المصدر: Getty

الجنود الأجانب المتعاقدون في الخليج

على الرغم من تضاؤل ملكيات النفط واعتماد التجنيد في الخليج، يتواصل استخدام الجنود الأجانب المتعاقدين، الذين يُطلق عليهم أحيانًا اسم المرتزقة.

 زولتان باراني
نشرت في ٦ فبراير ٢٠٢٠

منذ أمد بعيد، كانت الدول التي لديها موارد مالية كافية، لكنها تعاني من نقص المواطنين المستعدين للتجنيد في قواتها المسلحة، تستخدم جنودًا أجانب. كان هؤلاء الجنود من غير المواطنين يخدمون في شبه الجزيرة العربية قبل فترة طويلة من التدخل البريطاني في المنطقة. فباستثناء المملكة العربية السعودية، يوجد لدى الخليج عدد ضئيل من المواطنين، الأمر الذي يحد من قدرتها على تعزيز قطاعات الدفاع فيه من خلال المجموعة المتوافرة من المواطنين. هذه المجموعة مُقيدة في حد ذاتها لأن الشباب الصاعد، كما في أي مكان آخر في العالم، لا يجدون مشاق الحياة العسكرية جذابة ولا يكون لديهم حافز اقتصادي كبير للانضمام إليها. وعلى الرغم من أن الخليج يعج بالتغيير –مثلاً من خلال تجنيد الذكور حول العالم والسياسات الخارجية الناشطة إلى تضاؤل عائدات النفط وميزانيات الدفاع المتضخمة – تقتضي الحقائق الديموغرافية والسياسية الأساسية إستمرار بقاء الجنود الأجانب المتعاقدين في الخليج.

نواحي سياسية في استخدام الجنود المتعاقدين

يتزامن توظيف جنود متعاقدين مع غير المواطنين مع الديناميكيات السياسية في الخليج. فدول مجلس التعاون الخليجي الست ملكيات أوتوقراطية لا يتمتع فيها المواطنون، باستثناء الكويت بصفة جزئية، سوى بحقوق سياسية ضئيلة وليست لديهم أية رقابةبالشؤون العسكرية. وهكذا، تستفيد دول الخليج سياسيًا من استخدام جنود أجانب متعاقدين، لأنه ليست لديهم مصالح سياسية عمومًا يمكنهم بها ملاحقة أهدافهم ونادرًا ما يشاركون في محاولات للإطاحة بالنظام. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا إلى عدم وجود روابط اجتماعية لهم مع السكان الأصليين، يمكن للدولة نشرهم بثقة ضد المواطنين في حالات الطوارئ المحلية. كما يمكن طرد الجنود الأجانب المتعاقدين بسهولة من دون أية تبعات سياسية. علاوة على ذلك، في ما تكلفة الإبقاء على الجنود المواطنين مرتفعة، خصوصًا في الدول الغنية، فإن تكلفة الجنود المتعاقدين رخيصة نسبيًا ولا توجد إدانة اجتماعية إذا لقوا حتفهم في العمليات العسكرية المحلية أو الأجنبية.

بناءً على هذه الديناميكيات السياسية، يشغل الجنود المتعاقدون في الخليج مواقع التجنيد بأغلبية ساحقة، لكن معظمهم في المراتب الدنيا. توجد نسبة أصغر بكثير منهم من ضباط الصف، في عدد غير المواطنين في سلك الضباط النظامي، خارج التعيينات قصيرة الأجل، فهو ضئيل، ويرتبط وضع الضابط عمومًا بالجنسية. يخدم الجنود الأجانب المتعاقدون عمومًا في جميع فروع القوات المسلحة النظامية (الجيش والبحرية والقوات الجوية)، لكن نسبتهم هي الأعلى في الجيش. فالجيش هو الجهاز الأكبر في جميع المنشآت العسكرية بدول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، فإن قطاعات معينة في الجهاز الإلزامي لبعض دول الخليج، مثل الحرس الوطني في الكويت والمملكة العربية السعودية، تقتصر على المواطنين. أحيانًا تحدث مشكلات في اللغة مع المتحدثين غير العرب من شبه القارة الهندية، خصوصًا إذا كانوا يفتقرون إلى معرفة أولية باللغة الإنكليزية. فالإنكليزية غالبًا ما تكون اللغة الرئيسة لتدريب الضباط خصوصًا إذا كان التدريب تحت قيادة مدربين من المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة.

