ملخّص
لقد تداعى النهج المرتكز على الأمن الذي اعتمدته السعودية تجاه اليمن. ولم يتمكّن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية من إلحاق هزيمة عسكرية بالحوثيين أو إعادة الحكومة التي أطاحوا بها إلى السلطة. بالإضافة إلى ذلك، عمدت السعودية إلى عسكرة مكثّفة لحدودها مع اليمن، ما ساهم في زيادة تقويض الاقتصاد اليمني وأدّى إلى تداعيات لم تبقَ المملكة في منأى عنها. وتجدر الإشارة إلى أن أمن السعودية يعتمد على استقرار اليمن وازدهاره الاقتصادي، وبالتالي على الرياض أن تسهم في دعم هذا الاستقرار من خلال إنعاش الاقتصاد اليمني المتدهور، خصوصًا في المناطق الحدودية وفي قطاع الزراعة في الداخل اليمني.
مواضيع أساسية
- ثمة مظلومية يمنية تاريخية تجاه السعودية ما زالت سرديتها الشعبية حاضرة. لقد فقد اليمن عسير ونجران وجيزان منذ قرن تقريبًا. وعلى الرغم من اتفاق الحدود الموقّع بين اليمن والسعودية في العام 2000، ما زالت قضية الحدود تثير حنق اليمنيين اليوم. لقد استفاد الحوثيون من هذه المظلومية التاريخية، وكذلك من الحنق الناتج من حملة السعودية العسكرية وسياساتها ذات الصلة.
- ازداد ميل السعودية إلى التعامل مع اليمن من منظور أمني وعسكري بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء في العام 2015، على الرغم من مؤشرات عدم نجاح التدخل العسكري بقيادة السعودية الذي أعقب ذلك، والذي ترافق مع انهيار ما بقي من مؤسسات الدولة اليمنية.
- عمدت الرياض إلى عسكرة المناطق على جانبَي الحدود السعودية اليمنية، وفرضت قيودًا على دخول السلع اليمنية إلى الأراضي السعودية، واتخذت تدابير للتضييق على المواطنين اليمنيين في السعودية، فعطّلت بالتالي الحياة المجتمعية والاقتصادية في المناطق الحدودية، خصوصًا في المناطق الجنوبية الغربية. وأحدثت محاولة فصل المناطق الحدودية اليمنية عن الداخل اليمني الكثير من الأزمات للمجتمعات الحدودية.
توصيات
- يتعين على السعودية اعتماد استراتيجية غير أمنيّة تهدف إلى إنعاش اقتصاد المناطق الحدودية بدلًا من مواصلة أو تكثيف نهجها الأمني الذي لم يحقق الجدوى الأمنية، بل قاد إلى عدم استقرار دائم في هذه المناطق. لا بد أولًا من تفعيل اللجان الاقتصادية التي شُكلت عند توقيع معاهدة جدة في العام 2000 وتعزيزها وإنشاء مناطق تجارة حرة، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين المجتمعات الحدودية.
- من الضروري الاستثمار في القطاع الزراعي اليمني من أجل تحقيق ثلاثة أهداف هي: دعم الاقتصاد اليمني من خلال استحداث آلاف الوظائف، وتشجيع المزارعين اليمنيين والعمال المهرة على البقاء في بلدهم والاستثمار في أراضيهم الزراعية وتنميتها، وإمداد السوق السعودية بسلع أرخص ثمنًا من تلك المستوردة من دول أخرى.
- إذا أُعيد تنشيط القطاع الزراعي في اليمن ووفر مجددًا فرص العمل لنسبة كبيرة من السكان، سيسمح ذلك للسعودية بتخفيف القيود المفروضة على دخول اليمنيين، ولا سيما وأن العمال غير المهرة يشكلون الفئة التي ترغب في الانتقال إلى السعودية. وتعتمد الرياض على العمال الأجانب غير المهرة في قطاع البناء وتنفذ حاليًا عددًا من المشاريع الكبرى، وما من سبب وجيه يمنع اليمنيين من شغل الوظائف في هذا القطاع مجددًا.
مقدّمة
في شباط/فبراير 2022، عاد سالم البالغ من العمر 25 عامًا إلى عائلته في محافظة إب اليمنية محمولاً بنعش. لقد سقط سالم1 في إحدى الجبهات العسكرية التي قاتل فيها ضمن صفوف مقاتلي جماعة أنصار الله (الحوثيون)، المدعومة من إيران في محافظة الجوف الحدودية. وبعدما وُوري سالم الثرى، أعلن عدد من أقاربه الانضمام إلى صفوف جماعة الحوثيين، من بينهم شقيقه وستة رجال آخرين من عائلته.
للوهلة الأولى، لا يبدو أن سالم يملك صفات المرشح للقتال في صفوف الحوثيين. فمحافظة إب الواقعة في غرب وسط اليمن تبعد كل البعد عن معقل الحوثيين في شمال غرب البلاد. كذلك، لا ينتمي سالم إلى الإيدلوجيا الدينية التي يتبناها الحوثيون، فهو على غرار معظم سكان المحافظة، ينتمي إلى المذهب السنّي الشافعي. ومع ذلك، لم يكن سالم الوحيد ممّن التحقوا بصفوف الحوثيين للقتال من هذه المناطق. في الواقع، يشكل توغل الحوثيين خارج نطاق المجتمع الزيدي ومناطق نفوذه التقليدية جانبًا مهمًا، وهو أمر لا يتم تسليط الضوء عليه دائمًا، من أوجه الصراع المستمر في اليمن، الذي اندلع في العام 2014 وانجرّت إليه جهات فاعلة إقليمية في العام التالي. فعندما يخاطب الحوثيون المجتمعات غير الزيدية، لا يركزون على الخطاب المذهبي الخلافي، بل يسعون غالبًا إلى استمالة اليمنيين الغاضبين من سياسات وممارسات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وعسكرة الرياض للمناطق الحدودية اليمنية، ويستغلون كذلك المظلومية الحدودية التاريخية تجاه السعودية. تتجنب هذه السردية الشعارات الطائفية التي يستخدمها الحوثيون لاستمالة الزيديين، وتركز على قضية الدفاع عن سيادة اليمن، وتحاول إذكاء الحس الوطني الذي يتشاركه الجميع.
