الصحراء الغربية، وهي إقليم كانت تحتله إسبانيا سابقاً وضمّته المغرب على الرغم من الاعتراضات الجزائرية، منطقة حسّاسة قد تصبح سريعاً جزءاً من الشبكات الإجرامية والإرهابية التي تهدّد شمال أفريقيا ومنطقة الساحل. إذ أصبحت المناطق المتاخمة للأراضي غير الخاضعة إلى السلطة محاور رئيسة لتهريب المخدّرات والممنوعات وتداول الأسلحة. ويوسّع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نفوذه وتأثيره في المنطقة. لذا تبدو إمكانية حصول موجة من عدم الاستقرار حقيقية.
يعمل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وفروعه في منطقة الساحل على توسيع نطاق شراكته مع المهرّبين من مخيّمات اللاجئين الكبيرة في تندوف في الجزائر، وتجنيد المتطوّعين في صفوف الشباب المحْبَطين هناك. وإذا ماتمكّن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من تعزيز تحالف المصلحة الذي يقيمه مع جبهة البوليساريو، الحركة التي ناضلت طويلاً من أجل استقلال الصحراء الغربية، فعندئذ يمكن أن تنبثق منظمة إرهابية كبيرة.
ابتليت منطقة الصحراء الغربية المجاورة الخاضعة إلى السيطرة المغربية بالاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية، والصراعات العرقيّة واسعة الانتشار. وتطوّرت عداوة عميقة بين الجماعات المختلفة في المنطقة، حيث إن لبعضها روابط عرقيّة وثقافية مع سكان مخيمات تندوف. ويجد عدد متزايد من سكان الصحراء الغربية أنفسهم معزولين ومُحبَطين على نحو متزايد، وهو تطوُّر يُنذِر بالخطر. فقبل مايزيد قليلاً عن العام، كانت مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية، مسرحاً لأعمال شغب عنيفة. وقد أصبح كلٌّ من الانقسامات العرقية والعداء الثقافي واضحاً بشكل خطير، مايهدّد بإثارة مزيد من التطرّف والعنف والمواجهات.
في الوقت نفسه، لم تقترب أطراف الصراع من التوصّل إلى تسوية مُرْضية، إذ يؤكّد المغرب على سيادته على الإقليم. وتواصل جبهة البوليساريو العمل من أجل الاستقلال، فيما تبدو الجزائر المؤيّد القوي لها، راضية عن الوضع الراهن. ويمكن للمغرب والجزائر أن يساعدا المنطقة في تجنّب الانزلاق إلى الفوضى، إذا ما استطاعتا تجاوز الماضي والعداء وعدم الثقة الذي فرّق بينهما لفترة طويلة.
يمثّل المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي للصحراء الغربية، ودستور البلاد الذي تمّ إقراره في تموز/يوليو 2011، الخطوات الأولى نحو إيجاد حلّ للمشكلة. ويتعيّن على أصدقاء الرّباط في الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة وفرنسا، الضغط على المغرب للتعجيل بنقل قدرٍ هام من السلطة إلى الصحراء الغربية للحدّ من خطر عدم الاستقرار.