المصدر: Getty

التقاعس الخطر: تونس لم تعد تحتمل أي تأخير في إنجاز منطقة التجارة الحرة الحدودية

تعثّر مشروع إنشاء منطقة للتجارة الحرة والخدمات اللوجستية في بنقردان، فيما تسير مشاريع مماثلة في ليبيا على قدم وساق. وإذا تحرّكت السلطات التونسية بسرعة لإحياء هذه الخطة، قد تسهم في التعافي الاقتصادي وتبثّ الأمل في نفوس سكان المناطق الحدودية المهمّشة.

نشرت في ١٤ مايو ٢٠٢٤

ملخّص

أعلنت تونس، في العام 2012، عن إنشاء منطقة للتجارة الحرة والخدمات اللوجستية في بنقردان بالقرب من الحدود الليبية، بهدف تطوير المناطق الحدودية المهمّشة في جنوب شرق البلاد وإضفاء الطابع الرسمي على الأفرقاء الاقتصاديين غير الرسميين. مع ذلك، تعثّرت الخطة بسبب المقاومة المؤسّسية، والانقسامات السياسية، والعجز عن استغلال التنافس الجيوسياسي الدولي لصالح تونس. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، قد يفقد المشروع أهميته بسبب مناطق التجارة الحرة الناشئة في ليبيا، ما يحرم تونس من العائدات التي يحتاجها اقتصادها المتداعي.

نقاط أساسية

  • لطالما اعتمدت المنطقة الحدودية التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية العابرة للحدود. وكانت الدولة متساهلة مع هذه الأنشطة باعتبارها تعزّز الاستقرار الاجتماعي في منطقة فقيرة.
  • أحدثت الانتفاضات في تونس وليبيا خلال العامَين 2010 و2011 خللًا في الاقتصاد الحدودي. وتسبّب تفكّك المشهد الأمني في ليبيا، وانهيار سلاسل الإمداد، واتّخاذ تدابير أمنية مشدّدة عند الحدود التونسية، بمفاقمة المعاناة التي يعيشها سكان المناطق الحدودية، ما دفع السلطات إلى اقتراح حلّ إنشاء منطقة التجارة الحرة في بنقردان.
  • تهدف منطقة التجارة الحرة إلى تحسين البنية التحتية للتجارة والاستثمار، والمساهمة في النمو الاقتصادي الجهوي، وتشجيع روّاد الأعمال في الاقتصاد غير الرسمي على إضفاء الطابع الرسمي على أنشطتهم.
  • واجه المشروع تأخيرات عدّة ناجمة عن شوائب مفهومية، ومفاوضات حول حقوق الملكية، والمقاومة المؤسّسية المتعلقة بالحوافز الضريبية والتنظيمات المرتبطة بالعملة في منطقة التجارة الحرة، والتنافس بين النخب الاقتصادية، والالتباس المحيط بمشاركة تونس في المنافسة الدولية على الطرقات التجارية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

خلاصات وتوصيات

  • يتعيّن على السلطات التونسية إحياء مشروع منطقة التجارة الحرة في أقرب وقت ممكن، للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية التونسية وبثّ الأمل في نفوس سكان المنطقة الحدودية.
  • تحتاج تونس بصورة عاجلة إلى صياغة إطار تنظيمي وتحفيزي جاذب لمنطقة التجارة الحرة في بنقردان من أجل جذب المستثمرين التونسيين والأجانب. وسيعتمد نجاحها أيضًا على استراتيجية ذات مصداقية ترمي إلى إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد غير الرسمي، إذ إن منطقة التجارة الحرة لن تغطّي السلع الأساسية التي يتم نقلها بشكل غير رسمي، كالبنزين والسجائر.
  • سيؤدي الفشل في حجز موقع لتونس ضمن بيئة إقليمية وعالمية تنافسية، وهو ما ستعزّزه منطقة التجارة الحرة، إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية التونسية. لكن تونس تجد نفسها لغاية الآن مسرحًا للتنافس بين الصين والدول الغربية.
  • يتمثّل أحد عناصر هذا التموضع الإقليمي والعالمي في إقامة شراكة مع مشغّل دولي استراتيجي من القطاع الخاص للاستثمار في منطقة التجارة الحرة، لكن تمّ تأجيل هذه العملية منذ العام 2015.
  • لعامل الوقت أهمية جوهرية، إذ إن بعض المدن في غرب ليبيا تعمل على تنفيذ مشاريع مماثلة، وسبق أن أنشأت مصراتة منطقة تجارة حرة وتنوي زوارة أن تحذو حذوها. ومن شأن التقدّم المستمر على هذا الصعيد في ليبيا أن يُفقد مشروع بنقردان أهميته قريبًا.

مقدّمة

لطالما اعتمدت المنطقة الحدودية التونسية الليبية حول مدينة بنقردان في جنوب شرق تونس على التجارة غير الرسمية العابرة للحدود.1 وقد تسامحت السلطات مع هذه الأنشطة باعتبارها تعزّز الاستقرار الاجتماعي في منطقة طرفية مهمّشة منذ فترة طويلة. لقد ازدهرت التجارة العابرة الحدود، الرسمية وغير الرسمية، لأكثر من عقدَين، خلال عهد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والزعيم الليبي معمر القذافي، لكنها تراجعت عقب انتفاضتَي 2010-2011 اللتَين اجتاحتا كلًّا من تونس وليبيا وأسفرتا عن إطاحة الرئيسَين.2

أدّت التطورات على جانبَي الحدود إلى تقلّص التدفقات التجارية.3 ففي ليبيا، أسفر احتدام الصراع بين المجموعات المسلحة في المناطق الغربية من البلاد بعد سقوط القذافي إلى تدهور الوضع الاقتصادي. وفي تونس، شملت الجهود التي بذلتها السلطات لضمان عدم انتقال اللااستقرار في ليبيا عبر الحدود تطبيق إجراءات أمن حدودية مُشدّدة بدءًا من العام 2014.4 وأثّرت هذه العوامل سلبًا على المناطق الحدودية في جنوب شرق تونس. وتسبّبت التحديات الناجمة عنها ببروز حركات احتجاجية متكرّرة في بنقردان، وبتفاقم التظلمات الشعبية الناتجة عن تهميش هذه الجهة.5

وفي العام 2012، دفع تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحكومة التونسية للمبادرة إلى مشروع يمكن أن يشكّل منعطفًا تحوليًا، وهو إنشاء منطقة للتجارة الحرة والخدمات اللوجستية في بنقردان.6 سعت الحكومة في الدرجة الأولى إلى تحقيق أمرَين، هما: تقليص خسائرها من العائدات الناجمة عن التجارة غير الرسمية وتنشيط المنطقة الحدودية. وتهدف الخطة، إلى جانب تطوير المناطق الحدودية للتخفيف من السخط الاجتماعي، إلى إضفاء الطابع الرسمي على القطاع غير الرسمي عن طريق تشجيع الفاعلين في الاقتصاد غير الرسمي على الاستفادة من التسهيلات المقدّمة وقوننة أنشطتهم، ما من شأنه أن يسهم في استحداث فرص عمل جديدة وتعزيز الصادرات.

من المقرّر أن تتولّى منطقة التجارة الحرة تقديم خدمات التخزين والحفظ والتوزيع، وأن تعمد في الدرجة الأولى إلى إعادة تصدير السلع المستوردة إلى كلٍّ من ليبيا ودول أفريقية أخرى وإلى أوروبا.7 ومن شأن هذه المنطقة، التي تقع على بعد 45 كيلومترًا من ميناء جرجيس و60 كيلومترًا من مطار جربة، أن تحقّق طموحات الحكومات المتعاقبة بعد العام 2011 الرامية إلى تحويل جنوب شرق تونس إلى مركز تجاري ولوجستي. لكن يتعيّن على منطقة التجارة الحرة في بنقردان الاستثمار في مساحات التخزين والبنى التحتية العالية الجودة والمرافق التي تقدّم خدمات لوجستية، كي تكون قادرة على المنافسة وجذب الاهتمام. ولا بدّ من أن تقدّم للمستثمرين مجموعة من التنظيمات والحوافز الملائمة، كضرائب أقل، وأنظمة جمركية خاصة، ونظام عملة مرن.

على الرغم من الدعم الحكومي الذي يحظى به المشروع، لا يزال التقدّم بطيئًا. فقد أعلنت الحكومة في العام 2019 أن منطقة التجارة الحرة ستكون جاهزة في العام 2021. لكن حتى آب/أغسطس 2022، لم يجرِ افتتاحها بعد،8 ومن المتوقّع أن يستمر التأخير في إتمام المشروع. في آذار/مارس من العام 2022، أعلنت الدولة عن إنشاء الشركة التي ستشغّل منطقة التجارة الحرة عبر شراكة بين القطاعَين العام والخاص،9 بيد أنها لم تعثر لغاية الآن على شريك أجنبي استراتيجي لمشاركتها في المشروع، ناهيك عن أنها لم تقم بوضع نموذج جاذب لبدء العمليات، بل إن عملية تنظيم مناقصة دولية لاختيار شريك أجنبي لا تزال معلّقة.10

ويُعزى الفشل في تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة إلى عوامل عدّة، بما فيها المقاومة المؤسّسية في تونس، والانقسامات السياسية في كلٍّ من تونس وليبيا، والقضايا الجيوسياسية، التي تقوّض جميعها المحاولات الرامية إلى تطوير المنطقة الحدودية. يقف مشروع منطقة التجارة الحرة اليوم عند مفترق طرق، وإن تواصلت العقبات، ستدفع تونس باهظًا ثمن ذلك، إذ يشكّل التأخّر في إضفاء الطابع الرسمي على التجارة غير الرسمية فرصًا ضائعة على مستوى التجارة عبر الحدود، في وقتٍ تحتاج تونس إلى زيادة عائداتها. وسيستمر تفاقم التظلمات الاجتماعية التي يرزح تحت وطأتها سكان الحدود، ما يؤجّج حالة اللااستقرار ويجرّد السلطات السياسية من شرعيتها. كذلك، من شأن حالة الجمود المستمرة أن تُفقد المشروع جدواه باطّراد، إذ سبق أن بدأت مدن في غرب ليبيا الاستثمار في بناء مناطق تجارة حرة خاصة بها.11 ولا تستطيع تونس تحمّل مثل هذه التداعيات نظرًا إلى أنها تتخبّط في أزمة اقتصادية خطيرة.