بالفعل، انضم آلاف الشباب من المجتمعات غير الزيدية إلى صفوف الحوثيين نتيجة السخط من السياسات الأمنية الصارمة التي انتهجتها السعودية مؤخرًا وتظلّم اليمنيين التاريخي من سياسات المملكة العربية السعودية المتصوَّر للأراضي اليمنية على مدى عقود. مكّنت القدرة على حشد المقاتلين جماعة الحوثيين على مواصلة القتال لسنوات طويلة، الأمر الذي عرقل استراتيجية الرياض الرامية إلى إخضاعهم. ودفع ذلك الرياض إلى فتح قنوات تواصل مع الحوثيين في سبيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
ولكن لا بدّ قبل كل شيء من فهم السياق العام. تكثر المؤشرات على تعثر استراتيجية السعودية المرتكزة على الأمن، والوضع الذي يشهده اليمن حاليًا هو أبرز دليل على ذلك. فقد بات دولة منهارة عمليًا واضطلعت السعودية بدور رئيسي في دفعه إلى هذا الوضع. لا تستطيع الدولة المنهارة على عتبة الرياض أن تضمن أمن السعودية، وستحول ترسانة الصواريخ والطائرات المسيَّرة التي يملكها خصوم الرياض اليمنيين دون تحقيق الغاية المنشودة من أي محاولة يقوم بها السعوديون لحماية بلدهم عن طريق إنشاء مناطق عازلة أو بناء جدران حدودية. من أجل ضمان الأمن الفعلي، يجب على السعودية التخلي عن فكرة العسكرة، ولا سيما وأن سياساتها في هذا الصدد تولّد ردود فعل سلبية من اليمنيين، والسعي إلى تعزيز الاستقرار السياسي الهش في اليمن ودعم المشاريع الاقتصادية في البلاد التي تعود بالفائدة على اليمنيين والسعوديين على حدٍّ سواء. فبهذه الطريقة وحدها يتحقق الأمن الدائم في المناطق الحدودية السعودية وفي المملكة العربية السعودية نفسها.
اليمن المغبون تاريخيًا
استغل الحوثيون المشاعر المعادية للسعودية في المجتمعات اليمنية، ولم يقتصر تركيزهم على التدابير الأمنية التي اتخذتها السعودية مؤخرًا وأضرّت باليمنيين العاديين الذين يعيشون في المناطق الحدودية، أو إقدام الرياض على طرد آلاف العمال اليمنيين من السعودية، بل استقوا من السرديات الشعبية التاريخية ضد السعودية. وتستمد هذا السرديات جذورها من اعتقاد عمره عقود بأن السعودية استحوذت على أراضٍ شكّلت تاريخيًا جزءًا من اليمن ونجحت في ذلك نتيجة توازن القوى غير المتكافئ بين الدولتَين. ولا تزال حاليًا المناطق المعنية، أي عسير وجيزان ونجران، تابعة للسعودية منذ ضمّها في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي.
آنذاك، طالبت المملكة المتوكلية اليمنية بالمناطق الثلاث وقاومت استحواذ السعودية على هذه المناطق ودخلت في سلسلة من المواجهات العسكرية مع جارتها الأكبر حجمًا.2 توقفت هذه المواجهات مع توقيع معاهدة الطائف في العام 1934 التي رسّمت الحدود بين الدولتَين ونظّمت العلاقات الحدودية بينهما3 (وفي الفترة الزمنية عينها تقريبًا، رسّمت المعاهدة الإنكليزية السعودية الحدود بين السعودية وجنوب اليمن الذي كان خاضعًا للحكم البريطاني).4 وانحازت معاهدة الطائف بوضوح لصالح السعودية، ولا سيما في مسألة الأراضي المتنازع عليها، وثبت ذلك عندما رُسّمت الحدود في العام 1937 بموجب أحكام المعاهدة، واعتُبرت مناطق عسير وجيزان ونجران ضمن أراضي السعودية.
أثار فقدان عسير وجيزان ونجران حفيظة اليمنيين، ولا سيما سكان المناطق المتاخمة لها التي بقيت ضمن حدود اليمن. لقد عزلت الحدود المجتمعات والعائلات، قبل أن تصبح نهائية حتى. بالإضافة إلى ذلك، تسكن أعداد كبيرة من المسلمين ذوي الانتماء الشيعي في اثنتَين من هذه المناطق، إذ يشكّل الإسماعيليون نسبة كبيرة في نجران،5 وتقطن مجتمعات كبيرة من الزيديين في نجران وجيزان أيضًا.6 وبعد ترسيم الحدود، أصبح إسماعيليو وزيديو هذه المناطق من سكان السعودية التي عُرف عن مؤسستها الدينية النزعة السلفية غير المتوافقة مع هذه التيارات الشيعية، على الرغم من الدعم السعودي الذي قُدّم لاحقًا إلى قوات الملكية الزيدية اليمنية. من المنظور المجتمعي، واجه اليمنيون صعوبة كبيرة في تقبّل فقدان جيزان. وسترتكز لاحقًا إيديولوجيا الحوثيين بدرجة كبيرة على هذه القضية، بالإضافة إلى ما يسمونه مظلومية المجتمع الزيدي في هذه المناطق الحدودية.7
في ذلك الوقت، سعت حكومة مملكة اليمن إلى تفادي الانتقادات التي قد تطال سلوكها بعدما شاركت في مفاوضات معاهدة الطائف من موقع ضعف، وأكدت أن المعاهدة نفسها تنص على أنها غير نهائية.8 لقد نصت بالفعل المادة 22 على أن المعاهدة قابلة للتجديد كل عشرين سنة.9 وجددت الأطراف المعاهدة للمرة الأولى في العام 1953، ولكن المملكة العربية السعودية رفضت بعد ذلك تجديدها، وأصرت على أن ترسيم الحدود نهائي وأن بند التجديد يتعلق بأحكام أخرى من المعاهدة.10
استمر نتيجة ذلك النزاع حول الحدود، وليس بين السعودية واليمن الشمالي، الجمهورية العربية اليمنية (الدولة التي تأسست في العام 1962 وخلفت المملكة اليمنية) فحسب. في العام 1969، هزمت السعودية جنوب اليمن، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، في حرب اندلعت للسيطرة على منطقة الوديعة الحدودية التي انتزعها الجيش السعودي من جنوب اليمن بعيْد استقلاله عن بريطانيا في العام 1967. وبعد توحيد شمال اليمن وجنوبه في العام 1990، وبالتالي إحياء فكرة الوحدة اليمنية وتعزيزها، أسفر أحيانًا النزاع على الحدود (الذي شمل أيضًا بعدًا بحريًا) عن مناوشات بين الجيشَين السعودي واليمني. فسعت حكومتا البلدَين للتوصل إلى اتفاق شامل ودائم منعًا للتصعيد، ووقّعتا معاهدة جدة في العام 2000.11
أدّت معاهدة جدة إلى ترسيم الحدود على نحو مفصّل ودقيق، بخلاف معاهدة الطائف، وحلّت رسميًا النزاع على الحدود بين البلدَين. ولكن بما أن تنازل السعودية عن عسير ونجران وجيزان لم يكن واردًا، أفضت المعاهدة في نهاية المطاف إلى ترسيخ جزء كبير من معاهدة الطائف وحرصت في الوقت عينه على توضيح جوانبها الغامضة. في الواقع، نصت المادة الأولى من معاهدة جدة على إلزامية وشرعية معاهدة الطائف التي تشكل جزءًا أساسيًا منها.12 لم يرق الأمر للكثير من اليمنيين، ولا سيما بعدما أكدت الحكومات اليمنية المتعاقبة على مدى السنين أن معاهدة الطائف لم تكن نهائية. أما هذه المرة، فوعدت الحكومة بأن الاتفاق الجديد مع السعودية سيشرّع الأبواب أمام حقبة من الازدهار الاقتصادي، وذلك في محاولة لاسترضاء مواطنيها،13 بيد أن تلك الوعود لم تتحقق على أرض الواقع بحسب ما تم الترويج له.14
شهدت الأراضي الحدودية اليمنية نموًا اقتصاديًا يُعزى في المقام الأول إلى انتشار الأسواق الحدودية التي ظهرت تلقائيًا في النصف الثاني من القرن العشرين واتسعت رقعتها في السنوات الخمس عشرة الأولى من القرن الحالي.15 ولكن هذا التطور لم يغير آراء الكثيرين، على الرغم من الترحيب الذي لاقاه. على صعيد آخر، وبعد مرور أكثر من عقد على توقيع معاهدة جدة، أطلقت دعوات تطالب باستعادة السيادة على الأراضي اليمنية الواقعة تحت السيطرة السعودية، في عز الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح في العام 2011.16 وفي العقد التالي، شكلت قضية الأراضي اليمنية المسلوبة نقطة رائجة في الخطاب الشعبي، وأصبحت ركيزة من ركائز سردية الحوثيين التاريخية.17
المملكة العربية السعودية تصنّف اليمن مشكلة أمنية
يختلف اليمن عن سائر دول الخليج في جوانب متعددة. فهو أولًا جمهورية بين الممالك والإمارات، وثانيًا تتمتع هذه الجمهورية بسمات ديمقراطية نسبية مقارنةً مع جيرانها، وتحديدًا السعودية التي لطالما شكّلت طبيعة الحكم في اليمن هاجسًا أمنيًا لها. وليس من قبيل المصادفة إذًا أن اليمن ليس عضوًا في مجلس التعاون الخليجي الذي يشمل سائر دول شبه الجزيرة العربية.
