مقدّمة
حتى وقت قريب، كان كلٌّ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي متحفّظَين تمامًا على التطرق إلى مشاركة القوات المسلحة المصرية والهيئات العسكرية الأخرى في الاقتصاد المدني المصري. هذه مشكلة قائمة منذ فترة طويلة. وبغضّها الطرف عن تحويل الموارد إلى القطاع العسكري والآثار المتزايدة الأهمية لذلك على الاقتصاد والمالية العامة، فإن هذه المؤسسات المالية الدولية قد قوّضت فعالية برامجها في مصر وسمحت باستثمار مواردها في دعم سياسات دون المستوى الأفضل من قبل الحكومة المصرية. ثمة سؤال يطرح نفسه في ما يتعلق بالنزاهة عندما تسمح المساعدة الدولية باستمرار، بل وتكثيف، الحوافز السياساتية المشوّهة، متجاهلةً حقيقة أن الكثير من الضجيج حول النمو الإجمالي في الاقتصاد المصري يحجب القيود الحقيقية المفروضة على تنمية القطاع الخاص. لقد حان الوقت لإلقاء قفاز التحدي: يجب على المؤسسات المالية الدولية ورعاتها الحكوميين معالجة واقع المشاركة العسكرية بشكل منهجي في برامجهم وتوصياتهم السياساتية، وعليهم مواجهة المشكلة بصورة مباشرة في تعاملهم مع السلطات المصرية.
لا يزال التحفّظ قائمًا، ولكنه بدأ يتلاشى. فقد أشار تقرير صادر عن البنك الدولي في كانون الأول/ديسمبر 2020 إلى أن الهيئات العسكرية تمثّل نسبة كبيرة من جميع الشركات المملوكة للدولة التي تنتج السلع الرأسمالية والسلع الاستهلاكية المعمّرة والملابس والمواد والأطعمة والمشروبات والتبغ والسيارات ومكوّناتها، علاوةً على مبيع التجزئة ووسائل الإعلام والترفيه وأشباه الموصلات ومعدّات نظام النقل الذكي والأجهزة والمعدّات التكنولوجية. 1 وقد ذهب صندوق النقد الدولي أبعد من ذلك في مراجعته الصادرة في تموز/يوليو 2021 لاتفاقية القرض مع مصر، إذ أشار فيها لأول مرة على الإطلاق إلى وجود الشركات العسكرية المصرية ودورها.2 ومن المهم أيضًا أنه أدرج تلك الشركات صراحةً في تقييمه للمؤسسات المملوكة للدولة بشكل عام—التي لاحظ التقرير أن الكثير منها "يسجل أداءً ماليًا ضعيفًا، بينما يستفيد البعض منها من المجال غير المتكافئ"—وألمح ضمنيًا إلى أن الشركات العسكرية يجب أن تخضع لنفس سياسات الإصلاح الشاملة التي يقترحها صندوق النقد الدولي للقطاع العام ككل.
والآن، وبعد أن كسر صندوق النقد الدولي على وجه الخصوص صمته السابق، بات عليه تحسين نهجه من أجل معالجة الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية المصرية بطريقة أكثر استهدافًا وثباتًا، وبالتالي جعل نهجه أكثر فاعلية واستدامة. وهذا يتطلب مزيجًا من التدابير: المجموعة الأولى منها تتضمّن وضع الهيئات والشركات العسكرية في نطاق التوصيات التي اقترحها صندوق النقد الدولي للقطاع العام المدني في مصر والشركات المملوكة للدولة ككل. إذًا، تنسجم هذه المجموعة الأولى من التدابير مع توصيات صندوق النقد الدولي ومع المبادرات السياساتية للحكومة المصرية المتعلقة عمومًا بمسائل الملكية والتنظيم والاستراتيجية التمويلية. أما المجموعة الثانية من التدابير، فهي تتناول الجوانب المحددة من الأطر القانونية والتنظيمية والقضائية التي تمكّن المؤسسة العسكرية من ممارسة الأنشطة في المجال المدني. وفي حال لم يتم تنقيحها، ستعيق هذه الأطر الممكِّنة الإصلاحات الأوسع نطاقًا، إلا أنه في الغالب لم تقم الحكومة المصرية ولا صندوق النقد الدولي حتى الآن بمراجعة تلك الأطر، ناهيك عن معالجتها.
الملكية والتنظيم والاستراتيجية التمويلية
تم تقديم الحجة الاقتصادية العامة لمراجعة أنشطة المؤسسة العسكرية المصرية في المجال المدني في دراستي بعنوان "الاحتفاظ بالقدرة أم إعادة الهيكلة أم التجريد؟ خيارات سياساتية للاقتصاد العسكري المصري".3 بإيجاز، تركّز هذه الحجة بشكل خاص على ثلاثة أسئلة أساسية: هل هذه الأنشطة كفؤة (بمعنى ارتفاع المردود مقابل الكلفة) وهل تولّد مدّخرات صافية للخزينة العامة؟ وهل هي قابلة للاستدامة (هل تقدّم ممارسات وأساليب تجارية متفوّقة تضمن النمو وتعزّز الإنتاجية في الاقتصاد المدني)؟ وهل تولّد الفرص الاقتصادية (للجهات المدنية) والقيمة المضافة؟ تؤكّد هذه الأسئلة على حاجة صندوق النقد الدولي ونظرائه المصريين إلى إعادة التفكير وإعادة هيكلة استراتيجية الملكية والتنظيم والتمويل التي تساهم بموجبها المؤسسة العسكرية في الاقتصاد والمالية العامة والتجارة.4
الملكية
تنقسم الشركات العسكرية المصرية إلى ثلاثة أشكال من الملكية، كما هو مفصّل في دراستي بعنوان "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري".5 ينتمي عشرون منها تقريبًا إلى وزارة الإنتاج الحربي، وهي مسجلة كشركات قطاع أعمال عام، وتنتمي اثنتا عشرة شركة أخرى تقريبًا إلى الهيئة العربية للتصنيع، التي تتمتع بوضع قانوني شاذ كمنظمة دولية، وثمة أربعون شركة تقريبًا تتبع وزارة الدفاع، يرتبط معظمها بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، الذي يستخدم المجنّدين كعمالة. وتجدر الملاحظة أن حوالى ربع العدد الإجمالي للشركات العسكرية فقط يصنع أي منتجات متعلقة بالدفاع، ولكن جميع الشركات تنتج سلعًا وخدمات مدنية (بما في ذلك المقاولات) وتتولّى العقود الحكومية للتوريد والأشغال العامة.
قد تكمن الخطوة الأولى نحو تحسين الكفاءة والأداء وترشيد الحوكمة في نقل جميع الشركات العسكرية إلى هيئة قابضة واحدة. يتطابق هذا بصورة كبيرة مع دعوة صندوق النقد الدولي مصر في تموز/يوليو 2021 إلى تحقيق "مركزية ملكية الدولة في كيان واحد"، إذ يمكن أن يشمل هذا نقل الشركات العسكرية إلى قطاع الأعمال العام. 6 ويتوافق ذلك أيضًا مع جهود الحكومة المصرية منذ العام 2018 الرامية إلى إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام الخاسرة من خلال عمليات الدمج والتصفية وبيع الأسهم لمستثمرين من القطاع الخاص. (وعلى الرغم من صغر حجمها، ينبغي تحويل أسهم الملكية التي تحتفظ بها وزارة الدفاع أو الهيئات العسكرية الأخرى في شركات أو صناديق أخرى إلى الهيئة القابضة الجديدة، ويمكن لشركات وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع الاحتفاظ بأسهمها طالما أن هذا يتوافق مع جميع قواعد قطاع الأعمال العام ذات الصلة التي تحكم ملكية المحافظ الاستثمارية).
يمكن إجراء هذا التحويل على مراحل، بدءًا من شركات وزارة الإنتاج الحربي، والتي يمكن نقلها إلى وزارة قطاع الأعمال العام، على أن تتبعها شركات الهيئة العربية للتصنيع بعد تعديل التسجيل القانوني للهيئة. كان تحويل الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من كيانات عسكرية إلى كيانات مدنية سيشكل تحديًا أكبر بكثير قبل بضع سنوات، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وافق على مبدأ بيع الأسهم في شركات الجهاز إلى مستثمري القطاع الخاص، وبالتالي أصبحت المصادقة السياسية الهامة موجودة بالفعل ويكاد الأساس القانوني أن يصبح واضحًا. 7 علاوةً على ذلك، فإن الملكية الخاصة الجزئية في الشركات العسكرية لا تمنع وضعها ضمن هيئة عامة موحدة، بحيث كان هذا أسلوبًا للخصخصة في مصر منذ العام 1991.
أخيرًا وليس آخرًا، يتطلّب توطيد الشركات المدنية المملوكة للمؤسسة العسكرية فصلَ خطوط الإنتاج والأنشطة المتعلقة بالدفاع، وتوحيدها ضمن هيئة قابضة واحدة منفصلة تلتزم بإجراءات أمنية مناسبة، نظرًا إلى الطبيعة الخاصة لهذا القطاع، مع ضمان التزامها في جميع الجوانب الأخرى بالإطار القانوني والتنظيمي الشامل الذي يعمل بموجبه قطاع الأعمال العام. وفي الواقع، فإن الهيئة القومية للإنتاج الحربي تقوم بهذا الدور لصالح وزارة الإنتاج الحربي، إلا أنها في هذا السيناريو ستضم أيضًا خطوط إنتاج الهيئة العربية للتصنيع، لتنضوي هي الأخرى في إطار قطاع الأعمال العام نفسه الذي تنتمي إليه شركات وزارة الإنتاج الحربي أصلًا، ما يتيح ترشيدها جميعًا.
