المصدر: Getty
مقال

فوز بايدن ينعش آمال التغيير في السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط

فيما يلي رصد لآراء وتوقعات كُتاب ومتخصصين يعربون عن أفكارهم ويعبرون عن آمالهم بخصوص الصراع في سوريا، والحرب في اليمن، والملف الإيراني، وملفات حقوق الإنسان في مصر والسعودية، وكذلك بشأن مسار التطبيع في المنطقة.

 رفيعة الطالعيتيم الحاججهاد الملاحمهيب زوىعادل مرزوقنزيهة سعيدمعتز الفجيريمُزن حسنكيرك سويل, و فرحات غوريني
نشرت في ١٠ نوفمبر ٢٠٢٠

المقدمة

رفيعة الطالعي، مستشارة التحرير المشاركة في "صدى" ببرنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي​. لمتابعتها عبر تويتر @raltalei.

تابع كثير من العرب، كما تابع العالم، الانتخابات الأميركية ونتائجها، واضعين نصب أعينهم احتمالات التغيير في ظل إدارة أميركية جديدة لا تشبه إدارة دونالد ترامب في عجرفتها وضربها الحائط بتقاليد الديمقراطية واحترام الاتفاقات الدولية. تابع العرب وجيرانهم، لاسيما هؤلاء الذين ترزح بلدانهم من حروب وصراعات وانتهاكات لحقوق الإنسان، هذه الانتخابات لرغبتهم في رؤية المآلات الديمقراطية وكيفية التعامل معهم، آملين أن تنتصر مبادئ الحق والعدالة والمساواة لأن هذا ما يأملون أن تصل إليه بلدانهم ذات مستقبل.

لكن هؤلاء المتابعين في منطقة الشرق الأوسط، وهم يراقبون المشهد الداخلي الأميركي وما قد تحدثه نتائج الانتخابات من تغييرات جذرية، يدركون أنه ليس بالضرورة أن تشهد السياسات الأميركية الخارجية تغييرات بنفس الحجم أو المستوى. ورغم ذلك يغلب الأمل لدى البعض على التوقع، ويقدمون رؤيتهم وأفكارهم هنا على صفحات صدى لما يأملون أن تقوم به الولايات المتحدة تجاه بلدانهم مع وجود رئيس جديد في البيت الأبيض. فيما يلي رصد لآراء وتوقعات كُتاب ومتخصصين يعربون عن أفكارهم ويعبرون عن آمالهم بخصوص الصراع في سوريا، والحرب في اليمن، والملف الإيراني، وملفات حقوق الإنسان في مصر والسعودية، وكذلك بشأن مسار التطبيع في المنطقة.

بايدن في سوريا: بين إرث ترامب واستحضار سياسة أوباما

تيم الحاج، صحفي ومعد تحقيقات وملفات في العمق في الشأن السوري. لمتابعته عبر تويتر @TaimAlhajj.

كانت السياسة الأميركية تجاه الملف السوري منذ بداية الثورة السورية، وحتى اليوم، أي قبل دخول جو بايدن البيت الأبيض، قائمة على احتواء المشكلة في سوريا وليس حلها.

كان ذلك واضحاً خلال إدارة باراك أوباما ومن بعده دونالد ترامب، لكن ورغم وضوح السياسة الأميركية في سوريا في عهدي أوباما وترامب، إلا أن كل منهما تسلح بأدوات مختلفة عن الآخر، مع رجحان الكفة لترامب، لجهة الحد بعض الشيء من النشاط الإيراني وفرض عقوبات على النظام السوري ورجالاته عبر قانون قيصر، إلى جانب تحجيم الدور الروسي في شمال شرقي سوريا ومنعه من الوصول إلى منابع النفط. إضافة إلى أن ترامب استطاع إمساك العصا من المنتصف مع الأتراك وسمح لهم بإيقاف ما تقول أنقرة إنه مشروع انفصالي تقوده قوات كردية داخل سوريا من جهة الحدود الجنوبية لتركيا.

أما أوباما فاتسمت سياسته بإطلاق خطوط حمراء وتهديدات، كانت دائما مُتجاهلة من قبل النظام السوري وشركائه، خاصة فيما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي، الذي قٌصف به المدنيون غير مرة، وفق ما وثقته كبريات المنظمات الحقوقية والإنسانية، وأثبتته لجان التحقيق الدولية.

