المصدر: Getty

التعليم الديني والتعدّدية في مصر وتونس

مع صعود الإسلاميين في العالم العربي، ولاسيما في مصر وتونس، ثمّة احتمال في أن تعمد الأحزاب الجديدة في السلطة إلى تعديل مناهج التعليم لتعكس المعتقدات الإسلامية المحافظة.

نشرت في ١٣ أغسطس ٢٠١٢

يحتلّ الدين مكانة بارزة في أنظمة التعليم في الدول العربية كافة. ومع صعود الإسلاميين في العالم العربي، ولاسيما في مصر وتونس، ثمّة احتمال في أن تعمد الأحزاب الجديدة في السلطة إلى تعديل مناهج التعليم لتعكس المعتقدات الإسلامية المحافظة. فالتعليم هام جداً بالنسبة إلى أي حزب إيديولوجي يتولّى السلطة السياسية. على المدى البعيد، سيضع إسلاميو مصر وتونس إصلاح التعليم نصب أعينهم لضمان إدراج المزيد من المحتوى الإسلامي في تعليم جميع الطلاب.

لكن على المدى القصير، من المستبعد أن تؤدّي السلطة الناشئة لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وحزب النهضة في تونس، إلى تغيير جذري في المناهج الدراسية والبيئة الثقافية في المدارس الحكومية أو إلى فرض قواعد سلوك إسلامية. فالمسائل السياسية والاقتصادية أكثر إلحاحاً من التغيير التربوي خلال الفترة الانتقالية الحالية.

الإسلام مدرج بالفعل في كثير من جوانب التعليم العام في مصر، من مقرّرات اللغة العربية إلى الدراسات الاجتماعية، كما تضفي بعض الدروس المزيد من الأهميّة على القيم الإسلامية المحافِظة على حساب معايير التعدّدية أو المعتقدات الدينية الأخرى. البيئة المدرسية القائمة متوافقة إلى حدّ كبير مع أهداف جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك من غير المؤكّد أن يخاطر حزب الحرية والعدالة في إثارة موجة احتجاجات عامة عن طريق الدفع باتجاه إحداث تغيير رسمي في الوقت الراهن.

في الوقت نفسه، ومع أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يُدرَّس في المدارس الحكومية التونسية، فإن للبلاد سجلاً طويلاً من العلمانية، إذ يعزّز النظام التعليمي القيمَ العالمية مثل الحرية والتسامح والعدالة الاجتماعية. ولذا، من غير المرجّح أن يعكس حزب النهضة هذا الاتجاه في المدى القريب. ويتعيّن على مصر وتونس، وهما تمضيان قُدُماً، الحفاظ على التعليم الديني كجزء من مناهجهما الدراسية، لكن التركيز يجب أن يكون على المحتوى الإسلامي الليبرالي. وينبغي على كلا البلدين أيضاً جعل نظهاما أكثر توافقاً مع قيم الديمقراطية، من خلال تعزيز التعليم من أجل المواطنة، وتنمية مواطنين مثقّفين ومسؤولين يفكّرون بحرية ويساهمون في بناء المجتمع. وفي هذا الإطار، تمثّل مبادرة التعليم الديني الجديدة التي اقترحها "بيت العائلة المصرية"، ويقودها جامع الأزهر، خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ تؤكّد على التنوّع والحريات الأساسية.

وفيما تنتقل مصر وتونس بعيداً عن الاستبداد نحو مجتمعات أكثر ديمقراطية، عليهما أن تستفيدا من هذه الفرصة إلى أقصى حدّ ممكن لتطبيق مبادئ التعدّدية في التعليم كذلك.

الدين والتعدّدية   

تعمل الأحزاب السياسية في العالم العربي في منطقة يشكّل فيها دين الأغلبية، أي الإسلام، نسيج الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية. إذ يمثّل الإسلام عنصراً أساسياً في النظام القانوني وعنصراً رئيساً في الهوية الشخصية. وبما أن جميع الأديان تلتزم القيم المطلقة وتدافع عما يراه أتباعها على أنه "الحقيقة"، تواجه الديمقراطيات الناشئة في العالم العربي بالتالي التحدّي المتمثّل في التوفيق بين مناهج التعليم الهادفة إلى تعزيز التعدّدية والتسامح تجاه الأفكار والآراء المختلفة، وبين تعليم الدين في المدارس الحكومية.

الدول العربية ليست الوحيدة التي تخوض هذا الصراع، إذ هذه معضلة تواجه الدول الديمقراطية كافة. لكن مايزيد هذا التحدي عمقاً، في تونس ومصر على وجه الخصوص، هو أن العملية الديمقراطية أدّت إلى صعود أحزاب سياسية إسلامية تدفع الآن باتجاه أن يلعب الدين دوراً بارزاً أكثر في السياسة والمجتمع.

ينبغي أن يكون الهدف النهائي من إصلاح التعليم في دول مثل تونس ومصر هو التعليم من أجل المواطنة، أي تنمية مواطنين مثقّفين ومسؤولين يفكّرون بحرية ويساهمون في بناء المجتمع. ومفتاح ذلك هو الدور الذي يلعبه الدين في مدارسها وتحليل مدى تدريس الدين بطريقة يمكن أن تنمّي قيم المدنية والمواطنة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن ينتهي الأمر بالأحزاب الإسلامية الأكثر قوة بأن تكون هي المسؤول عن الجولة المقبلة من إصلاحات التعليم، ولذلك من الهام أيضاً فهم وجهات نظرها بشأن هذه المسألة. فصعود تلك الأحزاب إلى السلطة يثير العديد من التساؤلات لدى الشعوب العربية: هل يمثّل التعليم أولوية بالنسبة إلى هذه الأحزاب، ولاسيّما في مصر وتونس؟ وهل سيُدخِل الإسلاميون الشريعة في النظم التعليمية؟ هل سيطلبون من الطلبة غير المسلمين اتباع قواعد السلوك الإسلامية؟ وهل سيمنعون المسيحيين من دراسة دينهم؟ ماهي وجهة نظرهم إزاء برامج التربية المدنية الحالية، ودور الإسلام في التربية المدنية والمواطنية؟ وماهو مدى توافق وجهة نظرهم بشأن التعليم الديني والمواطنة مع مفاهيم التعدّدية والديمقراطية؟

يلعب الدين دوراً كبيراً بالفعل في المناهج الدراسية القائمة والبيئة المدرسية في المدارس الحكومية بمراحلها المختلفة في البلدان العربية، ولاسيّما في مصر وتونس1.  مع ذلك، تتباين وجهات نظر الأحزاب الإسلامية في البلدين - حزب الحرية والعدالة في مصر وحزب النهضة في تونس – في مايتعلّق بالتربية المواطنية والدينية. إذ يسعى حزب الحرية والعدالة إلى تطوير نظام التعليم المصري كنموذج إسلامي، في حين يبدو حزب النهضة قانعاً بتقبّل التنوّع وتعدّد وجهات النظر. وبناءً على أبحاث شاملة، بما في ذلك لقاءات عقدها كاتب هذه الورقة مع خبراء تربويين من مصر وتونس ولبنان يمثّلون وجهات نظر الإسلاميين والعلمانيين، يبدو واضحاً أنه في المدى القصير على الأقلّ، لا الإسلاميون المصريون ولا التونسيون سيحاولون إجراء أي تغييرات جذريّة .

المقاربة التقليدية للتعليم الديني في العالم العربي

يترابط الدين والتعليم في العالم العربي ترابطاً وثيقاً. فالتعليم كان يتمّ تاريخياً في أماكن العبادة التي يسيطر عليها رجال الدين الذين اضطلعوا بدور المعلّمين والإداريين. في نظام "الكُتّاب" التقليدي، تعلم الطلاب المسلمون القرآن الكريم والأحاديث النبوية (أقوال النبي محمد) من علماء الدين، وتلقّوا التعليم الأساسي في اللغة العربية والرياضيات. وقدّم "الكتّاب" وظيفة اجتماعية حيوية باعتباره وسيلة للتعليم العام الرسمي للأطفال والشباب المسلمين حتى ظهور النماذج الغربية للتعليم.

خلال القرن التاسع عشر، وفي ظل الحكم العثماني، أنشأ المبشّرون المسيحيون من أوروبا والولايات المتحدة مدارس للتعليم الابتدائي والثانوي في لبنان وسورية ومصر والأردن وفلسطين. بعد ذلك، أنشأت الجمعيات الإسلامية، مثل جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في لبنان ودول عربية أخرى، مدارسها الخاصة الحديثة التي تدرّس الإسلام إضافة إلى المواد الأساسية، نظراً إلى تخوّفها من الدور التبشيري للمبشّرين المسيحيين. وقد قدّمت تعليماً أحدث وأكثر جودة للمسلمين مما قدّم "الكتّاب".

لكن التعليم الديني الإسلامي يختلف اليوم، إذ يشكّل جزءاً من المناهج الدراسية في الدول العربية، بحسب نوع المدرسة، وكيفية تدريسه وتمثيله في الكتب المدرسية، والوقت المخصّص للتدريس. والتعليم الديني الإسلامي حاضر في نظام المدارس الحكومية بوصفه مقرّراً دراسياً مستقلاً، في جميع الدول العربية تقريباً. وقد دُمِج، في معظم البلدان، في منهج اللغة العربية والدراسات الاجتماعية في شكل أفكار ومواضيع وقيم. مع ذلك، تختلف الطريقة التي يُدرَّس بها الدين في التعليم الحكومي اختلافاً كبيراً من بلد عربي إلى آخر. ومع أن تدريس الدين قد يتعلّق حكماً بتدريس الحقائق المطلقة والمسائل التي لاجدال فيها في نظر المؤمنين، ثمّة فرق كبير بين مصر وتونس في مايتعلّق بمضمون الدروس، وأهداف التعلّم، وطرق التدريس.

