المصدر: Getty

بين التهميش وتغيّر المناخ: صمود قبيلة آيت خباش في المغرب

أدّت التغيّرات البيئية إلى مفاقمة أوجه التفاوت الاجتماعي في أوساط الرعاة الأمازيغ الرحّل في جهة درعة-تافيلالت، ما دفعهم إلى البحث عن سُبلٍ للتكيّف مع الواقع الجديد، وكشَف عن الثغرات التي تشوب أُطر السياسات المناخية المركزية الموجّهة من الدولة.

 ياسمين زغلول و إيلا ويليامز
نشرت في ١٩ ديسمبر ٢٠٢٥

مقدّمة

مع اشتداد ظاهرة تغيّر المناخ، تتجلّى تداعياتها بأقسى صورها على المجتمعات المهمَّشة حول العالم، حيث يتقاطع الجفاف، وعدم انتظام الأمطار، وتدهور النُظُم البيئية مع تاريخٍ طويل من التهميش السياسي والاقتصادي. وتُشكّل المجتمعات المحلية الأصلية التي تسكن المناطق الصحراوية في شمال أفريقيا خير شاهدٍ على هذا الوضع، على غرار قبيلة آيت خباش الأمازيغية التي عاش أبناؤها تاريخيًا حياة الترحال والرعي في جهة درعة-تافيلالت في المغرب. فالتغيّرات البيئية لا تطرح تحديات جديدة على أبناء هذه الجماعة فحسب، بل تفاقم أيضًا أوجه التفاوت الاجتماعي القائمة منذ زمن بعيد. وتُظهر تجربة هذه القبيلة مفارقة جوهرية: ففيما يُشاد بالمغرب دوليًا بوصفه من الدول الرائدة في مجال مكافحة تغيّر المناخ، ولا سيما من خلال استثماراته في مصادر الطاقة المتجدّدة، أظهرت سياساته فاعليةً محدودة في معالجة مكامن الضعف لدى المجتمعات الأكثر تعرّضًا لتداعيات تغيّر المناخ.

تُعَدّ الهجرة من بين الأساليب التي اعتمدها أبناء آيت خباش في مواجهة هذه التحديات. فعلى مدى العقود الماضية، انتقلوا من أنماط عيشٍ قائمة على الترحال على طول الحدود المغربية الجزائرية إلى حياة من الاستقرار في قرى مثل مرزوكة وحاسي لبيض، أو اختاروا النزوح نحو مدن مثل ورزازات ومراكش، أو حتى الهجرة إلى دول مثل فرنسا وإسبانيا.


A traditional tent, woven from camel and goat hair. Traditionally made by women, such tents can take twelve months to complete.

خيمةٌ تقليديةٌ تنسجها النساء عادةً من شعر الماعز والجمل، وقد يستغرق إنجازها اثنَي عشر شهرًا.


A small house on the outskirts of Hassilabied. Some families reside in both a tent and a house, alternating between the two.

بيتٌ صغيرٌ في محيط بلدة حاسي لبيض. تعتمد بعض الأُسر نمط السكن المزدوج، بين الخيمة حينًا والبيت حينًا آخر.   

وفي السنوات الأخيرة، عمَد أفراد آيت خباش إلى بناء قطاع سياحي في منطقتهم انطلاقًا من الصفر. فمن ناحية، يجسّد هذا المسعى آليات تكيُّف المجتمعات المحلية الأصلية مع الإقصاء البنيوي والضغوط البيئية، ومن ناحية أخرى، تكشف تجربة آيت خباش عن تحديات في أُطُر السياسات المناخية الحكومية، إذ كثيرًا ما تتغاضى عن المعرفة المحلية وآليات التكيّف غير الحكومية. ومع أن استراتيجيات التكيّف المجتمعية المحلية تؤكد قدرة هذه الجماعة المهمَّشة على الصمود، تبقى المبادرات التي تُطلَق من دون دعم من الدولة شديدة التأثّر بالصدمات الاقتصادية. فتعتمد الكثير من مشاريع السياحة الصحراوية على التعامل النقدي ومن دون التسجيل نظاميًا، ما يحرمها من الاستفادة من حزم الدعم الحكومي خلال الأزمات، مثل جائحة كوفيد-19.