الاضطرابات المتزايدة على طول الحدود التونسية الليبية

لطالما كانت التجارة غير الرسمية العابرة للحدود قوّةً محرّكة للاقتصاد التونسي، إذ تؤدّي دورًا مهمًا في سلاسل الإمداد. فمن خلال توفير النفط والسلع الرخيصة الثمن من ليبيا، عزّزت التجارة غير الرسمية الاستقرار الاجتماعي في جنوب شرق تونس الذي يعاني قصورًا فادحًا في التنمية.12 وأرغمت الانتفاضات في تونس وليبيا، من خلال وضع حدٍّ للترتيبات الحدودية القديمة وإحداث خلل في الاقتصاد الحدودي، الحكومات التونسية المتعاقبة على إعادة النظر في خياراتها والتأقلم مع وضع غير مؤاتٍ إطلاقًا.

خلال سنوات حكم بن علي بين العامَين 1987 و2011، استغلّت مجموعة من التجار من الفروقات الكبيرة في الأسعار عبر الحدود بين تونس وليبيا، وزوّدت الاقتصاد التونسي بمجموعة واسعة ومتنوّعة من السلع، بما فيها الأدوات المنزلية، والملابس، وقطع غيار السيارات، والأجهزة الإلكترونية، والتبغ، والمحروقات الرخيصة التي شكّلت السلع الأهم.13 وخارج الإطار القانوني، انطوى الاقتصاد الحدودي على نوعَين من التبادلات: التهريب والتجارة غير الرسمية. وفيما حرص المهربون على تجنّب عبور الحدود بالكامل، متفادين الضوابط الجمركية عند الحدود وإشراف الأجهزة الأمنية، تجنّب التجار غير الرسميين الذين ينقلون السلع عن طريق معبر رأس جدير الحدودي، جزئيًا التنظيمات المتعلقة بالتجارة وقاموا بالتصريح عن أسعار سلعهم بأقل من قيمتها الحقيقية. وبموجب هذا النظام الاحتيالي، عمد ضباط الجمارك إلى تحديد التعرفة الجمركية للسلع بأقل من قيمتها الفعلية مقابل رشاوى وعمولات.14

تساهلت الأجهزة الأمنية مع التجارة غير الرسمية عبر الحدود، لكن ذلك لم يعنِ أن الحكومة كانت عاجزة عن إنفاذ القانون. بل، من خلال الإحجام عن ذلك، تمكّنت الأجهزة الأمنية من إنشاء شبكات زبائنية في أوساط الأشخاص المعتمدين على تساهلها، فاعتُبرت التجارة غير الرسمية بمثابة صمّام أمان للمنطقة، ما سمح لغالبية الناس بممارسة أنشطة اقتصادية صغيرة النطاق كوسيلة لكسب رزقهم، فيما عمدت قلّة سعيدة إلى مراكمة الثروات.15 وكان هذا التساهل الرسمي جزءًا من مقاربة منخفضة الكلفة للحوكمة في المناطق الحدودية. فنظرًا إلى غياب التنمية المدعومة من الحكومة في هذه المناطق الحدودية عمومًا، كانت هذه المناطق أكثر قابلية لزعزعة الاستقرار والاحتجاجات في حال اختارت السلطات الجمركية والشرطة مكافحة التجارة غير الرسمية. فبالنسبة إلى السكان الذين عانوا مطوَّلًا من إهمال الدولة لهم على المستويَين الاجتماعي والاقتصادي، غالبًا ما كانت العائدات التي يحصلون عليها من التجارة غير الرسمية البديل الحيوي الوحيد. وقد أدرك نظام بن علي أهمية السماح لمثل هذه الأنشطة التجارية بالاستمرار.16

بعد سقوط نظامَي بن علي والقذافي، اتّسعت المشاركة في اقتصاد الحدود متجاوزةً الدوائر التي شكّلها سابقًا زبائن الأجهزة الأمنية.17 وأدّى انخراط المجموعات المسلحة الليبية في تهريب السلع غير المشروعة، على غرار الأدوية والمخدرات والمشروبات الكحولية، إلى نشوء روابط بين اقتصاد الحرب واقتصاد الحدود في غرب ليبيا. وأسفر التنافس الشرس في أوساط الشبكات التجارية والتداعيات المترتبة عن انخراط الميليشيات في شبكات الحماية عن عرقلة الترتيبات التي كانت قائمة سابقًا.18

غداة إطاحة القذافي في تشرين الأول/أكتوير من العام 2011، بدأت مدينة زوارة الأمازيغية، التي كانت مهمّشة سياسيًا وأُقصيت عن اقتصاد الحدود طيلة عهده، بالاضطلاع بدور أبرز.19 فقد استولت ميليشيا زوارة على رأس جدير وضمّت رسميًا المعبر الحدودي إلى المنطقة الإدارية الواقعة تحت سيطرة بلدية زوارة. وشكّل ذلك خطوة مهمة نحو تحويل المدينة إلى مركز قوة حقيقي في بلد كان يزداد انقسامًا.20 وأدّى تنامي الدور التجاري والعسكري لمدينة زوارة، التي بقيت تحت سيطرة السلطة الاسمية للحكومة الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها، إنما تمتّعت بدرجة واسعة من الحكم الذاتي، إلى زعزعة استقرار الشبكات التجارية التي كانت قائمة بين تجار بنقردان ونظرائهم من المدن العربية في غرب ليبيا.21 وقد أثّرت إعادة رسم المشهد السياسي-العسكري على الاقتصاد الحدودي. ولكي يمارسوا العمل مع شركائهم التجاريين التقليديين من زلطن والجميل والعجيلات ورقدالين وأماكن أخرى، تعيّن على التجار التونسيين تقبّل حقيقة أن الأمازيغ الزواريين، الذين كانت علاقاتهم معهم متوترة، يسيطرون على المعبر الحدودي.

واقع الحال أن السيطرة على المعابر الحدودية أضحت عاملًا استراتيجيًا في التنافس الاقتصادي وسياسات الهوية في غرب ليبيا. ففي نالوت، وهي بلدة أمازيغية أخرى، استولت ميليشيا محلية على معبر الذهيبة–وازن الحدودي القريب منها.22 والجدير بالذكر أن رأس جدير والذهيبة-وازن هما المعبران الحدوديان الوحيدان بين تونس وليبيا. وفيما يُعتبر الأول ممرًا للبضائع والركاب، خُصِّص الثاني تاريخيًا وبشكل حصري للركاب. وفي العام 2015، أعلنت الحكومة التونسية برئاسة الحبيب الصيد أنها ستسمح بنقل السلع عبر معبر الذهيبة-وازن أيضًا، بيد أن هذا القرار لم يُطبّق بعد بسبب التأخير المتكرّر وأشغال توسيع المعبر.23

منذ أن تداعى بنيان ليبيا كدولة موحّدة عَقِب اندلاع الحرب الأهلية فيها في العام 2014، واجهت المناطق الحدودية التونسية ثلاثة تحديات كبرى تقاطعت على نحو مطّرد: الأول هو أن تشظّي المشهد الأمني في غرب ليبيا أدّى إلى اشتباكات متفرّقة بين الميليشيات، وإقفال متكرّر لمعبر رأس جدير الحدودي.24 وأعاق ذلك مسار التجارة وأسفر عن مضاعفات كارثية على التجار التونسيين الذين يزوّدون سوق بنقردان بالسلع، ما قذفهم في دوامة من الشك واللايقين.

وتمثّل التحدي الثاني في أن الأزمة المصرفية الليبية، التي نشبت في العام 2016 بفعل هبوط إنتاج النفط وعائداته، جعلت التجار التونسيين أكثر عرضةً للتأثُّر بتقلبات بيئة الأعمال في ليبيا.25 وتفاقم هذا الوضع بسبب تكثيف الجهود المبذولة لمكافحة التهريب في ليبيا ضد السلع المدعومة، ما أضعف قدرة المجتمعات الحدودية على الصمود، نظرًا إلى أنها تعتمد على التجارة عبر الحدود لكسب رزقها.26 وتسبّب وقف إنتاج النفط بسبب الحرب الأهلية، فضلًا عن انخفاض أسعار النفط خلال السنوات التي سبقت تفشّي وباء كوفيد-19، بوقوع أزمة نقدية وتراجع عائدات الدولة واحتياطياتها من العملة الصعبة.27 علاوةً على ذلك، تزايد استخدام الاعتمادات المستندية المزوّرة لنقل الأموال إلى خارج ليبيا، من دون تزويد السوق الليبي بالسلع، ما قوّض الاقتصاد الحدودي وقلّص إلى حدٍّ كبير تدفّق السلع من ليبيا إلى تونس.

أما التحدي الثالث فهو أن المقاربة المشدّدة التي انتهجتها السلطات التونسية للحؤول دون انتقال تداعيات النزاع الليبي إلى تونس، أسفرت عن إغلاق متكرّر لمعبر رأس جدير.28 وأفضى ذلك إلى تدهور أكبر للظروف الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الحدودية، وزاد تفشّي وباء كوفيد-19 الطين بلّة. ودفعت المخاوف الأمنية، إلى جانب غياب التنمية وتراجع العائدات المتأتية من التجارة غير المشروعة، السلطات إلى البحث عن طرق استراتيجية لمعالجة هذا الوضع.

