المصدر: Getty

مساران للهيمنة: الشركات العسكرية في تركيا ومصر

استخدمت الشركات العسكرية المصرية والتركية الامتيازات المؤسسية الممنوحة لها للسيطرة على اقتصادات بلديهما، لكن مع وجود اختلافات رئيسية، حيث تُدار الشركات العسكرية في تركيا بشكل مركزي، بينما تستخدم مصر العديد من التكتلات المختلطة والمعقدة.

 زينب أبو المجدعصمت أكشا, و شانا مارشال
نشرت في ٣ يونيو ٢٠٢٠

مقدّمة

خلال السنوات الأخيرة، اتّبعت المؤسسات العسكرية التركية والمصرية مسارات متباينة في بلديها. فبعد عقودٍ عدة من السيطرة الكاملة أو الجزئية على الحكومة، أصبح الجيش التركي اليوم مهمّشاً إلى حدٍ كبير في المجال السياس. وعلى النقيض من ذلك، وبعد فترات إقصاء من السلطة، أحكم الجيش المصري قبضته على الدولة في الوقت الراهن. لكن، وعلى الرغم من هذه التباين، فإن كلا المؤسستين العسكريتين فاعلتان اقتصاديتان قويتان داخل دولتيهما. فقد قامتا باستحداث مؤسسات اقتصادية مدنية عديدة على مدى عقود أدت إلى سيطرة هذه المؤسسات على قطاعات مهمة، من خلال الاستفادة من نفوذها السياسي والامتيازات القانونية والتنظيمية الخاصة بشركاتها والفرص التي يوفّرها تحرير السوق.

تمثّل تركيا أحد أقدم الأمثلة على التدخّل العسكري المباشر في الاقتصاد المدني. فقدبدأت الشركات العسكرية التركية في الستينيات من القرن الماضي بإنشاء صندوق تقاعد إجباري لتوفير رأس المال لشركة قابضة كبيرة اسمها أوردو يارديملاسما Ordu Yardımlaşma Kurumu (OYAK). تسيطر شركة (OYAK) حالياً على ما يقارب 20 مليار دولار في الأصول وعلى عشرات من الشركات الرئيسة والفرعية التي تستثمر في الحديد والصلب والأسمنت، وكذلك في قطاعات السيارات والتمويل والخدمات اللوجستية والطاقة. في المقابل، وبعد فترة وجيزة من حدوث ذلك الأمر في تركيا، دخل الجيش المصري الاقتصاد المدني في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وهو الآن نشط في كل قطاع اقتصادي تقريباً في البلاد، بما في ذلك الحديد والصلب والأسمنت، والسيارات والتمويل والخدمات اللوجستية، والبناء والزراعة التجارية وتجهيز الأغذية، وإدارة الفنادق والأجهزة المنزلية وتجارة البترول وتكنولوجيا المعلومات والإعلام وقطاعات الأمن الخاصة. وعلى الرغم من تحرير كلٍ من الاقتصادين التركي والمصري إسمياً، إلا أن شركاتهما العسكرية تتمتع عملياً بمزايا قانونية ومالية كبيرة وتشارك في ممارسات احتكارية.

جذر هذه القوة الاقتصادية يكمن في شكل الدولتين التركية والمصرية، اللتين تشكلت مؤسساتيهما بحركات ثورية بعد الاستعمار بقيادة ضباط عسكريين. وقد خلق هذا التأثير في العمليات المبكّرة لبناء الدولة إرثاً قامت القوات المسلحة من خلاله بترجمة النفوذ السياسي إلى قوة اقتصادية. ففي تركيا، بدأ الجيش في تطوير مؤسسات تجارية مدنية مباشرة بعد انقلاب ناجح في العام 1960. وفي مصر، أدى تسريح الجيش بعد معاهدة السلام مع إسرائيل العام 1979 إلى دفع الرئيس آنذاك أنور السادات لدعم دخول الجيش إلى عرين التجارة المدنية.

لذلك، تطوّر الشركات العسكرية في كل من تركيا ومصر، لا ينفصل عن القوة السياسية التي تمتلكها قواتهما المسلحة، وإن لم يكن مرتبطاً بشكل كامل بها. أنشأت القوات المسلحة التركية شركة (OYAK) في العام 1961، وقامت بتوسيع نطاقها بعد انقلابي 1971 و1980، ثم فعلت ذات الأمر مرة أخرى حيث اكتسبت نفوذاً سياسياً في التسعينيات من القرن الماضي. وعلى الرغم من عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية (AKP)، إلا أن تهميش الجيش التركي من السياسة لم يؤثر سلباً على شركة (OYAK). فهي لا تزال واحدة من أكبر الشركات القابضة لرأس المال في البلاد.

بدأ دخول القوات المسلحة المصرية إلى الاقتصاد المدني في السبعينيات من القرن الماضي، عندما أعطى السادات الأولوية للمؤسسات الخاصة للتنمية التي تقودها الدولة، ما أدى إلى تهميش القوات المسلحة. في الثمانينيات، أعطى دور الجيش كوسيط في عهد الرئيس آنذاك حسني مبارك موطئ قدم له في مختلف جوانب الاقتصاد، وقام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوسيع هذا الدور فمنح الجيش مركزاً مهيمناً في الاقتصاد المصري منذ العام 2013.

استفاد الجيشان من تحرير السوق. فقد استخدم الجيش التركي خطاباً قومياً في الستينيات لطرح نفسه كلاعب رئيس في التصنيع واستبدال الواردات، لكن عندما انتقلت تركيا نحو الاقتصاد النيوليبرالي في الثمانينيات، عدّل الجيش خطابه للاستفادة من بيع أصول الدولة وتوليد مصادر جديدة للاستثمار، وأصبحت شركة (OYAK) لاعباً رئيساً في الصناعة والتمويل. وبالمثل، طرح الجيش المصري أنشطته التجارية في الاقتصاد المختلط في الثمانينيات وقدّم خطاباً قومياً حول المساهمة في التحديث والتطوير. وعندما بدأت مصر في بيع الأصول العامة وإزالة الحماية التجارية والمالية في التسعينيات من القرن المنصرم والعقد الأول من القرن الحالي، أدرج الجيش شركاء جدداّ من القطاع الخاص للحفاظ على نفوذه في القطاعات المحررة حديثاً.

في حين أن الحالتين تتقاسمان العديد من أوجه التشابه، إلا أنهما لا يزالا مختلفين في نواحٍ رئيسة، خاصة في علاقتهما بالصناعة الدفاعية. ففي تركيا، تعتبر شركة (OYAK) منفصلة تماماً ومستقلة عن تصنيع الأسلحة ولا تستثمر في الإنتاج الدفاعي. لكن في مصر، ظهرت الشركات العسكرية لأول مرة من الصناعة الدفاعية المحلية، واليوم غالباً ما تدعم المؤسسات الصناعية العسكرية أنشطة الجيش التجارية المدنية وتكمّلها.

اختلاف آخر بين الحالتين يكمن في الإدارة والعمل. ففي تركيا، تعتبر (OYAK) شركة قابضة مركزية ومؤسسية للغاية يديرها تكنوقراط، غالباً ما يكون ضباط عسكريون أعضاء في مجلس الإدارة، لكن تأثيرهم ضئيل في إدارة الشركات التابعة لـ (OYAK). بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع العمال والموظفين في مصانع وشركات الخدمات التابعة لشركة (OYAK) هم من المدنيين. وفي حين أن تركيا لديها نظام تجنيد إجباري، إلا أن الجنود لا يعملون في المصانع التي تمتلكها شركة (OYAK). في المقابل، تمتلك القوات المسلحة المصرية وتشغّل العديد من التكتلات المختلطة التي تفتقر إلى آليات الإدارة المركزية أو التنسيق الأساسي، ما يؤدي إلى الازدواجية وقلة استخدام الأصول. ويشكّل الضباط النشطون والمتقاعدون الإدارة العليا في هذه التكتلات، مع وجود تكنوقراط مدنيين يكونون الطبقات الإدارية الدنيا. علاوةً على ذلك، يعمل مئات الآلاف من المجندين المصريين في الشركات العسكرية.

تؤدي هذه الاختلافات في الإدارة إلى تباينات كبيرة في توليد الربح والحصول على رأس المال الاستثماري، على الرغم من الامتيازات والمزايا التي يتمتع بها كلا الجيشين. تعتمد شركة (OYAK) على الاستقطاعات الإلزامية للمعاشات التقاعدية والعوائد المتوقعة لتسهيل التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل، ما يسمح لها بالنمو لتصبح واحدة من أكبر التكتلات في البلاد. وعلى النقيض من ذلك، يعوّض الجيش المصري نقص الإيرادات بالضغط على البنوك العامة لتوفير التمويل أو إلزام الشركاء التجاريين المحليين والأجانب بقبول شروط ذات فائدة أقل. ومع ذلك، يتميّز كلا الاقتصادين العسكريين بالحصانة العامة من التدقيق المستقل أو المساءلة العامة، على الرغم من أن الهيكل التنظيمي الغامض للصناعة العسكرية المصرية وغياب المديرين المحترفين يجعل المساءلة صعبة بشكل مضاعف هناك.

على الرغم من هذه الاختلافات، أسفرت استراتيجيات التجارة العسكرية في مصر وتركيا عن هياكل دائمة تعزز أولوية السياسة العسكرية في كلا الدولتين. يتناول هذا الموجز المقارن ثمانية جوانب للاقتصاد السياسي للمؤسسات التجارية العسكرية في تركيا ومصر: التطور التاريخي، والأسس والامتيازات القانونية، وحجم وقطاعات الاستثمار، والهيكلية والإدارة، والعمل والتمويل، وتوزيع الأرباح والظروف السياسية الحالية، والتدقيق والرقابة العامة، والعلاقة مع الصناعة الدفاعية. تسلط هذه المقارنة الضوء على الكيفية التي تم فيها ترجمة تاريخ الامتياز والتأثير السياسي إلى وجود جيش في كلا البلدين استفاد من تحرير السوق للسيطرة على الاقتصاد، وإن كان ذلك بوجود إدارة مركزية تكنوقراطية في تركيا، وتكتلات واسعة النطاق مملوكة للجيش في مصر.

تركيا

التطور التاريخي

تأسست شركة (OYAK) في العام 1961 كصندوق تقاعدي لأفراد القوات المسلحة. ففي أعقاب انقلاب العام 1960، لم يصدر المجلس العسكري دستوراً جديداً ولم سيطر على الانتخابات البرلمانية وحسب، بل حاول أيضاً تحسين الظروف المعيشية للضباط العسكريين. كان للجيش هدفين في إنشاء شركة (OYAK): الأول يتعلّق بهيئة الضباط نفسها: تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لأعضاء الصندوق بعد أن تدهورت في الخمسينيات، من أجل جعل الأعضاء "قادرين على بناء حياة ملائمة لوضعهم الاجتماعي".1 الهدف الثاني مرتبط بالاقتصاد الوطني: توفير رأس المال للتنمية الوطنية.2 من الناحية اللفظية، لم يتغيّر هذان الهدفان الرئيسيان منذ ذلك الحين. وقد أشادت البيروقراطية الاقتصادية وكذلك المثقفين في الستينيات بإنشاء شركة (OYAK) كعلاج لمشكلة الافتقار إلى رأس المال الكافي لدعم الضباط. ولاحقاً، نمت شركة (OYAK) لتصبح واحدة من أكبر الشركات في البلاد، واعتبرت النخب التجارية أن التعاون مع شركة (OYAK) هو شكل من أشكال التحالف بين البرجوازية والجيش، وسعت للاستفادة من الاندماج المباشر للجيش التركي في الاقتصاد.

على مدار عقود، تغيّرت مصالح شركة (OYAK) الاستثمارية مع التحولات في الاقتصاد التركي، مستفيدة دائماً من السياسات الاقتصادية الجديدة، وتوجهت مساراتها الاستثمارية نحو تراكم رأس المال. حتى العام 1980، لعبت شركة (OYAK) دوراً مهماً في استراتيجية الدولة الناجحة نسبياً في التصنيع لاستبدال الواردات. شهدت هذه السنوات أول قفزة لشركة (OYAK) في نمو الأصول،3 وبعد ذلك استثمرت هذه الأخيرة في قطاعات لا يمكن الوصول إليها إلا من قبل مجموعات رأسمالية كبيرة في سياق استراتيجية التنمية الاقتصادية للحكومة. تبنت شركة (OYAK) خطاباً قومياً وتنموياً حول دورها، مؤكدة أن أنشطتها الصناعية والاقتصادية كانت "متّسقة مع خطة التنمية الخمسية والقطاعات المحددة في هذه الخطط".4 فبعد إنشائها مباشرةً، ركّزت (OYAK) استثمارات الصندوق الضخم بشكل رئيس في قطاعي السيارات والإسمنت، وهما أكثر القطاعات ديناميكية في الاستراتيجية التركية الخاصة بالتصنيع لاستبدال الواردات. استثمرت شركة (OYAK) أيضاً في مرحلة مبكرة في الصناعات الكيميائية الزراعية (Hektaş، 1963)، والتأمين (Oyak Sigorta، 1967)، والصناعات الغذائية (Tukaş، 1968). كانت هوامش الربح في جميع هذه القطاعات مرتفعة بسبب الحواجز الجمركية الحمائية والإعفاءات الضريبية والتسهيل الائتماني وغيرها من الحوافز التي قدمتها الدولة.