اليوم ومع دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، يرى كثير من السوريين أن السياسة الأميركية في سوريا ستعود إلى الشكل الذي كانت عليه قبل عام 2016، أي وفق الخط الذي كان أوباما يسير عليه. ويبني السوريون هذا الاحتمال، كون الرئيس الجديد بايدن كان نائباً لأوباما خلال فترة حكمه، وأحد شركاء أوباما في وضع سياسة أميركا في سوريا.

وصحيح أن لـ بايدن مواقف ثابتة تجاه رفض إرسال قوات برية إلى سوريا وشن معارك هناك، إلا أنه قد يضطر لتغيير موقفه فالوجود الأميركي في سوريا اليوم، أمر واقع، ويختلف عما كان عليه في عهد أوباما. فاليوم القوات الأميركية التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة تسيطر على معظم حقول النفط الغنية في الحسكة ودير الزور، وتشكل هذه القوات حجر عثرة أمام النفوذ الروسي، الطامح نحو النفط.

وفي حال قرر بايدن الانسحاب العسكري فإن أوراق اللعبة ستُخلط على الفور، وستميل كفة روسيا والنظام السوري، وهذا الأخير ينقصه فقط النفط حتى يلتقط بعض الأنفاس، ليحرك عجلة اقتصاده. أرى أن بايدن اليوم يأتي إلى الملف السوري ليكمل ماكان يسير عليه سلفه ترامب من سياسة، ولعل المُنتظر من ساكن البيت الأبيض الجديد، من وجهة نظري، هو عدم العودة إلى سياسة أوباما المترددة، والمضي على أقل تقدير في خط العقوبات وفق قانون "قيصر"، أما عن دعم المعارضة السورية، فبايدن من أشد المعارضين لتسليح المعارضة، وعليه فإنه لن يغير رأيه اليوم بعد أن أصبح رئيساً والحال في سوريا وصلت إلى ما هي عليه.

هل يعود بايدن سريعاً إلى «الاتفاق النووي»؟

د. جهاد الملاح، كاتب صحفي وأستاذ جامعي متخصص في الإعلام . لمتابعته عبر تويتر@jihad_elmallah.

«إيران لا يهمها من سيفوز بالرئاسة الأميركية». هذا كان رأي المسؤولين في طهران. لكن أغنية أرسلتها فرقة «راب" إيرانية إلى الشعب الأميركي قالت كل شيء. الأغنية لم تذكر الجمهوري دونالد ترامب أو الديمقراطي جوزيف بايدن، إلا أن رسالتها كانت واضحة: انتخبوا بايدن!

الآن، وبعد أن فاز بايدن، وفي حال لم تحصل مفاجآت قانونية في نتائج الانتخابات، فما هي السياسة التي يُــتوقع أن تنتهجها الإدارة الجديدة إزاء إيران، خصوصاً أن الرئيس المنتخب كان قد أعلن نيته العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران في حال التزمت الأخيرة بتعهداتها؟

في الواقع، إذا كانت العلاقات الأميركية الدولية تشكل جزءاً مهماً من أجندة بايدن في المرحلة الأولى، فإن تلك العلاقات تحتاج الكثير من الترميم، لإصلاح مع أفسده ترامب، مع الحلفاء قبل الخصوم. وبالتالي ربما تتأخر معالجة الملف النووي، إذ لا بد أولاً من إعادة جمع الحلفاء، الذين كانوا جزءاً أساسياً من مفاوضات شاقة أدت إلى الاتفاق مع طهران عام 2015، وقد رفضوا قرار ترامب الانسحاب منه عام 2018.

في المقابل، ربما يفضّل بايدن، الذي يستعجل إلغاء إرث ترامب، عدم تأجيل الحسم في الملف النووي، إلى مرحلة لاحقة، أو إلى ولاية رئاسية ثانية، كما كان يفعل كثير من الرؤساء الأمريكيين في الملفات الخارجية، وذلك لسببيـن: أولاً حجم الضرر الذي حصل في عهد ترامب، وثانياً عمر الرئيس المنتخب (78 عاماً)، وهو أكبر رئيس سناً في التاريخ الأميركي، والذي قد يكون أقل نشاطاً في مرحلة لاحقة أو في ولاية ثانية.