إن الخسائر التي تتكبّدها تونس على مستوى العائدات لا يُستهان بها، نظرًا إلى تدهور اقتصادها الكلّي منذ عقد من الزمن. فمنذ العام 2011، تواجه تونس مجموعة من المشاكل الاقتصادية، تشمل تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدّلات البطالة، وتدنّي مستويات الاستثمار. وبين العامَين 2011 و2019، شهدت البلاد نموًا منخفضًا، إذ بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.7 في المئة قبل أن يشهد انحدارًا حادًا ويسجل نسبة نمو سلبية بلغت 9.2- في المئة في العام 2020 حين تسبّب الوباء بإقفال البلاد.29 وكان لهذه التوجهات على مستوى الاقتصاد الكلّي تأثيرٌ مدمّر على المالية العامة، إذ ارتفع عجز الميزانية من 3.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2011 إلى 11.4 في المئة في العام 2020.30 وقفز الدين العام التونسي بدوره من 47.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012 إلى 87.6 في المئة في العام 2020.31 وارتفعت البطالة من 13 في المئة في العام 2010 إلى 16.8 في المئة في العام 2021.32 ومع تفشّي وباء كوفيد-19، ازداد معدّل الفقر من 12.7 في المئة في العام 2018 إلى 19.1 في المئة في العام 2020.33 وأدّى ذلك إلى تأجيج التوترات الاجتماعية وتفاقم خيبة أمل الشعب من النظام السياسي، وبلغت الحالة ذروتها مع انتخاب قيس سعيّد رئيسًا للبلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019.34 ونفّذ الرئيس الشعبوي سعيّد انقلابًا ناجحًا في تموز/يوليو 2021، عمد على إثره إلى إحكام قبضته على السلطة وإعلان نهاية دستور العام 2014 والنظام السياسي الذي كان قائمًا.35

ووفقًا لتقارير صادرة عن البنك الدولي بين العامَين 2013 و2015، مثّل الاقتصاد غير الرسمي بين 39 و50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي التونسي.36 وشكّلت الوارادات غير الرسمية،= في العام 2015، ما بين 15 و20 في المئة من إجمالي السلع التجارية في تونس.37 وأشارت تقديرات البنك الدولي إلى أن قيمة التجارة مع ليبيا بلغت نحو 498 مليون دولار في العام نفسه، توزّعت على 200 مليون دولار أميركي للسجائر، و148 مليون دولار للمحروقات، و150 مليون دولار للسلع الأخرى.38 وقُدّر إجمالي العائدات من السلع المهرّبة والمستوردة بشكل غير رسمي بنحو 2 مليار دينار تونسي (700 مليون دولار أميركي)، وتأتّى نصفها من المحروقات والتبغ.39 وفي العام 2015، قُدِّرت الخسائر في العائدات المتأتّية عن التجارة غير الرسمية عبر الحدود بما لا يقل عن 1.2 مليار دينار تونسي، أي ما يعادل 500 مليون دولار أميركي، وكانت حصة الرسوم الجمركية من هذه الخسائر نحو 500 مليون دينار تونسي (200 مليون دولار أميركي)، أي أكثر من سدس مجموع الرسوم الجمركية.40 ونظرًا إلى حجم هذه الخسائر ونطاق التجارة غير الرسمية عبر الحدود، لم يكن أمام الدولة التونسية من خيار سوى تبنّي نهج جديد، يتمثّل في إنشاء منطقة تجارة حرة كوسيلة لمعالجة هذه المخاوف التنموية والاقتصادية والمالية.

العوائق التي تؤخّر إقامة منطقة التجارة الحرة في بنقردان

في العام 2012، أعلنت حكومة رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي عن نيّتها إنشاء منطقة تجارة حرة في بنقردان.41 وفقًا لخطط المشروع الأحدث عهدًا، منذ العام 2018، كان يُتوقَّع أن يستحدث المشروع 2,000 وظيفة مباشرة و6,000 وظيفة غير مباشرة في منطقة قُدِّر معدّل البطالة فيها بنحو 24 في المئة من السكان العاملين، في حين أن متوسط نسبة البطالة على المستوى الوطني بلغ 18.5 في المئة.42 وسوف تسعى منطقة التجارة الحرة أيضًا، كونها تُكمِّل ميناء جرجيس ومطار جربة، إلى معالجة غياب البنى التحتية المتعلقة بالنقل والتجارة في تونس. قُدِّر مجموع كلفة المشروع بـ850 مليون دولار أميركي سوف يستثمرها شريكٌ خارجي لم يجرِ اختياره بعد، على أن يؤدّي دورًا استراتيجيًا في تنفيذ منطقة التجارة الحرة وتشغيلها.43

لكن بعد مرور عقد على الإعلان عن مشروع منطقة التجارة الحرة في بنقردان، لم يتحقق أي تقدّم يُذكَر على مستوى التنفيذ. ويُعزى إخفاق حكومات ما بعد 2011 في التحرك سريعًا على هذه الجبهة إلى الشوائب المفهومية، وكذلك إلى عوامل داخلية ودولية تفاقمت بسبب غياب الاستقرار السياسي وأجواء الالتباس التي عاشتها تونس خلال العقد المنصرم. اشتملت العوامل الداخلية على المشاكل المرتبطة باستملاك الأراضي وحقوق الملكية في الموقع حيث ستُقام منطقة التجارة الحرة، بالإضافة إلى المقاومة المؤسّسية والمنافسة على صعيد النخب. فالنخب السياسية والاقتصادية في المناطق الساحلية التونسية تعارض الخطوات الهادفة إلى دمج نخب المناطق الطرفية التي ظهرت من خلال التجارة غير الرسمية.44 أما على الصعيد الدولي، وبما أن الحكومات التونسية لم تقم بإعداد نموذج جاذب لمنطقة التجارة الحرة، ما تسبّب بتأخير اختيار شريك استراتيجي للمشروع، فهي لم تتمكّن من حجز موقع مؤاتٍ لتونس ضمن بيئة إقليمية وعالمية تنطبع على نحو متزايد بالتنافس السياسي والاقتصادي بين الدول. وتهدّد هذه التأخيرات بجعل منطقة التجارة الحرة مشروعًا لا لزوم له.

مفهوميًا، لا يزال على تونس إعداد إطار عمل تنظيمي وتحفيزي جاذب خاص بمنطقة التجارة الحرة من أجل استقطاب روّاد الأعمال التونسيين والليبيين. في العادة، تمنح مناطق التجارة الحرة الأكثر نجاحًا حول العالم، مثل جبل علي في الإمارات العربية المتحدة، الشركات والمشغّلين مزايا مثل الإعفاءات من سداد الضرائب على الدخل والأعمال لفترة طويلة، والقدرة على تحويل جميع أرباحها بحرّية إلى الخارج، وغياب القيود على صرف العملات الأجنبية.45 بالمثل، سيتوقف نجاح منطقة التجارة الحرة في بنقردان أو فشلها على نموذجها في الأعمال وقدرتها على جذب المستثمرين من خلال تقديم إعفاءات ضريبية، وخفض معدّلات الضرائب، واعتماد تنظيمات جمركية خاصة، ووضع إطار عمل ذي مصداقية لاستيعاب الاقتصاد غير الرسمي. ويتطلب إضفاء الطابع الرسمي على التجارة غير الرسمية أيضًا تشجيع روّاد الأعمال في المناطق الطرفية الذين يعملون عند الحدود على تسجيل أعمالهم، والحصول على تراخيص للاستيراد، وتنظيم التجارة عبر الحدود. ولكن بعد مرور عشر سنوات، لا تزال الأعمال والشركات تنتظر أن تحسم الحكومة قرارها بشأن النظام الضريبي. فالشركة التي ستشغّل منطقة التجارة الحرة أُنشِئت منذ فترة وجيزة، في آذار/مارس 2022، ولا تزال بحاجة إلى شريك خارجي مستعد للاستثمار في المنطقة الحرة.46 ولا تزال أجواء الالتباس في الجانب الليبي من الحدود تتسبّب بالتأخير. ينمّ ذلك كلّه عن عدم التزام بالمشروع، إنما أيضًا عن رؤى متضاربة بشأن مستقبل منطقة التجارة الحرة.

من الضروري وضع حدٍّ لهذا التقاعس كي تتمكن تونس من الاستفادة من عائدات التجارة عبر الحدود، وكي يسود الاستقرار في المناطق الطرفية في البلاد. يُعدّ الإطار التنظيمي والتحفيزي أساسيًا لمنطقة التجارة الحرة كي تمارس تأثيرًا إيجابيًا على المناطق المجاورة لها من خلال تحفيز سلاسل الإمداد واستحداث فرص العمل. يقتضي تحويل جنوب شرق تونس إلى مركز لوجستي تفكيرًا طويل الأمد يُدرِج منطقة التجارة الحرة وميناء جرجيس في إطار التطوير الأوسع للمناطق الطرفية.