تتميّز البيئة المدرسية بأكملها بمعايير ومدونات قواعد سلوك إسلامية في المدارس الإسلامية الخاصة في الدول العربية، وفي المدارس الحكومية في العديد من البلدان الأخرى، ولاسيّما في دول مجلس التعاون الخليجي. إذ يُفرَض على الطلاب والموظفين مراعاة جميع الشعائر الإسلامية مثل الصلاة والصوم، ويتعيّن على الفتيات تغطية أنفسهن وارتداء الحجاب، كما تهدف جميع الأنشطة الطلابية إلى تعزيز المعايير والقيم الدينية.

التجربة المصرية

وفقاً للكتب المدرسية المصرية المعتمدة لمقرر التربية الدينية الإسلامية، ثمة دين واحد صحيح هو الإسلام الذي أنزله الله على آدم وجميع الأنبياء بمَن فيهم موسى وعيسى ومحمد. ينقل أحد كتب الصف الثامن آية من القرآن الكريم تقول: "ومَن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين2" . ومع ذلك، 10 في المئة من سكان مصر هم من المسيحيين، والدين المسيحي يُعطى مساحة في المناهج الدراسية   في المدارس الحكومية .

يتولّى معلمون أو كهنة مسيحيون تدريس الطلاب المسيحيين الدين المسيحي، في حين يتولّى معلمون أو شيوخ مسلمون تدريس المسلمين الدين الإسلامي. وتشمل المقرّرات تعليم العقائد الدينية والطقوس وقواعد السلوك. ويتعلّم الطلاب المسلمون في المدارس الحكومية عن المسيحية من منظور القرآن والأحاديث النبوية، في حين لايتعلم الطلبة المسيحيون عن الإسلام في مقرّر الدين المسيحي، لأنه يؤرّخ بتاريخ لاحق لنصوصهم الدينية.

تستخدم الكتب المدرسية لمادة التربية الدينية الإسلامية مقاربتين متناقضتين تجاه المسيحيين واليهود. فتعرّف إحدى المقاربتين المسيحية واليهودية بوصفهما ديانتين توحيديتين نشأتا مع إبراهيم، "أول مسلم"، ويوصف رسولاهما، عيسى وموسى، بأنهما مسلمان. أما المقاربة الأخرى فتعتبر التوراة والإنجيل نسختين مشوّهتين من الكتب المقدسة الحقيقية التي نزلت على موسى وعيسى، وأن القرآن وحده يتضمّن المحتوى الصحيح لهذين الكتابين3.  فضلاً عن ذلك، تتبنّى الكتب المدرسية مفهوم الجهاد أو الشهادة ضدّ العدو، الذي يندرج ضمن فئتين: الكفّار وأعداء الوطن4.

كما تدلّ مؤشّرات عدّة على أن الكتب المدرسية لمادة التربية الدينية الإسلامية في مصر لاتستهدف تنمية مهارات الطلاب في التفكير التحليلي. ويبدو هذا جلياً في طريقة عرض المادة وتحديد المهام ونوع التدريبات. إذ يلي كلَّ درس ملخّصٌ للنقاط الرئيسة يساعد الطلاب على تذكّر ماسيتم اختبارهم فيه لاحقاً، إضافة إلى عدد من التدريبات. وهذه الأخيرة هي من نوع التعليم التقليدي الذي يتطلّب الاستظهار وتذكّر الحقائق5 .

يجري إطلاع الطلاب في مصر، المسلمين والمسيحيين على حد سواء، على العديد من جوانب الإسلام أثناء تلقّنهم المواد الدراسية الأخرى، ولاسيما اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، التي تشمل التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية. وتحظى دراسة اللغة العربية بأهمية خاصة بالنسبة إلى المسلمين لأنها لغة القرآن واللغة المستخدمة في الصلوات. وبالتالي، المهارة العالية في اللغة العربية هي شرط لتعلّم الإسلام بصورة متقدّمة، وثمة حاجة إلى مهارة أساسية فيها لممارسة الإسلام بطريقة ذات معنى. اللغة العربية هي أيضاً اللغة الرسمية في مصر وسائر الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، لذلك يجب أن يتعلّمها جميع الطلاب في المدرسة. وهذا يجعل دمج المبادئ والقيم الإسلامية في تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية، وسيلة فعّالة لتعريف الأطفال من مختلف الديانات على الدين الإسلامي.

وفقاً لدراسات حلّلت مضمون الكتب المدرسية باللغة العربية في مصر، ثمّة مجموعة كبيرة من النصوص والمواضيع الدينية التي تدعو إلى التقوى والالتزام الديني6.  تتضمّن النصوص العربية المخصّصة لدراسة اللغة في المرحلة الابتدائية آيات مختارة من القرآن واقتباسات من الأحاديث المتعلقة بحياة النبي محمد. تُستَخدَم معظم هذه النصوص لتعليم أهميّة القيم الاجتماعية الشاملة، كالصدق وكرم الضيافة وحب الخير والإحسان، التي لاتتعارض مع معتقدات الديانات الأخرى وتقاليدها. على سبيل المثال، في أحد دروس اللغة العربية للصف السادس، "طريق القوة والفلاح،" تنبع الفكرة الرئيسة للدرس من آيتين في القرآن تدعوان إلى التمسّك بتعاليم الدين لأن الدين هو القوة التي تربط الناس بمودّة وأخوّة. عنوان أحد دروس الصف الثامن بشأن أهمية الحفاظ على علاقات القرابة ("صلة الرحم") هو عبارة مستوحاة من القرآن مباشرة، ويقدّم النص الحفاظ على علاقات القرابة، بوصفه جزءاً من عادات وتقاليد الشعب المصري، لابوصفه فضيلة إسلامية وحسب7.

مع ذلك، ثمة آيات أيضاً تطعن في معتقدات غير المسلمين، مثل الآيات التي تدعو إلى وحدانية الله المطلقة وتتعارض مع العقيدة المسيحية في الثالوث المقدّس. ويستهدف التعليم الديني وتعليم اللغة العربية في بعض الأحيان قيماً متناقضة مع تلك المنصوص عليها في موضوعات التربية المدنية المدرجة في منهاج الدراسات الاجتماعية، ومع معايير إنسانية أوسع. على سبيل المثال، تُدرَّس المساواة بين الجنسين في الدراسات الاجتماعية، لكن يُناقَش موضوع عدم المساواة بين الجنسين في أحد دروس اللغة العربية للصف الثامن عن  أنصبة/حصص الرجال والنساء ، والعنوان بحدّ ذاته ("للرجال نصيب وللنساء نصيب") عبارة مأخوذة من القرآن؛ ويفسّر النص آيات من القرآن تنصّ على أن الناس غير متساوين، وينتمون إلى مراتب أو طبقات مختلفة، وأنه لاينبغي أن يحصل الرجال والنساء على حصص متساوية من الميراث8.  بعض الطوائف الإسلامية، ولاسيّما الشيعة، فضلاً عن غير المسلمين، لايؤيّد هذا الاعتقاد.

يميل تدريس التاريخ إلى التركيز على العصور القديمة، وعلى الحقبة التي مرّت منذ ظهور الإسلام. وثمّة وصف تفصيلي لحياة النبي محمد والدولة الإسلامية الأولى التي أسّسها في المدينة. كما تُعرَض فترة "الخلفاء الراشدين" الأربعة بالتفصيل. على النقيض من ذلك، تدريس التاريخ القبطي وجيز جداً ويقتصر إلى حدّ كبير على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع القبطي اليوم9.  ولعلّ مايثير القلق أكثر بالنسبة إلى الطلاب المسيحيين هو التعريف السلبي الذي يقدّمه الكتاب المدرسي لـ"الروم" (أي المسيحيين الشرقيين الأرثوذكس)، على أنهم أشخاص "انحرفوا" عن مبادئ المسيحية التي نادى بها السيد المسيح. وهذا يعزّز اعتقاد كثير من المسلمين بأن المسيحية، كما بشّر بها ومارسها المسيحيون منذ ظهور الإسلام، هي نسخة مشوّهة عن الدين الحقيقي الذي دُمِج في الإسلام.

لاتقدّم المدارس الحكومية المصرية مقرّراً منفصلاً عن التربية المدنية أو المواطنية. بدلاً من ذلك، يُدمَج مفهومَي المدنية والمواطنة في محتوى مادتي الدراسات الاجتماعية والتربية الإسلامية أو المسيحية ودروس اللغة العربية. الاستثناء الوحيد هو مقرّر التربية الوطنية الذي يُقدَّم لطلاب الصف الثاني عشر، إلا أنه لايشمل القضايا الرئيسة في التربية المدنية أو المواطنة. وبشكل عام، يُدرَّس الطلاب المصريون نصوصاً إسلاميةً تشير إلى أنه لايمكن لغير المسلمين تولّي مناصب إدارية عليا في الدولة، مثل منصب رئيس الدولة أو قائد الجيش.