ومن المتوقع أن يفتح ترميم علاقات الولايات المتحدة الدولية، وتحديداً مع الدول الأوروبية وروسيا والصين، قنوات من شأنها أن تساهم في إعادة إحياء الاتفاق النووي. ولا بد من الإشارة كذلك إلى أنه في حال استمر موقف بايدن من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حيث كان قد وصفه بــ«المستبد» وأكد دعمه للمعارضة التركية، فإن الأمر ربما يدفع واشنطن إلى تخفيف تأزيم العلاقة مع طهران، إذ إنها لن تخاصم تركيا وإيران معاً.

بطبيعة الحال، ومع معرفة أن إدارة ترامب قد تستغلّ الوقت المتبقي لها، لتشديد العقوبات على طهران، فسوف تلعب نتائج انتخابات مجلس الشيوخ، التي لم تتضح بشكل نهائي بعد، دوراً في تسهيل أو تعقيد خيارات بايدن، مع الإشارة إلى أن الانقسام الجمهوري الحاصل سيكون في صالح الإدارة الديمقراطية.

في المحصلة، من المستبعد أن يبدي بايدن ليونة سريعة ومباشرة مع إيران، وسيستمرّ في الضغط عليها وعلى القوى المتحالفة معها، خصوصاً في ظل المطالب الإسرائيلية، فضلاً عن سعي دول خليجية لاستمرار ذلك الضغط، انطلاقاً من البعدين السياسي والنفطي. لكن من توصّل الى الاتفاق النووي سابقاً كان الرئيس باراك أوباما ونائبه بايدن، وبالتالي ليس من السهولة التخلي عن ذلك الاتفاق الذي اعتبِر إنجازاً كبيراً في حينه.

أما على الجانب الإيراني، فإن إعلان مستشار الرئيس حسن روحاني أن «الجبان ترامب قد رحل»، يعني بشكل واضح أن خيار طهران كان بايدن، وبالتالي قد تلجأ إلى ملاقاته في منتصف الطريق، وربما أبعد، بعد أن أزيحت عنها «غمامة ترامب».

هل تُنهي دبلوماسية بايدن حرب اليمن؟

مهيب زوى، صحفي يمني وباحث في الإعلام والصحافة. لمتابعته عبر تويتر@moheebzawa.

بدا صلف ترامب مقلقًا في إدارة المصالح الأمريكية في المنطقة، لكن ما الذي سيقدمه هدوء بايدن ودبلوماسيته لإنهاء حرب اليمن؟

عندما أعلنت السعودية في 26 مارس/ آذار 2015 قيادة تحالف عربي وبدء الحرب ضد جماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014، ومساندة الحكومة المعترف بها دوليًا، كان بايدن نائبًا للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي بارك خطوة الرياض. وعندما تولى الجمهوري دونالد ترامب الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني 2017، وبدأ يدير مصالح الإدارة الأمريكية في المنطقة بعقلية رجل أعمال، أثارت صلافته الكثير من التوتر، لكنه كان الأكثر صدقًا ووضوحًا تجاه أهداف واشنطن.

في الأيام الماضية، انشغل العالم بالصراع الانتخابي بين ترامب وبايدن الذي وجه جزءا من حملته صوب البلد الأكثر توترًا: "سأنهي الحرب في اليمن"، تسمرت عيون اليمنيين على الشاشة يتابعون تفاصيل عملية الاقتراع في البلد الديمقراطي، الذي تتداول سلطته من خلال أصوات الناخبين، وكانت تطلعات اليمنيين تقف مع جون بايدن الذي قال إنه سينهي الحرب في بلدهم.

إذن: فاز بايدن.. ماذا عن حرب اليمن؟ في عام 1991 اعترض بايدن الديموقراطي على حرب الخليج أثناء ولاية بوش الأب، لكنه صَوَّت لغزو العراق في عام 2002 مع ولاية بوش الابن ولم يعترض على إعلان السعودية الحرب في اليمن، عندما كان نائبًا لـ أوباما الديمقراطي أيضاً. لدى بايدن تركة "ديموقراطية" منذ غزو العراق إلى بدء حرب اليمن التي لاتزال مستمرة في عامها السادس، بدعم لوجستي أمريكي يمثل الأساس فيها، فهل تتحقق وعود بايدن بإنهائها؟

يبدو أنه لا أمل؛ ذلك أن إنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن ضد الحوثيين، والتلويح برفع العقوبات عن طهران لا يعني بالضرورة انتهاء الحرب؛ فجماعة الحوثي، المدعومة إيرانيًا، تحكم قبضتها بجنون.