تتمثل شائبة مفهومية أخرى في أن مشروع المنطقة الحرة يعاني من استثناءات أساسية. فعلى الأرجح أن اثنَين من المنتجات الرئيسة التي تحفّز التجارة في المنطقة الحدودية سيكونان خارج نطاق منطقة التجارة الحرة، وهما البنزين والتبغ.47 والحال هو أن نسبة 17 في المئة من كمية المحروقات التي استُهلِكت في تونس في العام 2014 (إذ لا تتوافر أرقام عن الأعوام اللاحقة) مصدرها ليبيا، وكذلك نسبة 40 في المئة من علب السجائر التي جرى ابتياعها في تونس.48 لذلك، لن تكون مساهمة منطقة التجارة الحرة في تنظيم التجارة غير الرسمية سوى مساهمة جزئية، ما يساعد على الحدّ من حجم الاقتصاد غير الرسمي إنما من دون التخلّص منه بصورة تامة. فضلًا عن ذلك، قد تتحول منطقة التجارة الحرة بحدّ ذاتها إلى مصدر للتجارة غير الشرعية إذا لم تخضع الأنشطة التي تجري هناك إلى تنظيمات جمركية مناسبة. إلى جانب المشاكل المفهومية، تسبّبت عوائق أخرى أيضًا بعرقلة التقدّم في هذا الصدد.

مشاكل استملاك الأراضي

سيُطبَّق مشروع منطقة التجارة الحرة في موقع يمتد على مساحة 150 هكتارًا (370 أكرًا)، وسوف يتضمن منطقة لوجستية تغطي 70 في المئة من المساحة، ومنطقة تجارية تغطي نسبة 20 في المئة، ومنطقة ترفيهية وطبية تتضمن فنادق ومطاعم وعيادات تغطّي نسبة 10 في المئة.49 لكن المشاكل المرتبطة باستملاك الأراضي عطّلت في البداية المشروع لسنوات، قبل أن تتم تسوية المسألة في العام 2017. بما أن من المفترَض إنشاء منطقة التجارة الحرة في أرض قبَلية، كان على السلطات التفاوض على أسعار الأراضي ونقل حقوق الملكية مع قبيلة التوازين المحلية قبل انطلاق العمل.50 على النقيض من مدينة زوارة في الجهة الليبية من الحدود، حيث لا تزال المشاكل المتعلقة باستملاك الأراضي تحول دون إحراز تقدّم في إنشاء المنطقة الحرة في المدينة،51 عولِج الوضع في بنقردان بفضل التزام السكان المحليين الذين لمسوا فرصةً في المشروع.52 ودفع تراجع سوق بنقردان، المعروفة أيضًا بالسوق المغاربية، تجّار المدينة إلى دعم مشروع منطقة التجارة الحرة بهدف التعويض عن خسائرهم.53

نظام استملاك الأراضي القبلية أو ما يُعرف بالأراضي الاشتراكيةشائع جدًّا في المناطق الجنوبية والداخلية في تونس. وفقًا لهذا النظام، تخضع هذه الأراضي لملكية مشتركة تديرها مجالس التصرّف القبليّة. وفي أجزاء كثيرة من البلاد، تبيّن أن هذا النظام يشكّل عائقًا أمام الاستثمار بسبب التجاذبات حول ملكية الأراضي داخل القبائل وفي ما بينها، ما يمكن أن يؤدّي إلى خلافات مجتمعية حول الحدود وتأخير في تنفيذ المشاريع العامة أو الخاصة.54 وليس التأخير في تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة في بنقردان استثناءً في هذا المجال، إذ كانت معدلات إتمام المشاريع العامة المموّلة متدنّية نسبيًا في العقد الأخير، ما تسبّب باستياء شعبي.55

إلى جانب مشاكل استملاك الأراضي، اصطدم التقدّم في إنجاز مشروع المنطقة الحرة أيضًا بقصور البنى التحتية في المنطقة الحدودية،56 مثل النقص في مياه الشرب، ما يقتضي بناء مصنع إضافي لتحلية المياه. ومن المشاكل الأخرى التوافر المحدود للتيار الكهربائي. فالمشاريع الكبرى، مثل إنشاء منطقة تجارة حرة، تتطلب استثمارًا مسبقًا في مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية، وكذلك توافُر المياه وتحسين شبكات الصرف الصحي.

المقاومة المؤسّسية

التأخير في إنشاء المنطقة الحرة مردّه أيضًا إلى المقاومة المؤسّسية من المصرف المركزي ومصلحة الجمارك التونسية حول خطة الحوافز التنظيمية والضريبية التي سيجري اعتمادها. ليس إعداد إطار تنظيمي مصمّم خصيصًا لهذا الغرض بالمهمة السهلة نظرًا إلى وجود مجموعة واسعة ومتنوعة من الأفرقاء الذين يعملون في الاقتصاد الحدودي. وفقًا لتقديرات تعود إلى العام 2013، كان يعمل في بنقردان ستون تاجر جملة،57 يستوردون منتجات من ليبيا ويبيعونها لتجّار التجزئة في مناطق تونسية أخرى. يكمن التحدي في وضع نظام ضريبي وإفساح المجال أمام الحصول على الخدمات المالية بما يحفّز هؤلاء الأفرقاء على العمل بطريقة قانونية في منطقة التجارة الحرة. بالإضافة إلى تجّار الجملة، يشكّل 1,200 تاجر تجزئة شبكة تربط بنقردان بمناطق أخرى في تونس.58 وثمة أيضًا 600 شخص يعملون في نقل البضائع من ليبيا إلى تونس، ونحو 2,000 تاجر يعملون في التجارة الصغيرة النطاق ويتنقّلون ذهابًا وإيابًا بين البلدَين لكسب معيشتهم.59 تطرح هذه المجموعة الكبيرة من الفاعلين غير الرسميين تحدّيًا لجهة تطوير بنية تنظيمية تشمل جميع هؤلاء الأفرقاء العاملين في السوق.60

يحبّذ روّاد الأعمال بيئة تنظيمية وتشغيلية واضحة ومستقرة على بيئةٍ في تحوّل مستمر. في حالة المنطقة الحرة في بنقردان، يقتضي ذلك أن يُجيز المصرف المركزي اعتماد تشريع مرن في مجال صرف العملات الأجنبية. وإذ لا يُسمَح للتونسيين بالحصول على الدولار الأميركي واليورو إلا حين يسافرون إلى الخارج، من شأن هذا التشريع أن يُجيز للعملاء التونسيين، مثلًا، أن يستخدموا جزءًا من المبلغ المتاح لهم اقتناؤه بالعملات الأجنبية لأغراض السياحة من أجل إنفاقه على التسوّق في المنطقة الحرة. بالمثل، يجب على مصلحة الجمارك دعم خفض الضرائب في المنطقة الحرة. لكن المصرف المركزي ومصلحة الجمارك في تونس أبديا معارضتهما لمنح المنطقة الحرة وضعًا ماليًا خاصًا.61 يخشى المصرف المركزي فقدان السيطرة على سعر الصرف في سياق اقتصادي حسّاس. ورفضت المؤسّستان أيضًا فكرة السماح للتونسيين بإنفاق 10 إلى 20 في المئة من مخصّصاتهم السياحية بالعملات الأجنبية في بنقردان، لأنهما تتخوّفان من أن تؤدّي إجازة شراء السلع في بنقردان إلى ارتفاع الطلب الإجمالي على العملات الأجنبية، ولا سيما من جانب الأشخاص الذين نادرًا ما يسافرون إلى الخارج (وبالتالي لا يستخدمون عادةً مخصّصاتهم بالعملات الأجنبية)، ما سيتسبّب باستنزاف احتياطيات العملات الأجنبية.62 كذلك، لدى السلطات الجمركية، ومعها الأجهزة الأمنية، سببٌ مختلف خلف معارضة إنشاء منطقة التجارة الحرة. فقد كان المهرّبون وروّاد الأعمال غير الرسميين يؤمّنون الريوع للأجهزة الأمنية والسلطات الجمركية مقابل حصولهم على الحماية منها. وبالتالي، لو نُظِّمت أنشطة الأفرقاء غير الرسميين، لاختفت تلك الريوع.

المنافسة على صعيد النخب

أخفت مقاومة خطة المنطقة الحرة في بيروقراطية الدولة واقعًا أكثر تعقيدًا. فمؤسسات الدولة تعمل أيضًا بالنيابة عن مصالح الأعمال الراسخة والنافذة سياسيًا التي تسعى إلى الحؤول دون بروز نخبة منافسة تتكوّن من روّاد الأعمال المنتمين إلى الاقتصاد الحدودي غير الرسمي.63 ومن خلال القيام بذلك، عزّزت هذه المؤسسات أيضًا دورها كحارِسة للاقتصاد مُستخدمةً قدرتها على حماية امتيازات الأفرقاء الاقتصاديين الذين اكتسبوا نفوذًا بعد استقلال تونس في العام 1956، فيما عمدت إلى إقصاء أفرقاء آخرين.

بعد الاستقلال، أرست تونس مقايضة ضمنية بين النظام والمجتمعات المحلية التي تقطن في المناطق المهمّشة اجتماعيًا واقتصاديًا.64 لقد أتاح النظام لسكان المناطق الطرفية الانخراط في أنشطة اقتصادية غير شرعية من شأنها أن تسمح لهم بكسب رزقهم، مقابل أن تقدّم المجتمعات المحلية الحدودية الطاعة السياسية للنظام.65 لكن هذه المنظومة تغيرت مع مرور الوقت. ففي حين ارتكزت سلطة الرئيس الأول بعد الاستقلال، حبيب بورقيبة، على الزبائنية، أرسى خلفه بن علي منظومة تجمع بين القمع والاحتواء.66 وبما أن هذه المنظومة كانت تصب في مصلحة النخب النافذة سياسيًا، ظلّت المناطق الطرفية التونسية طوال عقود منقوصة التمثيل في المؤسسات الوطنية. في عهد بن علي، تفاقمت اللامساواة بين المناطق بسبب التوزيع المجحف للاستثمارات الحكومية التي وُجِّهت بصورة أساسية إلى المناطق الساحلية الشمالية والشرقية حيث تقع معظم النخب السياسية والاقتصادية.67 وحال ذلك دون بروز قطاع خاص قادر على توليد الدخل للسكان في المناطق الحدودية والداخلية. كان تعزيز القطاع الخاص ليتطلب استثمارات عامة بغية تحسين البنى التحتية وإفساح المجال أمام حصول الناس على القروض المصرفية وعقود الشراء العام. ولكن كان ذلك ليؤدي إلى تراجع العائدات والفرص المتاحة للنخب النافذة التي استفادت من تسوية ما بعد الاستقلال، فيما يتسبّب ببروز نخبة أعمال في المناطق الطرفية تتمتع بقاعدة نفوذ مستقلة عن النظام.68 وبما أن نجاح مشروع منطقة التجارة الحرة يمكن أن يقود تحديدًا إلى هذه النتائج، واجهَ معارضة منسّقة من مؤسسات الدولة والنخب الاقتصادية التي ستتعرّض للخسائر بسببه.