تؤثّر ديناميكيات العمل المجتمعي، التي ترتبط بالتركيبة السكانية، على استخدام الجنود المتعاقدين أيضًا. فأنواع المهام التي يؤديها الجنود المتعاقدون من ذوي المهارات المتدنية، تعكس المشهد الوظيفي لدول الخليج. ومثلما يكون من الصعب إيجاد مواطن من الكويت أو قطر أو الإمارات العربية المتحدة يرغب في العمل كعامل بناء أو كعامل غسيل الأطباق أو كحارس، فإنه من الصعب بالقدر نفسه تجنيد مواطنين من دول مجلس التعاون الخليجي الغنية لشغل مناصب لا غنى عنها ولكن غير مرغوب فيها في القوات المسلحة. وبالتالي، ليس من المُستغرب ألا يملك المواطنون الأقل ثراءً في البحرين والمملكة العربية السعودية، وخصوصًا عُمان، القدر نفسه من الانتقائية عند البحث عن عمل، على الرغم من أنهم يميلون في هذه البلدان إلى الابتعاد عن أقذر الوظائف وأصعبها. وفي السياق نفسه، فإن الجيش العُماني هو الوحيد من بين جيوش الخليج الذي يضم بين صفوفه مواطنين في جميع الوظائف تقريبًا.

ليس من المُستغرب أيضاً أن تخدم أعلى نسبة من الجنود الأجانب المتعاقدين في أغنى ثلاث دول في الخليج، وهي قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت، حيث لا يوجد لدى العدد القليل من الشباب فيها أي حافز اقتصادي للانضمام إلى الجيش. وعلى الرغم من أن هذه الدول الثلاث فرضت خدمة عسكرية إلزامية على المواطنين الذكور بين عامي 2013 و2017، فإن دور الجنود المتعاقدين لم يتغير إلا قليلاً. وهذا ليس أمرًا مفاجِئًا نظرًا لأن الأسباب الرئيسة لبدء التجنيد لم تكن عسكرية، أي لم يكن هدفها وضع المواطنين محل الجنود المتعاقدين. وعلى الرغم من أن التجنيد يسمح لهذه الدول ببناء قوة احتياطية وبأداء دور أقوى في الدفاع والأمن في المنطقة، بما أنَّ الدوافع السائدة كانت اجتماعية-اقتصادية وسياسية، وهي غرس الانضباط وبناء الشخصية والتشجيع على أنماط الحياة الصحية، وإعداد الشباب لسوق العمل، وإدماج المواطنين في خدمة وطنهم وتعميق الوطنية. تكتب كريستين سميث ديوان محللة الخليج قائلةً إن التجنيد ينطوي على "تصور أقوى للأمة، ... ويفرض مطالب أكثر شمولاً على المواطنين ... إن البدء في الخدمة الوطنية يتوافق مع تداخل الطموح الإقليمي والتكامل الوطني".

أيضًا يعكس استخدام الجنود المتعاقدين مسائل الهوية والمواطنة، وهي عنصر مهم في الديناميات الاجتماعية السياسية في الخليج. فالموظفون الأجانب وضباط الصف، ومعظمهم من المشاركين في أنشطة المشورة والتدريب، يجري تعيينهم من خلال ترتيبين مختلفين: الموظفون المعارون يكونون أفراداً في القوات المسلحة الأجنبية وتجري إعارتهم إلى جيش إحدى دول مجلس التعاون الخليجي لتقديم المهارة والخبرة والقيادة. ويبقى هؤلاء خاضعين للقواعد واللوائح التابعة لبلدانهم الأم، لكنهم يحصلون على التمويل من الدولة المضيفة ويرتدون الزي الموحد للوحدة التي يعملون فيها. كان عددهم في السنوات الأخيرة قليلاً. ففي الإمارات العربية المتحدة مثلاً، كان هناك خمسة أفراد بريطانيين معارين يخدمون في سنة 2015. ومن ناحية أخرى، ترك موظفو العقود الخدمة في بلدانهم الأصلية. وينتمي أكثر من 99 في المئة من الجنود الأجانب في الخليج إلى هذه الفئة.

