مقدّمة
تسير المؤسسة العسكرية المصرية في مسار توسعي كبير منذ استيلائها على السلطة في تموز/يوليو 2013. فبعد أن كانت تتحصّن في حيِّز اقتصادي محصور نسبيًا، عملت القوات المسلحة المصرية وغيرها من الهيئات العسكرية كرأس حربة لاستراتيجية الاستثمار الهائلة التي تقودها الدولة، والتي اتّبعها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه منصبه في العام 2014.
تسيطر المؤسسة العسكرية الآن على محفظة اقتصادية ضخمة. فهي تدير حصة كبيرة من إجمالي الأشغال العامة في مجالَي البنية التحتية والإسكان. وهي تبني مناطق صناعية وتنتج السلع الرأسمالية (أي معدات ومدخلات إنتاج السلع) والسلع الاستهلاكية المعمرة (كالأجهزة المنزلية والأدوات) ومركبات النقل والشحن الثقيل ومعدات تكنولوجيا المعلومات. كما أنها تقوم بمبيعات التجزئة المرتبطة بكل ذلك، وتمتلك شركات إعلامية تجارية وفنادق، وتزيد حصتها بسرعة في مجال الزراعة والاستزراع السمكي واستخراج المعادن. بل منذ أيلول/سبتمبر 2021، احتكرت المؤسسة العسكرية إنتاج الوجبات المدرسية، وسيطرت وزارة الدفاع رسميًا على استخدام أراضي الدولة من قبل أي فرد أو كيان مدني، سواء كان خاصًا أو عامًا، منذ العام 2001. تُعد وزارة الإنتاج الحربي الآن إحدى الهيئتين اللتين توافقان على استيراد البضائع أو الخدمات الأجنبية من قبل الجهات الحكومية. كذلك، يشارك ممثلون عسكريون في عضوية عددٍ من المجالس القومية، بما في ذلك مجال التخطيط والتنمية المستدامة؛ ويساهمون في توجيه السياسات في قطاعات عدة، بما في ذلك الصناعة التحويلية والاتصالات والتحول الرقمي وتطوير سوق السيارات الكهربائية والتنمية الريفية؛ ويرأسون مبادرات رئاسية كبرى، بما في ذلك صندوق تحيا مصر التنموي والشركة المسؤولة عن بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر. ثمة أيضًا خطط جارية لزيادة رسملة الشركات العسكرية من خلال دعوة الاستثمار الخاص عبر صندوق الثروة السيادي المصري. إنّ ما أسميتُه "جمهورية الضباط"—التي تضم الآلاف من كبار المتقاعدين من القوات المسلحة المنتشرين في الوزارات والأجهزة الحكومية، والهيئات الاقتصادية التنظيمية والتشغيلية، والحكم المحلي، والشركات المملوكة للدولة—هو المكمّل لكيان الاقتصاد العسكري الرسمي.1
تقدم الهيئات والشركات العسكرية فوائد اقتصادية كبيرة. فالاستثمار الذي تديره المؤسسة العسكرية في البنية التحتية العامة للنقل، على سبيل المثال، يسهّل حركة الأشخاص والبضائع ويوسع الوصول إلى الأسواق الخارجية وفرص الاستثمار. كما أن بناء الإسكان الاجتماعي للفئات ذات الدخل المحدود يعالج النقص الكبير في المساكن اللائقة ويساعد جهود الحكومة لتجديد المساكن العشوائية والأحياء الفقيرة التي يعيش فيها ما يقرب من واحد من كل سبعة مصريين. المناطق الصناعية الجديدة ومشاريع الصوب الزراعية الواسعة تجذب المستثمرين المحليين والأجانب، ما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتوظيف. وتستفيد الطبقة المتوسطة الدنيا من النطاق الواسع للسلع الاستهلاكية المحلية الصنع والمتوفّرة بأسعار معقولة، إلى جانب اللحوم والدواجن المستوردة الرخيصة، والخدمات الصحية المدعومة، وشنط رمضان الغذائية المجانية للفقراء.
لماذا إذًا يترتب على مصر إعادة النظر في دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد؟
المنطق الاقتصادي للمراجعة وإعادة النظر
أولًا، إذا تم أخذ الادعاءات بأن المؤسسة العسكرية تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد من خلال خلق الفرص للجهات الخاصة على ظاهرها، فيجب أن تكون السلطات القومية مستعدة أولًا لتمكين الهيئات الحكومية المدنية من استئناف هذا الدور، ولاحقًا لتسريح نواحٍ مختلفة من الاقتصاد العسكري. فالحقيقة هي أن الكيانات المدنية، العامة والخاصة على حدٍّ سواء، لا تزال توفر النصيب الأكبر من السلع والخدمات العامة وكذلك الإنتاج في جميع قطاعات الاقتصاد المصري تقريبًا (ربما باستثناء استخراج المعادن الثقيلة). ويذكر أن رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل شريف أعلن، في تشرين الأول/أكتوبر 2016، أن المؤسسة العسكرية ستقلّص دورها الاقتصادي خلال العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة.2 لكن، حدث العكس، حتى إن جهاز المخابرات العامة وبعض الهيئات التابعة لوزارة الداخلية اتبعت نموذج المؤسسة العسكرية، وإن كان ذلك على نطاق أصغر بكثير. ومع ذلك، فإن المبادرات الرئاسية والحكومية لتحديث تسجيل الأراضي والعقارات، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع سوق الرهن العقاري للإسكان، تُظهر جميعها أن إزالة القيود المفروضة على النمو وإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية يمكن أن يقلّلا من الحاجة إلى (أو تبرير) استخدام المؤسسة العسكرية كرأس حربة لجهود التنمية والاستثمار الخاص.
ثانيًا، تُعتبر المنفعة الاقتصادية الفعلية للأشغال العامة التي تؤدّيها المؤسسة العسكرية، وفعالية تكلفة التصنيع التحويلي والأنشطة والأعمال التجارية المتنوعة، والمساهمة الصافية في إيرادات الدولة كلها موضع تساؤل. كذلك، إنّ واقع تذرع المؤسسة العسكرية بالأمن القومي كمبرر لإبقاء التفاصيل المالية لأنشطتها المدنية طي الكتمان يثير شكوكًا كبيرة في بلد له تاريخ طويل في إخفاء الخسائر والديون المعدومة في الشركات المملوكة للدولة. ولقد أعاد كبار الضباط المتقاعدين الذين تم تعيينهم في جميع أنحاء الجهاز المدني للدولة، ولا سيما على جميع مستويات الحكم المحلي، إنتاج الأمراض الموجودة منذ فترة طويلة والمتمثلة في المحسوبية والزبائنية وأوجه القصور المألوفة في التخطيط الاقتصادي الفوقي واتخاذ القرارات الاستثمارية من أعلى. وقد أوصى صندوق النقد الدولي في كانون الأول/ديسمبر 2020 بأن على الدولة المصرية "إحراز التقدم المستمر في الإصلاحات الهيكلية وإصلاحات الحوكمة.... بما في ذلك مواصلة التركيز على زيادة الشفافية في المؤسسات المملوكة للدولة، وضمان تكافؤ الفرص أمام كل الأطراف الاقتصادية، وإزالة العقبات البيروقراطية أمام تنمية القطاع الخاص".3 ثمة حجة قوية تشير إلى أن الاقتصاد العسكري يجب أن يُدرج في إطار تلك الإصلاحات.
ثالثًا، يبرر التوسع الهائل للاقتصاد العسكري بما يتجاوز مهمته الأصلية في الإنتاج الحربي، تقييمه من خلال ما إذا كان يساهم أم لا في التخفيف من عجز مصر الدائم عن توليد فائض لرأس المال المحلي. ولا يزال عدم إحراز تقدم في زيادة حجم الصادرات وتنويعها يمثل مشكلة خاصة في هذا السياق. كان الانتعاش الاقتصادي الذي شهدته مصر منذ العام 2017 مدفوعًا بمنتجات وأنشطة غير قابلة للتصدير، ويشمل ذلك قطاعات البناء والتطوير العقاري والصناعات الضخمة المغذية لها، مثل الإسمنت والحديد والصلب والألمنيوم والطوب والزجاج، التي تستثمر فيها المؤسسة العسكرية بكثافة. هذا النوع من النمو المضارب فشل في معالجة مشكلة ميزان المدفوعات المزمنة في البلاد، لأنه لا يزيد الصادرات ولا يحدّ من الواردات. كما لم يتحسن الميزان التجاري، على الرغم من الانخفاض الكبير في الواردات الناتج عن تخفيض قيمة الجنيه المصري بنسبة 50 في المئة في العام 2016. وكان عجز الميزان التجاري للعام 2020 أكبر بمقدار 5 مليارات دولار عن العام 2016، عندما التزمت الحكومة المصرية بمجموعة كبيرة من الإجراءات المالية كجزء من اتفاقية قرض بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي.4
تُعتبر استراتيجية توطين التكنولوجيا التي يتم الترويج لها لتقليل الواردات وزيادة المحتوى المحلي والقيمة المضافة في الإنتاج جيدة. ولكن بالإضافة إلى العوائق الجوهرية، فإنها لن تولد الإيرادات اللازمة لتمويل استيراد السلع التي تعتمد عليها الدولة، مثل القمح. على العكس من ذلك، يؤدي الاقتصاد العسكري إلى تفاقم التناقضات المتأصلة في مزيج مصر الغريب من السياسات النيوليبرالية والسياسات الموجهة نحو السوق مع إعادة تأكيد دور الدولة بقوة. إنّ اعتماد الحكومة اللاحق على الاقتراض المحلي لتمويل مشاريعها العملاقة يزيد من تقليص سوق الائتمان للقطاع الخاص، والذي لا يزال في "حالة من الغيبوبة العميقة"، على حدّ تعبير الاقتصادي إسحاق ديوان.5
تتجلّى هذه التناقضات في أكبر مشروع تديره المؤسسة العسكرية: بناء عاصمة إدارية جديدة بتكلفة 25 مليار دولار للمرحلة الأولى.6 ثمة أسئلة مشروعة حول القيمة المالية أو التنظيمية التي تضيفها المؤسسة العسكرية بالفعل. فتعتمد شركة العاصمة الإدارية للتنمية العقارية التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية، والتي تم إنشاؤها لإدارة المشروع وتخصيصها لتلقي الدخل المستقبلي، على مطوّري العقارات المدنيين الرئيسين لجذب العملاء وبيع الوحدات على الخارطة (ما قبل البناء). وتقوم الشركة، التي لم يتم الإعلان عن ميزانيتها بسبب صفتها العسكرية، بتمويل التوسيع الأولي للمرافق والبنية التحتية، ثم تستخدم مدفوعات العملاء الأولية لتمويل الإنشاءات الفعلية. ومع ذلك، تخطط الحكومة لإدراج الشركة في البورصة المصرية، وتتوقع أنها ستسيطر على أصول تبلغ قيمتها 3-4 تريليونات جنيه مصري (190 مليار دولار-255 مليار دولار).7
ينذر هذا بالحجة الأساسية لتغيير المسار الاقتصادي: فإن استراتيجية الدولة للاستثمار الرأسمالي المكثّف التي تقودها المؤسسة العسكرية جعلت الحكومة تعتمد بشكل متزايد على تدفقات العملة الأجنبية، التي تجتذبها من خلال تقديم أسعار فائدة أعلى من أي وقت مضى، مقرونةً بعملة وطنية مربوطة واستخدام البنك المركزي لما يسمى بالهندسة المالية.8 في كلتا الحالتين، يشمل ذلك اقتراض العملة الأجنبية في حد ذاتها كأصل. وهذا تحديدًا ما دفع لبنان إلى الانهيار المالي في العام 2019. نجحت مصر في البقاء واقفة على قدميها حتى الآن، ليس أقله بعد التوسع العالمي الهائل في السيولة بعد بدء جائحة كورونا في العام 2020. لكن هذا قد يتغير بسرعة إذا ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات العالمية الرائدة. لا يمكن اعتبار سهولة حصول مصر على القروض الأجنبية أمرًا مفروغًا منه.9 فهي معرّضة بشكل خاص لأزمة سيولة لأن العوائد المحتملة على مشاريعها العملاقة طويلة الأجل ويمكن أن تؤدي إلى الركود أو التضخم، أو كما في حالة توسعة قناة السويس خلال فترة 2014-2015، قد لا تتحقق على الإطلاق. سيعمل شركاء مصر الخارجيون في الغرب والخليج جديًّا لدرء ذلك، لكن "اللبننة" التي تلوح في الأفق قد تفرض مع ذلك عملية إعادة توجيه اقتصادية طارئة في مصر. إذا كان الأمر كذلك، فقد يتم كبح جماح الاقتصاد العسكري، ليس لأنه المكون الرئيس للاقتصاد الوطني والتمويل، ولكن لأنه كان لا بدّ من إلغاء الاستراتيجية الاقتصادية بأكملها التي هو جزء منها.
تحليل التكلفة والفوائد
ثلاثة أسئلة هامة تواجه الاقتصاد العسكري:
1. هل هو كفؤ (قياسًا بالمردود مقابل التكلفة المالية)؟ وهل يولّد مدخرات صافية للخزينة العامة؟
2. هل هو قابل للاستدامة؟ هل يقدّم ممارسات وأساليب تجارية متفوّقة تضمن النمو وتعزز الإنتاجية في الاقتصاد المدني؟
3. وهل يولّد الفرص الاقتصادية (للجهات المدنية) والقيمة المضافة؟
إنّ الغموض التام للحسابات المالية للمؤسسة العسكرية يمنع الحصول على إجابات أكيدة. لكن التقرير الذي استندت إليه هذه الدراسة بعنوان "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري" يقدّم أدلة كثيرة على أن ميزان الإجابات على الاسئلة أعلاه يميل إلى السلبي بشكل عام.10
من المسلّم به أن الكثير من النشاط المدني الذي تؤدّيه المؤسسة العسكرية يكلِّف به الرئيس، فهي تقوم بدور رأس الحربة لاستراتيجيته الاستثمارية للدولة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز الإيرادات، ناهيك عن أنها تخدم أجندته السياسية.11 لكن صافي المدخرات التي تدّعي المؤسسة العسكرية تحقيقه للخزينة العامة مشكوك فيه ولا يمكن التحقق منه. وتستند مساهمتها الاقتصادية على الوصول التفضيلي إلى عوامل الإنتاج والعقود، ما يشوّه ويحدّ من تنمية القطاع الخاص. وقد فشل تركيزها على الأشغال الهندسية الضخمة في حل المشكلات الطويلة الأجل المتمثلة في انخفاض الإنتاجية، وركود الاستثمار أو تراجعه، ومحدودية نقل التكنولوجيا في الاقتصاد، ونتيجةً لذلك تظل مصر مندمجة بشكل سيئ في سلاسل القيمة العالمية.
تختلف الفوائد والتكاليف الصافية للاقتصاد العسكري، فضلًا عن استدامته الاقتصادية والقيمة المضافة التي يحققها في الإنتاج، وفقًا للقطاع: الأشغال العامة، التصنيع المدني، الزراعة والاستخراج والتجارة والتوريد، والصناعة الحربية.
المدخرات الإجمالية
ادّعت المؤسسة العسكرية بشكل روتيني، على مدى العقدَين الماضيَين على الأقل، أنها تقدّم سلعًا وخدمات عامة أرخص من أي نظير مدني، سواء كان خاصًا أو عامًا، مصريًا أو أجنبيًا. لكن هذه الادعاءات تتجاهل مجالين رئيسين للتكلفة: الخسائر التي تتكبّدها الخزينة العامة بسبب إعفاء المؤسسة العسكرية من دفع أي ضرائب أو جمارك أو رسوم نقل؛ وحصول المؤسسة العسكرية على العملة الصعبة بأسعار مؤاتية، والطاقة المدعومة، والاستخدام المجاني لأراضي الدولة، وعمالة المجندين، وكل ذلك يساعد في إخفاء التكاليف الفعلية. من المسلّم به أن الإيرادات الضريبية منخفضة جدًّا في جميع المجالات في مصر: يأتي حوالى ثلثي الدخل الضريبي من الشركات من هيئة قناة السويس والهيئات البترولية (الحكومية) والشركات التابعة لها، ويأتي الثلث المتبقي من شركات القطاع الخاص من جميع الأحجام، وهو ما يمثل مجرد 7 في المئة من إجمالي إيرادات الدولة ونسبة ضئيلة من إجمالي الناتج المحلي. وبالتالي، فإن الميزة الضريبية للمؤسسة العسكرية ضئيلة، ولكن إعفاءاتها الأخرى ونفوذها السياسي ووصولها التفضيلي إلى عوامل الإنتاج الأخرى أو التحكم فيها، كلها عناصر تمنحها ميزة كبيرة.
توفر الإدارة العسكرية الكفؤة نسبيًا ادخار المال والوقت، لكن المدخرات الصافية محدودة نظرًا إلى حقيقة أن شركات القطاع الخاص هي التي تنجز العمل الفعلي في مشاريع البنية التحتية والإسكان العامة، فضلًا عن الجزء الأكبر من الخدمات المدنية التي تقوم بها شركات الصناعة الحربية. تحقق المؤسسة العسكرية صافي دخل لصالحها من خلال استخدام سلطتها في منح العقود، أو حجبها، كوسيلة لإجبار المقاولين من القطاع الخاص على قبول هوامش ربح أقل وأحيانًا على تكبد خسائر صافية. وبهذه الطريقة، تستخرج المؤسسة العسكرية دخلًا قد يصل إلى 25-30 في المئة من ميزانيات المشروعات. وتشير الأدلة أيضًا إلى أن المؤسسة العسكرية تسمح بتراكم المتأخرات الكبيرة للمقاولين الفرعيين، والتي قد لا تتم تسويتها على الإطلاق، ما يخفي مرة أخرى التكاليف الحقيقية للمشاريع التي تديرها.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الهيئات العسكرية بشكل روتيني الإعفاءات الضريبية والجمركية حين تستورد السلع لبيعها إلى الهيئات العامة أو في الأسواق المحلية، مع الاحتفاظ بأي مدخرات صافية. إن ربع العدد الإجمالي للشركات العسكرية مسجّل بموجب قانون ما يسمى بقطاع الأعمال العام (الشركات المملوكة للدولة التي تنتج السلع)، ما يسمح لها بتحويل الخسائر إلى خزينة الدولة، فيما تحتفظ بالأرباح. إنّ عدم الإفصاح الشامل عن البيانات المالية المتعلقة بالسلع والخدمات المدنية التي تقدمها المؤسسة العسكرية يعني أنه لا يمكن التحقق من المدخرات الفعلية للخزينة العامة. من المحتمل أنها بالحد الأدنى، إن لم تكن سلبية. كما أن التأثير الرادع للمؤسسة العسكرية على المستثمرين المحليين والأجانب، والذي ستتم مناقشته بمزيد من العمق لاحقًا، له عواقب واسعة أيضًا بالنسبة إلى الوضع المالي العام للدولة.
الأشغال العامة
من شبه المؤكد أن توفير البنية التحتية العامة والإسكان هو أهم مجالات مشاركة المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المدني في مصر، من حيث التكلفة المالية الإجمالية وصافي الربح معًا. وبحسب البيانات الرسمية، أدارت المؤسسة العسكرية 2,800 مشروع من إجمالي 20 ألف مشروع ممول من الحكومة (14 في المئة) في السنوات الست حتى 30 حزيران/يونيو 2020، ما يمثل 1.1 تريليون جنيه مصري من إجمالي 4.5 تريليون تم إنفاقها (ما يقرب من 25 في المئة).12 (يصعب حساب القيمة الدولارية للمشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 50 في المئة في أواخر العام 2016، ولكن من المحتمل ألّا يقل عن 66 مليار دولار). تستخرج المؤسسة العسكرية هامش ربح من ميزانيات المشاريع بنسبة 5 في المئة على الأقل، على الرغم من أن النسبة يمكن أن تصل إلى 25-30 في المئة. وبحسب سعر الصرف، قد تكون المؤسسة العسكرية قد حصلت على ما يعادل ما بين 3 مليار دولار و20 مليار دولار في فترة 2014-2020 أو ما متوسطه بين 500 مليون دولار و3.3 مليار دولار سنويًا.13 يتفاقم هذا من خلال رسوم تأجير الامتياز التي تجبيها من المستثمرين المدنيين، وذلك بفضل حق الانتفاع التجاري الذي تتمتع به على الكثير من البنية التحتية الممولة من الحكومة، والواقعة تحت إدارتها.