الواضح أنه: لن يختلف هدوء الديمقراطي بايدن عن جنون الجمهوري ترامب، فكلاهما يتفقان في: إبقاء الزعامة الأمريكية للعالم، لكن يبدو أن الحرب في اليمن قد أتت أكلها في نظر واشنطن وحان الوقت لوضع حل واتفاق سياسي، وهذا الذي سيحدث من خلال ضغط بايدن على السعودية.

التطبيع الخليجي الإسرائيلي: الأولويات تغيرت والإغراءات أقل

عادل مرزوق، رئيس تحرير "البيت الخليجي للدراسات والنشر" بالمملكة المتحدة. لمتابعته عبر تويتر @ADELMARZOOQ.

في 13 أغسطس/ آب الماضي قدم الرئيس المُنتخب جو بايدن تصريحًا رحب فيه باتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات واعتبره خطوة تاريخية تساعد على تخفيف التوتر والانقسامات العميقة في الشرق الأوسط. الرئيس وصف اعتراف الإمارات بدولة إسرائيل بالعمل المرحب به والشجاع مؤكدًا أن إدارة (بايدن وهاريس) ستسعى إلى البناء على هذا التقدم.

الأكثر من ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أن إدارة الرئيس بايدن في طريقها للتملص من الوفاء بسلة المزايا التي رافقت هذا الاتفاقات، سياسيًا وعسكريًا. ومع إقرار توني بلينكن، كبير المستشارين السياسيين للرئيس بايدن بأن بيع طائرات (F-35) للإمارات يترك انطباعًا بأنه نوع من "المقايضة" إلا أنه لم يذكر، لو تلميحًا، أن إدارة الرئيس بايدن ستقف ضد اتمام هذه الصفقة.

ولئن كان من المتوقع أن تستكمل إدارة الرئيس بايدن هذا المسار وأن تشجع كل من السعودية وقطر وعمان على المضي قدمًا في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، إلا أن عوامل أخرى ستؤثر على هذا المسار.

في البدء، سيكون على إدارة الرئيس بايدن مواجهة تحديات الداخل الأمريكي، في مقدمتها مواجهة جائحة COVID19 التي خلفت وراءها نحو 243 ألف حالة وفاة داخل الولايات المتحدة ومعالجة الآثار الاقتصادية المُترتبة عليها. يُضاف لذلك التعامل مع ما خلفته انتخابات الرئاسة الأخيرة واحتجاجات المواطنين السود وانقسامات مجتمعية حادة.

من جهة أخرى، يمكننا الزعم أن التطبيع الخليجي الإسرائيلي ولد في سياق يعتمد هدفين اثنين، المُضي في "صفقة القرن" أولًا ومواجهة العدو المشترك (إيران) ثانيًا. لا يبدو أن إدارة الرئيس بايدن ستكون طيعّة للقبول بعناوين الأهداف ومجموع الآليات والمعالجات التفصيلية التي انتهجتها الإدارة السابقة، خصوصًا مع تأكيد الرئيس بايدن دعمه لمسار المبادرة العربية ورفضه لسياسة ضم الأراضي وحرصه على قيام دولة فلسطينية "مستقرة" إلى جانب ضمان أمن إسرائيل. كذلك هو الحال فيما يتعلق بملف الصراع الأمريكي الإيراني الذي سيكون لإدارة الرئيس بايدن فهمٌ جديدٌ وآلياتٌ جديدةٌ في التعامل معه، قد لا تنجح هذه الآليات في استنساخ نتائج مرحلة الرئيس باراك أوباما، لكنها، بالتأكيد، لن تكون تصادمية كما هي عليه الآن.

مجموع هذه العوامل والمُتغيرات سيفرض واقعًا جديدًا على المنطقة ويوميات الصراع فيها وصولًا لتساؤل جديد: هل سيكون تطبيعُ العلاقات مع تل أبيب مغريًا للرياض، أو الدوحة، أو مسقط؟ ولماذا؟

آن الأوان لفتح ملفات حقوق الإنسان في السعودية

نزيهة سعيد، صحفية من البحرين، تكتب في مجال السياسة، وحقوق الانسان، والاقتصاد، وهي حائزة على "جائزة يوهان فيليب لحرية التعبير والصحافة" للعام 2014. لمتابعتها عبر تويتر @nazihasaeed.

