المصدر: Getty

الأجندات الاقتصادية للأحزاب الإسلامية

جرى تجاهل البرامج الاقتصادية للأحزاب الإسلامية إلى حدّ كبير، مع أن التحديات أمام اقتصادات الدول العربية تبدو خطيرة.

 إبراهيم سيف و محمد أبو رمان
نشرت في ٢٩ مايو ٢٠١٢

اكتسبت الأحزاب الإسلامية قوّة سياسية جديدة في أنحاء العالم العربي. فهناك أربعة أحزاب على وجه الخصوص – حزب النهضة تونس، وحزب الحرية والعدالة في مصر، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، وحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن - أظهرت إما أداءً قوياً في صناديق الاقتراع أو يُتوقَّع أن يكون أداؤها قوياً في الانتخابات المقبلة. وأثارت نجاحات الأحزاب الإسلامية المخاوف حول طموحاتها السياسية والاجتماعية، والتي تتراوح مابين فرض الشريعة الإسلامية والآثار المترتّبة على ذلك بالنسبة إلى السيّاح الغربيين على شواطئ هذه الدول. في هذه الأثناء، جرى إلى حدّ كبير تجاهل البرامج الاقتصادية لهذه الأحزاب، مع أن التحدّيات التي تنتظر اقتصادات الدول العربية تبدو صعبة.

تظهر المؤشرات الاقتصادية صعوبة الواقع الاقتصادي في تونس والمغرب ومصر والأردن. إذ تواجه هذه البلدان معدّلات عالية من الفقر والبطالة وانخفاض الإنتاجية والقدرة التنافسية، وانخفاض مستويات الاندماج مع الاقتصاد العالمي، والتفاوت الحادّ بين طبقات المجتمع والمناطق، وانتشار الفساد، وارتفاع معدلات الديون المحلية والخارجية. كل هذه التحدّيات تتطلب إحداث تغييرات جذريّة في النظام القائم، وتحتاج الى خطط بعيدة الأفق. ومن ثَمّ فإن السؤال هو ما إذا كان في وسع الإسلاميين الذين تم تفويضهم ومنحهم السلطة مؤخّرا أن يحقّقوا النتائج الاقتصادية التي تتوق إليها شعوبهم.

اقترح كل حزب من الأحزاب الأربعة التي تتناولها هذه الورقة سياسات للتغلّب على التحدّيات الاقتصادية الرئيسة التي تواجهها بلدانهم. وفي حين تبدو تلك المقترحات طموحة، فإنها أبعد من أن تكون ثوريّة. وتختلف برامج الأحزاب في مستوى تفاصيلها وتطوّرها، فمقترحات حزب النهضة، على سبيل المثال، هي الأكثر شمولاً حتى الآن، في حين لاتزال جبهة العمل الإسلامي في الأردن تكافح لتطوير مواقف مفصّلة. وغلبت الوااقعية على خطاب الأحزاب، حيث تؤكّد أن النظام الاقتصادي الأساسي سوف يبقى كما هو، لكنها تسعى بشكل كبير إلى تحسين إدارة الشؤون الاقتصادية عموماً.

يمكن تمييز عدد من النقاط الرئيسة في الأجندات الاقتصادية لهذه الأحزاب الأربعة. فهي لاتدعو إلى تأميم الصناعات أو إعادة تأميم الشركات المملوكة للدولة التي تمت خصخصتها، وتبدي الاحترام لحقوق الملْكيّة الخاصة. وترحّب كل تلك الأحزاب بإقامة شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريعها المقترحة، ولاسيّما مايتعلق بالمرافق العامة والبنية الأساسية. فهي توافق على الدوام على ضرورة مكافحة الفساد وتعزيز أسس الحكم الرشيد، والقضاء على الهدر المالي والاقتصادي، واتباع سياسات اجتماعية عادلة. والأحزاب كافة أظهرت التزامها بالاتفاقات الاقتصادية الدولية، حيث يركّز المغرب وتونس بشكل خاص على العلاقات مع أوروبا.

تعهّد الإسلاميون بدعم الشركات المحلية، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم، لكنهم غامضون في سياساتهم إزاء المشاريع الكبيرة. وتقترح الأحزاب الإسلامية إعادة هيكلة النفقات العامة، وخاصة الإعانات والمساعدات بحيث يمكن أن تصل إلى الفئات المستهدَفَة مع تقليل الضغط على الميزانية، وتقترح برامج الأحزاب سنّ سياسة ضريبية بديلة تقوم أساساً على فرض ضريبة تصاعديّة على الدخل والقضاء على الامتيازات الضريبية الممنوحة إلى قطاعات معيّنة من الاقتصاد. ويُقدَّم التمويل الإسلامي كإحدى الوسائل الممكنة لتأمين التمويل اللازم لمبادرات التنمية، مع أن الأحزاب الإسلامية تقول أنه يجب أن يكون موجوداً جنباً إلى جنب مع النظام المالي التقليدي. وتبنّت تلك الأحزاب كذلك مقاربة عمليّة إزاء السياحة، حيث يقدّم قادة الأحزاب ضمانات قويّة بأن الأنشطة السياحية ستستمرّ كالمعتاد.

لاتزال بعض مناطق السياسة الرماديّة قائمة في ثلاثة مجالات على وجه الخصوص: دور الدولة في الاقتصاد، الأولويات التي سيتم اتباعها، وكيفية تأمين الموارد المالية اللازمة والإطار الزمني الذي الذي ستقدّم الأحزاب بموجبه النتائج الاقتصادية التي وعدت ناخبيها بها. وعموماً، لاترقى أحزاب النهضة، والحرية والعدالة، والعدالة والتنمية، وجبهة العمل الإسلامي إلى مستوى تقديم برامج شاملة ومتكاملة يمكنها أن تغيّر، وبصورة حقيقيّة ديناميكية اقتصادات هذه الدول. وبما أنها تفتقر إلى الخبرة والأولويّات الواضحة وسبل بناء وتمويل خطط النمو الطّموحة، ستواجه الأحزاب الأربعة تحدّيات خطيرة في ترجمة أجنداتها الاقتصادية المعقولة وحسنة النيّة عموماً إلى نتائج.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.