 300 شجرة، ويقول إنه يواجه صعوبات في عدم توفر المياه، وبيوت الحماية، وقلة الدعم من المؤسسات الحكومية. يتمنى الحمادي أن يتمكن اليمن من تصدير البن إلى الخارج كما كان سابقاً.

استبدل المزارعون أشجار القات بالبن استجابةً لمبادرة انطلقت في محافظة تعز تهدف إلى زراعة مليون شجرة بُن بحلول 2025 في مديريات محافظة تعز حيث ظهرت نتائج مبشرة. وزعت جمعية بني سنان قرابة 400,000 شتلة خلال أربعة أعوام من انطلاق حملتها لزراعة مليون شجرة بن في المحافظة. قامت الجمعية بهذه الحملة لمكافحة توسع شجرة القات رفيقة التصحر. توفر زراعة البن القابل للتصدير والذكي مناخياً المياه ويزيد المساحات. 

ويقول عبد الكريم النبيرة رئيس المبادرة أن مبادرته أنتجت 50,000 شتلة في 2019، وفي العام 2020 ارتفع الإنتاج إلى 70,000 شتلة، وفي العام الأخير استطاعت مشاتل جمعية بني سنان توفير 100,000، ويتوقع أن ينتج هذا العام 150,000 شتلة. وفرت له مشاتل الدولة 30,000 شتلة، وتمكنت الجمعية من إمداد محافظة إب المجاورة في العام 2021 بنحو 100,000 شتلة. وأخيرا انتصرت الجمعية على جميع العراقيل التي تواجه حملة زراعة مليون شجرة بن، سواء على العجز في توفير البيوت الزجاجية أوفي توفير مستلزمات الإنتاج.  

وتهدف المبادرة المنطلقة قبل أربعة أعوام إلى رفع إنتاج البن في محافظة تعز لتستعيد مجدها السابق في تصدير البن اليمني عبر ميناء المخاء وهو الميناء الوحيد في المحافظة.

وأوضح النبيرة أن تعز كانت في الماضي تنتج 100,000 طن من البن، واليوم ارتفع الإنتاج بنسبة 50 في المئة أي 150,000 طن. ومن المتوقع أن يصل الإنتاج في عام 2023 إلى 300,000، وبحلول 2025 سننتج محافظة تعز 400,000 طن، وستصدر 4,000 طن.

يختتم مُزارع الكنوز، نادر الحمادي، كما يُحب أن يوصف، أن زراعة البن عادت إليه بفائدة أفضل من شجرة القات حيث إنها توفر المياه، ولا تتطلب عناية كبيرة، ولا تحتاج إلى أسمدة باهظة الثمن. يتمنى الحمادي أن يرى دعما حكوميا أكبر كي يكسو اللون الأخضر منطقته الجبلية بعد أن تحولت إلى لون قاتم بفعل نبتة القات.

إسماعيل الأغبري، هو صحفي يمني متخصص في الصحافة الإنسانية والسلام والتعايش. عمل لعدد من المنصات المحلية والدولية، مهتم بالصحافة الاستقصائية والتحقيقات المدعومة بالبيانات.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.