في الوقت نفسه، تُدرَّس المفاهيم المدنية الرئيسة، بما فيها الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، جنباً إلى جنب مع المفاهيم الدينية في المقرّر الدراسي نفسه. ومن الأمثلة على ذلك كتاب التربية الإسلامية للصف الخامس في المدارس الحكومية، الذي يتضمّن قصيدة بعنوان "نشيد بلادي"، تندرج تحت موضوع التربية المواطنية. تتحدث لهجة القصيدة واثنين من أبياتها على الأقل بوضوح عن الالتزام الديني بالإسلام بدلاً من المواطنة المتساوية لجميع الأديان:

وربّ العقيدة [الإسلام]، لن تُهزمي[بلادي].. ومن أكمل الدين للمسلم
سنحمي ثراك ونحمي الدروب.. هتافاتنا النصر للمؤمنين ] المسلمين[10.

وهكذا، يتلقّى الطلاب في المدارس الحكومية في مصر رسائل متضاربة بشأن مايعنيه أن يكون الفرد عضواً مشاركاً في المجتمع المصري. ففي حين تعزز كتب مادة الدراسات الاجتماعية مبادئ التعدّدية، والوحدة الوطنية، وقبول المعتقدات والثقافات الأخرى، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين، ينمّي التعليم الديني في المدارس نفسها، سواء كان إسلامياً أم مسيحياً،  التمييز الديني وعدم المساواة.

مايزيد الأمور تعقيداً هو دور المعلم في نقل القيم والسلوك الديني، والذي غالباً مايتم تجاهله على الرغم من أهميته الحاسمة في مصر وجميع أنحاء العالم العربي. ويستخدم بعض الباحثين في مصر مصطلح "المنهج الخفي" لوصف تأثير الكثير من المعلمين الإسلاميين على الطلاب، سلباً أو إيجاباً. إذ يفرض هؤلاء المعلمون أفكارهم ومواقفهم الخاصة على تلاميذهم في سياق عملية تتأثّر بالثقافة السائدة داخل المدارس، وتسهلها طرق التدريس المرتكزة إلى المعلم حيث تطغى المحاضرات والاستظهار، فضلاً عن عدم تشجيع النقاش المفتوح والتفكير النقدي داخل الفصل/الصف الدراسي11.

وتختلف الصورة إلى حدّ ما في المدارس الخاصة. فالمدارس العلمانية والدولية في مصر إما أنها لاتقدّم تعليماً دينياً، وإما تُدرِّس مقرّراً للدراسات الاجتماعية يتضمن معلومات عامة عن مختلف الأديان ودور الدين في المجتمع. كما يلجأ عدد من المدارس الخاصة في مصر إلى مجموعة متنوعة من النشاطات اللامنهجية وبرامج تدريب الخدمات الاجتماعية، لإثراء برامجها في مجال التعليم الديني.

وتنطبع أخلاقيات أو ثقافة المدرسة الخاصة بمعايير مديرها وقيمه. بالتالي، تتخلّل الثقافة الإسلامية والأعراف الإسلامية تفاعلات المعلمين مع الطلاب وأسرهم، في مدرسة إسلامية. تشجّع مثل هذه المدارس وتهلّل لما تعتبره سلوك الطلاب "الإسلامي" الجدير بالثناء، مثل أداء الطقوس الدينية وبرّ الوالدين. وهي تنتقد أيضاً ماتعتبره سلوكاً يخالف الشريعة الإسلامية، مثل استهلاك المشروبات الكحولية أو عدم ارتداء الفتاة الحجاب أو طاعة أولياء أمرها. في المقابل، تطلب المدرسة المسيحية من الطلاب حضور قدّاس الأحد، وإظهار السلوك المسيحي المثالي.

التعليم الديني في تونس

تقدّم تونس مقاربة مختلفة تجاه التعليم الديني. إذ تبدو قيم وأهداف التعلّم الخاصة بالدراسات الدينية والمدنية التونسية أكثر انسجاماً مما هي عليه في مصر، ويهدف المنهج المدرسي لمختلف المواد، على نحو أكثر صراحة مما هو عليه في مصر، إلى تطوير القيم الشاملة للحرية المسؤولة، والتعاون، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، واحترام الآخر. كما أن التسامح موضوع متكرّر في الكتب المدرسية التونسية.

ومن اللافت أن للتسامح جذوره في إصلاحات جرى تنفيذها خلال فترة الرئاسة السلطوية لزين العابدين بن علي. في العام 1989، عيّن زين العابدين بن علي محمد الشرفي، وهو محام وناشط في مجال حقوق الإنسان منذ فترة طويلة وأحد منتقدي الرئيس، وزيراً للتعليم، ربما لوضعه تحت المراقبة، أو لتطهير نظام التعليم من المحتوى المُعادي للغرب. نفّذ الشرفي إصلاحات هامة شملت المراجعة والتدقيق في الكتب المدرسية كافة. وكان الغرض من ذلك حذف جميع العبارات التي تشجّع على التعصّب تجاه الأديان والجماعات المختلفة، والحفاظ على الجوانب الليبرالية من الفكر الإسلامي في التعليم الديني. فنُقِّحَت مناهج العلوم، على سبيل المثال، لتشمل نظرية التطوّر الداروينية ونظرية الانفجار الكبير. رفض حزب النهضة هذه الإصلاحات، واتّهم زين العابدين بن علي بـ"تجفيف المنابع" أو "محو أسلمة" البلد12.  ربّما تكون إصلاحات الشرفي أسهمت في النظرة الديمقراطية والتعدّدية لجيل الشباب التونسيين الذين تمرّدوا على نظام الحكم في كانون الأول/ديسمبر 2010.

أما اليوم، وبما أن 98 في المئة من السكان مسلمون سنّة، في حين يشكّل اليهود والمسيحيون أقلّ من 2 في المئة من السكان، فإن الدين الوحيد الذي يدرّس في المدارس الحكومية هو الإسلام. ومع ذلك، يُدرَّس تاريخ اليهودية والمسيحية والإسلام جميعاً كجزء من مادة الدراسات الاجتماعية في المدارس الثانوية الحكومية.

تؤكّد الكتب المدرسية التونسية لمقرّر التربية الإسلامية في المدارس الابتدائية الحكومية على الجوانب الأخلاقية والمعنوية للإسلام وأركانه الرئيسة، إضافة إلى التدريب على أداء الشعائر الدينية، ولاسيّما الصلاة والصوم. كذلك، يُبرَز التسامح الديني تجاه المسيحيين واليهود باعتباره قيمة إسلامية. وخلافاً لما هو عليه الحال في الدول العربية الأخرى، تذهب الكتب التونسية أبعد من ذلك للتحذير من استبعاد غير المؤمنين وإثارة العداء تجاههم، مشدّدة على عموم التضامن الإنساني. وأحد الأمثلة الموحية المُستخدَمة في كتاب التربية الإسلامية، يتمثّل في قصة عن النبي محمد تظهر احترامه لجنازة يهودي مرّت به في المدينة. فعندما سئل لماذا وقف لإظهار التوقير، قال: "أليست نفساً؟ إذا رأيتم الجنازة فقوموا"13.

ووفقاً لأحد النصوص، فإن تعريف التسامح من حيث احترام الأديان الأخرى وحرية العقيدة موجود في 36 سورة و125 آية من القرآن، وهو يمثّل "الفكرة الأساسية في القرآن"14.  إذ يُشجَّع الحوار مع الآخر وقبوله، ويعتقد أن الآخر لديه حقوق وواجبات متساوية لتلك التي للمسلمين، بغضّ النظر عن اللون أو الدين أو مستوى التعليم15.  ويتم التركيز على وحدة الإنسانية والتعايش السلمي بين مختلف الأعراق والأديان، والمساواة بين جميع الأمم. ويشجِّع مقرّر التربية الإسلامية السلام ولايقبل الحرب إلا في حالة العدوان أو الاضطهاد16،  ويعرّف الجهاد على أنه صراع روحي ضدّ أوجه القصور الأخلاقي للنفس. ومفهوم الجهاد أو الشهادة ضدّ العدو لايحظى بالتأييد. وفي الوقت نفسه، يتم تبنّي القيم الديمقراطية كمنتج تاريخي لثقافة عالمية17.

يعرّف مقرّر التربية الإسلامية في المدارس الابتدائية والمتوسطة في تونس الشعائر الإسلامية بوصفها مسألة شخصية وواجباً دينياً يحمل مسؤولية فردية تجاه الله. وليس ثمّة أي إلزام ضمني من جانب المجتمع أو الدولة18.  في المرحلة الثانوية، يُطلَق على مقرّر التربية الإسلامية في المدارس الحكومية اسم "التفكير الإسلامي"، مايعكس هدف المنهج الدراسي المتمثّل بتعزيز التفكير التحليلي الذي لايتعارض مع الأركان الأساسية للإسلام.

نظرة مقارنة إلى الدين في التعليم

يمكن استخلاص بعض الاستنتاجات العامة حول التعليم الإسلامي في المدارس الثانوية الحكومية في مصر وتونس بناءً على مراجعة وثائق المناهج الدراسية. وبقدر مايتعلق الأمر بالتفاصيل، يتبع المنهج التونسي الأعراف الدولية في تعريف الإطار المرجعي والأهداف ومخرجات التعلم وأساليب التعلم والتقييم، في حين أن وثيقة المنهاج المصري هي ورقة مناهج وجيزة تعرض محتويات المقرّر. وعموماً، المواضيع المختارة في المنهاج الدراسي التونسي - مثل الإنسان والتوحيد والإنسان والمجتمع - هي أكثر قابلية للتحليل الأعمق والتفكير الفلسفي من موضوعات المناهج الدراسية المصرية، مثل الدروس المستفادة من غزوات النبي، والتدخين، وتناول الكحول، والانحراف، ومجموعة قيم إسلامية مختارة. وثمة أيضاً تغطية أكبر في المنهج التونسي لمجموعة واسعة من القضايا التي تتّصل بالحضارة والحداثة والإصلاح والمعرفة، كما أن مقاربة الدين على هذا المستوى المدرسي تجمع المعنى الوجودي في الأديان مع واقع الحضارة الحديثة. وفي حين تؤيّد أهداف المنهاج التونسي الحوار، والمرونة، والاعتدال، والتسامح، والانفتاح على المقاربات والقيم الشاملة بوضوح وصراحة، لاتذكر وثيقة المنهاج المصري أهداف المقرّر على الإطلاق19.

