المصدر: Getty

مطالب الشعب

يتعيّن على النظام الحاكم في مصر الاستجابة الكاملة لمطالب الشعب والمباشرة في عمليّة إصلاح وتغيير شاملة تطال مختلف قطاعات الدولة، لتشمل تعديل الدستور لضمان المشاركة السياسية وتعزيز الحريات، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وإرساء أسس نظام سياسي ديمقراطي حديث ينبع من الشعب.

نشرت من قبل
الشروق المصرية
 on ١ فبراير ٢٠١١

المصدر: الشروق المصرية

ليست هذه لحظة مقدمات تفسيرية أو شروح مطولة لما حدث في مصر يوم الجمعة الماضي. فالشعب انتفض بمختلف طوائفه لكرامته المهدورة ولحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأصيلة وخرج دون خوف من العنف والقمع مطالبا بإسقاط النظام الحاكم وبالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية. وبعد أن نجح شعب مصر العظيم في إسقاط المعادلة التقليدية لحاكم يأمر ومواطن يطيع واستبدلها بمواطن يطالب وحاكم عليه أن يستجيب، لا يملك النظام الحاكم في هذه اللحظة خيار الالتفاف على مطالب الشعب إن بإقالة حكومة أو بوعود فضفاضة لا تترجم إلى إصلاحات وإجراءات وسياسات فورية. الخيار الوحيد أمام النظام الحاكم، إن هو أراد حماية الوطن وإبعاد شبح سيناريو الفوضى العامة الكارثي هو الإستجابة الكاملة لمطالب الشعب.
  1. تكليف الجيش بحماية المنشآت العامة والخاصة وضمان أمن المواطنين، شريطة الالتزام الكامل بتجنب العنف والمحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم وحماية حقهم في التعبير الجماعي السلمي عن الرأي. وعلى جميع المواطنين، ونحن شعب متحضر ورائع ويقدس وطنية المؤسسة العسكرية، التعاون مع الجيش لحفظ الأمن والحيلولة دون الفوضى وأعمال سلب ونهب.

  2. التزام الرئيس بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة: حكم الرئيس مبارك على مدار خمسة فترات رئاسية متتالية وحان وقت التغيير في أعلى مناصب الوطن والشروع في مرحلة ما بعد مبارك وما بعد المباركية بكل سلطويتها التي عانينا منهما جميعا.

  3. حل البرلمان وجمعية تأسيسية لتعديل الدستور والدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية: البرلمان الحالي فاقد الشرعية، ونتاج انتخابات مزورة لم تحترم الإرادة الشعبية وأخرجت كل القوى السياسية الحزبية وغير الحزبية من تحت قبة البرلمان، وهناك أحكام نافذة للقضاء الإداري ببطلان الانتخابات في العديد من دوائره. يتعين على رئيس الجمهورية حل البرلمان وتشكيل جمعية تأسيسية من مصريين، من الخبراء القانونيين المشهود لهم بالاستقلالية والشخصيات الممثلة لكل أطياف الحياة السياسية كلها دون إقصاء ولها من النزاهة ما يمكَنها من التعبير عن مطالب الشعب، ينظرون في تعديل الدستور وطرح التعديلات على المواطنين في استفتاء شعبي ومن ثم الدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في مدة انتقالية لا تتجاوز 6 أشهر.

  4. تعديل الدستور – المواد الخاصة بالرئاسة: يطالب الشعب بتعديل المادة 76 والمادة 77 الناظمتين لشروط الترشح لرئاسة الجمهورية والفترات الرئاسية على نحو يضمن من جهة ترشح ممثلي الأحزاب وإزالة القيود الكثيرة المفروضة على ترشح المواطنين والمواطنات من المدنيين غير المنتمين للأحزاب السياسية الرسمية لرئاسة الجمهورية ويعين من جهة أخرى مدتين رئاسيتين كحد أقصى لتولي الرئاسة. 

  5. تعديل الدستور – ضمانات نزاهة الانتخابات وضمانات الحريات: لا مناص أيضاً من تعديل المادة 88 التي أزالت الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات المصرية إن بإعادة الإشراف القضائي أو بتشكيل لجنة مستقلة ومحايدة بالفعل للإشراف على الانتخابات لديها ما يكفي من الصلاحيات للاضطلاع بمهام الاشراف، وليس مجرد تنفيذ رغبات النظام الحاكم أو أوامر وزارة الداخلية. كذلك ينبغي إلغاء المادة 179 المتعلقة بقانون الإرهاب والتي تعطل عملا كل ضمانات حقوق وحريات المواطنين في الدستور. 

  6. الإلغاء الفوري لقانون الطوارئ: سقطت بالأمس كل حجج النظام الحاكم بشأن ضرورة قانون الطوارئ لحماية الأمن العام والحيلولة دون فوضى وعنف يهددان أمن المواطنين. المطلوب الآن هو الإلغاء الفوري لهذا القانون سيئ السمعة الذي عطل منذ 1981 الحياة السياسية في مصر، وقنن للأجهزة الأمنية الافتئات المستمر على حقوق المواطنين وحرياتهم في التعبير عن الرأي وفي التنظيم السياسي وفي الاهتمام المنظم بالشأن العام، وشرعن لهم ممارسات التعذيب والانتهاك المستمر لحقوق الإنسان وإهدار كرامة المواطنين في أقسام الشرطة وسجونها. 

  7. حكومة وحدة وطنية: يتعين على رئيس الجمهورية تكليف رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة وحدة وطنية لمعاونة الجمعية التأسيسية في إدارة شؤون الوطن في الفترة الانتقالية. على الحكومة الجديدة أن تنظر ليس فقط لكيفية تنفيذ الإصلاح الدستوري والسياسي، بل عليها أن تولي عناية فائقة للمظالم المجتمعية التي بتنا نعاني منها في مصر. 40% من المواطنين يعيشون على خط الفقر أو دونه، تركز للثروة في يد قلة محيطة بالنظام الحاكم، خدمات أساسية في قطاعات الصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية حرمت منها قطاعات واسعة من المصريين، هذه هي الحصيلة المجتمعية المؤلمة لحكومات الحزب الوطني. انقضى زمن حكومات الحزب الوطني التي احتكرت البلاد سياسيا واقتصاديا لصالح قلة فاسدة وجماعات من المنتفعين وأخفقت في التعامل مع أزمات الوطن الاقتصادية والاجتماعية. هذا الحزب وقياديوه ومنظروه وتكنوقراطيوه وإعلاميوه لا مكان لهم اليوم في مصر. ولم يكن عبثا أن أضرم المصريون يوم الجمعة النار في المقر الرئيسي للحزب الوطني بالقاهرة والعديد من المقار الأخرى على امتداد الوطن.

  8. الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الانسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي: على رئيس الجمهورية والجمعية التأسيسية وحكومة الوحدة الوطنية إلزام الأجهزة الأمنية بالامتناع عن كافة ممارسات التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان. ينبغي أيضا الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وكل من اعتقل وهو قيد الاحتجاز ممن تظاهر بسلمية خلال الأيام الماضية أو سيتظاهر بسلمية خلال الأيام القادمة.
لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.