فجر يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر، شنّت إسرائيل ضرباتٍ جوية على إيران، شكّلت أكبر هجوم عسكري على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ الحرب الإيرانية العراقية. أتت هذه العملية بعد قرابة شهرٍ على الهجوم الذي نفّذته إيران بالصواريخ البالستية على إسرائيل في 1 تشرين الأول/أكتوبر، وأطلقت عليه اسم "الوعد الصادق 2". أشار هذا التصعيد في الضربات العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران على أراضي كلٍّ منهما إلى حدوث تحوّلٍ في ديناميات الصراع بين الطرفَين فيما يعمَدان إلى اختبار الخطوط الحمراء التي جرى الالتزام بها سابقًا.
في بادئ الأمر، اعتبر المسؤولون الإسرائيليون والإيرانيون أن العملية العسكرية الإسرائيلية كانت محدودة. مع ذلك، تبيّن أن المحاولات التي بذلتها طهران لردع إسرائيل من خلال شنّ هجمات مباشرة أتت بنتائج عكسية، إذ كشفت عن ثغرات في الدفاعات الإيرانية تبدو إسرائيل مستعدّة بشكلٍ متزايد لاستغلالها. عوضًا عن حلّ العداء المستمرّ بين الطرفَين، يُرجَّح أن الردّ الإسرائيلي يضع إيران في موقف أخطر ممّا كان عليه الحال قبل 1 تشرين الأول/أكتوبر.
تنخرط إيران وإسرائيل منذ فترة طويلة في استراتيجية "الحملة بين الحروب"، التي تستند إلى توجيه ضرباتٍ سرّية ضدّ بعضهما البعض وخوض أعمال حربية بالوكالة. بعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تصاعدت حدّة هذه الحملة. ونفّذت إسرائيل خلال الأشهر اللاحقة سلسلة اغتيالات استهدفت شخصيات بارزة في محور المقاومة، الذي يتألّف من حلفاء إيران غير الدولتيين ووكلائها، فضلًا عن قادة كبار في الحرس الثوري الإسلامي. وقد أفضت هذه العمليات إلى خروج الصراع بين إيران وإسرائيل من الظل إلى المواجهة المفتوحة.
بعد قصف إسرائيل مقرّ القنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان/أبريل الفائت، شكّل ردّ إيران أول هجوم عسكري مباشر من أراضيها على إسرائيل. وكان الهدف إرساء معادلة جديدة في الصراع، مفادها أن طهران ستردّ عسكريًا على أي هجمات إسرائيلية تطال مصالحها. لكن على الرغم من حجم العملية العسكرية، تواصلت الضربات الإسرائيلية في الأشهر التالية، وشملت استهداف مصالح إيرانية في سورية واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران. كذلك، وجّه اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والعميد في الحرس الثوري عباس نيلفروشان، في 27 أيلول/سبتمبر، ضربة قوية لشبكة تحالفات إيران، وأظهر أن استراتيجية الردع التي حاولت تطبيقها لم تحقّق نتائجها المرجوّة.
وبعد إطلاق تحذيراتٍ محدودة، شنّت طهران هجومها المباشر الثاني على إسرائيل في 1 تشرين الأول/أكتوبر، والذي شكّل عمليةً مختلفة للغاية عن سابقتها في نيسان/أبريل من حيث نطاقها وطريقة تنفيذها. فخلافًا للضربة السابقة التي استخدمت الصواريخ البالستية والمسيّرات وصواريخ كروز، اقتصر هجوم تشرين الأول/أكتوبر على الصواريخ البالستية فقط، وذلك على الأرجح لخفض القدرة على الرصد المسبق والحدّ من فعالية الدفاعات الإسرائيلية.