على مدى عقود، اعتمدت السعودية على ما كان يُعرف باسم اللجنة الخاصة التي عملت مع مجموعة متنوعة من زعماء القبائل والسياسيين اليمنيين الموالين للسعودية، للحفاظ على مصالحها في اليمن. وجسّد تشكيل هذه الهيئة إيمانًا سعوديًا بأهمية تأثير الشؤون اليمنية على السعودية. كشفت غالبًا إجراءات اللجنة الخاصة عن أولويات الرياض التي انطوت على احتواء وإعادة توجيه الاتجاهات السياسية، الديمقراطية أو غير الديمقراطية، التي تهدد النظام السياسي الموالي للسعودية في اليمن. وأثار هذا النهج النخبوي في التعامل مع المجتمع اليمني غيظ الكثير من اليمنيين.18
في العام 2011، تحولت شكوك السعودية إلى مخاوف. فقد وصلت ثورات الربيع العربي إلى الخليج في ذلك العام، وسارعت الرياض إلى قمع المظاهرات في السعودية وتدخلت عسكريًا لقمعها في البحرين، نزولًا عند طلب المنامة. وفي اليمن، عجز نظام صالح عن قمع المظاهرات المتزايدة وطلب مساعدة الرياض في التوسط مع المعارضة اليمنية. فاستجاب السعوديون بتقديم مبادرة تقوم على نقل السلطة إلى حكومة جديدة يحتفظ فيها صالح بصلاحية الموافقة على تعيين 50 في المئة من الوزراء، وتمنحه حصانة كاملة من الملاحقة القضائية. بالإضافة إلى ذلك، دعت المبادرة إلى حوار وطني بين القوى السياسية الرئيسية في اليمن.
كان ثمة خوف لدى الرياض من أن تفضي التغيرات السياسية في اليمن إلى انعكاسات على مصالحها، وفي أسوأ الأحوال، من أن تنتقل حمى المظاهرات إلى السعودية. لم ينجح صالح في قمع الاحتجاجات بالقوة. من ناحية أخرى، وعلى الرغم من حرصها على إظهار موقف متوازن، أبدت الرياض دعمًا واضحًا لصالح خلال هذه المرحلة.19 شكّلت المبادرة الخليجية مخرجًا لنقل السلطة في اليمن، لكن لم تنجح المبادرة كما كان مقرّرًا لها لكثرة الخلافات بين الفصائل اليمنية.
في العام 2014، تحوّل النزاع المتفرّق بين الحوثيين والدولة اليمنية إلى تمرّد شامل من قبل حركة الحوثيين، خصوصًا بعد الانقلاب العسكري على الحكم والاستيلاء على صنعاء في أيلول/سبتمبر، وفرض قيودهم على مؤسسات الدولة. شكلت هذه التطورات تهديدًا بالنسبة إلى السعودية، وخلُصت الرياض إلى أن اليمن الغارق في أزماته لم يعد آمنًا، لا بل أصبح يشكل خطرًا أمنيًا على المملكة. ووقع جزء كبير من البلاد في قبضة ميليشيا الحوثيين المسلحة المدعومة من إيران، أي القوة الإقليمية التي كانت المملكة العربية السعودية على خلاف معها. وبعدما تقلّص نفوذ السعودية بعد صعود الحوثيين واستيلائهم على صنعاء.20
في آذار/مارس 2015، تدخلت السعودية في اليمن على رأس تحالف عسكري يضم قوات من دول عربية متعددة. وبدأ السعوديون أيضًا بعسكرة جزء كبير من حدودهم مع اليمن، واقتصرت العملية في البداية على نشر مكثف للقوات الأمنية وتشديد القيود على الدخول إلى السعودية عبر المنافذ الحدودية.21 وأعقب هذه الخطوة توسيع نطاق التدابير لتشمل تجنيد آلاف اليمنيين لتعزيز الجبهات العسكرية الواقعة بالقرب من المناطق الحدودية. على صعيد النشاط التجاري عبر الحدود، وضعت الرياض قيودًا صارمة على عدد كبير من المنتجات اليمنية المخصصة عادة لأسواقها. هدفت هذه التدابير في المقام الأول إلى الحدّ من انتشار شبكات التهريب والاتجار بالبشر من التسلل عبر الحدود. وتجدر الإشارة إلى أن السعوديين لم يفرضوا هذه التدابير في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فحسب، بل فرضوها أيضًا في الأجزاء من الحدود التي سيطرت عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، حليفة المملكة العربية السعودية.22
في هذا السياق، لم تقتصر الاستراتيجية الأمنية على الحدود فقط. فقد عمدت السلطات السعودية إلى تقليص عدد العمال اليمنيين في جيزان ونجران وأبها وخميس مشيط وغيرها من المدن في جنوب السعودية. تاريخيًا، فضّل عشرات الآلاف من اليمنيين العمل في هذه المدن نظرًا إلى قربهم منها ومعرفتهم بثقافتها وتقاليدها. نفذت الكثير من الحملات الأمنية، ورُحّل بعضهم بحجة قوانين الإقامة والعمل في المملكة العربية السعودية بشكل غير قانوني (تغاضت في السابق السلطات عن هذه المخالفة في حالة المواطنين اليمنيين)، ورُحّل آخرون لأسباب واهية، مثل الاشتباه في تأييدهم للحوثيين. ورفعت الرياض أيضًا قيمة رسوم الحصول على تصاريح الإقامة وتجديدها المفروضة على العمّال الأجانب، ما شكل عبئًا كبيرًا على العمالة اليمنية. وأرغمت هذه الخطوة عددًا كبيرًا من اليمنيين الذين لا يملكون المال على مغادرة السعودية، والعودة إلى اليمن في ظل الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه البلاد.23
على الصعيد الداخلي، أفضى النهج السعودي الأمني إلى إعادة هندسة ديموغرافية لسكان المملكة في المناطق الحدودية. بدأت هذه الممارسة قبل تدخل الرياض في اليمن في العام 2015، ثم اتسع نطاقها لاحقًا. وفي منتصف العام 2015، استضافت مدينة أبها في عسير سعوديين من قرى عسير الحدودية نقلتهم إليها السلطات.24 وأفاد تقرير صدر في السنة عينها وتزامن مع الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، أن الرياض أجلت 15 ألف نسمة من 96 قرية حدودية.25
عندما تصدر السلطات السعودية أمرًا بإجلاء سكان قرية سعودية في المنطقة الحدودية ونقلهم إلى الداخل السعودي، تبرر رسميًا هذه الإجراءات بضمان حمايتهم، إذ تعلن عن قلقها من وقوع القرية المعنية في مرمى نيران الحوثيين.26 ولكن ثمة دوافع أمنية خلف هذه الخطوة. شهدت فترات الحروب الست في صعدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين عبور بعض الزيديين السعوديين (وعدد أقل من الإسماعيليين) إلى اليمن وانضمامهم إلى حركة الحوثيين.27 وعمدت نتيجة ذلك السلطات السعودية إلى إبعاد مجتمعاتها الحدودية للحيلولة دون انخراط بعض الأفراد مع الحوثيين، خصوصًا من المجتمعات الزيدية السعودية.