في عهد الأنظمة المخلوعة التي كانت حكمت كلاً من تونس ومصر على وجه الخصوص، عانى الطلاب في كلا البلدين أيضاً من وجود فجوة كبيرة بين ماتعلّموه في المدرسة ومارأوه يُمارَسُ في الحياة الحقيقية. كان الطلاب الصغار على بيّنة من إساءة استخدام السلطة السياسية والفساد وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية للمواطنين. ونتيجة لذلك، وصف تقريرٌ يقيّم مدى إدماج مبادئ حقوق الإنسان في المناهج الدراسية للمدارس الثانوية في العالم العربي هؤلاء الطلاب بأن لديهم حالة من "انفصام الشخصية في تكوينهم الأكاديمي" ترجع جزئياً إلى التناقض بين القيم المثالية التي يتعلمونها وبين تجربة الحياة20.

من حيث تخصيص الوقت، يخصّص الطلاب المصريون في المدارس الحكومية ثلاثاً من أصل ثلاثين ساعة في الأسبوع لدراسة العلوم الدينية في المرحلة الابتدائية، وساعتين في المستويات الأعلى. ويدرس الطلاب التونسيون الإسلام لمدة ساعة في الأسبوع في الصفوف الابتدائية وساعة ونصف الساعة في كل الصفوف الأعلى. وإذا ماوسّعنا نطاق البحث ليشمل بقية بلدان العالم العربي، وجدنا أن عدد ساعات الدراسة المخصّصة للدين في المدارس الابتدائية تتراوح بين ساعة واحدة أو اثنتين في بلدان مثل المغرب، وثلاث ساعات في الأردن، وتصل إلى ست ساعات في عُمان. في المدارس السعودية، الوقت المخصص للدراسات الإسلامية في أي مستوى مدرسي هو الأعلى بين الدول العربية، فهو يصل في المرحلة الابتدائية إلى تسع ساعات في الأسبوع21.

وعلى غرار حالة مصر، تُدرِّس المدارس الحكومية في الأردن والسلطة الفلسطينية الطلاب، المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، المعتقدات والمفاهيم الإسلامية من خلال مادتي اللغة العربية والتاريخ. فمنهج اللغة العربية في البلدين غني بالموضوعات والقيم الإسلامية، التي تشترك في الكثير منها المسيحية والأديان الأخرى، مثل الصدق والعدل ومساعدة المحتاجين. وتؤكّد كتب التاريخ على التاريخ الإسلامي والعربي، وكما هو الحال في منهج التاريخ المصري، تناقش فترة حكم النبي محمد في المدينة بصورة مطوّلة، ويُسلَّط الضوء على الجوانب المختلفة لتنظيمه شؤونَ الدولة الإسلامية الأولى. وتحظى مدينة القدس باهتمام خاص نظراً إلى ارتباطها الوثيق بالصراع بين إسرائيل وكل من الأردن والفلسطينيين.

يعرض منهج التربية المدنية والوطنية في الأردن قضايا الحرية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، مدعومة بالأمثلة والشروح التي يغلب عليها الطابع الإسلامي، مع إشارة بسيطة إلى عالمية هذه الحقوق. وتُناقَش أيضاً حقوق المرأة والطفل مع التركيز على البعد الديني فيها. وتتضمّن الوحدة الخاصة بالمواطنة في مقرّر التربية المدنية عناصر ليست موجودة في المقرّرات المماثلة في المجتمعات الديمقراطية، أي فكرة الإيمان بالله والكتب المقدسة والرسل. ربما تبعث هذه المقاربة رسالة مفادها أن الأشخاص الذين لاينتمون إلى الديانات الثلاث الكبرى ليس لديهم شعور بالانتماء إلى أوطانهم22.

تثقيف الطلاب بشأن الطوائف المختلفة الموجودة بين المسلمين ليس جزءاً من المناهج الدراسية في المدارس الحكومية في الدول العربية. وتوفّر معظم هذه الدول إما مقرّراً عاماً في المبادئ والأخلاق الإسلامية، أو تحصر مضمونها بمعتقدات وطقوس العقيدة السائدة في مجتمعها. كما يُنظَر إلى الديانات والمعتقدات الأخرى من منظور إسلامي فقط، ناهيك عن أن البحث في المصادر التي تعرض وجهات نظر مختلفة حول هذه المسألة، والمشاركة في مناقشات مفتوحة داخل الفصل/ الصف الدراسي، لايلقيان أي تشجيع23.

آراء الإسلاميين

يعتبر التعليم بالنسبة إلى معظم الإسلاميين أحد العناصر الرئيسة لإرساء مجتمع سليم وتقي. ومع أن حزب جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الحرية والعدالة، وحزب النهضة في تونس، يشجعان الاعتماد على أساليب التعليم الحديثة في المواد العلمية، مثل التفكير النقدي والحوار والبحث والنقاش المفتوح24،  تبقى مقاربتهما لتدريس الدين مختلفة.

يدعو الإخوان المسلمون إلى شكل معيّن من أشكال الحوار أمرت به آيات قرآنية مختلفة، تحث على الإقناع بالحسنى والنقاش المدني. لكن هذا النوع من الحوار لايسمح بأي مخالفة صريحة للعقيدة الإسلامية في شكل إلحاد أو لا أدرية، على سبيل المثال. وتؤكّد أحزاب جماعة الإخوان المسلمين أن الإسلام يضفي قيمة عالية على التعليم، ويقدّم الأشخاص المتعلمين على الجهلة، وأن التعليم الديني مادة أساسية في المدارس. أما راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، فيتحدث عن شمولية الإسلام وتوجيهه لجميع جوانب الحياة، الشخصية والعامة25.  ويقول أن الناس في حاجة إلى الدين وتوجيهاته الروحية والأخلاقية، ومن ثم فهو بالتأكيد جزء أساسي من التعليم.

مصر والإخوان المسلمون

يعتبر الإسلاميون المصريون الدين أهم عنصر في شخصيتهم الوطنية. وبالتالي، ينبغي أن يشمل التعليم الحكومي الإسلام - دين الغالبية العظمى من الشعب – بهدف تعزيز الشخصية الإسلامية للطلاب. هدف جماعة الإخوان المسلمين، كما قال أحد خبراء التعليم فيها، ليس وضع مناهج جديدة في التعليم الديني الإسلامي، بل تغيير بيئة المدرسة الثقافية وتوجيه سلوك الطلاب نحو نموذج إسلامي صحيح26.

يعلن البرنامج المنشور لحزب الحرية والعدالة التزام الحزب بـ"تعميق الهوية العربية والإسلامية" للمصريين27.  لكن مايدعو إليه الإخوان أكثر بكثير من مجرّد تدريس بعض سور القرآن وعبارات مختارة من الأحاديث النبوية. إنهم يرغبون في إدخال إصلاح تعليمي شامل يخلق مناهج تعليمية متكاملة في جميع المواد بمواضيع إسلامية واضحة. ويهدف حزب الحرية والعدالة إلى توفير "تعليم شامل في جميع المستويات بطريقة تعمّق القيم الدينية لدى الطلاب"28.  ومع أن حزب الحرية والعدالة لايبحث بالتفصيل الطريقة التي ينوي بها تحقيق هذا الهدف، ألقى أحد خبرائه البارزين في مجال التعليم الضوء على تجربة الحزب في إدارة بعض المدارس الخاصة التي تم فيها خلق بيئة مدرسية لتمثيل المجتمع الإسلامي الحقيقي29.

تعكس طبيعة الحياة المدرسية والعلاقات الشخصية (بين الطلاب والموظفين، وبين الطلاب والمعلمين)، في البيئة المدرسية الإسلامية، القيم الإسلامية وتتبع عادات التعليم والتعلّم مبادئ الشريعة الإسلامية30.  فضلاً عن ذلك، تتميّز بيئة المدرسة الإسلامية ب قواعد سلوك إسلامية تشمل اللباس والسلوك الاجتماعي وممارسة الشعائر الإسلامية. وبناءً على ذلك، تغطي الفتيات أجسادهن ويرتدين الحجاب، ويراعي جميع أفراد المجتمع المدرسي الشعائر الإسلامية، ولاسيّما الصلوات اليومية والصيام في شهر رمضان.