أما الغالبية العظمى من الجنود المتعاقدين الذين يخدمون في الخليج فهم من المسلمين السُنة من العالم العربي وجنوب آسيا. تميل جيوش دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاحتفاظ بالعسكريين الأردنيين في أعلى المستويات نظرًا لتدريبهم الصارم وكفاءتهم وانضباطهم. يحضر أيضًا العديد من المغاربة واليمنيين، وتوجد خصوصًا منذ سنة 2011 مجموعة متنامية من السوريين يشغل معظمهم المناصب العادية في التجنيد. أما الجنود المدربون تدريبًا عاليًا، وغالبًا ما يكونون من الأردنيين، فهم ضباط صف. في المعتاد لا يمكن سوى للمواطنين أن يصبحوا ضباطًا في الخليج على الرغم من وجود بعض الاستثناءات: في حالات نادرة بعد فترة طويلة (10-15 سنة) يمكن للجنود المتميزين بنظام عقود الخدمة أن يصبحوا مواطنين. فالبحرين، على وجه الخصوص، منحت الجنسية لتعزيز نسبة السُّنة من المواطنين.

ينحدر معظم جنود جنوب آسيا من باكستان، وخصوصًا من إقليم بلوشستان. ويوجد أيضًا عدد كبير من المرتزقة البنغلاديشيين في الخليج. على سبيل المثال، يضم الجيش الكويتي لواءً عسكريًا بنغلادشيًا بنظام التعاقد حصريًا لشغل وظائف الدعم (الخدمات والخدمات اللوجستية والصيانة). ينضم البنغلاديشيون أيضًا إلى القوات الإماراتية في اليمن. فهم ينصبون خيامهم ويحملون مياههم ويقومون بمهام أخرى وضيعة منخفضة المهارات. وقد أصبح الجانب السعودي الإماراتي من الحرب في اليمن سوقًا حقيقيًا للجنود المتعاقدين من كولومبيا والولايات المتحدة إلى الصومال والسودان.

الجنود المتعاقدون في دول مجلس التعاون الخليجي

إن السوق للجنود المتعاقدين ليس محدد للسعودية والإمارات.1 فقد كان 64 في المئة من الموظفين في وكالة الأمن القومي البحرينية في العام 2009 من غير البحرينيين. يؤكد عبد الهادي خلف، وهو عالم اجتماع بحريني بارز في المنفى، أن "عموم الجنود في الجيش والشرطة وقوات الأمن في البحرين تكاد تتكون بالكامل من مجندين أجانب"، لكنه لم يذكر مصدره. يُشّكل الموظفون الباكستانيون 18 في المئة من القوات الجوية البحرينية ويعمل 10 آلاف مواطن باكستاني في الجهاز البحريني الإلزامي. أما المشكلات السلوكية بين الباكستانيين العاملين في قوات دفاع البحرين فغير خافية: ففي مارس/آذار 2013 مثلاً تمت إقالة وترحيل 180 فردًا منهم لمخالفتهم القواعد التأديبية. من النادر أن يتحدث الباكستانيين العاملين في قطاع الأمن أكثر من أبسط اللغة العربية، وهذا ما يجعل تفاعلهم مع عموم الناس أمرًا صعبًا. خلال انتفاضة 2011، نشر النظام أفرادًا باكستانيين بصفة أساسية ضد المحتجين.

تفيد بعض المصادر أنه في العام 2016، كان الجنود المتعاقدون يُشكلون ما بين 25 في المئة و50 في المئة من القوات المسلحة النظامية في الكويت، لكن جميع أفراد الحرس الوطني كانوا من المواطنين. (تشمل هذه النسبة البدون أي عديمي الجنسية، الذين ليسوا من الأجانب بل من السكان المحليين وينحدرون من البدو ولم يتقدموا بطلب للحصول على الجنسية.) لكن، يُصر بعض الخبراء على أن نسبة الأجانب بين عموم الجنود لا تزال أقرب إلى 80 في المئة. كان الجنود المتعاقدون في الكويت يضمون عددًا كبيرًا من السعوديين الذين تقدم بعضهم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية في أقرب وقت تسمح به اللوائح. ونظرًا إلى الضغوط الديمغرافية والاقتصادية ولفرض الخدمة العسكرية الإلزامية، لم تتجدد عقود العديد من الجنود الأجانب في السنوات الأخيرة.