عملت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب على مدار السنوات الأربع الماضية على معادلة، "اشتري سكوتي بالمال" فتغاضت الإدارة عن العديد من الانتهاكات وعلى رأسها مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي واعتقال الناشطات النساء وعلى رأسهن لجين الهذلول ونسيمة السادة، في مقابل صفقات السلاح والاستثمارات السعودية الضخمة التي قادها الأمير الشاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

أما ما ينبغي أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في الدورة الجديدة للهيئة التشريعية وإدارة البلاد برئاسة بايدن ، فإن هذه الملفات يجب أن تكون على رأس الأولويات: العدالة لمقتل خاشقجي الذي تم خلال محاكمة المتهمين التغاضي عن القتلة الحقيقيين ولم يتم الكشف عن المسئول الأول عن مقتله. وإطلاق سراح الناشطات المعتقلات، والدفع بالإدارة السعودية نحو إعطاء المرأة جميع حقوقها وإنهاء حالة التسول التي تعيشها النساء هناك لحقوق أساسية وطبيعية مقارنة بما وصلت إليه النساء حول العالم.

وينبغي على الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن التوسط لإيقاف الحرب التي دشنتها السعودية بقيادتها لتحالف عسكري على اليمن منذ ٢٠١٥ وحتى اليوم بشكل فوري، فقد تسبب هذه الحرب بمأساة إنسانية هي الأسوأ اليوم فيما يتعلق بالمجاعة وتوفر الحد الأدنى من الرعاية الصحية، حيث تسببت الحرب في مقتل وجَرحِ أكثر من ١٧٥٠٠ مدني، كما يعاني أكثر من ٢٠ مليون شخص في اليمن من انعدام الأمن الغذائي؛ منهم ١٠ ملايين معرضون لخطر المجاعة حسب هيومان رايتس ووتش.

عندما نصبت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها شرطيا على العالم، عليها أن تقوم بدورها كشرطي لتحسين أوضاع الشعوب والارتقاء بها ودمقرطتها ودعم شعوبها ليكون لها دور أكبر في اتخاذ القرار، بدلا من استغلال ثرواتها والتعاقد مع أنظمة ديكتاتورية تسهم بشكل أكبر في تدهور أوضاع الناس وزيادة القبضة الحديدية والترويج الزائف لحقوق الانسان سواء في السعودية بشكل خاص أو الخليج ككل.

تنصيب چو بايدن والذكرى العاشرة لربيع الحرية الذي لم يكتمل

معتز الفجيري، أكاديمي وناشط حقوقي مصري، مؤسس وعضو المنبر المصري لحقوق الإنسان، وهو عضو اللجنة التنفيذية للشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان. لمتابعته على تويتر @elfegiery.

في رؤيته لإنقاذ السياسية الخارجية الأمريكية بعد رحيل ترامب، تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب چو بايدن في مقاله بالفورين أفيرز في مارس/ آذار 2020، أن تكون من ضمن أولويات عودة أمريكا للقيادة الدولية تبني أجندة لمقاومة السلطوية والدفاع عن حقوق الإنسان داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية. سيتواكب تنصيب بايدن رئيسا في يناير / كانون الثاني 2021 تزامناً مع الذكرى العاشرة لاندلاع ثورات الربيع العربي بما تمثله من تطلعات لقيم الحرية والعدالة خاصة لدى الشباب الذين نالهم القسط الأكبر من السياسات الدموية للثورات المضادة. 

في مصر انقلب المشهد السياسي جذرياً اليوم مع تصاعد الاستبداد العسكري، وتفشي انتهاكات حقوق الانسان لمدى لم تعرف البلاد مثيلاً له من قبل. لقد صرح بايدن في تغريدة له على توتير في يوليو/ تموز 2020 "أنه لا شيكات على بياض مجدداً لديكتاتور ترامب المفضل"، وذلك في إشارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فعلى مدار أربع سنوات مثّل الرئيس ترامب صمام الأمان لحلفاء الولايات المتحدة من المستبدين في المنطقة العربية، وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي. لم يعد في مصر مساحة آمنه للتعبير عن المظالم وسط الحصار المنهجي للمجتمع المدني المستقل، ومصادرة الإعلام الحر، وهندسة البرلمان بواسطة الأجهزة الأمنية. ممارسة القمع الباطش دون رادع جعل من معارضة السلطات المصرية داخل البلاد مغامرة تحمل مُخاطرة جسيمة. إغلاق المجال العام والقمع المتواصل، وسط تدني الظروف المعيشية للمصريين لا يشكل ضماناً لاستقرار هذا النظام ولم يمنع المصريين من الغضب، ولو بشكل مستتر، ينتظر فرصة للتعبير عن نفسه؛ فالقبضة الأمنية لم تمنع جموع من المصريين في المناطق الأكثر فقراً وتهميشاً من الخروج للشوارع أكثر من مره على مدار العامين الأخيرين، وبشكل عفوي. 