الالتباسات التونسية والتنافس الجيوسياسي

وقفت العوامل الجيوسياسية، ولا سيما عجز حكومات ما بعد العام 2011 عن الاستفادة من التنافس الإقليمي والدولي، عائقًا أيضًا أمام منطقة التجارة الحرة. صُمِّم المشروع كشراكة بين القطاعَين العام والخاص، لكنه عانى من التأخير في اعتماد قانون لتنظيم هذه الشراكة.69 أقرّ مجلس النواب هذا القانون في العام 2015، بيد أن تنفيذه واجه على الدوام مقاومةً من النقابة العمالية الأساسية في البلاد، أي الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينظر إلى القانون بأنه جزء من مجهود أوسع لتفكيك القطاع العام.70 وشكّل غياب شريك استراتيجي لتشغيل المنطقة الحرة في بنقردان عائقًا كبيرًا أيضًا أمام تقدّم المشروع.71 يكمن التحدّي في إيجاد شريك خارجي ينخرط مع الدولة التونسية للاستثمار في المنطقة وتشغيلها وإدارتها. لكن اختيار مثل هذا الشريك قرارٌ سياسي جدًّا، نظرًا إلى أن الشركات الخاصة تعبّر أيضًا عن مصالح دولها التي تتنافس على النفوذ في تونس. وينطبق ذلك بصورة خاصة في سياق تصاعد التنافس الجغرافي الاقتصادي على الموانئ ومناطق التجارة الحرة في المتوسط.

لقد عبّر الشركاء الصينيون صراحةً عن اهتمامهم بتشغيل المنطقة الحرة في بنقردان. في العام 2018، انضمت تونس رسميًا إلى مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها بيجينغ، ودرست الشركات الصينية جدّيًا فكرة الاستثمار في البنى التحتية في جنوب شرق تونس، وتحديدًا ميناء جرجيس، ومشروع السكة الحديد الذي يربط قابس بمدنين عن طريق جرجيس، فضلًا عن منطقة التجارة الحرة في بنقردان.72 وقد موّلت السلطات الصينية التي تسعى إلى تحويل المناطق الواقعة جنوب شرق تونس إلى مركز لوجستي، دراسات الجدوى الخاصة بهذه المشاريع لتهيئة الأرضية تمهيدًا لتوقيع اتفاقات للعمل في المنطقة.73 لكن بعد جولات المفاوضات، قررت الحكومة التونسية في العام 2019 عدم توقيع أي اتفاقات مع الصينيين.74

من الأسباب الرئيسة خلف هذا القرار الضغوط التي مارستها بعض البلدان الغربية، تحديدًا فرنسا أو الولايات المتحدة بحسب مصادر مختلفة، للامتناع عن توقيع هذه الاتفاقات.75 وقد دفعت المنافسة على الموانئ ولوجستيات البنى التحتية في المتوسط المسؤولين التونسيين إلى معارضة التطلعات الصينية وتجنّب إثارة نفور الشركاء الغربيين الأكثر رسوخًا في تونس. علاوةً على ذلك، كان الاهتمام الصيني بالمنطقة الحرة في بنقردان مدفوعًا برغبةٍ بحجز مكان للصين في إعادة إعمار ليبيا بعد انتهاء النزاع فيها أكثر منه بالانجذاب إلى السوق التونسية.76 في هذا الصدد، من شأن التواجد في جنوب شرق تونس أن يؤمّن مركزًا لوجستيًا آمنًا يتيح للشركات الصينية العمل في ليبيا. جسّدت هذه الواقعة ضعف الحكومة التونسية وعجزها عن فرض توجّه استراتيجي من اختيارها على شركائها الخارجيين من خلال تصوّرها لمشروع منطقة التجارة الحرة. وفضحت أيضًا الفوضى في دوائر الحكم وأوساط النخب الاقتصادية التي تعاني من انقسامات شديدة تحول دون تمكّنها من استغلال التنافس بين القوى العالمية بما يصب في مصلحة تونس.

في الواقع، يبدو التأثير على الموانئ ومناطق التجارة الحرة في شمال أفريقيا سمةً أساسية في المشهد الجغرافي الاقتصادي في منطقة المتوسط.77 أدّى موقع البحر المتوسط في الاقتصاد العالمي، الذي يربط آسيا بأوروبا، إلى زيادة بنسبة 477 في المئة في كمية البضائع التي مرّت عبر موانئه بين العامَين 1995 و2018.78 ولكن بلدان جنوب المتوسط تُفيد جزئيًا فقط من هذه الفرص الاقتصادية. ففي بلدان كثيرة، ومنها تونس، يُعزى ذلك إلى الاستراتيجيات السيئة لتطوير الموانئ وغياب الاهتمام بالاستثمار في البنى التحتية واللوجستيات.

لقد أصبحت الصين لاعبة أساسية في الأسواق العالمية، وفي المتوسط تحديدًا.79 ستتمكن بيجينغ، من خلال إشراك شركة صينية في منطقة التجارة الحرة والاستثمار في البنى التحتية في جنوب شرق تونس، من توطيد علاقاتها مع العاصمة التونسية، وتبعًا لذلك، تعزيز مكانتها الاقتصادية في المتوسط.

خلافًا للعلاقات التجارية التي تقيمها تونس مع شركائها الأوروبيين، والتي تشهد تراجعًا منذ انتفاضة 2011، تزداد العلاقات التجارية التونسية مع الصين. إن ارتفاع معدّل الواردات من الصين (بنسبة 40 في المئة بين العامَين 2010 و2019) يقابله انخفاض في معدّل الواردات من فرنسا وإيطاليا (28- و2- في المئة على التوالي).80  أما الصين فتُعتبر ثالث أكبر مورِّد للمنتجات إلى تونس. ففي العام 2018، بلغت قيمة الواردات الصينية إلى تونس حوالى مليارَي دولار، وشملت سلعًا استهلاكية وأدوات كهربائية وإلكترونية ومواد بلاستيكية ومواد كيميائية عضوية.81  لا تعبّر هذه الأرقام عن الحجم الفعلي للواردات الصينية، إذ إن جزءًا منها غير رسمي، إلا أنها تبيّن الدور المتنامي الذي تؤدّيه الصين كشريك تجاري في تونس.82

وقد أبدت تونس اهتمامًا بتطوير علاقاتها مع الصين من خلال الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، والحصول على عضوية في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.83  وأبرمت الكثير من الاتفاقيات في إطار هذه المبادرة منذ أيلول/سبتمبر 2018، بهدف جذب الاستثمارات الصينية، ولا سيما في البنية التحتية، لمحاولة التعويض عن العجز التجاري بين البلدَين.84  ولكن الشراكة مع الصين واجهت معارضة من نخب الأعمال والسياسة في تونس لأسباب عدة. ثمة خلاف مستمر حول الطريقة التي يجب أن تتموضع بها البلاد في خضم الخصومات الجغرافية الاقتصادية العالمية الأوسع.85  في الوقت نفسه، لهذه النخب وجهات نظر مختلفة، وتشكّل جزءًا من مجموعات مصالح متنافسة في ما يتعلق بتحديد الدور الذي يتعين على تونس الاضطلاع به في إعادة إعمار ليبيا في المستقبل. لقد تسبّبت هذه العوامل مجتمعةً بتقويض أي اتفاق حول حضور اقتصادي واسع للصين في البلاد.86

يهدّد التأخير في تنفيذ منطقة التجارة الحرة بجعل المشروع غير ذي جدوى، نظرًا إلى المنافسة من المدن الواقعة غرب ليبيا التي تشارك في مشاريع مماثلة. لقد أنشأت مصراتة، الواقعة على مسافة تزيد عن 200 كيلومتر شرق طرابلس، منطقة حرة ديناميكية تُستخدَم بمثابة بوابة للاقتصاد الليبي.87  تستثمر الشركات التركية في هذه المنطقة المحورية وتستخدمها لتوسيع حضورها الاقتصادي والتجاري في ليبيا.88 تتطلع تركيا، بوصفها قوة إقليمية صاعدة، إلى توسيع نطاق نفوذها في شمال أفريقيا، إذ سعت إلى تعزيز نفوذها اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، وكذلك عسكريًا من خلال وجودها في ليبيا. وفقًا للاستراتيجية التركية الجديدة، تُعتبر منطقة شمال أفريقيا هدفًا منشودًا للتجارة التركية، إذ تضم سوقًا قوامها نحو 250 مليون مستهلك، وتشكّل مصدرًا لتحالفات اقتصادية محتملة من شأنها أن تتيح لتركيا وصولًا أوسع إلى بلدان المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء.89

ولّد نجاح منطقة التجارة الحرة في مصراتة حوافز للمدن الأخرى كي تحذو حذوها. هذا هو الحال في مدينة زوارة التي تقع على مسافة 35 كيلومترًا من الحدود التونسية. لقد أبدى المجلس المحلي في المدينة اهتمامًا بزيادة عائداته واحتلال مكانة بارزة في المنطقة الواقعة غرب ليبيا من خلال السيطرة على التجارة عبر الحدود. واستثمرت المدينة في بناء مطار ومنشآت مينائية وأعلنت عن إنشاء منطقة تجارة حرة.90 أراد رجال الأعمال في مدينة زوارة، استنادًا إلى منطق اقتصادي معيّن، ترويج المدينة بأنها منصة للاستيراد والتصدير يمكنها التنافس مع العاصمة طرابلس الغارقة في الفوضى، أو مع مصراتة. ومن شأن ترسيخ الاقتصاد العابر للحدود أن يولّد أيضًا عائدات تتيح للمدينة تعزيز موقعها عسكريًا في بيئة معادية. في الوقت نفسه، شجّع منطقٌ سياسي معيّن على تحوّل زوارة إلى المدينة الأكثر نفوذًا في غرب ليبيا. يُبيّن نموذجا زوارة ومصراتة أن النظام السياسي والاقتصادي الذي يتبلور في ليبيا سيكون حصيلة المنافسة الحادة بين المدن، التي ستؤدّي في إطارها مناطق التجارة الحرة دورًا مهمًا.