ليس من قبيل الصدفة أن كون لدى عُمان أقل عدد من الجنود الأجانب المتعاقدين في جهازها الإلزامي. فهي أقل ازدهارًا من دول الخليج الأخرى. لا يثير الدهشة إذًا أن يعتبر العُمانيون أن الخدمة في قوات السلطان المسلحة مرموقة ومربحة نسبيًا. ومنذ الثمانينيات، أكد السلطان قابوس على الطابع العربي لقوته التي أصبحت إلى حد بعيد الأكثر "وطنية" في الخليج. وهي تتكون بنسبة كبيرة من الجنود والضباط العُمانيين من مواطنين من أصول بلوشية، وفي السبعينيات والثمانينيات انضم إلى الجيش العديد من العُمانيين من شرق إفريقيا (مقاطعة زنجبار العُمانية القديمة).

عدد المواطنين الخليجيين الذين يعملون كجنود متعاقدين في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى غير مؤكد ويصعب تخمينه، لكن يمكن القول إن العُمانيين – الذين يتمتعون بسُمعة جيدة في تدريبهم وانضباطهم – هم الأكثر عددًا. فمن المعروف أنهم يعملون كجنود متعاقدين في كل جيش خليجي، لكن المجموعة العُمانية هي الأكبر لدى جارتها، الإمارات العربية المتحدة، حيث كان الجنود العُمانيون يُشكلون 60 في المئة على الأقل من الأفراد العسكريين في أواخر التسعينيات.

بصرف النظر عن سلاح الضباط والجنود المجندين، تتكوّن القوات المسلحة القطرية من أغلبية ساحقة (تصل إلى 85 في المئة) من المرتزقة يأتي كثيرون منهم من باكستان والسودان، ومؤخرًا من كولومبيا أيضًا. جندت الدوحة 6000 جندي صومالي في سنة 2016 وما لا يقل عن 360 فردًا سودانيًا في قواتها الأمنية. يشغل الأجانب جميع الوظائف العسكرية ذات المهارات الضئيلة والمكانة المنخفضة تقريبًا – كالطهاة وعُمال النظافة وحُراس البوابات وموظفو صيانة المنشآت وغيرها – في قطر كما هو الحال في الإمارات العربية المتحدة والكويت. كان الجنود الأميركيون المتعاقدون يعملون على تدريب جنود متعاقدين أجانب لصالح القطريين، وقد جرى تجنيدهم في تركيا والأردن لعمليات نشر القوات في مناطق متنوّعة، بما في ذلك ليبيا وفي سنة 2015 في اليمن. وقد أصبح الخلل في التوازن المنحرف بين المواطنين والأجانب في القوات المسلحة القطرية مصدر قلق كبير منذ سنة 2017، خاصةً بعد أن عززن الدوحة قواتها بعدد كبير ردًا على التهديدات السعودية الإماراتية، لكن لم يكن من الواضح من سيعمل على تشغيل كل الأسلحة المُعقدة التي كان يتطلبها ذلك.

نظرًا لعدد السُكان الكبير في المملكة العربية السعودية، فإنها تستضيف نسبة أصغر نسبيًا من الجنود المتعاقدين في قواتها بالمقارنة بغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، على الرغم من أنها عيّنت كثيرين لخوض حربها في اليمن. ويؤكد أحد الخبراء أن القوات البرية السعودية في اليمن تتكون بكاملها تقريبًا من جنود متعاقدين بمن فيهم يمنيون تم تعيينهم محليًا. لطالما خدم كثيرون من الباكستانيين في المملكة. ففي أواخر الثمانينيات مثلاً، خدم عشرات الآلاف في مجموعة كاملة من الأدوار العسكرية، من الوظائف الوضيعة إلى تقديم التدريب والمساعدة التقنية. ومن المعروف أن مهامهم في المملكة العربية السعودية قد عرّضت الجنود الباكستانيين للتعاليم الدينية المتشددة (الوهابية في الغالب). وبالإضافة إلى الجنود المتعاقدين من إفريقيا وآسيا، تستضيف المملكة العربية السعودية أكثر من 1000 جندي أميركي و300 عنصر ومقاول عسكري بريطاني.