وفي مقطع فيديو بُثّ بُعَيْد الهجوم، توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالردّ قائلًا إن "إيران ارتكبت خطأ كبيرًا الليلة، وستدفع ثمنه". صحيحٌ أن إسرائيل درست في بادئ الأمر إمكانية توجيه ردٍّ أقوى من خلال استهداف مواقع مهمّة مثل المرافق النووية أو البنية التحتية الخاصة بالطاقة، إلّا أنها عدّلت خطتها بسبب الضغوط الأميركية تفاديًا للتصعيد. علاوةً على ذلك، ربما شكّل إرسال الولايات المتحدة منظومة الدفاع الجوي الصاروخي من طراز "ثاد" إلى إسرائيل حافزًا لها كي تركّز في ردّها بالدرجة الأولى على المواقع العسكرية، وساهم كذلك في تعزيز دفاعاتها تحسبًا لأي ردٍّ إيراني.
كان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي قد أطلق، قبل الهجوم الإسرائيلي، مهمّة دبلوماسية لحشد دعم دول المنطقة والتأكّد من عدم سماحها باستخدام إسرائيل لمجالها الجوي. وشملت اتصالات عراقتشي لبنان وسورية والمملكة العربية السعودية وقطر والعراق وعُمان والأردن ومصر وتركيا، ودولًا جمعتها عادةً علاقات متوترة مع إيران، مثل الأردن ومصر والبحرين. وعلى الرغم من تجنُّب إسرائيل استخدام أجواء الأردن والسعودية خلال تنفيذ العملية، لم تستطع المساعي الدبلوماسية الإيرانية في نهاية المطاف منع الردّ الإسرائيلي.
زعمت إسرائيل أن أكثر من 100 طائرة حربية شاركت في هجمات 26 تشرين الأول/أكتوبر، ومن ضمنها الطائرات المقاتلة المتطوّرة من طراز أف-15 وأف-35. وبحسب ما أُفيد، قطعت هذه الطائرات مسافةً تتجاوز 2000 كيلومتر من إسرائيل، وأطلقت صواريخ بالستية من الجو، وهذا النوع من الصواريخ يصعب على الدفاعات الجوية اعتراضه أكثر من الصواريخ البالستية من نوع أرض-أرض.
هدفت الموجة الأولى من الغارات إلى تعطيل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، واستهدفت إسرائيل الدفاعات الجوية في العراق وسورية قبل إطلاق صواريخها البالستية نحو عمق الأراضي الإيرانية. وقد نفّذت العملية من الأجواء السورية والعراقية، ووقعت بعض الضربات على مسافة قريبة من الحدود العراقية الإيرانية. وتلت ذلك موجتان من الضربات الصاروخية التي ركّزت على استهداف مواقع عسكرية ومنشآت لتصنيع الصواريخ، ولا سيما تلك المعنيّة بتصنيع الصواريخ المُزوَّدة بالوقود الصلب.
ما زال من السابق جدًّا لأوانه إجراء تقييمٍ كامل لحجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية، لكن من المنطقي استنتاج أن الضربات الإسرائيلية كانت فعّالة إلى حدٍّ كبير نظرًا إلى التفوّق النسبي للطائرات المقاتلة الإسرائيلية وصعوبة اعتراض الصواريخ البالستية التي تُطلَق من الجو. أشارت تقارير إلى أن إسرائيل استهدفت أربعًا من منظومات إيران الصاروخية للدفاع الجوي من طراز أس-300، وهي الأكثر تطوّرًا لديها والمُخصَّصة لحماية العاصمة طهران والبنى التحتية الدقيقة المتعلّقة بالبرنامج النووي والطاقة. علاوةً على ذلك، يبدو أن الضربات استهدفت مواقع مهمّة قد تعيق قدرة إيران على إنتاج الصواريخ. إضافةً إلى ذلك، استهدفت الهجمات الإسرائيلية منشأة لتصنيع المسيّرات، ونفّذت ضربة "رمزية" على مبنى داخل مجمّع بارشين الذي كانت إيران تستخدمه سابقًا لإجراء الأبحاث حول الأسلحة النووية وتطويرها. وأسفر الهجوم أيضًا عن مقتل أربعة جنود من الجيش الإيراني النظامي (أرتيش).
