تسجيل الحضور
ستصلك رسالة إلى بريدك الإلكتروني لتأكيد تسجيل حضورك.
تترك النزاعات والثورات في أرجاء العالم العربي كافة تأثيرات حادّة في الدول. وغالباً ماتكون هذه الدول في حاجة ماسّة إلى جهود المصالحة الوطنية. لكن، في حين سعت تونس ومصر واليمن وليبيا ولبنان إلى إشراك المجتمعات المحلية المتنازعة في حوارات المصالحة الوطنية، محقّقةً درجات متفاوتة من النجاح، تظهر استقالة مبعوث الأمم المتّحدة الخاص إلى سورية كم أصبحت الحرب الأهلية في سورية مستعصية. ماذا يمكن أن تتعلّم سورية من حوارات المصالحة الوطنية الناجحة في العالم العربي؟ ومافرص نجاحها حين تخف حدّة الأزمة في نهاية المطاف؟
نظّم مركز كارنيغي للشرق الأوسط ندوة عامّة حول المصالحة الوطنية وتطبيق استراتيجيات العدالة الانتقالية في دول مابعد النزاع. ناقش الباحث والناشط الحقوقي، ماجد المذحجي، ودارين الحاج من مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمعهد السلام الأميركي، والمدير التنفيذي للرابطة السورية للمواطنة، وسام جلاحج، وأسامة صفا من الإسكوا، التجاربَ والدروس المستفادة من الحوارات الوطنية في تونس واليمن وليبيا في مرحلة مابعد الثورة، واقترحوا خريطة طريق لحوارٍ وطنيٍّ سوري. تولّت إدارة الجلسة رومي نصر من مركز كارنيغي.
الإطار العام للحوار الوطني
- هدف الحوار: أوضح المشاركون أنه ثمة فرق بين مفهوم الحوار الوطني وبين مفهوم المصالحة الوطنية. إذ يُستخدم الحوار لتوسيع المشاركة السياسية، وهو جزء واحد من عملية المصالحة، وليس غايةً في حدّ ذاته.
- شرعيّة الحوار: ذكر المشاركون أنّ حجم المجتمع المحليّ وتمثيله يؤثّران على شرعية الحوار. إضافةً إلى ذلك، عادةً مايتولّى الساسة في البلدان العربية إدارة الحوار، الأمر الذي يمكن أن يؤثًر سلباً على شرعيته وموضوعيّته.
- فعالية الحوار: خلُص المشاركون إلى أنّ فعالية الحوار تُقاس من خلال نتائج ملموسة، مثل تشكيل الحكومة والإصلاح وتطوير السياسات، وأيضاً من خلال إجراءات غير ملموسة، مثل تعزيز المشاركة السياسية واللحمة الاجتماعية. ومن المهمّ أن يشارك جميع الفرقاء في الحوار بشكلٍ نشط. إضافةً إلى ذلك، يكون الحوار فعالاً إلى أقصى حدّ حين يجري في عاصمة البلاد، وذلك للحدّ من الضغط الممارس على المناطق المهمّشة في البلاد.
الحوار الوطني في اليمن
- لماذا فشل: قال المشاركون إنّ الحوار الوطني في اليمن فشل في معالجة الكثير من المشاكل، وأدّى إلى تصعيد النزاع. تمّ إنشاء لجنة فنيّة للحوار الوطني، بيد أنّ سبعة أحزاب أساسية استُبعدت من المشاركة.
- خطة عمل من 20 بنداً: أضاف المشاركون أنّ اللجنة أصدرت توصيات على شكل خطة عمل تتألّف من 20 بنداً، لكنّ هذه الخطة لم تكسب ثقة الشعب ولم تُطبّق قط.
الحوار الوطني في ليبيا
- عدم الاستقرار لايزال قائماً: شرح المشاركون أنّ الحوار الوطني في ليبيا لايزال في مرحلته التمهيدية. ويهدّد عدم الاستقرار في البلاد حظوظ جلسات الحوار المقبلة.
- مبادرتان لليبيا: ثمة حاليّاً مبادرتان جاريتان في ليبيا. المبادرة الأولى هي اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المموّلة حكوميّاً، والثانية هي المبادرة التي أطلقها الأفرقاء السياسيون الليبيّون. وقال المشاركون إنّ التنافس بين المبادرتين يؤثّر على نجاح جهود الحوار، ويقوّض النظرة الشعبية إلى الحوار الوطني، والتي لم تكن إيجابيّة جدّاً أصلاً.
