انخرطت المملكة، خلال فترة ربع القرن الماضية، في برنامج تحديث طموح يرمي إلى تحقيق استدامةٍ أكبر والدخول في سلاسل القيمة العالمية، على الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية المُحدقة.
عانت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تاريخيًا من قصور اقتصادي وفساد سياسي وتظلّمات اجتماعية أشعلت في نهاية المطاف شرارة ثورات الربيع العربي في العام 2011. وأدّت التحديات البنيوية الطويلة الأمد، مقرونةً بتفشّي وباء كوفيد-19، وتداعيات الحرب في أوكرانيا، إلى اندلاع أزمات مالية وسياسية واجتماعية اقتصادية غير مسبوقة في العالم العربي. وقد تفاقمت حدّة هذه الأزمات بسبب الظلال القاتمة التي تخيّم على آفاق الاستقرار والتنمية، وغياب رؤى لمعالجة الضعف البنيوية التي تعتري اقتصادات دول المنطقة على المديَين المتوسط والطويل. من هذا المنطلق، يهدف برنامج الاقتصاد السياسي إلى تقديم تحليلات معمّقة حول مختلف الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وإلقاء نظرة فاحصة على سياسات التقشُّف وانعدام المساواة، إضافةً إلى التحديات التي تواجه عمليات الإصلاح الاقتصادي، مسلِّطًا الضوء على العواقب الجيوسياسية الناجمة عن الأزمات الاقتصادية والمالية، والاستخدام المتزايد للأدوات الاقتصادية، على غرار الاستثمارات والأنشطة التجارية وموارد الطاقة، من أجل تحقيق أهداف السياسات العامة الإقليمية.
انخرطت المملكة، خلال فترة ربع القرن الماضية، في برنامج تحديث طموح يرمي إلى تحقيق استدامةٍ أكبر والدخول في سلاسل القيمة العالمية، على الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية المُحدقة.
وجّه مجلس التعاون الخليجي تركيز صادراته من موارد الطاقة نحو آسيا، ولا سيما الهند والصين، في إطار تحوّل أكبر تسعى خلاله دول الخليج إلى توسيع نطاق تحالفاتها الجيوسياسية بعيدًا من الغرب.
تعاني بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أوجه تفاوت عميقة ستؤثّر بشدّة على آفاق النمو الاقتصادي، والتماسك الاجتماعي، والاستقرار السياسي في مختلف أرجاء المنطقة.
منذ العام 2011، تلوح في الأفق التونسي أزمةٌ على مستوى الاقتصاد الكلّي، بدءًا من العجوزات المالية العميقة، ومرورًا بتقلُّص الحيّز المالي، ووصولًا إلى المفاوضات الصعبة مع صندوق النقد الدولي. ويواجه صنّاع القرار في هذا العام الانتخابي معضلة كبرى: فالإصلاحات الاقتصادية القاسية قد تشعل أزمةً اجتماعية سياسية، ولكن من دون هذه الإجراءات قد تدخل البلاد في دوّامة الانهيار الاقتصادي.
تُعدّ الأزمة الغذائية في لبنان، الناجمة عن نظام غير متكافئ يحرم المزارعين المحليين من الاضطلاع بدور فاعل ويُهمل البيئة، فرصةً أمام البلاد للبحث عن مسار جديد لتحقيق العدالة الغذائية.
فاقمت أزمات الغذاء والطاقة والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مكامن الضعف الاقتصادية الهيكلية للبلدان منخفضة ومتوسّطة الدخل، ولا سيما مصر وتونس ولبنان، ما أسفر عن ضغوط متزايدة على الأنظمة السياسية المحلية، وعمّق التهميش الجيوسياسي الذي تعاني منه هذه البلدان.
تهدّد الأزمات المالية الاستقرار في كلٍّ من مصر وتونس ولبنان. وعلى الرغم من الاصطفاف النادر لعوامل عدة مؤاتية للتغيير، سيظل مسار الإصلاح الاقتصادي محفوفًا بالتحديات على المستوى السياسي.
أدّى اعتماد مصر وتونس المتزايد على التمويل الخارجي إلى تهميشهما على مستوى الاقتصاد العالمي وفي المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.