لا شك أن بناء البنية التحتية للنقل يساهم في الاقتصاد. لكن التركيز الهائل على الطرق السريعة والجسور—بدلًا من سكك الحديد والنقل النهري، التي تمثل معًا 2 في المئة فقط من الشحن المحلي في مصر—يؤدي إلى انحراف الأولويات، ويزيد من استهلاك الوقود والتلوث، ومن تكلفة الفرصة البديلة، ويقوّض الاستدامة. خصّصت إدارة السيسي 4.5 مليار دولار لبناء خط سكة حديد أحادي ("مونو رايل") يخدم العاصمة الإدارية الجديدة، و23 مليار دولار أخرى لقطار فائق السرعة يربطها بتسع مدن "ذكية" مخصّصة للزبائن المقدورين، ما يزيد من سعة الشحن والركاب، إنما ستستفيد منه بشكل أساسي المجتمعات الميسورة.14
في غضون ذلك، يؤدي إصرار السيسي المتكرر على استكمال المشاريع قبل الموعد المحدد إلى زيادة التكاليف بشكل كبير. على سبيل المثال، أدى طلبه في العام 2014 بإنجاز توسعة قناة السويس في عام واحد (بدلًا من السنوات الثلاث التي قدّر مهندسو القوات المسلحة أن المشروع يتطلّبها) إلى تضخيم الكلفة من 4 مليارات دولار إلى أكثر من 8 مليارات دولار. لاحظ صندوق النقد الدولي في سياقات أخرى أن الاندفاع المفرط نحو تنفيذ برامج الاستثمار يقلّل الكفاءة: فقد أدّى إلى زيادة تكلفة بناء الطرق والمترو في الجزائر بنسبة 34 في المئة و30 في المئة على التوالي، مقارنةً مع الدول المعيارية. وعند تعديلها لاحتساب تكاليف العمالة، زادت التكلفة بنسبة 250 في المئة مقارنةً مع الدول المعيارية و600 في المئة مقارنةً مع الولايات المتحدة.15
والأهم أن التركيز على المشاريع العملاقة والجداول الزمنية المتسارعة أجبر إدارة السيسي على الاقتراض بشكل أكبر من المصادر الأجنبية، وخاصة من المصادر المحلية. فقد ارتفع الدين القومي لمصر إلى حوالى 334 مليار دولار في العام 2020، وسجّل الدين الخارجي أعلى مستوى له على الإطلاق عند 138 مليار دولار بحلول الربع الثالث من العام 2021، ما وضعها في مقدّمة الأسواق الناشئة الأخرى من حيث استحقاق الديون والعجز المالي.16 بلغت خدمة الدين 36 في المئة من ميزانية الدولة، ما أضاف إلى التكلفة الإجمالية للمشاريع التي تقودها الدولة وتديرها المؤسسة العسكرية. هنا أيضًا، يضع هذا الواقع استدامة استراتيجية الرئيس الخاصة بالنمو موضع تساؤل.17
يصبّ الاستثمار العام الأكبر على قطاع الإسكان. ولكن على الرغم من الاستشهاد بالإسكان الاجتماعي للفئات ذات الدخل المحدود في الكثير من الأحيان، يبقى الجزء الأكبر من الاستثمار موجّهًا في المقام الأول إلى ما يُسمى بالمدن الذكية التي تستهدف الطبقة المتوسطة العليا والمصريين المغتربين، وثانيًا العملاء غير المصريين مثل رجال الأعمال السوريين واليمنيين المقيمين وغيرهم. في الواقع، تفي السوق العقارية الآن بالدور الذي اضطلعت به الصناعات الثقيلة في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر كمتلقٍّ رئيس للاستثمار العام وكأداة لتوليد الإيرادات، ودفع النمو الاقتصادي، وجذب المستثمرين من القطاع الخاص. هذه مقامرة كبيرة، إذ يؤكد التاريخ الطويل للمدن الصحراوية غير الناجحة في الغالب على مخاطر توليد المزيد من رؤوس الأموال الميتة والأصول المحصورة، ما يحوّل الاستثمارات والموارد عن القطاعات الاقتصادية الأخرى المحتاجة. وبالمثل، فإن الحملة المستمرة منذ عقود لاستصلاح مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية للاستخدام الزراعي في الغالب قد أدت إلى استثمارات ضخمة مع نتائج متوسطة في أفضل الأحوال. نادرًا ما يتم تضمين التكاليف الحقيقية—مثل الاعتماد الشديد على الأساليب باهظة الثمن لاستخراج المياه ونقلها أو الآثار البيئية للاعتماد المكثف على تحلية المياه—في دراسات الجدوى أو قياسها مقابل العائد الفعلي. إنّ الاستثمار الضخم للموارد المالية (التي لا تمتلكها مصر) في العاصمة الإدارية الجديدة، التي يتم بناؤها أيضًا تحت الإدارة العسكرية، يؤكد أيضًا على مخاطر الإجهاد المالي وتناقص العائدات الاقتصادية وعدم الاستدامة.
التصنيع المدني
تم تحويل العديد من المصانع الحربية المبكرة جزئيًا إلى الإنتاج المدني بدءًا من العام 1958. وقد نما عدد الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية أربعة أضعاف تقريبًا منذ العام 1970 إلى حوالى ثمانين شركة اليوم، وتنتج كلها تقريبًا سلعًا وخدمات مدنية. منذ العام 2020، وفقًا لاعتراف نادر للغاية من البنك الدولي بحضور ودور الشركات العسكرية، كانت تلك الشركات تمثّل نسبة كبيرة من جميع الشركات المملوكة للدولة التي تنتج السلع الرأسمالية (معدات ومدخلات الإنتاج)، والسلع الاستهلاكية المعمرة والملابس والمواد، والأغذية والمشروبات والتبغ، والسيارات وقطعها، والبيع بالتجزئة، ووسائل الإعلام والترفيه، وأشباه الموصلات ومعدات نظام النقل الذكي، والأجهزة والمعدات التكنولوجية.18
إذا حكمنا من خلال النشرات الإعلامية الخاصة بها، تقدّم أحدث شركة عسكرية تأسيسًا، وهي شركة "سايلو" للصناعات الغذائية التي تم إطلاقها في آب/أغسطس 2021، مثالًا جديرًا بالثناء على صناعة الأغذية الحديثة التي تقدّم وفورات الحجم ومراقبة الجودة والتشغيل الآلي والتسليم بالموعد.19 كما قامت وزارة الإنتاج الحربي، التي تمتلك معظم المصانع الحربية الأقدم، بتحديث الكثير من خطوط الإنتاج وإنشاء خطوط إنتاج جديدة. وتدّعي أنها أعادت تنظيم المشتريات والتسويق، ورفعت مستوى التدريب الإداري، وسعت وراء نقل التكنولوجيا من الشركاء الأجانب، حتى إنها تخطط لبناء جامعة وطنية للعلوم والتكنولوجيا. لكن الكثير من الشركات العسكرية لا تزال تعمل بخسارة، بما في ذلك نحو اثنتي عشرة شركة تتبع للهيئة العربية للتصنيع وحفنة أخرى مملوكة لوزارة الدفاع. تتركز الخسائر بشكل خاص في قطاع التصنيع، الذي لا يزال يعاني من انخفاض المحتوى المحلي والقيمة المضافة. فقط في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تجاوزت أرباح وزارة الإنتاج الحربي الخسائر "للمرة الأولى منذ ثمانية أعوام"، بحسب ما قاله وزير الإنتاج الحربي آنذاك اللواء محمد العصار. وبعد بضعة أشهر، أقرّ أيضًا بأن ست شركات فقط من بين الشركات العشرين المملوكة لوزارته في ذلك الوقت قد حققت أرباحًا في السنة المالية المنصرمة.20
أعلنت وزارة الإنتاج الحربي عن حجم إيرادات سنوية بلغ 15.5 مليار جنيه مصري في 2019-2020، ثم20.1 مليار جنيه في 2021-2020، بما في ذلك الإنتاج الدفاعي والمدني. هذه زيادة مطّردة عن العام 2014 عند قياسها بالجنيه المصري، لكنها ظلت ثابتة تقريبًا قياسًا بالدولار الأميركي بسبب انخفاض قيمة الجنيه في العام 2016. هذا مهم بشكل خاص نظرًا إلى اعتماد القطاع على عوامل الإنتاج المستوردة، بما في ذلك الآلات ومكوّنات التجميع والسلع الوسيطة، التي تتطلب الحصول على العملة الصعبة. من غير الواضح ما إذا كانت زيادة حجم الإيرادات تُترجم إلى أرباح صافية. فحقيقة أن وزارة الإنتاج الحربي ادّعت زيادات سنوية في إجمالي الإنتاج بنسبة 30-48 في المئة بين 2014-2015 و2017-2018 (تقلصت لاحقًا إلى 13-18 في المئة) تشير إلى وجود تراكم ضخم للقدرة الإنتاجية غير المستغلة بالكامل، ما يمثل خسارة كبيرة.21 وقد تفاقم ذلك بسبب ارتفاع نسبة الأجور إلى إجمالي تكاليف الإنتاج، وفقدان ما يصل إلى 25 في المئة من المواد الخام في الإنتاج (بدلًا من النسبة القياسية وهي 4-5 في المئة). وحكمًا، ارتفع إجمالي التكاليف والاحتياجات من العملة الصعبة مع زيادة الإنتاج، ما يؤدي مرة أخرى إلى تقليص الربحية. والأهم من ذلك أن هذه النتائج لا تثبت بوضوح ادّعاءات الوزارة المتكررة بشأن ممارساتها التجارية الفائقة والأساليب الفعالة والإنتاجية المحسنة.
عندما اتخذ العصّار خطوة غير عادية بإعلان ربح صافٍ قدره 235 مليون جنيه مصري للسنة المالية 2018-2019 (14.1 مليون دولار في ذلك الوقت)، ربما نتج ذلك عن ذراع المقاولات والاستشارات الهندسية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي—والتي كانت مسؤولة عن 44 في المئة من إجمالي إيرادات الوزارة بين العامَين 2016 و2019—وليس شركات التصنيع التابعة لها.22 ولو طرحنا إنتاج وزارة الإنتاج الحربي، سيؤدي ذلك إلى خفض مساهمة التصنيع المدني في إجمالي إنتاجها من السلع والخدمات. تشير البيانات الرسمية إلى أن الإنتاج الحربي ظل في حدود 2-3 مليار جنيه مصري منذ 2014-2015، عندما كانت نسبة الإنتاج الحربي إلى الإنتاج المدني 1:1. ارتفعت هذه النسبة لفترة وجيزة إلى 1:2 في 2016-2017، لكن البيانات لا تزال تشير إلى أن التصنيع المدني يمثل حصة أقل مما تشير إليه الإيرادات الإجمالية. تشير هذه النسب مجتمعةً إلى أن إنتاج الصناعات المدنية بلغ 4.6 مليارات جنيه مصري (حوالى 300 مليون دولار) في 2018-2019.
يتمثّل أحد العوائق الرئيسة في النقص الحاد في الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي، ما يعكس افتقار مصر إلى استراتيجية صناعية ونموذجٍ للنمو. وهذه مشكلة الاقتصاد المصري برمته. ففي العام 2019، أنفقت مصر 0.6 في المئة فقط من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، بينما أنفقت دول مثل ماليزيا والبرازيل أكثر من ضعف هذه النسبة. في أقرب بلد إقليمي لمصر، تركيا، كانت أكثر من سبعين شركة تستخدم بالفعل تكنولوجيا النانو في منتجاتها بحلول العام 2015. تتلقى مراكز البحث والجامعات التركية دعمًا كبيرًا للبنية التحتية وحوافز للعمل في مشاريع تكنولوجيا النانو.23 وحتى في ما يتعلق بالجانب الحربي للإنتاج، لا تستثمر الشركات العسكرية المصرية بقدرٍ مقاربٍ لبلد مثل الصين، على سبيل المثال، التي أعلنت في آذار/مارس 2021 عن زيادة فورية بنسبة 10.6 في المئة في الإنفاق على البحوث الأساسية، وزيادة سنوية بنسبة 7 في المئة في الإنفاق على البحث والتطوير على مدى السنوات الخمس التالية.24
وبالتالي، نادرًا ما تتجاوز الشركات العسكرية المصرية 45 في المئة من المحتوى المحلي من السلع المصنعة—وهو الحد الأدنى المطلوب من قِبل وزارة التجارة والصناعة—خاصة في المنتجات الأكثر تعقيدًا. يتضح هذا بشكل خاص في صناعة السيارات: فعلى الرغم من الدعاية الكبيرة المحيطة بالشراكات مع الشركات الأجنبية لتجميع السيارات الكهربائية، لا تزال الشركات العسكرية المصرية متخلّفة كثيرًا عن نظير عربي كالمغرب، الذي كسب 10.5 مليارات دولار من تصدير ما يقرب من 400,000 سيارة في العام 2019 وحقق محتوى محلي بنسبة 60 في المئة، وهي نسبة لا تزال بعيدة المنال في مصر.25 وعلى الرغم من أن الاقتصاد العسكري المصري يعمل "في 19 من 24 صناعة من معايير تصنيف الصناعة العالمية" وفقًا للبنك الدولي، فهو لا يساهم في الصادرات المصرية، باستثناء كميات محدودة من الكيماويات الوسيطة والإسمنت. كما أنه لا يزيد من المشاركة في سلاسل القيمة العالمية، على الرغم من أن البنك الدولي قد خلُص إلى أن كل زيادة ترفع دخل الفرد بشكل متناسب (أي أن كل زيادة للمشاركة بنسبة 1 في المئة تزيد الدخل الفردي بنسبة 1 في المئة).26
السبب الرئيس وراء تفادي الشركات التابعة لوزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع تسجيل أداء أسوأ بكثير هو أن لديها سوقًا مقيّدة في القطاع العام، الذي شكّل إنتاجه من السلع والخدمات 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2017 (حوالى ضعفَي إلى ثلاثة أضعاف متوسط مساهمة القطاع العام في الاقتصادات الناشئة الرائدة). إذا كانت المؤسسة العسكرية تتمتع بأي قدرة تنافسية على الإطلاق، فيعود ذلك أساسًا إلى الاستيلاء على عقود المشتريات الحكومية، أي افتراسها من الشركات المدنية الخاصة والعامة، بدلًا من التفوق عليها في الأداء.27 يساعد هذا في شرح المستوى الكبير من السلع والخدمات المكررة التي تقدمها الهيئات العسكرية الاقتصادية الرئيسة الثلاث—وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية—والشركات التابعة لها. على عكس شركات الدفاع الروسية أو الصينية التي أُرغِمت على الابتكار للتنافس في الأسواق المحلية وأسواق التصدير، تحصل الشركات العسكرية المصرية بدلًا من ذلك على عقود حكومية مضمونة. وحتى في هذا الوضع، تقدّم وزارة الإنتاج الحربي الجزء الأكبر من خدماتها المدنية في مجالَي البنية التحتية العامة والإسكان من خلال العمل كوسيط لمقاولين من القطاع الخاص.28
وبالمثل، غالبًا ما تعمل الشركات العسكرية كوكيلة للشراء أو الاستيراد من خلال الحصول على البضائع من الموردين المحليين والأجانب نيابةً عن العملاء الحكوميين، بدلًا من تصنيعها. تقدّم شركة" سايلو" للصناعات الغذائية التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية مثالًا واضحًا لذلك: فقد تم الترويج لها كمورّد لجميع الوجبات في المدارس الحكومية، لكن كشف تقرير استقصائي لعيِّنة من مختلف الوجبات أن الجزء الأكبر من منتجاتها يأتي في الواقع من شركات أخرى، وأن شركة "سايلو" للصناعات الغذائية قدّمت فقط بسكويت الويفر.29 وفي الكثير من الأحيان، تتمثّل المساهمة الرئيسة للشركات العسكرية في المشاريع المشتركة، والتي يتم تقديمها عادةً على أنها آليات لنقل التكنولوجيا، في تأمين استئجار أراضي الدولة والتعامل مع المتطلبات البيروقراطية الحكومية المرهقة، بينما يوفّر الشركاء الأجانب الآلات والدراية والمكونات الأكثر تعقيدًا (وبالتالي العالية القيمة) التي قد يقوم نظرائهم المصريون بتجميعها أخيرًا. بالإضافة إلى ذلك، يضمن الموقف السياسي القوي للمؤسسة العسكرية أن شركاتها ووكالاتها الأخرى ستُمنح عقودًا حكومية من دون وجود عطاءات تنافسية (أي بالأمر المباشر)، ما يفاقم تثبيط الابتكار.
أخيرًا وليس آخرًا، إن الشركات العسكرية محمية بحقيقة أنه في العام 2020، وفقًا للبنك الدولي، كان لدى مصر "ثاني أكثر الاقتصادات حمايةً في العالم بعد السودان" وأن لديها "واحدة من أعلى مؤشرات التكرار ونسب التغطية" من الحواجز غير التعرفية للتجارة.30 يبدو أن هذا هو سبب استثمار المؤسسة العسكرية بكثافة في شراء أو بناء مصانع جديدة في قطاعات الإسمنت والصلب والمحاجر—التي تعاني في الواقع من زيادة العرض ولكنها تتمتع بحماية تجارية واسعة النطاق—بدلًا من المساعدة في تطوير قطاعات أضعف تسهيلًا للمستثمرين المدنيين.
الزراعة والاستخراج والتجارة والتوريد
توسعت الشركات والهيئات العسكرية بسرعة ونوّعت أدوارها في القطاعات الاقتصادية الأخرى منذ العام 2014. وقد برز جهاز مشروعات الخدمة الوطنية كأداة رئيسة لطموحات الرئيس لزيادة مساحات الأراضي المزروعة وتقليل الفجوة الغذائية وتحقيق إيرادات أكبر من الثروة المعدنية الكبيرة للبلاد، وكذلك التدخل في التجارة الخارجية والعرض المحلي لتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وتوفير السلع الأساسية للفئات ذات الدخل المحدود بأسعار معقولة. ساهم جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، إلى جانب الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وشركات عسكرية أخرى، في جهود تحقيق هدف السيسي الرامي إلى استصلاح 3.3 مليون فدان من الأراضي الصحراوية. فيزعم السيسي أنه سيوفر 10 إلى 15 في المئة من احتياجات السوق المحلي وزيادة القيمة المحتملة للصادرات من خلال زيادة إجمالي الأراضي الزراعية في مصر إلى 9.7 مليون فدان، وإنشاء مشاريع صوب زراعية ضخمة ومزارع سمكية وبناء مصانع جديدة لمعالجة الرخام والغرانيت واستخراج المعادن الثقيلة من الرمال السوداء.31
هذه أهداف جديرة بالثناء، وقد حققت بالفعل بعض الإنجازات التي لا يمكن إنكارها. ومع ذلك، تكمن المشكلة في أنه يتم اتّباعها بطرق تكرّر إلى حدٍّ كبير النموذج الريعي لمعظم الاقتصاد السياسي في مصر، وتميل تكلفتها لأن تكون أكثر من اللازم. فمن خلال الاعتماد على سيطرتها على الموارد الطبيعية والمفاتيح البيروقراطية كوسيلة رئيسة للحصول على الدخل، وتكثيف تلك السيطرة، بدلًا من إضافة القيمة من خلال الابتكارات التكنولوجية والتسويقية، تستخدم الشركات والهيئات العسكرية وضعها المتميز لفرض الإيجارات، حرفيًا، من خلال الحصول على ما يشبه الإقطاعيات المضمونة، والتي تدافع عنها وتوسعها. وينطبق ذلك على مشروعات البيوت البلاستيكية (الصوب الزراعية) الضخمة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، على سبيل المثال. ومن المفارقات أن مشروعها الغذائي الرئيس هو مزارع الأسماك، بحيث تتمتع مصر في الواقع بنسبة 77 في المئة من الاكتفاء الذاتي، يليها على مسافة كبيرة إنتاج البيض والحليب، الذي يغطيه منتجو القطاع الخاص بالكامل.32
من خلال تكليف المؤسسة العسكرية بمزيجٍ من السلطة الرسمية والفعلية لمنح العقود وتأجير الأصول وتلقّي الإيرادات نيابةً عن الدولة، أعاد السيسي فعليًا إحياء شكل من أشكال نمط الالتزام الضريبي الذي يعود إلى العهد العثماني. ولكن بدلًا من بيع حقوق الجباية الضريبية لمن يدفع أعلى سعر في المزاد العلني والمطالبة بحصة الدولة من الإيرادات كاملةً كما فعل العثمانيون، منح الرئيس المصري المؤسسة العسكرية الحق في الاحتفاظ بالإيرادات مقابل تنفيذ مشاريع يعتقد أنها تخدم أهدافه الاقتصادية ومصالحه السياسية. وبحسب مقاولين محليين، بعد أن استخدمت المؤسسة العسكرية سلطتها في البداية لصالح منح عشرات الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة العقود، تحولت المؤسسة العسكرية مؤخرًا إلى منح مشاريعها الرئيسة لعدد قليل من المقاولين من القطاع الخاص الذين يسيطرون الآن على سوق التعاقدات الفرعية نيابةً عنها.
يتّضح دور المؤسسة العسكرية كملتزم (جامع) ضرائب ذي عقلية تجارية من خلال الطريقة التي تدير بها مشاريعها الزراعية. عادةً، تستحوذ المؤسسة العسكرية على حصة من الأراضي الصحراوية التي تستصلحها، والتي توفر فيها بعد ذلك البنية التحتية لتؤجرها إلى المستثمرين من القطاع الخاص. هؤلاء المستثمرون عبارة عن شركات خليجية كبرى في الكثير من الأحيان.33 كذلك، تستأجر المؤسسة العسكرية صوبًا زراعية مجهزة بالكامل بالكهرباء والمياه والعمّال، وتتقاضى 60 في المئة من دخل المستأجر. أما في قطاع الاستخراج، فعلى وزارة الدفاع الموافقة على تراخيص استخراج الثروة المعدنية في أي مكان في مصر (وفقًا للّوائح التنفيذية لقانون المناجم والمحاجر المعدّل الرقم 198 للعام 2014). إضافةً إلى ذلك، تفرض المؤسسة العسكرية رسومًا على كل شاحنة تخرج من المناجم والمحاجر. وقد أقامت شبه احتكارات لاستخراج الرخام وإنتاج الملح والاستغلال التجاري للرمال منذ العام 2013. وفي العام 2016، استحوذت على موقع الرمال السوداء الوحيد في مصر، والذي من المتوقع أن ينتج 3-5 في المئة من إجمالي المعروض العالمي من التيتانيوم والزركونيوم، وحصة من التنقيب عن الذهب، وهو قطاع يمثّل 5-10 في المئة من إجمالي صادرات البلاد. بعد ذلك بعامَين، شكّل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية أيضًا مشروعًا تسويقيًا مع شركات أخرى مملوكة للدولة يهدف إلى أن يكون بمثابة "الوكيل التجاري الحصري" لجميع منتجي الفوسفات المصريين.