وبُعَيْد انتهاء الهجوم، قلّل التلفزيون الإيراني الحكومي من تأثير الأضرار التي تسبّب بها. وزعمت وسائل الإعلام الرسمية أن الغارات الإسرائيلية ألحقت أضرارًا محدودة فقط، مشيرةً إلى أن الادّعاءات الإسرائيلية باستخدام 100 طائرة واستهداف 20 موقعًا مبالغٌ فيها وغير واقعية. وبثّت وسائل الإعلام الإيرانية لقطاتٍ من مدنٍ في مختلف أرجاء البلاد للتأكيد على أن الحياة اليومية، بما فيها الأنشطة المدرسية، استمّرت كالمعتاد. واعترفت قيادة الدفاع الجوي الإيراني أن إسرائيل استهدفت مواقع عسكرية في محافظات طهران وخوزستان وإيلام، مسلّطةً الضوء على نجاح الدفاعات الجوية الإيرانية في اعتراض الصواريخ، ما حدّ من الأضرار التي خلّفتها.
وعلى الرغم من تقليل إيران من تأثير الهجوم، توّعدت مؤسسات الدولة بالردّ. فقد أعلنت وكالة تسنيم الإخبارية التابعة للحرس الثوري، نقلًا عن "مصادر مطّلعة"، أن الجمهورية الإسلامية مستعدّة للردّ على العدوان الإسرائيلي، وأن إسرائيل ستتلقّى من دون شكّ ردًّا يتناسب مع هجومها على إيران. وفي اليوم التالي، أدانت وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية الهجمات الإسرائيلية على مواقعها العسكرية، ووصفتها بأنها "انتهاكٌ صارخٌ للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة"، مؤكّدةً على "حقّ وواجب الجمهورية الإسلامية في الدفاع عن نفسها ضدّ الأعمال العدوانية الخارجية"، بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وذكرت الوزارة في بيانٍ لها أن "استمرار الاحتلال والأعمال غير القانونية والجرائم التي ترتكبها إسرائيل" بحق الفلسطينيين واللبنانيين، بدعمٍ من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، هو السبب الأساسي للتوترات في المنطقة. كذلك، ردّدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية صدى ما سبق، مسلّطةً الضوء على نجاح الدفاعات الجوية ومشدّدةً على أن إيران "تحتفظ بحق الردّ القانوني والمشروع في الوقت المناسب"، وداعيةً إلى "وقفٍ دائم لإطلاق النار في غزة ولبنان" من أجل حماية المدنيين العُزّل.
واقع الحال أن مساعي المسؤولين الإيرانييين والإسرائيليين للتشديد على الطبيعة "المحدودة" للعملية تحجب احتمالَ أن الهجوم لم يكن محدودًا ولم يخفّف من حدّة التصعيد كما تمّ تصويره. فمع أن هذه الغارات استهدفت منشآت عسكرية، لحقت أضرارٌ بالغة بالدفاعات الجوية الإيرانية، وبالتالي باتت طهران أكثر عرضةً للتأثّر بأي هجمات إضافية قد تشنّها إسرائيل على أهدافٍ مهمّة، مثل المرافق النووية والبنية التحتية الخاصة بالطاقة. ربما تسبّبت هجمات إيران في تشرين الأول/أكتوبر بإرهاق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، لكن يبدو أن إرسال الولايات المتحدة منظومة الدفاع الجوي الصاروخي من طراز "ثاد" إلى إسرائيل قد خفّف بعضًا من هذا العبء. وفي المقابل، يبدو أن عملية إسرائيل سلّطت الضوء على مكامن ضعفٍ أساسية تشوب الاستراتيجية التي تعتمدها إيران للدفاع عن أراضيها.
