المصدر: بي بي سي نيوز
أصبح الرهائن أداة رئيسة للدعاية والحرب بالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي أثار موجة من الغضب والصدمة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن هذه الاستجابة العالمية تقف عاجزة عن كبح جماح هذه الاستراتيجية الإرهابية.
أصبح الرهائن أداة رئيسة للدعاية الإعلامية وللحرب على حد سواء بالنسبة إلى الدولة الإسلامية. فقد وسّع تنظيم الدولة الإسلامية الآن موجة عمليات قطع الرؤوس، التي كان بدأها بقتل رهائن محليين من سورية والعراق العام الماضي، لتشمل رهائن عرب وغربيين آخرين، الأمر الذي أثار موجة من الغضب والصدمة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن ردة الفعل العالمية تقف عاجزة عن كبح جماح هذه الاستراتيجية الإرهابية، إذ أن التنسيق الدولي بشأن كيفية تأمين الإفراج عن الرهائن يبدو ضعيفا.
ربما ينسق الائتلاف الذي تشكّل لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية جهوده العسكرية ما بين الضربات الجوية وبين عمليات تدريب المعارضة السورية، ولكن لايبدو أنه يمتلك خطّة منسّقة للتعامل مع مشكلة الرهائن. ويقال إن عدداً من الدول دفعت مبالغ مالية كبيرة على سبيل الفدية لمواطنيها المختطفين، في حين وافقت دول أخرى على عقد صفقات لتبادل الأسرى. وقد حاولت الولايات المتحدة إنقاذ بعض مواطنيها المحتجزين من خلال عملية عسكرية، غير أنها فشلت بسبب معلومات مخابراتية غير موثوقة عن مكان احتجازهم.إن عدم وجود استراتيجية متماسكة في هذا الصّدد، يتيح لتنظيم الدولة الإسلامية الاستمرار في محاولة زيادة مطالبه مقابل الإفراج عن المعتقلين. وفي الوقت نفسه، يبدو أن أقارب عدد من الرهائن أصبحوا في حيرة من أمرهم حول مكان وكيفية العمل من أجل الإفراج عن أحبائهم. وفي ظل عدم وجود خطط حكومية لتقديم الدعم والتوجيه لأولئك الأقارب، فقد لجأوا، نتيجة يأسهم، إلى تنظيم حملات عامة للفت الانتباه إلى محنة الرهائن.
انعدام الرحمة
غير أن الحملات العامة، مهما تكن حسنة النية، تنطوي على مجازفتين كبيرتين. فهي، أولاً، تجعل الرهائن المعنيين مرغوبين بصورة أكبر من جانب الدولة الإسلامية باعتبارهم "مغنماً". فكلما ارتفعت مكانة الرهينة، كلما ازدادت الشهرة (سوء السمعة) التي يحققها تنظيم الدولة الإسلامية جرّاء إعدامهم (أو أموال الفدية التي يحصل عليها نتيجة مبادلتهم).
ثانياً، كلما زاد عدد الرسائل الإعلامية التي تتوسّل عائلات الرهائن فيها إطلاق سراحهم، كلما شعر تنظيم الدولة بأنه أصبح أكثر سلطة وتمكّناً.
وتفشل أشرطة الفيديو التي يظهر فيها الآباء والزوجات والأصدقاء الواهنون وهم يتحدثون عن أحبائهم باعتبارهم "أشخاصاً طيبين" في التأثير في تنظيم يجرّد أعداءه من إنسانيتهم. وبدلاً من النظر إلى تلك الأسر كأفراد، يعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية ممثّلين لخصمه المنحطّ، كما يعتبر توسّلاتهم شواهد على العدو الذي يستجديهم صاغراً.
بالإضافة إلى ذلك، نادراً ما نجحت رسائل التوسّل، للاسف، كوسيلة لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم المنظمات الإرهابية. كما فشلت الحملات التي قادتها شخصيات إسلامية في دفع تنظيم الدولة الإسلامية لإطلاق سراح الرهائن.
وعليه، ينبغي أن تكون عملية قطع رأس "ألان هيننغ" عشية عطلة عيد الأضحى، على الرغم من الحملة واسعة النطاق التي تؤكّد احترامه للإسلام، بمثابة تحذير لأولئك الذين يفترضون أن تنظيم الدولة الإسلامية قد يتأثّر بالدعوات لاستخدام الرأفة. ولاينبغي أن توجَّه الحملات الاعلامية التي يقودها مسلمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية نفسه، بل إلى المسلمين بصورة عامة. كما يجب أن تحمل رسالة التحدّي والإدانة وليس الإذلال. فمن شأن التحدّي أن يؤدّي بصورة مباشرة إلى نزع الشرعية عن تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يستمدّ الكثير من قوته من صقل صورته باعتباره تنظيماً لايُهزَم.
ملابس برتقالية
هنا تبدو وسائل الإعلام هي الجاني الغافل. فلا تزال أجهزة الإعلام العالمية تعيد نشر المواد الدعائية التي يصدرها تنظيم الدولة الإسلامية. وهذا لايؤدّي سوى إلى منح التنظيم دعاية مجانية، خاصة أنه يعتمد على وسائل الإعلام لتعزيز صورته في سياق محاولة لزيادة وتيرة تجنيد أعضاء جدد في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من أن القنوات الإخبارية الغربية لاتبثّ أشرطة الفيديو التي تحوي مشاهد قطع الرؤوس، فإنها مستمرّة في إظهار لقطات من تلك الأشرطة. ذلك أن الصور التي تُظهِر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وهم يرتدون الملابس السوداء ويعلون فوق الرهائن الراكعين الذين يرتدون ملابس برتقالية، تعزّز فكرة الدولة الإسلامية كتنظيم قوي. وقد اختار التنظيم لون الملابس بصورة متعمّدة كي تشبه تلك التي يرتديها المعتقلون في معسكر غوانتانامو، ما يشير إلى انقلاب ديناميكيات القوة. وفي كل مرة يتم عرض مثل هذه الصورة، فإنها تعطي إشارة إلى المتعاطفين مع التنظيم بأنه يسيطر، وأنه منهمك في أعمال انتقامية ضد ظلم الغرب وحلفائه "الصليبيين".
لقد حان الوقت لأن تفكر الحكومات والمؤسّسات الإعلامية في الدور غير المباشر الذي تلعبه في تعزيز رسائل تنظيم الدولة الإسلامية. فأزمات الرهائن هي في قلب النقاش الذي ينبغي أن يتم بسرعة. وعليه يجب أن تكون بعض التدابير، مثل التعتيم الإعلامي والتوعية والتوجيه الحكومي لأسر الرهائن والتعاون الدولي حول كيفية التعامل مع الحالات الفردية للرهائن، أولويات بالنسبة إلى دول التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية. فهناك ثروة من المعلومات المفيدة المتاحة من أولئك الذين نجحوا في التفاوض على الإفراج عن الرهائن ومن المعتقلين الذين أطلق سراحهم.
ولن تبدأ الموجة الحالية من عمليات قطع الرؤوس في التلاشي إلا عندما يبدأ تنظيم الدولة الإسلامية في الاستنتاج أن احتجاز الرهائن لم يعد أداة سياسية ودعائية فعّالة. وتشترك السياسة الدولية والمجتمع الإعلامي في تحمّل مسؤولية المضيّ قُدُماً باتجاه تحقيق هذا الهدف.