- غياب التغطية المالية: قال المشاركون إن قرار تمويل الهيئة الوطنية للتحضير لجلسات الحوار قد جُمِّد. فلا يوجد مفهوم واضح للحوار بين الأطراف، كما أن الهيئة تواجه تحديات تنظيمية، مثل مجالات التغطية في البلاد.
الحوار الوطني في تونس
- خطوات النجاح: قال المشاركون إن التجربة التونسية شهدت نجاحاً واضحاً تحت رعاية "الرباعية" (تحالف ضمّ الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد أرباب الأعمال، ونقابة المحامين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان). وقد ساهمت عوامل عدة في نجاحها، بما في ذلك مصداقية الرباعية وحيادها، والتطورات الإقليمية، والخوف من أن يُستنسَخ "تأثير مصر" في تونس.
- التحديات: حذّر المشاركون من أن التونسيين يخشون العودة إلى الأزمة السياسية بسبب الحالة الاقتصادية الراهنة والتأخير المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة.
المصالحة الوطنية في سورية: السيناريوهات المحتملة
عرض المشاركون ثلاثة سيناريوهات مختلفة لسورية: فوز النظام، أو فوز المعارضة، أو التوصّل إلى تسوية يجري التفاوض عليها. وبحث المشاركون ماستكون احتمالات المصالحة والحوار في كلّ سيناريو من السيناريوهات.
- سيناريو فوز النظام: أكّد المشاركون أن لاوجود للعدالة الانتقالية، لكن المصالحة الوطنية ممكنة.
- سيناريو فوز المعارضة: حذّر المشاركون من أنه، في ظلّ مجموعات المعارضة المتطرِّفة، يبقى الأمل ضئيلاً في حصول مصالحة وطنية. وعلى العكس، يُخشى أن تُفرَض الإيديولوجيات المتطرّفة على الشعب. وأضاف المشاركون أن مجموعات المعارضة قد تكون مستعدّةً لإدخال عناصر من العدالة الانتقالية.
- سيناريو التوصّل إلى تسوية: لفت المشاركون إلى أن التجارب السابقة لاتوفّر نماذج جيدة يمكن أن تتّبعها سورية إذا ما أرادت السعي إلى تسوية ومصالحة وطنية. ففي لبنان والبوسنة مثلاً، أدّى الحوار الوطني إلى تحسّن الأمن، إلا أنه لم تُجرَ أي مصالحة وطنية حقيقية.
- تحدّيات المصالحة الوطنية: خلُص المشاركون إلى أن المصالحة الوطنية هي آلية العدالة الاجتماعية، إلا أن هذه الأخيرة لايمكن أن تتحقّق من دون قادة جدّيين وملتزمين. كما أنه لابد من خوض مرحلة انتقالية مهمة، حيث تحثّ عودة ملايين السوريين على العمل على قضايا أكثر إلحاحاً، مثل حقوق الملكية والمواطنة والطائفية.
دارين الحاج
دارين الحاج مسؤولة برنامج إقليمي في مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيروت، التابع لمعهد السلام الأميركي. قبل تولّيها هذا المنصب، عملت في مبادرة التكتيكات الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز ضحايا التعذيب.
ماجد المذحجي
ماجد المذحجي باحث وناشط حقوقي، سابقاً عضو في اللجنة الفنية للاعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل "اللجنة التحضيريه" المشكلة بقرار من رئيس الجمهورية الانتقالي .
وسام جلاحج
وسام جلاحج هو المدير التنفيذي للرابطة السورية للمواطنة. وهو محام وناشط في مجال حقوق الإنسان، يهتمّ بشكل خاص بمجال حقوق المرأة والطفل.
أسامة صفا
أسامة صفا رئيس قسم في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). وهو خبير في السياسات المعاصرة اللبنانية والعربية، وفي حلّ النزاعات، والتخطيط الاستراتيجي، والوعي بين الثقافات.
رومي نصر
رومي نصر منسّقة الأنشطة والمنشورات في مركز كارنيغي للشرق الأوسط. تشمل اهتماماتها البحثية العدالة الانتقالية والتوسّط في النزاعات.