التنظيم
حتى لو لم يتم إخضاع الشركات العسكرية للكيان الحكومي الواحد كما يوصي صندوق النقد الدولي، فيجب أن يكون لها إطار واحد يُعنى بالجوانب القانونية والحوكمة. ويجب أن يشمل هذا إطارها التنظيمي أيضًا. وبما أن الزعم الرسمي هو أن المؤسسة العسكرية هي مجرد واحدة من عدة هيئات تابعة للدولة مسؤولة عن تنفيذ أهداف التنمية القومية التي تضعها الرئاسة والحكومة، فما من سبب وجيه يمنعها من اتباع قواعد العقود والتفتيش الحكومية النظامية عند تحديد أولويات المشروعات ومواصفاتها الفنية وإصدار العطاءات وتقييمها وإجراء عمليات التدقيق. تدّعي المؤسسة العسكرية أنها تقوم بذلك بالفعل، بل وبشكل أفضل من نظيراتها المدنية، لكن المسألة الحاسمة هي أن امتثالها يجب أن يتم التحقق منه من قبل الجهات الحكومية الأخرى، والتي بدورها ينبغي أن تخضع إلى شكل من أشكال المساءلة العامة. كذلك، على المؤسسة العسكرية الالتزام التام بالتأمينات الاجتماعية وقواعد الصحة والسلامة والعمل والتشريعات واللوائح الأخرى التي تحكم قطاع الأعمال العام، بما في ذلك تدقيقات الامتثال، في ما يتعلق بالأنشطة المدنية التي تضطلع بها أو تديرها. ينطبق كل هذا بالتساوي على مشاريع الأشغال العامة التي تديرها الهيئة الهندسية والإدارات الأخرى التابعة للقوات المسلحة، وعلى مقاولي القطاع الخاص الذين ينفّذون (في الغالب) العمل الفعلي تحت الإدارة العسكرية.
أخيرًا وليس آخرًا، في ما يتعلق بالإطار التنظيمي للشركات العسكرية، يترتّب عليها الامتثال لدعوة صندوق النقد الدولي من أجل توسيع نطاق الإبلاغ المالي حتى يشمل جميع شركات القطاع العام والمشاريع المشتركة مع تفاصيل "الإيرادات المالية (الضرائب، وتوزيعات الأرباح) والتكاليف (الدعم، والتحويلات الرأسمالية، والقروض المباشرة من الميزانية، ودعم الإقراض وضمانات القروض)". 8 ثمة حاجة أيضًا لاتخاذ إجراء، كما أشار تقرير الشفافية المالية للعام 2021 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، لضمان أن تشمل وثائق الميزانية "المخصّصات للشركات العسكرية المملوكة للدولة" وأن توضح "ديون الشركات المملوكة للدولة". 9 إذًا، يجب الإبلاغ عن حصص ميزانيات الهيئات العسكرية المتعلقة بأنشطتها في المجال المدني بطريقة يمكن التحقق منها، وإظهار المساهمات من خزينة الدولة، وإدراجها في الميزانية العامة للدولة، أو على الأقل في الميزانية المنفصلة التي تحتفظ بها مصر لما يسمى بالهيئات العامة التي تدير وتموّل الاستثمارات العامة في القطاعات الاقتصادية المختلفة. إن الموافقة التي صدرت في كانون الثاني/يناير 2022 على مشروع قانون المالية العامة الموحد، الذي يجمع بين قوانين الميزانية العامة والمحاسبة الحكومية، توفّر إطارًا يمكن توسيعه بسهولة ليشمل الهيئات العسكرية. 10 علاوةً على ذلك، يجب أن تكون الجهات المدنية في وضع يمكّنها من إجراء عمليات حساب التكلفة الاقتصادية الكاملة والتدقيق البيئي لجميع مشاريع البنية التحتية والإسكان المدنية التي تديرها المؤسسة العسكرية، والتي تصل إلى ربع إجمالي الأشغال العامة الممولة من الحكومة. 11
ومن المهم أيضًا أن يعود صافي الدخل من الإنتاج العسكري للسلع والخدمات المدنية أو الأشغال العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية إلى خزينة الدولة—بدلًا من الصناديق "الخاصة" التقديرية التي تحتفظ بها الهيئات العسكرية المختلفة، كما هو الحال حاليًا—حتى وإن كان الغرض النهائي من استخدامها هو الإنفاق الدفاعي. كحدٍّ أدنى، يجب احتساب أي مداخيل تحتفظ بها الهيئات العسكرية أو تلك التي تتم إعادتها إليها على أنها من مخصّصات ميزانية الدفاع. وباتباع نفس منطق السيطرة المدنية والشفافية المالية والمساءلة ووحدة الميزانية، ينبغي تحويل حق الانتفاع التجاري للمشاريع المنفّذة تحت الإدارة العسكرية—من الطرق السريعة وصولًا إلى الصوب الزراعية—إلى الجهات الحكومية ذات الصلة. فلا ينبغي على الإدارة العسكرية للمشاريع الممولة من القطاع العام أن تمنح المؤسسة العسكرية تلقائيًا حق الانتفاع منها. وقد يسهّل توطيد هيكلية الملكية تطبيق هذه التدابير.
الاستراتيجية التمويلية
ويتمثّل المسار الثاني لإعادة هيكلة ملكية الشركات العسكرية وحوكمتها في وضعها ضمن نطاق نهج إدارة السيسي لتوحيد وتسويق أصول الدولة من خلال زيادة مشاركة القطاع الخاص. فقد دعا صندوق النقد الدولي الحكومة المصرية إلى تحديد قطاعات اقتصادية معينة يمكن للشركات أو الهيئات المملوكة للدولة تأدية دور فيها، والخروج من القطاعات الأخرى بشكل كامل. فأكدت الحكومة هذا النهج في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 من خلال التوصية بمجموعة من الآليات لتمكين القطاع الخاص، بما في ذلك تحديد القطاعات الاقتصادية الرئيسة التي ستخرج منها الدولة، وغيرها من القطاعات التي ستبيعها في نهاية المطاف بمجرد أن تدرّ أرباحًا. 12
يجب تطبيق هذا النهج على الشركات العسكرية أيضًا، وإن بشكل مكمِّل لتوطيد الملكية، وليس كبديل عنه. لا يحتاج الأمر بالضرورة إلى الخصخصة بالجملة، علمًا أنها قد تكون خيارًا صالحًا لبعض الشركات والأنشطة. علاوةً على ذلك، يرى الخبير الاقتصادي عمرو عدلي أن هذا النهج سيكون له تأثير أكبر بكثير إذا شمل البنية التحتية والمرافق الممولة من الحكومة—حيث تنشط الهيئات العسكرية بشكل خاص—وليس فقط قطاع الأعمال العام، الذي تنتج شركاته سلعًا قابلة للتداول على وجه التحديد.13
ثمة أكثر من طريقة لتنفيذ النهج السابق للتمويل. فيتمثل أحد الركائز الأخرى في نهج إدارة السيسي في توحيد أصول الدولة وتسويقها من خلال وضعها تحت سيطرة صندوق الثروة السيادي "ثراء"، وفي بعض الحالات من خلال عروض جزئية للأسهم في البورصة المصرية. روّج السيسي لزيادة رأسمال الشركات العسكرية بهذه الطريقة منذ آب/أغسطس 2018، ما أعطى هذه الاستراتيجية التأييد السياسي اللازم. وفي شباط/فبراير 2020، اتفق صندوق "ثراء" ووزارة الدفاع على إعداد عشر شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية لقبول الاستثمار الخاص وصولًا إلى نسبة 100 في المئة.
في الواقع، يمكن أيضًا ضم الشركات العسكرية في كيان واحد، كما هو مقترح أعلاه، من خلال صندوق "ثراء". ومع ذلك، قد تشكّل الحاجة إلى حماية مساهمي الحصص الأقلية حجة لصالح تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية، والتي تتمتع بسجل جيد نسبيًا في هذا الصدد مقارنةً مع الأسواق المالية الأخرى في المنطقة. ويبدو أن العقبات القانونية والائتمانية التي يجب إزالتها—والتي ربما تدور حول الحاجة إلى الإفصاح المالي، على وجه الخصوص—قد أخّرت عملية التعويم حتى الآن. ولكن إذا تم البيع الأولي للأسهم في شركتَين في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية من قبل صندوق "ثراء" في العام 2022 كما تم الإعلان عنه، قد يوفّر هذا البيع نموذجًا يمكن توسيعه.14 ولكن لكي يكون النموذج موثوقًا وقابلًا للتوسيع، يحتاج صندوق الثروة السيادي إلى الكشف عن مصادر تمويله ونهج عمليات السحب، مرة أخرى كما أشار تقرير الشفافية المالية للعام 2021 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية.15
ما لم يتم تنفيذ الإصلاحات السابقة والإصلاحات الرئيسة الأخرى (التي ستتم مناقشتها في القسم التالي)، قد لا تعدو استراتيجية السيسي للرسملة عن كونها مجرّد وسيلة إما لتعويم الشركات العسكرية التي تعاني من المشاكل، أو لتغذية توغّلها الإضافي إلى المجال المدني بفضل ضخ الأموال الخاصة. إضافةً إلى ذلك، إن إعادة هيكلة الشركات العسكرية كوسيلة لتقليل تكاليف التشغيل والهدر وزيادة الدخل والمنافع لا ينبغي أن تحول دون خيارَي الإفلاس والتصفية. وسيسمح توضيح طريقة رسملة الشركات العسكرية لمصر بتطبيق توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن أطر الإفلاس "للمساعدة في منع عبء الديون المتراكمة على الاستثمار لفترات طويلة".16 وبما أن إدارة السيسي قد وافقت بالفعل على القانون رقم 185 لسنة 2020، الذي يتطلب تصفية شركات قطاع الأعمال العام إذا تجاوزت خسائرها 50 في المئة من رأس المال، فيعني ذلك أنه تم وضع معيار واضح بالفعل.