تم تطبيق نموذج مماثل لبيع الامتيازات التجارية على طول ما يسمى بالطرق القومية في مصر. حدّد السيسي 21 طريقًا سريعًا رئيسًا بين المدن وبين الأقاليم، وشريطًا بطول كيلومترين من الأرض على كلا الجانبين كـ"مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية" في العام 2016، ما يخوّل وزارة الدفاع استغلالها تجاريًا؛34 هذا إضافةً إلى الكثير من الطرق السريعة القومية الرئيسة الأخرى التي بنتها المؤسسة العسكرية، والتي يتم تحصيل الرسوم عليها. تقوم الوزارة بتأجير الأماكن على جانب الطريق لشركات خدمية وامتيازات تجارية أخرى، إضافةً إلى تأجير اللوحات الإعلانية، بينما تدير أيضًا سلسلتين من محطات الوقود (الوطنية وشيل آوت) وتقديم خدمات الإنقاذ على الطرق السريعة. تشارك الهيئات العسكرية بشكل كبير في تجارة المواشي واللحوم والحبوب والأعلاف الآتية من السودان، فضلًا عن استيراد المنتجات ذات الأسعار المنخفضة مثل الدواجن المجلّدة. وتشغل كذلك موقعًا نافذًا في اللجنة الحكومية المركزية التي تتحكم في جميع المشتريات الطبية من الخارج.
الصناعة الحربية
من المفارقات بالنسبة إلى صناعة وُلدت لإنتاج المعدات القتالية والمواد الاستهلاكية للقوات المسلحة المصرية أن المصانع التي تنتج بالفعل سلعًا دفاعية تبدو باهتة مقارنةً مع قطاع التصنيع المدني للمؤسسة العسكرية. إن الصناعات الدفاعية الأكثر تقدّمًا من الناحية التكنولوجية في جميع أنحاء العالم هي فقط التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي من الناحية المالية، وذلك بفضل العملاء المحليين الكبار وأسواق التصدير الرئيسة. لا تكمن مشكلة الصناعة الحربية المصرية في أنها لا تجني أرباحًا، بل المشكلة الأعمق هي أنها غير كفؤة (بقياس المردود مقابل الكلفة) ولا تزال متخلّفة من الناحية التكنولوجية. يظل إنتاجها الدفاعي بالكامل تقريبًا مقتصرًا على المواد الاستهلاكية القتالية الأساسية والتكنولوجيا المتقادمة (كما تشهد مراجعة بسيطة للمعدات العسكرية المُعلن عنها على الموقعين الإلكترونيين الرسميين لوزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع). فهي غير قادرة على مضاهاة التطور التكنولوجي والدراية التصنيعية لأي نظير مماثل، ناهيك عن القوى العالمية المتقدّمة.
تكمن نقاط ضعف القطاع بشكل خاص في عجزه عن إصلاح وصيانة وتحديث أو تكييف معداته الدفاعية المستوردة، التي تشكل تقريبًا جميع مخزونات القوات المسلحة في كل فرع من فروع الخدمة. يُذكر أن تكلفة دعم (ناهيك عن تعديل) الأسلحة الحديثة على مدى دورة حياتها الكاملة يمكن أن تتجاوز سعر الشراء الأولي، والصناعة الحربية المصرية لم تحقق أي إنجاز يذكر في توفير هذا النوع من الدعم. كما أن نسبة الـ15 في المئة من إجمالي "التمويل العسكري الأجنبي" الأميركي المخصّص لصيانة القوات المسلحة ولوجستياتها لم تُستغل بشكل جيد، على الرغم من أن هذا التمويل كان مخصصًا على وجه التحديد لمساعدة الصناعة الحربية المحلية على تطوير هذه القدرات. تؤكد عدم قدرة القوات المسلحة المصرية على الحفاظ على طائرات هليكوبتر أباتشي الأميركية الصنع في الخدمة عندما تم تعليق التمويل العسكري الأجنبي بين العامين 2013 و2015، على كيفية تأثير هذه الفجوة على استعدادها التشغيلي.35
تفتقر الصناعة الحربية إلى أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، ناهيك عن استراتيجية مناسبة لتعلم الدروس وتطويرها. نتيجةً لذلك، لم ترق أبدًا إلى مستوى طموحاتها وادّعاءاتها. على الرغم من إنتاج عدد من الأنظمة بموجب ترخيص أجنبي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات والمروحيات ودبابة القتال الرئيسة الأميركية (M1)، إلا أنها فشلت في تطوير نوع القدرات المحلية التي قام بها منتجو الدفاع في شرق آسيا منذ الستينيات فصاعدًا. ويعود ذلك، بشكل كبير، إلى عدم كفاية الاستثمار بالكامل في البحث والتطوير، والطبيعة المنغلقة للاقتصاد العسكري، ما يعيق قدرته على استيعاب التكنولوجيا واستخدامها بفعالية. في الواقع، يمكن القول إن هذا هو السبب في أن التحول الدفاعي إلى الإنتاج المدني منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، والذي كان منطقيًا من الناحية النظرية، قد أسفر عن نتائج ضئيلة في الممارسة العملية.
لقد ورث خليفتها المدني المشاكل التي تعرقل الصناعة الحربية إلى حدٍّ كبير. ولكن في حين تشتري القوات المسلحة القليل نسبيًا من احتياجاتها القتالية محليًا، تُعتبر أوجه القصور التي تعاني منها المؤسسة العسكرية في الإنتاج المدني مخفية بسبب سوقها الكبير المقيّد في القطاع العام. على الرغم من أن وزارة الإنتاج الحربي سعت إلى تعزيز الصادرات من خلال المشاركة في عدد من المعارض التجارية الدفاعية الخارجية واستضافة معرض الدفاع المصري منذ العام 2018، إلا أن الصادرات تراوحت من صفر إلى 22 مليون دولار سنويًا على الأكثر في فترة 2000-2020.36 حقّقت الصناعات الدفاعية الناشئة في كلٍّ من الإمارات العربية المتحدة والأردن—إذا أخذنا أقرب مثالين—مزيدًا من النجاح كمصدّرَين. حتى إن القوات المسلحة المصرية اشترت ذخائر دقيقة التوجيه من الإمارات، وواحدة على الأقل من الطائرتَين من دون طيار التي تم تقديمها في معرض "إيديكس 2021" كتصميمات مصرية الأصل يُعتقد أنها تستند إلى نظام إماراتي.37 وشهدت تركيا، المقارنة الإقليمية الثالثة، نمو مبيعاتها الدفاعية من مليار دولار في العام 2002 إلى 11 مليار دولار في العام 2020، ما يجعلها رابع عشر أكبر مصدّر للمعدات العسكرية في جميع أنحاء العالم.38
المخاطر الاقتصادية ومسألة النزاهة
قد لا تكون المؤسسة العسكرية مسؤولة بشكل مباشر عن استراتيجية الرئيس الاقتصادية، لكنها شريك راغب ويبدو واضحًا أن لديها شهية متزايدة للنشاط التجاري. فمن ناحية أولى، تُعد المؤسسة العسكرية طرفًا في مخططات غير مجدية تضمن لها دخلًا مستمرًا مثل مشاريع استصلاح الأراضي—التي تستهدف 20 مليون فدان في السنوات الثلاث المقبلة—وبناء ثلاثين مدينة صحراوية وذكية أخرى تضمن مضاربات عقارية واسعة النطاق.39 ولهذا تأثير كبير على أنماط الاستثمار وتوزيعه من قبل الجهات الفاعلة الأخرى عبر القطاعات الاقتصادية، ولا سيما مساهمة القطاع الخاص وتنميته. من ناحية أخرى، وكما أكدت منظمة الشفافية الدولية في دراسة استقصائية للشركات المملوكة للمؤسسات العسكرية في جميع أنحاء العالم، فإن "ريادة الأعمال العسكرية، بمجرد أن تبدأ، تأخذ مسار حياة خاصة بها. وكثيرًا ما تخاطر النوايا الأولية لإنشاء برامج الاكتفاء الذاتي بتطوير اقتصاد داخلي مدفوع بالربحية".40 وأضافت أن هذا "يضر بالنزاهة المهنية وتماسك القوات المسلحة كمؤسسة... ومن المرجح أن يحدث الفساد على المستوى المؤسساتي أو الفردي".41
في المقام الأول، من المرجح أن تقاوم المؤسسة العسكرية المصرية أي تحركات لإعادة التفكير في الاستراتيجية الاقتصادية الشاملة التي تنطوي على التدخل العسكري في تلبية العقود الحكومية والاستغلال التجاري للبنية التحتية العامة والموارد الطبيعية. لكن هناك حاجة ماسة إلى خوض نقاش مفتوح حول الاستراتيجية. كما يشير كتاب للبنك الدولي نُشر في تشرين الأول/أكتوبر 2021، قد يعني "تراجع التصنيع المبكر وانتشار تقنيات الأتمتة المرتبطة بالصناعة 4.0" أن "نموذج التنمية المبني على التصنيع القائم على التصدير، والذي شوهد في شرق آسيا سيكون تقليده في المستقبل أكثر صعوبة بالنسبة إلى البلدان الأقل تصنيعًا".42 يمكن أن ينطبق هذا بالتأكيد على مصر، التي ربما فاتها قطار هذا النموذج. لكن نمط الاستثمار الذي تقوده الدولة وتتزعمه المؤسسة العسكرية منذ العام 2014 لا يفعل الكثير لدعم البديل الذي اقترحه البنك الدولي، أي التنمية التي تقودها الخدمات. وهذا أيضًا يتطلب عوامل نمو الإنتاجية مثل التجارة الدولية ووفورات الحجم والترابط بين القطاعات والابتكار. ومن المهم أيضًا أن التنمية التي تقودها الخدمات تتطلب تغييرًا تكنولوجيًا لتعزيز فرص النمو في الخدمات التي لا تعتمد على قاعدة تصنيعية ولكن لديها إمكانية لإنتاجية عالية، إضافةً إلى استحداث فرص عمل على نطاق واسع للعمال ذوي المهارات المنخفضة نسبيًا.
ومن المهم أيضًا أن الاقتصاد العسكري لم يحفّز الاستثمار الخاص عمومًا، على الرغم من المزاعم المتكررة بأن المؤسسة العسكرية قد أتاحت الفرص وتهتم بالشراكة مع القطاع الخاص. قدّم رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس رأيًا مخالفًا في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عندما اشتكى من أن "تدخل الدولة في القطاع الخاص يخلق ساحة لعب غير متكافئة".43 قبل العام 2013، لم تؤت المخاوف العرضية من أن نطاق وحجم النشاط الاقتصادي العسكري قد يؤديان إلى مزاحمة الشركات الخاصة ثمارها. ولكن هذا الواقع تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين. فقد رفعت المؤسسة العسكرية نصيبها من ملكية القدرة الإنتاجية في عدد من القطاعات الرئيسة—وأبرزها صناعة الإسمنت والصلب، ومحاجر الرخام والغرانيت، وربما الزراعة بشكل عام—من الصفر تقريبًا إلى 20-25 في المئة أو أكثر. علاوةً على ذلك، أدت المشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية إلى رفع أسعار المدخلات والسلع في القطاع الخاص فعليًا، من خلال تقييد العرض. سيطرت المؤسسة العسكرية أيضًا على أسواق تجميع السيارات الهجينة والكهربائية وسلاسل البيع بالتجزئة التي تزودها (بمحطات تحويل وشحن)، بالتوازي مع جهود الحكومة لإحياء شركة النصر لصناعة السيارات العملاقة المملوكة للدولة.
قد لا تؤدي استراتيجية السيسي الاقتصادية التي تقودها الدولة إلى مزاحمة الاستثمار الخاص حتى الآن، لكنها لا "تُشركها" أيضًا.44 في الواقع، لم يتم تصميم استراتيجيته في المقام الأول للقيام بذلك، أي تسهيل دخول وتوسع القطاع الخاص، على الرغم من أن الاقتصاد يعمل بأقل من طاقته. من المفترض أن يحسّن القانون المعدل بشأن الشراكات بين القطاعين العام والخاص في المشاريع التي تمولها الحكومة، والذي وافق عليه مجلس النواب في تشرين الأول/أكتوبر 2021، فرص مشاركة القطاع الخاص في جميع مراحل المشروعات، من التصميم إلى التنفيذ ثم متابعة التشغيل والإدارة. لكنه لا يغير من صلاحيات المؤسسة العسكرية في ما يتعلق بالمشاريع المدنية التي تديرها، لذلك قد لا يتغير كثيرًا في الممارسة. لا تزال المساحة العسكرية غير منقوصة في ما يتعلق بممارسات مثل إغراق الأسواق المحلية بالواردات الرخيصة، ما يضر بالمنتجين من القطاع الخاص المحلي في قطاع الدواجن على سبيل المثال.
كذلك، نادرًا ما تقاوم الشركات الخاصة هذا المنحى، بسبب التصور السائد، وفقًا لمحلل استثمار أجنبي بأن "لا أحد يستطيع أن يعارض المؤسسة العسكرية، فهذه المؤسسة تفوز دائمًا". أشار تقرير صادر عن البنك الدولي في كانون الأول/ديسمبر 2020 إلى أن القطاع الخاص يعوقه بشكل عام الافتقار إلى بيئة تنظيمية شفافة ومبسطة ويمكن التنبؤ بها، ويواجه عراقيل في الفصل في الأحكام وتنفيذها، وعمليات مطولة تأخذ الأصول إلى التقاضي وتعيق استخدامها الإنتاجي. وأضاف التقرير أن الآثار السلبية تشمل الخسائر التي تكبدتها الشركات والاقتصاد على حدٍّ سواء، ما يقوّض نمو الشركات الأصغر ويضعف الروابط الخلفية والأمامية.45 وعلى الرغم من أن القطاع الخاص لا يزال مهيمنًا في معظم قطاعات الاقتصاد الحقيقي ولا يزال يمثل حوالى 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الزيادة الحادة في الاقتراض العام لتمويل المشاريع العملاقة تقيّد الحصول إلى الائتمان المحلي الذي انخفض بمقدار النصف بين العامين 2000 و2019.46
ونتيجةً لذلك، يُسجّل الاستثمار الخاص كحصة من الناتج المحلي الإجمالي "أدنى مستوياته على الإطلاق... حتى أقل مما كان عليه خلال فترة عبد الناصر الاشتراكية".47 فقد انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل مطّرد منذ العام 2017، إذ ذهب 75 في المئة منه إلى قطاع الطاقة، ومبالغ أصغر إلى العقارات والسياحة، ولا شيء تقريبًا لقطاعات الاقتصاد الأخرى غير الهيدروكربونية. وبدلًا من التخفيف من حدة هذه المشاكل، ساهم النشاط الاقتصادي العسكري في تفاقمها.
في الحالة الثانية، كما حذرت منظمة الشفافية الدولية، ثمة خطر حقيقي من أن شهية المؤسسة العسكرية المتزايدة ستدفعها إلى التوسع في قطاعات إضافية. لقد حاولت المؤسسة العسكرية بالفعل الدخول إلى قطاعات توفير خدمات الهاتف المحمول والإنترنت المربحة للغاية، وفي كلتا الحالتين تبرر تحركاتها باسم الأمن القومي. تشير الأدلة السردية المتكررة التي تقول إن الجهات العسكرية والمتقاعدين من القوات المسلحة يضغطون على الشركات الناشئة للتنازل عن حصة من الملكية أو عضوية مجلس الإدارة مقابل الحصول على التراخيص والائتمان الحكومي، إلى أن هذا النوع من الديناميات يتخذ بالفعل أشكالًا افتراسية جديدة. وبدلًا من أن تؤدي هذه الفرص المميزة للممارسات الريعية والافتراس إلى دعم ريادة الأعمال، من المرجح أن تفضي إلى إذكاء الاندفاع والتزاحم المفرطَين للاقتصاد العسكري.
وحتى في حال عدم حدوث توسعات وتنوعات جديدة أو ممارسات افتراسية صريحة، فإن المؤسسة العسكرية في صدد الحصول على ما يرقى إلى منطقة اقتصادية حصرية دائمة. ويشمل ذلك أجزاء من ساحل البحر الأبيض المتوسط والبحيرات الشاطئية المجاورة، وقناة السويس بأكملها ومناطق تمتد حتى عشرات الكيلومترات في الداخل على كلٍّ من الضفتين، وساحل البحر الأحمر والمنطقة الجنوبية الغنية بالذهب والممتدة من أسوان حتى الحدود مع السودان. يكمن الجزء الأكبر من استثمارات الدولة في المشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية في هذه المناطق، والتي تم تخصيصها من قبل الرؤساء المتعاقبين، بما في ذلك السيسي، للإشراف العسكري. في الوقت نفسه، يتم منح شركة العاصمة الإدارية للتنمية العقارية التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية عقارات رئيسة أخلتها الوزارات والهيئات الحكومية التي انتقلت من وسط القاهرة إلى العاصمة الجديدة التي تم تشييدها على أرض عسكرية. ستحارب المؤسسة العسكرية أي رئيس أو حكومة تسعى إلى تخفيف سيطرتها على تدفقات الدخل التي تستمدها من هذه الأصول، إن لم يكن على الأصول نفسها، كما أظهرت جليًّا عندما أفشلت خطط الرئيس محمد مرسي لإنشاء سلطة تطوير قناة السويس ملحقة بالرئاسة قبل أشهر فقط من الإطاحة به في العام 2013. وقد أكد وزير الدفاع هذا المنظور مرة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، حين نقل سيطرة الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء التابع للحكومة، والذي يشرف على مشاريع تصل قيمتها إلى 275 مليار جنيه مصري (15.4 مليار دولار) إلى سيطرة وزارته.48
يهدّد ترسيخ إدرار الدخل كنشاط عسكري احترافية القوات المسلحة ويزيد من مخاطر الفساد. فقد كشفت دراسة استقصائية مبتكَرة أُجريت على عيّنة من أفراد القوات المسلحة أن 30 في المئة من الضباط برتبة ملازم ثاني وما فوق يأملون في العمل في شركات تابعة للمؤسسة العسكرية عند التقاعد (مقابل 21 في المئة يأملون بالعمل في الحكومة و25 في المئة في القطاع الخاص). وهذا يؤكد التصور السائد في صفوف أفراد القوات المسلحة بأن الاقتصاد العسكري يشكّل فرصة تجارية.49 ويعني ذلك، على الرغم من إبراز مظهر عام عن النزاهة والاستقامة—وهو أمر مبرّر في الحقيقة عند مقارنته بسوء الإدارة والفساد في مجال الحكومة المدنية—أن المؤسسة العسكرية أيضًا معرّضة لخطر كبير. في الواقع، تقع مصر ضمن مجموعة البلدان الأكثر عرضة إلى خطر الفساد في قطاع الدفاع، حيث بلغ تصنيفها الدرجة "الحرجة" في كل فئة تم قياسها في مؤشر مكافحة الفساد في قطاع الدفاع الحكومي، الخاص بمنظمة الشفافية الدولية.50 علاوةً على ذلك، لا ينطبق الخطر فقط على الاقتصاد العسكري الرسمي، كما هو مفصّل في تقرير "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري"، ولكن أيضًا على الآلاف من كبار المتقاعدين العسكريين العاملين في الجهاز المدني للدولة في الوزارات والهيئات الحكومية، وعشرات الهيئات الاقتصادية التنظيمية والتشغيلية، والصرح الكامل للحكم المحلي، وشركات قطاع الأعمال العام.51
الخيارات السياساتية
ليست القضية الأولى بالضرورة إخراج المؤسسة العسكرية من إنتاج السلع والخدمات العامة تمامًا، بل بالأحرى كيفية تأكيد هيكليات وآليات الحوكمة المدنية الفعالة، وضمان الكشف الكامل والسيطرة الحكومية على البيانات والموارد المالية، واستعادة (أو، عند الحاجة، إعادة تأهيل) دور الهيئات الحكومية في تخطيط وتصميم وإدارة جميع الأنشطة التي تمولها الدولة والمخصصة للمجال المدني. ينطبق هذا حتى في ما يتعلق بالصناعة الحربية—فللمؤسسة العسكرية بطبيعة الحال مصلحة كبيرة في المحصلات ويجب أن تكون طرفًا رئيسًا في التشاور حول الاحتياجات العملياتية والتصميمات الفنية، ولكن لا ينبغي أن تكون مخوّلة بتوزيع الأصول أو امتلاكها ولا بالتدقيق والمحاسبة عليها أو الاستفادة منها ماليًا. تتطلب جميع الخيارات امتثال الشركات العسكرية للتأمين الاجتماعي والصحة والسلامة والتشريعات واللوائح الأخرى التي تحكم قطاع الأعمال العام، بما في ذلك عمليات تدقيق مستوى امتثالها. كحدٍّ أدنى، يجب أن تخضع الشركات العسكرية لإعادة هيكلة الديون الرسمية وإعادة التفاوض بشأن صيغة تمويلها.