يتمثّل الخطر المُحدِق بتونس في أن النهج الذي تعتمده المدن الليبية سيحوّلها إلى مراكز إقليمية لإعادة الشحن، وأن هذه المدن ستتنافس بدلًا من أن تتعاون في ما بينها، بحيث سيمتنع المستثمرون الدوليون عن الاستثمار في جميع المدن لأنهم سيركّزون على الأكثر استقرارًا وأمانًا وكفاءة بينها. تتمتع تونس بمزايا أكيدة، منها أنها تنعم باستقرار أكبر مقارنةً مع ليبيا، وتملك قطاعًا مصرفيًا أكثر تطورًا، ما يتيح لها أداء دورٍ يجعل منها مركزًا أساسيًا يمكنه الاستفادة من إعادة إعمار ليبيا. لكن بغية تحقيق ذلك، يجب على البلاد الإسراع في إعداد استراتيجية استثمارية وبناء شراكات استراتيجية مع مشغّلين ومستثمرين دوليين.

يُقدّم المجمّع المينائي الصناعي، طنجة المتوسط، الواقع في المغرب والذي يؤدّي دورًا محوريًا في التجارة بين أفريقيا وأوروبا، نموذجًا على أن التحرك باكرًا والتموضع الاستراتيجي هما خطوتان أساسيتان لاكتساب أفضلية في سوق مُشبعة. قبل العام 2007، كانت تونس في مرتبة أفضل من المغرب وسائر بلدان شمال أفريقيا من حيث كثافة الروابط المينائية مع باقي بلدان العالم، ونوعيتها.91  وبعد مرور عقدٍ من الزمن، أصبح ميناء طنجة المتوسط من كبريات المنصات اللوجستية في العالم، في حين أن تونس باتت متخلفّة عن جميع الدول المجاورة لها.92 ووفقًا لمؤشر DHL للترابط العالمي الذي يقيس مدى اندماج البلدان في شبكات عالمية في مجالات التجارة والرأسمال والأشخاص والمعلومات، حلّت تونس في المرتبة 72 من أصل 169 بلدًا في العام 2020، خلف نظرائها الأساسيين في جنوب المتوسط. وحلّت مالطة في المركز العاشر، ولبنان في المرتبة 54، وتركيا 55، والمغرب 62. وحدها مصر جاءت بعد تونس في المركز 103. 93

لن يؤدّي الفشل في تحقيق مشروع المنطقة الحرة وجني المنافع المحتملة سوى إلى زيادة الغضب الاجتماعي وتأجيج الاستياء الوطني من السياسة، ما يفاقم الأوضاع السياسية المتزعزعة أصلًا في البلاد. في خضم التنافس العالمي المحتدم، يشهد الاقتصاد التونسي حالة من التدهور. فالرئيس سعيّد، الذي قاد مرحلة انتقال سياسي في البلاد وأعطى التغيير السياسي والدستوري الأولوية على المقتضيات الاقتصادية، لا يضع الآن المشاريع الكبرى مثل المنطقة الحرة في بنقردان في صدارة الأولويات. ولكن في ضوء المفاوضات التي تجريها تونس راهنًا للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحاجتها الماسّة إلى الاستثمارات، لا بدّ من إعادة إحياء مشروع المنطقة الحرة. لذلك، ينبغي على السلطات منح زخمٍ جديد للمشروع، واستغلال طاقات البلاد الاقتصادية، وربما الأهم، بثّ بارقة أمل في نفوس السكان، ما يسهم في تعزيز الاستقرار التونسي.

خاتمة

تقف تونس عند منعطفٍ حرج. لقد أدّى تأثير وباء كوفيد-19 إلى زيادة أهمية الشؤون اللوجستية وسلاسل الإمداد استجابةً للطلب العالمي على البضائع بعد الوباء. يجب أن تتطور الخدمات اللوجستية لبناء سلاسل إمداد أقوى، فيما يتعيّن على البلدان التموضع استراتيجيًا في الشبكات العالمية للتجارة والنقل بغية الاستفادة من هذا الوضع. في هذا السياق، لا شك في أن إنشاء مناطق حرة متعدّدة في شمال أفريقيا سيطرح تحديات على تونس. وفي حال ظلّ قادة البلاد عاجزين عن إقناع المستثمرين بجاذبية مشروع بنقردان وعن إقامة شراكة مع مشغّل استراتيجي، ستواجه تونس انتكاسةً كبيرة.

يبدو المشهد في تونس وليبيا قاتمًا اليوم، إذ تنهمك القيادة السياسية التونسية في إعادة صياغة دستور البلاد بهدف تركيز السلطة وإحياء منظومة سياسية غير ليبرالية. بعدما اعتمدت البلاد، في 25 تموز/يوليو 2022، دستورًا جديدًا يمنح الرئيس صلاحيات واسعة، يجب أن تتحول الأولوية نحو معالجة المشاكل الاقتصادية الملحّة. قد يكون ذلك حافلًا بالتحديات نظرًا إلى غياب الرؤية الاقتصادية لدى رئيس البلاد. وفي غضون ذلك، قد تؤدّي التطورات في ليبيا إلى تجدّد الصدامات المسلحة، ما يُمعن في زعزعة الاستقرار هناك. تتسبّب الانقسامات السياسية بإحباط فرص النمو والتنمية في البلدَين اللذين يخوضان سباقًا نحو القعر. لذا، ينبغي على تونس أن تضع اقتصادها أولًا. ويمكن أن يشكّل مشروع منطقة التجارة الحرة حجر زاوية في هذا المجهود، لكنه يقتضي استقرارًا سياسيًا ورؤية جريئة ومبتكرة للخطوات الواجب القيام بها، وهذه أمور ليست متوافرة في الوقت الراهن.

هوامش

1 Hassen Boubakri, “Échanges Transfrontaliers et Commerce Parallèle aux Frontières Tuniso-Libyennes” [Cross-Border Exchanges and Parallel Trade at the Tunisian-Libyan Borders], Monde Arabe, Maghreb Machrek, La Documentation Française 170 (2001), 39–51,
https://books.openedition.org/irmc/1591?lang=en.

2 “Impact of the Libyan Crisis on the Tunisian Economy,” World Bank Group, February 2017, http://documents.worldbank.org/curated/en/517981490766125612/pdf/ACS16340-WP-P158090-PUBLIC-Impact-of-Libya-Crisis-on-the-Tunisian-Economy-Long-Version.pdf.

3كاثرين بولوك وفريدريك ويري، "الحدود التونسية-الليبية: بين أُمنيات الأمن والحقائق الاجتماعية-الاقتصادية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2018،
Https://carnegie-mec.org/2018/10/01/ar-pub-77387

4حمزة المؤدّب، "الحدود التونسية-الليبية المأزومة: السياسة الأمنية لتونس في مواجهة فصائل الميليشيات الليبية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2020،
https://carnegie-mec.org/2020/11/04/ar-pub-83004

5 “Tunisie: Nouvelles Tensions à Ben Guerdane Après la Mort d’un Contrebandier” [Tunisia: New Tensions in Ben Guerdane After the Death of a Smuggler], Middle East Eye, September 7, 2016, https://www.middleeasteye.net/fr/reportages/tunisie-nouvelles-tensions-ben-guerdane-apres-la-mort-dun-contrebandier.

6 “La Zone Franche de Ben Guerdane, Une Locomotive de Développement Pour le Sud Tunisien” [The Free Zone of Ben Guerdane, A Locomotive for Development in Southern Tunisia], La Presse, March 2, 2022, https://lapresse.tn/126117/la-zone-franche-de-ben-guerdane-une-locomotive-de-developpement-pour-le-sud-tunisien/.

7 “Zone Logistique et de Libre Échange à Ben Guerdane” [Free Trade and Logistics Zone in Ben Guerdane], Instance Générale des Partenariats Public Privé [General Commission of Public-Private Partnerships], 2018, http://www.igppp.tn/sites/default/files/Fiches_descriptives/06-Fiche-CT-ZALC-Ben-Guerdane-FR-003-VFC-KA.pdf.

8 Mathieu Galtier, “Tunisie : Les Timides Débuts de la Zone Franche de Ben Guerdane, à la Frontière Libyenne” [Tunisia : The Timid Beginnings of the Free Zone of Ben Guerdane, on the Libyan Border], Jeune Afrique, March 8, 2019, https://www.jeuneafrique.com/746369/economie/tunisie-les-timides-debuts-de-la-zone-franche-de-ben-guerdane-a-la-frontiere-libyenne/.

