للفساد المنظّم تأثير غير معترف به على الأمن الدولي. ففي كثير من الأحيان، لايولي صنّاع القرار والشركات الخاصة الفساد اهتماماً كافياً عند اتّخاذ قرار بشأن السياسات الخارجية والدفاعية التي يجب اتّباعها، أو المكان الذي ينبغي الاستثمار فيه. ومن شأن الحصول على فهم أكبر لطبيعة الفساد الحادّ وتأثيره على الأمن العالمي أن يساهم في إجراء تقييم أفضل للتكاليف والمنافع، وبالتالي يؤدّي إلى تحسين السياسات والممارسات.
الآثار الأمنية للفساد الحاد
- ينبغي ألا يفهم الفساد الحادّ باعتباره فشلاً أو تشويهاً للحكم، بل نظاماً فاعلاً تستخدم فيه الشبكات الحاكمة أدوات قوة مختارة للاستيلاء على مصادر دخل محددة. ويلقي هذا الجهد في كثير من الأحيان بظلاله على الأنشطة المرتبطة بإدارة الدولة.
- يثير هذا الفساد المنظّم سخط السكان، مايجعله عاملاً مؤثّراً في إثارة الاضطرابات الاجتماعية والتمرّد.
- يساهم الفساد في مخاطر أخرى على الأمن الدولي، مثل العلاقات التعاضدية بين الدول وشبكات الجريمة المنظّمة العابرة للحدود القومية، والتسهيلات التي تقدّم إلى المنظمات الإرهابية، ونظم الأمن الدولية القابلة للاختراق، والاضطرابات الاقتصادية الحادّة.
- الفساد لايؤجّج هذه التهديدات فقط، بل يتواكب مع عوامل خطر أخرى، مثل الخلافات العرقية أو الدينية أو اللغوية لدى قطاع معيّن من السكان أو التفاوت الاقتصادي الحادّ، لزيادة احتمال حدوث تحدّيات أمنية.
- عادة مايغلّب صنّاع القرار في الغرب الاعتبارات الأخرى، مثل الضرورات الأمنية المباشرة أو القيمة الاقتصادية أو الاستراتيجية، للحفاظ على العلاقات مع حكومة معينة، أو مواصلة تحصيل الاستثمار، ويقدّمونها على المخاوف من الفساد. ونتيجة لذلك، فإن المؤسسات والأفراد في الغرب غالباً ماتمكّن الحكومات الفاسدة، مايؤدّي إلى تفاقم التهديدات الأمنية وتكبّد مخاطر جديّة على السمعة في بعض الأحيان.
توصيات لصنّاع القرار في القطاعين العام والخاص
حلّلوا بدقة الدول الفاسدة بصورة شاملة. اجمعوا المعلومات عن بنية الشبكات الحاكمة وأدوات القوة ومصادر الدخل التي تستولي عليها، وعوامل الخطر الأخرى التي قد يتفاعل معها الفساد الحادّ.
استخدموا التحليل للتعريف بالخيارات المتاحة للتعامل مع الأنظمة الفاسدة بشدّة. يجب على صنّاع القرار ورجال الأعمال إجراء تحليل دقيق للتكاليف والفوائد قبل اتخاذ قرار الاستثمار في دولة يستشري فيها الفساد. وفي حال كان الانخراط أمراً لامفرّ منه أو يحقّق أولوية سياسية منفصلة، فإن تعديل إجراءات التشغيل الموحدة يقلل احتمال حدوث أزمات، ويساعد على تجنّب تحمّل التكاليف المرتبطة بالتدخّلات التي قد تكون مطلوبة بخلاف ذلك.
ابتكروا أساليب خلّاقة لتفادي تمكين الفساد الشامل. ينبغي على صنّاع القرار الاستفادة من مجموعة واسعة من الأدوات والنفوذ المتاح عند تعاملهم مع الدول الفاسدة (انظر الملحق في الورقة الكاملة). وتبعاً للظروف، ستكون هناك حاجة لإجراء تغييرات في الممارسة الدبلوماسية، والمساعدات العسكرية، وجهود التنمية، والمعونات المقدمة إلى المجتمع المدني، وشروط العضوية في النظم متعدّدة الأطراف، والاستثمار في الأعمال التجارية، والقواعد الناظمة لتدفّقات رؤوس الأموال الدولية.
الفساد والفهم المخطئ لتأثيراته
تحوّلت أحدث حلقة في سلسلة الانتفاضات الشعبية التي أسقطت الحكومات من تونس إلى قيرغيزستان إلى أزمة في العام 2014 عندما تخلّص الأوكرانيون من حكم الرئيس آنذاك فيكتور يانوكوفيتش وردّت موسكو بغزو شبه جزيرة القرم.
في الوقت نفسه، توافد الجهاديون من قارّات عدّة إلى سورية، حيث قتل مايقدر بـ150 ألف شخص بعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية وفرّ الملايين من منازلهم. وفي أفغانستان، أوقع مقاتلو طالبان خسائر قياسية بقوات الأمن المحلّية، في حين ستغادر قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) بلداً لايزال يعاني من عدم الاستقرار. وفي نيجيريا، شنّ متشدّدون من جماعة "بوكو حرام" المتطرّفة سلسلة من الهجمات على أطفال المدارس والقرويين، في حين تم طرد محافظ البنك المركزي في البلاد بسبب تحقيقه في اختفاء نحو 20 مليار دولار من عائدات النفط.
فهل ثمّة خيط يربط هذه الأحداث المتباعدة والتي تحتلّ مركزاً متقدماً على قائمة أولويات الغرب الأمنية؟
غالباً مايتمّ تجاهل الدور الذي يمكن أن يؤدّيه الفساد الحكومي المنظّم في مفاقمة انعدام الأمن الدولي.
يشكّل الفساد الحكومي الحادّ والمنظّم عاملاً في كل هذه الأحداث. مع ذلك، وعلى الرغم من الترابط الملحوظ بينها، غالباً مايتمّ تجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الظاهرة في مفاقمة انعدام الأمن الدولي.
يعتبر الفساد في العادة خللاً وانحرافاً، أو اهتراءً في حواشي نظام ما، أو علامة على فشل النظام في أسوأ الأحوال. وبالتالي، تكلّف وكالات المعونة والجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني بمهمة وضع الحلول، حيث تهدف جهودها المضنية إلى تحقيق نجاحات صغيرة وملموسة. تركّز هذه التدخّلات على معالجة أوجه القصور التقنية أو بناء القدرات.
يعتبر الفساد، في طائفة من البلدان في أنحاء العالم كافة، هو النظام بحد ذاته. فقد تم تغيير أغراض الحكومات لخدمة هدف ليس له علاقة تذكر بالإدارة العامة: الثراء الشخصي للشبكات الحاكمة. وهي تحقّق هذا الهدف بشكل فعّال تماماً. وقد يكون عجز القدرات وأوجه القصور الأخرى جزءاً من الطريقة التي يعمل بها النظام، بدل أن تكون مؤشّراً على انهياره.
توحي هذه الديناميكية الهيكلية، إضافة إلى الارتباط القوي بين الفساد الحادّ وبين انتهاكات الأمن الدولي، بأن الفساد قد يكون مشكلة تنطوي على مخاطر أعلى مما كان يُعتقد في العادة. ولذا يبدو أن صنّاع السياسة الخارجية والدفاعية، إضافة إلى الشركات متعدّدة الجنسيات، في حاجة إلى إدخال الاهتمام بالفساد في صلب عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بهم.
لكن الحكومات الغربية والجهات الفاعلة التجارية الرئيسة، ليست مهيأة في الوقت الراهن للاستجابة بهذه الطريقة الشمولية. فالمعلومات الخاصة بتنظيم وممارسات الشبكات الكليبتوقراطية1 وهيكلها الوظيفي في البلدان الرئيسة لايتم جمعها بصورة منتظمة. كما أن الفساد ليس على أجندة التبادلات والتفاهمات الثنائية رفيعة المستوى. ونادراً مايكون الخبراء والإدارات المتخصّصة التي تعمل على هذه القضية حاضرة عند اتّخاذ القرارات الحاسمة. فهم لايحصلون على الموارد الكافية حتى لتنفيذ المهام الهامشية نسبياً التي تم تكليفهم بها. كما أن قلّة العلاقات أو نماذج التعاون تحول دون إيجاد وسائل بارعة أو مبتكرة لتعزيز أولويات مكافحة الفساد وبالتالي يسود نهج كل شيء أو لاشيء.
إن توفير فهم أفضل للفساد الحادّ والمنظّم كنظام فعّال، وكيف يتفاعل مع عوامل الخطر الأخرى لمفاقمة التهديدات التي يتعرّض إليها الأمن الدولي، يمكن أن يدخل تحسينات على عملية اتّخاذ القرارات في القطاعين العام والخاص من خلال طرق عديدة. فمن شأن ذلك أن:
- يحسّن عملية تحليل المخاطر، وتحديد البلدان الضعيفة التي تعاني من التدهور مثل تونس أو مصر قبل اندلاع ثورتيهما في العام 2011، حيث أدّى الحكم الكليبتوقراطي (حكم اللصوص)، جنباً إلى جنب مع عوامل الخطر الأخرى، إلى جعل الاضطرابات أمراً مرجّحاً، على الرغم من الاستقرار الظاهر. وقد يساعد على تحديد ما إذا كانت البلدان الأخرى، بما فيها الجزائر وأنغولا وبلغاريا وإثيوبيا وتركيا وأوزبكستان، تندرج تحت هذه الفئة اليوم.
- يساهم في عملية حساب أكثر دقّة للمقايضات الحقيقية عندما يكون هناك تنافس بين أولويات السياسة الخارجية.
- يرسم صورة أكثر تفصيلاً لما ستؤول إليه التدخلات المختلفة، بما فيها التفاعلات الدبلوماسية والتعاون العسكري والاستثمار الخاص والمساعدة الإنسانية والتنمية، في بيئات تتّسم بالفساد الحادّ.
- يساهم في التوصّل إلى اتفاقات سلام أكثر استدامة عن طريق الحدّ من تشويه المفاوضات بين الحكومات أو بين الحكومات والجماعات المتمرّدة التي غالباً ماتعيق عملية التوحيد والدمج في فترة مابعد الصراع.