ما كانت تبعات النهج السعودي المرتكز على الأمن وكيف يمكن معالجتها
ثبت من الناحية السياسية العسكرية تعثّر التدخل الذي تقوده السعودية. فقد أعلن التحالف في بداية عملياته العسكرية هدفَين، ينطوي أولهما على هزيمة الحوثيين والثاني على إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا إلى السلطة. ولكن في السنوات السبع التي أعقبت إطلاق حملة التحالف، عزّز الحوثيون سيطرتهم على معظم المناطق الشمالية في اليمن، ولم تعد الحكومة المعترف بها دوليًا إلى صنعاء. واليوم، يبسط الحوثيون سلطتهم على مساحة تبلغ 30 في المئة من اليمن تقريبًا وتضم 65 في المئة من سكان البلاد، بينما تسيطر الحكومة المعترف بها دوليًا على ما تبقى من أراضي الدولة عن طريق جماعات متنوعة الانتماءات وموالية للحكومة اسميًا في بعض الحالات.28
للمفارقة، رسخت حملة التحالف الذي تقوده السعودية العلاقة بين الحوثيين وإيران وعزّزتها لاحقًا.29 وانتهزت إيران الفرصة واستغلت الحرب لنشر أجندتها في اليمن من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والخبرة العسكرية. وسمح ذلك لطهران بتقويض أمن الحدود السعودية واستخدامها الحرب المفتوحة لتصفية حساباتها مع الرياض. عمد الحوثيون إلى زيادة تعاونهم مع إيران واعتمادهم عليها بشكل كبير. فبعد الاستيلاء على صنعاء وتدخل التحالف الذي تقوده السعودية عسكريًا، عُزل الحوثيون عن كل دول المنطقة تقريبًا، لكن طهران ضاعفت من دعمها للحوثيين على مختلف الأصعدة. واليوم، توفر إيران أو تمول معظم الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون، علمًا أن بعض هذه الأسلحة مكّنتهم من شن الهجمات بالطائرات المسيَّرة وبالصواريخ على الأراضي السعودية، ما رفع فورًا من مكانة الجماعة العسكرية وأبرز نفوذ إيران المتنامي. بالإضافة إلى ذلك، أولت إيران أهمية كبيرة للدعم الإعلامي والدبلوماسي. وعملت جماعات الضغط السياسية التابعة لها في الخارج على دعم الحوثيين، وسلّطت عليهم الضوء على الساحة السياسية الدولية.30
من ناحية أخرى، تضاربت أجندات الشريكين الرئيسيَن في التحالف، أي السعودية والإمارات، والذي انعكس على الكيانات اليمنية المحلية المدعومة منهما، ما حال بدرجة كبيرة دون تحقيق هدفَي التحالف. في حين أظهرت السعودية دعمها القوي للحكومة اليمنية، ساهمت الإمارات في إنشاء قوة انفصالية في الجنوب تضم ذراعًا عسكريًا وتُعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.31 واندلع صراع بين وكلاء التحالف في عدن وشبوة وسقطرى ومناطق أخرى، فزاد الأمور تعقيدًا وأضعف عمليات التحالف ومنح الحوثيين فرصة ثمينة لتوسيع رقعة انتشارهم في مناطق متعددة، ولا سيما في مأرب وشبوة والساحل الغربي.32 بالإضافة إلى ذلك، تصاعدت التوترات بين القوات الموالية للحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في تموز/يوليو 2019، عندما أعلنت الإمارات سحب قواتها من اليمن. وفي نيسان/أبريل 2022، اتفق السعوديون والإماراتيون على تشكيل مجلس قيادة رئاسي يضم الجماعات كافة التي يرعاها أو يساعدها أي من البلدَين ويوجه طاقاتها مجتمعة لمحاربة الحوثيين.33 لكن قدرة مجلس القيادة الرئاسي على توحيد أعضائه ذوي الانتماءات المختلفة وبرامجهم المتضاربة ودحر الحوثيين غير مضمونة إطلاقًا.
من المنظور السعودي، ينطوي الجانب الأخطر لفشل سياساتها المرتكزة على الأمن على استغلال الحوثيين للمشاعر المعادية للسعودية، القديمة والحديثة العهد، في صفوف اليمنيين. ويتجلّى ذلك بوضوح في توغّل الحوثيين خارج معقلهم التقليدي. فقد اعتمد الحوثيون على الإفادة من السخط الشعبي والاستياء من سياسات التحالف.34 لكن لم تولّد الحملة العسكرية التي تقودها السعودية وحدها هذا الاستياء، بل نتج أيضًا من سياسات السعودية تجاه المغتربين اليمنيين، والتي تتم لأسباب تتعلق إما بالأمن الداخلي أو بسعودة القوى العاملة.