وكحدٍّ أدنى، يجب أن تخضع جميع الشركات العسكرية لإعادة هيكلة رسمية للديون ولإعادة التفاوض بشأن صيغة تمويلها، طالما أن أي جزء من رأسمالها لا يزال في يد القطاع العام. إضافةً إلى ذلك، من الضروري توفير القواعد الواضحة المتعلقة بالخصخصة، سواء كانت كاملة أو جزئية، من أجل ضمان عدم التقليل من قيمة الأصول وبيعها للمقرّبين بأسعار منخفضة. لا تتناسب مشروعات الأشغال العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية مع هذا النموذج، لكنها بالتأكيد قابلة لتطبيق التعديلات الأخيرة للقانون رقم 67 لسنة 2010، والتي تعزز قدرة القطاع الخاص على الشراكة مع القطاع العام في جميع مراحل الأشغال الممولة من الحكومة.17 لذلك، ينبغي أيضًا إدراجها (أي مشروعات الأشغال العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية) ضمن نفس الإطار القانوني والتنظيمي العام للشراكة بين القطاعَين العام والخاص.
معالجة الأطر التمكينية للاقتصاد العسكري
تستلزم الغلبة السياسية للقوات المسلحة، والتوسع المستمر في انخراط المؤسسة العسكرية في مجموعة متنامية من القطاعات الاقتصادية، معالجة مزاياها الخاصة من أجل إطلاق العنان للمكاسب في عموم الاقتصاد المصري—أي توسيع المشاركة وتوليد النمو المستدام وزيادة إيرادات الدولة—إلى جانب تعزيز المهمة الرئيسة للقوات المسلحة المتعلقة بالدفاع الوطني. ولكن تصعب إزالة المقاومة العسكرية للإصلاحات ما لم تصحبها تعديلات مكمّلة في الأطر القانونية والتنظيمية والقضائية التي تتيح الاستقلالية العسكرية في المجال الاقتصادي المدني. بل وقد تنتقل بعض الأنماط والآثار الأكثر إشكالية للاقتصاد العسكري إلى هيئات الدولة والقطاعات الاقتصادية التابعة لها إذا استمر نطاقها في التوسع. ثمة حاجة أيضًا إلى إجراء مراجعة تفصيلية للأطر المحددة التي تمكّن الشركات والهيئات العسكرية الناشطة اقتصاديًا وتميّزها عن نظيراتها المدنية، من أجل استكمال توصيات صندوق النقد الدولي للقطاع العام ككل.
الإطار القانوني
من الواضح أن نقطة الانطلاق يجب أن تتناول القوانين واللوائح التي تتيح الامتيازات الاقتصادية والاستثناءات المالية الخاصة للمؤسسة العسكرية، وتمنحها الأفضلية التجارية، وتحمي أنشطتها المدنية من التقييم المستقل. ويتمثّل الهدف العام في ضمان ما يسمّيه صندوق النقد الدولي "الحياد التنافسي"، أي توفير المجال المتكافئ لشركات القطاعَين العام والخاص في ما يتعلق بقوانين الأعمال والضرائب والجمارك وفرص الحصول على التمويل والأراضي وعلى عقود التوريد بالأمر المباشر (أي من دون منافسة).18
تقليص نطاق القوانين المتعلقة بالدفاع فعليًا أو اسميًا
التمدّد الزاحف في قوانين الدفاع
تمنح المجموعة الأولى من القوانين والنظم المعاملة التفضيلية للهيئات العسكرية في ما يتعلق بوظائفها الدفاعية، والتي تستخدمها هذه الجهات لتشمل أنشطتها في المجال المدني. تتطلب هذه القوانين المراجعة لتحديد الاحتياجات الحقيقية للدفاع الوطني، مع إلغاء السلطات التقديرية التي تمكّن المؤسسة العسكرية من وضع يدها على الأصول والموارد العامة (انظر الجدول 1). ويقع في مقدّمتها قرار رئيس الوزراء رقم 263 للعام 1956 والقانون 204 للعام 1957 وتعديلاتهما اللاحقة، والتي تعفي مخازن الدفاع وعقود التسلح من التفتيش والمراجعة المدنية والضرائب والجمارك والنظم المالية المعتادة. وقد توسّع تفسيرها منذ ذلك الحين ليشمل جميع الأنشطة التي تستمد منها المؤسسة العسكرية دخلًا في المجال المدني، ما يحرم الخزينة العامة من حصتها من الإيرادات ويشوّه اقتصاديات الشركات العسكرية. بعد ذلك، أعفى القانون رقم 11 للعام 1991 أيضًا "السلع والأدوات والمعدات والخدمات المتأثرة بهذا القانون والضرورية للتسليح من أجل الدفاع والأمن القومي، إلى جانب المواد الخام وعوامل الإنتاج والأجزاء التي تدخل في تصنيعها" من الضرائب المفروضة على العقارات والمبيعات (التي تم تحويلها لاحقًا إلى ضريبة القيمة المضافة) وغيرها.19 وسّع القانون رقم 17 لسنة 2001 هذه الإعفاءات لتشمل جميع قيادات القوات المسلحة وهيئاتها وصناديقها ووزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع، بينما جدّد القانون رقم 91 لسنة 2005 الإعفاءات من الرسوم الجمركية.
تم تطبيق كل هذه الإعفاءات بحكم الأمر الواقع على الأنشطة العسكرية وأصولها في المجال المدني. وبالإضافة إلى منح الشركات العسكرية ميزة في الصناعة التحويلية والزراعة والاستزراع السمكي وغيرها من الأنشطة، فإنها توفر الإطار العام لانخراط المؤسسة العسكرية في التجارة الخارجية لمصر وفي سلاسل التوريد المحلية. تشارك الهيئات العسكرية بشكل كبير في تجارة المواشي واللحوم والحبوب والأعلاف من السودان، على سبيل المثال، فضلًا عن استيراد المنتجات بأسعار منخفضة للغاية مثل الدواجن المجمّدة، والتي تُباع جميعها في الأسواق المدنية. ويشغل المندوبون العسكريون أيضًا موقعًا مؤثرًا في لجنة الدولة المركزية التي تتحكم بجميع المشتريات الطبية من الخارج، في حين أن قرار رئيس الوزراء رقم 1769 لسنة 2020 يطلب من جميع الهيئات الحكومية التحقق مع وزارة الإنتاج الحربي (والهيئة العامة للتنمية الصناعية) من عدم توفّر البدائل المحلية قبل استيراد معدات محدّدة. إلى جانب ذلك، أضاف تعديلٌ أدخله السيسي على القانون رقم 55 لسنة 1968 بشأن منظمات الدفاع الشعبي في القانون رقم 165 لسنة 2020، جانبًا جديدًا من التدخل العسكري في الشؤون المدنية من خلال تعيين مستشارين عسكريين لمحافظي البلاد البالغ عددهم 27 محافظًا يتمتعون بسلطة "المساهمة في المتابعة الميدانية الدورية للخدمات المقدَّمة للمواطنين والمشاريع الجارية ومعدلات تنفيذها... والتنسيق مع الجهات المعنية في المحافظة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الدولة التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".20
في الآونة الأخيرة، أدّى تعديلٌ أُقر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 على المادة 80 أ 4 من قانون العقوبات العسكري إلى معاقبة كل من يقوم بـ"جمع الاستبيانات أو الإحصائيات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظائفهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع".21 فيمكن استخدام النطاق الواسع للمادة بسهولة لمنع مراجعة الأعمال التجارية العسكرية أو العقود العامة التي تديرها المؤسسة العسكرية—حتى المراجعة من قبل فريقَي الصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مصر، على سبيل المثال —ما يعيق إجراء التحليل المجدي للتكلفة والعائد واللازم من أجل زيادة الكفاءة وتوجيه الاستثمار المستقبلي. فينبغي مراجعة نطاق تلك المادة لاستبعاد الشركات العسكرية والأنشطة المدنية، إذا لم يتم إلغاؤها تمامًا.