تعطي الحكومة المصرية وزناً كبيراً لعلاقاتها السياسية والعسكرية مع الولايات المتحدة، الأمر الذي انعكس على شعور كثير من الإعلامين المقربين من السلطة الحاكمة، والأجهزة الأمنية بخيبة الأمل فور الإعلان عن فوز بايدن. سيكون من السذاجة توقع أن تتبنى الإدارة الامريكية الجديدة ثورة أخلاقية في علاقتها بالحكومة المصرية في ظل مناخ إقليمي ودولي متقلب، لكن تستطيع عبر مختلف أدوات علاقاتها الثنائية مع مصر الدفع باتجاه الإفراج عن السجناء السياسيين، ووقف التنكيل بحركة حقوق الانسان المستقلة، وتوسيع هامش التسامح مع المعارضة السياسية، وعدم قبول توظيف دعمها للجيش كغطاء لسلوكيات غاشمة ودموية لا تخدم مكافحة الإرهاب. إدماج حقوق الانسان بشكل مستمر على مستوى الخطاب الدبلوماسي الثنائي وفي مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يوفر مناخاً دوليا أكثر ترحيباً بأنشطة المدافعين عن حقوق الانسان. إن وقوف الإدارة الامريكية الجديدة الى جانب المدافعين عن حقوق الانسان والديمقراطية في مصر أمر لا يقتضيه فقط الانحياز للقيم الإنسانية العالمية التي تحدث عنها بايدن في أكثر من مناسبة، ولكنه أضحى ضرورة لمواجهة التداعيات الكارثية لسياسات هذا النظام الحاكم على تماسك واستقرار المجتمع المصري. 

نظرة نسوية مصرية لسياسات الولايات المتحدة

مُزن حسن،  المديرة التنفيذية لمنظمة نظرة للدراسات النسوية بالقاهرة. لمتابعتها عبر تويتر@Mozn.

من موقعي كناشطة نسوية مصرية أود التركيز على تأثير نتائج انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية على وضع النساء في بلدي وفي منطقة الشرق الأوسط عموما. في البداية يجب الإشارة إلى أن عمل المجموعات والمؤسسات النسوية في بلادنا يأتي في إطار حركة محلية هي أيضا جزء من حركة عالمية واسعة، ومن نظام عالمي يتفاعل مع القضايا ذات الصلة ويؤثر عليها.

يتعامل أغلب الساسة في أمريكا مع قضايا النساء باعتبارها بعيدة تماما عن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. فبعضهم يدعم الحكومات الدكتاتورية بدعوى أنها تقدم إصلاحات تهدف للنهوض بأوضاع النساء، رغم أن هذه الإصلاحات هي في الأغلب هشة وغير مستدامة. أما البعض الآخر فيدعم تيارات معارضة مناهضة لقضايا الحقوق والحريات وتناصب النساء وقضاياهن العداء من الأصل.

وفي مصر الآن، هناك العديد من النشطاء الديمقراطيين في السجون، ومنهم مثلا حسام مؤنس بما في ذلك ناشطات نساء من كافة التيارات السياسية يواجهن اتهامات بالإرهاب، مثل إسراء عبد الفتاح. وهناك العديد من الفتيات اللاتي يواجهن اتهامات بجرائم أخلاقية تعرضهن للحبس لمدة لا تقل عن سنتين، بسبب نشاطهن على موقع التواصل الاجتماعي "تيك توك". وتتفشى في مصر قضايا العنف الجنسي التي يصعب مواجهتها لغياب الإرادة السياسية لوقف تلك الجرائم. كما أن أوضاع النساء الاقتصادية تزداد سوءا في ظل تبعات كوفيد 19، وكل ذلك في ظل غياب مجتمع مدني فاعل، واستهداف مؤسسات المجتمع المدني التي تعني بالعمل مباشرة مع النساء أو العمل على وضع سياسات تحسن أوضاع النساء.

