بين الحكومة والمعارضة: نموذج التجمّع اليمني للإصلاعلى غرار الأحزاب والحركات الإسلامية في أنحاء العالم العربي، يمتلك التجمّع اليمني للإصلاح، إديولوجية دينية وبرنامج سياسي. ويشارك التجمّع في العمل السياسي القانوني بأمل انجاز إصلاحات دستورية واجتماعية واقتصادية، وقد التزم مع مرور الوقت بدعم الإجراءات الديمقراطية داخلياً كما في الحياة السياسية اليمنية.
ومع ذلك، فإن هذا التجمّع يختلف عن معظم الإسلاميين العرب الآخرين، إذ هو يجمع بين العناصر القبلية وبين تأثيرات الإخوان المسلمين والجماعات السلفية الأكثر تشدداً في اليمن. ونتيجة لذلك، فهو يُواجه انقسامات داخلية عميقة حول القضايا الرئيسة، بما في ذلك علاقته مع المؤسسة الحاكمة، ودوره في المعارضة، ومشاركة المرأة في السياسة. علاوة على ذلك، فإن التجمّع ليس مجرّد جماعة مُعارضة؛ إذ هو بقي حتى العام 1997 الشريك الأصغر في الائتلاف الحاكم.
في ظل النظام السلطوي في اليمن، يُهيمن الرئيس علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمّه على الحياة السياسية، حيث لاتوجد ضوابط وتوازنات فعّالة داخل النظام السياسي وبين الحكم والمعارضة. ومنذ انتقاله إلى صفوف المعارضة، لم يكن لدى التجمّع اليمني للإصلاح من خيار سوى التعاون مع النظام لتوفير درجة من التأثير في الخيارات السياسية الأساسية. ومع ذلك، فإن تكويناته المُتباينة تمنعه من وضع برنامج برلماني واضح، مايضطرّه بدلاً من ذلك إلى الموازنة بين المصالح القبلية والسياسية والتفسيرات المختلفة للبرنامج الإسلامي للحزب، وأيضاً بين كلٍ من القواعد الشعبية الموالية للحكم وتلك المعارِضة له. ونتيجة لذلك، لا أحد يعرف أين يقف الحزب، كما أن هذا الأخير ليس له مسار واضح حيال الإصلاحات التي يسعى إلى تحقيقها.
يُمثّل التجمّع اليمني للإصلاح، ضمن طيف واسع من الأحزاب والحركات الإسلامية في العالم العربي التي تُشارك في العمل السياسي الرسمي، حالة فريدة من نوعها. فأولاً، وخلافاً لمعظم الأحزاب والحركات الإسلامية، لم يدخل التجمّع المُعترك السياسي بوصفه جزءاً من المعارضة، بل بدأ مشاركته في العام 1990 بوصفه حليفاً لحزب المؤتمر الشعبي العام، قبل أن ينقلب عليه ويصبح حزب المعارضة الرئيس بحلول نهاية عقد التسعينيات. ثانياً، وبالمقارنة مع غيره من الأحزاب الإسلامية والحركات العاملة في العالم العربي، يفتقر التجمّع إلى إديولوجية واضحة وسياسة مبرمجة، ونظام عضوية ذي دوافع إديولوجية. فهو في جُلّه حزب تقليدي، ويتألّف من مجموعات قبلية تتشاطر التزاماً فضفاضاً بأهداف أسلمة الدولة والمجتمع في اليمن.
تدرس هذه الورقة دور التجمّع اليمني للإصلاح في السياسة اليمنية، وسمات مشاركته البرلمانية، وتسعى إلى التصدي إلى أربعة أسئلة هي: 1) في ظل أي ظروف قرّر التجمّع المشاركة في الحياة السياسية، وهل غيّرت مشاركته من طبيعة اللعبة السياسية اليمنية؟ 2) لماذا انتقل التجمّع من الائتلاف الحاكم لينضم إلى المعارضة؟ 3) ما أولوياته البرلمانية، وهل تغيّر برنامجه التشريعي منذ التسعينيات؟ 4) هل تغيّرت مع مرور الوقت هياكله الداخلية، وعمليات صنع القرار فيه، وخطابه بشأن القضايا الرئيسة المتعلّقة بالسياسات العامة، نتيجة مشاركته في السياسة اليمنية