ويُحتمَل أن إسرائيل أعاقت بشكلٍ كبير الإنتاج الصاروخي الإيراني. فقد كانت قدرة إيران على إنتاج الصواريخ بوتيرة سريعة وسيلةً لردع تعرّضها إلى هجمات مباشرة. لكن إسرائيل استهدفت منشآت تحتوي على مكوّنات أساسية في إنتاج الصواريخ مثل خلّاطات الوقود الصلب، التي يصعب جدًّا على إيران شراؤها بسبب العقوبات الدولية الصارمة وضوابط التصدير. وكشفت صور التقطتها الأقمار الصناعية تدميرَ إسرائيل منشآت لتصنيع الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب في مواقع بارشين وخُجير وشاهرود. وعلى الرغم من انتشار هذه المرافق في مختلف أنحاء البلاد، من شأن تدمير أو تعطيل عددٍ منها أن يعرقل مساعي تصنيع الصواريخ الإيرانية، إذ تقول بعض المصادر الإسرائيلية والأميركية إن إيران ستحتاج إلى عامٍ لإعادة قدراتها إلى سابق عهدها.
إذا كان تقييم الأضرار عند حدّه الأعلى، قد تتقلّص بشكلٍ كبير قدرة إيران على الدفاع عن نفسها واستعراض قوتها على الصعيد الإقليمي في الأشهر المقبلة. أما إذا كان تقييم الأضرار يميل إلى الحدّ الأدنى، فقد يكون هذا مؤشّرًا إيجابيًا على لجم الردّ التصعيدي، ولكن من غير المُرجَّح أن يؤدّي إلى وقف الحلقة المستمرّة من الأعمال الانتقامية بين إسرائيل وإيران. من غير الواضح بعد التأثير الكامل للهجمات الأخيرة، ويعتمد المشهد الأمني في إيران بشدّة على مدى سرعة تعافي بنيتها التحتية الدفاعية - أو ما إذا من الممكن تحقيق ذلك.
السؤال المُلحّ الآن هو كيف ستردّ إيران، إذا كانت تنوي ذلك. يُشار إلى أن استراتيجيتها الكبرى المتمثّلة في التنسيق بين جبهات متعدّدة ضدّ إسرائيل من خلال شبكة وكلائها، أخفقت إلى حدٍّ كبير في تحقيق نتائجها المنشودة. بل تمكّنت إسرائيل من مواجهة كلّ تحدٍّ على التوالي – بدءًا من احتواء حماس في غزة، والإضرار بحزب الله في لبنان، وصولًا إلى ضرب إيران نفسها – في ظلّ الحفاظ على قدرٍ من الحرّية العملياتية. والأهم أن إضعاف شبكة محور المقاومة جرّد إيران من مستوياتها الدفاعية الخارجية، فباتت أكثر عزلةً وانكشافًا على نحو متزايد. في غضون ذلك، أثبتت ترسانتها الصاروخية أنها محدودة النطاق ومشكوكٌ في موثوقيتها.
يُشار إلى أن خيارات الردّ الإيراني باتت مقيَّدة بشدّة الآن. فقد يُنظر إلى ضبط النفس محليًا ودوليًا باعتباره تنازلًا من شأنه تقويض مصداقية إيران. ربما تفضّل طهران السعي إلى حلٍّ دبلوماسي يَحوْل دون إلحاق ضررٍ أكبر بحزب الله، ويوفّر لحليفها الأقرب انفراجةً تتيح له إعادة البناء، في ظلّ زيادة الضغط من أجل التوصّل إلى وقف إطلاق النار في غزة. من اللافت أن إسرائيل تفادت استهداف البنى التحتية الأساسية أو المنشآت النووية الإيرانية، ما أشار ربما إلى رغبتها في لجم نطاق الصراع وتفادي تصعيدٍ أوسع. وحتى إذا اختار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي خفضَ التصعيد، لا تزال العقيدة الأمنية الإيرانية - التي تركّز على القوات بالوكالة، والقدرات الصاروخية البالستية، والبرنامج النووي - عرضةً للتهديد. من العبر المُستفادَة بعد اغتيال هنية أن التقاعس قد يكون مُكلفًا. فأيّ مظهرٍ من مظاهر التراجع سيُفسَّر على الأرجح أنه ضعفٌ داخل إيران وفي مختلف أنحاء المنطقة، ما من شأنه أن يشجّع إسرائيل على تنفيذ المزيد من العمليات.