بعد انقلاب العام 1980، تحوّلت الدولة إلى اقتصاد نيوليبرالي، وحوّلت شركة (OYAK) استثماراتها للاستفادة من سوق أكثر انفتاحاً وتسريع تراكم رأس المال. وحوّلت الشركة تركيزها إلى التصنيع الموجه للتصدير من خلال شراء شركات القطاع العام المخصخصة والدخول في استثمارات مالية.5 الإضافة، دخلت الشركة في قطاعات جديدة، مثل البناء والنقل والسياحة. خطاب شركة (OYAK) خلال التسعينيات من القرن الماضي القومي استبدل السياق القومي والتنموي بالتركيز على العولمة والأسواق الحرة.6 في بعض الأحيان، كانت تلجأ الشركة إلى الخطاب القومي عند شراء مؤسسات القطاع العام الرئيسة، كما هو الحال عند شرائها لمصنع الصلب المدرفل من شركة إردمير، حيث أكدت شركة (OYAK) أنها تمثّل "رأس المال الوطني". وعلى الرغم من هذا الخطاب، فإن المشاريع الصناعية الضخمة لشركة (OYAK) في قطاعي السيارات والإسمنت ولاحقاً صناعة الحديد والصلب في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قد سيطرت على محفظتها الاستثمارية الإجمالية في الاقتصاد المحرّر حديثاً.

استفادت شركة (OYAK) بشكل كامل من خصخصة القطاع العام في التسعينيات. أولاً، زادت حصتها في قطاع الأسمنت عندما اشترت مصنعين للأسمنت تم خصخصتهما في العام 1992. علاوة على ذلك، توسّع بنك (OYAK) في القطاع المالي عندما استحوذ على أحد أكبر البنوك العامة سمربانك (Sümerbank) بسعر ضئيل في العام 2002. ووفقاً لرئيس مجلس إدارة شركة (OYAK) في ذلك الوقت الجنرال السابق سيلجوك ساكا (Selçuk Saka)، "دفعت شركة (OYAK) مبلغاً رمزياً فقط لبنك سومربانك (Sümerbank) (50 مليار ليرة التركية)، وبعد أربع أشهر ونصف الشهر من التشغيل، كان الربح الناتج من البنك يساوي أو يزيد عن الربح الآتي من جميع الشركات التابعة [لشركة OYAK] ".8 وفي العام 2005، دخلت شركة (OYAK) في قطاعي الحديد والصلب من خلال الاستحواذ على عملاق القطاع العام لإنتاج الحديد والصلب شركة إردمير (Erdemir)، ثالث أكبر شركة صناعية ربحية في تركيا، بسعر 2.77 مليار دولار. نمت شركة (OYAK) على الفور بنسبة 50 في المائة، وارتفع إجمالي أصولها الصافية من 10.7 مليار دولار إلى 15.4 مليار دولار. وبلغت أرباح شركة إردمير في العام 2003 ما قيمته 610 ملايين دولار، وهو ما يعادل صافي أرباح شركة (OYAK) من شركاتها الـ 40 الأخرى التابعة لها.9

بعد قرار الدولة العام 1989 بتحرير التمويل، توصلت شركة (OYAK) إلى تصوّر التمويل كعنصر أساسي في استراتيجية تراكم رأس المال. فقد أنشأت دار سمسرة في العام 1982، واستحوذت على بنك في العام 1996، وأنشأت شركة تأمين بالشراكة مع عملاق التأمين الفرنسي (AXA) في العام 1999. كما أقرضت شركة (OYAK) أموالاً بأسعار فائدة عالية جداً للدولة المثقلة بالديون. وطوال التسعينيات، تطورت شركة (OYAK) وزادت أصولها في قطاع التمويل وصافي أصولها،10 باستخدام السيولة العالية لمواردها في الاستثمارات المالية للاستفادة من المراجحة بين الدولار الأمريكي والليرة التركية. وركزت شركة (OYAK) الاستثمارات بشكل خاص في القطاع المالي خلال الأزمة الاقتصادية القاسية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وتحديداً بعد أزمة 2001. ونتيجةً لذلك، بلغت أرباحها من التمويل ذروتها خلال هذه السنوات.11

أثّرت القوة السياسية المستقلة للجيش أيضاً على النمو الاقتصادي الملحوظ لشركة (OYAK)، مما سمح للجيش التركي بتحويل القوة السياسية إلى ربح اقتصادي. على سبيل المثال، تمتعت شركة (OYAK) منذ نشأتها بمجموعة واسعة من الإعفاءات الضريبية، بما في ذلك الإعفاءات من ضرائب الشركات وضرائب القيمة المضافة على إيرادات الصندوق والضرائب على الرسوم المحصلة والمدفوعة لأعضاء شركة (OYAK)، وضريبة الدمغة على معاملات صندوق (OYAK) وضرائب الدخل والميراث على التبرعات للصندوق.12 ومع ذلك، تدفع شركات (OYAK) ضرائب منتظمة، على الرغم من أن شركة (OYAK) قد استفادت من القوة السياسية للجيش لتحويل الشركات المفلسة إلى المؤسسات العامة أو لجعل القطاع العام مساهماً في هذه الشركات المفلسة، ومن سلطته في إقامة شراكات مع المؤسسات العامة لتأمين عقود المشتريات العامة. مثال آخر مذهل على القوة السياسية المستقلة للجيش هو إنقاذ بنك (OYAK) خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2001 وبيع بنك عام إلى شركة (OYAK) بسعر بخس، وبعد ذلك استحوذ بنك (OYAK) على بنك سومربانك (Sümerbank) بأقل من سعر السوق.13

لم يستخدم الجيش القوة السياسية فقط لتوسيع أنشطته الاقتصادية، فقد نفذت شركة (OYAK) أيضاً استراتيجيات تراكم رأس المال التي تضمن تحقيق الأرباح وإعادة الاستثمار في البيئات الاقتصادية المختلفة، وهو ما تم تحقيقه بعد فترات كبيرة من التدخل العسكري في السياسة.

الأسس والامتيازات القانونية

تتمتع شركة (OYAK) بمزايا قانونية كبيرة. يمنح القانون التأسيسي لشركة (OYAK)، وهو القانون رقم 205 الصادر في كانون الثاني/يناير 1961، وضعاً يقع بشكل قانوني في منطقة رمادية وسيطة بين كل من القطاعين العام والخاص من جهة، وبين المؤسسات العسكرية والمدنية من جهة أخرى.

يسمح القانون الرقم 205 لشركة (OYAK) بالاستفادة من قوانين القطاعين الخاص والعام. فقد تم تصميم الصندوق كنظام تقاعدي عسكري يدفع عوائد في شكل تقاعد إضافي ومزايا أخرى وكشركة قابضة لإدارة الشركات لدفع تلك العوائد وإعادة الاستثمار في قطاعات مختلفة. وفقاً للمادة 1 من القانون الرقم 205، فإن (OYAK) هي كيان قانوني مستقل إدارياً ومالياً تابع لوزارة الدفاع الوطني. تخضع شركة (OYAK) لحكم خاص يحكم علاقتها مع أطراف ثالثة ويسهل متابعتها للأنشطة المدرة للدخل. تنص المادة 37 على أن جميع أصول وعائدات ومطالبات الشركة مؤهّلة للحصول على الحقوق والامتيازات المرتبطة بممتلكات الدولة، مما يعني أنه لا يمكن الاستيلاء على أصول شركة (OYAK).

بالإضافة إلى ذلك، يحدد القانون الرقم 205 الأعضاء والهيكل الإداري المركزي لشركة (OYAK) ولكنه يضعها في منطقة رمادية بين المؤسسات العسكرية والمدنية. في السنوات الأخيرة، أكدت إدارة شركة (OYAK) تمدين الشركة القابضة، مما يفصلها بشكل مزعوم عن الجيش. ومع ذلك، تكشف المراجعة لعضوية الصندوق وهيكله الإداري أن الجيش يتحكّم بها بشكل واضح. الأعضاء الدائمون في الصندوق هم ضباط وضباط صف في الخدمة، وأغلبية مجلس إدارته من الضباط في الخدمة الفعلية أو المتقاعدين. وعلى الرغم من أن القانون ينص على أن ثلاثة أعضاء فقط من أعضاء المجلس السبعة يجب أن يكونوا عناصر عسكرية، فقد احتل الأعضاء العسكريون أربعة مقاعد وترأسوا المجلس منذ العام 1976. ويضم المجلس الحالي خمسة أعضاء عسكريين اثنين منهم متقاعدين وثلاثة ضباط في الخدمة. علاوةً على ذلك، فإن جميع أعضاء الجمعية التمثيلية هم ضباط رفيعو المستوى، والجمعية العامة المكوّنة من أربعين مقعداً تضم ​​حالياً تسعة أعضاء مدنيين فقط - بعض الوزراء أو ممثلي المؤسسات الاقتصادية الحكومية وشركات الأعمال شبه العامة والقطاع الخاص. وعلى الرغم من أن الضباط العسكريين المتقاعدين خدموا في مجالس إدارة شركات (OYAK) في الماضي، إلا أن هذه الشركات كانت تُدار بشكل رئيسي من قبل مهنيين ومدراء مدنيين.

حجم وقطاعات الاستثمار

على مدى ستة عقود، نمت شركة (OYAK) لتصبح واحدة من أكبر الشركات القابضة في تركيا من حيث عدد الشركات التابعة لها ونطاق استثمارات هذه الشركات. تمتلك شركة (OYAK) حالياً ثمانية وثلاثون شركة رئيسة وست وثمانون شركة فرعية تهيمن على قطاعات التعدين والمعادن (خاصة الحديد والصلب) والسيارات والأسمنت. وتنشط شركة (OYAK) في قطاعات الكيماويات الزراعية والطاقة والخدمات اللوجستية والتمويل والبناء والسياحة والأمن والتكنولوجيا الطبية، وفي الماضي استثمرت أيضاً في قطاعات البنوك والتأمين وتصنيع الإطارات وتوزيع المنتجات البترولية والأغذية.

كما أن شركة (OYAK) هي أيضاً واحدة من أكبر خمس تكتلات في تركيا من حيث إجمالي الأصول والمبيعات والربحية. بحلول نهاية العام 2017،فاخرت شركة (OYAK) بأصول بلغت 19.6 مليار دولار، وعلى الرغم من عدم وجود بيانات منتظمة ودقيقة عن مبيعات وأرباح الشركات القابضة الأخرى، إلا أن البيانات المتاحة تشير إلى أن شركة (OYAK) في العام 2010 كانت ثاني أكبر شركة قابضة في إجمالي المبيعات وخامس شركة قابضة أكثر ربحية في تركيا.14 كما يتم تصنيف غالبية الشركات التابعة لها من بين الشركات الصناعية الأكثر ربحية في تركيا. في العام 2013، ضمّت أكبر 500 شركة صناعية في غرفة صناعة اسطنبول في تركيا عشر شركات تابعة لشركة (OYAK) استناداً إلى مبيعات التصنيع، بينما أدرجت ثاني أكبر 500 شركة صناعية في الغرفة أربع شركات أخرى.15

شركات (OYAK) موزعة عبر مجموعة واسعة من القطاعات بما في ذلك التعدين والمعادن (ست شركات) والسيارات واللوجستيات (ستة) والاسمنت والخرسانة والورق (عشرة) والمالية (خمسة) والطاقة (ثلاثة) والكيمياء والكيماويات الزراعية (خمسة) والخدمات مثل الأمن والبناء والسياحة والتكنولوجيا (ثلاثة). وفي حين أن قطاعي السيارات والأسمنت لا يزالا من القطاعات الرئيسة لشركة (OYAK)، فقد دخلت في كل من قطاعي التعدين والمعادن وقطاع الطاقة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي أصبحت قطاعات رائدة أيضاً. استمرت شركة (OYAK) في استغلال الخصخصة لتراكم رأس المال، كما شوهد في استحواذها العام 2005 على شركة (Erdemir) للحديد والصلب، ثالث أكبر شركة صناعية ربحية في تركيا. كما قامت شركة (OYAK) بشراء مصانع الأسمنت والخرسانة والورق المخصخصة حديثاً. وبالمثل، على الرغم من أنها لا تحتفظ بحضور قوي في القطاع المصرفي، الذي أصبح الآن دولياً بشكل كبير، فقد أعادت هيكلة مؤسساتها المالية الوسيطة وتستخدم الاستثمارات المالية كوسيلة لتراكم رأس المال.

جذبت (OYAK) أيضاً رأس المال الأجنبي والمحلي إلى شركاتها. فعلى مر العقود، أقامت شراكات ومشاريع مشتركة مع مجموعات رأس المال الأجنبي مثل AXA و Elf و Goodyear و Renault و Steag. كما دخلت في شراكة مع أكبر مجموعات قابضة في تركيا، مثل Alarko و Cerrahoğulları و Eti و Gama و Koç و Kutlutaş و Nuh و Sabancı و Yaşar، وتعاونت مع مؤسسات كبيرة مملوكة للدولة وبنوك ومؤسسات أخرى مثل Halk Bankası، ومؤسسة الأوراق المالية الاجتماعية و Ziraat Bankası.