في ظلّ تزايد تبعات تغيّر المناخ، قد تواجه هذه المشاريع اضطرابات مشابهة لما حدث في السابق، ما يُبرز بشكلٍ أكبر أوجه الضعف التي تعتري استراتيجيات التكيّف غير الرسمية. ونتيجةً لذلك، من الطبيعي أن تتأثّر حياة أفراد آيت خباش سلبًا بفعل أوجه اللامساواة المتجذّرة وحالة اللايقين بشأن المستقبل. ولمعالجة التحدّيات المناخية وتحسين علاقة الدولة بالمجتمع، واجتراح حلولٍ تضع في صميم أولوياتها حاجات آيت خباش، لا بدّ من بلورة استراتيجياتٍ تهدف إلى بناء الثقة، وتعزيز انخراط المجتمع المحلي في آليات صنع القرار، وتبنّي ممارساتٍ مستدامة، فضلًا عن الحفاظ على الثقافة المحلية.

أوجه الضعف المتقاطعة لدى آيت خباش

تنتمي قبيلة آيت خباش إلى اتحادية قبائل آيت عطا الأمازيغية. وقد عاش أبناء هذه الجماعة تاريخيًا في المناخ الصحراوي القاسي والبيئة الطوبوغرافية الصعبة في جنوب شرق المغرب ووسط غرب الجزائر، وتحديدًا في المنطقة المحيطة بواحة تافيلالت. ففي هذه الأرض حيث يُعدّ الماءُ مصدرًا للحياة ("أمان إيمان"، كما يُقال باللغة الأمازيغية)، لا يتجاوز معدّل هطول الأمطار السنوي بضع بوصات، وأحيانًا يقلّ عن بوصة واحدة. وعلى مدى قرون، اعتمد أبناء آيت خباش نظامًا يجمع بين المعرفة البيئية والتعاون المجتمعي لاستعمال المياه والمحافظة عليها، وكانوا يهاجرون موسميًا بحثًا عن المراعي لمواشيهم. لكنهم واجهوا على مدى القرنَين الماضيَين قيودًا متزايدة تعيق تنقّلهم، وتراجعت قدرتهم على الوصول إلى مصادر المياه في العقود الأخيرة.

بدأت القيود على حركة السكان وتنقّلهم مع احتلال فرنسا للجزائر في العام 1830، إذ حرم الفرنسيون أبناء آيت خباش من الوصول إلى بعض مراعيهم الشتوية، كما أعاقوا مشاركتهم في قوافل التجارة أحيانًا. واستمرّت هذه القيود حتى بعد استقلال المغرب والجزائر عن فرنسا، في العام 1956 والعام 1962 على التوالي، بسبب التوترات التي تتأجّج من حين إلى آخر بين البلدَين. فنتيجة إغلاق الحدود بشكلٍ متكرّر بين البلدَين الجارَين وتعزيز الإجراءات الأمنية، بات يصعُب الوصول إلى المراعي، ما دفع الناس إلى الانتقال من نمط حياة الترحال إلى المعيشة المستقرّة. وسرّعت موجات الجفاف المتتالية في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وتيرة هذا التحوّل، فتخلّى الكثير من الأُسر عن حياة الترحال واستقرّوا في مدن مثل الريصاني وأرفود، فضلًا عن مدن كبرى مثل ورزازات ومراكش. وقد لجأ هؤلاء النازحون إلى العمل في قطاعَي البناء والتعدين، أو اختاروا الانضمام إلى الجيش. أما اليوم، فلا تمارس سوى نسبة قليلة من عائلات آيت خباش حياة الترحال الكامل.

تُضاف إلى ذلك كلّه مسألة شحّ المياه، إذ تشهد جهة درعة–تافيلالت، وهي أساسًا منطقة قاحلة، انخفاض معدّلات هطول الأمطار حاليًا، وتفاقم موجات الجفاف وشحّ المياه. وقد أسهم الجفاف في نفوق ما يُقدَّر بثلثَي أشجار نخيل التمر البالغ عددها أربعة عشر مليونَ نخلة في المغرب خلال القرن الماضي). وبين العامَين 1970 و2020، شهدت معظم مناطق المغرب انخفاضًا في معدّل هطول الأمطار بنسبة تتراوح بين 4 و5 في المئة في كل عقد. وفي المناطق حيث لا يتجاوز معدّل هطول الأمطار السنوي 80 ملم، تُعدّ عملية النتح التبخّري، أي عملية انتقال المياه من اليابسة إلى الغلاف الجوي عبر مزيج التبخّر من سطح التربة والرشاحة من سطح النبات، من أبرز العوامل المؤدّية إلى استنزاف الموارد المائية. وقد أشار عددٌ من أفراد آيت خباش الذين أُجريت معهم مقابلات،1 إلى أن المنطقة لطالما كانت قاحلة ومحكومة بظروف مناخية قاسية، غير أن فترات الجفاف باتت الآن أطول وأشدّ حدّة على نحوٍ ملحوظ. كذلك، تفاقم شحّ المياه؛ ففي مقابلة أجرتها إحدى المؤلّفتَين، ذكر أحمد،2 وهو من السكان الرحّل ويدير نُزلًا صغيرًا في الصحراء منقطعًا عن شبكة الخدمات، أن العثور على المياه في السابق كان ممكنًا على عمق ثمانية أمتار تحت الأرض، أما الآن فبعض الناس يضطرّون إلى الحفر حتى 120 مترًا للوصول إلى المياه.