تتوفر مجموعة من الخيارات للتعامل مع الأنشطة الاقتصادية العسكرية والشركات والأصول: الاحتفاظ بالقدرة بها أو إعادة هيكلتها أو التجريد (أي بيعها أو تصفيتها). يتعلق الخيار الأول أساسًا بالصناعة الحربية، والثاني بالأشغال العامة وخدمات المشتريات واستغلال الموارد الطبيعية الوطنية، والثالث بإنتاج السلع للأسواق المدنية. (أما التحدي الرابع، الذي لا يتم تناوله في هذه الدراسة، فهو كيفية دحر وتفكيك أسس جمهورية الضباط، أي شبكات المتقاعدين العسكريين في جهاز الدولة، والتي تكمل الاقتصاد العسكري الرسمي). ونظرًا إلى النطاق الواسع والمتنوّع للاقتصاد العسكري، ناهيك عن المصالح السياسية الكبيرة التي ينطوي عليها هذا الأمر، تُطرح على الفور بعض الأسئلة: أي أجزاء من الاقتصاد العسكري ينبغي معالجتها أولًا؟ وأيٌّ منها يمكن تركه لمراحل لاحقة؟ وكيف يمكن التخفيف من المخاطر المتعلقة بالتأجيل؟ يتعلّق تحديد الأولويات وتسلسلها في آن بالمكان الذي يمكن فيه التغلب على المقاومة السياسية، وبالكفاءة الاقتصادية والمالية (أي كيف يمكن تحقيق الأهداف المعلنة بشكل أفضل). في كلتا الحالتين، من شبه المؤكد أن نهجًا هجينًا يجمع بين خيارات عدة سيكون ملائمًا أكثر من اتّباع نهج واحد لجميع الحالات.
الاحتفاظ بالقدرة
إن الصناعات الدفاعية مكلفة. لذا، يجب على مصر أن تقبل هذه الحقيقة إذا كانت تريد الاحتفاظ بقدرة تصنيعية حربية محلية. وينبغي أن تواجه أيضًا حقيقة أن معظم شركاتها ومصانعها الحربية ظلت تتكبد خسائر على الرغم من تحويل جزء كبير من عملياتها إلى الإنتاج المدني (أو إضافة سعة جديدة لها). إن امتياز الوصول إلى العقود الحكومية يخفي انخفاض فعاليتها مقابل الكلفة. يمكن بسهولة دحض الحجة القديمة القائلة إن الانخراط في الإنتاج المدني هو ما يسمح لمصر بالحفاظ على إنتاج حربي محلي، إذ إن الشركات المدنية التابعة للمؤسسة العسكرية لا تقدّم سوى فوائد واضحة قليلة للصناعة الحربية ومجالات تظافر محدودة معها، فهي لا توفر تكنولوجيا عالية الجودة، ولا البحث والتطوير والمحتوى المحلي والقيمة المضافة، كما أنها لا توفر مدخرات صافية حقيقية للخزينة العامة من أجل الاستثمار في تطوير الصناعة الدفاعية.
لا تعتمد القوات المسلحة، في الواقع، على الإنتاج الحربي المحلي لتوفير أكثر بكثير من المستهلكات القتالية كالذخائر غير الدقيقة، والنقل المدرع الخفيف، والدبابات المُجمَّعة من القطع المستوردة، والعتاد الشخصي. هذا ليس بقليل، إذ أشارت بيانات وزارة الإنتاج الحربي إلى أن الناتج المتعلق بالدفاع قُدِّر بما بين 1.95 مليار جنيه مصري (234 مليون دولار آنذاك) في 2015-2016 و2.8 مليار جنيه مصري في 2019-2020 (180 مليون دولار آنذاك).52 قد تختار الصناعة الحربية الاكتفاء بالحفاظ على هذا المستوى من القدرات، ولكن سيتعين عليها سد الفجوات الرئيسة في القدرات والدراية الإنتاجية والاستثمار إذا كُتب لها أن تحقق أهدافًا أكثر طموحًا.
ومن أجل جعل الحفاظ على أي مستوى قابلًا للتطبيق، ناهيك عن السماح بإجراء التحسينات والتخصّص، ينبغي أن تتخذ الصناعة الحربية خطوات رئيسة عدة. أولًا، كما أشرنا أعلاه، يجب أن تعيد تحديد أهدافها: أي من احتياجات القوات المسلحة يمكنها تلبيتها أو السعي إلى تلبيتها؟ ما هي الأنشطة التي توفر فرصًا لبناء أو تحسين القدرات المحلية—إنتاج الأسلحة أو نظم إسناد القتال، على سبيل المثال، أو تطوير خدمات مثل القدرة على إصلاح هذه النظم وصيانتها وتكييفها وتحديثها؟ يمكن أن تتساوى تكلفة صيانة نظم الأسلحة الرئيسة على مدار حياتها التشغيلية مع تكلفة شرائها أو أن تتجاوزها، لذلك يَعد النهج الأخير بتوفير كبير مع تعزيز المعرفة الفنية ونقل التكنولوجيا. وعمومًا، يجب على الصناعة الحربية إجراء مراجعة شاملة من أجل تحديد أفضل السبل التي يمكن أن تقدّم قيمة مضافة عسكرية وصناعية وتكنولوجية.
ثانيًا، ينبغي على الصناعة الحربية أن تعيد تصميم استراتيجيتها لتحقيق هذه الأهداف. صحيحٌ أن الاستثمار بشكل أكبر في البحث والتطوير أمرٌ بديهي، لكن يجب أن يتم تحديد التوازن المناسب بين تطوير قاعدة تكنولوجية محلية مقابل الاعتماد على واردات التكنولوجيا من الشركاء الأجانب. كخطوة أولى، من الأفضل التركيز على تطوير القدرة المحلية على إدماج التكنولوجيات الجديدة عملياتيًا بدلًا من إنتاجها. قد تستفيد مصر من مكانتها العالمية كمستورد رئيس للأسلحة لتوسيع إنتاجها بموجب تراخيص أجنبية، ليصبح ذلك عنصرًا رئيسًا في استراتيجيتها للتنمية الصناعية والتكنولوجية، حتى لو كانت لديها أيضًا الإرادة والموارد لتحمّل تكاليف أعلى لتطوير القدرات المحلية. فتخفيض التكاليف، إلى جانب توقّع قفزات هائلة في التكنولوجيا العسكرية العالمية، يمكن تحقيقه من خلال الاستثمار في المحاكاة ولعب السيناريوهات إلكترونيًا والنمذجة بدلًا من التصنيع أو الاستحواذ، على سبيل المثال.
في غضون ذلك، قد يركز القطاع جهودَ البحث والتطوير على مجالات محددة، فضلًا عن فرص التصدير المحتملة. أحد الأمثلة التي يتم اتباعها بالفعل هو تطوير مركبات نقل المشاة والقتال مثل مركبات وزارة الإنتاج الحربي ST-100 وST-500 ذات العجلات، المقاومة للألغام والمحمية من الكمائن، والمركبات المدرعة من طراز سيناء 200، وعربات القتال من طراز تمساح ومركبات الحرب الإلكترونية التي ينتجها مجمع الصناعات الهندسية التابع لإدارة المركبات في القوات المسلحة بناءً على هياكل نيسان وتويوتا.53 قد تشير الطائرات من دون طيار ورادارات الدفاع الجوي الثنائية الأبعاد المعروضة في معرض "إيديكس 2021" أيضًا إلى نهج مماثل لتطوير نظم ذات فائدة مباشرة للقوات المسلحة، وبهدف ثانوي يتمثّل في توليد فرص تصدير.54 مع ذلك، يجب دمج هذه التطورات في استراتيجية شاملة ذات أهداف واضحة، إذا أُريد لمجموعها أن يفوق أجزاءها كلًّا على حدة.
ثالثًا، يجب على الصناعة الحربية أن تعيد هندسة علاقتها بالقطاع المدني. فمن ناحية، سيسمح التخلي عن الجانب المدني من عملياتها للصناعة الحربية بالتخصّص وزيادة مساهمتها في قدرات القوات المسلحة. ومن ناحية أخرى، تحتاج الصناعة الحربية إلى تكامل أفضل مع نظرائها المدنيين لتوسيع نطاق الابتكار وزيادة الجودة، مع توزيع تكلفة الاستثمار والمجازفة. يتعاون المصنّعون العسكريون، بناءً على تصريحاتهم العلنية، مع الصناعات المغذية والمقاولين من القطاع الخاص. مع ذلك، ليس واضحًا كم من هذا التعاون، إن وُجد، يتعلق على وجه التحديد بالمخرجات المتعلقة بالدفاع، إذ يفضلون على ما يبدو الإنتاج الذاتي. وعلى الرغم من أن هذا التفضيل قد يكون قابلًا للتطبيق بالنسبة إلى العناصر ذات التكنولوجيا المنخفضة أو القديمة مثل بطاريات وإطارات المركبات أو الذخائر غير الموجهة، إلا أنه لا يمثل تقدّمًا كافيًا لإنتاج المكونات الإلكترونية أو أدوات الإنتاج المتقّدمة (ناهيك عن الروبوتات أو المكونات الأخرى اللازمة لإنشاء "منظومة القيادة والسيطرة الشاملة" الخاصة بشبكات المعارك المستقبلية). يمكن أيضًا العثور على أوجه التظافر والفوائد العرضية من خلال التوسع في الصيانة والإصلاح والمجالات الأخرى التي يمكن للمقاولين المدنيين المساهمة فيها.
في جميع الحالات، تتطلب التحولات النوعية بالحجم المشار إليه أعلاه الانفتاح على الشركاء المدنيين. وكما يرى المحلّلان الدفاعيان سيمونا سواري وفابريس بوثيير في مراجعتهما للقوى العالمية الكبرى، يتطلب الابتكار الدفاعي "إعادة تصميم وتنفيذ علاقة جديدة بين مؤسسات الدفاع والمجتمعات، ولا سيما مجتمعات الخبراء في القطاع الخاص الصناعي والأوساط الأكاديمية".55 وتشير الأدلة من الدول العربية الأخرى إلى الاستنتاج نفسه. فعلى الرغم من أن الصناعات الدفاعية المحلية في الإمارات العربية المتحدة والأردن لا تزال في مهدها مقارنةً مع مصر، إلا أن إشراك المدنيين زاد من قدرتها على استيعاب واستخدام الشراكات مع شركات تصنيع دفاعية أجنبية، وخاصة أميركية، والانتقال إلى درجة أعلى في سلم التكنولوجيا.
أخيرًا وليس آخرًا، تحتاج الصناعة الحربية المصرية إلى إعادة هيكلة رسمية للديون والتفاوض بشأن صيغة تمويل جديدة إذا كانت ستنفّذ أيًا من الخيارات المذكورة أعلاه. هذا تحدٍّ حتى بالنسبة إلى منتجي الدفاع الرئيسين مثل روسيا، التي عالجته بشطب ثلث ديون القطاع في العام 2020.56 ومهما كان النهج الذي يقع الاختيار عليه، فسيؤدي إلى آثار فورية على كلٍّ من ميزانية الدولة والصناديق الخاصة بوزارة الدفاع، التي تحتفظ فيها بجميع مداخيلها المتأتية عن أنشطتها المدنية. وقد تسفر أيضًا عن آثار غير مباشرة على النظام المصرفي. ومن أجل تحسين القدرة على التنبؤ والتخطيط، والسماح بعائدات أعلى للشراكات مع نظراء مدنيين أو أجانب، وتجنّب العودة إلى الديون الخفية أو المعدومة، يجب أن يندرج تمويل الصناعة الحربية ضمن ميزانية الدولة وأن يخضع لشكل تقييم متفق عليه لتحقيق الفعالية مقابل التكلفة.
إعادة الهيكلة
تثير المشاركة العسكرية في إدارة الاستثمار الذي تقوده الدولة في الأشغال العامة، وتوريد المشتريات الحكومية، والاستغلال التجاري للموارد الطبيعية للبلاد، قضيتَين متميزتَين. الأولى هي الحاجة إلى التخفيف من الطبيعة الريعية لهذه الأنشطة من خلال إخضاعها بالكامل لإشراف مدني لا لبس فيه، والأهم من ذلك، في إطار مالي شفاف. سيسمح هذا بتحليل التكلفة والعائد الاقتصادي الفعال بقدر ما سيضمن النزاهة المالية. والثانية هي الحاجة إلى إعادة التفكير في استراتيجية النمو الاقتصادي الكائنة وراء هذه الأنشطة، نظرًا إلى أن الكثير مما تفعله المؤسسة العسكرية في الواقع يتمثّل في الاستيلاء على الإيجار وإعادة تخصيصه أو، في أفضل الأحوال، توسيع فرص البحث عن الريع من خلال المضاربة العقارية بدلًا من توليد قيمة جديدة من خلال زيادة الإنتاجية في الاقتصاد الحقيقي أو فتح قطاعات للجهات الفاعلة الاقتصادية الأخرى. وحتى عندما توفر المرافق والمنشآت التي تقدّم قيمة مضافة مثل المجمعات الصناعية والخدمية والتجارية، فإنها تعمل كصاحب عقد إيجارها الدائم وتحتفظ بمداخيلها.
تشير إعادة الهيكلة، في سياق الاقتصاد العسكري، إلى التحولات في الترتيبات المؤسساتية، ونتيجةً لذلك، في كلٍّ من التوزيع القطاعي والمكاني للخدمات المتخصّصة والإنتاج، وتدفقات رأس المال، والعمل غير الرسمي.
في الحالة الأولى، ثمة قيمة في الاعتماد على المهارات العسكرية الهندسية والإدارية—وعلى المعدات والمرافق والقوى العاملة العسكرية حيثما كان ذلك مناسبًا—للمساهمة في مشاريع التنمية القومية، ولكن لا بدّ من تفكيك النموذج الريعي الحالي لمعظم الاقتصاد العسكري. إن نقل المسؤولية عن التخطيط والإشراف والإدارة كليًا إلى أيدي المدنيين ليس حلًا مؤكّدًا لمشكلة السعي وراء الريع، ولكنه يجب أن يكون الهدف النهائي. ثمة قدر كبير من المنطقية لوجهة النظر المعلنة للسيسي وكبار ضباط القوات المسلحة بأن الجهاز البيروقراطي المدني الضخم في الدولة يعاني من معدلات تسليم متدنية للمشاريع وسوء إدارة للأموال والموارد. ومع ذلك، تظل الحقيقة بأن الهيئات الحكومية هي التي تدير السواد الأعظم من الأشغال العامة والمشتريات حتى في عهد السيسي. فإذا كان تقاسم الأعباء بين الهيئات العسكرية وبين نظيراتها المدنية أمرًا مبررًا، يجب بالقدر نفسه أن يسير جنبًا إلى جنب مع جهد أوسع لتحسين أداء الهيئات المدنية وتمكينها لتصميم وإدارة وتسليم الأشغال والعقود الأخرى، وبالتوازي، لإنهاء الدور العسكري ضمن جدول زمني محدّد.
لقد انخرط السيسي بالفعل منذ سنوات عدة في صراع شاق لإصلاح الآلية البيروقراطية للدولة. ينصب تركيزه بشكل أساسي على زيادة الكفاءة الإدارية في جميع المجالات وتقليل فاتورة رواتب القطاع العام. ومع ذلك، يجب أن يكون إحلال الإدارة المدنية محل العسكرية أمرًا سهلًا نسبيًا في أنشطة مثل استصلاح الأراضي وبناء المساكن والمدن الجديدة. من ناحية أخرى، تتمتع الهيئات المدنية بخبرة تراكمية كبيرة في كلا القطاعين. من ناحية أخرى، حققت المخططات الضخمة لاستصلاح الأراضي وبناء المدن تحت الإدارة العسكرية من 1954 و1977، على التوالي، نجاحًا محدودًا، لا بل لاقت الفشل أكثر مما لاقت النجاح. علاوةً على ذلك، يتم تنفيذ المشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية في هذه القطاعات بالاشتراك مع هيئات مثل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والشركة القابضة لاستصلاح الأراضي والجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وكلها يرأسها ويعمل فيها عدد كبير من متقاعدي القوات المسلحة. إذا كانت المؤسسة العسكرية تمتلك حقًا المهارات الإدارية والتنظيمية الفائقة التي تدّعيها، فإنها حاضرة في داخل الجهاز البيروقراطي الحكومي.
وبشكل عام، ما من سبب يمنع عمليات تحديد أولويات المشاريع ومواصفاتها الفنية، وطرح العطاءات وتقييمها، وعمليات إجراء التدقيق من اتّباع القواعد النظامية للمشتريات الحكومية والتفتيش، طالما أن الموقف الرسمي هو أن المؤسسة العسكرية هي مجرد واحدة من جهات حكومية عدة مسؤولة عن تنفيذ أهداف التنمية القومية التي حددتها الرئاسة والحكومة. لكن في الوقت الحالي، تقوم المؤسسة العسكرية بهذه العمليات بشكل منفصل، إما من تلقاء نفسها أو بالشراكة مع هيئة الرقابة الإدارية التي تهيمن عليها المؤسسة العسكرية. إضافةً إلى ذلك، تتفاوض حول هوامش ربحها مع المقاولين من القطاع الخاص الذين يقدّمون العمل الفعلي، بدلًا من اتباع هيكل رسوم واضح تفرضه الحكومة. وتحتفظ المؤسسة العسكرية بهذه الأرباح، وكذلك الرسوم المستقبلية التي سوف تستوفيها من المشاريع الكثيرة التي تظل تحت إدارتها بعد التسليم، بدلًا من تحويلها إلى خزينة الدولة.
يُعد توحيد هياكل التكلفة والرسوم أمرًا ضروريًا، وكذلك الكشف الكامل عن المبالغ لديها وأي دخل صافٍ أو وفورات من ميزانيات المشاريع. علاوةً على ذلك، فإن عقود الإيجار وحق الانتفاع التجاري للمشاريع التي يتم تسليمها باستخدام أموال الدولة—مثل الطرق السريعة والصوب الزراعية—يمكن وينبغي تحويلها إلى الجهات الحكومية ذات الصلة. والحجة القائلة بأن المؤسسة العسكرية يحق لها استرداد استثماراتها في هذه المشاريع باستخدامها كامتياز تجاري تتجاهل تمامًا حقيقة أن الحكومة تمولها بالكامل تقريبًا في البداية، وأن المؤسسة العسكرية هي جهة حكومية يتم توفير تكاليفها الأساسية من خلال الموازنة العامة للدولة، وأن أي أموال تقديرية أو مداخيل هي استقطاع من الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للدولة أو من الاستخدام التجاري لأصول الدولة مع تحويل دخولها من الخزينة العامة إلى الصناديق الخاصة بوزارة الدفاع والهيئات العسكرية الأخرى. باختصار، لا ينبغي على الإدارة العسكرية للمشاريع الممولة من القطاع العام أن تمنح المؤسسة العسكرية تلقائيًا حق تصرف بها. وكحدٍّ أدنى، يجب أن تعمل المؤسسة العسكرية على إضفاء الطابع الرسمي على عقود البناء-التشغيل-النقل (أو البناء-التأجير-التشغيل)، والتي ينبغي نشر تفاصيلها وإخضاعها للنقاش العام.
وبالمثل، تتمتع الهيئات المدنية بالكفاءة الكافية للسيطرة الكاملة على التجارة الخارجية والتموين والتوريد المحليَين وترخيص استخراج الثروة المعدنية وتسويقها. ومفاد القول إن هذه المجالات عرضة للفساد هو فقط أنه يجب ضبطها بشكل أفضل؛ أما الافتراض بأن النظراء العسكريين محصّنون بالمطلق من الفساد وسيظلون كذلك فلا أساس له من الصحة. علاوةً على ذلك، يجب أن تكون الهيئات المدنية في وضع يمكّنها من إجراء تقييم التكلفة الاقتصادية الكاملة والمراجعات البيئية لجميع المشاريع التي تمولها الدولة. ببساطة، ما من سبب تقني أو ضرورة مهنية تستوجب وضع إدارة المؤسسة العسكرية للمشاريع المدنية طي الكتمان المعلوماتي، ناهيك عن الإصرار على سرية الحسابات المالية المرتبطة بها.
قد توفر التعديلات التي تمت في تشرين الأول/أكتوبر 2021 على القانون الرقم 67 للعام 2010 من أجل تعزيز قدرة القطاع الخاص على الشراكة مع القطاع العام في تنفيذ جميع مراحل الأعمال التي تمولها الحكومة، أساسًا لتعديل كيفية إدارة المؤسسة العسكرية للمشاريع المخصّصة لها. تظل المشتريات العامة مصدرًا رئيسًا للمحسوبية حتى في البلدان الأخرى التي لديها أطر قانونية وتنظيمية جيدة. لكن توحيد لوائح المشتريات الكثيرة في مصر ضمن قانون واحد موحّد كما يريد صندوق النقد الدولي، وكما وافقت الحكومة المصرية على فعله بموجب اتفاقية العام 2016، سيظل يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام لو تحقق.
من الأهمية بمكان أن يتم إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية لجميع المشروعات—ويُفضَّل أن يشمل ذلك المشروعات السابقة إضافةً إلى الحالية—وإصدارها علنًا للسماح بتحليل التكلفة والعائد وتوجيه الاستثمارات المستقبلية. وللسبب نفسه، ينبغي تنفيذ المشروعات العملاقة الجديدة بشكل مصغّر كلما أمكن ذلك، بغية اختبار افتراضات التصميم والتسويق الخاصة بها، قبل التوسع فيها. وعلى الرغم من أن السيسي لا يزال متعلقًا بمشاريع الصروح الضخمة، إلا أنه حظّر في آب/أغسطس 2021 بيع الوحدات في المشاريع السكنية الجديدة قبل أن يتم بناء 30 في المئة منها، وهو اعتراف ضمني بمخاطر زيادة العرض وارتفاع حمى سوق العقارات. ليس من المعتاد التشاور مع المجتمعات المحلية والمخططين المستقلين حول كيفية الموازنة بين الاستثمار العام في الطرق وبينه في النقل بالسكك الحديد والنقل النهري لأغراض الشحن، على سبيل المثال، أو حول اختيار مواقع المساكن الجديدة والمنشآت الإنتاجية والأسواق للفئات ذات الدخل الحدود، وسبل الوصول إليها.