الهيكل والإدارة والعمل

يعتمد نظام إدارة شركة (OYAK) شديد المركزية على الخبرة المدنية التكنوقراطية. وبعيداً عن مجلس الإدارة والجمعية العامة والجمعية التمثيلية والتي يهيمن عليها جميعاً أفراد عسكريون، فإن مدراء شركة (OYAK) هم مدنيون لديهم خبرات متخصصة، ولا تجذب شركة (OYAK) أبداً إداريين من الضباط في الخدمة أو المتقاعدين. وينطبق هذا الأمر على العمال المهرة وغير المهرة في مصانع شركة (OYAK). وعلى الرغم من أن التجنيد في القوات المسلحة التركية يتم من خلال التجنيد الشامل للذكور، إلا أن شركة (OYAK) لا تستخدم المجندين في أنشطتها الاقتصادية، ولا ضباط الخدمة الفعلية والجنود المنخرطين في مصانع (OYAK) سواء على المستوى الإداري أو الإنتاجي.

التمويل وتوزيع الأرباح

مصدر تمويل شركة (OYAK) الرئيس هو رسوم العضوية الإلزامية التي يدفعها جميع الضباط وضباط الصف. العضوية اختيارية لموظفي الخدمة المدنية العاملين في الجيش أو في وزارة الدفاع الوطني والمدنيين العاملين في شركات (OYAK).16 ووفقاً للقانون التأسيسي لشركة (OYAK)، يتم خصم 10% من مرتبات الأعضاء الدائمين و5% من مرتبات الأعضاء المؤقتين تلقائياً كرسوم عضوية في (OYAK)، مما يجعل مساهمات الأعضاء مصدراً رخيصاً للسيولة المالية. وبحلول نهاية العام 2017، كان لدى شركة (OYAK) 322,412 عضواً.17

مصدر آخر مهم لتمويل شركة (OYAK) هو الكسب من استثماراتها المربحة. إذ تتميّز (OYAK) بأنها صندوق للمعاشات التقاعدية يمكنه تجميع رأس المال من خلال الأنشطة الاقتصادية التجارية والمالية الموجهة نحو الربح كشركة قابضة ذات استراتيجية استثمارية تهدف إلى الهيمنة على تراكم رأس المال في البلاد، كما تم استعراضه أعلاه.

يحدّد القانون التأسيسي لشركة (OYAK) بشكل رسمي وواضح كيفية توزيع الأرباح من صندوق المعاشات التقاعدية: الاستحقاقات لجميع الأعضاء. إلى جانب التمتع بمزايا التقاعد الإضافي والوفاة والإعاقة، يمكن لأعضاء شركة (OYAK) الحصول على قروض إسكان رخيصة وقروض استهلاكية بأسعار أقل من السوق ولفترات أطول. وبهذا المعنى، تعمل شركة (OYAK) كمؤسسة إضافية للضمان الاجتماعي. بعد عشر سنوات من دفع المستحقات، يمكن للأعضاء البدء في تلقي تلك المزايا. يختلف المبلغ المستلم كمكافأة تقاعدية على أساس قطع الاشتراك من راتب العضو، وبالتالي يعتمد على رتبة الضابط. في العام 2017، دفعت شركة (OYAK) لـ 9,955 عضواً ما مجموعه 594 مليون دولار (2.1 مليار ليرة تركية) كمزايا تقاعدية ووزعت 202 مليون دولار أخرى (713 مليون ليرة) في قروض للمستهلكين والإسكان.18

الظروف السياسية الحالية

في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية القائمة منذ العام 2002، عانى الجيش حيث تم كبح سلطته السياسية. ومع ذلك، نجت شركة (OYAK) وحافظت على مؤسساتها الاقتصادية.19 في العقدين الماضيين، لم يؤد الانتقاد العام المتزايد للعلاقات المدنية العسكرية الإشكالية في البلاد ومحاولات الانقلاب المتكررة إلى تقويض القوة الاقتصادية للجيش. على العكس من ذلك، واصلت شركة (OYAK) نموها الملحوظ طوال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، وقفز صافي أصولها من 668 مليون دولار في العام 2001 إلى 19.6 مليار دولار في العام 2017. وفي العام 2012، بشكل مقتضب، حقق البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية في دور شركة (OYAK) ودور الجيش في الاقتصاد ككل، وأصدرت لجنة التحقيق في التدخلات العسكرية تقريراً تضمن قِسماً خاصاَ بعنوان "الاقتصاد والانقلابات" تحدث عن نشاطات شركة (OYAK)20. ومع ذلك، لم تتخذ حكومة حزب العدالة والتنمية أي إجراء سياسي أو قانوني بناءً على نتائج التقرير.

خلال سنوات حكم حزب العدالة والتنمية الطويلة، أعادت شركة (OYAK) تنظيم استثماراتها استجابة لواقع السوق العالمية والمحلية بدلاً من الضغوط السياسية. لقد قللت من وجودها في بعض القطاعات التي تم تدويلها بالكامل ويسيطر عليها رأس المال الأجنبي، مثل البنوك والتأمين وكذلك في القطاعات التي وجدتها أقل ربحية، مثل تجارة التجزئة. كما قامت ببيع حصصها في الشركات التي كانت شريكاً صغيراً فيها، مثل إنتاج الإطارات وتوزيع المنتجات البترولية والمواد الغذائية وبعض شركات الأسمنت. وفي الوقت نفسه، اشترت حصص شركاء أصغر في بعض مصانع الأسمنت والطاقة والكيماويات. في هذه الفترة، سعت شركة (OYAK) إلى الملكية الكاملة في شركاتها عندما يكون ذلك متاحاً، وواصلت أو أقامت شراكات متساوية مع شركة (Renault) في قطاع السيارات، وشركة (Koç Holding) في قطاع الطاقة، وشركة أسمنت تايوان في القطاع الإسمنتي، وشركة (Steag) في قطاع إنتاج الطاقة الحرارية، وشركة (Linde) في قطاع إنتاج الغاز الصناعي.

في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، عززت شركة (OYAK) استثماراتها في قطاعات السيارات واللوجستيات والأسمنت. كما دخلت قطاعات التعدين والمعادن والطاقة والتكنولوجيا، وأضافت استثمارات بسيطة في قطاع تكنولوجيا المعلومات. ولا يزال وجودها في قطاع الإنشاء أصغر بكثير من وجودها في القطاعات الأخرى. وفي حين حافظت شركة (OYAK) على خطاب نيوليبرالي حول أنشطتها في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية، إلا أنه صدر عن شركة (OYAK) خلال العقد الثاني من القرن الحالي تصريحات عامة أقل بكثير.

أصبحت القوة الاقتصادية للجيش، التي أهملتها المناقشات الأكاديمية والعامة وعلى مستوى المجتمع المدني قبل صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، موضوع نقاش في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. كما تمت إضافتها إلى جدول أعمال مناقشات عضوية الاتحاد الأوروبي. ففي تقرير بعنوان "علاقات الاتحاد الأوروبي وتركيا مع نظرة إلى المجلس الأوروبي في مسودة رأي في كانون الأول/ديسمبر 2004 " صادر من قبل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية المشتركة بين تركيا والاتحاد الأوروبي - والتي تتكوّن من 222 عضواً يمثلون الفئات الاجتماعية بما في ذلك رجال الأعمال والعمال والمزارعين والتعاونيات- تم التشكيك وانتقاد القوة الاقتصادية للجيش كما هو منعكس في شركة (OYAK)، وكذلك النفقات العسكرية والموارد من خارج الميزانية. كما حدد التقرير القوة الاقتصادية للجيش كمجال للإصلاح الضروري لعضوية الاتحاد الأوروبي المحتملة. ومع ذلك، بعد الضغوط من قبل شركة (OYAK) ورئيس غرفة صناعة اسطنبول، والتي مثّلت أيضاً الجانب التركي في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لم تتطرّق مسودة التقرير النهائية إلى قضية شركة (OYAK). فقد ذكر التقرير في نهاية المطاف أن "(OYAK) هي مؤسسة ثانوية للضمان الاجتماعي مماثلة لتلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي. وأنه إلى جانب تشكيل قاعدة أعضائها، ليس لدى شركة (OYAK) علاقة تجارية أو تحويل مالي مع الدولة أو الجيش، وأنه ليس لها علاقة أساسية بالجيش."21

التدقيق والرقابة العامة

ميزانية وزارة الدفاع الوطني، وهي جزء من الميزانية الوطنية، خاضعة من الناحية النظرية للتفتيش والتدقيق القانوني. ومع ذلك، من الناحية العملية، فإن البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية واللجان ذات الصلة غير قادرة على الإشراف أو تحديد ميزانية الدفاع. وبدلاً من ذلك، يفضل حزب العدالة والتنمية العمل بانسجام مع الجيش بدلاً من مواجهته. أما بالنسبة لشركة (OYAK) فهناك مجلس إشراف خاص يشرف على أنشطتها ويتكون من ثلاثة أفراد أحدهم ضابط عسكري. "يتكون مجلس الإشراف من ثلاثة أعضاء: يتم انتخاب عضو واحد من قبل الجمعية العامة من أصل 5 مرشحين [عسكريين] يتم ترشيحهم من قبل وزارة الدفاع الوطني، ويتم انتخاب عضو آخر من قبل رئيس بعثة الرقابة العامة، ويتم انتخاب عضو آخر من قبل رئيس الوفد الإداري لاتحاد البنوك التركي."22 بالإضافة إلى ذلك، منذ عام 2001، قامت شركة تدقيق خاصة بإجراء مراجعة مالية إضافية لأنشطة شركة (OYAK).

العلاقة مع الصناعة الدفاعية

إن الشركات المدنية التركية والصناعة الدفاعية منفصلة تماماً، ولم تستثمر شركة (OYAK)قط أي إيرادات في الصناعة الدفاعية أو شراء الأسلحة. فقد تطوّرت الصناعة الدفاعية التركية بشكل منفصل، بدءاً من أواخر السبعينيات، بعد سنوات عديدة من إنشاء شركة (OYAK)، ونمت بسرعة في منتصف الثمانينيات.23 يتكوّن قطاع إنتاج الأسلحة من الشركات التابعة تعزيز القوات المسلحة التركية (Türk Silahlı Kuvvetlerini Güçlendirme Vakfı) التي تأسست في العام 1987. هدفها المعلن هو الاستثمار وإعادة الاستثمار في تصنيع الأسلحة من أجل "المساهمة في زيادة القدرة الحربية للقوات المسلحة التركية من خلال تطوير الصناعة الدفاعية الوطنية."24 يتألف مجلس إدارة مؤسسة تعزيز القوات المسلحة التركية من وزير الدفاع الوطني ونائب رئيس هيئة الأركان العامة ووكيل وزارة الدفاع الوطني ووكيل الصناعة الدفاعية. يسيطر الجيش على المجلس منذ سنوات عديدة، وتُعرف المؤسسة حالياً باسم مؤسسة القوات المسلحة التركية، وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017، أصبح الرئيس التركي عضواً ورئيساً لمجلس الإدارة بموجب مرسوم طوارئ.

خلاصة القول أن شركة (OYAK) التابعة للجيش التركي هي شركة قابضة تتمتع ببعض المزايا القانونية وهيكل إداري شديد المركزية. وعلى الرغم من أن الجيش التركي كان فاعلاً اقتصادياً نشطاً في السوق المحلية للعقود الستة الماضية، إلا أن مصالح شركة (OYAK) التجارية قد تغيّرت مع التغييرات الأساسية في الاقتصاد التركي. نجحت شركة (OYAK) في التموضع داخلياً واستفادت من النظم الاقتصادية المتغيرة، بدءاً من التصنيع لاستبدال الواردات في الستينيات إلى تحرير السوق والخصخصة في التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي. كما قامت بتعديل خطابها العام حول أسباب مشاركتها في الاقتصاد مع مرور الوقت. ففي حين أنها تقوم بتنويع القطاعات التي تشارك فيها واستغلال الامتيازات الحاصلة عليها، اتبعت شركة (OYAK) دائماً استراتيجيات فعّالة لتراكم رأس المال وشاركت مع رأس المال الأجنبي والمحلي ووسعت استثماراتها في السوق التركية المفتوحة. مما لا شك فيه أن السلطة السياسية المستقلة للجيش ساعدته في الحصول على هذه الامتيازات، إلا أن التهميش الذي يتم مؤخراً لشركة (OYAK) في السياسة في ظل حزب العدالة والتنمية لم يؤثر على أنشطتها الاقتصادية. في السنوات الأخيرة، ظلت شركة (OYAK) جزءاً من النخب الرأسمالية القديمة التي تتنافس مع العاصمة الإسلامية الجديدة لحزب العدالة والتنمية وتحافظ على مكانها في السوق المحلية النيوليبرالية التي يديرها الحزب. كما أنها تحتفظ بنظام التدقيق الداخلي لديها بعيداً عن البرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية. وأخيراً، تطورت شركة (OYAK) بشكل مستقل عن الصناعة الدفاعية، والتي تعد مجالاً رئيسياً للاختلاف بين شركات الجيش التركي ونظيراتها في الجانب المصري.