9 Najoua Hizaoui, “Conseil des Analyses Économiques : Projets PPP: la Faisabilité est Loin d’Être Assurée” [Council of Economic Analysis: PPP Projects: Feasibility is Far from Being Assured], La Presse, January 15, 2020, https://lapresse.tn/44499/conseil-des-analyses-economiques-projets-ppp-la-faisabilite-est-loin-detre-assuree/.

10 La Presse, “La Zone Franche de Ben Guerdane.”

11 Sami Zaptia, “Zuwara Municipality Discusses Establishment of Free Zone,” Libya Herald, June 14, 2021, https://www.libyaherald.com/2021/06/zuwara-municipality-discusses-establishment-of-free-zone/.

12 كامل العروسي، "التجارة الموازية والتهريب في الفضاء الحدودي التونسي–الليبي (1988-2012) - تشخيص وآفاق في ظل عولمة متخفية"، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019)،
https://www.dohainstitute.org/ar/BooksAndJournals/Pages/Parallel-Trade-and-Smuggling-at-the-Tunisian-Libyan-Border-Space-1988-2012.aspx

13 “Commencer par Cerner l’Informel pour Préparer son Cantonnement : Un Enjeu de Politique Publique” [Identifying the Informal Economy to Prepare its Containment: A Public Policy Issue], Joussour Politique Publiques, 2016, https://www.think-joussour.org/wp-content/uploads/2020/10/2016-01-25-Le-secteur-informel-en-Tunisie.pdf.

14 للاطّلاع على لمحة عامة حول الاقتصاد الحدودي في عهد بن علي، انظر:
“Courir ou Mourir. Course à El-Khobza et Domination au Quotidien dans la Tunisie de Ben Ali” [Run or Die. The Race to Bread and Daily Domination in Tunisia under Ben Ali] (Ph.D. thesis, Institut d’Etudes Politiques de Paris, 2012), https://www.academia.edu/43570339/Courir_ou_mourir._Course_à_el_khobza_et_domination_au_quotidien_dans_la_Tunisie_de_Ben_Ali.

15 مجموعة الأزمات الدولية، "تونس الحدوديّة: جهاد وتهريب"، تقرير الشرق الأوسط/شمال أفريقيا رقم 148، (بروكسل: مجموعة الأزمات الدولية، 2013)،
https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/north-africa/tunisia/tunisia-s-borders-jihadism-and-contraband

16 Max Gallien and Florian Weigand, “Channeling Contraband: How States Shape International Smuggling Routes,” Security Studies 30, no. 1 (2021): 79–106.

17 مجموعة الأزمات الدولية، "تونس الحدوديّة: جهاد وتهريب".

18 Grégory Chauzal and Sofia Zavagli, “Post-Revolutionary Discontent and Fractionalization in the Maghreb: Managing the Tunisia-Libya Border Dynamics,” Clingendael Report, the Netherlands Institute of International Relations, August 2016,
https://www.clingendael.org/sites/default/files/pdfs/Clingendael%20Report%20Tunisia-Libya%20border%20dynamics%20-%20August%202016_0.pdf.

19 Jason Pack, “Kingdom of Militias: Libya’s Second War of Post-Qadhafi Succession,” Italian Institute for International Political Studies, May 31, 2019, 
https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/kingdom-militias-libyas-second-war-post-qadhafi-succession-23121.

20 Wolfram Lacher, Libya’s Fragmentation: Structure and Process in Violent Conflict (London: Bloomsbury, 2020), 163–172.

21 Grégory Chauzal and Sofia Zavagli, “Post-Revolutionary Discontent and Fractionalization in the Maghreb.” 

22 الفرق بين العرب والأمازيع مذهبي أيضًا. فعلى الرغم من أن الاثنين مسلمان، العرب هم من السنّة، فيما يعتنق الأمازيع المذهب الإباضي. للمزيد من التفاصيل حول هذه التنافسات، انظر:
Wolfram Lacher and Ahmed Labnouj, “Factionalism Resurgent: The War in the Jabal Nafusa,” The Libyan Revolution and its Aftermath, ed. Peter Cole and Brian McQuinn, (London: Hurst, 2015), 257–284.

23 مقابلة أجراها المؤلف مع تاجر من الذهيبة، تونس، حزيران/يونيو 2022.

24 فريدريك ويري، "تونس، دعوة للصحوة: كيف للتحديات الأمنية الليبية أن ترسم بوادر إصلاحية لمؤسسة الدفاع الوطنية التونسية؟"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 19 آب/أغسطس 2020،
https://carnegie-mec.org/2020/08/19/ar-pub-82535

25 Jalel Harchaoui, “Libya’s Monetary Crisis,” Lawfare (blog), January 10, 2018, https://www.lawfareblog.com/libyas-monetary-crisis.

26 Sami Zaptia, “Libya’s Anti-Smuggling Efforts of Subsidized Goods Into Tunisia Causing Diplomatic Tensions,” Libya Herald, April 12, 2017, https://www.libyaherald.com/2018/08/09/libyas-anti-smuggling-efforts-of-subsidised-goods-into-tunisia-causing-diplomatic-tensions/.

27 اسكندر العمراني وكلوديا غازيني، "القتال في المنطقة النفطية يهدد ليبيا بالانهيار الاقتصادي"، مجموعة الأزمات الدولية، 14 كانون الأول/ديسمبر 2016،
https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/north-africa/libya/oil-zone-fighting-threatens-libya-economic-collapse

28 حول التهديد الجهادي، انظر:
Anouar Boukhars, “The Potential Jihadi Windfall from the Militarization of Tunisia’s Border Region with Libya,” Combatting Terrorism Center Sentinel 11, no. 1 (2018)
https://ctc.usma.edu/potential-jihadi-windfall-militarization-tunisias-border-region-libya/.
وحول الإغلاق المتكرر للمعبر الحدودي والاحتجاجات اللاحقة، انظر فيديو على يوتيوب، تُشر بواسطة CGTN Africa، 13 كانون الثاني 2017، تمت زيارة الصفحة في 5 آب/أغسطس 2020:
“Police & Protesters Clash in Tunisia’s Border Town of Ben Guerdane,”https://www.youtube.com/watch?v=FTbiVpzlNaI.

29 "نمو إجمالي الناتج المحلي (% سنويًا) - تونس"، مجموعة البنك الدولي، 2022،
https://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG?locations=TN

30 “Primary Government Expenditures as a Proportion of Original Approved Budget (%)—Tunisia,” World Bank Group, 2022, https://data.worldbank.org/indicator/GF.XPD.BUDG.ZS?locations=TN.

31 “Tunisia Government Debt to GDP,” Trading Economics, 2022, https://tradingeconomics.com/tunisia/government-debt-to-gdp.

32 "بطالة، إجمالي (% من إجمالي القوى العاملة) - تونس"، مجموعة البنك الدولي، 2022،
https://data.albankaldawli.org/indicator/SL.UEM.TOTL.ZS?locations=TN

33 “Projected Poverty Headcount Ratio in Tunisia from 2018 to 2021,” Statista, 2022, https://www.statista.com/statistics/1218681/poverty-headcount-ratio-in-tunisia/.

34 حمزة المؤدّب، "جغرافية الغضب في تونس: التفاوتات الجهوية وصعود الشعبوية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 3 آذار/مارس 2020،
https://carnegie-mec.org/2020/03/03/ar-pub-81192

35 Sharan Grewal, “Kais Saied’s Power Grab in Tunisia,” Order From Chaos (blog), Brookings, July 26, 2021, https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2021/07/26/kais-saieds-power-grab-in-tunisia/.

36 Lotfi Ayadi, Nancy Benjamin, Sami Bensassi, and Gaël Raballand, “Estimating Informal Trade Across Tunisia’s Land Borders,” Policy Research Working Paper 6731, World Bank 2013, http://documents.worldbank.org/curated/en/856231468173645854/pdf/WPS6731.pdf.

37 المصدر السابق.

38 بولوك وويري، "الحدود التونسية-الليبية".

39 Joussour Politique Publiques, “Commencer par Cerner l’Informel pour Préparer son Cantonnement: Un Enjeu de Politique Publique.”

40 المصدر السابق. انظر أيضًا:
Ayadi, Benjamin, Bensassi, and Raballand, “Estimating Informal Trade Across Tunisia’s Land Borders.”

41 “Le Ministère du Commerce et de l’Artisanat Lance un Appel d’Offres” [The Ministry of Trade and Crafts Issues a Call for Tenders], Tixup, April 20, 2012, http://www.tixup.com/economie/16123-le-ministere-du-commerce-et-lartisanat-lance-un-appel-doffres.html.

42 Galtier, “Tunisie: Les Timides Débuts de la Zone Franche de Ben Guerdane.”

43 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضو في الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2022.

44 مجموعة الأزمات الدولية، "الانتقال المعطّل في تونس: فساد مالي ونعرات جهوية"، تقرير الشرق الأوسط رقم 177، (بروكسل، مجموعة الأزمات الدولية، 2017)،
https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/north-africa/tunisia/177-blocked-transition-corruption-and-regionalism-tunisia

45 Amr Goussous, Olaf Schirmer, Alexandre Sawaya, and Mohamad Basma, “Re-birth of Special Economic Zones in the GCC: Capturing the Full Potential of Special Economic Zones,” PWC, 2020, https://www.pwc.com/m1/en/publications/documents/re-birth-of-special-economic-zones-gcc.pdf.

46 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضو في الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2022.

47 Jihane Ben Yahia, “Can a New Free-Trade Zone Remedy Tunisia’s Informal Economy?” ENACT, July 4, 2019, https://enactafrica.org/enact-observer/can-a-new-free-trade-zone-remedy-tunisias-informal-economy.

48 بولوك وويري، "الحدود التونسية-الليبية".