وبهدف خلق بيئة إسلامية، كما توضح تجربة المدارس الخاصة التي يديرها الإسلاميون، يجب أن يتوفر في المدرسة إما مسجد أو مصلى. ويجب ألا يحوي الطعام الذي يقدم داخل حرم المدرسة لحم الخنزير، وألا تحوي المشروبات المرطبة الكحول. كما يُطلَب من الطلاب أن يقرأوا أجزاء من القرآن والحديث النبوي ويحفظوها. ويرصد العاملون في المدرسة التفاعل بين الذكور والإناث بعناية حيث يوجد تعليم مختلط، ويُعاقَب مَن يتجاوزون الحدود على الفور، لكن يُفصَل بين الجنسين في معظم المدارس الإسلامية. كذلك، تُراقَب الكتب والمجلات التي هي في متناول الطلاب لضمان التخلّص من المواد المعادية للإسلام أو حذف أو محو المحتوى المعادي للإسلام من الموارد المتاحة للتعلّم. وكثيراً مايشير المعلمون والإداريون إلى المبادئ والممارسات الإسلامية لتثقيف الطلاب حول الحياة والسلوك الاجتماعي. وتُستخدَم مجموعة متنوّعة من القنوات لإيصال ثقافة المدرسة الإسلامية، مثل المجلات المدرسية، والأنشطة المشتركة المنهجية واللامنهجية، وعقد اللقاءات مع أولياء الأمور. وتشمل النشاطات اللامنهجية تنظيم رحلات إلى المواقع الدينية، والقيام بزيارات لعلماء الدين، والاحتفال بالمناسبات والأعياد الدينية.

تُصوِّر المجلات المدرسية جوانب عديدة من البيئة المدرسية. أحد الأمثلة الموحية هي مجلة "إثراء" التي تصدرها مدرسة منارات الفاروق الإسلامية في القاهرة. يتضمّن كل عدد من المجلة مقاطع تهدف إلى تلقين الطلاب مبادئ الإسلام السنّي. ويُعرَّف "الشيعة ومعتقداتهم"، في أحد أعداد المجلة، بطريقة سلبية، مع التركيز على انحرافهم عن الإسلام التقليدي31.  وفي عدد آخر، تتم الإشادة بالأصولية الإسلامية لأن المرء يجب أن يبني الحاضر والمستقبل على الماضي32.  وتتضمّن معظم المواضيع، حتى تلك التي ليست لها صلة مباشرة بالدين، إشارات إلى الإسلام. فضلاً عن ذلك، تُفَسَّر المناهج المدرسية من "منظور إسلامي"، مايبرز الفارق بينها وبين المناهج الغربية في المقام الأول، من خلال استهداف تطور الطلاب الروحي والأخلاقي، إضافة إلى الجوانب الأكاديمية والجسدية للنمو. والهدف النهائي للتعليم الإسلامي، وفقاً لمجلة "إثراء"، هو تعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وبين أفراد المجتمع والله.

تتّفق أهداف برنامج التعليم الديني الحالي في المدارس الحكومية المصرية، إلى حدّ كبير، مع أهداف جماعة الإخوان المسلمين. فوزارة التربية تولي قدراً كبيراً من الاهتمام للتعليم الديني: "يجب غرس القيم الدينية والأخلاقية في أطفالنا"33.  ربما كان الهدف النهائي للدولة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك مكافحة التطرّف الإسلامي، غير أن الدولة سمحت بإدخال المزيد من المحتوى الإسلامي في المناهج، وذلك في محاولة للتعويض عن اتّهام الإسلاميين لها بأنها تسعى إلى تدمير الثقافة والإسلام من خلال علمنة البلاد. على سبيل المثال، تصرّف حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية في التسعينيات، بشكل حاسم ضدّ "الإرهاب" في التعليم، لكن كان عليه أن يعلن أن سياسة الدولة في مجال التعليم عزّزت القيم الدينية، وأن الأزهر، مركز التعلم الإسلامي الذي يحظى بالاحترام، وافق على مناهج التعليم الديني34.  هذه السياسة التعليمية التي اعتمدها وزراء التعليم العلمانيون، استرضت مشاعر الرأي العام، لأن غالبية المصريين هم من المسلمين المتديّنين. ومن المفارقة أنها تتّفق أيضاً مع السياسة الحالية لحزب الحرية والعدالة.

يمكن لحزب الحرية والعدالة أيضاً استخدام الكثير من المعلمين الأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في المدارس الحكومية، باعتبارهم قوة فعّالة لنقل رؤية الجماعة وقيمها وقواعد سلوكها الإسلامية. كما يمكن للحزب التأثير في إعادة تكوين المعلمين قبل دخولهم الخدمة، وإقامة برامج تدريبية لهم أثناء الخدمة لتشمل المزيد من التوجّه الإسلامي، وتوظيف مدرّبين إسلاميين للمعلمين. وقد يحاول الحزب أيضاً إضافة أنشطة منهجية ولامنهجية جديدة على غرار مدارس جماعة الإخوان الخاصة. ويمكن إدخال هذه التغييرات تدريجياً وبروية من دون مقاومة كبيرة من السياسيين العلمانيين أو مدراء التعليم في وزارة التربية.

ومع ذلك، لاينوي حزب الحرية والعدالة منع الطلاب المسيحيين من دراسة دينهم في المدارس الحكومية المصرية، أو فرض الزي الإسلامي على الطلاب المسيحيين، وخصوصاً الحجاب35.  ومن المستبعد أيضاً أن تُجبَر الفتيات المسلمات على ارتداء الحجاب. لكن لو نجح حزب الحرية والعدالة في خلق بيئة إسلامية في إحدى المدارس، فسيشعر معظم الطلاب بأنه يتم إحراجهم كي يمتثلوا، وهو وضع قائم اليوم في المدارس الإسلامية في مصر ودول عربية أخرى. إضافة إلى ذلك، تتطلّب البيئة والثقافة الإسلامية في مدرسة ما أن يحترم الأعضاء غير المسلمين في المجتمع المدرسي الطقوس والرموز وقواعد السلوك الإسلامية. في شهر رمضان، على سبيل المثال، يُتوقَّع من الطلاب غير المسلمين عدم تناول الطعام أو الشراب علناً أثناء وجودهم في الحرم المدرسي، ولايُسمَح لغير المسلمين بانتقاد علماء الدين أو المبادئ أو الممارسات الإسلامية.

تونس والنهضة

يمثّل التأثير على نظام التعليم في تونس تحدّياً لحزب النهضة أكبر مما هو بالنسبة إلى الإخوان المسلمين في مصر لأسباب عدة. أولاً، يتميّز هذا البلد بتاريخ طويل من العلمنة، وقد ساد التفسير الليبرالي للإسلام المناهج المدرسية، خصوصاً التعليم الإسلامي، لسنوات عدّة. ثانياً، المجتمع المدني قوي وعلماني أساساً، وتقود نساء علمانيات العديد من الجمعيات وجماعات حقوق الإنسان والشباب. ثالثاً، يقود وزارة التربية حزب علماني بموافقة حزب النهضة.

لقد عكست التصريحات والخطب العلنية لقادة حزب النهضة حتى الآن صبرَهم تجاه إدخال تغييرات على مختلف جوانب الحياة بما في ذلك التعليم، وأخذَهم في الاعتبار الانعكاسات المحتملة لذلك على شرائح كبيرة من السكان ذات توجه أكثر علمانية. كما أن موقف النهضة من تطبيق الشريعة أكثر ليبرالية من موقف حزب الحرية والعدالة في مصر. ومن الواضح أن كتابات راشد الغنوشي وخطبه تؤشر إلى موقف متسامح تجاه وجهات النظر المختلفة وتقرّ قيم التعددية36.  وهكذا، من المستبعد أن يطبّق حزب النهضة  قواعد السلوك الإسلامي في المدارس الحكومية حتى على الطلاب المسلمين، بل سيلجأ عوضاً عن ذلك إلى توعيتهم حول واجباتهم الدينية والفوائد المترتّبة على التزام الشريعة الإسلامية.

الأهم من ذلك، كما هو الحال في مصر، أنه إذا نجح حزب النهضة، في نهاية المطاف، في تهيئة بيئة وثقافة إسلامية في المدارس الحكومية، فمن شأن ذلك جعل أعضاء المجتمع المدرسي يشعرون بعدم الارتياح إذا لم يمتثلوا إلى المعايير والممارسات الإسلامية السائدة؛ وحتى من دون إكراه، يُنتظَر من معظهام أن يمتثلوا. في مثل هذه الحالة، سيتم التسامح مع عدم امتثال المسيحيين واليهود، لكنهم سيشعرون بالتأكيد أنهم في المكان غير المناسب.

الأهداف بعيدة المدى

خلال المرحلة الانتقالية الراهنة، لايرى حزب الحرية والعدالة ولاحزب النهضة أن ثمّة حاجة ملحّة إلى إصلاح التعليم عموماً والتعليم الديني خصوصاً. ومن غير المرجّح أن يُدخِل أي من الحزبين الشريعة إلى النظام التعليمي، أو يفرض  قواعد السلوك الإسلامي على الطلاب، المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء. وسيُسمَح للمسيحيين في مصر بمواصلة دراسة دينهم في المدارس الحكومية. ولن يتم تنقيح مناهج التربية المدنية والدراسات الاجتماعية بشكل كبير لتشمل المزيد من المحتوى الإسلامي. كما سيستمر تقديم التربية الإسلامية كمقرّر منفصل في كل من تونس ومصر مع إجراء مراجعة محدودة إن وجدت.

يعود هذا في جزء منه إلى أن الوضع الحالي للتعليم في مصر لايشكّل أي تهديد حقيقي لفكر حزب الحرية والعدالة أو استراتيجيته السياسية. كما أن حزب النهضة لايمكنه تحمّل تفكّك شراكته مع الأحزاب العلمانية. وقد قرّر الحزب تجنّب القيام بعملية أسلمة سريعة للمجتمع، بما في ذلك نظام التعليم، عن طريق إبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور. ومن الواضح أن لدى حزب الحرية والعدالة وحزب النهضة في هذه اللحظة قضايا سياسية واقتصادية أكثر إلحاحاً عليهما الاهتمام بها.