مصر

التطور التاريخي

قام جمال عبد الناصر، أول رئيس عسكري مصري، بضخ بيروقراطية الدولة ومؤسسات القطاع العام بضباط عسكريين في الخدمة ومتقاعدين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. ومن خلال العمل على نموذج التصنيع البديل للواردات، اعتمدت الأنشطة الصناعية العسكرية المبكرة على تمويل الدولة السخي المستمد من تأميم الشركات الأجنبية والبنية التحتية مثل قناة السويس والمساعدات من الاتحاد السوفييتي ودول الخليج. ومع استمرار مصر في حروب داخلية وإقليمية مديدة، لم تكن مصر استثناء لنمط التنمية المشتركة في البلدان النامية في ذلك الوقت: كان يُنظر إلى الجيش على أنه المؤسسة الوحيدة ذات القدرة التقنية والوسائل التنظيمية للدفع بالتنمية.25

استثمرت مصر بشكل كبير في صناعة الأسلحة المحلية في سياق الصراع مع إسرائيل، إلا أن هزيمة حرب العام 1967 وجهت ضربة إلى الهيبة العسكرية المصرية. وكان خليفة ناصر، الرئيس السابق أنور السادات الذي هو نفسه ضابط عسكري، قد شن هجوماً مباغتاً على القوات الإسرائيلية في سيناء العام 1973 للمساعدة في استعادة هذه الهيبة. لكن عوضاً عن ذلك، استنفد المجهود الحربي ميزانية الدولة وسرّع الصعوبات الاقتصادية، لذلك لم يكن لدى السادات الكثير لإنفاقه على الصناعة الدفاعية أو على الفوائد والمزايا المباشرة للضباط. بعد أن وقّع السادات على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل العام 1979، أنشأت وزارة الدفاع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية من أجل إعادة توجيه أنشطة الجيش نحو الإنتاج المدني.26

على الرغم من أن اتفاقية السلام خفّضت الجيش المصري إلى ما بين 300,000 و 450,0000 عنصر، إلا أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لا يزال يستخدم الأفراد العسكريين للعمل في مشاريع الجهاز المدرة للربح. بالإضافة إلى هذا الجهاز، شاركت العديد من الوحدات العسكرية، خاصة في المجالات التقنية أو اللوجستية، في الأنشطة الاقتصادية المدنية. كان لهذه الوحدات منحى لغوي مشترك حول هذه المشاريع: كان الهدف منها تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الحربي وتخفيف الضغط على الميزانية وتطوير الاقتصاد الوطني.27

طوال حقبة الثمانينيات، استفاد جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والوحدات العسكرية المتخصصة الأخرى من اقتصاد شبه ليبرالي حافظ على جوانب دولة الرفاهية في عهد ناصر. في السبعينيات، أنهى السادات خطط ناصر الطموحة في مجال التصنيع لاستبدال الواردات وحاول تحرير اقتصاد ما بعد الحرب من خلال سياسات الانفتاح التي قام بها، إلا أن انتفاضة الخبز أوقفت هذه المحاولة. وقام خليفة السادات، الرئيس حسني مبارك بإبطاء هذا التحرير الاقتصادي وجعل الجيش مورّداً وموزعاً رئيساً للجوانب الأساسية لدولة الرفاهية، بما في ذلك الخبز المدعوم والمواد الغذائية الأخرى. ثم كلّف مبارك الجيش بمشاريع الإنشاء العامة الكبرى. سرعان ما تطوّر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية إلى كيان "شبه حكومي" مترامي الأطراف يتولى مهام حكومية مختلفة.28

في بداية الأمر، ركّز الجهاز على الإنتاج الغذائي من خلال الاستصلاح والاستزراع التجاري لمئات آلاف الأفدنة من الأراضي.29 قامت الشركات العسكرية بتحسين ومعالجة السلع الزراعية، ثم بيعها في منافذ مدعومة تابعة لقواعد عسكرية. في الوقت نفسه، نمت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتصبح واحدة من أكبر المقاولين لمشاريع الإنشاءات العامة مثل المطارات والملاعب والطرق والجسور والمدارس والمستشفيات والإسكان الاجتماعي. غالباً ما تولّت الوحدات العسكرية الفردية مسؤولية الأنشطة المتعلقة بمسؤوليتها العسكرية الأساسية مثل سلاح الإشارة الذي مدّ خطوط الهاتف للحكومة.30

في التسعينيات من القرن الماضي، وسّع الجيش المصري مشاريعه الاقتصادية المدنية، وهو جهد تم بفضل التحرير الاقتصادي وخطط تحويل الدفاع. في العام 1992، اعتمد مبارك خطة إصلاح من صندوق النقد الدولي تنطوي على تخفيضات في الإنفاق العام،31 وسمح للجيش بتوسيع مشاريعه التجارية لمنع تمرد محتمل للضباط. لم تعد الدولة قادرة على الحفاظ على صناعة أسلحة كبيرة من دون استثمار رأسمالي مستدام ومداخل أفضل إلى التكنولوجيا الغربية، لذلك شرع الجيش في عملية تحويل الدفاع، باستخدام المصانع والمعدات الرأسمالية المخصصة سابقاً لإنتاج الأسلحة للتصنيع المدني بدلاً من ذلك. قامت المصانع العسكرية التي كانت جزءاً من وزارة الإنتاج الحربي أو الهيئة العربية للتصنيع التي يديرها الجيش بتحويل جزئي للمصانع العسكرية التي كانت تستخدم في إنتاج الذخائر والصواريخ والطائرات الأساسية لإنتاج السلع مثل الغسالات والثلاجات والتلفزيونات وأدوات المطبخ والأسمدة والمبيدات والسيارات والشاحنات. وواصل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية توسيع أعماله الزراعية من خلال الاستيلاء على الأراضي واستصلاحها خلال الفترة نفسها.32

شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مزيداً من التوسّع في مؤسسات الشركات العسكرية. فقد سارع مبارك إلى تحرير الاقتصاد، لكنه بدأ أيضاً في إعداد ابنه المدني جمال ليخلفه ويصبح أول رئيس غير عسكري منذ الخمسينيات. ومن أجل إرضاء الضباط العسكريين، وسّع مبارك الامتيازات الاقتصادية للضباط وجعلهم في وضع يستفيدون فيه من سوق العولمة. وتحت تأثير جمال، قامت مصر ببيع عدد من شركات القطاع العام للشركات المحلية والأجنبية. وقام الجيش بشراء أو الحصول على بعض من هذه الشركات، بالطبع من دون أي مدفوعات موثّقة. على سبيل المثال، استولى جهاز الصناعات والخدمات البحرية على الشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن وترسانة الإسكندرية وشركة النيل للنقل النهري في الأعوام 2003 و2007 و2008 على التوالي.33

وفي العام 2004، استحوذت الهيئة العربية للتصنيع على مصنع تصنيع عربات السكك الحديدية الوحيد في مصر، والمعروف باسم (سيماف).34 عززت عمليات الاستحواذ هذه تواجد الجيش في الشحن البحري والنقل الداخلي. وأطلق الجنرالات الذين يديرون عمليات الشراء وفتح المشاريع الجديدة خطاباً مألوفاً، مؤكدين أن هدفهم الرئيسي كان ضمان الاكتفاء الذاتي للجيش، والمساعدة في تحديد الأسعار، وتحدي احتكارات القطاع الخاص في السوق المحلية.35

الأسس والامتيازات القانونية

لا يوجد قانون واحد يحدد الأساس أو الهيكل التنظيمي الذي يحكم المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش المصري.، إلا أن كل كيان أو مجموع كيانات يعود في إنشائه إلى قانون أو مرسوم منفصل صادر عن الرئيس أو وزير الدفاع أو وزير الإنتاج الحربي. على سبيل المثال، أنشأ المرسوم الرئاسي الرقم 32 للعام 1979، جهاز مشروعات الخدمة الوطنية كمؤسسة ذات شخصية اعتبارية خاصة بهدف المساعدة في بناء الاقتصاد الوطني. مرسوم رئاسي آخر الرقم 583 للعام 198 أعطى الصلاحية للجهاز للتعاون مع رأس المال الخاص المحلي ورأس المال الأجنبي.36 وقبل الانتقال إلى التصنيع المدني، تم إنشاء الهيئة العربية للتصنيع كمؤسسة دولية في العام 1975 لتأسيس شراكة لتصنيع الأسلحة بين مصر ودول الخليج المنتجة للنفط. وعندما انسحب الشركاء الخليجيون في العام 1979 في أعقاب اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، أصبحت الهيئة العربية للتصنيع مجرد مجموعة افتراضية من المصانع لكنها حافظت على جميع الحصانات والإعفاءات القانونية لتكتل دولي من خلال القانون الرقم 30 للعام 1979. حافظت مصانع الهيئة على هذه الامتيازات مع تحوّلها الجزئي إلى التصنيع المدني في أوائل التسعينيات. كما أنشأت هيئة القوات المسلحة شركات وشركات فرعية بموجب مرسوم رئاسي أو وزاري، على سبيل المثال تم إنشاء جهاز الصناعات والخدمات البحرية بموجب المرسوم الرئاسي الرقم 204 للعام 2003.

واصلت الدولة على مدى عقود، تقديم مزايا خارج نطاق القانون وإعانات مالية إلى مؤسسات الشركات العسكرية. في الثمانينيات، أسّس الجيش الحقوق القانونية على قطع الأراضي الكبيرة التي تم استخدامها كقواعد عسكرية خلال زمن الحرب وكذلك على مناطق حضرية أخرى. استخدم الجيش هذه الأراضي لمشاريع البناء الخاصة به أو باعها للمُستصلحين.37 في العقد نفسه، أعفت سلسلة من القوانين واردات وصادرات وزارة الدفاع ووزارة الإنتاج الحربي وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من الجمارك ومجموعة من الضرائب والرسوم. إن القانون المنشئ للهيئة العربية للتصنيع ككيان دولي قد أعفاها من جميع أنواع الضرائب والرسوم والجمارك على جميع الواردات والصادرات،38 وفي العام 1991، أعفت المادة الرقم 29 من القانون الرقم 11 السلع والخدمات العسكرية المباعة محلياً من ضريبة المبيعات.39 جعل النظام الأساسي لوزارة المالية المرفق بهذا القانون هذه المادة قابلة للتطبيق على منتجات جميع إدارات وهيئات وزارة الدفاع ووزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع.40 علاوةً على ذلك، أعفى القانون الرقم 91 للعام 2005 الأرباح السنوية لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من ضريبة الدخل ورسوم الدولة الأخرى. وهكذا تتمتع الشركات العسكرية في مصر بامتيازات مالية مقارنة باللوائح التي تحكم القطاع الخاص والعام غير العسكري.41

حجم وقطاعات الاستثمار

بحلول نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت المؤسسات المدنية التابعة للجيش قد تجاوزت قدرة المراقبين على قياسها. ففي بداية انتفاضات 2011، أصبحت هذه الشركات العسكرية تحت مظلة ثماني تكتلات وهيئات. التكتل الأول هو جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الرئيسي الذي يضم اثنين وثلاثين شركة مع شركات تابعة تعمل في عدد من القطاعات. والثاني هو وزارة الإنتاج الحربي التي كانت آنذاك مجموعة من 20 مصنعاً وشركة تعمل في مجال التصنيع المدني والدفاعي. والتكتل الثالث هو الهيئة العربية للتصنيع وهو مجموعة من أحد عشر مصنعاً تعمل أيضاً في الإنتاج المدني والدفاعي. والرابع هو الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الخاصة بالمهندسين العسكريين وتعمل كمقاول شبه حكومي لمشاريع الإنشاءات الحكومية الكبيرة. والخامس كان جهاز الصناعات والخدمات البحرية، الذي كان يدير أربع شركات لبناء السفن والنقل النهري. والسادس كان إدارة النوادي والفنادق التي تدير الفنادق الفاخرة وقاعات الزفاف والمطاعم والمقاهي. والسابع هو إدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة التي قامت ببناء وإدارة المستشفيات العسكرية التي تقدم خدمات طبية برسوم إلى المدنيين. والتكتل الثامن هو جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة الذي أدار بيع وتطوير الأراضي المملوكة للجيش، بما في ذلك منح التراخيص والموافقات لاستخراج الموارد مثل التعدين. كما منح الجيش الموافقة لمستثمرين من القطاع الخاص لاستخدام الأراضي والمحاجر المعدنية التي تسيطر عليها بشكل غير رسمي.42

مع وصول السيسي إلى السلطة في العام 2013، كانت القوات المسلحة المصرية تمتلك شركات في كل قطاع تقريباً في الاقتصاد المحلي. إذ يمتلك الجيش المصري، مثل نظيره التركي، مرافق تصنيع لإنتاج الأسمنت والصلب والمركبات (سيارات الركاب وسيارات مترو الأنفاق وعربات السكك الحديدية والجرارات) والكيماويات الزراعية (خاصة الأسمدة) والطاقة (تجارة التجزئة للبترول)، كما قدم خدمات في الإنشاءات العامة (بما في ذلك محطات تحلية المياه) والتعدين والخدمات اللوجستية وتجارة التجزئة. إضافة، امتلك الجيش مصانع لتصنيع الأدوية والأغذية المصنعة والمكررة والأجهزة المنزلية وأدوات المطبخ وأجهزة الكمبيوتر والمعدات البصرية. كما قام باستصلاح مئات آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية وبنى الجسور والفنادق ذات القاعات المربحة للمناسبات الخاصة والمنتجعات الساحلية مع منازل الصيف الفاخرة والمباني السكنية والفلل الفخمة. وأدار محطات وقود وشركات شحن وشركات تنظيف محلية ومواقف السيارات. وخصصت الدولة آلاف الأميال من الأراضي للجيش لبناء طرق سريعة وتحصيل رسوم الاستخدام. كما هو موضح بالتفصيل في الأقسام أدناه، دخلت هذه الشركات في قطاعات جديدة مهمة تحت الإدارة الحالية.