لا يمكن فهم التحدّيات البيئية في المغرب بمعزلٍ عن مسألة الحوكمة، سواء تعلّق الأمر بخصخصة المياه، أو بتطبيق القوانين البيئية، أو بضعف إشراك أصوات المجتمعات المحلية في عمليات التخطيط والتنمية. فعلى سبيل المثال، أدّت مشاريع الريّ التي ترعاها الدولة، والمتمحورة حول بناء السدود الكبرى التي تخدم الزراعة الصناعية الواسعة النطاق، إلى تفاقم موجات الجفاف الناجمة عن تغيّر المناخ. ويتّضح ذلك من خلال سدّ الحسن الداخل الذي أُقيم في العام 1971 على وادي زيز قرب إقليم الرشيدية في تافيلالت، وسدّ المنصور الذهبي الذي بُني في العام 1972. فمع أنّ هذَين السدَّين أُنشئا بهدف زيادة احتياطات المياه وضبط الفيضانات الشديدة، تسبّبا في الواقع بتأثيرات بيئية سلبية، منها تعطيل تغذية خزانات المياه الجوفية التي تقع عند جهة المصبّ، وتقليص خصوبة التربة. وقد ترافق بناء السدود الكبرى مع الإفراط في سحب المياه بواسطة المضخّات الآلية، ما أدّى إلى انخفاض المياه المخصّصة للريّ وتدهور النُظم البيئية في الواحات، ما أسفر بدوره عن تصحّر الأراضي.

A motorized pump that uses solar power to generate electricity. With more people opting for solar panels, such pumps can be found across Morocco.

مضخّة آلية تعمل بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء. ونظرًا إلى استخدام الناس بشكلٍ متزايدٍ ألواح الطاقة الشمسية، باتت هذه المضخّات منتشرة في مختلف أنحاء المغرب.

نتيجةً لذلك كلّه، يمسي الرعي يومًا بعد يوم مصدرًا غير مستدام لكسب الرزق، بعد أن شكّل في السابق سمة جوهرية في هوية جماعة آيت خباش واقتصادها. فالمراعي الآخذة في التقلّص وموجات الجفاف المتكرّرة تدفع الأُسر إلى بيع ماشيتها والهجرة، وأحيانًا إلى التخلّي كليًا عن حياة الترحال. كذلك، فإن غياب البنى التحتية الأساسية، مثل المدارس والمستشفيات، في المناطق النائية ساهم في دفع عددٍ من الناس إلى الاستقرار الدائم في المدن. وفي الوقت نفسه، بسبب التعليم والهجرة والسياحة، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، بات أفراد آيت خباش أكثر اطّلاعًا على أنماط الحياة الحضرية، ما أحدث تحوّلًا في تطلّعات الشباب. فبينما يتذكّر الشيوخ أسلوبَ عيشٍ تمحور حول التوق إلى الحرية والعناية بالمواشي، باتت الأجيال الجديدة أكثر ميلًا إلى الترقّي الاجتماعي، والاستقرار المالي، وحيازة الممتلكات المادية.

بدأت الهجرة من جهة درعة–تافيلالت إلى أوروبا في ستينيات القرن الماضي، مع سعي الوكلاء الفرنسيين إلى تشغيل العمّال في مناجم الفحم. وشكّلت فرنسا وجهة الهجرة الرئيسة، وبدرجة أقلّ هولندا وبلجيكا. كذلك، أدّت التحويلات المالية من أبناء الجاليات، إلى جانب التكافل المجتمعي، دورًا أساسيًا في انتقال آيت خباش من حياة الترحال إلى الاستقرار، وفي تطوير استراتيجيات تكيّفهم. في الواقع، تمتدّ شبكات هذه القبيلة في جميع أنحاء المغرب، وتتمركز بقوة في المدن الجنوبية الشرقية ومدينة مراكش. وغالبًا ما يسلك المهاجرون المسارات المعهودة التي اتّبعها أفراد آيت خباش من قبل، فيعملون في المؤسّسات والأنشطة التابعة لشبكاتهم في مراكش وورزازات والريصاني.