ونتيجة لذلك، فإن توفير فهم أكثر تطوّراً للفساد الحادّ يقلّل الحاجة إلى التدخّلات العسكرية عندما تندلع الأزمات من خلال المساعدة في تفاديها عن طريق الاستخدام الفعّال لأدوات السياسة غير العسكرية، قبل وقوع الصراع. وفي حال حدث التدخل، فثمة إمكانية لأن يزيد فرص تحقيق الأهداف الأمنية من خلال تحسين العمليات.
الفساد والأمن: ارتباط أساسي
تكشف دراسة المؤشّرات الشهيرة التي تقتفي أثر الفساد من جهة والعنف أو عدم الاستقرار من جهة أخرى عن تطابق واضح. فالبلدان التي تتميّز بالفساد الشديد تعاني أيضاً من الصراع أو فشل الدولة (انظر الشكلين 1 و2). وهناك اثنا عشر من البلدان الخمسة عشر التي تحتل المراتب الأدنى على مؤشر مدركات الفساد لعام 2013 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، على سبيل المثال، تعتبر مسرحاً لحركات التمرد وتؤوي جماعات متطرّفة، أو تشكل تهديدات خطيرة أخرى على الأمن الدولي.
وفي حين تبدو مثل هذه الارتباطات البسيطة لافتة، فإنها ليست مفيدة للغاية بشأن ديناميكيات الفساد المنظّم، وكيف يمكن أن تهدّد الأمن العالمي. وبالتالي، فإن تقرير مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية يقدم خدمة كبيرة من خلال تركيز انتباه العالم على مشكلة الفساد وحشد الجهود لمحاربتها. وبينما لم يقصد بالتقرير أن يكون أداة تحليلية موثوقة، غالباً مايستخدمه المحلّلون وصنّاع السياسات على هذا النحو على الرغم من تحذيرات منظمة الشفافية الدولية.2 قد تكون هذه المؤشرات، التي تعتمد جزئياً على مواقف النخبة من رجال الأعمال، مشوّهة بسبب بعض الأشكال المتطوّرة التي يتّخذها الفساد الحادّ اليوم، مايقلّل من قيمتها في المساعدة على التنبّؤ بالمخاطر الأمنية.3 وعندما يتم ضخّ أموال عامة في البنوك الخاصة للحفاظ على رأس المال الاحتياطي في بلد ما، على سبيل المثال، قد يكون نهب النخب الكليبتوقراطية لتلك البنوك غير مرئي بالنسبة إلى المراقبين الخارجيين، مثلما كان عليه الحال عندما كانت تونس تعتبر نموذجاً للحكومة التي تخضع إلى المساءلة قبل أشهر فقط من ثورتها ضد الفساد.4 وحيث يتم تجميل ترتيبات الدفع (دفع الأموال مقابل الحصول على الخدمات) على أنها استثمارات أجنبية مباشرة في الصناعات المحلية، كما يحدث بانتظام في قطاع الاتصالات في أوزبكستان، فقد5 لاتتطابق التصورات الخارجية للفساد مع الواقع.
وعلاوة على ذلك، إن تأكيد وجود تلازم بين الدول الفاشلة وبين الدول التي تعتبر فاسدة، لايثبت شيئاً عن العلاقة السببية بين الأمرين. فهل يمكن ترجمة سمعة الفوضى إلى سمعة فساد، مايفضي إلى إرباك التحليلات وزيادة صعوبتها؟ وكيف يمكن تحديد ما إذا كان انهيار الدولة يوفّر فرصاً للفساد أو أن الفساد يتسبب في انهيار الدولة؟
أخيراً، إن الفكرة التي تقول إن الدول التي تعيش حالة من التفكك تشكّل خطراً على دول الجوار، لاتعدو كونها حشواً وكلاماً مكرّراً. ومن الصعب أن نستشفّ القرائن التي تشير إلى أن الدول التي تعتبر مستقرّة، مثل تونس أو مصر، أو مالي في العام 2010 أو الكاميرون اليوم، قد تمثّل تهديداً كبيراً.
ولكي تتم الاستفادة من الترابط بين الفساد الشديد وبين تهديد الأمن الدولي، ثمّة حاجة إلى إجراء دراسة أدقّ وأعمق لطرق تنظيم الفساد في بلد معين وعوامل الخطر المستقلّة التي يتفاعل معها.
فئات الفساد المنظّم
في هذا السياق، ليس موضوع المناقشة هو الفساد العادي أو الشائع، فهذا النوع من الفساد موجود في كل البلدان. صحيح أنه لاينبغي أن يتم التغاضي عن مثل هذا النوع من الإجرام في القطاع العام، خاصّة وأنه يطرح المخاطر الأمنية الخاصة به. لكن يمكن وصف هذه المخاطر، في الحدّ الأدنى، باعتبارها مَواطن ضعف يستغلّها مثيرو الاضطرابات.
غير أن الوضع يختلف بصورة نوعية عندما يؤوي بلد ما فساداً مستشرياً يغشى النظام السياسي برمّته ويتستّر عليه، أو عندما يتم الاستيلاء على أدوات عمل الحكومة الأساسية، مايسفر عن تطويع حقيقي للدولة لأغراض أخرى بما يعود بالمنفعة المادية على عدد قليل من شبكات النخبة. ولذا، يشكّل هذا النوع من الفساد الحادّ مخاطر أمنيّة من نوع مختلف.
تندرج البلدان الفاسدة تماماً تحت فئتين.6
تتكوّن الفئة الأولى من البلدان التي فيها فساد منظّم نسبياً، وتكون أنظمة الحكم فيها عازمة على تنفيع زمرة أو بضع زمر أو شبكات. وقد تكون في الدولة شبكة أو شبكات كليبتوقراطية عدّة، وغالباً ماتتعايش بصعوبة.
أحد الأمثلة على هذا النوع من الدول الفاسدة هي مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، حيث سيطرت شبكتان رئيستان على جزء كبير من الاقتصاد، الجيش من جهة وشبكة المحسوبية الرأسمالية بقيادة جمال، نجل مبارك، من جهة أخرى. كما تندرج في هذه الفئة أوكرانيا في عهد الرئيس السابق يانوكوفيتش. وتمثّل أفغانستان، على نحو غير متوقّع ومنافٍ للمنطق، مثالاً آخر. ففي حين تقسّم الشبكات المختلفة مصادر الدخل الرئيسة في مابينها، ظلت عملية الموازنة التي كان يمارسها الرئيس حامد كرزاي مهمة جداً في الحصول على فرص، وتوفير الحماية من التداعيات القانونية. وتشمل البلدان الأخرى التي تندرج في هذا النمط الجزائر وأنغولا وأذربيجان والكاميرون والبيرو في عهد الرئيس السابق ألبرتو فوجيموري، وتونس في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وأوزبكستان وفنزويلا.
في هذه الفئة من الدول الفاسدة، تسيطر الشبكات الكليبتوقراطية على وظائف الحكومة المهمة.
تتمثّل إحدى الأولويات القصوى في أدوات القوة الرسمية وغير الرسمية. في الجزائر وباكستان تعادل الشبكة الحاكمة الأداة الرئيسة للقوة، أي الجيش. وينطبق الأمر نفسه على مصر اليوم. ففي عهد مبارك استحوذت شبكة المحسوبية الرأسمالية بقيادة ابنه جمال على ذراعها المسلحة، قوات أمن الشرطة المكروهة، التي تغشى كل جوانب الحياة المصرية. وفي تونس في عهد بن علي، تم استبعاد الجيش من أساليب عمل الكليبتوقراطية بينما زودت الشرطة الشبكة الحاكمة بوسائل القوة اللازمة. وفي الكاميرون، يعتمد الرئيس بول بيا بصورة كبيرة على كتيبة التدخّل السريع في الجيش.
لضمان الإفلات من العقاب، تستميل الشبكات الكليبتوقراطية في العادة السطلة القضائية. ففي أفغانستان، يستدعي الرئيس حامد كرزاي النائب العام بانتظام للتأثير على القضايا، أو يأمر شخصياً بالإفراج عن المشتبه فيهم من الحبس قبل المحاكمة، وإلغاء القضايا المرفوعة ضدهم.7 وفي الكاميرون، يعيّن الرئيس بيا نفسه كل أعضاء السلطة القضائية "من رئيس المحكمة العليا إلى أصغر كاتب"، على حدّ تعبير كريستوف فومنيو من المعهد الوطني الديمقراطي.8 وقد احتفظ القضاة في مصر في عهد مبارك بدرجة كبيرة من الاستقلال الرسمي، على الرغم من أن قواعد الإجراءات الجنائية ألغت الكثير من سلطتهم التقديرية، وشجعت العوامل الثقافية اتّخاذ موقف مناصر للسلطة التشريعية. ونتيجة لذلك، لايمكن أن تشكّل السلطة القضائية آلية فعّالة للمساءلة.9
تضمن السيطرة على النظم التشريعية زيادة قدرة الشبكات الفاسدة على تحقيق أهدافها. إذ يعدُّ ترتيب المشروعية الفنية للأنشطة الفاسدة عن طريق التشريع الذي يناسبها سمة مميزة للأنظمة الكليبتوقراطية. ويقول الناشط في مكافحة الفساد توفيق الشامري عن تونس في عهد بن علي: "لقد صنعوا قوانين بغيضة للتحايل على القانون عن طريق القانون". واستذكر مسؤول متقاعد من إحدى المناطق الحضرية في الإسكندرية بمصر، كيف أن أحمد فتحي سرور، رئيس البرلمان في عهد مبارك، "صنع القوانين لجمال حتى يتمكن من الالتفاف على النظام القضائي كله". وفي أذربيجان، يسيطر الرئيس إلهام علييف وحزبه (أذربيجان الجديدة) على المجلس التشريعي، وهو الترتيب الذي يسهّل "الفساد القانوني" بوسائل تحجب جريمة الأرباح المفاجئة وغير المتوقعة التي تحققها النخبة.10 وبخلاف ذلك، تعطي الكليبتوقراطيات أعضاء الشبكة إذناً (قابلاً للإلغاء) لتجاهل القوانين.