التجريد
في حين أن التصنيع القائم على التصدير قد لا يكون النموذج الذي ينبغي أن تتبعه مصر، كما ذكرنا سابقًا، هذا لا يستبعد الحاجة إلى جعل قطاعَي التصنيع وإنتاج السلع العسكريَين أكثر كفاءة وفائدة. فقد فشلت في الغالب سياسة تحويل الإنتاج الحربي إلى إنتاج مدني أو إلى ما يسمى بالشركات المتكاملة التي تقدّم سلعًا عسكرية ومدنية سويًا، ويرجع ذلك جزئيًا، على غرار تجربة روسيا في التسعينيات من القرن الماضي، إلى أن مديري الشركات "لا يزالون يعتمدون على امتيازاتهم ومواردهم العسكرية"، ما أدى في الحالة الروسية إلى خسائر وديون كبيرة.57
لا تزال شركات الدفاع الروسية تُحث على "تنويع محافظ المنتجات من خلال تطوير سلع مدنية ذات تكنولوجيا عالية قادرة على تلبية الطلبات المحلية والتصديرية"، ولكن هذه المقاربة ستكون أقل جدوى للشركات المصرية التي تفتقر إلى نفس مستويات التصنيع والبنية التحتية العلمية والتكنولوجية في الاقتصاد الأوسع.58 علاوةً على ذلك، فإن هذه الأخيرة بعيدة كل البعد عن الشركات العسكرية الصينية التي كانت تصدّر ما يقرب من 4 مليارات دولار من البضائع بحلول منتصف التسعينيات وتحوّل أكثر من نصف أرباحها إلى الحكومة المركزية والاقتصاد المدني.59 أيضًا، كما تُظهر تجربة الأعمال العسكرية الفيتنامية، فإن الجهود التي تبذلها وزارة الإنتاج الحربي والكيانات المصرية الأخرى لإعادة هيكلة الشركات العسكرية كوسيلة لتقليل تكاليف التشغيل والهدر ولزيادة الدخل والمنافع، لا ينبغي أن تمنع خيار الإفلاس والتصفية. بل وفي الواقع، أظهر صندوق التقاعد العسكري التركي (أوياك) ما يمكن القيام به من خلال الذهاب إلى الجهة المعاكسة: إذ إن الشركات التجارية المدنية الخاصة بالصندوق والبالغ عددها حوالى تسعين شركة، والتي تملك مجتمعة أصولًا وصلت إلى 157 مليار ليرة تركية (22.8 مليار دولار) في العام 2020، ناجحة على وجه التحديد لأن المدنيين هم الذين يديرونها بشكل كامل ولأنها تخضع بالكامل للإطار القانوني والتنظيمي نفسه الذي يخضع له المنافسون المدنيون.60
تقدّم مساعي السيسي المزدوجة لتحقيق الكفاءة المالية (بمعنى تقليل الكلفة وزيادة العائد) في القطاع العام وجذب الاستثمار الخاص في الشركات العسكرية مبرّرًا وفرصة في آن لتحاكي مصر عملية الإصلاح التي أطلقتها الصين في العام 1998، والتي حوّلت غالبية الشركات التي يديرها جيش التحرير الشعبي إلى مشاريع مملوكة للدولة.61 ثمة مساران محتملان إلى ذلك: (1) نقل جميع الشركات العسكرية (ربما على مراحل) إلى هيئة قابضة واحدة تشبه إلى حدٍّ بعيد صندوق "أوياك" التركي أو مؤسسة فوجي الباكستانية؛ أو (2) فتح هذه الشركات أمام الاستثمار الخاص والملكية الخاصة، ولو الجزئية على الأقل.62
يتقارب المسار الأول إلى حدٍّ كبير مع دعوة صندوق النقد الدولي في تموز/يوليو 2021 إلى "مركزة ملكية الدولة في كيان واحد" في مصر، والتي يمكن أن تشمل نقل الشركات العسكرية المُعاد هيكلتها إلى قطاع الأعمال العام.63 ويتوافق ذلك مع مساعي الحكومة المصرية منذ العام 2018 لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام الخاسرة من خلال عمليات الدمج والتصفية وبيع الأسهم لمستثمرين من القطاع الخاص. علاوةً على ذلك، يتماشى هذا الأمر مع استراتيجية السيسي المتمثّلة في تسييل الأصول المملوكة للدولة (أي تأمين دخل نقدي منها أو تحقيق قيمتها النقدية) من خلال تقديم "عائد ثابت يشبه السندات في الكيانات القائمة والعاملة فعليًا" إلى المستثمرين، وإعفائهم من وجوب التعامل مع البيروقراطية الحكومية، أخذًا بمثال السياسة التي أعلنتها الحكومة الهندية في آب/أغسطس 2021 في ما يتعلق ببنيتها التحتية الأساسية.64 وفي الواقع، فقد أدخلت الحكومة المصرية أيضًا تشريعًا في أيار/مايو 2021 للسماح لمقدّمي الخدمات والمرافق التابعين للدولة (بما في ذلك الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والطرق ومترو الأنفاق والقطارات والصحة والتعليم والإسكان) بـ"تسييل الإيرادات المستقبلية وتداولها للبيع للمستثمرين".65
يعتمد المسار الثاني بشكل مباشر على جانب محوري آخر في مقاربة إدارة السيسي: توحيد أصول الدولة وتسويقها من خلال وضعها تحت سيطرة صندوق الثروة السيادي المصري "ثراء"، وفي بعض الحالات من خلال عروض جزئية في البورصة المصرية. شجّع السيسي بنشاط على تمويل الشركات العسكرية بهذه الطريقة منذ آب/أغسطس 2018، ما يعطي هذه الاستراتيجية التأييد السياسي اللازم. في شباط/فبراير 2020، اتفق صندوق "ثراء" ووزارة الدفاع على إعداد عشر شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية لعرضها للملكية الخاصة وصولًا إلى 100 في المئة. يمكن أيضًا دمج الشركات العسكرية في كيان واحد، كما هو مقترح في المسار الأول، من خلال صندوق "ثراء". ومع ذلك، قد تكون الحاجة إلى حماية مساهمي الحصص الأقلية حجة لصالح تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية، والتي تتمتع بسجل جيّد نسبيًا في هذا الصدد مقارنة بالأسواق الأخرى في بلدان الجوار.
ليس بالضرورة أن ينطوي نقل الشركات العسكرية إلى السيطرة المدنية على الخصخصة، علمًا أن هذا قد يُعتبر خيارًا صالحًا لبعض الشركات والأنشطة. المرشح الأول هو مجموعة شركات الإنتاج والبث الإعلامي التي استحوذت عليها إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع (وجهاز المخابرات العامة) من خلال شركات واجهة منذ العام 2014. تشير الأدلة السردية الكثيرة إلى أن هذه الشركات تعاني من سوء الإدارة وزيادة عدد الموظفين والإفلاس، ما يلقي بظلال من الشك على الادعاءات العسكرية بكفاءة إدارة الأعمال. لكن دعوة صندوق النقد الدولي إلى الحكومة المصرية بتحديد قطاعات اقتصادية معينة يمكن للشركات أو الهيئات المملوكة للدولة أن تؤدّي دورًا فيها، والخروج تمامًا من قطاعات أخرى، يجب أن تنطبق على الشركات العسكرية والأشغال العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية أيضًا. ولقد تبنّى مجلس الوزراء هذا النهج في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 من خلال التوصية بمجموعة من الأساليب لتمكين القطاع الخاص، والتي تضمنت تحديد القطاعات الاقتصادية الرئيسة التي ستخرج منها الدولة، وقطاعات أخرى ستبيعها في نهاية المطاف بمجرّد أن تدر أرباحًا.66 يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم وضع هذا الأمر موضع التنفيذ. ولكن كما يرى الخبير الاقتصادي عمرو عدلي، سيكون تأثيره أكثر أهمية بشكل كبير إذا شمل البنية التحتية والمرافق التي تموّلها الحكومة وليس فقط الشركات المنتجة للسلع الأساسية القابلة للتداول.67 من شأن توسيع نطاق هذه الاستراتيجية الحكومية لتشمل الشركات العسكرية أن يعزز قابليتها للبقاء في الأجل الطويل، ويُؤمل من الناحية المثالية، أن تمتد أيضًا لتشمل الأشغال العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية.
تروّج كلٌّ من الرئاسة والحكومة بشكل متزايد الشراكات بين القطاعَين العام والخاص. ولكن من دون إجراء الإصلاحات الرئيسة، لا ينبغي استخدام هذه الشراكات كمجرّد وسيلة لإبقاء الشركات العسكرية التي تعاني من المشاكل عائمة من خلال ضخ رأس المال الخاص فيها. تتمتع ترسانة الإسكندرية لبناء السفن التابعة لوزارة الدفاع وشركة تصنيع السكك الحديد "سيماف" التابعة للهيئة العربية للتصنيع بباع طويل من الإنتاجية والقيمة المضافة الضعيفتَين بشكل خاص في ظل كلٍّ من الإدارة المدنية والعسكرية، على سبيل المثال، فهما مرشحتان سانحتان للخصخصة أو التصفية. مصر محظوظة لأن شركاتها العسكرية ليست مملوكة للتعاونيات (كما هو الحال في إندونيسيا) ولا لمؤسسات وقفية (كما في إيران وباكستان)، ما يسهّل تحديد الملكية واتخاذ القرارات السياسية التي تؤثر على مستقبلها. وعلى القدر نفسه من الأهمية، ثمة نظراء مدنيون في معظم أو كل القطاعات التي تعمل فيها الشركات العسكرية في مصر، ما يجيب على السؤال الذي أتعب نظراءهم الإيرانيين: "هل سيكون هناك من يشتري تلك الأصول؟"68
قد يكون المسار الأقل مقاومة هو البدء بوزارة الإنتاج الحربي، التي تم تسجيل شركاتها رسميًا كجزء من قطاع الأعمال العام. وهذا من شأنه أن يسهّل جعلها متماشية تمامًا مع قوانين وأنظمة القطاع كخطوة أولى، ليتم نقلها لاحقًا إلى الوزارات المدنية ذات الصلة. يمكن انتهاج مسار مماثل مع الهيئة العربية للتصنيع، والتي ستكون لها ميزة إضافية تتمثل في حل وضعها القانوني الشاذ كمنظمة دولية (بدلًا من شركة مملوكة للدولة) تحكمها لوائحها الخاصة بدلًا من اللوائح الحكومية. وسيعتمد تحديد الشركات أو خطوط الإنتاج التي سيتم تقسيمها أو دمجها أو تصفيتها أو خصخصتها على مقاييس السوق القياسية، على أن يتوافق ذلك مع المعايير العامة التي وضعها الرئيس والحكومة، مؤخرًا في قانون شركات قطاع الأعمال العام الرقم 185 للعام 2020.69 وبمجرّد إعداد إطار العمل واختباره، يجب توسيعه ليشمل الشركات المنتجة للسلع في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، مع مطلب إضافي يتمثّل في إنشاء إطار قانوني وتنظيمي واضح لاستخدامه للعمالة المجنَّدة.
لا يمكن للمسارات المذكورة أعلاه أن تنجح إلا إذا توفرت الوسائل لضمان جدواها التجارية الحقيقية ولمنع رسملتها من التحوّل إلى مجرّد حيلة لحلب المستثمرين والحفاظ على الشركات العسكرية غير الفعالة عائمة. يوضح مثال صندوق "أوياك" التركي أهمية وضع الأصول التجارية المملوكة للمؤسسة العسكرية في أطر قانونية وتنظيمية مدنية كاملة وواضحة من أجل ضمان الامتثال لالتزامات الإفصاح والإبلاغ والمعاملة غير التفضيلية التي يمكن التحقق منها (في ما يخص الوصول إلى عوامل الإنتاج ومنح العقود). حتى إذا لم يتم إخضاع الشركات العسكرية لكيان واحد خاضع لسيطرة الحكومة كما يوصي صندوق النقد الدولي، فيجب أن يكون لديها إطار قانوني وحوكمة واحد وأن تمتثل لدعوة صندوق النقد الدولي لتوسيع نطاق التقارير المالية لتشمل جميع شركات القطاع العام والمشاريع المشتركة مع تفاصيل "الإيرادات المالية (الضرائب، وتوزيعات الأرباح) والتكاليف (الدعم، وتدفقات رأس المال، والقروض المباشرة من الميزانية، ودعم الاقتراض من الديون، وضمانات القروض)".70 في مطلق الأحوال، من الضروري وجود قواعد واضحة بشأن التجريد والإشراف الحقيقي من أجل ضمان ألّا تؤدي عمليات الإغلاق (أي التصفية) إلى تربّح المؤسسة العسكرية من عملية بيع الأصول أو التقليل من قيمتها عند البيع (أي البيع للمحسوبين والمقرّبين بأسعار منخفضة للغاية).71
إصلاح الأطر القانونية والمالية والدفاعية
ستعتمد فعالية واستدامة المراجعات في الاقتصاد العسكري على تعديل الأطر القانونية والتنظيمية التي تحكم المشتريات العامة والإدارة المالية وسياسة الدفاع والإنفاق الدفاعي. يمكن إدخال تعديلات على أنها مقدّمة للإصلاح الاقتصادي العسكري أو إعادة الهيكلة، أكان ذلك بالتوازي أم في مراحل لاحقة من العملية. لكن التجربة العالمية المقارَنة تشير بقوة إلى أن الإصلاح الاقتصادي العسكري الهادف أو إعادة الهيكلة أمر غير مرجّح ما لم يتزامن مع، أو يشكل جزءًا لا يتجزأ من، إعادة التوجيه الاقتصادي الاستراتيجي والإصلاحات القانونية المصاحبة التي تعيد تشكيل الاستثمار الذي تقوده الدولة ومبادرات التحديث والتحول الدفاعية الرئيسة.
لطالما كان الادعاء بأن الاقتصاد العسكري المصري يحقق مستويات عالية من الكفاءة والنزاهة في سياق وطني أوسع تتخلّله العوائق الشديدة للإنتاجية والابتكار والاستثمار والادخار، أمرًا مشكوكًا فيه في أحسن الأحوال. وحتى لو كان هذا الادعاء صحيحًا، فإن الحفاظ على الأداء المتفوق إلى أجل غير مسمى في ظل هذه الظروف المعاكسة أمر غير محتمل. إذا أخذنا على سبيل المثال مقياسًا واحدًا، احتلت مصر المرتبة 121 من بين 126 دولة في مؤشر سيادة القانون للعام 2019 الصادر عن مشروع العدالة العالمية، والذي يأخذ في الحسبان "القيود المفروضة على السلطات الحكومية وغياب الفساد والحكومة المفتوحة والحقوق الأساسية والنظام والأمن والإنفاذ التنظيمي والعدالة المدنية والعدالة الجنائية".72
في ظل غياب التعديلات التكميلية على الأطر القانونية والتنظيمية والقضائية والمالية والدفاعية، سيكون من الصعب إزالة مقاومة التغيير في الاقتصاد العسكري ومنع انتقال جوانبه الأكثر إشكالية إلى هيئات الدولة أو القطاعات الاقتصادية الأخرى، على حدٍّ سواء. تعِد المقاربة الأوسع للإصلاح أو إعادة الهيكلة بفتح الطريق أمام مكاسب اقتصادية أكبر من خلال توسيع المشاركة، وتوليد النمو المستدام، وزيادة إيرادات الدولة، إلى جانب تقديم مكاسب واضحة للقوات المسلحة في تأدية مهمتها الأساسية. وفي كل مجال، يجب على صانعي السياسات الذين يقودون الإصلاح أو إعادة هيكلة الاقتصاد العسكري تحديد معايير قياس الإنجاز والجداول الزمنية لتقييم مدى تقدّمهم والعقبات التي يواجهونها بغية تعديل أهدافهم ومقاربتهم عند اللزوم.
الأطر القانونية والتنظيمية والقضائية
يجب أن يبدأ أي إصلاح أو إعادة هيكلة للاقتصاد العسكري بالقوانين والأنظمة التي تمنح المؤسسة العسكرية امتيازاتها الاقتصادية الخاصة واستثناءاتها المالية، وتعطيها كذلك الميزة التجارية وتحمي أنشطتها المدنية من التقييم المستقل. يتمثّل الهدف العام في ضمان ما يسميه صندوق النقد الدولي "الحياد التنافسي"، أي مجال متكافئ لشركات القطاعَين العام والخاص في ما يتعلق بقوانين الأعمال والضرائب والجمارك والحصول على التمويل والأراضي واللجوء إلى التعاقد بالأمر المباشر.73
تتطلب المجموعة الأولى من القوانين واللوائح تعديلات توضيحية من شأنها أن تحدّ من نطاقها، من أجل سحب المعاملة التفضيلية للهيئات العسكرية التي تقوم بأنشطة في المجال المدني. ويُعدّ في مقدّمتها قرار رئيس الوزراء الرقم 263 للعام 1956، والقانون 204 للعام 1957، وتعديلاتهما اللاحقة، التي تعفي مخازن الدفاع وعقود التسلح من التفتيش والمراجعة من قبل الجهات المدنية ومن الضرائب والجمارك والأنظمة المالية القائمة. وقد تَوسع تفسيرها منذ ذلك الحين ليشمل كل ما تقوم به المؤسسة العسكرية أو تمتلكه في المجال المدني. وينطبق الأمر نفسه على المادة 80.أ.4 من قانون العقوبات (المعدلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2021) التي تعاقب "كل من قام بجمع الاستبيانات أو الإحصائيات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظيفتهم من دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع".74 فيمكن بسهولة استخدام النطاق الواسع جدًّا للمادة لمنع مراجعة الشركات العسكرية أو العقود العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية، ما يعيق إجراء تحليل مجدٍ للتكلفة والعائد.
تطلبت سلسلة من القوانين الصادرة بين العامَين 1981 و2001 موافقة وزارة الدفاع على جميع الطلبات لاستخدام أو شراء أراضي الدولة—التي تمثّل ما يصل إلى 95 في المئة من إجمالي مساحة مصر—من قبل أي فرد أو كيان مدني، خاص أو عام، محلي أو أجنبي. تتمتع وزارة الدفاع أيضًا بالسلطة التقديرية لإعلان أي منطقة من الأراضي الصحراوية مساحةً عسكرية، من دون إثبات موثق، والمطالبة بتعويض عن منحها التغيير المفترض في الاستخدام. يعتبر كلٌّ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن قبضة المؤسسة العسكرية على أراضي الدولة تشكل عقبة حرجة أمام تنمية القطاع الخاص في مصر، وقد طالبا باستمرار بتعديلها. إنّ سلطة الرئيس في تعيين "مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية" كما يشاء تفاقم المشكلة، بحيث يُسمح باستئجار أراضي الدولة في هذه المناطق بإذن من وزارة الدفاع (لكن لا يمكن شراؤها)، والوزارة لها أيضًا حق الانتفاع من الأراضي في هذه المناطق. وتشمل المناطق الاستراتيجية الآن مساحات شاسعة من سواحل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ومناطق الحدود البرية مع ليبيا والسودان ومنطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء بأكملها وأغلبية الطرق السريعة القومية.
في كلتا الحالتَين المذكورتَين أعلاه، يجب مراجعة هذه القوانين والمراسيم الأخرى ذات الصلة لتحديد الاحتياجات الحقيقية للدفاع الوطني بوضوح، ولإلغاء السلطات التقديرية التي تمكّن المؤسسة العسكرية من العمل كمفتاح استخدام الأصول والموارد العامة. هذا، ويجب أيضًا شمول ضمانات صريحة في جميع التشريعات ذات الصلة لمنع إساءة الاستخدام أو التعدي خارج الحدود الدقيقة لمجال الدفاع، نظرًا إلى إرث العقود السبعة الماضية وطريقة التفسير القانوني التي تعتبر أي شيء غير محظور على وجه التحديد مسموحًا به. إضافةً على ذلك، ينبغي إلغاء بعض القوانين بالكامل، وأبرز مثال على ذلك هو القرار الرئاسي الرقم 127 للعام 2015، الذي يسمح للهيئات العسكرية (وغيرها من الهيئات الحكومية) بإنشاء الشركات التجارية بموجب تشريعات قطاع الأعمال العام.
تتعلق مجموعة ثانية من القوانين والأنظمة بالقطاع العام ككل، ولكنها تمنح صلاحيات أو استثناءات خاصة تمكّن أيضًا الاقتصاد العسكري. ويُعتبر الأهم في هذه المجموعة الإطار العام للمشتريات العامة. إن الأداة القانونية الرئيسة في هذا المجال حاليًا هي القانون الرقم 182 للعام 2018، الذي يسمح لوزراء الحكومة والمسؤولين الآخرين بمنح العقود العامة الخاصة بالسلع والخدمات وصولًا إلى قيم معينة على أساس غير تنافسي ومن دون عطاءات. ومنح القانون صلاحيات مماثلة إلى وزارتَي الدفاع والإنتاج الحربي، مع اختلاف رئيس هو غياب أسقف محددة لقيمة العقود التي قد تصدرهما عن طريق الأمر المباشر. يلاحَظ كذلك أن مجلس الوزراء قد تجاوز بشكل روتيني الأسقف الخاصة به من خلال منح المؤسسة العسكرية عقودًا ضخمة بمئات الملايين من الدولارات.