في العودة إلى قصة سالم، الشاب اليمني من محافظة إب الذي انضم إلى صفوف الحوثيين وقُتل في إحدى جبهات القتال، تُلخّص قصته هذا الاستياء الشعبي. أفادت عائلته مثلًا أنه كان يبرّر انضمامه إلى حركة الحوثيين التي تردّد في خطابها الإعلامي سعيها لاستعادة أراضي اليمن التي أصبحت جزءًا من المملكة العربية السعودية.35 ومع ذلك، لم يكن خطاب الحوثيين من هذه القضية هو الدافع لحمل السلاح والانضمام إلى صفوفهم. بحسب عائلته، مرّ سالم بتجربة مريرة في السعودية حيث عمل لمدة عامَين قبل أن ترحله السلطات إلى اليمن في العام 2014 لدخوله المملكة بشكل غير قانوني. وعندما عاد سالم إلي اليمن، لم يجد سوى الحرب، لتتلقّفه حركة الحوثيين وتجنّده في صفوفها، مستفيدةً من موقفه المستاء من السلطات السعودية.36
في الواقع، تتشابه قصة سالم مع قصص الكثير من الشباب اليمنيين الذين انخرطوا في الحرب بسبب هذا الخطاب الذي تروّج له حركة الحوثيين وتساهم السعودية في تعزيزه. فمنذ بداية التدخل العسكري بقيادة السعودية في العام 2015، بدأ الحوثيون بالترويج لسردية استعادة الحدود من خلال توزيع لوحات تسجيل مركبات خاصة في نجران وعسير وجيزان، تدرج المناطق الثلاث كمحافظات يمنية. ورأى آنذاك بعض اليمنيين الذين لم يتبنوا إيديولوجيا الحوثيين أن هذه المبادرة مشجعة واعتبروها دليلًا على أن الجماعة قد تجاوزت أصولها المحلية والطائفية واتخذت موقفًا وطنيًا يمنيًا.37 وبحلول العام 2017، أي بعد عامَين على بدء تدخل التحالف الذي تقوده السعودية عسكريًا، تنامت ظاهرة تجنيد الشباب من قبل الحوثيين "لرفد الجبهات".38 كان سالم من بين هؤلاء المجنّدين، إذ انضم في العام 2017 إلى اللجان الشعبية الحوثية، وهي مجموعات تضم مقاتلين محليين متطوعين.39
خلّف تدخّل الرياض العسكري خللاً على المستوى اليمني، من خلال التركيز حصرًا على إلحاق الهزيمة بالحوثيين، من دون دعم شريكتها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في تعزيز سلطاتها في المحافظات اليمنية التابعة لها. هذا الضعف الحكومي انعكس بشكل واضح في الكثير من المناطق اليمنية وساهم في بروز بعض المليشيات المسلحة التي استفادت من حالة الفراغ. وفي نيسان/أبريل 2015، أي في الشهر الذي أعقب التدخل، استطاع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية السيطرة على مدينة المكلّا، عاصمة محافظة حضرموت. وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو عدو السعودية اللدود ويهدف بحسب أدبياته إلى الإطاحة بنظامها.40 وتعيّن على الرياض إذًا التعامل مع تداعيات سيطرة التنظيم على مدينة ساحلية مهمة. واضطر السعوديون وحلفاؤهم إلى تخصيص موارد كبيرة من حملتهم ضد الحوثيين لطرد التنظيم من المكلا41 وحققوا هدفهم في نيسان/أبريل 2016.42
على الصعيد الإنساني، خلّفت الحرب التي يقودها التحالف بقيادة السعودية مع جماعة الحوثيين عواقب كارثية، إذ هدّد شبح المجاعة الدائم مناطق كثيرة في اليمن.43 ووجهت الحرب أيضًا ضربة قاضية إلى الاقتصاد اليمني، إذ دمّرت الغارات الجوية منشآت تجارية كثيرة وعطلت الاقتصاد في عدد من المحافظات اليمنية. في السياق نفسه، أُغلق أكثر من ربع (26 في المئة) إجمالي المؤسسات الصغيرة في اليمن منذ آذار/مارس 2015 وأقدمت معظم الشركات التي أغلقت أبوابها (95 في المئة) على هذه الخطوة لأنها تعرضت لأضرار مادية.44 بالإضافة إلى ذلك، استهدفت العمليات العسكرية التي نفّذها التحالف البنية التحتية الخاصة بالنقل وبات قسم كبير منها غير صالح للاستخدام، بما في ذلك الطرق الرئيسية والجسور ومحطات البنزين. أما العواقب غير المباشرة فكانت وخيمة، إذ واجه عدد كبير من الشركات الخاصة صعوبة كبيرة في تصدير منتجاتها بسبب الحرب والمشاكل اللوجستية، فضلًا عن تراجع استعداد المستوردين الأجانب للمخاطرة بالتعامل مع شركات في بلد أصبح ساحة حرب. ودفع هذا الوضع عددًا كبيرًا من رواد الأعمال اليمنيين إلى مغادرة البلاد والبحث عن فرص في الخارج. وفاقم خروج رأس المال نتيجة هذا النزوح الجماعي الوضع الاقتصادي، وفقد آلاف اليمنيين عملهم في ظروف صعبة جدًّا.45
في السياق عينه، تدهورت الأوضاع الاقتصادية في المناطق المتاخمة للبلدَين من خلال مصير أسواق الحدود اليمنية الشهيرة، التي حوّلت مناطق مقفرة متاخمة للسعودية إلى مناطق مزدهرة اقتصاديًا. شكلت هذه الأسواق في العقد الأول من القرن الحالي عامل جذب لليمنيين والسعوديين من رواد أعمال وعمال مهاجرين، ولكنها وقعت ضحية توسع الحوثيين ثم عسكرة الرياض للمناطق الحدودية. واليوم، زالت أسواق الحدود عن الوجود، إذ أُغلقت العشرات منها نتيجة الحرب. وقع معظم هذه الأسواق في الشمال الغربي حيث دارت مواجهات عسكرية عنيفة جدًا بين القوات التي تقودها السعودية والحوثيين. انتقلت أسواق أخرى إلى الداخل وحصلت على فرصة جديدة، ولكنها فقدت في هذا الإطار سماتها الرئيسية كمراكز تجارية عبر الحدود.46
ولزيادة الطين بلة، تدرس الرياض إمكانية إحياء مشروع الجدار الحدودي المتوقف منذ فترة طويلة في جيزان، مقابل محافظة صعدة اليمنية، وإنشاء منطقة عازلة في محافظة حجة اليمنية.47 وتنتهك هذه الخطوات اتفاقيات الحدود السعودية اليمنية، ولا سيما معاهدة جدة التي تنص على إخلاء المواقع العسكرية على جانبَي الحدود وحق رعاة الماشية في عبور الحدود ذهابًا وإيابًا. ومن غير المتوقع أن تخلّف هذه الخطوات تأثيرًا كبيرًا على أمن الحدود، إذ لا تستطيع المناطق العازلة والجدران الحدودية ردع الطائرات المسيّرة والصواريخ، بل ستلحق الضرر بالنسيج الاجتماعي بين المجتمعات الحدودية وتفاقم تظلّماتهم، بخاصة في الحالة السعودية اليمنية، وقد يسخّر لاحقًا الحوثيون أو غيرهم هذه التظلّمات لأهدافهم الخاصة.