ولطالما طالبنا بالعديد من الإجراءات لتحسين أوضاع النساء، وفي مقدمتها الإفراج عن النشطاء والناشطات داخل السجون المصرية، وإقرار سياسات تضع النساء على أولوياتها في مختلف القضايا، ووضع سياسات نسوية فعالة تأخذ في الاعتبار وضع مصر من كافة الجوانب ووجود النساء بها، وتسعى إلى إقرار موازنة تراعي قضايا النساء وأولوياتها، ووضع آلية سياسية وطنية فاعلة تطبق وتراقب تطبيق تلك السياسات في كافة مؤسسات الدولة. وكل ذلك لا يمكن ان يطبق بفاعلية وشفافية دون وجود مجتمع مدني وحركة نسوية مستقلة وفاعلة تعمل دون تهديد داخل نظام يسعى للديمقراطية ويكفل الأدوات اللازمة لممارستها.

استمعوا للنساء الناشطات داخل مجتمعاتهن فهن الأقدر على تحليل أوضاعهن واقتراح سياساتهن.

لينتقِ بايدن كلماته بدقة عند الحديث عن العراق

كيرك سويل، ناشر الرسالة الإخبارية التي تصدر كل أسبوعَين Inside Iraqi Politics . لمتابعته عبر تويتر @uticarisk.

فيما يستعد بايدن لتسلّم سدّة الرئاسة الأميركية، يشهد العراق فصلاً آخر من فصول أزمته السياسية التي تبدو مستمرة ومقترنة بأزمات أمنية متعددة، منها التهديد الذي يمثّله الجهاديون السنّة والميليشيات الشيعية، إضافةً إلى العمليات التركية في الشمال، وكذلك مع أزمةٍ مالية تزداد حدّة. لا تستطيع أي إدارة أميركية إيجاد حلول للمشكلات العراقية، ولكن التصريحات الاستفزازية على لسان كبار المسؤولين قد تؤدّي إلى تعقيد السياسات، ولا شك في أنها تصعّب الأمور على السياسيين العراقيين الذين تربطهم صداقة بالولايات المتحدة. أنصح بتجنّب الإدلاء بتصريحات علنية عن السياسة الداخلية العراقية، لا سيما التصريحات التي تتطرق إلى الشؤون الإثنية والمذهبية. وفي حين أن عدداً كبيراً من الأميركيين نسي الأمر، لا يزال بايدن يرتبط ارتباطاً وثيقاً، في أذهان العراقيين، بخطةٍ مثيرة للجدل دافع عنها عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، وتقوم على إنشاء مناطق حكم ذاتي للعرب السنّة والشيعة، وكذلك للأكراد. وقد تناولت وسائل الإعلام العراقية المسألة من جديد قبل الانتخابات الأميركية، وتوقّعت شخصيات سياسية شيعية وسنّية على السواء أن يتدخّل الرئيس بايدن في المشاحنات الداخلية العراقية.

وفي ما يتعلق بالأزمات الأمنية التي يعاني منها العراق، ثمة خيارات متاحة لطرد الميليشيات المدعومة من إيران من المناطق الحسّاسة في بغداد، ولكن غالب الظن أن الجهود الهادفة إلى تحقيق تحوّل أوسع سوف تصطدم بعراقيل أكبر بسبب ضعف المؤسسات العراقية. تُطبَّق في البلاد برامج تدريبية عسكرية منذ عام 2003، ولكن وحدها البرامج التي تركّز على وحدات النخبة الصغيرة تمكّنت من تحقيق نتائج.

يشهد العراق أيضاً أزمة مالية عميقة سوف تتسبب على الأرجح بركود اقتصادي في سنة 2021. قد يكون التراجع في أسعار النفط من الأسباب خلف هذه الأزمة، ولكن جوهر المشكلة يكمن في تضخّم القطاع العام ومحدودية الاستثمارات الرأسمالية مقرونةً بالاعتماد شبه التام على الإيرادات النفطية. في حزيران/يونيو الماضي، عرقل مجلس النواب العراقي إجراءات معتدلة اتخذتها الحكومة الحالية لإصلاح مالية الدولة. يمكن للولايات المتحدة مساعدة العراق من خلال نفوذها لدى صندوق النقد الدولي حيث يمكنها الضغط لتقديم مساعدة استثنائية للعراق، ولكن مثل هذه المساعدات سوف تقترن بشروط صارمة تتطلب خفوضات كبيرة ودائمة في النفقات التشغيلية ترافقها زيادات طويلة الأمد في الاستثمار في البنى التحتية. ونظراً إلى طبيعة هيكلية التكاليف في العراق، وحتى عندما كانت أسعار النفط تتراوح من 60 إلى 70 دولاراً أميركياً، فقد أُنفِقت جميع الإيرادات تقريباً كي تتمكن الحكومة من الاستمرار في عملها. وفي غياب الإصلاحات الهيكلية، بما فيها الإصلاحات التي تدعو إليها الحكومة العراقية، تخوض البلاد معركة مستمرة للحفاظ على ملاءتها، وقد تتخلف عن سداد ديونها.