قد يحاول الردّ العسكري المباشر إبداء العزيمة، ولكن نظرًا إلى الأضرار المُحتمَلة لدفاعات إيران الجوية وقدراتها على إنتاج الصواريخ، يُرجَّح أن تستدعي هذه العملية هجومًا إسرائيليًا مضادًّا أشدّ تدميرًا. هذا الخطر مرتفعٌ على وجه الخصوص نظرًا إلى الانتخابات الأميركية الوشيكة، إذ قد يؤدّي فوز دونالد ترامب إلى تشجيع إسرائيل على اتّخاذ إجراءاتٍ أكثر جرأة ضدّ المنشآت النووية الإيرانية. كذلك، قد يقوّض التصعيد الجهودَ الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، حيث تراجع نفوذ إيران بسبب استنزاف حلفائها المحليين.
لا تقتصر خيارات الردّ الإيراني على تنفيذ عملية عسكرية مباشرة ضدّ إسرائيل، ولكن، كلّ خيار ينطوي على جملةٍ من التعقيدات. فقد تختار طهران التركيز على إعادة بناء قدرات حزب الله أو حشد حلفاء أو وكلاء آخرين بطرق محدودة أكثر. مع ذلك، قد يفرض الضرر الذي لحق بالبنية التحتية المرتبطة بإنتاج الصواريخ الإيرانية على طهران عملية صعبة لإعادة ترتيب الأولويات: فعليها أن تحدّد ما إذا ستركّز على تخصيص موارد محدودة لإعادة بناء قدراتها المحلية، أو على دعم شبكة تحالفاتها الإقليمية. على المدى البعيد، يُرجَّح أن تميل إيران نحو إقامة تعاون أوثق مع روسيا على الجبهة العسكرية، وقد تختار حتى إنتاج الصواريخ بشكلٍ مشترك على الأراضي الروسية.
الأمر الإيجابي لإيران ربما هو النجاح الذي حقّقته اتصالاتها الإقليمية الأخيرة، إذ يبدو أن إسرائيل استخدمت أجواء العراق فقط، حيث تتمركز قوات التحالف الأميركية، لتنفيذ هجومها. ويُرجَّح أن يُعزّز هذا الأمر قيمة التقارب الإيراني السعودي والجهود الدبلوماسية الأوسع في المنطقة. ومن اللافت إصدار السعودية والإمارات والبحرين وقطر وعُمان والكويت والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إداناتٍ للهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية.
يدلّ ردّ إسرائيل على ثقةٍ متزايدة في قدرتها على شنّ هجماتٍ مباشرة وفعّالة على إيران، ما قد يشير إلى بدء مرحلةٍ جديدة في الصراع، تشعر خلالها إسرائيل على نحوٍ متزايد بأنها غير مُقيَّدة بالقدرات الإيرانية. يُشار إلى أن مساعي إيران لإرساء "معادلات ردع جديدة" من خلال الهجمات المباشرة أدّت في الغالب إلى نتائج عكسية، ما يكشف ربما عن ثغراتٍ تبدو إسرائيل مستعدّة بشكلٍ متزايد لاستغلالها. إذًا، قد تتواصل حلقة اختبار الخطوط الحمراء وقد تزداد حدّتها بين الجانبَين ما لم يحدث تدخّلٌ دبلوماسي خارجي كبير أو تحوّلٌ جوهري في الحسابات الاستراتيجية لأيٍّ منهما.