التحكم في استخدامات الأراضي
ضمن هذه المجموعة الأولى أيضًا قوانين تشير إلى الأمن القومي، ولكنها تمنح المؤسسة العسكرية سلطات تتجاوز مجال الدفاع. الأهم من بين هذه القوانين هي تلك التي تمنح المؤسسة العسكرية ما أسماه البنك الدولي "التراتبية الهرمية القانونية والفعلية المشتركة للسيطرة على الأراضي الصحراوية العامة"، والتي تحدّد من خلالها استخدام أراضي الدولة من قبل أي كيان مدني، عام أو خاص، مصري أو أجنبي.22 تتمثّل الأدوات القانونية الرئيسة في القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن "الأراضي الصحراوية" والقرارَين الرئاسيَّين 152 و153 لسنة 2001: فهي مكّنت وزارة الدفاع من تعيين "مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية" في أي مكان ضمن ما يسمى "الأراضي الصحراوية،" وتتطلب التنسيق مع وزارة الدفاع للاستخدام المدني لأي أراضٍ تابعة للدولة، والتي تُقدَّر بنحو 95 في المئة من إجمالي مساحة مصر.23 وبما أن تعريف الأراضي الصحراوية يشمل جميع المناطق الواقعة خارج الحدود البلدية (الزمم) أو الممتلكات الخاصة المسجلة—في بلد لا تزال فيه نسبة كبيرة من الملكية الخاصة للأراضي غير مسجلة ومن دون سندات ملكية—فإن هذه القوانين تمنح المؤسسة العسكرية نفوذًا شاملًا على أحد الأصول الاقتصادية الرئيسة.
تم تعزيز السلطة التقديرية للمؤسسة العسكرية على استخدام الأراضي في قوانين إضافية. فيُلزم القانون رقم 38 لسنة 1977 والقانون رقم 143 لسنة 1981 الوكالات السياحية بالحصول على تصريح من وزارة الدفاع للعمل في المناطق الحدودية أولًا، ثم في جميع الأراضي الصحراوية. وألزم قرار رئيس الوزراء رقم 933 لسنة 1988، والقانون رقم 7 لسنة 1991، والقانون رقم 5 لسنة 1996 الوزارات والهيئات الاقتصادية العامة بالحصول على إذن عسكري لاستخدام أراضي الدولة خارج الحدود البلدية، ومنح الرئيس سلطة إضافية لتحديد المناطق الصحراوية كمناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية، ولوضع القواعد والإجراءات التي تحكم التصرّف في أراضي الدولة.
كثّفت إدارة السيسي استخدامها لهذه الصلاحيات لمنح السيطرة للمؤسسة العسكرية—وبالتالي حق الانتفاع التجاري—على أصول مهمة ليست لها سوى صلة ضئيلة بالأمن القومي أو لا صلة لها به على الإطلاق. وتشمل هذه جميع الطرق السريعة بين المدن والأقاليم تقريبًا (ما يسمح للمؤسسة العسكرية بتأجير العقارات على جانبَي الطرق لإقامة منافذ الخدمات واللوحات الإعلانية)، ومجموعة من جزر البحر الأحمر والمناطق الساحلية (أي المواقع العقارية السياحية الرئيسة)، والبحيرات الساحلية والداخلية (لتربية الأسماك). وأدى توجيه السيسي للقوات المسلحة بإزالة ما يُزعم أنه تجاوزات غير قانونية على أراضي الدولة على طول الطرق السريعة ونهر النيل إلى منح السيطرة الرسمية على ست وثلاثين جزيرة نهرية في قلب القاهرة ومواقع حضرية رئيسة أخرى في كانون الثاني/يناير 2022. 24
إلى جانب إعاقة حصول المستثمرين من القطاع الخاص والهيئات العامة على الأراضي، كما أشار البنك الدولي مرارًا وتكرارًا، فإن هامش التأثير الهائل الذي تتمتع به وزارة الدفاع قد فرض عبئًا على الشركات، وحتى على الوزارات الحكومية. 25 يتعرّض المتقدّمون المدنيون الذين يطلبون الحصول على إذن لاستخدام الأراضي إلى الضغط من أجل تقديم "تبرعات" لصناديق المؤسسة العسكرية مقابل الموافقة، وكثيرًا ما يضطرّون إلى رشوة الضباط وقادة المناطق. وقد غذّت السيطرة العسكرية المضاربة العقارية من خلال المتاجرة الداخلية بين شبكات الضباط والمسؤولين المدنيين ومستثمري القطاع الخاص المرتبطين بهم. بالإضافة إلى ذلك، تولّد السيطرة على استخدام الأراضي تآزرًا ضارًا مع هيئات الدولة الأخرى التي يشغلها بشكل كبير كبار المتقاعدين من القوات المسلحة، وعلى الأخص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التي تشارك مع المؤسسة العسكرية في السلوك المضاربي والريعي. هذا، ويفترض أن تساعد مخططات الحكومة لتحديث تسجيل الأراضي والعقارات بفضل قرض يبلغ 240 مليون دولار من البنك الدولي في لجم التعديات، ولكن لن ينجح ذلك سوى إذا عمل الجانبان على مراقبة من يتم توظيفه في الأجهزة ذات الصلة وعلى ضمان الشفافية التامة للإجراءات والسجلات.26
تقليص التضمينات والاستثناءات العسكرية في قوانين القطاع العام
إن المجموعة الثانية من القوانين والقرارات التي تؤدي إلى تمكين النشاط الاقتصادي والتجاري العسكري لا تتعلق بالدفاع على الإطلاق (انظر الجدول 2). يلاحَظ أن معظم القوانين والقرارات التمكينية الصادرة منذ تولّي السيسي منصبه تأتي ضمن هذه المجموعة، ما قد يسهّل إما عكس المسار تمامًا، أو إعادة توجيهه من خلال إلزام الهيئات العسكرية التي تعمل على أساس تلك القوانين بالقواعد نفسها التي تنطبق على نظرائها المدنيين في القطاع العام. تنطبق فئة فرعية أولى في هذه المجموعة من القوانين والقرارات على القطاع العام المدني ككل، ولكنها تشمل أيضًا المؤسسة العسكرية في جوانب ينبغي استبعادها منها، أو تستثنيها من أحكام يجب أن تشملها. وتُمكِّن فئة فرعية ثانية من القوانين والقرارات الانتفاع التجاري من الأنشطة والأصول العسكرية وتسييلها (أي تأمين الدخل منها إما عن طريق تشغيلها تجاريًا أو تحويلها إلى أصول نقدية)، بينما تمنح فئة ثالثة المؤسسة العسكرية تدفقات دخل مضمونة من موارد مصر الطبيعية، وعلى الأخص ثروتها المعدنية.
العقود العامة
يقع الإطار العام للعقود الحكومية على رأس الفئة الفرعية الأولى من القوانين. وتتمثّل الأداة القانونية الرئيسة هنا في القانون رقم 182 لسنة 2018، الذي يسمح للوزراء والمسؤولين الآخرين بمنح العقود العامة لشراء السلع والخدمات حتى قيم معينة بطريقة "الأمر المباشر" (أي بدون استقدام العطاءات وبدون منافسة).27 ويوفّر هذا القانون أيضًا صلاحيات مماثلة لوزارتَي الدفاع والإنتاج الحربي، مع اختلاف رئيس هو عدم تحديد سقف على قيمة العقود التي قد يصدرها المسؤولون العسكريون عن طريق الأمر المباشر. وفيما تتعلق هذه الصلاحية نظريًا باحتياجات الدفاع، تستخدمها المؤسسة العسكرية بشكل روتيني لمنح العقود في المشاريع التي تمولها الحكومة وغيرها من السياقات المدنية. وقد كلّف السيسي أقوى هيئة تدقيق في مصر، وهي هيئة الرقابة الإدارية، بالتعاون مع الهيئة الهندسية في القوات المسلحة لمراجعة العطاءات في مشاريع البناء اعتبارًا من تشرين الثاني/نوفمبر 2015، ما يحسّن الرقابة ولكن لا يلغي مخاطر الفساد في منح العقود، ولا يشمل جميع المجالات الأخرى لتسليم السلع والخدمات المدنية التي تديرها المؤسسة العسكرية.28
التزمت الحكومة المصرية بإصدار قانون مشتريات موحد كجزء من اتفاقية قرض بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في العام 2016، لكن صندوق النقد الدولي أشار في تموز/يوليو 2021 إلى أن الشركات المملوكة للدولة في البلاد واصلت "العمل بموجب قوانين متعددة للتأسيس والملكية، ونظم مختلفة للحوكمة والمشتريات".29 في غضون ذلك، ازداد الدور الرسمي للمؤسسة العسكرية في المشتريات: فبالإضافة إلى إسناد الأمر إليها في الموافقة على استيراد المعدات من قبل الهيئات الحكومية، تم تعيين وزارة الإنتاج الحربي (إلى جانب الهيئة العربية للتصنيع) لإنشاء لجنة مشتريات مركزية لمبادرة "حياة كريمة"، وهي جهة شبه حكومية تشمل عشرين وزارة حكومية تركّز على المناطق الريفية.30