لعب النظام المالي دوراً ملحوظاً في تونس في عهد زين العابدين بن علي. فقد عرضت المصارف تقديم قروض للمطّلعين على الأسرار الداخلية لبن علي مع عدم وجود توقّعات باسترجاعها إلا كنوع من العقاب. ويقول المحاسب القانوني التونسي عماد النوري: "في كل عام، كانت هناك قائمة بالقروض التي تم شطبها. كان المحاسبون يوقّعون على القرارات كي يحافظوا على وظائفهم". وكان الغش الضريبي يعمل بالطريقة نفسها، حيث كان يسمح للكثيرين بالتهرّب من دفع الضرائب، ولكن استخدمت عمليات التدقيق كوسيلة للإكراه والضغط.11
في الجزائر ومصر ونيجيريا وروسيا وأوزبكستان، من بين بلدان أخرى، "تشفط" الوظائف الحكومية كماً كبيراً من الأموال العامة إلى محافظ خاصة عن طريق إجراءات تعاقد احتيالية. وتشمل الحيل النموذجية تمويل مشاريع الأشغال العامة التي لالزوم لها أو المبالغ فيها، واستبدال المواد الرديئة بأخرى مكلفة وذات جودة عالية مطلوبة في العقد، والتعاقد مع شركات يديرها أفراد عائلات المسؤولين. ويلعب موظفو الخدمة المدنية أيضاً دوراً أساسياً في منح الأصول العامة (مثل تراخيص الأراضي أو الشركات) لأعضاء الشبكة بأسعار تقلّ عن أسعار السوق.
التكامل الرأسي الكبير بين الشبكات المعنيّة أمر ضروري وحاسم لديناميكية هذه الكليبتوقراطية المنظّمة وتأثيرها على السكان. فبينما قد يحتل استيلاء النخبة على ريع مذهل العناوين الرئيسة للصحف ووسائل الإعلام، فإن ذلك لايمثّل البعد الوحيد للفساد. كما يشكّل الابتزاز المتعسّف للرشاوى "التافهة"، وبنسبة مئوية يطالب بها الرؤساء في السلسلة، عنصراً أساسياً يزيد إحساس السكان بالظلم. فالمسؤولون يشترون مناصبهم بثمن باهظ ومن ثم فهم يريدون تعويض استثماراتهم، مايزيد حافزهم لابتزاز الرشاوى. وقد أصبحت عمليات الابتزاز والاستغلال سمة يومية في حياة الناس العاديين، وغالباً مايتم فرضها بنوع من الغطرسة المذلّة التي تضيف عقداً نفسية إلى الضحايا الذين يعانون من ضائقة مادية. وبالنسبة إلى من يعيشون في ظلها، تصبح هذه الحكومات مصدراً للخجل المؤلم.
الفئة الثانية من الدول الفاسدة بشدّة مختلفة نوعاً ما. وهي تشمل الدول التي قد تواجه الفساد المتفشي، ولكن ليس بالدرجة نفسها من التمكين في أعلى الهرم. وقد يكون احتكار أدوات القوة أقل اكتمالاً، ولذلك قد تنخرط شبكات النخبة في منافسة علنية وعنيفة للاستيلاء على مصادر الدخل، وهو الصراع الذي يشكّل خطراً على الأمن الدولي. وقد أجّجت المنافسة على إيرادات الأراضي وموارد الدولة أعمال العنف التي شهدتها الانتخابات الأخيرة في ساحل العاج. وعلى المنوال نفسه، كانت الشبكات الفاسدة المنتشرة ولكن الممزّقة، هي السبب في انعدام الأمن في كولومبيا على مدى سنوات. وغالباً مايكون الاستيلاء على الهياكل الحكومية المحلية، الأكثر هشاشة من نظيرتها الوطنية، أسهل. وتلعب المناطق الواقعة على الحدود على وجه الخصوص دوراً هاماً بالنسبة إلى شبكات الاتجار وقد تكون أهدافاً رئيسة.
قد يكون نظام الفساد في هذه الدول أقلّ تناسقاً وتنظيماً. وربما تحول البنية التحتية السياسية الاتحادية دون تطبيق المركزية، كما هو الحال في الهند، أو قد يعوق ضعف المؤسّسات الحكومية، حتى في مستوياتها العليا، درجة السيطرة التي تمارسها الشبكات الفاسدة في الفئة الأولى من الدول. وهناك أمثلة أخرى على هذا النوع تشمل كولومبيا وغواتيمالا وهندوراس والمكسيك والصومال وجنوب السودان.
وبطبيعة الحال، إن أي محاولة لتصنيف هذه الظواهر المعقّدة ستكون ناقصة. فبعض البلدان قد تقع في نقطة التقاء هاتين الفئتين العريضتين، وربما يكون ترتيبها أو وصفها بصورة دقيقة موضع نقاش كبير.
ومع ذلك، يشير هذا الإطار التخطيطي إلى أن البيانات حول مستويات الفساد المطلق قد تكون محدودة القيمة، إما بسبب التنبّؤ بالمخاطر أو بسبب تفصيل ومواءمة التدخّلات. وكما يشير دومينيك زوم من جامعة ريدنغ فإن "أفغانستان وبورما (ميانمار) قد تكون لهما النتيجة نفسها في مؤشر مدركات الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية، ولكن الأمر سيكون مختلفاً بالنسبة إلى كل من هذين البلدين عندما يتعلق بالكيفية التي يؤثّر بها الفساد على الحوكمة والتنمية الاقتصادية والأمن، وماهي آثاره، وماهي أفضل السبل لمعالجته".12 وقد تختلف المواقف الشعبية أيضاً في تفاصيل مهمة، ولذا ينبغي التحقيق فيها بصورة مباشرة في كل بيئة.
وبالمثل، قد يكون التركيز على "أنواع" مختلفة من الفساد داخل الدولة الواحدة مضلّلاً أيضاً. فعندما وضعت حكومة الولايات المتحدة سياسة مكافحة الفساد في أفغانستان في أواخر العام 2010، ميّز التحليل الأساسي بين "الفساد الكبير" الذي يرتكبه القادة السياسيون، و"الفساد الصغير"، الذي كان يعتبر تيسيراً للأمور في الإدارة العامة، وبالتالي فهو لايشكّل مصدراً للقلق، و"الفساد الجشع" - يعرّف عموماً بأنه الابتزاز الذي تمارسه أجهزة الشرطة – الذي وصف بأنه الأكثر أذيّة وإهانة بالنسبة إلى الأشخاص العاديين.13 وعلى الرغم من ذلك، تظهر هذه الأنواع المختلفة من الفساد عادة أنها عناصر مترابطة في نظام موحّد إلى حدّ ما، غير أن هذه التوصيفات تقلّل من أهمية هيكله وتكامله الرأسي. ولذا، فإن الفصل بينها تماماً أقرب إلى وصف عجلة القيادة والفرامل في السيارة باعتبارهما جهازين منفصلين تماماً.
مصادر الدخل
بطبيعة الحال، الثروة هي الهدف المنشود في كلتا مجموعتي الدول. بعض مصادر ريع النخبة مميّزة جداً في تأثيرها لجهة ارتباطها بفئة خاصة من القصور الحكومي. وتصف "لعنة الموارد" البلدان المحظوظة بالموارد الطبيعية التي لاتفعل الكثير لتحسين المخرجات التنموية لسكانها. ولذا، فإن ثروة النفط والغاز أو الثروة المعدنية عرضة خصوصاً إلى أن تستولي عليها الشبكات الكليبتوقراطية، بسبب تركيزها واعتبارها ممتلكات حكومية. أو قد تفرّخ هذه الثروات المجانية في الظاهر منافسة عنيفة بين الشبكات المتناظرة.
مع ذلك، تمثّل الموارد الطبيعية، إذا ماتمّ النظر إليها بطريقة أخرى، أحد مصادر الدخل العديدة التي تسعى الحكومات الفاسدة تماماً للاستيلاء عليها. وقد يساعد تحديد مصادر الدخل هذه بحسب كل بلد على فهم أفضل لطبيعة كل بنية فاسدة واقتراح سبل تحسين محاربتها.
في البلدان الفقيرة بالموارد، تعتبر الأراضي العامة مصدراً للثروة تسعى الشبكات الكليبتوقراطية في جميع الأحوال تقريباً إلى الاستئثار به وتخصيصه لنفسها. وفي البلدان القاحلة، مثل أفغانستان أو السودان، يعتبر الوصول إلى المياه ومدى صلاحية الأرض للزراعة السّمة الرئيسة التي تحدّد قيمة قطعة ما من الأرض. وفي أماكن أخرى، كما هو الحال في المغرب أو تونس، قد يكون أهم عامل هو القرب من شاطئ البحر أو المناطق السياحية الأخرى. في البحرين الصغيرة، الأرض شحيحة إلى درجة أن الحكومة قامت بعمليات تجريف متكرّرة - على نفقة الدولة - كي تزيد مساحة الجزيرة، وزادتها بنحو 10 في المئة على مدى عقود عدّة.14 منحت معظم الأراضي الجديدة للمطّلعين على أسرار النظام بغرض تطويرها. وفي أماكن أخرى، تتيح السيطرة على الممرّات البرية للمسؤولين الفاسدين الهيمنة على الاتجار بالأسلحة والمخدرات والسلع الأخرى المزعزعة للاستقرار.
ينبغي ألا يقلّل المسؤولون الدوليون من مستوى تنظيم الشبكات الفاسدة لنفسها بغية احتكار المساعدات المالية الخارجية.
في أفغانستان وكولومبيا واليمن، قد يشكّل الأفيون والكوكايين والمخدرات الأخرى مصدراً أساسياً للدخل ينظّم "حنفيّة" الشبكات، مع مايترتّب عن ذلك في العادة من عواقب تزعزع الاستقرار تماماً. وقد يكون قطع الأشجار أو التجارة في منتجات الحياة البرية المحظورة عملاً مربحاً ولاسيما في البلدان الأخرى. إذ كتب اثنان من أبرز محلّلي الشؤون الأفريقية في فرنسا، جان فرانسوا بايار وبياتريس هيبو، إضافة إلى ستيفن إليس من مركز الدراسات الأفريقية: "في زمبابوي لم يقتصر الاتجار في العاج وقرون وحيد القرن على حركات حرب العصابات وحسب، بل شمل أيضاً السلطات العسكرية".15 وقد تستولي الشبكات الكليبتوقراطية على المحاصيل النقدية أيضاً، مثل الكاكاو أو القطن أو زيت النخيل، بطرق مدمّرة.