49 IGPP, “Zone Logistique et de Libre Échange à Ben Guerdane” [Free Trade and Logistics Zone in Ben Guerdane].

50 مقابلة أجراها المؤلّف مع فتحي عبعاب، رئيس بلدية بنقردان، آب/أغسطس 2020.

51 Sami Zaptia, “Zuwara Municipality Discusses Establishment of Free Zone,” Libya Herald, June 14, 2021, https://www.libyaherald.com/2021/06/zuwara-municipality-discusses-establishment-of-free-zone/.

52 مقابلة أجراها المؤلّف مع رئيس جمعية تجار بنقردان، آب/أغسطس 2020.

53 المصدر السابق.

54 Intissar Kherigi, “The $14 Billion That Could Keep Tunisia On the Path to Democracy,” Middle East Eye, December 8, 2016, http://www.middleeasteye.net/columns/34bn-could-keep-tunisia-path-democracy-1186264863.

55 ألفة لملوم، "بن قردان والذهيبة في عيون أهاليهما: التهميش، الهشاشة والتباس المآلات على الحدود التونسيّة اللّيبيّة"، منظمة إنترناشونال ألرت، كانون الأول/ديسمبر 2016،
https://www.international-alert.org/wp-content/uploads/2021/08/Tunisia-Libya-Marginalisation-Insecurity-Uncertainty-Border-AR-2016.pdf

56 مقابلة أجراها المؤلّف مع فتحي عبعاب، رئيس بلدية بنقردان، آب/أغسطس 2020.

57 العروسي، "التجارة الموازية والتهريب في الفضاء الحدودي التونسي–الليبي (1988-2012) - تشخيص وآفاق في ظل عولمة متخفية".

58 المصدر السابق.

59 المصدر السابق.

60 Ben Yahia, “Can a New Free-Trade Zone Remedy Tunisia’s Informal Economy?”

61 مقابلة أجراها المؤلّف مع وزير تجارة سابق، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

62 المصدر السابق.

63 Bob Rijkers, Leila Baghdadi, and Gaël Raballand, “Political Connections and Tariff Evasion: Evidence from Tunisia,” Policy Research Working Paper 7336, World Bank, 2015, 
http://documents1.worldbank.org/curated/en/828841468179081001/pdf/WPS7336.pdf.

64 Béatrice Hibou, “La Formation Asymétrique de l’État en Tunisie. Les Territoires de l’Injustice” [The Asymmetric Formation of the State in Tunisia. The Territories of Injustice], in Irene Bono, Béatrice Hibou, Hamza Meddeb, Mohamed Tozy, L’État d’Injustice au Maghreb: Maroc et Tunisie [The State of Injustice in the Maghreb: Morocco and Tunisia] (Paris: Karthala, 2015), 99–150.

65 Béatrice Hibou, The Force of Obedience. The Political Economy of Repression in Tunisia (Cambridge: Polity Press, 2011), 31–58.

66 Eva Bellin, Stalled Democracy: Capital, Labor, and the Paradox of State-Sponsored Development (Ithaca: Cornell University Press, 2002), 11–45.

67 Mohamed Oubenal and Houda Ben Hamouda, “The Political Economy of Business Elites in Tunisia: Actors, Strategies and Identities,” Economic Research Forum Working Paper Series No. 1273, December 2018, https://erf.org.eg/publications/the-political-economy-of-business-elites-in-tunisia-actors-strategies-and-identities/.

68 Adeel Malik and Max Gallien, “Border Economies of the Middle East: Why Do They Matter for Political Economy?” Review of International Political Economy 27, no. 3 (2019): 732–62, https://doi.org/10.1080/09692290.2019.1696869.

69 IGPP, “Zone Logistique et de Libre Échange à Ben Guerdane” [Free Trade and Logistics Zone in Ben Guerdane].

70 مقابلة أجراها المؤلّف مع وزير تجارة سابق، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

71 المصدر السابق.

72 Donia Jemli, “Chine en Tunisie : Genèse d’Une Coopération Ambitieuse” [China in Tunisia: Genesis of an Ambitious Cooperation], Observatoire Français des Nouvelles Routes de la Soie, May 18, 2022, https://observatoirenrs.com/2022/05/18/tunisie-chine-la-genese-une-cooperation-ambitieuse/.

73 “Tunisie-Chine: Signature de Trois Mémorandums d’Entente pour l’Élaboration d’Études sur sept Méga-Projets” [Tunisia-China: The Signing of Three Memorandums of Understanding for the Development of Studies on Seven Mega-Projects], Webmanager Center, February 28, 2019, https://www.webmanagercenter.com/2019/02/28/431699/tunisie-chine-signature-de-trois-memorandums-dentente-pour-lelaboration-detudes-sur-sept-mega-projets/.

74 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضو في الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2022.

75 المصدر السابق. ومقابلة أجراها المؤلّف مع وزير تجارة سابق، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

76 مقابلة أجراها المؤلّف مع وزير تجارة سابق، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

77 Giuseppe Dentice and Valeria Talbot, eds., “A Geopolitical Sea: The New Scramble for the Mediterranean,” ISPI Dossier, Italian Institute for International Political Studies, July 17, 2020,
https://www.ispionline.it/sites/default/files/pubblicazioni/ispi_dossier_a_geopolitical_sea_july_2020.pdf.

78 Laura Basagni, “The Mediterranean Sea and its Port System: Risk and Opportunities in a Globally Connected World,” Joint Policy Study, European Institute of the Mediterranean (IEMED), September 2020, https://www.iemed.org/publication/infrastructures-and-power-in-the-middle-east-and-north-africa/#section-the-mediterranean-sea-and-its-port-system-risk-and-opportunities-in-a-globally-connected-world-LTRZO.

79 François Lafargue, “The Economic Presence of China in the Maghreb: Ambitions and Limits,” Fondation pour la Recherche Stratégique, October 29, 2018, https://www.frstrategie.org/sites/default/files/documents/programmes/observatoire-du-monde-arabo-musulman-et-du-sahel/publications/en/294.pdf.

80 “Commerce Extérieur de la Tunisie 2019,” Institut National de Statistiques, June 24, 2020, http://www.ins.tn/publication/commerce-exterieur-de-la-tunisie-2019.

81 Yahia H. Zoubir, “Expanding Sino-Maghreb Relations: Morocco and Tunisia,” Chatham House Research Paper 26, February 2020, https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/CHHJ7839-SinoMaghreb-Relations-WEB.pdf.

82 حمزة المؤدّب، "الوجه الخفي للتجارة غير الرسمية العابرة للحدود في تونس بعد العام 2011"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 15 تموز/يوليو 2021،
https://carnegie-mec.org/2021/07/15/ar-pub-84891

83 Ahmed Saoudi, “La Tunisie est Désormais Membre de l’Asian Infrastructure Investment Bank,” [Tunisia is Now a Member of the Asian Infrastructure Investment Bank], Managers, May 7, 2022, https://managers.tn/2022/05/07/la-tunisie-est-desormais-membre-de-lasian-infrastructure-investment-bank/.

84 Frida Dahmani, “La Tunisie Rejoint à Son Tour l’Initiative Chinoise One Belt One Road,” [Tunisia, in Its Turn, Joins the Chinese One Belt One Road Initiative], Jeune Afrique, July 16, 2018, https://www.jeuneafrique.com/594707/politique/la-tunisie-rejoint-a-son-tour-linitiative-chinoise-one-belt-one-road/.

85 Witney Schneidman and Joel Wiegert, “Competing in Africa: China, the European Union, and the United States,” Africa in Focus (blog), Brookings, April 16, 2018, https://www.brookings.edu/blog/africa-in-focus/2018/04/16/competing-in-africa-china-the-european-union-and-the-united-states/.

86 Muhammad Zulfikar Rakhmat, “China and Tunisia: A Quiet Partnership,” Diplomat, June 28, 2014, https://thediplomat.com/2014/06/china-and-tunisia-a-quiet-partnership/.  

87 Oxford Business Group, “Focus Report: What is the Trade Potential of the Misurata Free Zone?” March 2022, https://oxfordbusinessgroup.com/sites/default/files/blog/specialreports/963057/Misurata_Free_Zone.pdf.

88 Sami Zaptia, “Misrata Free Zone Starts Maritime Transit Trade Operations Through First Cargo Transshipment From China to Turkey,” Libya Herald, December 3, 2021, https://www.libyaherald.com/2021/12/misrata-free-zone-starts-maritime-transit-trade-operations-through-first-cargo-transhipment-from-china-to-turkey/.

89 Engin Yüksel, “Turkey’s Interventions in its Near Abroad: The Case of Libya,” Clingendael, September 2021, https://www.clingendael.org/sites/default/files/2021-09/Policy_brief_Turkeys_interventions_near_%20abroad_The_case_of_Libya.pdf.

90 Zaptia, “Zuwara Municipality Discusses Establishment of Free Zone.”

91 Ali Abdessalem, “Quelle Vision d’Avenir Pour le Système Portuaire National ?” [What Vision for the Future of the National Port System?], Webmanager Center, April 23, 2019, https://www.webmanagercenter.com/2019/04/23/433910/tunis-economic-forum-quelle-vision-davenir-pour-le-systeme-portuaire-national-12/.

92 Jan Hoffmann and Julian Hoffmann, “Ports in the Global Liner Shipping Network: Understanding Their Position, Connectivity, and Changes Over Time,” UNCTAD Transport and Trade Facilitation Newsletter No. 87, Third Quarter 2020,
https://unctad.org/news/ports-global-liner-shipping-network-understanding-their-position-connectivity-and-changes-over.

93 Steven A. Altman and Caroline R. Bastian, “DHL Global Connectedness Index 2020: The State of Globalization in a Distancing World,” November 2020, https://www.dhl.com/content/dam/dhl/global/dhl-spotlight/documents/pdf/spotlight-g04-global-connectedness-index-2020.pdf.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.