التعليم هدف هام جداً بالنسبة إلى أي حزب إيديولوجي يتولّى السلطة السياسية، وإسلاميو مصر وتونس ليسوا استثناءً. فهم سيستهدفون، في نهاية المطاف، نظام التعليم بغية إضفاء محتوى وتوجّه أكثر إسلامية. وعندما يفعلون، من المتوقّع أن يلجأوا إلى عدد من المقاربات، بما فيها الطريق الإداري، الذي يتطلّب تعديل السياسات واللوائح على المستوى الوزاري من أجل تنقيح المناهج الدراسية وجعلها أكثر أسلمة في حالة مصر، وأقلّ علمانية في حالة تونس. بيد أن هذه العملية ستكون طويلة وصعبة، بسبب طبيعة الإجراءات البيروقراطية والمقاومة المتوقّعة من السياسيين الليبراليين المسلمين وغير المسلمين، وكذلك الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية الفاعلة.

الدين والتربية المواطنية

تشمل التربية من أجل المواطنة في المجتمعات الديمقراطية والتعدّدية ثلاثة مفاهيم رئيسة هي: (1) معرفة المفاهيم المدنية، ونظم وعمليات الحياة المدنية، (2) مهارات المشاركة المدنية، والقدرة على حلّ المشكلات، والتفاوض، و (3) ميول ومزاج المواطنين العام، بما في ذلك الشعور بالانتماء إلى الوطن والقيم والأخلاق المشتركة. الهدف من التربية من أجل المواطنة هو تطوير مواطنين ناضجين ومسؤولين يعرفون حقوقهم وواجباتهم القانونية، ويطبّقون هذه المعرفة لتقييم السياسات والممارسات الحكومية. وبالتالي، فإن معلمي أي مادة والمشرفين على أي نشاط في المدرسة يعلّمون طلابهم المواطنية عندما ينقلون إليهم قيماً مثل المسؤولية والتعاون واحترام التنوّع.

هذا التعريف للتربية المواطنية لم يجرِ إقراره أو تطبيقه بشكل كامل سواء في مصر أو تونس. لكن من المرجح أن يوافق عليه الإسلاميون في هذين البلدين شريطة أن يخضع إلى مقياس الشريعة ويوضع في سياق ثقافة مدرسية إسلامية. بعبارة أخرى، هامة المدرسة من منظور إسلامي هي تنشئة مسلم متديّن هو أيضاً مواطن مسؤول عن بلده ويمتلك المهارات المهنية والاجتماعية المطلوبة لتحقيق النجاح في القرن الحادي والعشرين. مع ذلك، تكمن المعضلة في أن التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية لايتّفق مع جميع المواد الواردة في إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان أو مع التعددية كما تُمارَس في الأنظمة الديمقراطية الراسخة.

يعتبر الإسلاميون في مصر وتونس وجود مقرّر حول التربية المدنية أو المواطنة أقل أهميّة بكثير من وجود مقرّر عن الإسلام، لأن للدين أولوية على الوطنية والمواطنة. وهم كما عامة الناس لن يقبلوا بتهميش أو تخفيف برامج التربية الإسلامية. ويتعيّن على أي مبادرة جديدة في إصلاح التعليم، تشدّد على التربية من أجل المواطنة، أن تحافظ على التعليم الديني كجزء من المناهج التعليمية، في حين تحاول أن تجعل النظام أكثر توافقاً مع القيم الديمقراطية.

يعتبر الإخوان المسلمون الهوية الدينية أكثر عمقاً وشمولاً من الهوية الوطنية أو المواطنة. فهي بالنسبة إليهم مستمدّة من صياغة مفاهيم أوسع للحياة والعالم واللاهوت محورها الإنسان. ويقول راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، إن غاية الشريعة هي تحقيق المصالح العليا للبشرية، وأهمها "حفظ الدين"37.  ولأن الدين أكثر أهمية من المواطنة في أي بلد، يحتلّ بالتالي مكانة أسمى منها في أي سياق بما في ذلك التعليم. وبحسب الغنوشي، القومية هي "أحد عناصر العالمية الإسلامية"38

في مصر، اعتمدت وزارة التربية والتعليم، في عهد مبارك، وجهة نظر الغنوشي نفسها، ربما ليس بصورة متعمّدة، عندما تم جعل التربية المواطنية جزءاً من مادة التربية الدينية والدراسات الاجتماعية على مستوى المدارس الابتدائية والمتوسطة. ومع ذلك، قرّرت وزارة التربية في فترة مابعد مبارك إضافة مقرّر حول المواطنة وحقوق الإنسان إلى مناهج الصفين الحادي عشر والثاني عشر الدراسية، باعتباره واحداً من ستّ مقرّرات جديدة. ومع أن محتويات وطرق إلقاء وتوصيل المقرّر الجديد حول المواطنة لم تنشر بعد، سيكون أقلّ أهمية بكثير من مقرّر التعليم الديني، الذي يدرّس في جميع الصفوف، لأنه سيكون مقرّر نجاح ورسوب، وسيُدرَّس فقط في أعلى صفين.

إضافة إلى ذلك، لايقبل حزب الحرية والعدالة ولاحزب النهضة المساواة الكاملة بين المسلمين وغير المسلمين، على الرغم من تأييدهما العلني للديمقراطية والتعددية. ويبرّر الغنوشي هذا الموقف من خلال تقسيم المواطنة إلى فئتين:  "مواطَنة عامة" للمسلمين،  و "مواطَنة خاصة" لغير المسلمين. وفي دولة ديمقراطية حيث يشكّل المسلمون أغلبيّة، يوافق الغنوشي على منع غير المسلمين من تولّي المناصب الحكومية العليا39.

تبدو المساواة بين الجنسين جلية في مجال التربية المواطنية، وفي إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان، وجميع قرارات الأمم المتحدة وبرامجها المتعلقة بالمرأة وتمكينها. ومع ذلك، يتّفق حزبا الحرية والعدالة والنهضة مع موقف التيار الإسلامي السنّي الذي يحيد عن الإجماع الدولي. ويؤيّد موقفُهما المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل في الأرباح والتملّك والمعاملة المنصفة والواجبات الدينية، ولكن ليس في الميراث، حيث تخصّص التعاليم الإسلامية للإناث نصف نصيب أشقائهن من الذكور. ولايؤيّد الإخوان المسلمون تعيين المرأة في أعلى المناصب السياسية والدينية أو القضائية، أي منصب رئيس الجمهورية أو المفتي أو قاضي القضاة. فضلاً عن ذلك، من المرجّح أن يدعم الإسلاميون السياسة الحالية في معظم الدول العربية التي تحرم المرأة من حق منح جنسيتها لأولادها من دون شروط.

نظراً إلى هذه الانحراف في مواقف الإسلاميين عن القيم الديمقراطية والتعددية، كيف يمكن لمبادرة جديدة في إصلاح التعليم التوفيق بين التربية المواطنية الديمقراطية، وبين تدريس الإسلام في مصر وتونس؟

الطريق إلى الأمام

تقدّم التجربة التونسية في مجال إصلاح التعليم المدرسي، وخاصة منهاج التربية الإسلامية، دروساً هامة لبقية العالم العربي. يهدف التعليم الإسلامي في المدارس الحكومية التونسية إلى تعزيز التسامح واحترام الأديان والمذاهب الإسلامية الأخرى، والترويج لقبول قيم الديمقراطية الغربية بوصفها قيماً عالمية تتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية، وتنمية اهتمام الطلاب في التفكير التحليلي بشأن القضايا ذات الصلة بمعنى الدين ودوره في الحياة. هذه الأهداف متوافقة مع مفهوم حديث وديمقراطي للتربية من أجل المواطنة، وهي أكثر تقدّماً في تعزيز القيم الديمقراطية والتعددية من تلك الموجودة في مصر. لهذا السبب، أشادت إحدى الدراسات الدولية التي تحلّل مضمون الكتب المدرسية في عدد من الدول العربية، بنظام التعليم التونسي باعتباره نموذجاً لجميع الدول العربية40.

يمكن لمبادرة جديدة في إصلاح التعليم في تونس الإبقاء على المنهج الحالي لمادة التربية الإسلامية، والبناء عليه بتوجّه إسلامي أكثر ليبرالية. سيحاول السلفيون الأصوليون في تونس بالتأكيد استبدال هذا المنهج بآخر أصولي وتقليدي أكثر على غرار المملكة العربية السعودية، لكن نجاحهم غير مؤكّد في ظل التوازن الحالي في السلطة السياسية المحلية. ولتشجيع المقاربة الشمولية للتربية المواطنية ، ينبغي أن تستهدف المبادرة الجديدة أيضاً مناهج المواد الأخرى وغيرها من عناصر النظام التعليمي.