التزمت الحكومة بإصدار قانون مشتريات موحّد كجزء من اتفاقية قرض بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في العام 2016. ولكن على الرغم من إصدار القانون 182 ليحل محل القانون السابق 89 للعام 1998 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات، لاحظ صندوق النقد الدولي في تموز/يوليو 2021 أن الشركات المصرية المملوكة للدولة تواصل "العمل بموجب قوانين متعددة للتأسيس والملكية، ولوائح مختلفة للحوكمة والمشتريات".75 في الواقع، وسّع القانون الرقم 182 إلى حدٍّ كبير هذه السلطات التقديرية. كان سيكون من الصعب على الاقتصاد العسكري أن يظل متماسكًا إذا أوفت مصر بالتزامها تجاه صندوق النقد الدولي في ما يتعلق بالمشتريات العامة، لذلك يجب أن يكون هذا هو التركيز الأساسي للجهود المبذولة لإصلاحه. كحدٍّ أدنى، ينبغي تطبيق أحكام القانون 182 على المؤسسة العسكرية فقط في ما يتعلق بعقود الدفاع؛ وحتى في هذه الحالة، يجب إخضاعها لقواعد وإجراءات وزارة الدفاع المنصوص عليها بوضوح.
يرتبط جزء آخر من هذه المجموعة بالقوانين واللوائح التي تمنح المؤسسة العسكرية السلطة على الموارد الطبيعية والوصول الاقتصادي والفرص، ما يصل في بعض الحالات إلى حد السيطرة الاحتكارية. وبعد مسألة استخدام أراضي الدولة، يُعدّ أوضح مثال على ذلك الاشتراط القانوني بالحصول على موافقة وزارة الدفاع على التراخيص لاستخراج الثروة المعدنية في جميع أنحاء مصر. ومن الأمثلة الأخرى التوسع في صلاحيات الهيئات العسكرية التي تنظم الهيئات الحكومية الأخرى، على النحو المبيّن في قرار رئيس الوزراء الذي يتطلب موافقة وزارة الإنتاج الحربي (أو جهة أخرى مخوّلة) قبل شراء السلع أو الخدمات المستوردة.76 تم أيضًا اختيار وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع كي تكون مسؤولة عن تدابير الشراء عن طريق نظام الشراء المركزي لمبادرة "حياة كريمة" التنموية الرئاسية، وهي جهة شبه حكومية تضم عشرين وزارة حكومية تركز على المناطق الريفية.77 ويتعارض ذلك مع وجهة نظر صندوق النقد الدولي القائلة بوجوب "الفصل بين دور المنظم واللاعب في السوق لمعالجة تضارب المصالح المحتمل".
ينبغي توسيع توصية صندوق النقد الدولي الخاصة بـ"تعزيز استقلالية السلطات التنظيمية، وتقليل نطاق تضارب المصالح داخل الوظائف التنظيمية، وضمان تكافؤ الفرص لجميع الجهات الاقتصادية الفاعلة"، لتشمل على وجه التحديد الأنشطة العسكرية في المجال المدني.78 وعلى القدر نفسه من الأهمية، يجب أن يخضع الإنتاج العسكري من السلع والخدمات رسميًا للاختصاص القضائي الخاص بالجهاز المركزي للمحاسبات، الذي يقيِّم أداء الكيانات العامة وفعاليتها من حيث التكلفة، وهيئة الرقابة الإدارية، التي تستثني المؤسسة العسكرية من عمليات التدقيق التي تجريها على الأفراد والكيانات (الخاصة والعامة).
يشكل الاختصاص القضائي ركيزة ثالثة هامة من ركائز الاقتصاد العسكري. إن الاستبعاد القانوني الشامل لجميع الأفراد العسكريين والهيئات العسكرية، بما في ذلك الشركات، من اختصاص القوانين والمحاكم المدنية يعني أن جميع الأنشطة الاقتصادية والتجارية العسكرية تتم في حيّز قانوني رمادي. وفي المقابل، تتم إحالة نطاق واسع من الشؤون المدنية إلى المحاكم العسكرية. ويشمل ذلك المدنيين المتورطين في مخالفات مرورية وحوادث ومخالفات ضد المرافق العامة والخاصة على طول الطرق السريعة التي يتم تصنيفها كمناطق عسكرية، كما يشمل أطرافًا مدنية متهمة بالتعديات غير المرخصة على أراضي الدولة وضفاف نهر النيل. هذا، وتم ترسيخ القضاء العسكري بشكل أكبر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عند تعديل القرار الرئاسي الرقم 136 للعام 2014، الذي كان في الأصل لمدة محدّدة فقط وكان يجب تجديده بشكل دوري، لتمكين القوات المسلحة بشكل دائم من حماية البنية التحتية للطاقة والنقل ومرافق عامة أخرى، وإحالة المدنيين المتهمين بانتهاك هذه المنشآت إلى محاكمة عسكرية.
يتطرق قانون العقوبات العسكري إلى المخالفات المالية التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة، لكنه لا يغطي فعليًا الأعمال أو الأنشطة الأخرى في المجال المدني.79 وهذا يثني المستثمرين من القطاع الخاص الذين ليس لديهم أي سبيل قانوني ولا أمل في كسب قضية ضد المؤسسة العسكرية عندما تكون جهة منفذة أو شريك تجاري أو عند إصدارها للعقود. علاوةً على ذلك، تترك هذه الثغرة في الإطار القضائي الناظم الشركات الأجنبية مُعتمدة على حسن نية نظرائها العسكريين أو على علاقاتها السياسية بكبار المسؤولين، ما يردعهم عن الاستثمار في مصر. الشركات الأجنبية الكبرى لديها النفوذ للإصرار على إدراج بند اللجوء إلى المحاكم الدولية في عقودها في مصر. على خلاف ذلك، تصر المؤسسة العسكرية على أولوية القانون المحلي الذي يحميها تلقائيًا. غادرت شركات أجنبية أخرى البلاد أو تقدمت بطلب للتحكيم بسبب قبضة المؤسسة العسكرية، كما فعلت شركة "فيكات" وشركة "هيدلبرغ سيمنت" في تموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر 2021 على التوالي.80
إضافةً إلى حرمان الأطراف المدنية من إمكانية اللجوء إلى المحاكم، تفرض الحصانة العسكرية على تلك الأطراف أضرارًا جسيمة عند التفاوض على العقود، أو المطالبة بدفع المتأخرات، أو الطعن بالعقود الممنوحة لأطراف أخرى. حتى أكبر الشركات المحلية والشركات المتعددة الجنسيات الكبرى تواجه ضغوطًا يمكن حلّها، ولكن ذلك يتطلب منها "قلوبًا قوية"، على حدّ تعبير عضو مجلس إدارة إحدى الشركات الأجنبية البارزة المستثمرة في مصر. والنتيجة هي تأخيرات طويلة في التوصل إلى اتفاق بشأن مشاريع الاستثمار العام، أو انسحاب الشركاء الأجانب. علاوةً على ذلك، تؤدي الحصانة العسكرية إلى تفاقم التصنيف العالمي الضعيف لمصر في ما يتعلق بإنفاذ العقود من خلال المحاكم بشكل عام، بحيث سجلت 40 نقطة فقط من أصل 100 على مقياس البنك الدولي.81 تُعتبر معالجة مسألة الاختصاص القضائي وتعزيز الإنفاذ ضروريَين لتحقيق النمو الاقتصادي. ومن شأن ذلك أيضًا تهدئة مخاوف المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للشركات، التي تزداد أهميةً على الصعيد الدولي، وبالمقياس نفسه، من شأنه تقليل مخاطر تعرّض الشركات الأجنبية التي تتجاهل هذه المخاوف إلى عقوبات مستقبلية.
من الإجراءات المؤقتة التي يمكن اتخاذها إلى حين توقف الهيئات والشركات العسكرية عن دورها الحالي كمقاولين وشركاء تجاريين هو إخضاع جميع العقود التجارية والنزاعات التي تكون فيها المؤسسة العسكرية طرفًا للاختصاص القضائي للمحاكم المدنية. وفي حال عدم القيام بذلك، يجب إصدار أحكام قانونية خاصة تغطي هذه الاحتياجات. ويمكن أيضًا تعديل قانون العقوبات العسكري لتوضيح الشروط التي يمكن بموجبها محاكمة أفراد القوات المسلحة في محاكم مدنية في ما يتعلق بالأنشطة التجارية والمعاملات المالية في المجال المدني. أثار تعديل أُجري في أيار/مايو 2011 لقانون القضاء العسكري من قبل القائم بأعمال الرئيس المشير حسين طنطاوي هذا الاحتمال من خلال تفويض النيابة العسكرية بتحديد ما إذا كانت ستتم إحالة الاتهامات ضد الضباط إلى المحاكم العسكرية أو المدنية. فيمكن جعل هذا الأمر قانونيًا وليس تقديريًا.
الشفافية المالية
لعل الشفافية المالية هي الشرط الأكثر أهمية لتقييم كفاءة وفائدة الاقتصاد العسكري، وبالتالي لاعتماد أحد الخيارات السياساتية أم غيره. هذا شرط لا غنى عنه لإثبات جدوى الخيار وتبرير اعتماد إدارة السيسي المستمر على المؤسسة العسكرية لقيادة الاستراتيجية الاستثمارية التي تقودها الدولة. يجب أن يكون الادعاء بأن الإدارة العسكرية توفر مكسبًا هامشيًا صافيًا قابلًا للقياس. كما أن توضيح رسملة الشركات العسكرية سيسمح لمصر بتطبيق توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن أطر الإفلاس، للمساعدة في منع عبء الديون المتراكمة على الاستثمار لفترات طويلة.82 وقد وافقت إدارة السيسي بالفعل على القانون الرقم 185 للعام 2020 الذي يقضي بتصفية شركات قطاع الأعمال العام إذا تجاوزت خسائرها 50 في المئة من رأس المال، ما يعني أن المعيار الواضح بات قائمًا بالفعل.
يُعدّ الإفصاح والإبلاغ المالي الروتيني وبحسب المواعيد عن جميع عمليات إنتاج السلع والخدمات المدنية من قبل المؤسسة العسكرية أمرًا بالغ الأهمية. ويجب أن يشمل ذلك جميع المداخيل والمصروفات، ومن ضمنها الإيرادات المالية المفصلة مثل الضرائب وتوزيعات الأرباح، وكذلك التكاليف والمطلوبات مثل الإعانات وضخ الاستثمارات والقروض وضمانات القروض والمتأخرات أو الخسائر والفوائض المُرحَّلة من سنة مالية إلى أخرى. تُعتبر الشفافية ضرورية أيضًا لتحسين كفاءة وفعالية التكلفة، على سبيل المثال، من خلال إتاحة قياس الاستخدام الأقصى للمصانع والآلات، وتلف المواد بسبب سوء أساليب الإنتاج أو التخزين، والتخلص من الأصول بما في ذلك العقارات والمقتنيات. وللأسباب نفسها، يجب أيضًا الكشف عن جداول الرواتب والمعاشات التقاعدية والمكافآت المسحوبة من ميزانيات الشركات العسكرية العاملة في المجال المدني؛ وإن لم تكن علنية، فمن المؤكد أنه يجب الكشف عنها للهيئات الحكومية المعنية.
قد يبدأ تطبيق الشفافية بأجزاء مختارة من الاقتصاد العسكري. ويمكن البدء بالمشاريع المشتركة والشراكات الأخرى مع الشركات غير العسكرية. ويمكن البدء أيضًا بالشركات التي تنتمي إلى وزارة الإنتاج الحربي (وربما الهيئة العربية للتصنيع) نظرًا إلى أن وضعها الحالي كشركات في قطاع الأعمال العام ينبغي أن يسهل عليها كثيرًا الامتثال إلى هذه الإجراءات. لكن هذه المبادئ الأساسية يمكن أن تنطبق بالسهولة نفسها على جميع الإنشاءات المدنية التي تديرها المؤسسة العسكرية، ولا سيما أن هيئة الرقابة الإدارية تقوم فعليًا بمراجعة المناقصات والمزايدات مع الجهات المنفذة التابعة للقوات المسلحة منذ أواخر العام 2015. ويمكن تحقيق الشفافية الكاملة في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على مراحل، ولكن حقيقة أن ما يصل إلى عشر من شركاتها يتم إعدادها للتعويم من خلال صندوق الثروة السيادي، تشير إلى أن مبدأ وجود نوع من التدقيق العام على مواردها المالية بات مقبولًا من حيث المبدأ من قبل إدارة السيسي.
يتماشى ما سبق مع توصيات صندوق النقد الدولي للقطاع العام المصري ككل. أدرج صندوق النقد الدولي الشركات العسكرية على وجه التحديد ضمن هذا النطاق للمرة الأولى في مراجعته في تموز/يوليو 2021، بعد أن تجنّب هذا الموضوع سابقًا.83 ووفقًا للمعيار نفسه، يجب الإبلاغ عن ميزانيات جميع الشركات العسكرية العاملة في المجال المدني بطريقة يمكن التحقق منها وإظهار المساهمات من خزينة الدولة. علاوةً على ذلك، يجب إدراج هذه الميزانيات في الميزانية العامة للدولة، أو على الأقل في الميزانية المنفصلة التي تحتفظ بها مصر لما يُسمى بالهيئات العامة التي تدير وتموّل الاستثمارات العامة في مختلف القطاعات الاقتصادية.
أدرجت ميزانية الدولة ميزانيتَي وزارة الإنتاج الحربي وذراعها التنفيذي، الهيئة القومية للإنتاج الحربي، منذ العام 2011 (وإن بشكل غير منتظم)، ولكن يوحي الحجم المتواضع للأرقام المنشورة بأنهما تغطيان موظفي ومصروفات الإدارات المركزية فقط. إضافةً إلى ذلك، يجب أن تسرد ميزانيتاهما الشركات التابعة لهما بالكامل—إذ تصدر وزارة الإنتاج الحربي مرارًا معلومات متناقضة حول عددها وأرقامًا متغيرة لحجم إيراداتها—وأن توفر التوزيعات المفصلة للأصول والقروض وعمليات الاستحواذ، فضلًا عن التمييز بين الديون والمتأخرات. وكما هو الحال في نواحٍ أخرى، فإن الموافقة البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 على مشروع قانون موحّد للمالية العامة يجمع بين الميزانية العامة وقوانين المحاسبة الحكومية، توفّر هيكلًا يمكن توسيعه بسهولة ليشمل هذه الهيئات العسكرية (والهيئة العربية للتصنيع أيضًا).84
أخيرًا وليس آخرًا، يجب استعادة استقلالية هيئات التدقيق الرئيسة في مصر. منذ العام 2014، قام السيسي بتهميش الجهاز المركزي للمحاسبات. لذا، من شأن إحياء مكانة الجهاز أن تساعد الجهود المبذولة لإجراء تحليلات التكلفة والعائد وتعزيز كفاءة الإنتاج العسكري للسلع والخدمات. وفي المقابل، قام السيسي بتمكين هيئة الرقابة الإدارية بشكل أكبر، ووضعها تحت السيطرة الرئاسية المباشرة بشكل أكبر. وينبغي مراجعة القانون الرقم 207 للعام 2017، الذي أضفى الطابع الرسمي على الاستبعاد الفعلي الطويل الأجل للمؤسسة العسكرية من اختصاص هيئة الرقابة الإدارية، حيث أكد صراحةً على اقتصار اختصاصها على الأشخاص والكيانات المدنية، لتشمل على الأقل الأنشطة العسكرية في المجال المدني.
التحول الدفاعي والإنفاق
على الرغم من أن الأمثلة العالمية للإصلاح أو إعادة هيكلة الاقتصادات العسكرية قليلة ومتباعدة، ثمة عنصران يتسمان بالأهمية الحرجة لضمان النجاح: أولًا، أن تكون عملية الإصلاح أو إعادة الهيكلة جزءًا من تحديث دفاعي واسع ومبادرة للتحول؛ وثانيًا، أن تكون مصحوبة بمراجعة رئيسة للإنفاق الدفاعي. تهدف هذه المقاربة إلى توفير الحوافز لمديري الدفاع لقبول تخفيض أو إعادة توجيه أو تفكيك شركاتهم المدنية والمداخيل المرتبطة بها، وفي الوقت نفسه سبل تمويل الاحتياجات الدفاعية في ما بعد، وربما حتى على مستوى أعلى.
لا تستطيع القوات المسلحة واقعيًا أن تتوقع تحديث قدراتها ومعداتها وتطويرها، ناهيك عن مواكبة تطورات الحرب العصرية في بيئة كثيفة المعلومات والاتصالات، من دون إجراء إصلاح شامل لعقيدتها وتنظيمها ونهجها في بناء القوة. يكشف الجانب الأخير، على وجه الخصوص، عن التعلق الدائم للكثير من الجيوش بـ"نماذج أفضل تدريجيًا" أو، في أحسن الأحوال، الجيل التالي "من النظم نفسها التي اعتمدوا عليها لعقود من الزمن—الدبابات والطائرات القصيرة المدى والأقمار الصناعية الكبيرة وسفن أكبر"، كما أوضح تود هاريسون.85 فقد استثمر السيسي بشكل كبير في شراء نظم أسلحة رئيسة وبناء قواعد جوية وبحرية جديدة وبنى تحتية عسكرية أخرى، لكن هذا لا يُترجم تلقائيًا إلى زيادة فعالية وأمن نظم القيادة والتحكم وإدارة المعارك والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (بما في ذلك الأقمار الصناعية) التي تقع مجتمعًة في صميم ما تسميه الولايات المتحدة "العمليات المشتركة في جميع المجالات".86
بدأت القوات المسلحة المصرية النظر في هذه التغييرات التحويلية، ولكن يترتب عليها أن تصبح قوة أقل حجمًا للاستعداد لها ولتحسين جهوزيتها القتالية الشاملة. وهذا يعني بالضرورة الابتعاد عن دورها الاقتصادي عمومًا وتقليل أنشطتها التجارية بشكل كبير، إن لم يكن إنهاءها بالكامل. شكّل إعطاء الأولوية للتحديث والتحول الدفاعي دافعًا رئيسًا لتجريد المؤسسة العسكرية من الأعمال التجارية في الصين، وحافزًا لجيش التحرير الشعبي على التعاون. فربطت الخطة الخمسية الصينية الأخيرة والمنشورة في آذار/مارس 2021 بين "بناء الجيش" و"تعزيز الجيش من خلال السياسة والإصلاح والعلوم والتكنولوجيا والموهبة وسيادة القانون"، كما أوضحت الباحثتان فينيلا ماكغيرتي وميا نوينز.87 وبالمثل، برّر مسؤولو الدفاع في فيتنام سياسة التجريد بالقول إن "الهدف من إعادة التنظيم الهيكلي للمؤسسة العسكرية هو تلبية متطلبات بناء منظمة مصقولة ومتراصة وفعالة، وتحسين استعدادها القتالي".88
يمكن لمصر معالجة هذه القضايا من خلال إجراء مراجعة للدفاع الوطني. وكجزء من هذا، يمكنها أيضًا إعداد "كتاب أبيض" حول الصناعة الحربية، إن لم يكن أيضًا حول التصنيع المدني والسلعي المملوك للمؤسسة العسكرية. ثمة نماذج كثيرة يمكن اتباعها، بما في ذلك خطة الصين الخمسية المذكورة أعلاه. مثال آخر هو "الكتاب الأبيض" للدفاع الياباني الذي صدر في آب/أغسطس 2021، ودعا إلى تكامل عسكري-مدني أكبر لدفع البحث الوطني والتطوير في مجال التكنولوجيا الدفاعية.89 وتشمل النماذج الأخرى لهيكلة المراجعات الدفاعية بأهداف محدودة أكثر: "رؤية 2030" التي هي قيد الإعداد حاليًا من قبل وزارة الدفاع التونسية، و"إطار تطوير القدرات" الخاص بالجيش اللبناني الذي هو الآن في دورته الخمسية الثالثة.90 علاوةً على ذلك، يتم دعم كلا النموذجَين من قبل المزوّد الرئيس للمساعدة الأمنية في مصر، الولايات المتحدة وشركاء آخرين، ما يفترض منه أن يجعل الأمر أكثر راحة للقوات المسلحة المصرية وللوزارتين المرتبطتين بالدفاع في البلاد للشروع في عملية مماثلة.
وكما تؤكد جميع الأمثلة المذكورة أعلاه، يستلزم التحديث والتحوّل الدفاعيَين بالضرورة ارتفاعًا أوليًا في الإنفاق. قد تحقَّق الوفورات لاحقًا في التكاليف المادية، لكن الأدلة العالمية تشير إلى أن الزيادات في تكاليف الأفراد الناتجة عن زيادة التخصص والتوقعات المهنية الأعلى ستؤدي إلى منحنى تصاعدي مستدام في الإنفاق الدفاعي الإجمالي.91 فقد ترافق تجريد المؤسسة العسكرية من الأعمال التجارية في الصين وفيتنام وإندونيسيا مع زيادات في ميزانيات الدفاع، على سبيل المثال، ما ساعد في تحفيز التعاون من قبل القوات المسلحة في كلٍّ من هذه الدول. ومع ذلك، أظهر المثال الصيني أيضًا أن خفض الإنفاق الدفاعي والمطالبة بقدر أكبر من الابتكار والكفاءة من جيش التحرير الشعبي شكّل أيضًا محركًا رئيسًا للتحول بعد العام 1998.92 وفي جميع الحالات، يجب أن تقترن مراجعة الدفاع الوطني بمناقشة دقيقة للآثار المترتبة على ميزانية الدفاع.