ينبغي ألا يقلّل المسؤولون الدوليون من مستوى تنظيم الشبكات الفاسدة لنفسها بغية احتكار المساعدات المالية الخارجية. فقروض البنية التحتية غير المدروسة التي يقدّمها الاتحاد الأوروبي أو البنك الدولي - مثل القروض التي تموّل بناء خط سكة حديد سريع غير ضروري يربط الرباط بالدار البيضاء في المغرب، أو القرض البالغ 115 مليون دولار الذي منحه البنك الدولي لكينيا في العام 1996 – أصبحت مصدراً آخر للدخل بالنسبة إلى الحكومات الفاسدة. وعندما تتم الإطاحة بهذه الحكومات، تضطرّ الأنظمة التي تخلفها لتسديد القروض، مايدفع مواطني بعض البلدان بعد الثورة للضغط من أجل خفض هذا "الدين الكريه".16
قد توفّر المساعدات العسكرية، أو تلك الخاصة بمكافحة الإرهاب المقدّمة إلى الجزائر ومصر وباكستان واليمن، حافزا فاسداً لضمان استمرار أو ظهور بعض النشاط الإرهابي بهدف الإبقاء على تدفّق الأموال. وربما تصبح خدمة الجنود ضمن قوات حفظ السلام، مثل الجنود الغانيين، مصدراً أساسياً للدخل يمكّن الشبكات الكربتوقراطية.
p>
وقد يتم أيضاً تأسيس "منظمات غير حكومية تديرها الحكومة"، بصورة متعمّدة للاستيلاء على المنح التنموية.17 أو قد تطلب الحكومات توجيه المساعدة الخارجية إلى ميزانية الدولة مباشرة، وتستغلّ حساسية الدول المانحة لقضايا السيادة أو رغبة العاملين في مجال التنمية في تشجيع الملكية المحلّية وتجنّب خلق هياكل موازية.
وأيضاً عندما تجمع ماتسمى الرشوة الصغيرة، يتّضح أنها ليست تافهة على الإطلاق، ويمكن أن تمثّل مصدراً كبيراً للدخل. وثمّة إمكانية لأن تحدث المبالغ الإجمالية القياسية فرقاً حقيقياً في الاقتصادات الوطنية. ففي أفغانستان، يقدّر المبلغ السنوي لعمليات الابتزاز اليومية التي يتعرّض إليها الناس على أيدي رجال الشرطة والأطباء والقضاة والكتبة الذين ينجزون طلبات الحصول على التراخيص أو جوازات السفر أو حتى شهادات الوفاة، مابين 2 و4 مليار دولار أميركي.18
أخيراً، يشكّل تمويل الحملات الانتخابية والإنفاق عليها في عدد كبير جداً من الدول التي تمارس درجة من السياسة الانتخابية، مصدراً هاما للدخل. ويؤدّي الكم الهائل من المال الذي يُوظَّف في السياسة إلى تشويه العملية السياسية، وغالباً مايكون غطاءً للرشوة الصريحة والمباشرة.
يختلف اختيار مصادر الدخل في البلدان المختلفة، اعتماداً على الجغرافيا والطوبوغرافيا والعوامل التاريخية، ولذا ينبغي أن تتم دراسته في إطار رسم صورة شاملة لبنية كليبتوقراطية معيّنة. وقد يساعد فهم مصادر الدخل التي تخدم أساساً دعم وتمكين الفساد الحكومي المتعسّف، في مقابل المصادر التي توفّر بعض المنافع للسكان، في التعريف بالأعمال الأكثر إيجابية التي يقوم بها القطاعان العام والخاص.
الأطراف الخارجية المساعدة
في عالم اليوم المعولم، لايوجد بلد أو نظام حكم يعيش في فراغ. إذ يجري تسهيل قدرة الحكومات الفاسدة للغاية على احتكار الموارد في بلدانها من جانب أطراف خارجية مساعدة، هي في الغالب مؤسّسات وأفراد غربيون محترمون. ولعل أهم جهة مساعدة في هذا السياق هي الصناعة المصرفية الدولية. فعلى الرغم من التغييرات الحقيقية التي أجريت على قواعد السرّية المصرفية والتدابير التي اتّخذت للحدّ من غسيل الأموال، لايزال هذا القطاع بمثابة ناقل رئيس لتحويل الثروة الوطنية إلى أيدي أشخاص وإخفائها في الخارج.19 ويلعب المهنيون الغربيون الآخرون، مثل المحامين أو شركات المحاسبة المرموقة، التي تعمل في الغالب عبر فروعها الإقليمية، دوراً مماثلاً، وإن كان أقلّ محوريّة.
الترويج الطائش أو المشوّه للاستثمارات الخاصة من جانب وزارات الخارجية في الغرب يمكن أن يوفر تمويهاً وغطاءً لقطاعات مشبوهة داخل البلد الفاسد، ويضلّل الشركات الغربية التي تتطلّع إلى حكوماتها للحصول على تلميحات حول كيفية إدارة أعمالها في الخارج.
في الكاميرون وأوكرانيا، عملت إحدى الشبكات الكليبتوقراطية الأكثر قوة في أحد البلدان المجاورة (في نيجيريا وروسيا على التوالي) بمثابة محفّز أساسي للنخب الحاكمة. وقد توفّر الشبكة الأقوى السيولة أو الموارد الطبيعية مخفّضة السعر، وتتواطأ في عمليات الغش الجمركي، أو تقدم تسهيلات أخرى تعزّز الشبكة الأضعف.
عند النظر في كيفية التصدّي للفساد الحادّ المستشري في الخارج، يجب أن يكون صنّاع القرار الغربيين بعيدي النظر وواضحين حول السبل التي تسهّل بها الجهات الفاعلة في مجتمعاتها المحلية السلوك الفاسد أو تساهم في هياكل الحوافز التي تحدّدها لذلك السلوك.
كما يستغلّ المسؤولون الفاسدون مناسبات التقاط الصور مع رؤساء الدول الغربية، والعلاقات الشخصية التي تعزّز مكانتهم، أو تبادل المنافع والخدمات لصالحهم. وقد يلوّح هؤلاء المسؤولون بعضويتهم في جمعيات "أفضل الممارسات"، مثل مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية أو في الأندية الدولية الأخرى المشابهة، لجذب المزيد من أموال التنمية أو الاستثمارات الخاصة.20
عند النظر في كيفية التصدّي للفساد الحادّ المستشري في الخارج، يجب أن يكون صنّاع القرار الغربيين بعيدي النظر وواضحين حول السبل التي تسهّل بها الجهات الفاعلة في مجتمعاتها المحلية السلوك الفاسد أو تساهم في هياكل الحوافز التي تحدّدها لذلك السلوك.
التهديدات الأمنية
يرى العديد من المحلّلين أن الفساد، أو "مساومات النخبة"، يشكّل عامل استقرار في بعض الحالات، طالما أن الشبكات المتنافسة تقسّم الغنائم بدل التنازع عليها. ويؤكّد أحد المحلّلين، مورداً هذه الحجة في سياق الحديث عن أفغانستان والهند، بأن فساد النخبة كان محورياً في خلق الاستقرار السياسي وتعزيز الأهداف التنموية. وهو يزعم بأن "الفساد يجب أن يكون مقبولاً بوصفه آلية غير مرغوب فيها، لكنها يمكن أن تكون رغم ذلك مشروعة للانخراط مع المجتمعات المنظّمة على أسس مختلفة".21 وقد وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مقابلة مع بي بي سي في العام 2009، الرئيس المصري حسني مبارك آنذاك بأنه يمثّل "قوة للاستقرار والخير في المنطقة".22
ومع ذلك، يقلّل هذا التحليل، في تركيزه على النخب، من شأن تفويض الناس العاديين ومفاهيمهم عن الفساد (وليس الافتراضات الغربية حول ماهيّة تلك المفاهيم) والميل المتزايد لدى السكان لتوجيه انتقادات عنيفة لنظم الحكم التي لم يعد بوسعهم تحمّلها. والواقع أن من المرجّح أن تفوق الآثار الأمنية للفساد الحادّ، مزاياه المحتملة (الشكل 3). فهي تختلف في نوعها تبعاً لبنية الشبكات الفاسدة، وأدوات القوة التي تمسك بها، ومصادر الدخل التي تضعها نصب أعينها.
أحد أمثلة هذا التهديد، والذي يتم التقليل من أهميته في كثير من الأحيان، هو حجم الغضب الذي يمكن أن يثيره الفساد الحادّ، ولاسيما المنظّم والمركّز منه، في ضحاياه واحتمال أن يعبّر بعضهم عن ذلك الغضب بوسائل عنيفة أو مزعزعة للاستقرار. فكل دولة تؤوي تمرّداً متطرّفاً اليوم تعاني من الحكم الكليبتوقراطي، بما فيها البلدان العزلاء ومترامية الأطراف مثل الفلبين أو تايلاند. وتحفل المطبوعات التحفيزية لتلك الحركات المتطرّفة بإشارات إلى الفساد.23
مارست كل حكومة واجهت احتجاجات جماهيرية خلال الانتفاضات العربية في العام 2011، من تونس إلى مصر وسورية والبحرين واليمن، الفساد الحادّ بقيادة الزمر الضيّقة التي شملت كبار المسؤولين الحكوميين وأقاربهم. وقد هتف المتظاهرون بشعارات مكافحة الفساد، في حين تم عرض ملصقات للقادة السياسيين وهم وراء القضبان. وتعتبر أوكرانيا أحدث بلد في تلك القائمة. وبينما تتيح الاتصالات المتنقلة والإلكترونية للمواطنين إمكانية الوصول إلى المعلومات وإلى بعضهم بعضاً، من المرجّح أن تستمرّ مستويات الغضب والحشد في الارتفاع.
إضافةً إلى ذلك، وفي حين ينظر إلى الولايات المتحدة أو الدول الغربية الأخرى باعتبارها تساعد الممارسات الكليبتوقراطية للحكومات الفاسدة، فلا محالة أن يوجَّه بعض غضب الضحايا إلى الخارج، متجاوزاً النظام المكروه نحو مؤيّديه الأميركيين أو المتحالفين معه.
