المصدر: Getty
مقال

ماذا ستكون المُحصلة إذا ما ضربت البحرية الأميركية الزوارق الحربية الإيرانية في الخليج الفارسي؟

مطالعة دورية لخبراء حول قضايا تتعلق بسياسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسائل الأمن.

نشرت في ٣٠ أبريل ٢٠٢٠

رندا سليم | زميلة أولى ومديرة برنامج حل النزاعات وحوارات المسار الثاني في مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة.

لايزال من غير الواضح ما إذا كانت تغريدة الرئيس دونالد ترامب في 22 نيسان/أبريل من أنه أمر البحرية الأميركية بـ"إطلاق النار وتدمير" الزوارق الحربية الإيرانية التي تضايق السفن الحربية الأميركية في الخليج الفارسي، تعني أن تغييراً طرأ في قواعد الاشتباك القائمة راهناً. هذه القواعد يُوجهها حق الدفاع عن النفس وتحديد النوايا والأعماال العدائية. حتى الآن، كانت البحرية الأميركية ترد على مضايقات الزوارق الحربية للحرس الثوري الإسلامي الإيراني بأعمال تصعيدية، تشمل بث التحذيرات عبر الأثير وكذلك إطلاق طلقات تحذيرية. أما القرار بتصعيد يتجاوز التحذيرات، بما في ذلك إغراق الزوراق الحربية الإيرانية، فهو يُترك عادة لقائد السفينة العسكرية المعني.

لكن، إذا ما حدث هذا التصعيد، من غير المحتمل أن يؤدي إلى حرب شاملة، أساساً لأن قادة الولايات المتحدة وإيران لا يريدون الحرب. هناك بالطبع مسؤولون كبار في إدارة ترامب يجادلون بأن الحرب مع إيران ستسفر عن تغيير النظام في طهران، وهناك مسؤولون في الحرس الثوري يقولون إن المجابهة العسكرية ستكون مكلفة للغاية للولايات المتحدة وستؤدي إلى نهاية وجودها العسكري في الشرق الأوسط. لكن في حين أن سياسة أقصى درجات الضغط التي تمارسها إدارة ترامب لم تنجح في ردع العدوانية الإيرانية، إلا أن طهران ضبطت تصعيدها المتزايد ضد أصول وحلفاء الولايات المتحدة لتجنُّب أن يؤدي ذلك إلى نشوب نزاع عسكري أكبر مع واشنطن.

على أي حال، إذا لم يؤدِّ قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، إلى حرب شاملة، فمن غير المحتمل أن تسفر خسارة الحرس لبضع زوارق حربية في مياه الخليج الفارسي عن مثل هذه الحرب أيضا.


 

ريتشارد أ. بيتزنغر | زميل أول زائر في كلية أس راجاراتنمام للدراسات الدولية في سنغافورة.

إذا ماقررت البحرية الأميركية، سواء بفعل استفزاز أم لا، مهاجمة الزوارق الحربية الإيرانية، فقد يقود ذلك بسهولة إلى تصعيد العداوات. في اللحظة الراهنة، حصر الإيرانيون خطواتهم في "الطنطنة" على سفن البحرية الأميركية بواسطة قوارب صغيرة محدودة التسليح، كإزعاجات البعوض خلال النزهات. لكن، إذا ما تعرّضت زوارقهم إلى الهجوم، فقد يحفزهم هذا على شن هجوم مضاد بقوة أكبر بكثير، مستخدمين في ذلك قوارب سريعة مزوّدة بصواريخ كروز المضادة للسفن- كصواريخ سي 701 صينية الصنع- التي يمكن أن تُطلق على بعد كيلومترات عدة.

علاوةً على ذلك، يمكن لإيران أن تهاجم بأسراب من العديد من هذه الزوارق، الأمر الذي يجعل من الصعب على القوات البحرية الأميركية الدفاع عن نفسها. بالطبع، من المشكوك به أن تكون القوات الإيرانية قادرة على إغراق سفينة حربية أميركية، لكن مثل هذه الهجمات في وسعها أن تُلحق أضراراً فادحة وربما خسائر في الأرواح. وحينها، إذا ما قررت البحرية الأميركية رفع وتيرة التحدي، من خلال استهداف الموانئ والمنشآت البحرية الإيرانية، على سبيل المثال، يمكن أن يتدهور الوضع إلى نزاع دموي أعنف.


 

مارا كارلين | زميلة أولى غير مقيمة في فريق الأمن والاستراتيجية في مؤسسة بروكينغز في واشنطن العاصمة، وأستاذة مساعدة في كلية جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدّمة.

التغريدة/التصريح التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب بأن البحرية الأميركية قد "تطلق النار وتدمّر أي وكل الزوارق الحربية الإيرنية إذا ما ضايقت سفننا في البحر"، أعاد تسليط الضوء على مسألة الأمن البحري في الخليج. لكن، إذا ما وضعنا جانباً الفوضى العارمة التي لا مفر منها التي تفرضها ممارسة "السياسة عبر التغريد"، يمكن فهم هذه الخطوة الأخيرة على أنها جهد لإعادة تثبيت الردع، من خلال تذكير إيران بالقدرات الفائقة للبحرية الأميركية بالمقارنة مع زميلتها الإيرانية.

الآن، إذا ما تلقّت البحرية الأميركية توجيهات قواعد اشتباك واضحة، وإذا ما قامت البحرية الإيرانية بخطوات كبيرة، ومتعمدة، وتُعزى إليها، لإلحاق ضرر واسع بأصول وأرواح أميركية في البحر، يمكن للقوات البحرية والجوية الأميركية بسهولة أن تدمّر السفن الإيرانية وأنظمة الرادار التابعة لها. بيد أن القيام بذلك سيكون بمثابة قصر نظر من جانب البحرية الإيرانية، لأن كلاً من الجيش الإيراني وأتباعه سبق أن عملوا بفعالية وأربكوا بمهارة ردود الفعل الأميركية، حين كانوا ينشطون بدلاً من ذلك في منطقة رمادية، فأعاقوا وخلقوا الاضطراب في أي عمل عسكري أميركي ذي معنى.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.