يكاد يكون من المستحيل احتساب العدد الدقيق وتقدير الربح السنوي للمؤسسات العسكرية المصرية لأنها غير خاضعة إلى الضريبة ولا تخضع للتدقيق الرسمي وغير مدرجة في سوق الأسهم. يقدّر روبرت سبرينغبورغ حجمها بين خمسة وأربعين في المائة من الاقتصاد الوطني للبلاد ويؤكد أنها تجني مليارات الدولارات.43 وقد قام باحتسابها الاقتصادي أحمد النجار بنسبة 1.8 في المائة فقط في العام 2013.44 كما قدم الرئيس المصري تقديراً، مؤكداً أن الجيش يشكل 2 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في العام 2014.45 ويؤكد يزيد صايغ أن رقم السيسي قد يكون أكثر دقة من الآخرين، موضحا أنه "على الرغم من بروز الاقتصاد العسكري والتعزيز الذاتي الكبير له، إلا أن هذا الاقتصاد يفعل أقل بكثير مما يدّعيه ممثلوه أو منتقدوه. . . فالتقديرات المضخمة تخلط بين الملكية والسيطرة والتأثير."46

الهيكل والإدارة والعمل

بالمقارنة مع نظيراتها التركية، تفتقر الشركات العسكرية المصرية إلى كلٍ من الهيكل الإداري المركزي وفِرق من المدراء المدنيين المحترفين لتصميم وتنفيذ التخطيط الاستراتيجي. ليس لدى مصر كيان واحد لتنسيق الاستثمارات العسكرية، وتنتشر الشركات والشركات الفرعية التابعة للجيش تحت جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة العربية للتصنيع ووزارة الدفاع ووزارة الإنتاج الحربي والهيئة الهندسية للقوات المسلحة. في كثير من الأحيان تتداخل مجالات الاستثمار الخاصة بهم كما أنها تتنافس في السوق المحلية. على سبيل المثال، يمتلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية مزارع تجارية ويستثمر في الأطعمة المصنعة، ويقوم بذات الأمر العديد من الوحدات الأخرى في الجيش. كما يدير الجهاز مجمّعاً كبيراً من المواد الكيميائية الموجهة نحو الإنتاج المدني، إلا أن وزارة الإنتاج الحربي أنشأت أيضاً ثلاثة مصانع كيميائية تنتج سلعاً مماثلة. ينتج قسم الحرب الكيميائية المبيدات الحشرية والأدوية والمنظفات والخل، ويقدم بعض السلع ذاتها التي ينتجها المجمع الكيميائي التابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية. وتتداخل حالياً العديد من المصانع التي خضعت للتحويل الدفاعي في وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع في إنتاج أصناف مثل سيارات الركاب والشاحنات وأدوات المطبخ والأجهزة المنزلية وأجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر الشخصية ومعدات الري.47

بصرف النظر عن غياب الإدارة التنسيقية، تفتقر الشركات العسكرية المصرية إلى الإدارة التكنوقراطية. فهي توظف خبرات مهنية فقط في الرتب الإدارية المتوسطة- كبار المدراء للمؤسسات الاقتصادية العسكرية يكونون إما ضباط في الخدمة أو متقاعدون.

على سبيل المثال، يتم تعيين رئيس الأركان السابق الأحدث دائماً كرئيس لمصانع الهيئة العربية للتصنيع الأحد عشر بغض النظر عما إذا كان لديه خبرة في التصنيع أو إدارة الأعمال. وفي حين أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية يوظف مهندسين مدنيين وميكانيكيين ومحاسبين وأطباء، إلا أن شاغلي الإدارة العليا لشركاتها وفروعها هم دائماً برتبة لواء أو عقيد الذين بحكم ذلك قضوا كامل حياتهم المهنية في الجيش. يتم إدارة مشاريع الإنشاءات العامة الخاصة بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة من قبل رئيس المهندسين العسكريين الذي قد تكون خبرته في الخدمات اللوجستية العسكرية ليست ذات صلة بمشاريع مثل تشييد فنادق كبيرة أو طرق سريعة على المستوى الوطني. علاوةً على ذلك، فإن جميع كبار المسؤولين في مصانع وزارة الإنتاج الحربي هم برتبة لواء. وبالتالي تعتمد الشركات العسكرية المصرية على الضباط العسكريين في مستوى الإدارة الأعلى.

تعتمد المشاريع العسكرية على نوعين من العمّال: المجندين الذين يعملون إما كعمال بلا مقابل أو كعمال بأجر ضعيف والعمال المهرة. تسمح قوانين ومراسيم التجنيد، ولاسيما القانون الرقم 127 للعام 1980، للجيش بإجبار مئات الآلاف من الشباب الذكور كل عام على الخدمة لفترة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، معظمهم يعملون في المزارع التجارية ومحطات الوقود ومحلات المواد الغذائية التابعة للجيش ومواقع البناء وشركات إدارة المباني. في العام 2018، كان المجندون يمثلون 320,000 مجند من إجمالي 438,500 من أفراد الجيش،48 ويكسبون راتباً شهرياً يبلغ حوالي 35 دولاراً فقط. بالنسبة للعمال العسكريين، يتم التعامل مع حالات التوقف عن العمل والإضرابات وكذلك الأخطاء أو الحوادث في مكان العمل على أنها انتهاكات لقانون الأمن القومي، مما يؤدي بشكل روتيني إلى المقاضاة وإصدار أحكام قاسية في المحاكم العسكرية. وفي انتهاك لقوانين النقابات الوطنية في مصر، لا يُسمح للعاملين في الشركات العسكرية بتشكيل نقابات.49 وعلى النقيض من ذلك، يتمتع العمال المدنيون بأجور أعلى وإمكانية الحصول على السكن الاجتماعي واستحقاقات الرعاية الصحية.

التمويل وتوزيع الأرباح

تعتمد استثمارات الجيش المصري على موارد الدولة من أجل رأس المال. على الرغم من تخفيضات الميزانية نتيجة لسياسات الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الجيش المصري يواصل الوصول إلى رأس مال كبير من خلال المخصصات الحكومية. في العام 2010، شكّلت ميزانية الجيش 6.1% في آخر ميزانية عامة في عهد مبارك. وعلى الرغم من انخفاض ذلك إلى 4.9% من الإنفاق الحكومي في السنة المالية 2015-2016، إلا أن المبلغ الفعلي الذي تلقاه الجيش من الميزانية العامة زاد بشكل ملحوظ من تلك السنة وصاعداً. فبينما تلقى الجيش 4.4 مليار دولار في السنة المالية 2010-2011، تلقى 5.6 مليار دولار في 2015-2016. علاوة على ذلك، تستمر السياسات التي بدأت في الثمانينيات في توليد رأس مال كبير للجيش. إحدى هذه السياسات هي حق بيع الأراضي، بما في ذلك مواقع القواعد العسكرية التي أخلتها بعد حرب 1973.50 سياسة أخرى تتمثّل في المرسوم الرئاسي الرقم 253 للعام 1985، الذي يخصص 10 ملايين دولار شهرياً من عائدات إنتاج النفط في البلاد لتمويل العقود الحكومية مع القوات المسلحة.51 وبصفته المقاول المهيمن لمشاريع الإنشاءات العامة، يدر الجيش دخلاً إضافياً من ميزانيات الوزارات المدنية التي تخصص مشاريع الإنشاءات العامة إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. وأخيراً، تقوم الهيئات والشركات بتحصيل رسوم يومية بقيمة ملايين الجنيهات المصرية من تشغيل الطرق السريعة وإدارة الفنادق ومنح التراخيص وتأجير اللوحات الإعلانية وتأجير ملاعب كرة القدم وقاعات الأفراح وأماكن الفعاليات الأخرى.52

بسبب الافتقار إلى المساءلة والشفافية العامة، يكاد يكون من المستحيل تقدير مقدار الأرباح التي تحققها الشركات العسكرية المصرية سنوياً أو حجم رأس المال الذي تراكمه، أو ما إذا كان رأس المال هذا يتم إعادة استثماره في المشاريع نفسها أو غيرها. غالباً ما يدلي الضباط الإداريون أو الضباط المتقاعدون في الشركات العسكرية بتصريحات للصحف الوطنية حول الأرباح المبالغ فيها، ولكن من الصعب التحقق من هذه الادعاءات. على سبيل المثال، أعلن وزير الإنتاج الحربي أن الشركات العشرين ضمن تكتله حققت صافي دخل قدره 680 مليون دولار في 2018 و 525 مليون دولار في العام السابق،53 وصرح رئيس الأركان المتقاعد الذي يرأس حالياً الهيئة العربية للتصنيع أن مؤسساته الإحدى عشر تحقق "ربحاً جيداً وبلا خسائر"، من دون ذكر أي أرقام.54 لا يمكن التحقق من صحة هذه الادعاءات، إلا أن صايغ يعرب عن شكوك كبيرة حول ربحية المشاريع العسكرية.55 ناقش السيسي إدراج الشركات العسكرية علناً في سوق الأوراق المالية، مما قد يعني أنها بحاجة إلى رأس المال الخاص.56 عندما وضع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مسؤولة عن مشروع قناة السويس الجديدة في العام 2015، سحبت الهيئة قروض مصرفية جديدة ومساهمات عامة بدلاً من الاعتماد فقط على رأس المال المتاح بالفعل للجيش.

غالباً ما تسعى الشركات العسكرية إلى شراكات أجنبية للحصول على استثمارات جديدة والوصول إلى التكنولوجيا. كان رأس المال من الخليج أسهل ما يمكن تأمينه. في السنوات الأخيرة، استثمرت الشركات الإماراتية والسعودية بكثافة في مشاريع الإنشاءات الضخمة التي تقودها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مثل مشروع السيسي الخاص بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشاريع الإسكان الاجتماعي.57 يتعاون الجيش أيضاً مع الشركات الأوروبية والصينية التي تقدم بشكل أساسي المدخلات التكنولوجية والتراخيص والشهادات وأحياناً القروض. عندما استحوذت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على المشاريع الرئيسية للشركة القابضة لكهرباء مصر المملوكة للدولة لبناء محطات كهرباء فرعية جديدة، دخلت في شراكة مع شركة سيمنس الألمانية وحصلت على قروضاً من البنوك الألمانية.58 كما قامت وزارة الإنتاج الحربي ببناء مصنع كبير للصلب بالتعاون مع شركة ألمانية أخرى تدعى SMS Siemag، بالإضافة إلى شركات صلب أخرى متعددة الجنسيات.59 عزز جهاز الصناعات والخدمات البحرية العلاقات الجيدة مع الشركات الصينية وأوروبا الشرقية والفرنسية لمشاريعها، بينما تقوم الشركة الوطنية للزراعات المحمية التي تم إنشاءها حديثاً من قبل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالعمل مع الشركات الإسبانية والصينية لبناء بيوت زجاجية.60

على النقيض من الحالة التركية، لا يوجد في مصر توزيع واسع النطاق للأرباح على جميع أفراد القوات المسلحة من الإيرادات التي تحققها الشركات العسكرية. وبدلاً من ذلك، فإن المستفيدين الرئيسيين هم كبار الضباط الذين يشغلون مناصب إدارية وتنفيذية عليا في المؤسسات العسكرية، وبشكل رئيسي أولئك الذين يحملون رتبة لواء وعقيد. يتم التعيين في مثل هذه المناصب ذات الامتيازات فقط الضباط الأكثر ولاءً والأعلى رتبة، والتي تكمل دخلهم الشهري. يستفيد الضباط من ذوي الرتب الدنيا من الشركات من خلال الامتيازات بدلاً من الأرباح الموزعة، ويتمتعون بإمكانية الحصول على سكن وخدمات بأسعار معقولة في المستشفيات والفنادق والنوادي ومحلات السوبر ماركت ومحطات الوقود المملوكة للجيش.

الظروف السياسية الحالية

في حين بدأ مبارك في توظيف أعداد كبيرة من الضباط المتقاعدين في المناصب الحكومية الرئيسة للسيطرة على اقتصاده المحرّر طوال التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، استعان السيسي بضباط متقاعدين على نطاق أكبر.61 على مدى السنوات الست الماضية، عزز السيسي نظاماً عسكرياً جديداً وعيّن عدداً غير مسبوق من الضباط المتقاعدين في المناصب البيروقراطية العليا في الدولة من وزراء ونواب وزراء ومحافظين إلى رؤساء هيئات حكومية رئيسية وشركات قابضة مملوكة للدولة. وقد عزّزت هذه القوة السياسية المصالح الاقتصادية للجيش وساعدت على توسيع غير مسبوق مماثل لمؤسساته المدنية. بالإضافة إلى ذلك، واصل السيسي الإصلاحات النيوليبرالية، المبتكرة والمدعومة بقرض كبير من صندوق النقد الدولي.