أما اليوم، فقد أصبحت الهجرة الدولية محدودة بسبب تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود والمخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها الرحلات عبر البحر الأبيض المتوسط، ما يصعّب الوصول إلى السواحل الأوروبية. ومع ذلك، لا تزال حركة الهجرة الداخلية قوية، سواء نحو المدن الكبرى على الساحل الأطلسي أو داخل الجهة نفسها (مثل مراكش). كذلك، أتاح تحوّل القرى إلى مراكز حضرية صغيرة ومتوسطة فرصَ عملٍ خارج القطاع الزراعي. فضلًا عن ذلك، غيّرت الكثير من الأُسر التي لا تزال تعيش بالقرب من موطنها الأصلي استراتيجيات تكيّفها، فأسهمت في بناء قطاع سياحي محلي مبتكر ونابض بالحياة، يشمل المخيّمات الصحراوية ودور الضيافة وخدمات الإرشاد السياحي والنقل.

التنمية الاقتصادية المُنطلقة من المجتمع المحلي في درعة-تافيلالت

خلال السنوات القليلة الماضية، تمكّن أبناء آيت خباش من بناء قطاعٍ سياحي مجتمعي محلي، يتركّز حول المخيّمات الصحراوية، وهي عبارةٌ عن خيام موسمية تُنصب بالقرب من الكثبان الرملية وتتضمّن خدماتها تنظيم الرحلات عبر الصحراء، وتقديم وجبات الطعام، وتوفير المبيت. وتختلف هذه المخيّمات عن دور الضيافة والفنادق الصغيرة، التي هي عمومًا مبانٍ ثابتة وبعيدة في الكثير من الأحيان عن الكثبان الرملية. تتولّى الأُسر والشبكات المحلية إنشاء هذَين النوعَين من المرافق، مُعتمدةً على المساعدات من داخل الجماعة كما على التحويلات المالية من الخارج متى تيسّر ذلك، في ظلّ اضطلاع الدولة بدورٍ محدود في التخطيط أو الاستثمار. وأفضت هذه المساعي إلى نموّ قطاعٍ سياحي مُزدهر في منطقةٍ قلّما استقطبت السيّاح الأجانب في السابق.

أتاحت هذه المبادرات آلاف فرص العمل لأبناء الجماعة، وحافظت على تماسك الأُسر، ومكّنت السكان من الحفاظ على ارتباطهم الوثيق بأرض الأجداد. وفي حين أن الهجرة غالبًا ما تُعطِّل عملية تناقل المعرفة بين الأجيال، وتُبدِّل الهياكل الاجتماعية، وتُولّد شعورًا بخسارة الهوية الثقافية، تسهم المشاريع الاقتصادية المُنبثقة من المجتمع المحلي في تعزيز الاستدامة الثقافية والحفاظ على قدرٍ من اللُحمة بين أفراد الجماعة. مع ذلك، تبقى المخيّمات الصحراوية، بحكم اعتمادها الكبير على المياه، عرضةً للتأثُّر بتداعيات تغيّر المناخ والصدمات العالمية.

شُيّد أوّل نُزل تابع للبلدية في مرزوكة في العام 1975. وخلال السنوات الأولى، تولّت الأُسر المحلية الاهتمام بالسيّاح القلائل أثناء زيارتهم المنطقة، عبر تقديم الشاي لهم، وتنظيم جولات على الجِمال، وتزويدهم بخيامٍ بسيطة بين الكثبان الرملية. وشهدت السياحة الدولية في جهة درعة-تافيلالت ازدهارًا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، لتصبح بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قطاعًا يُدرّ إيراداتٍ بملايين الدولارات، نتيجة المشاريع الجديدة التي عملت على تطوير البنية التحتية مثل الكهرباء، ومياه الشرب، وشبكة الإنترنت، والطرق التي تربط مدينة الريصاني بالبلدات الصغيرة. وإلى جانب الرحلات وسط الكثبان الرملية، ازدهرت أيضًا الحمّامات الرملية (وهي أسلوبٌ علاجي بالرمال الساخنة، من خلال "الدفن" في الرمل) المعروفة بفوائدها الصحية، في بلدتَي حاسي لبيض ومرزوكة، وجذبت الزوّار من شمال المغرب بشكل أساسي. وبفضل أُسر الرحّل التي أسّست أولى الوكالات السياحية المحلية، والمهاجرين الذين عادوا إلى ديارهم، شهد هذا القطاع نموًا ملحوظًا، إذ تحوّل نشاطه من الخيام المتواضعة إلى مزيجٍ من المخيّمات الواسعة والخيام الفاخرة ودور الضيافة. وعلى الرغم من الفياضات التي تعرّضت لها مرزوكة في العام 2006، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنى التحتية، سارع السكان المحليون إلى معاودة البناء.