ويمكن استخلاص العبر من مصر أيضاً. فقد جرت محاولة خلال حكم مبارك لتصميم مقرّر يدمج القيم والأخلاق المشتركة بين الإسلام والمسيحية، إلا أن هذا المنهج، الذي نشر ككتاب مدرسي للمرحلة الابتدائية، لم ينفَّذ. فاقترح "بيت العائلة المصرية"، وهي مجموعة وطنية تتألف من الأزهر وكنائس من الطوائف المسيحية المختلفة وعدد من الأكاديميين، مبادرة جديدة تدعو إلى إعداد برنامج جديد للتعليم الديني من خلال التركيز على القيم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين. وشُكِّلَت لجنة خاصةلإعداد البرنامج والمواد التعليمية، والعمل للحصول على موافقة الحكومة وتنفيذه في المدارس في خريف العام 412012.  وإذا ماقُدِّر لهذه المبادرة أن تنجح، فستكون خطوة أساسية في الاتجاه الصحيح نحو الديمقراطية والتعددية في مصر، ونموذجاً يُحتذى به للدول العربية الأخرى. وينبغي لجميع جهود إصلاح التعليم الجديدة أن تتضمّن هذه المقاربة باعتبارها جزءاً لايتجزّأ من خططها.

تستند مبادرة "بيت العائلة المصرية" إلى وثيقة الأزهر الأخيرة عن منظومة "الحريات الأساسية". وتُعَدّ الوثيقة تدبيراً فعّالاً واستباقياً من جانب القوى السياسية المعتدلة التي يقودها أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر، لمنع أعضاء البرلمان المحافظين المنتخبين حديثاً من إعادة صوغ الدستور ليتناسب مع تفسيرهم الجامد والمقيِّد للإسلام. وبدعم من الكنيسة القبطية ومعظم الأحزاب السياسية في مصر، تتألف وثيقة الأزهر التي يمكن تسميتها "مشروع قانون الحقوق"  من أربعة فصول رئيسة هي: حرية العقيدة، وحرية البحث العلمي، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الإبداع الأدبي والفني. حرية العقيدة هي حقّ لجميع المواطنين، وتستند إلى آيات صريحة في القرآن. ولايقرّ "مشروع قانون الحقوق" حرية الدين وحسب، بل يحظّر أيضاً أي محاولة لاستبعاد الآخرين أو تصنيفهم على أنهم كفّار، ويرفض نزعات "إدانة عقائد الآخرين"42.

تجرّم وثيقة الأزهر أي مظهر من مظاهر "الإكراه في الدين أو الاضطهاد أو التمييز بسببه"، وتؤيد بشدة التعدّدية والتنوّع والمساواة بين المواطنين. كما أن موقف الإسلام بشأن الحوار مع غير المؤمنين واضح: "وجادلهم بالتي هي أحسن". والأهم من ذلك، لايعتبر أي طرف في الحوار على حق سلفاً؛ فأي منهما، بما في ذلك الطرف المسلم، قد يكون مخطئاً: "وإنَّا أو إيّاكُم لَعَلى هُدًى أَو في ضَلالٍ مُبين"43.

تُوصَف حرية الرأي في إعلان الأزهر بأنها "أم الحريات"، ويُعبَّر عنها بأشكال مختلفة: الكتابة، والخطاب، والإنتاج الفني، والاتصالات الرقمية. وهي تشمل الأفراد والجماعات، مثل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وحرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، وحرية الحصول على المعلومات اللازمة لتكوين رأي. ويرتبط بحرية الرأي، كما تؤكد وثيقة أخرى للأزهر44،  حقُّ المواطن في انتقاد فعل خاطئ لزعيم سياسي أو ديني، أو فعل حكومي أو سياسة حكومية بشأن القضايا ذات الاهتمام العام. ويشكّل هذا جزءاً من المساءلة والشفافية، التي هي من خصائص الحكم الرشيد والدول الديمقراطية الحقيقية.

تشجّع وثيقة الأزهر بشأن الحريات الأساسية على تنمية التفكير النقدي والمستقل، وهي مهارات جليّة وواضحة بالنسبة إلى المواطنين الديمقراطيين. يأتي ذلك بعد سلسلة طويلة من الجهود المماثلة التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر عندما قال محمد عبده، الذي كان يومذاك إماماً للأزهر، أن الإسلام يشجّع على التفكير النقدي والتأمل45.  وتكثر الآيات القرآنية التي تحوي عبارات وتوجيهات تحثّ الناس على التأمل والتفكير، وليس على التقليد الأعمى لسلوك ومعتقدات آبائهم والأكبر سناً.

لايساهم التعليم الديني في مصر اليوم بالقبول والاحترام والتفاهم المتبادل بين الأديان، ولايساعد الطلاب على تطوير فهم أعمق لدينهم أو أنفسهم. لذلك، يشير المقرّر الجديد الذي اقترحه "بيت العائلة المصرية" إلى تغيير واعد نحو التعدّدية. إذ أن تقديم مقرّر جديد عن القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية يعزّز التنوّع واحترام الاختلافات سيفتح عقول الطلاب. ومن شأنه أن يشجّعهم على النظر إلى دينهم وأنفسهم من منظور جديد، والبدء في مناقشة المواضيع التي يدرسونها والتحقيق فيها. وهذا يمثّل جزءاً لايتجزأ من التربية من أجل المواطنة، التي قد تشجّع بدورها على القيام بمحاولات مستقبلية أيضاً لتطوير المقررات  الحالية في التربية الدينية، الإسلامية والمسيحية على حدّ سواء.

لكن ثمّة حاجة إلى ماهو أكثر بكثير من المبادرة الجديدة في مصر، إذ لابد من القيام بعملية إصلاح تشمل مجمل النظام التعليمي بمكوّناته كافة. فيتعيّن إصلاح جميع عناصر البيئة المدرسية - البنية التحتية والأمان والسلامة والعلاقات بين الأشخاص، وممارسات التعليم والتعلّم، والعلاقات مع البيئة الخارجية - مع التركيز على مقاربات جديدة للتنمية المهنية المنتظمة للمعلمين. وينبغي أن يكون الهدف من إصلاح التعليم تنمية مواطنين ناضجين يمتلكون مهارات القرن الحادي والعشرين، مثل الاتصال الفعّال، والكفاءة المدنية، والتفكير التحليلي، والقدرة على حلّ المشكلات، والإبداع.

الخاتمة

من غير المرجّح أن صعود الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس إلى السلطة سيؤدّي مباشرة إلى حدوث تغيير كبير في المناهج الدراسية والبيئة الثقافية في المدارس الحكومية، أو إلى فرض  قواعد السلوك الإسلامية على المدى القصير. فحزبا الحرية والعدالة والنهضة يعطيان الأولوية لقضايا سياسية واقتصادية أكثر إلحاحاً، لا لتغيير المجال التعليمي في الفترة الانتقالية الحالية. ومع ذلك، من المرجّح أن يحاول الحزبان، على المدى البعيد، التأثير على النظام التعليمي بأكمله، وذلك بهدف الحدّ من المحتوى العلماني في تونس، وزيادة التوجه الإسلامي للتعليم في مصر لتأسيس بيئة إسلامية حقيقية في المدارس.

مامِن شك في أن الدين يحتل مكانة بارزة في نظم التعليم في البلدان العربية. ولذا، من الأرجح أن تحافظ أي خطة جدّية لإصلاح التعليم، في مصر أو تونس، على هذه المكانة. لكن برنامج التعليم الإسلامي الحالي في مصر في حاجة إلى إعادة نظر إذا أريد له أن يكون أكثر توافقاً مع قيم الديمقراطية والتعددية.

تمثّل مبادرة التعليم الجديدة التي اقترحها "بيت العائلة المصرية"، والتي يقودها الأزهر، خطوة في الاتجاه الصحيح لوضع مقرّر جديد في التربية الدينية. هذا المقرّر يركّز على القيم المشتركة في الإسلام والمسيحية، ويؤكّد على التنوّع والحريات الأساسية على أساس "وثيقة الحريات الأساسية" التي اقترحها الأزهر.

في الوقت نفسه، ستحسن تونس صنعاً إن حافظت على برنامجها الحالي للتعليم الإسلامي. فقد جرى إصلاحه في فترة حكم زين العابدين بن علي لتعزيز التسامح والمساواة والحرية، على الرغم من التباين بين هذه القيم وبين الطبيعة الاستبدادية للنظام المخلوع. وينبغي لأي مبادرة جديدة لإصلاح التعليم تؤكّد على التربية من أجل المواطنة، أن تبقي على هذا البرنامج، وتبني عليه لزيادة محتواه الإسلامي الليبرالي، مع التركيز على قيم التعددية والديمقراطية.

وبصفة عامة، يمكن للتعليم الديني أن يلعب دوراً هاماً في تعزيز المواطنة لدى الطلاب من خلال تطوير مهاراتهم في مجالات الاتصال، والنقاش المفتوح، والحوار، والمواقف والقيم المتّصلة بالمساواة بين الشعوب والأجناس، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والتنوّع والتسامح46.  ومع ذلك، إذا ما أُريدَ للتعليم الديني أن يعزّز التربية المواطنية، فينبغي تطوير محتواه وهيكله، وطرق توصيل المواد التعليمية والأنشطة ذات الصلة، ومؤهلات المعلمين، والبيئة المدرسية الداعمة. والأهم من ذلك، ينبغي أن يكون تطوير التعليم الديني جزءاً من مقاربة شاملة لإصلاح التعليم، تُشدِّد على التربية من أجل المواطنة.

التحديات كثيرة وأبرزها غياب إرادة سياسية لدى صانعي القرار، وصعوبة اختيار المعلمين المؤهلين وإعدادهم. ثمّة حاجة لا إلى المعلمين الذين يعرفون مادة اختصاصهم وحسب، بل أيضاً إلى أولئك الذين يمتلكون المعرفة والمهارات في أساليب التعلّم والتربية الحديثين. كما ينبغي على مَن يتولّون إصلاح التعليم وغيرهم من أصحاب المصلحة أن يتواصلوا في مابينهم ويتآزروا من أجل دفع أجندة الإصلاح إلى الأمام.