يتعارض دور المؤسسة العسكرية في المشتريات المدنية مع وجهة نظر صندوق النقد الدولي القائلة بوجوب "الفصل بين دور المنظم واللاعب في السوق لمعالجة تضارب المصالح المحتمل.31 كحدٍّ أدنى، ينبغي تطبيق أحكام القانون رقم 182 على المؤسسة العسكرية فقط في ما يتعلق بالعقود التي تتضمّن سلعًا وخدمات دفاعية فعلية؛ وحتى في هذه الحالة، يجب إخضاعها لقواعد وإجراءات وزارة الدفاع المنصوص عليها بوضوح. ويجب أن يحدّ شرطٌ مماثل أيضًا من الاستثناء الواسع في قرار رئيس الوزراء رقم 1769 لسنة 2020 الخاص بـ"العمليات التي تتطلب اعتبارات الأمن القومي عدم النشر عنها" والذي يعفيها من الالتزام بالقواعد الحكومية التي تقتضي الكشف عن تفاصيل العطاءات والتقييم الفني والمالي للشروط والعقود، لأن هذه هي النصوص المستخدمة باستمرار لإعفاء الأعمال التجارية والأشغال العامة الخاصة بالمؤسسة العسكرية.32 ومن القضايا ذات الصلة تأخر مصر المستمر منذ اتفاقية القرض للعام 2016 مع صندوق النقد الدولي في تعديل قانون المنافسة لديها بأحكام أقوى لمكافحة الاحتكار.33
الانتفاع التجاري والتسييل
تتعلق الفئة الفرعية الثانية من القوانين والقرارات التمكينية التي لا علاقة لها بالدفاع، بإضفاء طابع تجاري على الأنشطة والأصول العسكرية وتسييلها. وقد سُمح للمؤسسة العسكرية منذ عقود بجني الدخل من تقديم الخدمات التجارية للزبائن المدنيين في الفنادق والنوادي والمنتجعات والاستراحات والحدائق والمنشآت الرياضية ودور السينما والمسارح ومحلات السوبر ماركت المملوكة لثمانية وثلاثين فرعًا وإدارة تابعة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع. وكما هو الحال مع الأنشطة العسكرية الأخرى المدرّة للدخل، فإن هذه الأنشطة معفاة من جميع الضرائب ومن الجرد والتثمين وفقًا لقرارات يتم تجديدها دوريًا، وآخرها القرار رقم 68 لسنة 2015 الصادر عن وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
توسّع التسييل بشكل مطّرد منذ العام 2015، عندما سمح القرار الرئاسي رقم 127 لجميع الهيئات العسكرية وغيرها من الهيئات الحكومية بإنشاء شركات تجارية ومشاريع مشتركة خاصة بها في إطار تشريعات قطاع الأعمال العام (بعد الحصول على موافقة مجلس الوزراء). كذلك، تم منح جهاز المخابرات العامة، الذي يستمد الكثير من ضباطه من القوات المسلحة، حق تأسيس شركات حماية المنشآت ونقل المال؛ وفي شباط/فبراير 2022 وافق مجلس الشعب على تعديل قانون جهاز المخابرات العامة رقم 100 للعام 1971 من أجل توسيع حق الجهاز بتأسيس الشركات من جميع الأنواع وتعيين ضباطه كرؤساء وأعضاء في مجالس إدارتها.34 إلى جانب ذلك، منح القرار الرئاسي رقم 446 جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة سلطة استخدام أصولها العقارية كمساهمتها في رأسمال الشركات التي تؤسسها بالشراكة مع الشركات المحلية والأجنبية. سابقًا، كانت لهذا الجهاز صلاحية التصرف بالأراضي التي لم تعد القوات المسلحة بحاجة إليها، واستخدام الإيرادات الناتجة لتوفير مرافق بديلة والمساهمة في رواتب ومكافآت وبدلات القوات المسلحة ومشتريات الأسلحة، لكن القرار الجديد سعى إلى تسييل أصولها تجاريًا.
يفتح القرار الرئاسي رقم 127، على وجه الخصوص، تدافعًا محتملًا غير مسبوق للهيئات العسكرية (إلى جانب وزارة الإنتاج الحربي ووزارة الدفاع وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة) لتأسيس شركاتها الخاصة، علمًا أن أيًّا منها لم يفعل ذلك حتى الآن. وبغض النظر عن صلاحية القرار في ما يتعلق بهيئات الدولة الأخرى، يجب تعديل نطاقه لاستبعاد المؤسسة العسكرية تمامًا. كذلك، ينبغي مراجعة القرار الرئاسي رقم 446: فالحصول على الدخل من تأجير أو بيع العقارات والمنشآت العسكرية أمرٌ مشروع، ولكن يجب أن تقوم به أو أن تشرف عليه وزارة المالية أو أي هيئة حكومية مناسبة أخرى، وأن تخضع أعمالها المدرّة للدخل للتقييم والتدقيق من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية بهدف التحقق من التكلفة والعائد والنزاهة المالية. علاوةً على ذلك، يجب أن يعود الدخل إلى الخزينة العامة، مع إظهار أي مبالغ يحتفظ بها جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة أو وزارة الدفاع في ميزانية الدفاع، إن لم يتم خصمها من الميزانية.
في جميع الحالات المذكورة أعلاه، ينبغي أن تخضع الهيئات والمرافق العسكرية التي تدرّ الدخل من النشاط التجاري لنفس إطار عمل الإبلاغ المالي والمحاسبة والمناقصات والتصرف (بالأصول والدخول) مثل نظيراتها المدنية في قطاع الأعمال العام. كحدٍّ أدنى، إذا لم يتم تعديل القرار الرئاسي رقم 127، يجب أن يُطلب من أي شركات عسكرية جديدة يتم تأسيسها بموجبه، أن تخضع بالكامل لقوانين شركات القطاع العام رقم 159 لسنة 1981 ورقم 97 لسنة 1983 ورقم 203 لسنة 1991، والتي استند إليها القرار. ويجب أيضًا مراجعة الاستثناءات من هذه القوانين الممنوحة لشركات وزارة الإنتاج الحربي. أحد الأمثلة على ذلك هو الإعفاء الممنوح في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2016-2017 إلى الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وهي الذراع القابضة لوزارة الإنتاج الحربي، والشركات التابعة لها، من الاستقطاع البالغ 25 في المئة لصالح الخزينة الذي فرضه السيسي على الفوائض المُرحَّلة المأخوذة من جميع الهيئات الحكومية الخدماتية والاقتصادية والقومية الأخرى. والمثال الثاني هو القرار الرئاسي رقم 244 لسنة 2018، الذي يحدد وزارة الإنتاج الحربي كواحدة من "الجهات ذات الطبيعة الخاصة"، ويعفيها من تطبيق المادتَين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية لسنة 2015 اللتين تتطلبان توظيفًا تنافسيًا لملء المناصب الإدارية العليا.35
الثروة المعدنية
إن الفئة الفرعية الثالثة في هذه المجموعة صغيرة إنما مهمة، لأنها تتيح الاستغلال العسكري لثروة مصر المعدنية الكبيرة. أصدر قرار رئيس الوزراء رقم 1657 لسنة 2015 اللوائح التنفيذية لقانون الثروة المعدنية رقم 198 المعدّل لسنة 2014، والذي يتطلب من جميع الجهات المدنية الحصول على موافقة وزارة الدفاع لاستخراج الثروة المعدنية في أي مكان في مصر، وفوّض الوزارة جباية الرسوم على المخرجات في جميع مواقع الإنتاج. إن السيطرة العسكرية أقل احتكارية في نواحٍ أخرى، لكن المكاسب لا تزال كبيرة. ففي العام 2016، استحوذ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على موقع الرمال السوداء الوحيد في مصر، والذي من المتوقع أن ينتج من 3 إلى 5 في المئة من إجمالي المعروض العالمي من التيتانيوم والزركونيوم، وفي العام 2019 أجاز قانون اتفاقية الشركة المصرية للرمال السوداء لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية (إلى جانب هيئة المواد النووية) باستكشاف واستخراج ومعالجة معادن ومشتقات الرمال السوداء في جميع أنحاء مصر، ما يمنح شركة مملوكة للمؤسسة العسكرية إلى حدٍّ كبير احتكارًا تجاريًا.36
وبالمثل، انضم جهاز مشروعات الخدمة الوطنية إلى شركات أخرى مملوكة للدولة في العام 2018 لتشكيل مشروع تسويقي يهدف لأن يكون بمثابة "الوكيل التجاري الحصري" لجميع منتجي الفوسفات المصريين.37 تمتلك وزارة الدفاع أيضًا حصة من التنقيب عن الذهب، والذي شكّل 5.64 في المئة من إجمالي صادرات البلاد في العام 2019، ومنحت جهاز مشروعات الخدمة الوطنية حق التحكّم بالوصول إلى المناطق العسكرية الغنية بالمعادن في منطقة شلاتين الحدودية الجنوبية وبيع المعادن المستخرجة هناك في المزادات. علاوةً على ذلك، قام الجهاز ببناء مصانع لمعالجة الرخام والغرانيت تمثّل 36 في المئة من السعة الإجمالية لمصر. في جميع هذه الحالات وغيرها، مثل الاستزراع السمكي، اعتمدت إدارة السيسي في الغالب على التشريعات القائمة لتوسيع نطاق النشاط التجاري العسكري، وبالتالي فإن أهم الإصلاحات المطلوبة تتعلق بإخضاعه للمتطلبات النظامية المعتادة للإبلاغ المالي والتصرّف بالمداخيل.