تتركّز الأنشطة السياحية بصورةٍ أساسية في محيط مدينة ورزازات، كما في مرزوكة وحاسي لبيض. وتتواجد أيضًا مطاعم وشركات لتأجير الدرّاجات النارية والسيارات المصمّمة للقيادة على الطرق الوعرة. يشكّل السيّاح الأجانب غالبية زوّار المخيّمات والفنادق: ففي العام 2018، زار ثلثا الوافدين إلى المغرب مدينة ورزازات، فيما قصد 23 في المئة منهم إقليم الرشيدية. وفي العام 2025، أُطلقَت فعاليات النسخة الأولى من مهرجان "أيام درعة-تافيلالت"، الذي شكّل محطة حاسمة في مسار الترويج للمقوّمات السياحية التي تزخر بها هذه الجهة.

عادةً ما يعتمد التحوّل من حياة الترحال إلى قطاع السياحة على انتقال أحد أفراد الأسرة، الابن البكر مثلًا، إلى بلدة مجاورة مصطحبًا بعض الجِمال، أو على بدئه العملَ في فندق، قبل أن ينضمّ إليه باقي أفراد الأسرة. بدأ حسن حياة الترحال في رفاعية، متنقّلًا بين تافراوت ومهارش، ليعود إلى دياره خلال أشهر الشتاء. وفي العام 2004، حين كان في أوائل العشرينيات من العمر وبلغ إخوته من السنّ ما يسمح لهم بالاعتناء بجِمال الأسرة، انتقل إلى حاسي لبيض بحثًا عن عمل. وقد ساعده عمّه في ذلك، وعثر له على عملٍ في استصلاح واحات النخيل. وفي وقتٍ لاحق، ساعده قريبٌ آخر على العمل كسائقٍ للجِمال التي يركبها السياح أثناء إقامتهم في أحد فنادق البلدة. ومع مرور الوقت، انضمّ إليه إخوته في إنشاء مخيم صحراوي مؤقّت في المنطقة. ومع ارتفاع عدد الحجوزات وازدهار السياحة القائمة على المخيّمات الصحراوية عمومًا، باعوا الجِمال المتبقّية لديهم لبناء موقع ثابت، ولم يمضِ وقت طويل حتى انضمّ إليهم باقي أفراد الأسرة.3 

وعلى نحو مشابه، اضطلعت النساء بدورٍ في قطاع السياحة، وإن على نطاق أصغر، غالبًا من خلال التعاونيات، وهي عبارةٌ عن منظمات مملوكة جماعيًا، ما يسمح بجمع الموارد وتقاسم الأرباح. في حاسي لبيض مثلًا، تعمل إحدى التعاونيات النسائية على صنع البسكويت والحلوى التقليدية وتوزيعها على عددٍ من المخيّمات الصحراوية.4 تساعد مثل هذه التعاونيات النساء على تأمين سُبل العيش عبر تحويل مهاراتهنّ المنزلية إلى أنشطة اقتصادية مُدرّة الدخل، ما يؤدّي إلى تنظيم العمل بشكل جماعي، والحفاظ على النسيج المجتمعي، إضافةً إلى دمج المرأة في القطاع السياحي.

وعلى الرغم من أن هذا القطاع يوفّر لأبناء آيت خباش فرصةً لتنويع مصادر دخلهم، فهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتغيُّر المناخ، وبالتالي يظلُّ عرضةً للتأثّر بتداعياته. فالسياحة الصحراوية تعتمد على موردٍ نادر وثمين هو المياه، إذ غالبًا ما توفّر المخيّمات خدمات ومرافق عدّة تتطلّب المياه، مثل المسابح. يُضاف إلى ذلك أن السياحة عرضة للتأثّر بالأزمات العالمية، كما ظهر جليًّا من خلال الانهيار العالمي لهذا القطاع أثناء تفشّي جائحة كوفيد-19. فالكثير من أبناء آيت خباش، الذين انتقلوا إلى النشاط السياحي، وجدوا أنفسهم بلا عملٍ بين ليلةٍ وضحاها، وعاد بعضهم مؤقتًا إلى حياة الترحال أو الزراعة.