نظرًا إلى أن التبرير النمطي لأنشطة إدرار الدخل في المؤسسة العسكرية المصرية ينطلق من الحاجة إلى تمويل احتياجات القوات المسلحة التي لا تفي بها ميزانية الدفاع، ينبغي "أن يكون التمويل الكافي من الميزانية حجر الزاوية في حملة إصلاح المؤسسة العسكرية".93 إذا كانت الحكومة المصرية تريد التغلب على هذا التحدي، تكمن الخطوة الأساسية في وضع كل الإنفاق الدفاعي ضمن ميزانية واحدة. فإضافةً إلى أهمية إنجاز توحيد الميزانية، يجب أن تُستمد أموال الدفاع مباشرةً من الدولة. تقول المؤسسة العسكرية إنها تفي بهذا المطلب أساسًا لأنها مؤسسة تابعة للدولة، لكن الاستقلالية والاستخدام التقديري للأموال العسكرية واسعان بحيث يقوّضان هذا المبدأ.
ما زالت مصر بعيدة عن إخضاع الإنفاق الدفاعي لهذا النوع من المراجعة أو السيطرة، ولكن يمكن لوزارتَي الدفاع والإنتاج الحربي اتخاذ بعض الخطوات في غضون ذلك. تكمن الخطوة الأولى في دمج التخطيط لشركاتهما وأنشطتهما التجارية بشكل أوثق مع الخطط الحكومية لقطاع الأعمال العام، ما من شأنه أن يعزز تأثير جهودٍ من قبيل تلك التي أطلقتها وزارة قطاع الأعمال العام لتنظيم الشركات المملوكة للدولة في العام 2018، سواء من خلال عمليات الاندماج أو البيع الجزئي أو التصفية. علاوةً على ذلك، سيؤدي إدراج الشركات والأصول العسكرية إلى زيادة كفاءة الميزانية في جميع المجالات. أما الخطوة الثانية فقد تتمثّل في وضع أهداف وحدود واضحة للشركات العسكرية التي تنتج سلعًا وخدمات مدنية، بهدف منع زحف المزيد من المهام تحت ستار "استخدام السعة غير المستغلة" الذي يُستشهد به كثيرًا، والذي أدّى إلى زيادة عدد هذه الشركات بمقدار أربعة أضعاف منذ أواخر سبعينيات القرن المنصرم. لا يزال من الممكن استخدام فائض السعة بشكل انتقائي لدعم تقديم بعض الخدمات الحكومية الأساسية، مثل الحملات الصحية، ولكن يجب وضع ذلك تحت سقف واحد بإدارة مدنية لضمان التأثير والكفاءة.
خاتمة: السياسة والأرباح
وفقًا للاتجاهات الحالية، سترفض المؤسسة العسكرية لا محالة مقترحات تغيير الملكية وترتيبات الحوكمة والإدارة المالية لشركاتها وأنشطتها الأخرى في المجال المدني. سيركز دفاعها على مساهماتها في الاقتصاد الوطني والنزاهة المالية والعوائد التي تجلبها للدولة، إضافةً إلى تسليط الضوء على التحسينات الجارية الرامية إلى خفض تكاليف التشغيل ورفع الكفاءة والإنتاجية والدخل في الشركات العسكرية. كان هذا هو محتوى المقاومة العسكرية لإعادة الهيكلة والتجريد في فيتنام، على سبيل المثال، ولكن حتى هناك قبلت المؤسسة العسكرية بإفلاس شركاتها الأقل كفاءةً وقلّلت عدد الشركات التي تديرها بنسبة مذهلة بلغت 70 في المئة، أي من 300 إلى 88 شركة بحلول العام 2017.94 لا شيء يمنع المؤسسة العسكرية المصرية من أن تحذو حذو فيتنام لاعتماد الجدوى الاقتصادية المثبتة والعائد المالي الفعلي كأساس.
ينطوي التوسع والتنويع المستمران لمحفظة الأعمال التجارية العسكرية، إلى جانب تعزيز حصتها في البنية التحتية العامة والتطوير العقاري الذي تقوده الدولة، على مخاطر كبيرة. تظهر علامات واضحة على النمو غير المنضبط والعوائد المتناقصة، والسخونة المفرطة في الاقتصاد العسكري حيث يسعى الضباط الباحثون عن الربح إلى الحصول على حصة من الفرص التجارية. ووفقًا لعينة من أفراد القوات المسلحة الذين تم استطلاعهم في العام 2021، أمضى حوالى 14 في المئة من المستجيبين ربع وقتهم في المتوسط في العمل لدى الشركات العسكرية، بينما كان 30 في المئة من الضباط (من جميع الرتب) يأملون في العمل لدى إحدى تلك الشركات عند التقاعد (مقابل 25 في المئة يأملون في العمل لدى الشركات الخاصة).95 يؤدي عدم البدء في تفكيك شبكات المتقاعدين العسكريين في الجهاز المدني للدولة والهيئات والشركات الاقتصادية إلى مفاقمة هذه الاتجاهات والمخاطر.
يُعتبر الاستنتاج الذي توصّل إليه الخبير الاقتصادي إسحاق ديوان وثيق الصلة هنا، ومفاده بأن قدرة الضباط على إدارة الاقتصاد مقيّدة بالضرورة مقارنةً مع المحسوبين المقرّبين المدنيين. فيعتمد الأشخاص في كلتا الفئتين كليًا على العلاقات السياسية لتأمين العقود وضمان تدفقات الدخل، غير أن المؤسسة العسكرية أقل قدرة بكثير على تحقيق نمو اقتصادي مناسب مقارنةً مع الاقتصاد الذي كانت تهيمن عليه المحسوبية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. يمتلك الضباط الوسائل والفرص والحوافز لاحتكار الأسواق والموارد أكثر من المحسوبين المقرّبين المدنيين، ومن الواضح أنهم قد فعلوا ذلك. ومع ذلك، فإن الشركات العسكرية أقل كفاءة حتى من الشركات الكبيرة المملوكة للمحسوبين المدنيين، فهي تخيف مستثمري القطاع الخاص، وتخضع أنشطتها واستثماراتها الاقتصادية إلى الاعتبارات السياسية بشكل أكبر، ما يزيد من استعدادها لاتخاذ القرارات ذات الصلة بشكل مركزي ومن أعلى إلى أسفل.96
لا سبب يدعو المؤسسة العسكرية المصرية إلى تقديم تنازلات في ظل غياب تعليمات واضحة من الرئيس. قد تأتي نقطة التحوّل إذا استنتج السيسي أن الاقتصاد العسكري يؤثر سلبًا على أهدافه المتمثّلة في تحقيق النمو، ولا سيما توليد الإيرادات. من الناحية النظرية، يمكنه كبح جماح أجزاء كبيرة من الاقتصاد العسكري كما يشاء تقريبًا، لكن هذا قد يصبح أكثر صعوبة نظرًا إلى أن الكثير من الجهات العسكرية تزيد من ترسيخ مصالحها المكتسبة. قد يؤدي تقليص الإدارة العسكرية للأشغال العامة، التي تزوّد المؤسسة العسكرية بتدفقات دخل آمنة، أو الحدّ من نفوذ شبكات المتقاعدين العسكريين، والتي يتم من خلالها ضمان وظائف لكبار الضباط في مختلف فروع الخدمة الحكومية وقطاع الأعمال العام، إلى سعي المؤسسة العسكرية لحماية حصتها بصورة أكثر حزمًا.
ُتعتبر القيادة السياسية مركزية في تحديد المسار والنتائج. لكن على الرغم من قوة السيسي، يجب عليه أيضًا إرضاء المؤسسة العسكرية، فضلًا عن تحقيق التوازن بين المصالح المتمايزة داخلها. ومع ذلك، قد يتعين عليه التصرّف، عاجلًا أم آجلًا. وسيعني هذا تأمين الموافقة العسكرية على ذلك، تمامًا كما فعل القادة السياسيون في الصين وفيتنام.97عندئذٍ، قد تنقسم الآراء في داخل القوات المسلحة المصرية. فقد يعتبر من يُطلق عليهم لقب "المؤسساتيون"، الذين فضلوا تاريخيًا إبقاء القوات المسلحة فوق الصراع السياسي وشكّلوا نوعًا من التوازن المقابل للسيسي إلى حدٍّ ما بعد 2013، أن تقليص الاقتصاد العسكري ضروريٌ من أجل تعزيز التطور العسكري المهني وإعداد القوات المسلحة بشكل أفضل لمواجهة التحديات المتطورة لبناء القوة.98 قد لا يمتد هذا إلى إعادة الهيكلة الشاملة، ناهيك عن التجريد، ولكنه قد يؤدي إلى قبول تحقيق الفصل الكامل بين الشركات العاملة في خدمة الاحتياجات الدفاعية وبين الشركات التجارية المدفوعة بالربح، وإلى قبول أكبر بالتعاون مع الرئيس في ما يتعلق بتقليص المشاركة العسكرية في الأشغال والمشتريات العامة.
تفتقر الجهات الخارجية إلى النفوذ الكافي لتحقيق إنجازات كثيرة حتى لو كانت لديها الإرادة، وهو أمر مشكوك فيه أيضًا. لكن يمكنها فعل ما يكفي للتأثير على التصورات وللحث على إجراء بعض التغييرات السلوكية على الأقل. وقد بدأ مؤخّرًا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، الصامتان عادةً، في الإشارة علنًا إلى دور وتأثير الشركات العسكرية في الاقتصاد المدني، وينبغي أن يقرّا بشكل أكثر وضوحًا كيف يثبط ذلك المستثمرين المحليين والأجانب. يجب عليهما، إضافةً إلى مؤسسات التمويل والتنمية الدولية الأخرى، الإصرار على أن تخضع جميع الهيئات المنفذة والمقاولين والمقاولين الفرعيين الذين يديرون أو يتلقون الدخل من المشاريع التي تمولها الجهات الخارجية، للشفافية المالية الكاملة، وأن يمتثلوا بشكل قابل للتوثيق إلى التزامات مصر المحلية والدولية في ما يتعلق بحقوق العمل والحوكمة الاجتماعية والبيئية.99 ويجب أن يشمل هذا المشاريع التي تديرها المؤسسة العسكرية. كذلك، ينبغي على صندوق النقد الدولي والجهات الخارجية الأخرى أن تطالب بإصرار أكبر بالوفاء بالتعهدات لتوحيد قواعد المشتريات العامة، وأن تضغط بقوة أكبر من أجل تسهيل وصول الأشخاص والكيانات المدنية إلى أراضي الدولة، وإنهاء الرمادية القانونية التي تؤثر على العقود التجارية التي ينخرط فيها شركاء عسكريون. إذا تمت ممارسة هذا النوع من الضغط المتواصل، حتى من دون التلويح بالعقوبات، فقد يقلل ذلك من حوافز الاستمرار بطرق العمل المعهودة في الاقتصاد العسكري، ويشجع على إحداث تحولات تدريجية نحو سلوك جديد.
يُقال الكثير عن متانة مؤشرات الاقتصاد الكلي في مصر وقدرتها على الاقتراض بكثافة في الأسواق المحلية والدولية. هذا ممكن على المدى المتوسط، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان يمكن تحقيق الجدوى الاقتصادية الطويلة الأجل والتحوّل من خلال استراتيجية الاستثمار التي تقودها الدولة ويتّبعها السيسي. وينبغي التساؤل على وجه الخصوص عن جدوى استخدامه للمؤسسة العسكرية كجهة تنفيذية رئيسة طالما أنها تقع خارج نطاق تحليل التكلفة والعائد الاقتصادي، على وجه التحديد. فبعد عقد من الزمن تقريبًا منذ إطلاق الاقتصاد العسكري مساره التوسعي الحالي، لم يثبت بعد قدرته على المساعدة في تحقيق مكاسب في الإنتاجية والقيمة المضافة، والمدخرات المحلية وفائض رأس المال، واستثمارات القطاع الخاص وتنميته، والإشراك والربحية الاجتماعيَين. وهذا يترك مصر تتأرجح على حافة الهاوية بشكل دائم: فهي عرضة للصدمات الخارجية وتعتمد بشكل مزمن على تدفقات رأس المال ذات الدوافع السياسية من الجهات الخارجية المتعاطفة.
نبذة عن المؤلّف
يزيد صايغ باحث رئيسي في مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، تركّز أبحاثه على الأدوار السياسية والاقتصادية المقارَنة للقوات المسلحة العربية، والتداعيات التي تخلّفها الحرب على الدول والمجتمعات، والجوانب السياسية لعملية إعادة البناء وتحوّل قطاع الأمن وفي المراحل الانتقالية التي تشهدها الدول العربية، إضافة إلى إعادة إنتاج الأنظمة السلطوية.
شغل صايغ سابقًا مناصب في التدريس والأبحاث في جامعة كنغز كولدج لندن وجامعة كامبريدج وجامعة أكسفورد. له الكثير من المؤلفات، من ضمنها: "رأس الحربة الاقتصادية لحرّاس النظام: دور المؤسّسة العسكرية في تطور رأسمالية الدولة 3.0 في مصر" (2021)، و"أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري" (2019)، و"معضلات الإصلاح: ضبط الأمن في المراحل الانتقالية في الدول العربية" (آذار/مارس 2016) و"الدول المتداعية: إصلاح قطاع الأمن في ليبيا واليمن" (حزيران/يونيو 2015)، و"الفرصة الضائعة: السياسة وإصلاح الشرطة في مصر وتونس" (آذار/مارس 2015) و"العسكريون والمدنيون وأزمة الدولة العربية" (كانون الأول/ديسمبر 2014) و"المعارضة السورية ومشكلة القيادة" (نيسان/أبريل 2013) و"فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر" (آب/أغسطس 2012)، و""في خدمة الشعب": شرطة حماس في غزة" (2011)، و"بناء الدولة أم ضبط المجتمع؟ القطاع الأمني الفلسطيني والتحوّل السلطوي في الضفة الغربية وقطاع غزة" (2011).
شُكر
يتوجّه المؤلّف بجزيل الشكر إلى كلٍّ من إسحاق ديوان وبسمة المومني وروبرت سبرينغبورغ، فضلًا عن مراجعَين آخرَين فضّلا عدم الكشف عن اسميهما، لتعليقاتهم القيّمة على النسخة الأولية من هذه الدراسة.
هوامش
1 تمت مناقشته بالتفصيل في يزيد الصايغ، "فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، آب/أغسطس 2012، https://bit.ly/32puENa.
2 “Egyptian Military's Role in Economy Likely to Be Reduced After 2-3 Years - PM,” Reuters, October 24, 2016. https://reut.rs/3Fo4IzY.
3 "المجلس التنفيذي يستكمل المراجعة الأولى للأداء الاقتصادي في ظل اتفاق "الاستعداد الائتماني" مع جمهورية مصر العربية"، 18 كانون الأول/ديسمبر 2020، https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/12/18/pr20382-egypt-imf-executive-board-completes-first-review-under-the-stand-by-arrangement
4 أرقام الميزان التجاري من:
"Egypt: Trade Balance from 2010 to 2020," Statista website, https://bit.ly/30OM5pU.
تمت زيارة الصفحة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. وحول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، انظر: "المجلس التنفيذي يوافق على عقد اتفاق مع مصر بقيمة 12 مليار دولار أمريكي في إطار تسهيل الصندوق الممدد"، 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2016،
https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/12/18/pr20382-egypt-imf-executive-board-completes-first-review-under-the-stand-by-arrangement
5 مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع إسحاق ديوان، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
6 وفقًا للسيسي، كما ورد في:
“New Administrative Capital Costs LE380 Billion Over 7 Years, Says Sisi,” Egypt Independent, September 27, 2020. https://bit.ly/3qg9bP3.
انظر أيضًا:
Aidan Lewis and Mohamed Abdellah, “Egypt Prepares to Start Move to New Capital, Away From the Chaos of Cairo,” Reuters, March 17, 2021. https://reut.rs/3elQXG4.
7 من خطاب للسيسي بتاريخ 14 آب/أغسطس، 2021، تم نشره هنا: https://bit.ly/3qfhM4B. ومقابلة مع رئيس الشركة اللواء أحمد زكي عابدين كما ورد في:
Mirette Magdy, E”gypt Readies What May Be Its Biggest IPO as Capital Emerges,” Bloomberg, August 15, 2021 (revised August 16, 2021). https://bloom.bg/3egFI20.
8 Robert Springborg, “Follow the Money to the Truth about Al-Sisi’s Egypt,” Snapshot, Project on Middle East Democracy, January 7, 2022, https://bit.ly/3F3G2Mh.
9 بناءً على مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع إسحاق ديوان، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
10 يزيد صايغ، "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري"، تقرير كارنيغي، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، تشرين الثاني/نوفمبر 2019، https://bit.ly/3eifL1W.
11 للاطّلاع على مناقشة أشمل حول استراتيجية الاستثمار التي تقودها الدولة ويتّبعها بالسيسي، انظر:
Yezid Sayigh, “Praetorian Spearhead: The Role of the Military in the Evolution of Egypt's State Capitalism 3.0,” Middle East Centre paper series (43), London School of Economics, January 2021. https://bit.ly/3Ekti3u.
12 وفقًا لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي ورئيس الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية اللواء إيهاب الفار، كما ورد في:
Noha El Tawil, “President Sisi Inaugurates Sphinx, New Administrative Capital Airports,” Egypt Today, June 29, 2020. https://bit.ly/3smpLzs.
كما ورد حديث الفار في: محمد إبراهيم، "الرئيس يفتح مشروعات طرق وكباري ومطارات وقصر البارون.. تدشين الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.. ورئيس الوزراء: 4.5 تريليون جنيه تكلفة المشروعات التي تم تنفيذها"، البلاد، 29 حزيران/يونيو 2020، https://bit.ly/3H4A0fL.
13 يقدر كبار المطلعين الأرباح التي تجنيها المؤسسة العسكرية بما لا يقل عن 5 في المئة، بينما ادعى المالك الهارب لشركة أملاك القابضة، وهي شركة مقاولات خاصة متوسطة الحجم تقوم بأعمال للمؤسسة العسكرية، في آب/أغسطس 2019 أنها تأخذ بشكل روتيني 25-30 في المئة من ميزانيات المشروع. نشر صاحب شركة أملاك القابضة محمد علي ما يعرفه في مقاطع فيديو بعد فراره من مصر، نُقل أبرز ملامحها عبر اليوتيوب وقناة الجزيرة مباشر في أيلول/سبتمبر 2019، في صفحات تم حذفها منذ ذلك الوقت.
14 وردت تكلفة السكة الحديدية الأحادية في:
“Egypt's Sisi Looks to New Desert Capital to Cement Legacy,” RFI, November 14, 2021. https://bit.ly/3H30Ip8.
ووردت تكلفة شبكة القطارات السريعة في:
“Egypt Says Reviewing $23 Billion High-Speed Train Network With Siemens,” Reuters, January 13, 2021. https://reut.rs/3eii9pi.
15 "Algeria, Selected Issues," IMF Country Report No. 18/169, International Monetary Fund, June 2018, 8. https://bit.ly/3qcXKrk.
16 حول الدين القومي، انظر:
“Egypt Total External Debt,” Trading Economics. https://bit.ly/3eiMvYI.
تمت زيارة الصفحة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2021. وحول الدين الخارجي، انظر: سمر السيد، "البنك الدولي: إجمالي حجم الدين الخارجي لمصر سجّل نحو 131.580 مليار دولار العام الماضي"، المال، 12 تشرين الأول/أكتوبر 2021، https://bit.ly/30R24nz. حول المقارنة بالأسواق الناشئة، انظر:
Jonathan Wheatley, “Developing nations squeezed as virus fuels public spending,” Financial Times, July 19, 2020. https://on.ft.com/3egT5Pv.
17 حول تكلفة خدمة الدين على الميزانية، انظر:
Rene Vollgraaff, “Seven Charts Show Egypt’s Debt Dilemma Ahead of Fed Tapering,” Bloomberg, September 30, 2021. https://bloom.bg/3Jc2CFN.
أكد وزير المالية محمد معيط أن الاقتراض الخارجي للحكومة يتجه نحو "مشروعات قومية"، كما في ورد في: ماجد تمراز، "وزير المالية: مصر كانت تقترض لـ15 سنة للطعام والشراب والآن من أجل المشروعات"، اليوم السابع، 29 آب/أغسطس 2020، https://bit.ly/3pkre7B.
18 "Creating Markets in Egypt: Realizing the Full Potential of a Productive Private Sector,”International Finance Corporation, December 2020, Fig. 2.7 (Number of SOEs by Industry Group), 52. https://bit.ly/3J7elWl.
19 تم الإعلان عن شركة "سايلو" للصناعات الغذائية في آب/أغسطس 2021 من قبل اللواء وليد أبو المجد، المدير العام لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية (وزارة الدفاع)، كما ورد في سمير حسنى، "جهاز الخدمة الوطنية: سايلو فودز يضم 10 مصانع بطاقة إنتاجية 470 ألف طن"، اليوم السابع، 3 آب/أغسطس 2021، https://bit.ly/3J4gRMO.