تجدر الإشارة إلى أن إغلاق أسواق الحدود والتغييرات الأخرى التي طرأت على اقتصاد الحدود لم تؤثر في المجتمعات الحدودية اليمنية فحسب، بل دمّرت أيضًا النظام الاقتصادي في عدد من المجتمعات الحدودية السعودية. ونظرًا إلى تضاؤل فرص التجارة الشرعية إلى حدٍّ كبير في هذه المناطق، تحوّل أفراد المجتمعات الحدودية السعودية، على غرار نظرائهم في اليمن، إلى التهريب وارتكزوا لهذه الغاية على العلاقات التجارية التي أقاموها مع اليمنيين على مر السنين، وقوّضوا أمن السعودية من خلال تهريب الأسلحة وغيرها الكثير إلى الأراضي السعودية.
بالإضافة إلى ذلك، لم تنجح القيود الأمنية التي فرضها السعوديون على الحدود اليمنية والعمال اليمنيين في وقف تدفق اليمنيين إلى السعودية. وعجز سوق العمل في اليمن، أكثر من أي وقت مضى، عن التخفيف من حدة البطالة التي ارتفعت في كل شرائح المجتمع اليمني تقريبًا، ما دفع بالكثير من اليمنيين إلى الهجرة إلى السعودية، على الرغم من المخاطر التي تنطوي عليها هذه الخطوة التي أصبحت مخالفة للقانون. وأدى انتشار الاتجار بالبشر وتزايد عدد الأشخاص على جانبَي الحدود النشطين في هذا المجال والسهولة النسبية التي يهرّبون فيها الأشخاص إلى هبوط التكاليف. ذكر عدد من سكان الحدود في المقابلات التي أُجريت معهم أن تكلفة تهريب الشخص من اليمن إلى السعودية بلغت 2,000 ريال سعودي (533 دولارًا أمريكيًا) قبل الحرب، وانخفض هذا السعر نتيجة الحرب ليصبح 700 ريال (186 دولارًا).48
ومع ذلك، تصر السعودية على مواصلة استراتيجيتها المرتكزة على الأمن التي لم تخلّف سوى مزيدٍ من عدم الاستقرار. فالإجراءات التي تتخذها الرياض على طول الحدود أو بجوارها تعطل بشكل مباشر حياة المجتمعات المحلية وتؤثر بشكل غير مباشر في اقتصاد اليمن ككل، ولا تعزز الأمن الداخلي السعودي. من المستحيل عمليًا فصل المناطق الحدودية اليمنية عن الداخل اليمني، وهذا ما يحاول السعوديون القيام به من خلال العسكرة ومشروع المنطقة العازلة. في تاريخ كتابة هذه الورقة، كانت الفصائل المنضوية في إطار الحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة من التحالف، منقسمة بشكل كبير على الرغم من إنشاء مجلس القيادة الرئاسي، الهادف إلى توحيدها. وفي حال لم تحوّل الرياض جهودها نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي في اليمن، فستواصل الدولة اليمنية انهيارها بوتيرة أسرع وسيتأتى عن هذا الواقع تهديد أخطر لأمن السعودية.
لقد ساهم النهج المرتكز على الأمن الذي اعتمدته السعودية في اليمن في تدهور اقتصاد البلاد، وتسبّب بأزمة إنسانية، وأثار غضبًا عارمًا في أوساط اليمنيين، وزعزع استقرار البلاد في نتيجة هي الأخطر من بين نتائجه كافة، فبات من الضروري وضع إطار سياسي جديد. يقوم الخيار البديهي المفيد للطرفَين على اعتماد برنامج إنعاش اقتصادي يعود بالفائدة على السعودية أيضًا، ولا سيما على الصعيد الأمني. ويصبح في الواقع الخيار المعقول الوحيد، نظرًا إلى نية السعوديين الظاهرة بتقليص عملياتهم العسكرية في اليمن مقابل وقف الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية. وفي حال انسحبت السعودية من دون وضع اتفاق شامل مع كل الأطراف، فإن ذلك سيدفع اليمن إلى دوامة عنف جديدة. ومن شأن تفادي هذه النتيجة أن يصب في مصلحة الرياض، وسيتعيّن على السعوديين العمل مع عدد من الأفرقاء اليمنيين من أجل تحقيق هذه الغاية، مع حلفائهم أولًا ومع الحوثيين أنفسهم في نهاية المطاف، لوضع البلاد على مسار التعافي.
كخطوة أولى، تستطيع الرياض إعادة إحياء وتعزيز اللجان الاقتصادية السعودية اليمنية المشتركة التي تشكلت في إثر توقيع معاهدة جدة في العام 2000 ولم تفعَّل قط. ويمكن أولًا تنفيذ التوصيات التي تقدّمت بها اللجان، وتتعلق بمشاريع الإنعاش الاقتصادي في الأراضي الحدودية، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية التي تجمعها علاقات وثيقة بالسعودية، ومن ثم تنفيذها لاحقًا في أماكن أخرى، في حال توصل السعوديون إلى تفاهم مع الحوثيين.
لا بد من أن يتصدر إحياء أسواق الحدود قائمة أهداف اللجان الاقتصادية، ولكن يجب الإقرار بأن هذا الهدف طموح من دون شك. في غضون ذلك، قد تنظر اللجان في تنفيذ مشاريع أبسط مثمرة اقتصاديًا، ولو على نطاق أضيق، من بينها منطقة تجارة حرة (واحدة) تنشئها السعودية على أراضيها، ضمن حدودها مع اليمن، على غرار المنطقة الحرة بالمزيونة التي أنشأتها عُمان على حدودها الجنوبية الغربية مع محافظة المهرة اليمنية. لقد استفاد سكان المهرة ومحيطها بدرجة كبيرة من هذه الرئة الاقتصادية. وإذا أطلقت الرياض مشروعًا مماثلًا على أراضيها، فستضمن إشرافها على المسائل الأمنية وتحفّز في الوقت عينه التجارة بين اليمنيين والسعوديين.
كذلك، سيساعد الاستثمار في قطاعات اقتصادية محدّدة في الداخل اليمني على ضمان استقرار المجتمعات التي هجّرتها الحرب وشتّتتها، ولا سيما إذا ترافق مع رفع القيود على استيراد السلع اليمنية أو تخفيفها. والزراعة هي أهم هذه القطاعات، إذ يملك اليمن مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في المناطق غير الخاضعة للحوثيين والتي تشكل 65 في المئة تقريبًا من البلاد، وحيث تبسط السعودية وحلفاؤها المحليون أو وكلاؤها سيطرتهم. يمكن للمشاريع الزراعية في هذه المناطق توفير فرص العمل لآلاف المزارعين والعمال، كما فعلت قبل الحرب. صدّرت آنذاك مناطق البلاد الغربية والجنوبية مجموعة متنوعة من المنتجات الزراعية، ولا سيما الفواكه والحبوب، ويمكن تحقيق ذلك مجددًا في حال تأمن الاستثمار وأُعيد فتح الأسواق السعودية أمام المنتجات الزراعية اليمنية.