منذ تعزيز القوة العسكرية في ظل إدارة السيسي، كانت الهيمنة الاقتصادية لمؤسسات الجيش واضحة. يواصل الجيش توسيع أعماله الزراعية من خلال إضافة مئات آلاف الأفدنة من الأراضي من خلال خطط الاستصلاح إلى جانب الاستمرار في السيطرة على صناعة الأسمنت والصلب وبناء وإدارة الفنادق الفاخرة وتصنيع وتجارة المستحضرات الصيدلانية والاستيلاء على شركات الأسماك القائمة وتوسيع سلاسل محطات الوقود. تتحكم شركة الأدوية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي في تزويد وزارة الصحة بإمدادات الأدوية وحليب الأطفال، وقد استولى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على آلاف الأميال على طول الساحل الشمالي لمصر من أجل مشاريع تربية الأحياء المائية. الأهم من ذلك، أصبحت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المقاول الوحيد تقريباً للإنشاءات العامة، على الرغم من أنها تتعاقد مع مقاولين فرعيين مدنيين. كما تولت الهيئة إدارة قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة مع بناء مساكن بأسعار معقولة وجسور وطرق سريعة ومدارس عامة ومستشفيات عامة. ودخلت الآن كيانات عسكرية أخرى من دون خبرة سابقة في الإنشاءات العامة في نفس القطاع من أجل الاستفادة من هذا الوضع، مثل شركة الاستشارات الهندسية والمقاولات التي أنشأتها وزارة الإنتاج المحلي مؤخراً وشركة العربية العالمية للبصريات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.62 في حين أن استثمارات شركة (OYAK) التركية في الإنشاءات ضئيلة إلى حد كبير مقارنة بتركيزها على القطاعات الأخرى، فقد ركز الجيش المصري مؤخراً معظم أنشطته في هذا القطاع بالذات.63

علاوةً على ذلك، اكتسحت الشركات العسكرية المصرية قطاعات جديدة لتأمين قبضتها على مجتمع ما بعد الثورة المتقلب سياسياً. يسيطر الجيش على شركات الإنتاج الإعلامي المستخدمة في الدعاية من خلال تمويل القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية على الإنترنت وشركات السينما مثل إيجل كابيتال- المجموعة المصرية للإعلام،64 ويدير شركات الأمن الخاصة المستخدمة لتأمين المراقبة في حرم الجامعات والأماكن العامة الأخرى من خلال مجموعة فالكون الدولية،65 ويمتلك حصصاً أو يسيطر على شركات تكنولوجيا المعلومات التي توفر خدمات الاتصالات اللاسلكية والإنترنت المستخدمة في المراقبة السيبرانية من خلال المصرية للاتصالات ومزود خدمات الهاتف المحمول التابع لها (WE) الذي يضم أعضاء مجلس إدارته دائماً رئيس أركان حرب سلاح الإشارة.66 كما سمحت حكومة السيسي مؤخراً لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بإنشاء شركة اتصالات ساتلايت لاسلكية جديدة.

كما انخرط الضباط العسكريون في القطاع المالي للمرة الأولى، وإن لم يكن ذلك من خلال امتلاك بنك خاص بهم مثل نظرائهم الأتراك. على سبيل المثال، يسيطر جهاز المخابرات العامة المصري، الذي يعمل فيه ضباط الجيش، على شركة استثمارية جديدة تسمى إيجل كابيتال للاستثمارات المالية، وأنشأ صندوق "تحيا مصر" الذي أسسه السيسي شركة "تحيا مصر" القابضة للاستثمار والتنمية، التي أسست مشروعاً مشتركاً مع بنك وطني.67 كما أنشأت شركة ثروة كابيتال القابضة للاستثمارات المالية التي يسيطر عليها الجيش شركة فرعية للرهن العقاري (تدعى Contact) وشركة أخرى للتأمين (تدعى Contact Insurance).68

على الرغم من الدور المركزي للسيسي في نمو وانتشار الاقتصاد العسكري، إلا أنه لا تزال التكتلات العسكرية لامركزية وتعمل من دون تنسيق من قبل الرئاسة. وعلى الرغم من أن السلطة النهائية لتحديد الوصول إلى الاقتصاد وإنفاق الدولة تتركز في السيسي كرئيس للبلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة، فإن الافتقار إلى التنسيق المركزي يسمح للكيانات العسكرية الفردية بالحصول على ربح مستقل، وأحياناً منافسة كيانات عسكرية أخرى. هذا الوصول هو الأكثر وضوحاً في سلسلة من القوانين الجديدة التي تسهل هيمنة الجيش على العقود الحكومية للإنشاءات العامة. على سبيل المثال، في العام 2016، قام البرلمان الذي تم اختيار أعضائه من قبل الأجهزة الأمنية للسيسي،69 بتعديل قانون المناقصات والمزايدات العامة، القانون الرقم 89 للعام 1998، من أجل السماح للوزراء المدنيين بإسناد الإنشاءات العامة لمقاولين عسكريين ومشاريع الإمداد دون اللجوء إلى عملية تقديم عطاءات عادلة وشفافة. من خلال نظام "إسناد مباشر"، حصلت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على عقود لمشاريعها الضخمة المذكورة أعلاه، والممولة في بعض الأحيان برأس مال إماراتي.70

التدقيق والرقابة العامة

كانت المشاريع الاقتصادية للجيش المصري تحت العديد من الرؤساء فوق المساءلة العامة والتدقيق، وتتمتع بالاستقلال المالي الكامل داخل الدولة وفقاً لدستورين صدرا بعد العام 2011. ففي دستور السيسي لعام 2014، تنص المادة 203 على أنه لا ينبغي تفصيل الميزانية العسكرية في ميزانية الدولة لإبقائها سرية ويجب مناقشتها فقط في مجلس الدفاع الوطني الذي يتكون معظم أفراده من ضباط. ويتم التشاور مع المجلس نفسه بشأن صياغة القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة. تنص المادة 201 على وجوب أن يكون وزير الدفاع ضابطاً. وبعبارة أخرى، لا يمكن لأي مدني أن يشغل هذا المنصب. تنص المادة 204 على أنه يمكن محاكمة المدنيين الذين يرتكبون أعمال عنف ضد المنشآت العسكرية أو موظفيهم أمام المحاكم العسكرية. وخارج إطار الجيش، لا يخضع صندوق "تحيا مصر" الذي أسسه السيسي وشركته القابضة، التي يبلغ رأسمالها مليارات جنيه مصري عدة ، لسلطة مراقبة أو تدقيق مستقلة، كما قام بتمويل العديد من المشاريع تستخدم شركات عسكرية كمقاولين أو موردين.71

هيئة الرقابة الإدارية هي المسؤولة عن تدقيق الإنفاق العام وتفتيش حسابات مشاريع القطاع العام، لكنها لا تمارس هذه السلطة على المؤسسات العسكرية. نشر الرئيس السابق لهذه الهيئة هشام جنينة تقريراً رسمياً مثيراً للجدل حول فساد كبير في الإنفاق العام في العام 2016، مع إشارات إلى تورط الجيش. وفي وقت لاحق، تم إقالة جنينة من منصبه، وتم القبض عليه وحوكم في محكمة عسكرية.72 منذ ذلك الحين ونجل السيسي هو ثاني مسؤول في هيئة الرقابة الإدارية التي يعمل بها عدد كبير من الضباط في الخدمة والمتقاعدين.73

العلاقة مع الصناعة الدفاعية

تطوّرت الشركات العسكرية المصرية إلى أبعد من جذورها في الصناعة الدفاعية في الخمسينيات والستينيات، وواجهت انتقادات علنية نتيجة لذلك. لعقود عدة، تم منع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني قانونياً من مناقشة الشؤون العسكرية، بما في ذلك أنشطتها التجارية. ومع ذلك، ظهر انتقاد مدني وتكثف لفترة وجيزة للغاية في أعقاب انتفاضات 2011. بين عامي 2011 و 2012، تحدثت منظمات المجتمع المدني ومجموعات غير رسمية من النشطاء ضد الهيمنة الاقتصادية للجيش والفساد المزعوم، مما سبب الاستياء للنظام الانتقالي الذي أداره المجلس الأعلى للقوات المسلحة. على سبيل المثال، ظهرت حملة شبابية في ذلك الوقت دعت إلى مقاطعة المنتجات الاستهلاكية العسكرية. ونشرت على صفحتها المعنونة "قاطعوا منتجات القوات المسلحة" صوراً للعلامات التجارية المختلفة الخاصة بالجيش من السيارات والأغذية المعلبة والمبيدات الحشرية والأجهزة المنزلية والمعكرونة، وحثت المواطنين على عدم شرائها.74 وقامت حملة شعبية أخرى في الشارع بعنوان "العسكر كاذبون" بعرض مقاطع فيديو للقمع الوحشي من قبل الجيش للمتظاهرين إلى جانب بيانات عن المنتجات المدنية للجيش.75 بالتوازي مع ذلك، قام عمال وموظفون في الشركات العسكرية بإضرابات واعتصامات واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على فساد مديريهم من الضباط والمطالبة بأجور عادلة ومعاملة إنسانية. تدخلت الشرطة العسكرية بسرعة لتفريق اعتصامات العمال، وأصدر المجلس العسكري للقوات المسلحة قانوناً يحظر الإضرابات العمالية ويحاكم المخالفين في المحاكم العسكرية.76

اختفت هذه اللحظة النادرة من الانفتاح للنشاط المدني مع صعود السيسي إلى السلطة، على الرغم من أن ناشطين أفراد عبروا عن انتقادات من المنفى. ففي أيلول/سبتمبر 2019، نشر رجل أعمال مصري يدعى محمد علي كان قد قام بأعمال تجارية مكثفة مع الشركات العسكرية في الماضي، سلسلة مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي توضح بالتفصيل الفساد المنتشر في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والشركات الأخرى المملوكة للجيش. وعلى الرغم من جني مئات الملايين من الجنيهات في صفقات فاسدة مزعومة مع الجيش، إلا أن مقاطع الفيديو التي نشرها ودعوته للإطاحة بالنظام العسكري للسيسي انتشرت بصورة واسعة. وتجمهر آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير، لكن الأجهزة الأمنية قمعت الاحتجاجات وضاعفت من نظامها المكثف الخاص بالمراقبة الإلكترونية للنشطاء والمتظاهرين.77 حتى الآن، غض المجتمع الدولي الطرف عن أعمال الجيش المصري وسيطرته الاقتصادية على البلاد بشكل عام. وتستمر مبيعات الأسلحة المربحة والتعاون الاستراتيجي في جهود مكافحة الإرهاب، ولا تزال قوى مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة صامتة بشأن هذه القضية.78

خلاصة القول أن الشركات العسكرية في الجيش المصري خرجت من الصناعة الدفاعية المتدهورة، لكنها توسعت إلى إمبراطورية تجارية تسيطر الآن على الاقتصاد. تحوّلت القوة السياسية المتزايدة للجيش، والتي ولدت من التهميش السياسي للجيش في السبعينيات والثمانينيات، في العقود التي تلت ذلك إلى تكتلات استفادت من نظام اقتصادي متغيّر بينما تتمتع بمجموعة من المزايا القانونية وامتياز الوضع في كل من القطاعين الخاص والعام. أثناء عملية التحرير الاقتصادي، قام الجيش بتعديل خطابه العام لتبرير موقفه الاقتصادي الذي يزداد قوة. المؤسسات التجارية العسكرية التي تفتقر إلى إدارة مركزية وتكنوقراطية هي مجزأة بين هيئات ووحدات متنافسة، وتبدو قدرتها على توليد الأرباح وإعادة استثمار رأس المال محدودة على الرغم من الحصول على العمالة الرخيصة والأراضي المملوكة للدولة مجاناً والدعم العام والإعفاءات الضريبية. وعلى الرغم من أن معظم هذه الشركات هي جزءاً رسمياً من القطاع العام لأنها مملوكة لوزارة الدفاع أو وزارة الإنتاج الحربي، إلا أنها مستقلة تماماً ولا تخضع للتدقيق العام. في ظل إدارة السيسي للبلاد، انخرطت هذه الشركات في قطاعات جديدة من أجل تعزيز نمو الاقتصاد العسكري.

الاستنتاجات المقارنة وتوصيات السياسة

على مدار عقود، أنشأت المؤسسات العسكرية التركية والمصرية شركات اقتصادية مدنية مهيمنة في القطاعات الرئيسية. ففي تركيا، نمت شركة (OYAK) من صندوق للمعاشات التقاعدية لتصبح واحدة من أكبر الشركات القابضة وأكثرها ربحية في البلاد. وفي مصر، انخرطت التكتلات المملوكة للجيش في الهيمنة أو أثبتت هيمنتها في العديد من مجالات الأعمال المدنية. في كلا البلدين، تطورت هذه الشركات في الغالب في بيئة سياسية كان الجيش إما يسيطر فيها بالكامل على الحكومة أو تدخل بشكل مكثف في السياسة وفي بيئة اقتصادية تنتقل من استراتيجية التصنيع لاستبدال الواردات والتخطيط المركزي إلى تحرير السوق.