20 الاقتباس الأول من: عبد الرحيم أبو شامة، "وزير الإنتاج الحربي: 10 مليارات جنيه نسبة الزيادة في أنشطة الوزارة مقارنة بالعام الماضي"، الوفد، 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، https://bit.ly/2JoS357. الاقتباس الثاني من: نور علي، "وزير الإنتاج الحربي: إيراداتنا 8.0 مليار جنيه ونستهدف زيادتها لـ12 مليارا"، اليوم السابع، 6 آذار/مارس 2018، https://bit.ly/3spGy4H.
21 تباطأ معدل الزيادة إلى 13 في المئة و18 في المئة في 2018/2019 و2019/2020، بحسب بيانات وزارة الإنتاج الحربي.
22 كل الأرقام قدّمها العصار. رقم الأرباح بحسب ما ورد في: أحمد اللاهوني، "235 مليون جنيه أرباح شركات الإنتاج الحربي العام الماضي"، المال، 17 شباط/فبراير 2020، https://bit.ly/3pjuj7K. نسبة إيرادات المقاولات والاستشارات المذكورة بحسب ما ورد في: أحمد حسن، "وزير الإنتاج الحربي: الوزارة تساهم بقطاع المقاولات المحلي بحجم أعمال 15 مليار جنيه"، اليوم السابع، 16 حزيران/يونيو 2019، https://bit.ly/3mtqATn.
23 Ayhan Aydogdu, Serhat Burmaoglu, Ozcan Saritas, Serhat Cakir, “A Nanotechnology Roadmapping Study for the Turkish Defense Industry,” Foresight: the Journal of Futures Studies, Strategic Thinking and Policy, Vol. 19, No. 4, (2017), 354-375. https://bit.ly/3JdBbLE.
24 Fenella McGerty and Meia Nouwens, “China’s New Five-Year Plan and 2021 Budget: What Do They Mean for Defence?,” IISS Blog, International Institute for Strategic Studies, March 8, 2021. https://bit.ly/3H8dJxU.
25 David Pilling, “How Morocco Transformed Itself Into a Carmaking Hub,” Financial Times, October 11, 2021. https://on.ft.com/33VewUB.
حول التطلعات المصرية، انظر: أحمد اللاهوني، "وزير الإنتاج الحربي: نتطلع لزيادة نسبة المكون المحلي في صناعة السيارات إلى 60%"، المال، 20 كانون الأول/ديسمبر 2020، https://bit.ly/3Ejbkyw.
26 حول العملية العسكرية في القطاعات الصناعية، انظر:
Creating Markets in Egypt: Realizing the full potential of a productive private sector, Country Private Sector Diagnostic, International Finance Corporation, December 2020, 52. https://bit.ly/3qlmqOf.
وحول العلاقة بين المشاركة في سلاسل القيمة العالمية ودخل الفرد، انظر:
“The New Order of Trade,” Special report, The Economist, October 6, 2021 edition. https://econ.st/3sxz7bP.
27 الرقم حول حصة القطاع العام من الناتج المحلي الإجمالي من:
"Arab Republic of Egypt : Selected Issues,” Country Report No. 18/15, Middle East and Central Asia Department, International Monetary Fund, January 22, 2018, 10. https://bit.ly/3H3rjlP.
28 أكد الوزير آنذاك العصار الشراكة مع المقاولين من القطاع الخاص، بحسب ما ورد في: أحمد اللاهوني، "العصار: نفذنا مشروعات بـ25 مليار جنيه بالشراكة مع القطاع الخاص خلال 6 أعوام"، المال، 17 شباط/فبراير 2020، https://bit.ly/3JaOUTw.
29 أميمة إسماعيل، "التغذية المدرسية: الوضع التجريبي"، مدى مصر، 22 كانون الأول/ديسمبر 2021، https://bit.ly/3sqbmCl.
30 “Creating Markets in Egypt,” International Finance Corporation, 42 and 43. https://bit.ly/3eiO492.
31 بحسب ما ورد في: محسن سميكة، "السيسي من مشروع الصوب الزراعية: "مش هنتفق مع التجار على الناس""، المصري اليوم، 17 آب/أغسطس 2019، https://bit.ly/3yOEXq4 (تمت زيارة الصفحة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2021).
32 نشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مسحًا تفصيليًا للفجوة الغذائية الحرجة في مصر في آذار/مارس 2021، https://bit.ly/3pmiTQs، تمت زيارة الصفحة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. حول مزارع الأسماك، انظر مصطفى حسني، "أصحاب مزارع الأسماك بين ضغوط الدولة ومنافسة "الوطنية".. لمّوا الشبك"، مدى مصر، 15 نيسان/أبريل 2021، https://bit.ly/30R3Q8d.
33 ندى عرفات وصقر النور، "كيف تحقق مياه مصر أمن دول الخليج الغذائي؟"، مدى مصر، 15 أيار/مايو 2019، https://bit.ly/3A29odg.:
34 حول خريطة هذه الطرق، انظر: يزيد صايغ، "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكرية المصري"، تقرير كارنيغي، تشرين الثاني/نوفمبر 2019، الخريطة 7 (طرق وطنية بنتها الهيئات العسكرية أو خاضعة لسيطرتها)، 260، https://bit.ly/3eifL1W.
35 هذه الفقرة مستوحاة من يزيد صايغ، "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري"، تقرير كارنيغي، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، تشرين/نوفمبر 2019، 131، https://bit.ly/3eifL1W.
36 تم الحصول على أرقام صادرات الأسلحة من جداول قيم صادرات الأسلحة الخاصة بمصر في مؤشر اتجاه المستوردين/المصدرين للأسلحة 2000-2019 الخاص بمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، https://bit.ly/3yUhjsj. تمت زيارة الصفحة في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
37 Guy Martin, “Egyptian Air Force F-16s, Mirage 2000s fitted with Al Tariq PGMs,” defenceWeb, October 14, 2021. https://bit.ly/3FkuoxG.
حول الطائرات من دون طيار المصرية المبنية على الطائرات الإماراتية، انظر:
Agnes Helou, “Egypt unveils locally made drones at EDEX 2021,” DefenseNews, November 30, 2021. https://bit.ly/3FpqjZ8.
38 Émile Bouvier, “Turkey. The Arms Industry on the Fast Track to Autonomy,” Orient XXI, October 27, 2021. https://bit.ly/33R1bfT.
39 هدف استصلاح الأراضي وعدد المدن الجديدة وفقًا لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي كما ورد في محمد عبد الناصر، "5.8 تريليون جنيه لـ31 ألف مشروع.. كم رقمًا ذكره مدبولي في افتتاح مشروع الفيروز؟"، مصراوي، 23 كانون الثاني/يناير 2021، https://bit.ly/3FnLGd1.
40 Kevin Goh and Julia Muravska, “Military-Owned Businesses: Corruption & Risk Reform,” Transparency International Defence and Security Programme, January 2012, 5. https://bit.ly/3mqK0bq.
41 المصدر السابق.
42 Nayyar, Gaurav; Hallward-Driemeier, Mary; Davies, Elwyn. At Your Service? The Promise of Services-Led Development. Washington, DC: World Bank, 2021. https://bit.ly/3FqcedO.
43 كان ساويرس يتحدث خلال مقابلة تلفزيونية مع وكالة الأنباء الفرنسية يمكن مشاهدتها هنا: https://bit.ly/33QBSdU.
44 هذه مستوحاة من:
“Should governments in emerging economies worry about their debt?,” The Economist, February 11, 2021. https://econ.st/3mt3H2q.
45 “Creating Markets in Egypt,” International Finance Corporation, 14.
46 Ishac Diwan, Nadim Houry, and Yezid Sayigh, "Egypt After the Coronavirus: Back to Square One,” Arab Reform Initiative, August 2020, Figure 1: Debt and credit, 5. https://bit.ly/3pjSxP9.
47 Diwan, Houry, and Sayigh, "Egypt After the Coronavirus,”11.
48 "ضم جهاز تنمية سيناء لهيئات القوات المسلحة.. واستخدام 45.9 مليون جرعة من لقاحات كورونا"، المنصة، 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3mqBzg8. حول قيمة المشاريع في سيناء، انظر:
Menna A. Farouk, “Egypt Announces Massive Budget to Develop Sinai,” Al-Monitor, September 4, 2018. https://bit.ly/3swDtQf.
49 روبرت كوبينيك، "قياس تأثير الأعمال التجارية للمؤسسة العسكرية المصرية"، توازن، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3ssC2Cr.
50 “Egypt.” https://ti-defence.org/gdi/countries/egypt/.
تمت زيارة الصفحة في 16 كانون الأول/ديسمبر 2021.
51 تمت مناقشة هذه النقطة بالتفصيل في: يزيد صايغ، "فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر"، تقرير كارنيغي، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، آب/أغسطس 2012، https://bit.ly/3qkx2gl.
52 الرقم الخاص بالعام 2015/2016 بحسب ما ورد في كريم الخطيب، "الإنتاج الحربي في 2016.. صناعة وزراعة وتعدين وتموين وصحة.. عام من "الأشغال الشاقة" بالمشروعات القومية"، صدى البلد، 30 أيلول/سبتمبر 2016، https://bit.ly/3pjTaIv. والرقم الخاص بالعام 2019/2020 بحسب ما ورد في زكي القاضي، "إنجازات وزارة الإنتاج الحربي في 2019/2020 بمجال تطوير الصناعة المصرية.. إنشاء خط تجميع الرشاش المتعدد والبندقية الآلية.. تشييد مصانع إنتاج ذخيرة.. وتنفيذ 121 مشروعًا لصالح الوزارات والمحافظات والهيئات المختلفة"، اليوم السابع، 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، https://bit.ly/3I4xAyd.
53 حول مركبات ST-100 وST-500، انظر:
Darek Liam, “Egypt begins mass production of homemade Sinai-200 and ST-500 armoured vehicles,” African Military Blog, June 28, 2021. https://bit.ly/3qgbD8d.
وتم التطرق إلى مركبات سيناء 200 في: نعيم أمين، "وزير الإنتاج الحربي: امتلكنا تقنية تصنيع الصلب المدرع.. ونستهدف الذخائر الذكية"، الوطن، 3 كانون الأول/ديسمبر 2021، https://bit.ly/3pjUpaN.
54 "مصر تكشف عن رادار ثنائي الأبعاد في معرض إيديكس 2021"، العين، 1 كانون الأول/ديسمبر 2021، https://bit.ly/3EiTnzZ.
55 Leading Edge: Defence Innovation and the Future of Operational Advantage, Research Paper, International Institute for Strategic Studies, November 2021. https://bit.ly/32cR1px.
56 Roger McDermott, “Putin Agrees to Major Write-Off of Russia’s Defense Industry Debt,” Eurasia Daily Monitor, Volume: 17 Issue: 22, February 19, 2020. https://bit.ly/32kD1dh.
57 Dongmin Lee, “Swords to Ploughshares: China’s Defence Conversion Policy,” Defence Studies, Vol. 11, No. 1 (March 2011), 8. https://bit.ly/3qpqSMi.
58 “Russia’s Military Modernisation: An Assessment,” International Institute for Strategic Studies, September 2020, 164. https://bit.ly/3FoVoMl.
حثّ الرئيس فلاديمير بوتين شركات الدفاع على تنويع محافظ المنتجات من خلال تطوير سلع مدنية ذات تكنولوجيا عالية قادرة على تلبية الطلبات المحلية والتصديرية.
59 Frank O. Mora and Quintan Wiktorowicz, “Economic Reform and the Military: China, Cuba, and Syria in Comparative Perspective,” International Journal of Comparative Sociology, April 2003, 93. https://bit.ly/3yOIrc8.
60 “OYAK Group and Its Subsidiaries,” https://bit.ly/3FluKnv.
تمت زيارة الصفحة في 1 كانون الأول/ديسمبر 2021.
61 Dongmin Lee, “Chinese Civil-Military Relations: The Divestiture of People’s Liberation Army Business Holdings,” Armed Forces & Society, Volume 32 Number 3, April 2006, 439. https://bit.ly/3pkECZm.
62 تصف "أوياك" نفسها بأنها "صندوق تقاعد مهني تكميلي" لـ "أفراد القوات المسلحة التركية والقيادة العامة لقوات الدرك وقيادة خفر السواحل والموظفين الذين يرغبون في الانضمام إليها بمحض إرادتهم بما في ذلك المدنيين على النحو المحدد في القانون"، في https://bit.ly/3yPyQ4Z. تمت زيارة الصفحة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2021. للحصول على تقييم حول ذلك، انظر: زينب أبو المجد وعصمت أكشا وشانا مرشال، "مساران للهيمنة: الشركات العسكرية في تركيا ومصر"، دراسة، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حزيران/يونيو 2020، https://bit.ly/3yOGLj4. تصف مؤسسة فوجي (المعروفة أيضًا باسم مجموعة فوجي) نفسها بأنها "من بين أكبر تكتلات الأعمال في باكستان التي" تتشرف بخدمة" مصالح العسكريين السابقين"، وأنها "مؤسسة خيرية تأسست... من أجل رفاهية العسكريين السابقين وعائلاتهم"، https://bit.ly/3H6w7XS. تمت زيارة الصفحة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2021. للحصول على تقييم حول ذلك، انظر:
Ayesha Siddiqa, Military Inc.: Inside Pakistan’s Military Economy, Pluto Press, revised edition 2016.
63 "Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt," IMF Country Report No. 21/163, July 22, 2021, Box 1, item i, 19. https://bit.ly/32jHuNh.
64 اقتباس من:
“India’s government wants to monetise state-owned assets,” The Economist, August 28, 2021. https://econ.st/33GNJuQ.
65 “New bill proposes financialization of public utilities providers,” Mada Masr, May 20, 2021. https://bit.ly/3ehsQIO.
66 بحسب بيان من رئاسة مجلس الوزراء حول دراسة أجراها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، https://bit.ly/3qprQrU. تمت زيارة الصفحة في 1 كانون الأول/ديسمبر 2021.
67 مقتبس من: بيسان كساب ومدى مصر، "خطة حكومية من وحي "الصندوق" لتمكين القطاع الخاص.. هل يعود قطار الخصخصة للتسعينيات؟"، مدى مصر، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3JbnwVB.
68 Bijan Khajehpour, “Will Iran’s military really divest from business holdings?,” Al-Monitor, January 30, 2018. https://bit.ly/3piKnXb.
69 محمد الجالي، "السيسي يصدق على تعديل بعض أحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام"، اليوم السابع، 13 أيلول/سبتمبر 2020، https://bit.ly/32nZOVo.
70 " Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation,"IMF, Box 1, item ii, 19.
71 انظر، على سبيل المثال:
Human Rights Watch, “Unkept Promise”: Failure to End Military Business Activity in Indonesia," January 11, 2010, 6. https://bit.ly/3FlwixP.
انظر أيضًا:
Goh and Muravska, Military-Owned Businesses: Corruption & Risk Reform, January 2012, 23.
72 “Egypt, Arab Rep. Overall Score, 2021.” https://worldjusticeproject.org/rule-of-law-index/country/2021/Egypt%2C%20Arab%20Rep./.
تمت زيارة الصفحة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
73 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation,” IMF, 19.
74 نور علي، "مجلس النواب يوافق نهائيًا على تعديل قانون العقوبات"، اليوم السابع، 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/32jIfpB.
75 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation,” IMF, Box 1, 18.
76 إيمان علي، "خطة الحكومة لرفع كفاءة الإنفاق وزيادة تحصيل الإيرادات x 10 نقاط"، اليوم السابع، 27 حزيران/يونيو 2020، https://bit.ly/3H36lng.
77 حول دور وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع، انظر: أحمد عجاج، "تعاون الإنتاج الحربي والعربية للتصنيع لتوفير مستلزمات مبادرة حياة كريمة"، الشروق، 6 آذار/مارس 2021، https://bit.ly/3qlt1Z1. يمكن الدخول إلى موقع مبادرة حياة كريمة هنا: https://bit.ly/3eiAdQk.
78 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation,” IMF, 17.
79 ورد في تقرير للبنك الدولي أن “المحاكم العسكرية المتخصصة تشرف على الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية. تتمتع هذه المحاكم بالولاية القضائية على أي إثراء غير مشروع وأرباح غير مشروعة للجنود العاملين".
"Creating Markets in Egypt,” International Finance Corporation, Fig. 2. 7 (Number of SOEs by Industry Group), endnote 40, 139. https://bit.ly/3pkCDnS.
ومع ذلك، لا يوجد دليل على وجود مثل هذه المحاكم، ولا أن قانون العقوبات العسكري قد تم تعديله للتعامل مع مثل هذه التحديات. يبدو أن التقرير يخلط بين هذا وبين القرار التشريعي الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم آنذاك في أيار/مايو 2011 والذي نقل سلطة تحديد ما إذا كان ينبغي محاكمة ضباط القوات المسلحة المتهمين بتحقيق مكاسب غير مشروعة في محاكم عسكرية أو مدنية إلى المدّعين العامين في وزارة الدفاع. انظر نص المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011 بتعديل بعض مواد قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 هنا: https://bit.ly/32s5Q74.
80 “Faced with Cairo's military grip on industry, HeidelbergCement files for arbitration,” Africa Intelligence, November 9, 2021. https://bit.ly/32o0HgG.
81 “Creating Markets in Egypt,”International Finance Corporation, 13.
82 كما ورد في:
M. Ayhan Kose, Peter Nagle, Franziska Ohnsorge, and Naotaka Sugawara, Global Waves of Debt: Causes and Consequences, World Bank, 2021. https://bit.ly/3H8ll3s.
83 تم حث المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على الإشارة إلى المؤسسة العسكرية صراحةً في رسالة رسمية مشتركة قدمتها إليه منظمة هيومن رايتس ووتش ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومبادرة الحرية. "رسالة إلى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. الموضوع: شفافية الشركات العسكرية المصرية"، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، https://www.hrw.org/ar/news/2020/11/29/377117.
84 صفاء عصام الدين وأحمد عويس، "البرلمان يوافق من حيث المبدأ على المالية العامة الموحد" الشروق، 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3eiVtVS.
85 اقتباس من:
Todd Harrison, “Battle Networks and the Future Force Part 1: A Framework for Debate,” CSIS Briefs, Center for Strategic and International Studies, August 5, 2021, 2. https://bit.ly/3ssm1fG.
يشير هاريسون أن الارتباط بالمنصات نفسها أمر نموذجي للخدمات الأميركية.
86 كما ورد في:
Anthony Cordesman, “Security Assistance and the Changing MENA Region,” in Hicham Alaoui and Robert Springborg (eds), Security Assistance in the Middle East: Challenges and the Need for Change, Lynne Rienner, forthcoming (2022).
تم الإشارة إليه هنا بعد أخذ الموافقة.
87 Fenella McGerty and Meia Nouwens, “China’s new Five-Year Plan and 2021 Budget: What Do They Mean for Defence?,” IISS Blog, International Institute for Strategic Studies, March 8, 2021. https://bit.ly/3mt6d8F.
88 Viet Tuan, “Defense ministry cuts back on business activities,” VNEpress, October 11, 2018. https://bit.ly/3JajGMo.
89 Yuka Koshino, “Is Japan ready for civil–military ‘integration’?,” IISS Blog, International Institute for Strategic Studies, August 3, 2021. https://bit.ly/3mqWvnl.
90 المعلومات حول حول تونس مستمدّة من مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع محلل في شؤون الدفاع، تم حجب اسمه بحسب طلبه. حول لبنان، آرام نيركيزيان، "العقبات الخمسة أمام تطوير القدرات العسكرية اللبنانية"، توازن، 20 نيسان/أبريل 2021، https://bit.ly/3K7q47P.
91 للاطّلاع على نقاش مفصل حول هذا التوجه في حالة المؤسسة العسكرية الأميركية، انظر:
Seamus P. Daniels, “Assessing Trends in Military Personnel Costs,” Defense Budget Analysis Program, Center for Strategic and International Studies, September 2021. https://bit.ly/3eeUvdt.
92 Kristina Mani, “Militaries in Business: State-Making and Entrepreneurship in the Developing World,” Armed Forces & Society, Volume 33 Number 4, July 2007, 604. https://bit.ly/3H6K7AG.
93 اقتباس من تقييم التجريد العسكري في إندونيسيا، منظمة هيومن رايتس ووتش:
"Too High a Price: The Human Rights Cost of the Indonesian Military’s Economic Activities," 2006, 131. https://bit.ly/3qbAbza.
94 Nguyen The Phuong, “Can Vietnam’s Military Really Mind Its Own Businesses?,” The Diplomat, July 20, 2017. https://bit.ly/3yPD1Od.
95 روبرت كوبينيك، "قياس تأثير الأعمال التجارية للمؤسسة العسكرية المصرية"، توازن، 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3ExPLdL.
96 إسحاق ديوان، "القوات المسلحة في السُلطة والاقتصاد"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 26 تشرين الأول/أكتوبر، https://bit.ly/3Fp0CYt.
97 Goh and Muravska, “Military-Owned Businesses: Corruption & Risk Reform,” 24.
98 للاطّلاع على نقاش حول المؤسسيين في القوات المسلحة المصرية، انظر:
Stephan Roll, “Managing change: how Egypt’s military leadership shaped the transformation,” Mediterranean Politics, Vol. 21, No. 1, October 2015, 23-43. https://bit.ly/3FnPkDM.
99 من الأمثلة على أنظمة الحوكمة الاجتماعية والبيئية للاستثمار:
"Amplifying the “S” in ESG: Investor Myth Buster," Thomson Reuters Foundation, https://tmsnrt.rs/3JbSQUc.
تمت زيارة الصفحة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. انظر أيضًا:
"Human Rights Impact Assessment Guidance and Toolbox," Danish Institute for Human Rights, August 25, 2020. https://bit.ly/3qbBf68.