المصدر: Getty
مقال

الأبعاد الجيوسياسية لربط شبكات الكهرباء بين إيران وقطر

ربط شبكات الكهرباء بين إيران وقطر يعتبر خطوة نحو تعزيز دبلوماسية الطاقة، إلا أن الوضع الراهن للسياسات الخارجية الإيرانية قد يشكل عقبة في طريق الجمهورية الإسلامية لاستغلال كامل قدراتها.

 أومود شكري
نشرت في ٢٨ أبريل ٢٠٢٢

وقّعت قطر وإيران، أثناء زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قطر في شباط/فبراير الماضي، اتفاقية يبدأ البلدان بموجبها ربطا متبادلا لخطوط وشبكات الكهرباء. ترتبط خطوط الكهرباء في إيران مع خطوط كهرباء 7 دول أخرى في الجوار هي: أفغانستان، وباكستان، والعراق، وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وتركمنستان. وبينما تتصدر قطر قائمة أعلى دول العالم استهلاكاً للطاقة بمعدل 15.316 كيلوواط في الساعة للفرد سنوياً، فإن قدرة إيران على توليد وتوزيع الكهرباء تبلغ نحو 90,000 ميجاوات فقط.

تأتي أهمية ربط شبكات الكهرباء بين البلدين من أن توسعة مراكز إرسال الطاقة سيؤدي بالضرورة إلى زيادة سعة وقدرة الشبكات وهو ما سيتيح لقطر وإيران تبادل الطاقة واستيراد الكهرباء وفقاً للاحتياجات والذروات الموسمية لكلٍ منهما. ­­­­لكن، وعلى الرغم من أن ربط شبكات الكهرباء بين الجارتين يعتبر خطوة نحو تعزيز دبلوماسية الطاقة، إلا أن الوضع الراهن للسياسات الخارجية الإيرانية – من حيث خضوعها للعقوبات الدولية ومعاناتها في جذب الاستثمارات الخارجية – قد يكون حجر عثرة في طريق إيران لاستغلال كامل قدراتها في مجال الطاقة و زيادة نفوذها في مجال العلاقات الدولية.

هل تعتبر إيران مركزاً إقليمياً للكهرباء؟

وضعت الخطة التنموية الخمسية (2016-2021) لإيران زيادة صادرات الطاقة وتوليد الطاقة الوطنية على رأس أولويات أهداف تنمية القطاع الكهربائي الإيراني. وبحسب الخطة كان من المفترض على الحكومة السعي لتحويل البلاد إلى المركز الرئيس للكهرباء في المنطقة في مدة لا تتجاوز نهاية العام الماضي من خلال إنشاء مشاريع ربطٍ كهربائي مع الدول المجاورة. لكن خبراء الطاقة في إيران يعتقدون أن هذا الهدف صعب المنال في ضوء ندرة الاستثمارات المطلوبة لتطوير البنية التحتية التي تسمح بتزويد الدول المجاورة بالكهرباء. وبينما تتوالى تصريحات الحكومة عن سعيها للاستفادة من قطاع الكهرباء في الدولة إلا أنها في الواقع لا تستثمر فيه بما يكفي لجعله مورداً جذاباً، بل كثيراً ما تعاني شبكات الكهرباء ومحطات توليد الطاقة من الإهمال ونقص الوقود.

يتساءل همايون برهماندبور، رئيس مركز تطوير تكنولوجيا نقل الطاقة عالية القدرة، "لماذا لم تكن لدينا استراتيجية وخطة طويلة المدى نطرحها على المهتمين من الجيران الإقليميين بحيث يمكننا بالفعل أن نصبح مركزاً إقليمياً للطاقة الكهربائية في المنطقة؟" وعلى نفس المنوال أكد بايام باقري أهمية تحويل إيران إلى مركز إقليمي للطاقة الكهربائية، حيث ستلبي إيران الاحتياجات المحلية وتصدر الكهرباء إلى دول أخرى في المنطقة. محاولة إيران استعمال سياسات وتوجهات دبلوماسية الطاقة في مجال الكهرباء قد لا يكون مفيداً عدا عن كونه غير حصيف.

يجدر الذكر أن هناك عددا من البلدان في المنطقة قامت بالفعل بربط شبكات الكهرباء الخاصة بها، حيث ترتبط مصر بالمملكة العربية السعودية وترتبط الأردن بالعراق. وقد وقعت شركة سيمنز اتفاقاً مع الحكومة الأفغانية سيتم بمقتضاه تحويل البلاد إلى المركز الرئيس للطاقة الكهربائية في منطقة آسيا الوسطى. وتستثمر الإمارات العربية المتحدة بكثافة في الطاقة النووية وتصدرها. ونظراً لعدم قدرة إيران على بيع النفط الخام في ظل ظروفها الراهنة فإن صادرات الكهرباء من شأنها أن تعزز قوة العملة الإيرانية.

حال ضعف دبلوماسية الطاقة في مؤسسات السياسة الخارجية الإيرانية دون أن تلعب إيران دورا مهما في إمداد الدول المجاورة، بما في ذلك قطر، بالكهرباء على الرغم من إمكاناتها الكبيرة. يجب على حكومة الرئيس الإيراني رئيسي أن تعزز الدور الذي تؤديه الطاقة المتجددة في منظومة الطاقة بالبلاد وتهيئ المناخ لجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا التي يحتاجها القطاع الكهربائي. ولا شك أن زيادة عمليات نقل الكهرباء من إيران إلى دول أخرى في الشرق الأوسط سيزيد التعاون الاقتصادي وسيدعم الأمن الإقليمي للمنطقة ويعززه.

أومود شُكري هو كبير مستشاري السياسة الخارجية واستراتيجيات الطاقة في واشنطن وهو مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأمريكية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001 ". عمل باحثا زائرا في مركز علوم وسياسات الطاقة (CESP) وهي مبادرة تدعمها كلية شار في جامعة جورج ماسون. ويعمل ايضاً مستشارا في Gulf State Analytics (GSA) وهي شركة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن. وهو يحمل درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.