في نهاية المطاف، بينما يعكس توجّه آيت خباش نحو إنشاء قطاع سياحي في الصحراء قدرتَهم على الصمود والتكيّف، فهو ينطوي أيضًا على مخاطر ونتائج سلبية. فقد عبّر الكثير من أفراد هذا المجتمع المحلي، في مقابلات أُجريت معهم، عن شعورهم بالحزن بسبب انحسار حياة الترحال وأساليب العيش التقليدية المرتبطة بها. فالتكيُّف، حتى إن كان وسيلةً للصمود، قد يترافق مع تقويض الهوية الثقافية ومفاقمة مواطن الضعف، ما يثير تساؤلات أساسية حول ما يُعدّ نجاحًا حقيقيًا. وفي هذه الحالة، إن التكيُّف وحده غير كافٍ للتعويض عن مكامن الضعف البنيوية الناجمة عن موجات الجفاف المطوّلة، وتقلّص المراعي، وعدم انتظام توافر الخدمات. هذه الديناميّات القائمة على الصمود وسط بيئةٍ محفوفة بالتحديات تُبرز الفجوة بين الاستراتيجيات المحلية وأُطر السياسات الوطنية، وهي مسألةٌ تتفاقم بسبب تفاوت حضور الدولة وبرامجها التنموية في هذه المناطق.

آيت خباش والدولة المغربية

على الرغم من تنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى في درعة-تافيلالت، ما زالت هذه الجهة تواجه تحديات على مستوى البنى التحتية وجودة الخدمات، إلى جانب محدودية الاستثمارات الاجتماعية. وفيما تبذل المنظمات غير الحكومية المحلية جهودًا لمعالجة بعض أوجه القصور الأساسية – مثلًا عبر استصلاح واحات النخيل وحفر آبار مياه وتزويدها بمضخّات تعمل بالطاقة الشمسية - تبقى هذه المبادرات متفرّقة ومحدودة النطاق. فلا المشاريع التي تطلقها المنظمات غير الحكومية ولا الاستراتيجيات التي يتّبعها أبناء آيت خباش (سواء على الصعيد الفردي أم الجماعي) للتكيّف مع الظروف المناخية، تكفي لمواجهة التأثيرات المتداخلة الناجمة عن تغيّر المناخ والتهميش الاجتماعي الاقتصادي.

تجسّد درعة-تافيلالت مفارقات المسار التنموي في المغرب. فعلى الرغم من ثرائها بالموارد الطبيعية، واحتوائها على رواسب واسعة من الفضة والمعادن، واحتضانها مجمّع "نور" للطاقة الشمسية، إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية المركَّزة في العالم، ما زالت تُعدّ من بين الجهات ذات المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية الأضعف في المغرب. فهي تسهم بأقل من 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وقد تجاوزت فيها نسبة الفقر (البالغة 14.6 في المئة) ومؤشّر الهشاشة إزاء الفقر (البالغ 16.2 في المئة) المتوسّط الوطني. ووفقًا لخريطة الفقر الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، وصل معدّل الفقر في جهة درعة-تافيلالت في العام 2024 إلى 7.7 في المئة، أي أعلى من المعدّل الوطني البالغ 6.8 في المئة. في الواقع، سجّلت هذه الجهة أعلى معدّل وطني للفقر والهشاشة مجتمعَين، بنسبة بلغت 19.5 في المئة.

يُعزى هذا الأمر إلى تضافر مجموعة من العوامل، بما في ذلك تدنّي نسب الالتحاق بالمدارس، وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية، وقسوة الظروف المعيشية التي تتجلّى من خلال نقص الخدمات وضعف البنى التحتية الأساسية مثل المياه، والكهرباء، والاتصالات، والصرف الصحي، والسكن. وتتقاطع هذه التحديات الاجتماعية الاقتصادية مع ظروف بيئية قاسية، ما يفاقم صعوبة الحفاظ على سُبل العيش التقليدية. وتقتضي معالجة هذه الضغوط الهيكلية صياغة تفاهم تفاوضي بين الدولة والمجتمع يراعي حاجات المنطقة وخصوصياتها. على صعيد الدولة، من شأن هذا التعاون أن يحدّ من وتيرة النزوح من الأرياف إلى المدن، ويحافظ على البيئة الطبيعية والمقوّمات السياحية، ويقلّص التكاليف الناجمة عن الأزمات المناخية المتكرّرة. أمّا على صعيد المجتمعات المحلية، فسيكفل هذا النهج أن تحظى استراتيجيات التكيّف بدعم حكومي أكثر انتظامًا واستدامة.