أوجه التشابه بين المؤسستين التجاريتين العسكريتين مذهلة. فكلاهما يستثمر في قطاعات التصنيع الثقيلة، وكلاهما يمتلك مصانع في الصلب والأسمنت وإنتاج السيارات. وكلاهما منخرط في قطاع الطاقة، سواء كان الطاقة الكهربائية في الحالة التركية أو التجزئة البترولية في الحالة المصرية. بدأت شركة (OYAK) التركية الاستثمار في القطاع المالي في الثمانينيات، بينما دخل الجيش المصري هذا المجال في العقد الثاني من القرن الحالي. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الشركات المدنية لكلا الجيشين بامتيازات قانونية وإعفاءات ضريبية سمحت لها بالاستفادة من البيئات الاقتصادية الحمائية والليبرالية. عندما حررت تركيا ومصر اقتصاداتهما، استفادت المؤسسات العسكرية من الخصخصة للحصول على شركات القطاع العام مجاناً أو بأسعار منخفضة للغاية. إن القوة السياسية التي تتمتع بها القوات المسلحة في كلا البلدين قد ساعدتهم بالتأكيد في الحصول على هذه الامتيازات التجارية، إلا أن الجيش التركي تمكن من الحفاظ عليها حتى بعد التهميش السياسي في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية. ويهيمن كل من الجيشين التركي والمصري على التجارة العامة والخاصة في السوق المحلية، لكن شركة (OYAK) تفضل بشكل أساسي ممارسات احتكار القلة، كما هو الحال في مجال الأسمنت والصلب، في حين يسعى الجيش المصري إلى احتكار قطاعات مختارة، وخاصة الإنشاءات العامة والأعمال التجارية الزراعية.

وفي حين أن الجيشين التركي والمصري يشتركان في أوجه تشابه كلاعبين اقتصاديين مهيمنين، إلا أنهما يختلفان على مستويات عديدة. أحد الاختلافات الرئيسية هو أن شركة (OYAK) تتمتع بنظام إداري مركزي للغاية ومؤسسي ومحدّد جيداً من الناحية القانونية مع وجود مدراء تكنوقراطيين وقوة عاملة ماهرة. وهذا يسمح لها بأن تُدار باحتراف وكفاءة واتباع استراتيجياتها لتراكم رأس المال وإعادة استثمار الأرباح. وعلى النقيض من ذلك، فإن إدارة المشاريع العسكرية المصرية مشتتة للغاية، ويديرها ضباط من دون خبرة فنية، وغالباً ما يكون المجنّدون عمالة غير ماهرة وذات أجور منخفضة. يعيق الافتقار إلى التنسيق المركزي والفساد المزعوم ربحية الشركات العسكرية المصرية، كما أنها تعتمد على التمويل الحكومي أو الأجنبي لاستمرار العمليات. وفي حين أن استثمارات شركة (OYAK) في قطاع الإنشاءات صغيرة، فقد حقق الجيش المصري الكثير من أرباحه مؤخراً من احتكار هذا القطاع، وخاصة الإنشاءات العامة.

هناك مجال آخر للاختلاف يتعلق بالعلاقة بين التصنيع المدني وإنتاج الأسلحة. تأسست شركة (OYAK) التركية قبل صناعة الأسلحة في البلاد وتعمل بشكل مستقل عنها، في حين حوّل الجيش في مصر أجزاء كبيرة من الصناعة الدفاعية المتدهورة إلى إنتاج مدني ويواصل استخدام مرافق تصنيع الأسلحة واليد العاملة لإنتاج السلع الاستهلاكية.

خلال السنوات القليلة الماضية، أثّرت الظروف السياسية في تركيا ومصر على المؤسسات التجارية العسكرية بطرق مختلفة. ففي تركيا، يعاني الجيش من التهميش السياسي، إلا أن شركة (OYAK)، التي لديها نظام تدقيق مستقلاً، حافظت على استقلاليتها عن إشراف البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية. أما في مصر، بلغت القوة السياسية للجيش ذروتها في عهد السيسي، الذي عيّن عدداً غير مسبوق من الضباط المتقاعدين في المناصب العليا في الحكومة. ونتيجة لذلك، بلغت القوة الاقتصادية للجيش أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث جلبت معها امتيازات قانونية وهيمنة اقتصادية وفساد مزعوم. سمح حكم السيسي، إلى جانب التدفق الهائل للدعم المالي من الخليج، للجيش بالانتقال إلى القطاعات التي تستخدم في المقام الأول للمراقبة العامة والأمن السيبراني، بما في ذلك الأمن الخاص والاتصالات اللاسلكية ووسائل الإعلام- وهي مجالات لا تهتم بها شركة (OYAK).

في كلتا الحالتين، لم تسفر محاولات المجتمع المدني في تركيا ومصر لإثارة الانتقادات المحلية أو الدولية للأنشطة الاقتصادية للجيش عن نتائج، مما يشير إلى توصيات سياسية للإصلاح في كل حالة.

توصيات السياسة العامة لتركيا

المدى القصير
  • إزالة الامتيازات القانونية عن شركة (OYAK) مع الترتيبات القانونية الضمنية.
  • إزالة الإعفاءات الضريبية عن شركة (OYAK).
  • إزالة تصنيف أصول شركة (OYAK) كملكية للدولة، مع الامتيازات المرتبطة بها.
  • إلغاء العضوية الإجبارية في هيئات الضمان الاجتماعي الإضافية التي تنتهك الحريات الدستورية.
  • إنهاء الاقتطاعات الإجبارية من رواتب ضباط الصف.
  • حل النزاعات القضائية بين شركة (OYAK) وأعضائها في المحاكم المدنية.
المدى الطويل
  • حل شركة (OYAK)، وإنهاء وجود الجيش كممثل اقتصادي. التخطيط لهذه العملية مقدماً وتنفيذها من خلال لجنة من الخبراء القانونيين والماليين الذين يمثلون أصحاب المصلحة في شركة (OYAK) والمساهمين السابقين في شركة (OYAK).
  • تعزيز الحقوق المتساوية لجميع الأعضاء السابقين والحاليين في ممتلكات شركة (OYAK). وتقديم لوائح جديدة لتسهيل عملية الانتقال وأخذ هذه المسألة في الاعتبار خلال عملية حل شركة (OYAK).

توصيات السياسة العامة لمصر

المدى القصير
  • تطبيق قوانين وطنية للحد الأدنى للأجور على المجنّدين العاملين في الشركات المملوكة للجيش خلال فترة خدمتهم العسكرية.
  • تقنين نقابات العمال المدنيين والموظفين في المؤسسات المملوكة للجيش.
  • التوقف عن استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة العمال والموظفين المدنيين أو المجندين الذين يعملون في المؤسسات المملوكة للجيش.
  • إدراج جميع الشركات العسكرية في البورصة المحلية.
  • منح الجهاز المركزي للمحاسبات حق الوصول الكامل إلى حسابات الشركات العسكرية وضمان والدفاع عن استقلالية المدققين الحكوميين وسلامتهم.
  • الاستعانة بمدققين مدنيين ومستقلين لمراقبة الربح العسكري.
  • إلغاء جميع المزايا القانونية والإعفاءات الضريبية الممنوحة للشركات العسكرية حتى تدفع الضرائب والجمارك والتعريفات الجمركية وفقاً للقوانين السارية على القطاع العام.
  • إلغاء القانون الرقم 89 لسنة 1998 وممارسة "إسناد مباشر" في عطاءات مشاريع الإنشاءات العامة.
  • إلغاء القانون الرقم 143 لسنة 1981 والمرسوم الوزاري الرقم 367 للعام 1986، اللذان يضفيان الشرعية على سيطرة القوات المسلحة على أراضي الدولة.
المدى الطويل
  • تجريد الجيش بالكامل من الاقتصاد المدني، وإعادة الشركات المدنية التابعة للقوات المسلحة إلى الدولة وتكليف القوات المسلحة بالاستثمار فقط في الصناعة الدفاعية.
  • إنهاء التجنيد الإجباري وتغيير القانون الرقم 127 لسنة 1980 بناءً على ذلك.

هوامش

1 Yurdakuler Muzaffer ve Kaplan Kadri’nin, Ordu Yardımlaşma Kurumu kanunu teklifi ve Güvenlik ve İktisat komisyonları raporları (2/85), S. Sayısı: 202, 1.

2 محاضر الجمعية العامة للجنة الوحدة الوطنية، المجلد 5 (ب): 67-71.

3 عصمت أكشا، العسكرية والرأسمالية والدولة في تركيا (ساربروكن، ألمانيا: لاب لامبرت للنشر الأكاديمي، 2014)، 336.

4 شركة (OYAK) السنة الخامسة عشر (أنقرة: مطبعة جمعية التاريخ التركي، 1976)، 1، ومجلة (OYAK) (1971): 8.

5 أكشا، العسكرية والرأسمالية والدولة في تركيا، 336.

6 عصمت أكشا، "تكتل الجيش التركي (OYAK)،" في رجال الأعمال في الأسلحة: كيف يستفيد الجيش والجماعات المسلحة الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المحررون زينب أبو المجد وإلكه غرويرت (لانهام ميريلاند: رومان آند ليتلفيلد)، 79. قال المدير العام في رسالته للأعضاء أن "تحويل شركة (OYAK) إلى مؤسسة معولمة وذات سمعة دولية هو من بين أهدافنا."

7 انظر إلى خطاب المدير العام كوشكن يوليسوي في "Oyak İş Ortakları Toplantısı"، 7 سبتمبر، 2005، أنطاليا، http://www.oyak.com.tr، تم دخول الموقع في 10 سبتمبر 2005.

8 سولجوك ساكا، "حديث مع الأعضاء"، أكتوبر 2001 ويناير 2002. http://www.oyak.com.tr/uyelerle_sohbet200110.html وhttp://www.oyak.com.tr/uyelerle_sohbet200201.htmlتم دخول الموقع في 18 مارس 2003. في الجمعية العمومية لعام 2003م، أكد المدير العام لشركة (OYAK) على كيفية أن أرباح خمسة أشهر عوّضت عن كل الخسائر من بنك أوياك السابق. انظر مجلة أوياك (2004): 77.

9 صباح، "فازت شركة (OYAK) بعطاء إردمير" 5 أكتوبر 2005، http://arsiv.sabah.com.tr/2005/10/05/eko114.html، Oyak ‘Üçüncü Dev’ Oldu, Sabah ، 6 أكتوبر 2005، http://arsiv.sabah.com.tr/2005/10/06/eko101.html

10 كانت معدلات النمو لإجمالي أصول شركة (OYAK) بالليرة التركية بين عامي 1989 و 2001 هي 123 و 88 و 98 و 315 و 155 و 102 و 87 و 330 و 213 و 75 في المائة في السنوات المتعاقبة. انظر الأرقام في أكشا، العسكرية والرأسمالية والدولة في تركيا، 336.

11 انظر خطاب رئيس مجلس الإدارة اللواء المتقاعد يلدريم تركر في “Oyak İş Ortakları Toplantısı,” ، أنطاليا، 7 سبتمبر 2005.

12 تجدر الإشارة إلى أن جميع الشركات التابعة لشركة (OYAK) تدفع ضرائب منتظمة في حين أن (OYAK) كمؤسسة معفاة من الضرائب.

13 للحصول على أدلة تجريبية لهذه الامتيازات انظر أكشا العسكرية والرأسمالية والدولة في تركيا، 337-340، وعصمت أكشا، الهيكل العسكري الاقتصادي في تركيا: الوضع الحالي والمشاكل والحلول (إسطنبول: دار TESEV للنشر، 2010)، 11-12.

14 http://www.capital.com.tr/liderlik/buyumede-cift-haneli-hesaplar-haberdetay-7520تم دخول الموقع في 17 فبراير 2015. للحصول على مزيد من السنوات السابقة انظر كذلك، الهيكل العسكري الاقتصادي في تركيا، 10.

15شركة (OYAK)، التقرير السنوي لعام 2013، 27،http://content.oyak.com.tr/oyakdosyalar/media/editor/files/CORPORATE/annual-reports/ _ENG_2013_2TEM.pdf تم دخول الموقع في 10 يناير 2015.

16 يتم تعريف ضباط الاحتياط في الخدمة العسكرية الفعلية بأنهم أعضاء مؤقتون. لا يمكن أن يصبح المجنّدون أعضاء في شركة (OYAK). الأعضاء المؤقتون غير مستحقين للعوائد على مدخراتهم.

17 حتى منتصف التسعينات، كان سعر الفائدة المدفوع لهذه المساهمات أقل من معدل التضخم في كل عام دون استثناء. انظر الجدول في أكشا العسكرية والرأسمالية والدولة في تركيا، 327.

18 رأس المال، "نمو برقمين في الحسابات"، http://www.oyak.com.tr/TR/kurumsal/yonetim-kurulu-baskani-nin-mesaji.html، تم دخول الموقع في 14 أبريل 2020.