هل حان وقت الصلابة في التعامل مع تركيا؟

فرحات غوريني، صحفي يعمل لحسابه الخاص مقيم في لندن يركّز في كتاباته على المسألة القومية الكردية والسياسة التركية. لمتابعته عبر تويتر @FerhatGurini.

ليس سراً أن علاقة ترامب بأردوغان هي علاقة ودّية على نحوٍ مفاجئ، ما دفع ببعض المعلّقين إلى وصفه بأنه الرئيس الأكثر موالاةً لتركيا في التاريخ الأميركي. وليس سراً أن ترامب تصرّف، خلال ولايته، عكس التوقعات عن الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الرئيس الأميركي، وينطبق ذلك بصورة خاصة على تعاطيه مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى درجة أنه فكّر حتى في خيار الانسحاب من هذا الحلف العسكري الدولي.

ومع وقوف بايدن على أعتاب البيت الأبيض، غالب الظن أن تجديد الثقة بطريقة عمل الناتو سيكون من أبرز أولوياته. ومن أكبر الانقسامات الداخلية التي يواجهها الناتو في الوقت الراهن التشنجات المتزايدة بين اليونان وتركيا في شرق المتوسط على خلفية التنقيب عن الغاز. المشكلة بإيجاز هي أن اليونان تعتبر أنه يجب منحها منطقة اقتصادية خالصة، في حين أن تركيا تحتج بأن البر الرئيسي الأناضولي هو جرف قاري بحد ذاته، ما يحدّ تالياً من نطاق الجزر اليونانية. وبسبب غياب القيادة الأميركية في هذا المجال (حتى تاريخه)، انتقلت هذه المسألة من عهدة الناتو وباتت محصورة بالاتحاد الأوروبي. ولكن الاتحاد الأوروبي منقسم، ولم تتمكن الدولتان الأساسيتان في الاتحاد من القيام بتحرك موحّد، فقد تبنّت ألمانيا دور الوساطة في حين تسعى فرنسا إلى فرض عقوبات. ولذلك فإن التعامل مع التشنجات في شرق المتوسط يتيح فرصة لإنعاش الناتو وتأكيد القيادة الأميركية داخل الحلف.

قد لا يتمكن بايدن من منع تركيا من إثبات وجودها في شرق المتوسط، ولكن بإمكان الولايات المتحدة أن تدفع أنقرة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات. من المهم الإشارة إلى أن رد الفعل الأول لتركيا، لدى إسقاطها طائرة روسية في عام 2015، كان الاستعانة بالناتو حفاظاً على أمنها. وكذلك، إزاء التهديد المتزايد الذي اعتمدته روسيا تجاه تركيا بعد حادثة 2015، قدّمت أنقرة في نهاية المطاف اعتذاراً إلى موسكو في حزيران/يونيو 2016. وعلى المنوال نفسه، عندما فرضت الولايات المتحدة رسوماً على صادرات الصلب التركية في آب/أغسطس 2018، رداً على احتجاز القس أندرو برونسون، أُرغِمت تركيا في نهاية المطاف على إطلاق سراحه.

بعبارة أخرى، الصلابة في التعامل هي أسلوب ناجح في التعاطي مع تركيا. والآن مع ظهور تصدّعات في العلاقات التركية-الروسية، وبعد خسارة تركيا حليفها الأهم في واشنطن (ترامب)، لدى أنقرة حاجة كبيرة إلى الأمان والتكيّف مع بايدن. لقد عبّر بايدن علناً عن انتقاده لأردوغان، ولدى تسلّمه منصبه، سوف يواجه أيضاً ضغوطاً من الكونغرس لتطبيق العقوبات على تركيا على خلفية اختبارها لمنظومة "إس 400" الصاروخية. إذاً من شأن بايدن أن يتخذ خطوات للحؤول دون ابتعاد تركيا عن الناتو والولايات المتحدة، إنما على تركيا أن تتوقّع أن واشنطن سوف تتصدّى لأجندتها في شرق المتوسط.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.