الإطار التنظيمي
تم تعديل فئة فرعية خاصة من قوانين القطاع العام لإعفاء النشاط العسكري في المجال المدني من المعايير والالتزامات المتعلقة بعمليات التدقيق (انظر الجدول 3). تُعتبر هيئة الرقابة الإدارية، بفضل صلاحياتها في التحقيق القضائي، وبشكل فريد الاعتقال أيضًا، العمود الأساسي لمجموعة غير متوازنة ودون الأداء المطلوب مكوّنة مما يزيد عن اثني عشر جهاز رسمي لمكافحة الفساد. تحمي هيئة الرقابة الإدارية، التي يرأسها ويعمل فيها عدد كبير من الضباط العاملين والسابقين منذ إنشائها في العام 1958 على يد الرئيس آنذاك جمال عبد الناصر، المؤسسة العسكرية من أي تدقيق أو مساءلة فعلية. علاوةً على ذلك، مُنحت عملياتها الحماية القانونية من التدقيق بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 1196 لسنة 2015، الذي اعتبرها "من الهيئات التي تقتضي اعتبارات الأمن القومي سرية تعاقداتها". 38 وتم إضفاء الطابع الرسمي على استثناء المؤسسة العسكرية من اختصاصات هيئة الرقابة الإدارية (بعد أن كان استثناءً ضمنيًا فحسب في السابق) في القانون رقم 207 لسنة 2017، الذي حصر سلطتها القضائية بالأفراد والكيانات المدنية على وجه التحديد.
يجب إضفاء الطابع المدني على هيئة الرقابة الإدارية—وذلك جزئيًا من أجل منع تعارض المصلحة بين دور المؤسسة العسكرية بصفتها طرفًا منافسًا في السوق وبين دورها كرقيب للسوق—كما يجب إدراج الأنشطة العسكرية في المجال المدني ضمن اختصاص الهيئة. قد يكون تولي القيام بذلك أمرًا صعب المنال بالنسبة للمؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، لكن يمكنها الضغط من أجل وضع كامل الإنتاج العسكري من السلع والخدمات رسميًا ضمن اختصاص هيئة التدقيق التالية من حيث الأهمية في مصر، وهي الجهاز المركزي للمحاسبات. يقوم هذا الجهاز بتقييم أداء الكيانات العامة وفعاليتها من حيث التكلفة، ولكن تم تهميشه بعد أن ادّعى رئيسه آنذاك المستشار هشام جنينة علنًا في نيسان/أبريل 2014 أن ما يسمى بـ"الجهات السيادية"—وهو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى المؤسسة العسكرية والشرطة وأجهزة الأمن والمخابرات والقضاء والنيابة العامة—قد أساءت استخدام أو أهدرت حوالى 3 مليارات دولار قيمة صفقات الأراضي. 39 كذلك، أدى القرار الرئاسي رقم 89 لسنة 2015 الذي أصدره السيسي ليمنح نفسه سلطة إقالة رؤساء جميع "الهيئات المستقلة والرقابية" إلى التقليل بشكل أكبر من قدرة أجهزة الدولة على تنظيم أعمال المؤسسة العسكرية وشؤونها المالية، حتى لو لم يتعلق قراره مباشرةً بالمؤسسة العسكرية. 40 ليس من المستغرب أن تقرير الشفافية المالية للعام 2021 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية خلص إلى أن "مؤسسة التدقيق العليا في مصر لم تفِ بالمعايير الدولية للاستقلالية". 41
الإطار القضائي
يعني الاستبعاد القانوني الشامل لجميع الأفراد والهيئات العسكرية، بما في ذلك الشركات، من اختصاص القوانين والمحاكم المدنية أن جميع أنشطتهم الاقتصادية والتجارية تتم في مجال قانوني مبهم. فيعالج قانون العقوبات العسكري المخالفات المالية التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة، لكنه لا يشمل المقاولات أو الأنشطة التجارية وغيرها في المجال المدني. 42 لذلك تعتمد الشركات الخاصة، سواء كانت مصرية أو أجنبية، بشكل كبير على العلاقات السياسية لضمان أمن العقود وإنفاذها. من المفارقات أنه حتى بعد مضي ثماني سنوات من إطلاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس—وهي منطقة ذات أهمية خاصة للمؤسسة العسكرية والتي غالبًا ما توصف بأنها محرك النمو الاقتصادي والإنتاج الصناعي لمصر—لم تسمح المؤسسة العسكرية بحل النقاشات الداخلية حول الإطار القانوني والتنظيمي المناسب لاستثمار وشراكة القطاع الخاص في المنطقة. يقوّض هذا الأمر حث السيسي للقطاع الخاص على الاستثمار في المشاريع الضخمة التي تقودها الدولة (بما في ذلك في شبه جزيرة سيناء، وهي الأخرى منطقة اهتمام اقتصادي عسكري خاص)، ما يوحي بوجود فرصة أمام صندوق النقد الدولي والإصلاحيين في الداخل للضغط على الرئيس من أجل حل مسألة الاختصاص القانوني.
إلى أن يتم ذلك، تلحق الحصانة العسكرية أضرارًا كبيرة حتى بأكبر الشركات المحلية والشركات المتعددة الجنسيات الكبرى عند التفاوض على العقود، أو السعي لتحصيل المتأخرات، أو الطعن بالعقود الممنوحة إلى أطراف ثالثة. كما أن هذه الحصانة تجعل تلك الشركات عرضة لضغوط مختلفة، بما في ذلك التأخير الذي قد يستمر لسنوات وحتى لعقود من الزمن في منح تراخيص استخدام أراضي الدولة، وإعاقة التخليص الجمركي أو التصاريح البيروقراطية الأخرى، وحظر استخدام العمالة بخلاف السماسرة المعتمدين من قبل المؤسسة العسكرية، والتهديد بتحريك هيئة الرقابة الإدارية ضدها. هذا يثني المستثمرين من القطاع الخاص، الذين ليس لديهم أي سبيل قانوني أو أمل في كسب قضية ضد المؤسسة العسكرية، من الدخول في عقود مع الهيئات العسكرية أو مع شركائها التجاريين. علاوةً على ذلك، فهو يترك الشركات الأجنبية معتمدةً على حسن نية نظرائها العسكريين أو على صِلاتها السياسية الرفيعة المستوى، ما يثنيها عن الاستثمار في مصر ويدفع الآخرين إلى مغادرة البلاد أو رفع دعاوى التحكيم. 43
إنّ معالجة مسألة الاختصاص القانوني أمر ضروري لتحقيق النمو الاقتصادي. لذلك يُعد إخضاع جميع العقود التجارية والنزاعات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية للاختصاص القضائي للمحاكم المدنية، من خلال إصدار أمر رئاسي أو وزاري بذلك، أحد الإجراءات المؤقتة الممكنة. وفي خلاف ذلك، يجب إصدار أحكام قانونية خاصة تغطي هذه الاحتياجات. ويمكن أيضًا تعديل قانون العقوبات العسكري لتوضيح الشروط التي يمكن بموجبها محاكمة أفراد القوات المسلحة في المحاكم المدنية في ما يتعلق بالأنشطة التجارية والمعاملات المالية في المجال المدني. وينبغي كذلك تعديل سلطة المدّعين العسكريين وفقًا للمرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011، الذي يعدّل بعض أحكام قانون القضاء العسكري رقم 25 لسنة 1966 لتحديد ما إذا كان ينبغي إحالة الاتهامات ضد ضباط القوات المسلحة إلى المحاكم العسكرية أو الهيئات المدنية: فبدلًا من كون هذه السلطة تقديرية، يمكن جعلها قانونية وموجبة في ما يتعلق بالتعامل في المجال المدني. علاوةً على ذلك، يجب تعديل القرار لاستبعاد متقاعدي القوات المسلحة من اختصاصها، وتطبيقه على أفراد القوات المسلحة الذين لا يزالون في الخدمة فحسب.
خاتمة: استراتيجية متعددة الجوانب
مهما كانت الاحتمالات مستبعدة، فإن أي هيئة عامة تسعى إلى إحداث التغييرات الجوهرية في الاقتصاد العسكري المصري—سواء صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى، أو الحكومة المصرية، أو حتى السيسي نفسه—يجب أن تعمل على عدة جبهات وبوتيرة مختلفة في كل واحدة منها. ولكن من أجل إحراز أي تقدّم فعلي ودائم، ينبغي أن يكون الهدف الاستراتيجي واضحًا. إنّ تفكيك الاقتصاد العسكري ليس ضمن نطاق الممكن في المستقبل المنظور: فالسلطات المصرية لن تسعى إليه، وصندوق النقد الدولي والشركاء الدوليون الآخرون لا يقدرون عليه. لكن العمل على ترشيد النموذج المالي والاقتصادي للاقتصاد العسكري بما يتماشى مع توصيات صندوق النقد الدولي العامة لمصر قد يبطئ اتجاهها التوسعي بما يكفي لتغيير دينامياتها ولعكس مسارها الحالي.
يكمن جوهر هذه الاستراتيجية في تحديد أصول المؤسسة العسكرية وأنشطتها في المجال المدني بشكل لا لبس فيه بغية تمييزها عن وظائفها الدفاعية، ومواءمة القواعد واللوائح الخاصة بتلك الأصول والأنشطة مع تلك الخاصة بالقطاع العام المدني، وعند الاقتضاء، مع تلك التي تحكم مساهمة القطاع الخاص في السوق. تشمل السبل الرئيسة لتحقيق هذه الغاية الدفع بقوة أكبر من أجل:
- تحقيق الحياد التنافسي (ولا سيما من خلال دفع صندوق النقد الدولي السلطات المصرية إلى إصدار قانون موحّد للمشتريات وقانون منافسة معدّل بأحكام لمكافحة الاحتكار، ومن خلال مراجعة السيطرة العسكرية على استخدام أراضي الدولة).
- إنجاز وحدة الميزانية (تحويل أرباح المؤسسة العسكرية من الأعمال التجارية وإيرادات الرسوم إلى خزينة الدولة قبل إعادة تخصيص المبالغ التكميلية لميزانية الدفاع، وإدراج الأموال الخارجة عن الميزانية ضمن حساب موحّد لدى الخزينة).