كان المبرر الرئيس لهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 بالنسبة إلى عطية عبد الرحمن، العضو البارز في تنظيم القاعدة الذي قتل في غارة شنتها طائرة أميركية بدون طيار في العام 2011، هو الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في تمكين ومساعدة الكليبتوقراطيات العربية. ففي العام 2009، انتقد المسؤولين الأميركيين والغربيين لأنهم "نصّبوا في بلداننا أنظمة خائنة موالية لهم، ومن ثم دعموا هذه الأنظمة والحكومات الفاسدة ضد شعوبها". وقد كان هذا الدعم الغربي للكليبتوقراطيات في الشرق الأوسط، وفقاً لعبد الرحمن، "السبب الحقيقي الذي دفع المجاهدين إلى تنفيذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر".24
بعبارة أخرى، لاتبدو الحكومات الأجنبية التي تلعب دورا مساعداً، بالنسبة إلى الضحايا، أقلّ فساداً من حكوماتهم. كما أن التناقض الكاذب بين القيم المُعلَنة وبين السلوك الفعلي، والذي تفضحه شفافية وسائل الإعلام الإلكتروني، يبدو معبّراً ومقنعاً على نحو متزايد.
غير أن هذه الأمثلة المثيرة الأخيرة حول التداعيات الأمنية الناجمة عن الفساد الحادّ لاتستنفد آثاره المحتملة على الاستقرار الدولي.
يعدّ فقدان شرعية الدولة عاملاً أساسياً في كثير من الأزمات. ذلك أن الأعمال التي تمارسها الشبكات الإجرامية الفعّالة لاتخالف التوقعات، على الرغم من أن الجريمة المنظّمة العابرة للحدود الوطنية تجذب الكثير من اهتمام السلطات المكلفة بإنفاذ القوانين. ومامن شكّ في أن المجرمين يتصرّفون بفظاعة أصلاً. غير أن لدى المواطنين افتراضات مختلفة تماماً عن حكوماتهم، والتي من المفترض أن تشمل وظائفها توفير الحماية والرعاية والتنظيم المحايد للأنشطة الاجتماعية والاقتصادية. لذلك تسقط شرعيّة الحكومات عندما تتصرّف بطريقة منهجية بطرق إجرامية. وتنجم عن ذلك خيبة أمل عميقة، حيث يبدأ نسيج المجتمع بالتآكل مع ما لذلك من عواقب لايمكن التنبّؤ بها.
علاوة على ذلك، عندما تُعرَض كل وظيفة حكومية للبيع لمن يدفع ثمناً أعلى، تصبح انتهاكات القانون الدولي وكذلك القانون المحلي هي القاعدة. وبالتالي يتم التحايل على نظم منع انتشار الأسلحة أو العقوبات الدولية بانتظام.25 كما يتم تجاهل حقوق الملكية الفكرية.
إضافةً إلى ذلك، يساعد الحكم الفاسد بشدّة المنظمات المتطرّفة، ليس من خلال تحفيز المواطنين الساخطين على الالتحاق بها وحسب، بل أيضاً عن طريق توفير ملاذ ودعم لوجستي لتلك الجماعات نفسها، حيث يتراخى المسؤولون عن أداء واجباتهم لقاء أجر أو إكرامية. فقد تبادل سكان العاصمة الكينية نيروبي تعليقات مخيفة ومثيرة للاشمئزاز حول "رشوة الشباب" (ضعف المعدل الطبيعي) التي سمحت لمهاجمين من جماعة الشباب الإرهابية بالتسلّل إلى "ويست غيت مول" في سياق الحصار الذي تم في أيلول/سبتمبر 2013 والذي أودى بحياة أكثر من 60 شخصاً. في السياق نفسه، قد تسمح عصابات التهريب، التي تمكنت من تأمين ممرّ آمن للمهاجرين أو للرقيق الأبيض مروراً بالمسؤولين الفاسدين، بعبور البغال التي تحمل قنبلة قذرة.
في ألبانيا والأرجنتين وبلغاريا وكولومبيا وهندوراس والمكسيك والجبل الأسود وموزامبيق وميانمار، من بين بلدان أخرى فاسدة للغاية، دخل الموظفون العموميون في تحالفات مزعزعة للاستقرار، وحتى في تعايش مع قوى كبرى إجرامية عابرة للحدود الوطنية مثل عصابات المخدرات والأسلحة التي تغطي أنشطتها قارات بأكملها. وفي حين ركّزت جهود إنفاذ القانون الغربية بشكل متزايد على الشبكات الإجرامية في العقد أو العقدين الماضيين، يتم التغاضي أحياناً عن التداخل الوثيق بين هذه الشبكات وبين الحكومات الفاسدة، والذي يساعد على استمرارها والحفاظ عليها. في هذه الحالات وغيرها، قد تشكّل بعض الشبكات الإجرامية المتنافسة، والتي غالباً ماتقوم بدور "روبن هود"، تحدّيا عنيفاً للشبكات الحكومية الفاسدة. وقد انتزعت مثل هذه السيناريوهات ثمناً فظيعاً من السكان داخل الحدود الوطنية وخارجها.26
في بعض الحالات، قد تسعى النخب الحاكمة الفاسدة إلى إثارة الصراعات بصورة متعمّدة بسبب تنوّع فرص التربّح ونقل الثروة التي يوفّرها القتال. كما يوفّر التخلّف المستمر، فضلاً عن البؤس الذي يصاحب الحرب الأهلية، إمكانية الوصول إلى المساعدات الدولية، التي قد لايكون المسؤولون الفاسدون مستعدّين للتخلّي عنها. وهكذا يمكن إنشاء هيكل فاسد للحوافز، بحيث يتفاعل الفساد والصراع في تناغم تام.
في بعض الحالات، قد تسعى النخب الحاكمة الفاسدة إلى إثارة الصراعات بصورة متعمّدة بسبب تنوّع فرص التربّح ونقل الثروة التي يوفّرها القتال.
تشكّل الجيوش في البلدان التي ينتشر فيها الفساد العام حليفاً لايمكن الاعتماد عليه. وبما أن أموال الدفاع تُحوّل إلى محافظ الأقوياء، غالباً ماتكون الجيوش سيئة التدريب والتجهيز، وتمتلئ جداول الخدمة فيها بـ"الجنود الأشباح". يبيع الضباط العتاد، بما في ذلك للأعداء أنفسهم الذين من المفترض أنهم يقاتلونهم. أما المهنيّة والقدرات العسكرية فهي غير كافية لحماية الحدود، مايجعل هذه البلدان عرضة إلى الهجوم.
لايُتوقَّع أن تحترم الحكومات الكليبتوقراطية الشروط المرتبطة بتقديم المساعدات العسكرية. ولذا من المرجّح أن يكون انتشار الأسلحة، وتزوير شهادات المستخدم النهائي، وسوى ذلك من أنواع الغش هو القاعدة. وغالباَ مايكون التعاون مقابل ثمن، مثل سماح باكستان لحلف شمال الأطلسي باستخدام طرقها البرية إلى أفغانستان، وهو الثمن الذي يمكن رفعه بمجرّد أن يثبت اعتماد الحلف عليها.
التهديدات الأمنية الأخرى المتّصلة بالفساد تطبخ على نار هادئة. على سبيل المثال، تسهم الممارسات الحكومية الفاسدة في حدوث تشوّهات اقتصادية حادّة، تهدّد استقرار القطاع المالي عندما تسود الممارسات المصرفية الاحتيالية. وتقوّض الشبكات الكليبتوقراطية التنوّع الاقتصادي لبلدانها، لأنها تركّز طاقات الحكومة على مصادر الدخل التي يمكنها الاستيلاء عليها. وتنكمش القطاعات الاقتصادية الأخرى أو تضعف بسبب الغش الذي يُمارَس على السلطات الجمركية أو الأنواع الأخرى من المنافسة غير المشروعة. وبالتالي تنعدم الفرص الاقتصادية، وترتفع معدلات البطالة. ويمكن أن تتسبّب التشوّهات الناجمة عن ذلك في تأثيرات تزعزع استقرار النظم البيئية الاقتصادية بأكملها.
يضرّ الفساد الحادّ بالنظم البيئية المادية على نحو يتعذّر محوه أو إزالته. ولايهتم المسؤولون المحليون والوطنيون في هذه الظروف كثيراً بالتدهور البيئي. ففي كثير من الأحيان تؤدّي السياسات المتَّبعة، أو عدم وجودها، إلى تفاقم تأثير التغير المناخي، على سبيل المثال، وشلّ الجهود المبذولة للحدّ منه. وبدوره يزيد تفاقم الظروف البيئية معاناة السكان، مايجعلهم أكثر عرضة إلى الثورة.27 في المناطق الهشّة مناخياً، مثل هايتي أو الفلبين، يتضاعف تأثير الكوارث الطبيعية بسبب الفساد.
التفاعل مع عوامل الخطر الأخرى
لايمكن تحميل الفساد، أو أي دافع آخر بمفرده، المسؤولية عن ظواهر معقّدة مثل التمرّد أو الثورة أو الكساد الاقتصادي أو الاستيلاء الجزئي على الدول عن طريق التنظيمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية. وتزيد عوامل أخرى، بالاقتران مع الحكم الكليبتوقراطي، من احتمال وقوع حدث أمني دولي خطير في وقت معيّن.
من بين تلك العوامل أيضاً القرب الجغرافي للشبكات المصمِّمة على استغلال نقاط الضعف، مثل فروع تنظيم القاعدة التي تستفيد من المظالم المحلية في سورية أو مالي، على سبيل المثال، أو القوى العظمى الإجرامية التي تبحث عن زعماء يمكن استمالتهم، كما هي الحال في المكسيك.
وقد يكون وجود خلاف عميق على تحديد الهويّة ضمن سكان منطقة ما، سواء كان الخلاف دينياً (كما في نيجيريا أو سورية)، أو عرقياً ولغوياً (تركيا)، أو يتعلق بالهوية الوطنية (أوكرانيا)، عامل خطورة آخر، مثلما هو الحال بالنسبة إلى حركة انفصالية موجودة مسبقاً. كما يمكن أن تزيد الفوارق الاقتصادية الشديدة التي تسبّبها العوامل الجغرافية أو البيئية المحلية من احتمال حدوث تحدّيات أمنية. مثل هذه التناقضات تبدو واضحة في نيجيريا بين الشمال والجنوب الغني نسبياً، وفي سورية، حيث بدأ سكان المناطق المنكوبة بالجفاف احتجاجات العام 2011؛ وفي تونس، بما فيها من تفاوت حادّ في التنمية بين المنطقة الساحلية الشمالية الغنية وبين الداخل الفقير. وتساهم التأثيرات المناخية أو الأضرار البيئية في عوامل الخطر في هذه الفئة.