إن إطلاق مبادرة جديدة في التربية المواطنية تتضمن تعليما دينياً، هو هدف واقعي في تونس ومصر، يمكن تحقيقه من خلال الدعوة الجريئة، والبحوث الجادّة، والمثابرة في السعي إلى تحقيق تغيير اجتماعي وثقافي. وفيما تمرّ هاتان الدولتان في مرحلة من التحوّل السياسي والاجتماعي، توفّر التربية من أجل المواطنة المسؤولة فرصة واعدة لأطفالهما وشبابهما لكي يتطوروا ويتحولوا إلى مواطنين مسؤولين مسلحين بالمعرفة المدنية والدينية المطلوبة، وبالمهارات والكفاءات اللازمة لتحقيق الازدهار في مجتمع تعدّدي وحرّ ومسالم. وأحد العناصر الأساسية في هذه المقاربة ينبغي أن يتمثّل في برنامج تعليم ديني منقّح يعزّز التفاهم والاحترام بين مختلف الأديان، وإقرار حقوق الإنسان، ولاسيّما المساواة والحرية.

1المدارس الدينية الأزهرية في مصر، التي يشرف عليها الأزهر، مستثناة من هذا التحليل لأنها تمثّل حالة خاصة بمصر ليس لها نظير في تونس أو في البلدان العربية الأخرى.

2سورة آل عمران، الآية 85. هذه الآية وآيات أخرى مشروحة في كتاب الصف الثامن، الجزء الأول (2010 – 2011)، ص 22، وفي تعليق في كتاب الصف الحادي عشر (2002)، ص 167 - 168، ويظهر المعنى نفسه في كتب التربية الإسلامية للصف السابع، الجزء الأول (2002)، ص 22 – 25، وللصف الحادي عشر (2002)، ص 30.

3للحصول على التفاصيل الكاملة عن هذه المقاربات من الكتب المدرسية الخاصة بمواد الدين والدراسات الاجتماعية، أنظر:
Arnon Groiss, editor, compiler and translator, “Jews, Christians, War, and Peace in Egyptian School Textbooks,” report prepared by the Center for Monitoring the Impact of Peace, New York, 2004, 20 - 27; www.impact-se.org/research/reports.html

Groiss, “Jews, Christians, War, and Peace,” 94

5تنطبق هذه الملاحظة على الصفوف كافة، بما فيها الصفوف الثانوية. أنظر، على سبيل المثال، الكتب المدرسية للصفوف الابتدائية http://manahg.moe.gov.eg/Prim_Book.aspx؛ كذلك، تتوفر الكتب المدرسية للصفوف الأعلى على موقع وزارة التربية. أنظر أيضاً:
Charlotte Neill, “Islam in Egyptian Education: Grades K-12,” Religious Education, vol. 101, no. 4 (fall 2006): 491;
إلهام عبد الحميد "التعليم المصري وعلاقته بثقافة المواطنة : الواقع والمأمول"، ورقة أعدتها لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، أيار/مايو 2012، ص 15 – 16.

6أنظر على سبيل المثال: أحمد يوسف سعد، "مفهوم وقضايا المواطنة في النصوص التعليمية بين منهجيات التمكين ومحتويات التعبئة: دراسة تحليلية،" نسخة مصورة، لا تاريخ
 ; Neill; Pakinaz Baraka, “Citizenship Education in Egyptian Public Schools, What Values to Teach and in Which Administrative and Political Contexts,” Journal of Education for International Development, vol. 3, no. 3, 2007; Groiss, “Jews, Christians, War, and Peace”.

7سعد، ص 33-34.

8أنظر: سعد، صNeill, “Islam in Egyptian Education,” 496; and http://manahg.moe.gov.eg/Prep_Book.aspx  36

9في كتاب التاريخ للصف التاسع ثمة قسم صغير عن "الحقبة القبطية في التاريخ المصري".

10مصر، وزارة التربية، كتاب التربية الدينية الإسلامية، الصف الخامس الابتدائي، ص 51.

Bradley James Cook, “Egypt’s National Education Debate,” Comparative Education, vol. 36, no. 4 (November 2000):11 484

Mohamed Bechri, “Islamism without Sharia: The Tunisian Example,” May 21, 2012, 1, http://fikraforum.org/?p=226012.

13التربية الإسلامية، الصف التاسع (2007)، ص 32، أو ص 63 في أحدث نسخة الإلكترونية.

14نصوص أدبية، الصف التاسع (2007)، ص 159.

15(Literary) Texts, Grade 13-Sciences, as cited in Arnon Groiss, “The Attitude to the ‘Other’ and to Peace in Tunisian School Textbooks: A Preliminary Report,” report prepared by the Institute for Monitoring Peace and Cultural Tolerance in School Education (formerly CMIP), New York, October 2008, 10; www.impact-se.org/research/reports.html.

16التربية الإسلامية، الصف التاسع (2007)، ص 34.

17كما ورد في:
Groiss, “The Attitude to the ‘Other,’” 11‒12.

18نايلة السيليني وأحمد الحاضري، "التربية على المواطنة في تونس والمغرب والجزائر"، ورقة معدة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، حزيران/يونيو 2012، ص 16.

19للاطلاع على وثائق المنهج المصري، أنظر:
http://manahg.moe.gov.eg/Sec_Dis.aspx
للاطلاع على وثائق المنهج التونسي، أنظر:
http://sakhana.com/index.php?option=com_content&view=article&id=270:2010-10-19-15-39-46&catid=78:2010-10-19-14-57-25&Itemid=197

20هذه ملاحظة عامة في جميع البلدان العربية، ألقي عليها الضوء في التقرير العام عن الندوة التي نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان حول "مكانة حقوق الإنسان في المناهج والكتب المدرسية في مرحلة التعليم الثانوي"، بيروت، 27 شباط/فبراير – 1 آذار/مارس 2003، البند 4، 1 – 5، أنظر أيضاً السيليني والحاضري، "التربية على المواطنة في تونس والممغرب والجزائر"، ص 18.

UNESCO, World Data on Education, August 2011, www.ibe.unesco.org/en/services/online-materials/world data-on21
education/seventh-edition-2010-11.html; Cook, “Egypt’s National Education Debate,” 481.

22محيي الدين توق، "التربية المواطنية في الأردن وفلسطين"، ورقة أُعِدَّت لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، آذار/مارس 2012، 31 – 35، 56.

23أنظر أيضاً: إلهام عبد الحميد "التعليم المصري وعلاقته بثقافة المواطنة : الواقع والمأمول"، ص 15 – 16.
Neill, “Islam in Egyptian Education,” 491. 

24برنامج حزب الحرية والعدالة، (القاهرة: دار التوزيع والنشر، 2011)، 31-52.

25كما ورد في:
John Esposito and John Voll, Makers of Contemporary Islam (London: Oxford University Press, 2001), 105.

26أحمد الحلواني، اجتماع خبراء، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 8 آذار/مارس 2012.

27برنامج حزب الحرية والعدالة، ص 49 – 50.

28المصدر السابق، ص 53.

29أحمد الحلواني، اجتماع خبراء، مركز كارنيغي للشرق الأوسط.

30للاطلاع على تعريف أشمل للبيئة المدرسية، أنظر:
Jonathan Cohen, Terry Pickeral and Molly McCloskey, “The Challenge of Assessing School Climate,” Educational Leadership, vol. 66, no. 4, December 2008/January 2009, www.ascd.org/publications/educational-eadership/dec08/vol66/num04/The-Challenge-of-Assessing-School-Climate.aspx.

http://alfaroukschools.com/data/downloads/magazine/ethraa24.pdf, 731

http://alfaroukschools.com/data/downloads/magazine/ethraa21.pdf, 1132

33كما ورد في وثيقة صادرة عن وزارة التربية:
As cited from a Ministry of Education document titled Implementing Egypt’s Educational Reform Strategy (1996) in Cook, “Egypt’s National Education Debate,” 482.

34أنظر المصدر السابق، 483.

35المصدر السابق.

36راشد الغنوشي، الديمقراطية وحقوق الإنسان في الإسلام، (بيروت: الدار العربية للعلوم، يصدر قريباً)، كما ورد في صحيفة الحياة، 16 شباط/فبراير 2012، ص 9.

37المصدر السابق.

38كما ورد في:
Esposito and Voll, Makers of Contemporary Islam, 105.

39المصدر السابق، 115.

Groiss, “Jews, Christians, War, and Peace in Egyptian School Textbooks,” 1440

41كما ورد على لسان محمد عزب، مستشار إمام الأزهر الأكبر، في اجتماع اليونسكو حول حوار الأديان، بيروت، آذار/مارس 2012.

42الأزهر الشريف، "بيان الأزهر والمثقفين"، "منظومة الحريات الأساسية"، نسخة مصورة (2011) ص 2 – 3،
Muhammad Faour, “Education Is Key to Avoiding Religious Tension in Egypt,” National, January 17, 2012.

43سورة سبأ، الآية 24.

44الأزهر الشريف، "بيان الأزهر والمثقفين لدعم إرادة الشعوب العربية"، نسخة مصورة، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2011، ص 2.

Albert Hourani, Arabic Thought in the Liberal Age 1798‒1939, (Cambridge: Cambridge University Press, 2009),45 130‒47.

Hackney SACRE, Religious Education: The Hackney Agreed Syllabus (SACRE, 2006), 846.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.