كيف يمكن للسعودية إنقاذ نفسها من قضية رائف بدوي؟

جاء جلد رائف بدوي العلني في توقيتٍ حرجٍ بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، حيث أشار كثيرون إلى أوجه التشابه بين عنف الدولة الإسلامية وبين ممارسات تطبيق القانون في السعودية.

نشرت من قبل
ذي إندبندنت
 on ١٩ يناير ٢٠١٥

المصدر: ذي إندبندنت

جذب جلد رائف بدوي العلني الانتباهَ إلى النظام القضائي الغامض في المملكة العربية السعودية، مثيراً تساؤلات عمَّن له القدرة على إبطال الحكم عليه. المحاكم السعودية هي بمعظمها محاكم شرعية تُصدِر الأحكام استناداً إلى تفسير وهّابي متشدّد للفقه الإسلامي. والواقع أن السلطة العليا في القضاء هي المفتي العام الذي يرأس أيضاً هيئة كبار العلماء، أعلى سلطة دينية في البلاد. وفي حين توجد في البلاد أيضاً مراسيم مَلَكية ومحاكم غير دينية، إلا أنها لاتُعنى إلا بالحالات الإدارية كتلك المتعلّقة بالتجارة والقضايا العمالية. أما بدوي فاتُّهِم بالردّة، من بين اتهامات أخرى مثل تقويض النظام، وبالتالي جرى التعاطي مع قضيته حصرياً في المحكمة الشرعية.

لكن نظام المحاكم في المملكة هو أبعد مايكون عن الشفافية أو الاتساق. فالسوابق القضائية لاتُعتمَد، بل تُترَك الأحكام لاجتهاد القضاة الأفراد. إضافة إلى ذلك، تؤدّي الاعتبارات السياسية والقبَلية دوراً في تحديد نتائج الدعاوى القضائية. والأهم من ذلك كلّه هو أن الملك له الكلمة الفصل في الأحكام القضائية كافة. ففي العديد من المناسبات، أفلت أشخاص من الأحكام أو أُعيد النظر في أحكامهم نتيجة اجتهاد مَلَكي.

جاء جلد رائف بدوي في توقيتٍ حرجٍ بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية. ففي أعقاب صعود الحالة الجهادية في سورية وانخراط آلاف المواطنين السعوديين في المجموعات الجهادية هناك، تُحاول المملكة إعادة تصوير نفسها على أنها رائدة في مكافحة التطرف في الشرق الأوسط، عوضاً عن كونها ناشرة للإيديولوجية المتطرفة. وخوفاً من عدم الاستقرار الداخلي، تسلّم الملفَّ السوري وزيرُ الداخلية محمد بن نايف، الذي كان يشرف على البرامج المحلية الخاصة بالمملكة لمكافحة التطرف، وهو يحاول إبعاد السياسة السعودية عن دعم الجهادية كوسيلة لإسقاط النظام السوري. كما ندّد المفتي العام بتنظيم الدولة الإسلامية (الداعشية) في العراق والشام.

مع ذلك، أشار كثيرون إلى أوجه التشابه بين عنف الدولة الإسلامية وبين ممارسات تطبيق القانون في المملكة العربية السعودية، حيث لايزال الإعدام العلني بقطع الرأس شائعاً. لذلك، تواجه وزارة الداخلية ضغوطاً لإظهار أنها تخطو نحو الاعتدال، من دون أن تثير استياء هيئة كبار العلماء النافذة. لذلك، من الأفضل للمملكة العربية السعودية، كي تنقذ نفسها من قضية رائف بدوي، إصدار عفو ملكي أو على الأقل مراجعة الحكم الصادر بحقه لأسباب طبية أو غيرها. فمن شأن هذا الأمر حفظ ماء وجه القضاء وهيئة كبار العلماء، وإظهار المملكة بصورة أفضل على الصعيد الدولي، في وقت تقف فيه مصداقيتها في مكافحة الإرهاب على المحك.

نُشِر المقال أصلاً باللغة الإنكليزية في صحيفة ذي إندبندنت.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.