- تعزيز قابلية إنفاذ العقود (بما في ذلك حل الغموض في الإطار القانوني الذي يحكم الشراكات التجارية العسكرية-المدنية، ونقل تسوية المنازعات إلى المحاكم المدنية).
يكمن خطر حقيقي في السعي وراء تغيير كل شيء في مصر من أجل تغيير أي شيء. يفسر هذا جزئيًا اختلاف عهد السيسي جذريًا عن كل أسلافه، سواء أكان ذلك جيدًا أم سيئًا. فمن خلال سعيه لتغيير الطريقة التي تتم بها الأعمال الحكومية، على سبيل المثال، وضع السيسي عددًا متزايدًا من الصناديق والبرامج التنموية الحكومية المنشأة حديثًا خارج نطاق القواعد واللوائح الحكومية الاعتيادية وخصّص لنفسه السلطة غير المحدودة لإعادة تخصيص أصول الدولة بهدف التغلّب على بيروقراطية الدولة المُتعِبة بالكامل. إن المؤسسة العسكرية هي أداته المختارة لتشكّل رأس حربة لحيّز كبير من هذا النهج، وأحد أسباب ذلك هو أنها تتمتع أصلًا بحرية تجاوز تلك القيود. يضع هذا صندوق النقد الدولي أمام عقبات جديدة، ولكن أيضًا أمام فرصة مهمة: تنجم العقبات عن توجّه استراتيجية السيسي ومصالح المؤسسة العسكرية الراسخة نحو إزالة قوانين القطاع العام التي هي محور التوصيات الرئيسة لصندوق النقد الدولي، أو الالتفاف عليها، وليس إصلاحها؛ أما الفرصة، فتكمن في حاجة إدارة السيسي إلى شهادة حسن سلوك من صندوق النقد الدولي لفتح المجال أمام الاقتراض من أسواق رأس المال الدولية، ما يمنح الصندوق بعض النفوذ على ضوء تعرّض الوضع المالي المصري إلى المخاطر المتزايدة.
بالطبع، السياسة تغلب كل شيء. فلا يمكن لصندوق النقد الدولي أن يسبح عكس التيار إذا كان الحلفاء والشركاء الأجانب الرئيسون لإدارة السيسي، في الخليج والإدارة الأميركية والمفوضية الأوروبية على وجه الخصوص، لا يُلقون بنفوذهم دعمًا للصندوق. لكن خالد إكرام، وهو سابقًا من كبار الاقتصاديين ورئيس قسم مصر في البنك الدولي، كشف كيف أدّت تدخلات الإدارة الأميركية من خلف الكواليس مرارًا وتكرارًا إلى إحباط جهود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لإلزام الحكومات المصرية المتعاقبة بالالتزام بالكثير من الإصلاحات منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي. 44 وتؤكد حقيقة أن مصر كانت ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي في العالم في العام 2020 على الأهمية السياسية التي توليها الإدارة الأميركية، على وجه الخصوص، للحفاظ على تدفق رأس المال إلى مصر. 45
ومع ذلك، ينبغي على صندوق النقد الدولي أن يلعب أوراقه بشكل أكثر حزمًا. فنظرًا إلى أن أمواله تأتي من دافعي الضرائب في الدول الأعضاء، من واجبه التدقيق في البيانات المصرية الرسمية بشكل أكبر. ويأتي هذا خصوصًا في أعقاب المخاوف المتعلقة بسلامة وملاءمة تقييماته التي ولّدتها فضيحة تزوير بيانات البنك الدولي للعام 2017 وقضية السماح للاعتبارات السياسية بأن تؤدي إلى تلطيف تحذيرات صندوق النقد الدولي بشأن المخاطر البيئية في البرازيل في العام 2021. 46 قد جاءت الحرب الأوكرانية لتكشف مدى هشاشة الوضع المالي لمصر، ما يجعل قيام الصندوق بجهد حثيث دعمًا لتوصياته أمرًا بالغ الأهمية.
يجب أن يسعى صندوق النقد الدولي والوكالات الدولية الأخرى والحكومات الغربية المستثمرة في نجاح مصر اقتصاديًا إلى التوفيق بين أقوالهم وأفعالهم بشأن الاستثمار المسؤول والشفافية والممارسات الفضلى. أظهر الباحث شوي جونغ أن الشركات الصينية التي استثمرت في ميانمار في ظل الحكم العسكري قبل الانفتاح الديمقراطي للبلاد في العام 2011 تبنّت لاحقًا "مبادئ التعادل، التي تعزز الاستثمارات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا" وبدأت "بتقديم تقارير طوعية إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، وهي المعيار العالمي الذي يعزز أفضل الممارسات والشفافية في عمليات استخراج الهيدروكربونات". 47 من الملفت أن هذه الشركات الصينية قد التزمت بمعايير لم تقابلها المؤسسات المالية الدولية الليبرالية العاملة في مصر.
إن صندوق النقد الدولي هو الهيئة الدولية الوحيدة التي تنظر في القضايا الهيكلية للاقتصاد المصري والتي لديها القدرة على الدفع من أجل التغيير، لكنه فشل في استخدام هذه القدرة للتأثير على نحو كافٍ. يُعتبر الاقتصاد العسكري المصري في وضعه الحالي عائقًا، إذ يحدّ من الإنفاق الاجتماعي وتنمية القطاع الخاص، ويشوّه الأسواق، ويقلّل الموارد، بما في ذلك رأس المال. إن سياسة الحكومة المتمثلة في التفضيل الفجّ للقطاع العسكري من خلال تشويه حوافز السوق، إلى جانب الإعفاءات المختلفة لهذا القطاع من القوانين والقواعد واللوائح العامة، تعيق تنمية القطاع الخاص وتحدّ من الحيّز المالي اللازم للإنفاق الكافي على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والإنفاق على البنية التحتية الأساسية. وما لم يتغيّر ذلك، ستبقى سائر أهداف برنامج صندوق النقد الدولي—مثل خلق مجال اقتصادي متكافئ في مصر، والحدّ من البطالة، ورفع مستوى النمو الاقتصادي على المدى الطويل من خلال السياسات المستدامة—غير واقعية.
نبذة عن المؤلّف
يزيد صايغ باحث أول في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، تركّز أبحاثه على الأزمة السورية، والدور السياسي للجيوش العربية، وتحوّل قطاع الأمن خلال مراحل الانتقال العربية، إضافةً إلى إعادة إنتاج السلطوية.
شغل صايغ سابقًا مناصب في التدريس والأبحاث في جامعة كنغز كولدج لندن وجامعة كامبريدج وجامعة أكسفورد. وله الكثير من الدراسات والمؤلّفات، من ضمنها: "الاحتفاظ بالقدرة أم إعادة الهيكلة أم التجريد؟ خيارات سياساتية للاقتصاد العسكري المصري" (كانون الثاني/يناير 2022)، و"رأس الحربة الاقتصادية لحرّاس النظام: دور المؤسّسة العسكرية في تطور رأسمالية الدولة 3.0 في مصر" (أيار/مايو 2021)، و"أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري" (كانون الأول/ديسمبر 2019)، و"معضلات الإصلاح: ضبط الأمن في المراحل الانتقالية في الدول العربية" (آذار/مارس 2016) و"الدول المتداعية: إصلاح قطاع الأمن في ليبيا واليمن" (حزيران/يونيو 2015)، و"الفرصة الضائعة: السياسة وإصلاح الشرطة في مصر وتونس" (آذار/مارس 2015) و"العسكريون والمدنيون وأزمة الدولة العربية" (كانون الأول/ديسمبر 2014)، و"المعارضة السورية ومشكلة القيادة" (نيسان/أبريل 2013)، و"فوق الدولة: جمهورية الضباط في مصر" (آب/أغسطس 2012)، و""في خدمة الشعب": شرطة حماس في غزة" (2011)، و"بناء الدولة أم ضبط المجتمع؟ القطاع الأمني الفلسطيني والتحوّل السلطوي في الضفة الغربية وقطاع غزة" (شباط/فبراير 2011).
هوامش
1 "خلق الأسواق في مصر: الدراسة التشخيصية للقطاع الخاص"، مؤسسة التمويل الدولية، كانون الأول/ديسمبر 2020.
Creating Markets in Egypt: Country Private Sector Diagnostic,” International Finance Corporation, December 21, 2020, https://bit.ly/3L0ymi6.
2 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Country Report No. 2021/163, July 22, 2021, https://bit.ly/3AQVX07.
3 يزيد صايغ، "الاحتفاظ بالقدرة أم إعادة الهيكلة أم التجريد؟ خيارات سياساتية للاقتصاد العسكري المصري"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 31 كانون الثاني/يناير 2022، https://carnegie-mec.org/2022/01/31/ar-pub-86266.
4 يزيد صايغ، "محاربون أم رأسماليون؟"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 24 كانون الثاني/يناير 2022، https://carnegie-mec.org/diwan/86242.
5 يزيد صايغ، "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 14 كانون الأول/ديسمبر 2019، https://bit.ly/3eifL1W.
6 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Country Report No. 2021/163, July 22, 2021, https://bit.ly/3AQVX07.
7 "الصندوق السيادي المصري وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع يوقعان اتفاقية تعاون لإعادة هيكلة الشركات التابعة للجهاز"، الأهرام أونلاين، 3 شباط/فبراير 2020، https://bit.ly/3szFlpJ.