إن أي استعراض للآثار الأمنية المترتّبة على الفساد في بلد معيّن، ينبغي أن يدرس عوامل الخطر التي قد تقترن بها. ففي كثير من الحالات، تتفاقم الآثار الأمنية بسبب وجود حلقة مفرغة بين الفساد الحادّ وبين عوامل الخطر الرئيسة الأخرى.
سياسة المقايضة
على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية تم إحراز تقدم كبير على صعيد وضع مجموعة من القوانين والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى الحدّ من العديد من جوانب الفساد، مثل اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمكافحة الرشوة، وخطة عمل مجموعة العشرين المعنية بمكافحة الفساد، واعتماد قواعد دولية أكثر صرامة بشأن غسل الأموال.
لكن عندما تتفاعل الدول أو الشركات على الصعيد الثنائي مع شركاء في بيئات فاسدة للغاية، تتفوّق الأولويات المباشرة على المخاوف بشأن الفساد. وعليه ينبغي ألا يكون هذا الفعل اللاإرادي مفاجئاً. فالقرارات المتعلّقة بالسياسة هي دائماً نتاج المفاضلة بين أولويات وخيارات متنافسة أو حتى متضاربة، أو نتاج ميول سياسية تروّج لها الوكالات الحكومية المختلفة أو الأقسام المختلفة داخل مؤسّسة واحدة.
تشمل بعض الاعتبارات التي تؤثّر على صنّاع السياسة الغربيين، والتي قد تتعارض مع أجندة مكافحة الفساد، قيمة الحفاظ على علاقة من نوع ما مع حكومة معيّنة، وخصوصاً عندما ينظر إلى البلد المعني باعتباره "الأقلّ سوءاً" في جوار جغرافي صعب أو أنه أصبح المصدر الوحيد للسلع أو المنشآت أو الخدمات المطلوبة. وتحتفظ العديد من الحكومات الكليبتوقراطية بعلاقات مميّزة مع دول أخرى عندما تكون هناك حاجة إلى خدماتها كطرف محاور. كما تتميّز بعض الدول الفاسدة بمواقع جغرافية استراتيجية تجعل إقامة علاقات ودّية معها أمراً في غاية الأهمية. وربما يقضي تعقيد العلاقة بين القوى الكبرى، كما هو حاصل في حالة الصين أو روسيا، على أي إمكانية لمعالجة الفساد.
وقد يكون المسؤولون الفاسدون على دراية بالتفاصيل الأخرى المدرجة على أجندة شركائهم الغربيين فيردّوا عليهم بوسائل تهدّد الأولويات الأخرى. وبهدف الحيلولة دون إمكانية اتّخاذ إجراءات عقابية بحقهم، قد يلجأ المسؤولون الفاسدون إلى إغلاق الطرق البرية أو المجال الجوي، على سبيل المثال، أو التأثير على سبل الوصول إلى الموارد الثمينة، ووقف تبادل المعلومات الاستخبارية أو الالتزام بالمعاهدات الدولية، أو رفض تقديم مساعدة دبلوماسية للدول الأخرى التي تعاني من مشاكل عند نشوب الأزمات. غير أن ممارسة الضغط على هذه الحكومات قد يعجّل في حدوث حالة من عدم الاستقرار في بلادها، وقد يوحي قادتها بأن ذلك سيحدث، فيعمدون إلى تقديم الاستقرار الكليبتوقراطي قصير الأمد باعتباره البديل الوحيد للفوضى. فقد دافع مبارك عن حكمه باعتباره "في مصلحة الاستقرار في مصلحة طمأنة الناس حول المستقبل".28
يبدو الوقت والطاقة المطلوبان للتعامل مع المواقف المختلفة لدى كبار صنّاع القرار الغربيين سلعة أكثر ندرة من الأموال الاحتياطية في ميزانياتهم، كما أن السياسات التي قد تساعد في كبح جماح الفساد الحادّ تفرض مطالب على الأطراف الثلاثة المشار إليها. على المدى القصير، تفضّل عملية صنع القرار، التي تحرّكها الأزمات وتكون في الغالب نتيجة لقيود الوقت والطاقة والمال، العمل مع الشريك الأجنبي الحالي كائناً من يكون. فهي تشجّع التركيز على القادة عموماً، وليس على السكان. كما أنها تعزّز تجنّب المخاطرة.
من شأن توفير فهمٍ أفضل لطبيعة الفساد الحادّ وتحليل آثاره على الأمن الدولي المساهمة في تحسين السياسات والممارسات في الحكومة والمجتمع المدني وقطاع الأعمال.
ومع ذلك، سيظل المسؤولون يخطئون في الحكم على سياسة المقايضة من دون وجود مقياس دقيق للمخاطر، أو للتكاليف والفوائد الحقيقية المحتملة لكل مسارات العمل. وقد تكون القرارات الناتجة ذات نتائج عكسية. فمن شأن توفير فهمٍ أفضل لطبيعة الفساد الحادّ وتحليل آثاره على الأمن الدولي، إضافة إلى توفير فهم منهجي لتكاليف عدم التصدّي له وتوافر البدائل "الأقلّ سوءاً"، المساهمة في تحسين السياسات والممارسات في الحكومة والمجتمع المدني وقطاع الأعمال.
الآثار التشغيلية
قد يساعد هذا الإطار الخاص بفهم الفساد الحادّ، جنباً إلى جنب مع دراسة دقيقة للبلدان ذات الصلة على النحو المقترح أعلاه، في إعادة التوازن إلى سياسة المقايضة على المدى القصير مقابل سياسة المقايضة على المدى الطويل. وقد يحرّض حساب التفاضل والتكامل الجديد المسؤولين على صياغة واستخدام بعض النفوذ الوافر المتاح للوكالات الحكومية بطريقة منسَّقة واستراتيجية ومتزامنة. (يرجى الرجوع إلى الملحق للحصول على قائمة جزئية). وحتى في الحالات التي قد تبدو فيها فرص تغيير السلوك الكليبتوقراطي ضئيلة، ربما تكون الفوائد المترتّبة على النأي بالحكومات الغربية عن هذه الممارسات كبيرة ولايستهان بها.
تبدو الآثار المترتّبة على تطبيق هذا الإطار مختلفة بالنسبة إلى القطاعات المختلفة. ففي مايتعلّق بمجتمع الاستخبارات، يجب أن تتم صياغة شروط جديدة للمعلومات ذات الأولوية للحصول على أنواع المعلومات المطلوبة لتحسين فهم الفساد الحادّ. ومن دون تحديد مهام واضحة، لن يركّز جامعو المعلومات والمحلّلون على مثل هذه المواضيع. ولذا ينبغي إدراج الآثار الأمنية المترتّبة على الفساد الحادّ في تقديرات أجهزة المخابرات القومية والوثائق المماثلة. بيد أن هذه الشروط الجديدة سوف تستتبع إسناد إنجاز هذه المَهمّة إلى أجهزة المخابرات، حتى لو اقتضى الأمر تخلّيها عن مهام أخرى مثل عمليات الاستهداف.
سيتعيّن على الدبلوماسيين تغيير افتراضاتهم بصورة ملحوظة حول خطوات التفاعل مع مسؤولي الدول الفاسدة. وعليهم أن يفترضوا أن مثل هذه الحكومات ستنظّم نفسها للاستحواذ على معظم المداخلات الغربية، بدءاً بالمساعدات التنموية وانتهاءً بالزيارات رفيعة المستوى، وتجييرها لمصلحتها الخاصة، وليس لمصلحة شعوبها. ونتيجة لذلك، يتعيّن على الدبلوماسيين التخفيف من حتميّة الحفاظ على علاقات جيدة مع الحكومات الشبيهة بأي ثمن تقريباً. (هذه القاعدة تبدو ثابتة إلا في حالات البلدان التي لاتحظى بأهمية استراتيجية كبيرة لبلد الدبلوماسي، أو الدول التي تعتبر عدوة له، وفي هذه الحالة تنطبق القاعدة المعاكسة). وفي كثير من الأحيان يسود نهج كل شيء أو لاشيء، على الرغم من المرونة الكبيرة للأدوات الدبلوماسية المتاحة.
أما المساعدات الخارجية، الثنائيّة والمتعدّدة الأطراف على حدّ سواء، فيجب أن تكون مصمّمة خصّيصا لتجنّب الاستحواذ عليها بوصفها مجرّد ريع آخر. وعلى الجهات المانحة أن تطبّق شروطاً أكثر صرامة، بما فيها شروط الرقابة والتسديد، إذا لم يتم الوفاء بالمعايير المطلوبة.
قد يوحي هذا التفكير أيضاً بطرق تقديم المساعدات العسكرية المصمّمة بعناية أكثر بحيث تساهم في استقرار الدولة المستفيدة، لأن ذلك يشكّل أولوية ويساعد أيضاً في تحسين الممارسات الحكومية. وقد يتم تقليص أوجه التعاون مع الوحدات المعروفة بأنها بمثابة "بلطجية" تابعة للشبكات الكليبتوقراطية، أو تحديد أنواع الأجهزة المقدمة لها. وقد يتم منع الأسلحة غير الضرورية التي تستخدم للمباهاة عن هذه الحكومات. وقد يتم تنظيم فرص التدريب مع وضع هذه الاعتبارات في الحسبان.
تشمل الآثار التشغيلية لنشر الوحدات في هذه البيئات إحداث تغييرات في إجراءات التعاقد، وكذلك الشركاء المحلّيين على نحو أكثر حذراً، وقدراً أقلّ من التسامح تجاه السلوك التعسّفي مقابل مساعدة هؤلاء الشركاء في تلبية الشروط الأخرى.