الإمارات العربية المتحدة تشبه دول الخليج الغنية الأخرى في ما يتعلق بالعدد الكبير من الجنود الأجانب المتعاقدين. وينحدر ما لا يقل عن 70 في المئة من الرجال المجندين في الإمارات من عُمان واليمن. وفي الآونة الأخيرة، أبدت الإمارات العربية المتحدة حماسة للجنود الكولومبيين الذين يتمتعون بعقود من الخبرة في قتال حرب العصابات. وقد أبرم مئات منهم عقودًا في الإمارات العربية المتحدة، لأن رواتبهم أعلى عدة مرات من دخلهم في وطنهم. وقداستعانت الإمارات العربية المتحدة بشركات أمريكية مثل شركة Reflex Responses (التي أسسها ويديرها إريك برنس الذي ينتمي إلى شركة Blackwater سيئة السمعة). حصلت الشركة على عقد بقيمة 529 مليون دولار لتعزيز الجيش الإماراتي تضم القوات المحاربة لصالح الإمارات العربية في اليمن جنودًا متعاقدين من تشاد وتشيلي وكولومبيا وليبيا وبنما والنيجر والصومال والسلفادور والسودان وأوغندا، من بين جنسيات أخرى.

خاتمة

يؤدي المرتزقة والمستشارون الأجانب دورًا لا غنى عنه في القوات المسلحة الخليجية. فقد أراحوا حُكام دول الخليج من بعض المشكلات على الرغم من أنهم لم يكونوا خلواً من المشكلات كما تُذكِّرنا المجموعة الباكستانية في البحرين. كما أنهم قدّموا مساهمات أساسية لجيوش الدول الخليجية. في ما يتعلق العلاقات المدنية-العسكرية في دول مجلس التعاون الخليجي، كان الاعتماد على الجنود المتعاقدين مفيدًا بصفة عامة، حيث عزز بناء الجيوش المحلية وأضفى عليها الطابع الاحترافي ما سمح للقيادة العسكرية بنقل المهام إلى مقاولين لا يريد أي من المواطنين أدائها وبتجنيد أجانب لاستكمال القوات المقاتلة في اليمن. فالتجنيد الذي تم تقديمه مؤخرًا في الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة لا يرتبط هامشيًا سوى بممارسة تعيين جنود أجانب متعاقدين. وقد نُفذت هذه السياسة في المقام الأول لأسباب اجتماعية اقتصادية لا عسكرية.

على الرغم من تضاؤل الإيرادات من الصادرات الهيدروكربونية في الخليج في السنوات الأخيرة وتقلص التقديمات الاجتماعية السخية من الدول إلى حد ما، لم تؤثر هذه التطورات تأثيرًا كبيرًا على استخدام هذه الدول للجنود الأجانب المتعاقدين. في الواقع، تشير السياسة الخارجية المُوسعة والنشاط العسكري لبعض دول مجلس التعاون الخليجي – بالإضافة إلى الزيادة الهائلة في ميزانيات الدفاع وحيازة الأسلحة والاستثمار في الصناعات الدفاعية الأصلية – إلى أنه لا يوجد سبب لتوقع أي تغيير كبير في توظيف الجنود الأجانب في المنطقة في المستقبل المنظور. فمن المُرجح أن يستمر بقاؤهم في شبه الجزيرة العربية لمدة طويلة.

زولتان باراني هو فرانك سي. إروين، جونيور، وهو أستاذ مخضرم في السياسة في جامعة تكساس ومشارك غير مقيم في مقعد أرلي أ. بيرك للاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

1لا توجد بيانات متاحة علنًا حول عدد الجنود المتعاقدين الذين يخدمون في دول الخليج. فقد أجرى الكاتب منذ سنة 2011 إلى سنة 2019 أكثر من 150 مقابلة في المنطقة مع أكاديميين وضباط عسكريين وسياسيين وخبراء أمن حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع ذات الصلة. تشير هذه المقابلات إلى أن الجنود الأجانب المتعاقدين يؤدون دورًا واسعًا لا غنى عنه في العلاقات المدنية العسكرية في جميع أنحاء دول الخليج العربي.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.