صحيحٌ أن انكفاء هذه المجتمعات المحلية بشكلٍ كبير عن الدولة، نتيجة إرثٍ طويل من التفاوت التنموي وذكريات السياسات الأمنية الصارمة، عزّز استقلاليتها، إلّا أنه أعاق في المقابل عملية اندماجها في المؤسسات الوطنية. فبعض الخيام الصحراوية غير مسجَّلة رسميًا، وبالتالي غير مؤهّلة لتلقّي المساعدات الحكومية في أوقات الشدّة. في الواقع، يفضّل الكثير من أبناء آيت خباش الاعتماد على شبكاتهم المجتمعية، بدلًا من الانخراط في البرامج الحكومية. ويتجنّب معظمهم التعامل مع النظام المصرفي؛ وعلى الرغم من توافر منح حكومية مخصّصة للمشاريع السياحية، يختار معظم أفراد هذه الجماعة عدم الحصول عليها. هذا ما عبّر عنه عمر، صاحب خيمة صحراوية، في مقابلة معه، حين قال: "نحن نفضّل أن نقترض المال من أحد أبناء ]مجتمعنا[، بدلًا من قبول منحة من الحكومة".5 إن فهم هذه الديناميّات يدفع إلى طرح سؤال ملحّ: كيف يمكن صياغة سياسات مناخية أكثر شمولًا تحرص على إيصال أصوات الفئات المهمّشة، واحترام العادات المحلية المتوارثة جيلًا بعد جيل، وتجاوز إرث انعدام الثقة بين الدولة والمجتمعات المحلية؟

أولًا، يُعدّ بناء الثقة من خلال إشراك المجتمعات المحلية في عملية صنع القرار خطوةً أساسية لردم الهوّة القائمة بين مبادرات التكيّف على المستوى المحلي من جهة، والأُطر الاقتصادية على المستوى الوطني من جهة أخرى. في الحالة المثلى، يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مجالس مناخية يقودها أفراد من المجتمعات المحلية، واعتماد اللامركزية، من أجل ضمان الشفافية في تخصيص الموارد وتوزيعها واستخدامها على المستوى المحلي. وقد أطلق المغرب في العام 2015 خطة "الجهوية المتقدّمة" باعتبارها خطوة على مسار اللامركزية، تقوم بموجبها السلطة المركزية بمنح السلطات المحلية بعض الصلاحيات والمسؤوليات والموارد. وعلى الرغم من أن هذا المشروع واجه تحديات ولم يُطبَّق بصورة متّسقة حتى الآن، تُعدّ اللامركزية فرصةً لصياغة سياسات متكاملة تراعي خصوصيات كل جهة.

لكي تكون آليات المشاركة متاحة فعليًّا أمام المجتمعات المحلية، لا بدّ أن تترافق مع جهودٍ متضافرة لإنتاج السياسات ونشرها باللغات المحلية. ففي جهة درعة-تافيلالت، من شأن إدراج اللغة الأمازيغية ضمن هذه العملية أن يعزّز انخراط المجتمعات المحلية في صياغة السياسات وتطبيقها بما يتناسب مع احتياجاتها. ويمكن للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والشبكات البحثية أن تؤدّي دورًا أساسيًّا في تيسير هذه المساعي. إن التركيز على إتاحة المشاركة الأوسع عبر اللغات المحلية يمثّل خطوةً ضرورية لتحويل الانخراط من مجرّد إجراء شكلي إلى عملية تشاركية حقيقية تسهم بموجبها المجتمعات المحلية في بلورة السياسات العامة.

ثانيًا، لا بدّ من تعزيز قدرة القطاع السياحي على الصمود في وجه الصدمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية والأزمات، وتوفير آليات الحماية الاجتماعية للعاملين فيه. ويمكن تحقيق هذَين الهدفَين من خلال تبنّي حوافز لإنعاش السياحة الداخلية، ما يقلّل من الاعتماد على السيّاح الأجانب. وتشمل هذه الحوافز تنويع الخدمات والأنشطة المقدّمة (مثلًا من خلال البرامج الثقافية والرحلات السياحية الممتدة لعدّة أيام)، فضلًا عن تحسين البنى التحتية القائمة مثل نُظم إدارة النفايات، وشبكات الطرق، ومصادر الطاقة غير المرتبطة بالشبكة الوطنية. إن تطوير الخدمات القائمة من شأنه إرساء الأُسس اللازمة للبناء على ما حقّقته المجتمعات المحلية حتى الآن. لكن لا بدّ من إدماج هذه الجهود ضمن الأُطر الوطنية الأوسع.