إن تحليل الفساد الحادّ من خلال هذه العدسة يكشف أيضاً دروساً هامة تتعلق بالاستفادة من برامج مكافحة الفساد التي تعمل على هامش النظام الكليبتوقراطي، وخصوصاً عندما يمكّن السواد الأعظم من الدعم والتفاعل الدولي هذا النظام بعينه. فقد قدم "فريق العمل المشترك المختلط بين الوكالات" (شفافيات)The Combined Joint Interagency Task Force Shafafiyat، وهو برنامج لمكافحة الفساد في أفغانستان، مساهمات هامة في اختبار إجراءات التعاقد العسكرية الجديدة وإطلاع الضباط على مشاكل الفساد. ومع ذلك، دعت الإرشادات التي تم تزويد شفافيات بها إلى السماح للنظام الكليبتوقراطي الأفغاني نفسه بأخذ زمام المبادرة في القضاء على الفساد، وهو مايشكّل تناقضاً لفظياً على صعيد السياسة. وبما أن حكومة الولايات المتحدة تدعم هذه الجهات الفاسدة بالأموال النقدية، من بين العديد من المزايا الأخرى، فقد كانت الرسائل التي ترسل إلى المسؤولين الأفغان الفاسدين متباينة في أحسن الأحوال. ولذا يتعيّن على صنّاع القرار تجنّب المغالاة في التأكيد على برامج مكافحة الفساد الهامشيّة باعتبارها تعويضات عندما تتناقض معظم التعاقدات مع الحكومات الفاسدة مع انتهاكاتها.
وبالمثل، إن الآثار المترتبة على دعم منظمات المجتمع المدني تبدو بعيدة المدى. إذ لايمكن إصلاح أو تجديد نظام فاسد من دون مطالبة ونضال مستمرين من جانب السكان المحليين. ومع ذلك، ينبغي على الجهات الدولية التي تساعد هذه الأنظمة، سواء كانت حكومية أو من قطاع الأعمال، ألا تستغلّ هذه الحقيقة كذريعة للتخلّي عن مسؤولياتها وإلقائها على عاتق منظمات المجتمع المدني التي غالباً ماتكون ضعيفة وتفتقر إلى الخبرة وتعتمد على الخارج في مواردها.
وقد حملت الحكومات الاستبدادية على مثل هذه الجماعات بشراسة غير معتادة في السنوات الأخيرة، وخاصة تلك التي تحصل على التمويل والمساعدة الفنية من الخارج.29 وأصبح الدعم الخارجي أكثر أهمية من أي وقت مضى في هذه الظروف ولكن يجب توفيره بوسائل أكثر ذكاء، مع الاهتمام أكثر بالآثار المحتملة على منظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة، وخاصة سلامتهم البدنية. علاوة على ذلك، يجب أن يكون مثل هذا الدعم جزءاً من مقاربة شاملة تتضمن تقليص أنشطة الدول المانحة التي تساعد الأنظمة نفسها التي تحاربها جماعات المجتمع المدني.
العضوية في "النوادي" الدولية مثل منظمة التجارة العالمية أو الاتحاد الأوروبي أو المشاركة في أنظمة الشفافية المتخصّصة، وحتى في الأطر المانحة مثل منح "مؤسّسة تحدّي الألفية"Millennium Challenge Corporation ، يمكن أن تكون حافزاً مفيداً، وتفرض مهام وأدواراً لتحسين الممارسات الكليبتوقراطية. وغالباً ماتتضمن هذه الجماعات اشتراطات توفّر أدوات لمعارضة المجتمع المدني للفساد المستمر.
ومع ذلك، عندما تكون معايير الدخول رخوة جداً، يمكن أن يصبح تأثير العضوية في هذه المنظمات عكس المقصود منها. وربما تكون بمثابة ورقة التوت التي تؤمّن الموافقة الدولية على ممارسات غير مقبولة. في أسوأ الحالات، هي تفتح الباب أمام زيادة الدعم المالي من دون منع الشبكات الحاكمة الفاسدة من الاستيلاء على الأموال.
وتشمل الآثار المترتّبة على الجهات الفاعلة في قطاع الأعمال إجراء تحليلات أكثر دقّة لتكاليف وفوائد الاستثمار في مثل هذه البيئات. وينبغي أن تشمل هذه التقييمات احتمالات حدوث مخاطر على السمعة، حيث يزداد اهتمام المستهلكين والعاملين بالظروف التي يتم فيها إنتاج السلع.
إن تطبيق هذا الإطار يمكن أن يساعد الشركات على تحديد القطاعات أو الشركاء الأقلّ أهمية للأداء الكليبتوقراطي أو تجنّب المدخلات أو الخدمات اللوجستية أو الأسواق التي تحتكرها شبكات الحكمة الفاسدة، وبالتالي يمكنها منع الوصول إليها في مقابل دفع الأموال لها. وسيساعد أيضاً على التنبّؤ بالإصدارات المتطوّرة من مطالب الرشوة "الدفع مقابل اللعب"، والتي ستقع حتماً ضمن دائرة اختصاص التشريعات، مثل القانون الأميركي لمكافحة الممارسات الأجنبية الفاسدة، لأن مثل هذه القوانين تتطور.
ربما الأهم من ذلك هو أن توفير فهم أفضل لتأثير الفساد الشديد سيزيد من المخاطر التي تواجهها الشركات التي تعمل في العادة كطرف خارجي مساعد لهذه النظم الفاسدة تماماً، مثل المحاسبين ومقدمي الخدمات القانونية والبنوك بصورة خاصة، ويسلّط الضوء على التكاليف طويلة الأجل المترتّبة على لعب هذا الدور.
التفاعل بين المظاهر الجديدة للفساد الحكومي الحادّ، الظاهر للعيان خصوصاً منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبين ردود الفعل العامة التي تأخذ أشكالاً جديدة، لايزال غير مفهوم بصورة كافية. غير أنه لايمكن الآن إنكار الدور الذي يلعبه الفساد في تحفيز المخاطر الهامة على الأمن الدولي. ولذا، ف=إن إجراء دراسة متأنية لتداعياته في ظروف وبيئات محدّدة يمكن أن يساعد واضعي السياسات في تبنّي خيارات أفضل من بين مجموعة أوسع من خيارات المشاركة للحدّ من احتمالات حدوث صراع أو أزمة مفتوحة.
الملحق: مقاربات مقترحة
في مايلي قائمة بالمقاربات الخاصة بالبلدان الفاسدة جداً وهي متوفّرة لمختلف الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص. يمكن إدراج بعضها في إجراءات التشغيل الروتينية. وتشكّل المقاربات الأخرى، والتي تستخدم بصورة انتقائية أو مشتركة حسب مايقتضي الأمر، عناصر من استراتيجية تستهدف المساعدة في كبح جماح الفساد الحادّ في بلدان معينة بالتنسيق مع المجتمع المدني المحلي.
رئيس الدولة
- أعلن عن سياسة واضحة لمكافحة الفساد من خلال إصدار أمر تنفيذي أو مذكرة رئاسية أو أداة مماثلة، توجّه جميع الوكالات باستخدام السلطات والموارد المناسبة لتحقيق هذا الهدف.
- خذ بعين الاعتبار الفساد الحادّ عندما تقرّر في ما إذا كنت ستشارك في لقاءات مباشرة تهدف إلى تعزيز مكانتك وتحظى بتغطية إعلامية واسعة مع رئيس دولة أجنبية أو عند منح أوسمة عامة.
الاستخبارات
- أدرجوا موضوع الفساد في التقييمات السنوية للمخاطر الأمنية التي تعدّها أجهزة الاستخبارات.
- زيدوا عدد الموظفين المكلفين بدراسة الشبكات الحاكمة الفاسدة من حيث البنية والتنظيم وإجراءات التشغيل ومصادر الدخل المفضلة والأطراف الميسّرة وآليات الحماية وأنماط الحياة ونقاط الضعف.
- ضعوا مجموعة جديدة من الاشتراطات لملء الفجوات المعرفية بخصوص الشبكات الفاسدة، بما في ذلك الوسائل التي تمكّن الحكومات الغربية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص من خلالها هذه النظم، والتركيز على جمع المعلومات المالية.
- أنشئوا "خلايا تبادل معلومات" تضم أنواعاً مختلفة من الخبرات المتخصّصة وتعمل بصورة جماعية على المشكلة المطروحة.
- أخضعوا المبالغ التي تدفعها وكالة الاستخبارات إلى الأعضاء الرئيسيين في الشبكات الحاكمة الفاسدة إلى النقاش على مستوى رفيع بين الوكالات.
الدبلوماسية
- انظروا في الممارسات الكليبتوقراطية للمسؤول الأجنبي عند صياغة التعاقدات معه أو معها. وتجنّبوا تمجيد تلك الممارسات بصورة غير مقصودة من خلال تفاعلات علنية رفيعة المستوى أو علاقات شخصية وثيقة للغاية.
- أدرجوا الفساد في نقاط الحوار في اللقاءات ثنائية، ولكن تجنّبوا التهديد بالتداعيات إذا لم تكن الإرادة السياسية للمتابعة متوفّرة. فالأفعال أبلغ من الأقوال في الحالات التي تمتلك فيها الدول الغربية نفوذاً ملموساً.
في الحالات الأخرى، الرخصة الدبلوماسية مرغوبة للغاية من جانب القادة الفاسدين.
- تجنّبوا استخدام وسطاء الشبكات الفاسدة في الأعمال اليومية.
- مارسوا مزيداً من السلطة التقديرية في مايتعلّق بالمسؤولين الذين سيتم إرسالهم للمشاركة في فرص تدريب وتعاون رفيعة المستوى.
- استفيدوا من السلطات الواسعة للحرمان من التأشيرة.
- وفّروا تأشيرات مستعجلة وتسهيلات أخرى للمخبرين الصادقين والمسؤولين القضائيين الذين يسعون بصورة مشروعة لمعالجة المشكلة.
- ضعوا الفساد (ومصادر الدخل المفضلة للشبكات الفاسدة) في الاعتبار عند الترويج للتجارة الثنائية والاستثمار. الشركات الغربية تأخذ العظة من حكوماتها، ولاينبغي تشجيعها على الدخول في علاقة تسهيلية مع حكومة فاسدة بشدّة.
- شجعوا تنفيذ ورصد الاتفاقات المتعدّدة الأطراف ذات الصلة، وتشديد معايير للدخول، حسب الاقتضاء.
- اضغطوا من أجل اعتماد لوائح مصرفية أكثر صرامة في الملاذات الآمنة الجديدة لغسل الأموال وحماية الأصول، مثل الإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وأفريقيا وآسيا الوسطى.
النظام المالي
- استفيدوا بصورة كاملة من السلطات الممنوحة لتعزيز الرقابة على المعاملات المالية التي يجريها المشتبه فيهم بغسل الأموال والأشخاص المكشوفين سياسياً.