19 عصمت أكشا، "إعادة هيكلة العلاقات المدنية العسكرية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية،" ملتقى البحر الأبيض المتوسط، 2018-2019، 107.

20 البرلمان التركي، "تقرير لجنة البحث البرلمانية المنشأة لتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها من خلال التحقيق في جميع أبعاد الانقلابات والمذكرات التي تتدخل في الديمقراطية في تركيا وجميع المبادرات والعمليات الأخرى التي تجعل الديمقراطية غير صالحة للعمل"، 28 نوفمبر 2012، http://www.tbmm.gov.tr/arastirma_komisyonlari/darbe_muhtira/ تم دخول الموقع في 5 مارس 2014.

21 “OYAK da AB KriteriSayıldı,” Referans, June 19, 2004; “AvrupaOYAK’taİknaOldu,” Milliyet, August 9, 2004; and OYAK Dergisi (2004): 78.

22 القانون رقم 205، المادة 6.

23 كان الإعلان عن مشروع تحديث القوات المسلحة وتأسيس صندوق دعم الصناعة الدفاعية ومديرية الصناعة الدفاعية (التي كانت تعرف بعد عام 1989 باسم وكالة وزارة الدفاع) في عام 1985 عاماً حاسماً في هذا الأمر. كانت إدارة الصندوق ووكالة الوزارة لسنوات تديرها اللجنة التنفيذية للصناعة الدفاعية، المؤلفة من رئيس الوزراء ورئيس الأركان العامة ووزير الدفاع الوطني.

24 مؤسسة القوات المسلحة التركية، "قانون المؤسسة"، https://www.tskgv.org.tr/tr/vakif-yasasi تم دخول الموقع في نيسان/21 أبريل 2020.

25 أنور عبد الملك، مصر: المجتمع العسكري: نظام الجيش واليسار والتغيير الاجتماعي في عهد ناصر (نيويورك: راندوم هاوس، 1968)، ويزيد صايغ، الصناعة العسكرية العربية: القدرة والأداء والتأثير (لندن: براسي: بوتنام للطيران، 1992).

26 زينب أبو المجد، عسكرة الأمة: الجيش والتجارة والثورة في مصر (نيويورك: مطبعة جامعة كولومبيا، 2017)، الفصلين 1 و 2.

27 مركز الأهرام للتنظيم والميكروفيلم، "الملف الوثائقي للمشير عبد الحليم أبو غزالة، 1981-1989)، الجزء الثاني (القاهرة: مصر).

28 لتعريف "شبه الحكومي" انظر كيفن هاريس، "صعود دولة المقاولة الفرعية: سياسة الخصخصة الزائفة في جمهورية إيران الإسلاميةالمجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط 45 (2013): 45-70.

29 روبرت سبرينغبورغ، مصر مبارك: تجزئة النظام السياسي (لندن: وستفيو برس، 1989)، 112-113.

30 مركز الأهرام للميكروفيلم، "الملف أبو غزالة"، 421-438، 456.

31 للحصول على معلومات أكثر عن الميزانيات العسكرية في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، انظر أبو المجد، عسكرة الأمة، 251-252.

32 المرجع السابق، 117-125.

33 محمد أمين، "اللواء بحري إبراهيم جابر الدسوقي: هدفنا تطوير ورفع كفاءة ترسانة الإسكندرية" أكتوبر، 23 يناير 2011، https://www.masress.com/october/110405 تم دخول الموقع 14 أبريل 2020. الأهرام، "بيع شركة النيل للنقل النهري إلى جهاز الصناعات البحرية"، 3 أكتوبر 2008م، وزارة الدفاع والإنتاج الحربي، المرسوم رقم 3 لعام 2020 لتأسيس شركة النيل للنقل النهري، 21 مارس 2010.

34 الهيئة العربية للتصنيع، "مصنع معدات السكك الحديدية (سيماف)،https://www.aoi.org.eg/en/semaf_factory تم دخول الموقع في 4 أبريل 2020. عبد الفتاح إبراهيم، "800 عربة قطار جديدة باستثمارات 1.5 مليار جنية"، الأهرام، 26 مايو 2004.

35 للفترة قبل 2011، انظر أبو المجد، عسكرة الأمة، 126-136.

36 الجريدة الرسمية، "قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 583 لسنة 1980 بتعديل بض أحكام القرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1979 بإنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية"، 27 نوفمبر 1980.

37 أبو المجد، عسكرة الأمة، 101-103. أصدرت الدولة قوانين إضافية لتمكين الجيش من السيطرة على الأراضي المملوكة للدولة في الصحراء، مثل القانون رقم 143 لسنة 1981 والقرار الوزاري رقم 367 لسنة 1986.

38 للحصول على تفاصيل حول القانون رقم 91 لعام 1983 والقانون رقم 2 لعام 1984 والقانون رقم 186 لعام 1986، انظر أبو المجد، عسكرة الأمة، 99-100. انظر الجريدة الرسمية، "المرسوم الرئاسي رقم 150 لسنة 1976" رقم 48، 25 نوفمبر 1976.

39 الجريدة الرسمية، "قانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات"، رقم 18، الفصل أ، 2 مايو 1991.

40 وزارة المالية، "القرار الرقم 161 لسنة 1991 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات"، الوقائع المصرية، الرقم 123، 1 حزيران/يونيو 1991.

41 الجريدة الرسمية، "قانون الضريبة على الدخل الصادر بقانون الرقم 91 لسنة 2005"، الرقم 23 (متبوع)، 9 حزيران/يونيو 2009م.

42 للحصول على مزيد من المعلومات حول قوانين الأراضي، انظر أبو المجد، عسكرة الأمة، 135-146.

43 أليكس بلومبيرغ، "لماذا يكترث الجيش المصري بالأدوات المنزلية"، إن بي آر، شباط/3 فبراير 2011، https://www.npr.org/sections/money/2011/02/10/133501837/why-egypts-military-cares-about-home-appliances

44 أحمد النجار، "ماذا يريد الغرب من اقتصاد الجيش المصري"، دنيا الوطن، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2013.

45 رويترز، "نص مقابلة من السيسي" بتاريخ أيار/15 مايو 2014، https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN0DV17C20140515 تم دخول الموقع في 1 نيسان/ أبريل 2020.

46 يزيد صايغ، "أرباب الجمهورية: تشريح للاقتصاد العسكري في مصر (العاصمة واشنطن: مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 2019).، 7-9.

47 أبو المجد، عسكرة الأمة، 117-125.

48 التوازن العسكري (لندن: المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، 2018)، 329-333.

49 زينب أبو المجد، "عمال وضباط في مصر: الثورة الفاشلة الأخرى"، جدلية، 11 كانون الثاني/ يناير 2018.

50 مركز الأهرام للميكروفيلم، "الملف أبو غزالة"، 435، 466.

51 الجريدة الرسمية، "قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 253 لسنة 1985 بتخصيص جزء من عائد البترول لتمويل عقود القوات المسلحة"، الرقم 28، 11 تموز/يوليو 1985.

52 للحصول على معلومات حديثة عن فترة السيسي، انظر صايغ، مالكو الجمهورية.

53 وزارة الإنتاج الحربي، "العصار يناقش مع شركات ووحدات الإنتاج الحربي الموازنة العامة للعام المالي 2017-2018"، http://www.momp.gov.eg/Ar/NewsDetails.aspx?id=NwCc9JFuifv4ahbD//SXZCyH4jEvpktxoEd2VzypQkz3aRQFqMk-nLJkzoVsl-4- 31 كانون الأول/ديسمبر 2018، تم دخول الموقع في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2019.

54 رامي مصطفى، "رئيس العربية للتصنيع: الهيئة تحقق أرباحاً.. ونوفر منتجات بأعلى جودة"، الوطن، 1كانون الاول، ديسمبر 2018.

55 صايغ، أرباب الجمهورية، 299-305.

56 داليا عثمان ومحسن سميكة، "السيسي: طرح الشركات التابعة للجيش في البورصة"، المصري اليوم، 1 تشرين الثاني /نوفمبر 2019.

57 البوابة نيوز، "وفد إماراتي: نستهدف رفع استثماراتنا في مصر"، 11 كانون الأول/ ديسمبر 2019، وهاني محمد، "السعودية المصرية تطرح وحدات باستثمارات بـ 10 مليار جنيه في العاصمة الإدارية"، أخبار اليوم، 9 تموز/ يوليو 2019.

58 مروة عبد الله، "رصد 515 مليار جنيه لإنشاء وتطوير محطة الكهرباء"، الوطن نيوز، حزيران/28 يونيو 2017، ومحمد فرج، "تبدأ الشركة القابضة لكهرباء مصر في تسديد قروض مصانع سيمنز للبنوك الألمانية في ديسمبر" دايلي نيوز مصر، 28 حزيران/يونيو 2018.

59 الأهرام، "مشعل: مشروع عملاق للإنتاج ودرفلة الصلب،" 16 مارس 2004، وممدوح شعبان، "بعد نجاح إنتاج أول لوح من الصلب بالدرفلة، مشعل: الإنتاج الحربي يساهم في تطوير الصناعات الثقيلة"، الأهرام، 23 أيلول/ سبتمبر 2005.

60 محمد رضا مراد، "السيسي يعد المصريين بتناول طعام أورجانك،" رويترز، 22 كانون الأول/ ديسمبر 2018.

61 أبو المجد، عسكرة الأمة، الفصل 4. صايغ، مالكو الجمهورية، الفصل 6.

62 للحصول على أمثلة مفصلة، انظر صايغ، مالكو الجمهورية، 95-101.

63 نسمة تليمة، "د. جودة عبد الخالق للأهالي: الساحة الاقتصادية يعربد فيها الكبار وتنتشر فيها الاحتكارات"، الأهلي، كانون الثاني/ 8 يناير 2020.

64 حسام بهجت، "تفاصيل استحواذ المخابرات العامة على إعلام المصريين"، مدى مصر، 20 كانون الأول/ ديسمبر 2017، وصحفيون بلا حدود، "المجموعة المصرية للإعلام"، https://egypt.mom-rsf.org/en/owners/companies/detail/company/company/show/egyptian-media-group/ تم دخول الموقع في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2019.

65 المصري اليوم، "فالكون: تعرّف على أشهر شركة أمن في مصر" الاندبندنت المصرية، 9تشرين الأول/ أكتوبر 2014.

66 على سبيل المثال، تامر إمام، "معلومات عن وزير الاتصالات الجديد 3"، دوت مصر، كانون الأول/21 ديسمبر 2015، وبدور إبراهيم، "وزير الدفاع يطلق خدمات الجيل الرابع لشبكة الاتصال العسكري"، المال نيوز، 1 أيار/مايو 2017، وزارة الاتصالات "بيان إعلامي، وزارة الاتصالات، "وزيري الإنتاج الحربي والاتصالات يبحثان التعاون في مشروعات المجتمع الرقمي،" 26 حزيران/ يونيو 2018، وهبة السيد، "المصرية للاتصالات: اعتماد تعيين طارق الظاهر ممثل عن الحكومة في مجلس الإدارة"، اليوم السابق، 10 كانون الأول/ يناير 2019.

67 محمود صلاح الدين، "صندوق تحيا مصر يؤسس شركة قابضة برأس مال يبلغ 300 مليون جنيه مصري"، مباشر السعودية، 12 أيار/ مايو 2016.

68 انظر موقع الشركة الإلكتروني: http://sarwa.capital/ تم دخول الموقع في 20 كانون الأول/ديسمبر 2019.

69 حسام بهجت، "تشريح الانتخابات،" مدى مصر، 14 مارس 2016.

70 على سبيل المثال، محمد علاء، "الإسكان: إسناد تنفيذ بعض المشروعات القومية بالأمر المباشر"، الشروق، 14آذار/ مارس 2017.

71 بيسان كساب، "تحيا مصر: كيف تجاوز السيسي التدقيق لصندوق بعدة مليارات من الجنيهات،" مدى مصر، 6 نيسان/ أبريل 2016.

72 مدى مصر، " الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة يتلقى حكماً مع وقف التنفيذ لمدة سنة واحدة، مشروطة بفترة تجربة لمدة 3 سنوات"، 22 كانون الأول/ديسمبر 2016.

73 صايغ، مالكو الجمهورية، 18.

74 ريم نجيب، "قاطعوها: ناشطون يرفعون الوعي حول الإمبراطورية الاقتصادية للجيش" الاندبندنت المصرية، 12 شباط/فبراير 2012.

75 صفحة الفيسبوك لحملة "عسكر كاذبون"، تم دخول الموقع في 1 أيار/مايو 2013 https://www.facebook.com/3askar.Kazeboon

76 صفحة الفيسبوك لحملة "لا لعسكرة الوظائف المدنية"، تم دخول الموقع في 22كانون الأول/ ديسمبر 2012، https://www.facebook.com/nomocp

77 ليلى عرمان، "عركة الفلوس والصور"، مدى مصر، 21 أيلول /سبتمبر 2019.

78 زينب أبو المجد، "الصناعة الدفاعية في مصر: التبعية والإنتاج المدني ومحاولات الحكم الذاتي"، All Azimuth، (2019): 1-22.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.