وفي سياق متّصل، يمكن لنُظم المعرفة المحلية، التي تم تحصيلها على مدى قرونٍ من التكيّف مع البيئات القاحلة، أن تستكمل الممارسات الحديثة والتقنيات الجديدة، ولا سيما في ما يتعلّق بالحفاظ على الواحات، التي تُعدّ ركيزةً أساسية لتوفير مقوّمات عيش السكان المحليين، وموردًا سياحيًا غير مُستغلّ بما فيه الكفاية. فقد استخدم أبناء آيت خباش تقليديًا نظام الخطّارة، وهو أسلوب ريّ تعاوني ضاربٌ في التاريخ يستند إلى قوة الجاذبية لنقل المياه الجوفية إلى السطح عبر شبكةٍ من الأنفاق تحت الأرض. وعلى خلاف الآبار الحديثة المزوّدة بمضخّات آلية، لا تستنزف الخطّارة المياه الأحفورية غير المتجدّدة من الطبقات الجوفية العميقة. وقد مكّن هذا النظام آيت خباش طوال قرون من الصمود في وجه ندرة المياه. لذا، يُعدّ الحفاظ على الخطّارات وغيرها من النُظم التقليدية ضروريًا لبناء الثقة وتنويع سُبل العيش المحلية. وينبغي على الاستراتيجيات الوطنية أن تقيّم قابلية توسيع نطاق هذه النُظم وإمكانية دمجها ضمن الاستراتيجيات الوطنية لحماية البيئة.


In the khettara system—which has seen a revival in Hassilabied since the early 2000s, thanks to cooperation between local NGOs and the United Nations Development Programme—land is divided between members of the community, who often grow vegetables and date palms.

في نظام الخطّارة - الذي أُعيد إحياؤه في بلدة حاسي لبيض منذ مطلع القرن الحالي، بفضل تعاون بين منظمات غير حكومية محلية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي - تُقسّم الأراضي بين أفراد المجتمع المحلي، الذين في أغلب الأحيان يزرعون الخضروات وأشجار النخيل. 

يمكن لهذه الإجراءات مجتمعةً أن توطّد العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتحافظ على استدامة سُبل العيش التقليدية، وتضمن توزيع الأعباء والفوائد على نحوٍ متكافئ ومنصف بين مختلف المجتمعات المحلية. فلكي تكون الحوكمة المناخية عادلة ودائمة، لا بدّ أن تستند إلى بناء الثقة، وآليات المشاركة، وإدراج المعرفة المحلية ضمن الأُطر والسياسات العامة. إن اتّخاذ خطوات من قبيل دعم المبادرات المجتمعية المُنطلقة من القاعدة، وحماية التراث الثقافي، وضمان الحصول العادل على الموارد، لا ينحصر في إطار إرساء العدالة الاجتماعية فحسب، بل يُعدّ أيضًا ضرورةً عملية من أجل تحقيق التكيّف المستدام في المناطق القاحلة.

خاتمة

فيما تزداد حدّة التداعيات الناجمة عن تغيّر المناخ، من شأن الاعتماد فقط على قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، من دون توفير دعمٍ هيكلي لها، أن يؤدّي إلى مفاقمة أوجه اللامساواة القائمة، وتعريض القطاعات غير الرسمية لصدماتٍ متكرّرة. لكن في الوقت نفسه، تسلّط حالة آيت خباش الضوء على الحاجة الملحّة إلى سياسات مناخية تتجاوز المقاربات المركزية المُنطلقة من القمة إلى القاعدة. لذلك، لا بدّ من إشراك المجتمعات المحلية المهمّشة بصورةٍ فعّالة في استراتيجيات التكيّف مع تغيّر المناخ بوصفها شريكًا أساسيًا فيها. وينبغي على الأُطر الوطنية الاستثمار في وضع آليات الحكم التشاركي، وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، ودمج المعرفة المحلية في صميم عملية تخطيط السياسات المناخية. يُعدّ بناء الثقة من خلال إشراك مختلف الأطراف المعنية في عملية صنع القرار، وتحسين البنية التحتية، ودعم المبادرات الاقتصادية المحلية، خطوات قادرة على تحويل أساليب التكيّف مع تغيّر المناخ من مجرّد ردّة فعل وعمليةٍ مجتزأة، إلى نهجٍ استباقي وعادل، يضمن الحفاظ على سُبل العيش وحماية التراث الثقافي، ناهيك عن ترقية الأهداف المناخية الوطنية.

هذه المادة مرخّصة بموجب أحكام وشروط رخصة المشاع الإبداعي العمومية )نَسْبُ المُصنَّف 4.0 رخصة عمومية دولية(. للمزيد من التفاصيل، يُرجى زيارة الرابط التالي: نَسبُ المصنَّف 4.0 رخصة عمومية دولية | المشاع الإبداعي.

هوامش

  • 1أُجريَت المقابلات بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2025.

  • 2استُخدِمَت أسماء مستعارة.

  • 3مقابلة أجرتها إحدى المؤلّفتَين في درعة-تافيلالت في حزيران/يونيو 2025.

  • 4مقابلة أجرتها إحدى المؤلّفتَين في درعة-تافيلالت في حزيران/يونيو 2025.

  • 5مقابلة أجرتها إحدى المؤلّفتَين في درعة-تافيلالت في حزيران/يونيو 2025.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.