وإذا أُعيد تنشيط القطاع الزراعي في اليمن ووفّر مجدّدًا فرص العمل لنسبة كبيرة من المزارعين وعمال الزراعة ذوي الخبرة في البلاد، فسيملك هؤلاء العمال المهرة حافزًا قويًا للبقاء في البلاد. وسيسمح ذلك للسعودية بتخفيف القيود المفروضة على دخول اليمنيين من دون خوف من تشجيعهم بغير قصد على مغادرة اليمن، حيث تشتد الحاجة إليهم، والتوجه إلى المملكة العربية السعودية. يشكل العمال غير المهرة فئة اليمنيين الذين يترقبون عادة فرصة الانتقال إلى السعودية، أي الأشخاص عينهم الذين تعتمد عليهم الرياض في قطاع البناء. شكّل اليمنيون تقليديًا نسبة كبيرة من القوى العاملة في هذا القطاع، ولا سيما في جنوب السعودية. وتملك المملكة اليوم عددًا من المشاريع الاقتصادية الواسعة النطاق التي تتطلب عشرات الآلاف من العمال، وما من سبب وجيه يمنع اليمنيين من شغل الوظائف المعروضة مجددًا.
يجب أن تدرك السعودية أن أمنها مرهون بدرجة كبيرة باستقرار اليمن وازدهاره الاقتصادي. للمفارقة، تُظهر التطورات التي حصلت لغاية الآن أن النهج المحدود القائم على الأمن لا يضمن قط الأمن المطلوب. لقد خلّف هذا النهج بالفعل تداعيات سلبية واسعة النطاق، وسيؤدي استمراره إلى زيادة الفوضى، وتنامي حالة الاستياء، وازدياد نسبة المجنّدين في حركة الحوثيين.
خاتمة
دخل الصراع اليمني عامه الثامن وفاقم معه الانقسامات القائمة، وولّد انقسامات جديدة، ناهيك عن جذب المزيد من اليمنيين إلى المعسكرات المتحاربة. وسيدفع استمرار الحرب في اليمن الدولة إلى حافة الانهيار، وسيهدّد هذا الانهيار بدوره الدول المجاورة، ومن بينها السعودية نفسها، بطرق متعددة. لن تتبدّد مواقف الاستياء المتنامي في أوساط الكثير من اليمنيين تجاه السعودية حتى وإن قررت إيقاف عملياتها العسكرية، نظرًا إلى تأثيرات السياسات الأمنية والعسكرية التي انتهجتها الرياض في السنوات الماضية، خصوصًا بعد حملة عسكرية استمرت لسنوات وتاريخ طويل من التدخل في الشؤون اليمنية. ويعتبر كثيرون بأن هذا التدخل ساهم في حالة الفشل الذي تعيشه البلاد.
بالفعل، ستتطلب تهدئة اليمنيين الذين تأثروا باستراتيجيات السعودية السياسية والعسكرية والاقتصادية، ولا سيما في السنوات الأخيرة، أكثر من الانسحاب بكثير. وستقع مسؤولية التهدئة على عاتق الرياض لتجنيب اليمن مصير أفغانستان التي تخلّت عنها القوى الخارجية وتركتها لتنهار من الداخل. إذًا، على السعودية أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق حالة من الانتعاش الاقتصادي مصحوبًا بتفاهمات واضحة مع الفصائل اليمنية ومن بينها الحوثيين، وبالتالي المساهمة في ضمان استقرار اليمن ودعم اقتصاده المتأزم.
هوامش
1هذا الاسم مستعار.
2عصام السيد، عسير في العلاقات السياسية السعودية اليمنية: 1919-1934، (القاهرة: دار الزهراء للنشر، 1989)، ص. 208.
3 Treaty of Islamic Friendship and Arab Brotherhood (Treaty of Taif), United Nations Peacemaker, May 20, 1934, https://peacemaker.un.org/sites/peacemaker.un.org/files/SA%20YE_340520_Treaty%20of%20Islamic%20friendship%20and%20Arab%20brotherhood%20%28Treaty%20of%20Taif%29.pdf.
4 Jacob Goldberg, “The Origins of British-Saudi Relations: The 1915 Anglo-Saudi Treaty Revisited,” Historical Journal 28, no. 3 (1985), 693–703, http://www.jstor.org/stable/2639145.
5منظمة هيومن رايتس ووتش، "الإسماعيليون في نجران: مواطنون سعوديون من الدرجة الثانية"، 22 أيلول/سبتمبر 2008، Https://www.hrw.org/ar/report/2008/09/22/255844
6المصدر السابق.
7"الحوثيون في وثائق خاصة (4).. خرائط حوثية قديمة وحديثة توضح التخطيط للسيطرة على مناطق يمنية وسعودية وكيفية التوغل العسكري والفكري فيها"، المصدر أون لاين، 30 نيسان/أبريل 2020،
https://almasdaronline.com/articles/180890
8 Fadel Al-Maqhafi, “More than Just a Border Dispute: The Regional Geopolitics of Yemeni-Saudi Relations,” PhD Thesis, 2012, School of Oriental and African Studies SOAS, University of London, 130.
9 Treaty of Islamic Friendship and Arab Brotherhood (Treaty of Taif), United Nations Peacemaker, May 20, 1934, https://peacemaker.un.org/sites/peacemaker.un.org/files/SA%20YE_340520_Treaty%20of%20Islamic%20friendship%20and%20Arab%20brotherhood%20%28Treaty%20of%20Taif%29.pdf.
10 Fadel Al-Maqhafi, “More than Just a Border Dispute: The Regional Geopolitics of Yemeni-Saudi Relations,” 170.
11المصدر السابق.
12 “Yemen, Saudi Arabia Sign Border Deal,” BBC News, June 12, 2000, http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/788153.stm.
13"مقابلة صحيفة عكاظ مع الأخ رئيس الجمهورية"، المركز الوطني للمعلومات، 29 حزيران/يونيو 2000،
https://yemen-nic.info/presidency/detail.php?ID=6114
14"السعودية واليمن توقعان اتفاقا نهائيًا ودائمًا للحدود"، البيان، 13 حزيران/يونيو 2020،
https://www.albayan.ae/last-page/2000-06-13-1.1068543
15أحمد ناجي، "أسواق الحدود اليمنية: من حواضن اقتصادية إلى جبهات عسكرية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 21 أيلول/سبتمبر 2021،
https://carnegie-mec.org/2021/09/21/ar-pub-85226
16"ناشطون يطلقون حركة "عسير" لاستعادة الأراضي اليمنية (عسير ونجران وجيزان) من الاحتلال السعودي"، موقع يمن برس، 6 حزيران/يونيو 2012،
https://yemen-press.net/news9920.html;
انظر أيضًا "حركة حقوقية يمنية تطالب باستعادة اراض "احتلتها" السعودية"، أخبار البلد، 7 حزيران/يونيو 2012،
https://www.albaladnews.net/more-46257-2-حركة%20حقوقية%20يمنية%20تطالب%20باستعادة%20اراض%20احتلتها%20السعودية
17"ناشطون سياسيون في ساحة التغيير يشهرون منظمة لاستعادة السيادة على الأراضي اليمنية في المملكة العربية السعودية"، مأرب برس، 12 حزيران/يونيو 2011، https://marebpress.net/news_details.php?sid=34550; انظر أيضًا "حركة عسير من أجل إستعادة الأراضي اليمنية من السعودية تصدر بيانًا"، موقع يمن برس، 25 أيلول/سبتمبر 2012، https://yemen-press.net/news12792.html
18"وثائق سرية مسربة.. الجزيرة نت تكشف حقيقة المواقف السعودية من أبرز الملفات اليمنية"، الجزيرة، 2 آب/أغسطس 2020، https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/8/2/تجسست-على-اجتماعات-ودعمت-قبائل
19 Guido Steinberg, “Leading the Counter-Revolution: Saudi Arabia and the Arab Spring,” German Institute for International and Security Affairs, SWP Research Paper, June 2014, https://www.swp-berlin.org/publications/products/research_papers/2014_RP07_sbg.pdf.
