المصدر: Getty

«بطاقة تقييم» للتعليم في العالم العربي: البيئة المدرسية ومهارات المواطنة

في غياب بيئة تعليمية جيدة، لا مجال للشباب في العالم العربي أن يتحوّلوا إلى مواطنين مسؤولين قادرين على تعزيز التحوّل الاجتماعي وتحفيزه بهدف إنشاء مجتمعات أكثر ازدهاراً وحريةً.

نشرت في ١ فبراير ٢٠١٢

لقد كان الشباب في العالم العربي المحرّك للانتفاضات الشعبية التي لفّت المنطقة في العام المنصرم، إذ دعوا إلى التغيير الجذري على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ساعين بذلك إلى إعادة تشكيل مجتمعاتهم بحيث تضطلع بدور أكثر انفتاحاً عالمياً. لكن لا يمكن تقوية الزخم الشعبي إلا من خلال تحقيق إصلاح مجتمعي فعلي.

في الديمقراطيات الناشئة مثل تونس ومصر وليبيا، يمكن أن تشكّل المدارس عامل تغيير وعنصراً فعّالاً في تنمية المهارات والقيم الديمقراطية الثابتة مثل الحرية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، واحترام التنوّع وحقوق الإنسان الأساسية. ونظراً إلى أن ما يزيد عن 40 في المئة من السكان في العالم العربي هم دون سنّ الثامنة عشرة، تُعتَبَر المدارس أطرافاً اجتماعية وسياسية أساسية يمكنها أن تؤثّر بشدة على عملية التحوّل الديمقراطي. 

لقد أظهر عدد متزايد من الأبحاث أن البيئة المدرسية الإيجابية أساسية لضمان التقدّم في هذا المجال. فطابع ونوعية الحياة المدرسية، اللذان يعكسان القيم، والأهداف، والهيكل التنظيمي، والعلاقات بين الأشخاص، وممارسات التعليم والتعلّم، يمكنهما إما أن يعزّزا نجاح تعليم الطلبة ومستقبلهم، وإما أن يعرقلاه. 

لسوء الحظ، تُعتَبَر البيئات المدرسية سلبيةً إجمالاً في معظم أرجاء العالم العربي. فالصورة ليست إيجابيةً إطلاقاً وفقاً للمؤشّرات التي تجمع معلومات استنتجتها دراسات دولية ثلاث، والتي تقيس الأمان والتدريس والتعلّم والبيئة المؤسّسية في المدارس في أربعة عشر بلداً عربياً. معظم الطلبة لا يشعرون بالأمان البدني والاجتماعي والعاطفي في مدارسهم، ناهيك عن أن نسَباً مرتفعةً من المدرّسين دخلت المهنة مع أنها تفتقر إلى الإعداد الأكاديمي والتدريب ما قبل الخدمة، ولا تتلقّى التطوير المهني الملائم أثناء الخدمة. وما يفاقم المشكلة أيضاً هو الاعتماد على حفظ المعرفة واستظهارها، وتغيّب الطلبة والمدرّسين، واكتظاظ الفصول الدراسية، وقلّة الموارد. 

لا بدّ من بذل الكثير من الجهود إذاً. فعلى صانعي القرار، بادئ ذي بدء، أن يجدوا الإرادة السياسية لإقرار إصلاحات تعليمية جدّية وشاملة تطال ثقافة المدرسة بأكملها. كما يجب أن تحسّن البلدان العربية كافة وضْعَ مدرِّسيها وكفاءاتهم، وتقيم أنظمة حوكمة صالحة على المستويين المحلي والمركزي، إلى جانب الشفافية والمساءلة العامة. في غياب بيئة تعليمية جيدة، لا مجال للشباب في العالم العربي أن يتحوّلوا إلى مواطنين مسؤولين قادرين على تعزيز التحوّل الاجتماعي وتحفيزه بهدف إنشاء مجتمعات أكثر ازدهاراً وحريةً.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.