8 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Country Report No. 2021/163, July 22, 2021, https://bit.ly/3AQVX07.
9 “2021 Fiscal Transparency Report: Egypt,” U.S. Department of State, June 25, 2021, https://bit.ly/3okBwn1.
10 جمال عصام الدين، "مجلس النواب المصري يوافق على خمسة قوانين اقتصادية، من بينها قانون لإشراك القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية"، الأهرام أونلاين، 25 كانون الثاني/يناير 2022، https://bit.ly/34C3uUO.
11 نهى الطويل، "الرئيس السيسي يفتتح سفنكس، مطارات العاصمة الإدارية الجديدة"، مصر اليوم، 29 حزيران/يونيو 2020، https://bit.ly/3rjZ90R.
12 صفحة مجلس الوزراء المصري على فايسبوك، 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/34vNVh6.
13 بيسان كساب، "خطة حكومية من وحي "الصندوق" لتمكين القطاع الخاص.. هل يعود قطار الخصخصة للتسعينيات؟"، مدى مصر، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3Hpm68K.
14 يزيد صايغ، "هل تُعوّم الشركات العسكرية المصرية في البورصة؟"، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 7 نيسان/أبريل 2020، https://carnegie-mec.org/2020/04/07/ar-pub-81488. انظر أيضًا:
Abdel Latif Wahba, “Egypt Could See Military-Owned Firms List on Bourse in 2022,” Bloomberg, January 17, 2022, https://bloom.bg/35O49CZ.
15 “2021 Fiscal Transparency Report: Egypt,” U.S. Department of State, June 25, 2021, https://bit.ly/3okBwn1.
16 M. Ayhan Kose, Peter Nagle, Franziska Ohnsorge, and Naotaka Sugawara, “Global Waves of Debt: Causes and Consequences,” World Bank Group, December 23, 2019, https://bit.ly/3og1tEw.
17 جمال عصام الدين، "نواب مصريون يوافقون مؤقتًا على قانون يشجع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية"، الأهرام أونلاين، 17 تشرين الثاني/أكتوبر 2021، https://bit.ly/3rntHyM.
18 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Country Report No. 2021/163, July 22, 2021, https://bit.ly/3AQVX07.
19 نص القانون رقم 11 لسنة 1991 على https://bit.ly/3sK6E0C.
20 نص القانون رقم 165 لسنة 2020 على https://bit.ly/3Bgt1yE.
21 نور علاء، "مجلس النواب وافق نهائيًا على تعديل قانون العقوبات"، اليوم السابع، 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، https://bit.ly/3AP9wx2.
22 “Egypt – Public Land Management Strategy: Policy Note,” World Bank, June 15, 2006, https://bit.ly/3L3mLPc.
23 نص القانون رقم 143 لسنة 1981 على الرابط https://bit.ly/3uSBeYy، ونص القرارَين الرئاسيَّين 152 و153 لسنة 2001 على https://bit.ly/34uvqdj وhttps://bit.ly/3rJWRZd على التوالي.
24 محمد نابليون، "قرار جمهوري بتخصيص 37 جزيرة للقوات المسلحة"، الشروق، 25 كانون الثاني/يناير 2022، https://bit.ly/3s87Pa8.
25 “Arab Republic of Egypt: Egypt Public Land Management Strategy,” World Bank, Volume 1: Policy Note, June 15, 2006, https://bit.ly/3HOx8Vg; “Arab Republic of Egypt: Urban Sector Update,” World Bank, Report No. 44506-EG, June 30, 2008, https://bit.ly/3GK49k8.
26 "Cement companies request return to operating with natural gas, and Egypt seeks to borrow $440 million from the World Bank,” Economy Plus, September 8, 2021. https://economyplusme.com/75191/.
27 نص القانون رقم 182 لسنة 2018 على https://bit.ly/3HOw8QO.
28 حمادة إسماعيل ومحمد درويش وبدوي شلبي، "تكليف "الرقابة الإدارية" والجيش بمراجعة مشروعات الصرف قبل تسليمها يثير قلق المقاولين"، البورصة، 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، https://bit.ly/3LrupDp.
29 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Country Report No. 2021/163, July 22, 2021, https://bit.ly/3AQVX07.
30إيمان علي، "خطة الحكومة لرفع كفاءة الإنفاق وزيادة تحصيل الإيرادات x 10 نقاط"، اليوم السابع، 27 حزيران/يونيو 2020، https://bit.ly/3oeu3WL. انظر أيضًا: أحمد عجاج، "تعاون الإنتاج الحربي والعربية للتصنيع لتوفير مستلزمات مبادرة حياة كريمة"، الشروق، 5 آذار/مارس 2021، https://bit.ly/3L3n6RY. وأيضًا: "عن مبادرة حياة كريمة"، حياة كريمة، تمت زيارة الصفحة في 17 شباط/فبراير 2022، https://bit.ly/3shSgNc.
31 “Arab Republic of Egypt: 2021 Article IV Consultation, Second Review Under the Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund.
32 نص القانون رقم 1769 لسنة 2020 على https://bit.ly/3oJkGP2.
33 بيسان كساب، ""قرض الصندوق" الجديد.. موسم ثان من الاتفاق السابق دون إجراءات تقشفية"، مدى مصر، 24 أيلول/سبتمبر 2020، https://bit.ly/3oiQTN1.
34 Ehab al-Naggar, “General Intelligence Service Gains Permission to Establish Companies After Unanimous Vote in House,” Mada Masr, February 23, 2022, http://bitly.ws/pGma.
35 نص القانون رقم 244 لسنة 2018 على https://bit.ly/3HNx4Fe.
36 "حجم الإنتاج المتوقع بالمشروع"، منتجات الشركة المصرية للرمال السوداء، تمت زيارة الصفحة في 17 شباط/فبراير 2022، https://bit.ly/3GNzCBT. انظر أيضًا: نورا فخري، "رفع جلسة البرلمان بعد الموافقة مبدئيًا على "التصالح في بعض مخالفات البناء""، اليوم السابع، 27 كانون الثاني/يناير 2019، https://bit.ly/3GfJNyU.
37 "لمحة عن الشركة"، الشركة المصرية لتسويق الفوسفات والأسمدة الفوسفاتية"، تمت زيارة الصفحة في 17 شباط/فبراير 2022، https://bit.ly/3rmHNkj.
38 نص القانون رقم 1196 لسنة 2015 على https://bit.ly/3IYQZRO.
39 Sarah El Deeb and Maggie Michael, “In Egypt, a Corruption Watchdog, Hit by Backlash,” Yahoo News, April 18, 2014, https://yhoo.it/34t6WAC.
40 محمد شوبك، "قرار بقانون يجيز للرئيس إعفاء رؤساء الهيئات المستقلة والرقابية من مناصبهم"، البورصة، 11 تموز/يوليو 2015، https://bit.ly/3s88zMs.
41 “2021 Fiscal Transparency Report: Egypt,” U.S. Department of State, June 25, 2021, https://bit.ly/3okBwn1.
42 ورد عن طريق الخطأ في تقرير صادر عن البنك الدولي ما مفاده أن "المحاكم العسكرية المتخصّصة تشرف على الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية. وتتمتع هذه المحاكم بالولاية القضائية على أي عملية إثراء غير مشروع وأرباح غير مشروعة للجنود العاملين في الخدمة". لكن ما من دليل على وجود مثل هذه المحاكم، ولا على أن قانون العقوبات العسكري قد تم تعديله للتعامل مع مثل هذه التحديات. ويبدو أن التقرير يخلط بين هذا الأمر وبين المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011 الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم آنذاك في أيار/مايو 2011، والذي نقل سلطة تحديد ما إذا كان ينبغي محاكمة ضباط القوات المسلحة المتهمين بتحقيق مكاسب غير مشروعة في محاكم عسكرية أو مدنية إلى المدّعين العامّين في وزارة الدفاع. انظر "خلق الأسواق في مصر: تحقيق الإمكانات الكاملة لقطاع خاص منتج"، مجموعة البنك الدولي، الدراسة التشخيصية للقطاع الخاص، كانون الأول/ديسمبر 2020، http://bitly.ws/pGmj؛ انظر أيضًا نص المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011 على https://manshurat.org/node/1501.
43 “Faced with Cairo’s Military Grip on Industry, HeidelbergCement Files for Arbitration,” Africa Intelligence, November 9, 2021, https://bit.ly/3ulEqvJ.
44 Khalid Ikram, The Political Economy of Reforms in Egypt: Issues and Policymaking Since 1952 (London: I.B.Tauris, 2018).
45“Arab Republic of Egypt Request for Purchase Under the Rapid Financing Instrument-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt,” International Monetary Fund, Volume 2020: Issue 271, September 1, 2020, https://bit.ly/3uMIR2S.
46 Andrea Shalal and David Lawder, “Analysis World Bank, IMF Face Long-term Damage After Data Rigging Scandal,” Reuters, October 4, 2021, https://reut.rs/3gp0ey9; Eric Martin and Martha Viotti Beck, “Georgieva-Led IMF Bowed to Brazil by Softening Climate Warning,” Bloomberg, October 8, 2021, https://bloom.bg/3Hnv725.
47 Xue Gong, “Chinese Mining Companies and Local Mobilization in Myanmar,” Carnegie Endowment for International Peace, January 25, 2022, https://bit.ly/3BjQvTr.