المصدر: Getty
مقال

الإجهاد المائي ينذر بأزمة عطش في المغرب

تتعاظم المخاوف في المغرب من أزمة عطش تلوح في سماء المملكة، ويخشى المواطنون من صعوبات في الحصول على مياه الشرب، ما يشي بخطورة الوضع المائي في البلاد.

 سكينة نايت الرايس
نشرت في ١٣ فبراير ٢٠٢٤

أفادت المديرية العامة لهندسة المياه التابعة لوزارة التجهيز والماء بأن النسبة الإجمالية للسدود بالمغرب لا تتعدى 23,17 في المئة في الأحواض التسعة للمملكة بمعدل يبلغ 3 مليار و753 مليون متر مكعب، فيما كانت هذه النسبة تتجاوز 31 في المئة خلال نفس الفترة من السنة الماضية بمعدل 5 مليار و73 مليون متر مكعب.

تظهر المعطيات الرسمية عجزا في الكثير من الأحواض المائية مع تفاوت بين السدود في شمال المملكة وجنوبها، حيث سجلت أدنى نسبة ملء في حوض أم الربيع بـ 8 في المئة، يليه حوض سوس ماسة بنسبة 14 في المئة وحوض درعة واد نون بنسبة 15في المئة، فيما سجلت أعلى النسب بكل من حوض اللوكوس 56 في المئة وسبو 49 في المئة وتانسيفت 40 في المئة.

ترتبط حالة الإجهاد المائي في البلاد بعوامل عدة، منها ندرة التساقطات المطرية، حيث سجلت لأول مرة منذ سبعينيات القرن الماضي أقل نسبة من الأمطار لم تتجاوز 21 ملم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تزامنا مع موجات الحرارة التي تؤدي إلى فقدان المزيد من المياه المخزنة في السدود بفعل تبخرها، وهذا ما يضيع على المملكة ملايين الأمتار المكعبة من المياه سنويا.

إضافة إلى ذلك، هناك ظاهرة التوحل التي تعاني منها جل السدود المغربية وتتسبب في فقدانها أزيد من 70 مليون متر مكعب من المياه سنويا، فضلا عن الاستنزاف الناتج عن زراعة فواكه تتطلب كميات كبيرة من المياه مثل البطيخ والأفوكادو، وانتشار سلوكيات التبذير بين المواطنين.

ناقوس الخطر

دقت الحكومة المغربية ناقوس الخطر بشأن الأزمة المائية، حيث صرح وزير التجهيز والماء نزار بركة بأن البلاد لم يسبق أن عاشت مستوى شديد الجفاف كالذي تعيشه اليوم، ذلك أن هذه الوضعية مستمرة منذ خمس سنوات، فيما تظهر الأشهر الثلاثة الماضية أن سنة جافة أخرى تلوح في الأفق.

وأمام هذا الوضع، وجهت وزارة الداخلية مراسلة إلى الولاة والعمال والسلطات المحلية في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، نبهت فيها إلى التداعيات المحتملة لندرة الأمطار والمعدل الحرج لملء السدود، فيما دعت إلى تنفيذ إجراءات صارمة لترشيد استغلال الموارد الطبيعية من المياه.

من بين الإجراءات التي تم إقرارها، ترشيد استهلاك المياه اعتمادا على التحسيس بخطورة الوضع المائي وكشف التسربات الموجودة في خطوط الأنابيب الخاصة بالفاعلين في الإنتاج والتوزيع وإصلاحها، إضافة إلى محاربة كل أشكال الغش في استغلال الموارد المائية، مثل الربط العشوائي واستغلال أنابيب المياه. من جهة أخرى، منعت الوزارة سقي المساحات الخضراء والحدائق العامة وتنظيف الطرق والأماكن العامة باستخدام المياه، مع الاقتصار على ملء حمامات السباحة العامة والخاصة مرة واحدة في السنة.

مدى نجاعة الإجراءات

تتسم الإجراءات المتخذة حتى الآن بالبطء ومحدودية الأثر، في الوقت الذي تزيد فيه حدة الأزمة لتبلغ مستويات مقلقة. من الحلول التي يمكن اعتمادها أيضا، للتخفيف من حدة الأزمة، تعزيز تقنيات إعادة تدوير المياه ومعالجتها من أجل استخدامها في سقي المساحات الخضراء وفي الزراعة والصناعة وباقي القطاعات، إضافة إلى اعتماد تقنيات الري الحديثة وتشجيع الفلاحين على تبني ممارسات مستدامة لترشيد استهلاك المياه في سقي المحاصيل الزراعية، فضلا عن تشجيع البحث العلمي المتعلق بتقنيات تحلية مياه البحر وأنظمة الري المبتكرة. كذلك، ينبغي تسريع مشاريع تحلية مياه البحر لضمان الماء الصالح للشرب لسكان المدن الساحلية.

يتطلب حل أزمة المياه في المغرب التوعية ضرورة تبني عادات اقتصادية سليمة فيما يخص استهلاك المياه، والتنسيق بين الحكومة والمواطنين والجمعيات وكل الفاعلين لضمان استدامة استخدام المياه، وتحسين إدارتها لتلبية الاحتياجات الضرورية لجميع شرائح المجتمع.

سكينة نايت الرايس، صحفية مغربية حاصلة على الماجستير في الصحافة والإعلام، مهتمة بقضايا البيئة والجندرة والهجرة.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.