20"سيطرة الحوثيين على صنعاء... ثورة مضادة وأجندة خارجية؟"، موقع قنطرة، 29 أيلول/سبتمبر 2014، https://ar.qantara.de/content/l-yn-ysyrtfq-lslm-wlshrk-lwtny-fy-lymn-sytr-lhwthyyn-l-snthwr-mdd-wjnd-khrjy
21 إليونورا أردماغني، "العسكرة على الحدود السعودية-اليمنية"، صدى (مدونة)، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 9 كانون الثاني/يناير 2020،
https://carnegieendowment.org/sada/80752
22غمدان اليوسفي، "الحرب اليمنية: ماذا خلف تجنيد يمنيين على الحدود السعودية؟"، منصة درج، 3 أيلول/سبتمبر 2019،
https://daraj.com/21299/
23علي الديلمي، "اليمنيون في السعودية: حوالات مالية أقل وسط مزيد من الضغوط للمغادرة"، مركز صنعاء للدرسات الاستراتيجية،
3 أيلول/سبتمبر 2020،
https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/11589
24ملاحظات المؤلّف استنادًا إلى زيارة ميدانية أجراها إلى المنطقة في أيار/مايو 2015.
25الموقع الإلكتروني للقوات اللبناني، ""الحياة": السعودية شرعت بإخلاء 96 قرية في جازان على الحدود مع اليمن"، 5 نيسان/أبريل 2015،
https://www.lebanese-forces.com/2015/04/05/ksa-yemen-jazan-border/
26"قرى مهجورة على الحدود السعودية مع اليمن مرآة لانعكاسات الحرب"، موقع Swissinfo.ch، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2017،
https://www.swissinfo.ch/ara/قرى-مهجورة-على-الحدود-السعودية-مع-اليمن-مرآة-لانعكاسات-الحرب/43580074
27مقابلة أجراها المؤلّف مع ثلاثة أشخاص من السكان المحليين في حجّة (عبر الهاتف)، 11 آذار/مارس 2022.
28"خارطة النفوذ في اليمن: من يسيطر على ماذا بعد عامين من الحرب؟"، مونت كارلو الدولية، 26 آذار/مارس 2017، https://www.mc-doualiya.com/articles/20170326-خارطة-النفوذ-في-اليمن-من-يسيطر-على-ماذا-بعد-عامين-من-الحرب؟
29 Trevor Johnston et al., eds., Could the Houthis Be the Next Hizballah? Iranian Proxy Development in Yemen and the Future of the Houthi Movement (Santa Monica: Rand Corporation, 2020), 63, https://www.rand.org/pubs/research_reports/RR2551.html.
30 Benoit Faucon and Dion Nissenbaum, “Iran Navy Port Emerges as Key to Alleged Weapons Smuggling to Yemen, U.N. Report Says,” Wall Street Journal, January 9, 2022, https://www.wsj.com/articles/iran-navy-port-emerges-as-key-to-alleged-weapons-smuggling-to-yemen-u-n-report-says-11641651941?mod=hp_lead_pos4.
31 Gregory D. Johnsen, “The UAE’s Three Strategic Interests in Yemen,” Arab Gulf States Institute, February 2022, https://agsiw.org/the-uaes-three-strategic-interests-in-yemen/.
32أحمد ناجي، "تمكين الانفصاليين"، ديوان (مدونة)، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 13 تموز/يوليو 2020، https://carnegie-mec.org/diwan/82284
33 Ibrahim Jalal, “The Riyadh Agreement: Yemen’s New Cabinet and What Remains to Be Done,” Middle East Institute, February 1, 2021, https://www.mei.edu/publications/riyadh-agement-yemens-new-cabinet-and-what-remains-be-done.
34"تقرير خاص" يكشف عن إرقام المرحلين اليمنيين من السعودية وواقع المغترب المر"، موقع المشاهد، 13 آذار/مارس 2018،
https://almushahid.net/27528/
35مقابلة أجراها المؤلّف مع شقيق سالم (عبر الهاتف)، 4 آذار/مارس 2022.
36مقابلة أجراها المؤلّف مع سالم (عبر الهاتف)، 19 كانون الثاني/يناير 2021.
37"شاهد بالصورة الحوثيون يسيطرون على نجران ويحولوها إلى المحافظة اليمنية رقم "23""، موقع صحافة نت، 13 تموز/يوليو 2015،
https://sahafaa.net/show1986289.html
38ملاحظات المؤلّف استنادًا إلى زيارات عدّة قام بها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في 2016 و2017.
39مقابلة أجراها المؤلّف مع والد سالم وشقيقه (عبر الهاتف)، 2 و4 آذار/مارس 2022، على التوالي.
40 Aisha Aljaedy, “Before Kabul, a Yemeni City Was Taken Over by Al Qaeda. This is its story,” Open Democracy, October 1, 2021, https://www.opendemocracy.net/en/north-africa-west-asia/before-kabul-a-yemeni-city-was-taken-over-by-al-qaeda-this-is-its-story/.
41ملاحظات المؤلّف.
42 Eleonora Ardemagni, “‘Two Hadramawts’ Emerge in a Fractured Yemen,” Middle East Institute, April 22, 2019, https://www.mei.edu/publications/two-hadramawts-emerge-fractured-yemen.
43 UN News, “Yemen Facing ‘Outright Catastrophe’ Over Rising Hunger, Warn UN Humanitarians, ” March 14, 2022, https://news.un.org/en/story/2022/03/1113852.
44 United Nations Development Programme, UNDP SMEPS Rapid Business Survey, November 16, 2015, https://www.undp.org/yemen/publications/undp-smeps-rapid-business-survey
45المصدر السابق.
46أحمد ناجي، "أسواق الحدود اليمنية: من حواضن اقتصادية إلى جبهات عسكرية"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط"، 2021،
https://carnegie-mec.org/2021/09/21/ar-pub-85226
47 Aziz El Yaakoubi, “Saudis Seek Buffer Zone with Yemen in Return for Ceasefire – Sources,” Reuters, November 17, 2020, https://www.reuters.com/article/yemen-security-saudi-usa-int-idUSKBN27X20B.
48مقابلة أجراها المؤلّف مع ثلاثة أشخاص من سكان المناطق الحدودية من مديريتَي عبس والوديعة (عبر الهاتف)، 17 شباط/فبراير 2022.