- انظروا في إنشاء عتبات إيداع جديدة أكثر صرامة بهدف إحالة الأشخاص للتحقيق تلقائياً حال تخطّيها.
- طبّقوا برامج العقوبات الحالية (مثل تلك الخاصة بكبار تجار المخدرات الأجانب أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية) على المسؤولين الكليبتوقراطيين الذين تندرج أنشطتهم ضمن هذه الفئات.
- سنّوا نظام عقوبات جديداً، بموجب أمر تنفيذي أو تشريع، يستهدف المسؤولين الحكوميين الكليبتوقراطيين. ويمكن تكييف اللغة الخاصة بالنظام من "قانون دعم أوكرانيا لعام 2014 (HR 4278) الذي فرض عقوبات على أفراد روس.
- وفّروا موظفي تحقيق ومساعدة فنية متطورة لقضايا استرداد الأموال، وخاصة بالنسبة إلى البلدان التي تمر في مرحلة انتقالية تبتعد فيها عن الحكم الكليبتوقراطي، مثل فريق "الرد السريع" المكون من اثني عشر شخصاً الذي أنشأه مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف. بي. آي.) في نيسان/أبريل 2014.
- ضعوا معايير واضحة لتحديد الأشخاص المكشوفين سياسياً واشترطوا تعزيز عملية رصد أصولهم في البنوك الأميركية. ورصد الامتثال لتلك الشروط.
- اضغطوا على البلدان النامية لإصلاح أنظمتها المصرفية بشكل كلّي وليس مجرّد اشتراط وجود احتياطيات رأسمالية أعلى.
سلطات إنفاذ القانون
- زيدوا الحوافز للمحققين (مكتب التحقيقات الفدرالي ومايعادله) الذين يعملون على التحقيق في جرائم ذوي الياقات البيضاء والجرائم المالية.
- وجّهوا المحاكمات بموجب قانون مكافحة الرشوة وقانون الابتزاز والمنظمات الفاسدة (أو مايعادلها) إلى الشركات التي يشتبه في رشوتها مسؤولاً فاسداً يمثل جزءاً من شبكة تخضع إلى مجهر السياسات.
- استخدموا المساومات والحوافز الأخرى لتكوين صورة أوسع عمّن يحصلون على الرشوة، وعن عمليات الشبكة ودافعي الرشوة الآخرين.
- حاكموا مزدوجي الجنسية بموجب القوانين الوطنية الغربية.
- عزّزوا ووجهوا المحاكمات بموجب القانون المدني ضد الأصول المرتبطة بجريمة ما (المصادرة العينية). استهدفوا الحكام الكليبتوقراطيين الفاسدين الحاليين، وليس السابقين فقط، وأدرجوا العقارات أو الممتلكات المرموقة الأخرى التي يملكونها في الدول الغربية.
- صمّموا آلية روتينية (بين الوكالات) لتحديد أفضل طريقة لإعادة الأصول المصادرة، مع أخذ الطبيعة الحالية للحكومة المعنية بعين الاعتبار.
- اضغطوا من أجل تعزيز عمليات تفتيش ومصادرة الأموال النقدية التي تتجاوز الحدّ القانوني في المطارات التي تعتبر مراكز عمل مثل دلهي أو دبي أو فرانكفورت.
- قدموا مساعدة قانونية قوية للمهنيين العاملين في مجال إنفاذ القانون في الدول التي تمرّ بمرحلة انتقالية.
- توسّعوا في حقوق الضحايا في رفع الدعاوى ضمن الولاية القضائية للغير.
المساعدة الإنمائية
- كفّوا عن النظر إلى الفساد باعتباره مشكلة فنية أساساً يجب معالجتها عن طريق بناء القدرات أو الدعم بالمعدات.
- خصّصوا موظفين مهمتهم فهم كيفية تحوُّل المساعدة الإنمائية، بما فيها القروض المخصصة لمشروعات البنية التحتية ومساعدة "تحدّي الألفية"، على أساس كل بلد على حدة، إلى "ريع" تستولي عليه الشبكات الكليبتوقراطية الحاكمة. أما استخدام المنظمات غير الحكومية التي تدعمها الحكومات، والوسطاء الآخرين، والزيادات المتعارف عليها على تكاليف العقود، والمخالفات المالية الأخرى، فينبغي تقييمها في المراحل الأولى من عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتقديم المساعدات أو القروض.
- غيروا هياكل منح الحوافز داخل منظمات المعونة التي تكافئ صرف الأموال بحيث يمكن منح اهتمام مماثل للمزايا السياسية والتنموية لعدم تقديم المعونة للمنظمات التي توفر المعونات في بيئة فاسدة بشدة.
- سهّلوا جمع المعلومات عن المخالفات المالية وإساءة استخدام المساعدة التنموية من خلال التوجيه المنهجي لمديري المشاريع، ونماذج الإبلاغ القياسية، وتسهيل أمور المخبرين (الوشاة) وتقديم الحماية والمكافآت لهم.
- ضعوا شروطاً صارمة بشأن "عدم التسامح" في عقود المساعدة الإنمائية بشأن المخالفات المالية تنصّ على سداد أموال المساعدات في حال الإخلال بها.
- علقوا مبالغ المعونة بصورة منتظمة في حال الاشتباه بوجود مخالفة مالية وإلا فإن إساءة الاستخدام تستدعي إجراء تحقيق.
- وجّهوا المسؤولين عن إدارة المساعدات، عن طريق المبادئ التوجيهية القياسية الخاصة بالتعاقد، كي يتجنّبوا التعاقد مع الجهات التي أصحابها أعضاء في شبكات الفساد. أجروا تحليلاً دقيقاً للتكاليف والمنافع عندما يكون القيام بذلك مستحيلاً.
- أدرجوا عمليات رصد وتقييم مستقلّة في كل عقد معونة. أدرجوا بنود الميزانية في أموال البرنامج، وليس في النفقات غير المباشرة.
- وسّعوا تفويض المفتشين العموميين ليشمل الإشراف المنتظم على المخالفات المالية، على غرار وحدات الرقابة المالية في النرويج، أو المكاتب الأميركية الخاصة بالمفتشين العموميين لإعادة الإعمار في أفغانستان والعراق. زيدوا عديد الموظفين حسب الضرورة.
- وفروا بناء القدرات والدعم التقني في مجال مكافحة الفساد للحكومات التي تظهر رغبة صادقة في مكافحة المشكلة.
- قدموا الدعم في مجال مكافحة الفساد لمنظمات المجتمع المدني في البيئات الكليبتوقراطية (بما فيها المنظمات المهنية أو القطاعية حسب الاقتضاء) المستعدّة والمنظّمة لمواجهة المشكلة.
- ادعموا تدابير زيادة الشفافية، وخاصة في البلدان التي يقوم فيها المجتمع المدني بجهود قوية لمكافحة الفساد. ولكن كفّوا عن اعتبار الشفافية كمرادف للمساءلة وافتراض أن تدابير الشفافية في حدّ ذاتها تؤدي إلى المساءلة.
قطاع الأمن
- درّبوا الوحدات العسكرية التي سيتم نشرها (خصوصاً فرق العمليات الخاصة) للنظر في الآثار النهائية المحتملة لتمكين الشبكات الكليبتوقراطية من دون قصد عندما تثبت وجودها على أرض أجنبية أو تشارك في مهمات التدريب والمساعدة.
- كلّفوا المدربين العسكريين بمراقبة والإبلاغ عن والتدخّل في الممارسات الفاسدة للمتدربين.
- كلفوا موظفي الاستخبارات العسكرية بمهمة فهم علاقات وممارسات شركاء الدولة المضيفة.
- وفّروا التوجيه للضباط المسؤولين عن العقود لتجنّب التعاقد مع شركات الأمن المحلية أو مقدمي الخدمات التي قد يكون أصحابها أعضاء في شبكات الفساد.
- ضعوا الفساد بعين الاعتبار عند منح وتشكيل المساعدات العسكرية وحزم التعاون، وعند تصميم وتنفيذ برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج الخاصة بالميليشيات الأجنبية.
- في الحالات التي يخدم فيها وزير الدفاع الغربي بالفعل كدبلوماسي كبير (ولاسيما في البلدان التي تديرها الجيوش رسميا أو فعلياً، مثل باكستان أو مصر)، وسّعوا الاعتبارات بحيث تتجاوز حدود العلاقة المعتادة بين جيش وجيش، وذلك باستخدام أدوات من القسمين الخاصين بـ"الاستخبارات" و"الدبلوماسية" أعلاه.
المبادرات متعدّدة الأطراف
- استفيدوا من المقاربات المناسبة من قسم "المساعدة التنموية" أعلاه.
- طبقوا المبادئ التوجيهية الخاصة بالشفافية على المنح، بحيث تكون المعلومات عن الغرض منها ونفقاتها الفعلية متاحة لسكان البلد المضيف.
- افرضوا وإذا لزم الأمر شدّدوا شروط الإبلاغ الخاصة بصناعة الخدمات المالية وسجلات الأراضي في إطار برامج مثل "مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية".
- اضبطوا تنفيذ اتفاقيات مكافحة الفساد مثل اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمكافحة الرشوة أو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
- ادرسوا إنشاء هيئات رصد الدولية لواحدة أو أكثر من هذه الاتفاقيات، على غرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
- تأكدوا من وجود عقبات كبيرة أمام الدخول، بحيث لاتضفي المؤسّسات والمبادرات متعدّدة الجنسيات الشرعية على الحكومات الفاسدة تماماً وعلى الشركات متعدّدة الجنسيات التي تتعامل معها.
- قلّلوا أكثر الحواجز التي تحول دون تبادل المعلومات الاستخبارية المالية.
- لاتعقدوا اجتماعات دولية هامة في البلدان الفاسدة تماماً.
- ضعوا مسألة الفساد الحادّ وآثارها الأمنية والاقتصادية والبيئية المختلفة على رأس جدول أعمال اجتماعات القمة الدولية الهامة مثل "مجموعة الدول السبع".
- أنظروا في إلغاء "الديون الكريهة" على الدول الفاسدة سابقاً، التي تمرّ في مرحلة انتقالية.
المواطنون
- حدّدوا منظمات المجتمع المدني التي تحارب الفساد في بلدانها الأصلية، وعندما لا يشكل ذلك خطرا ًعليها، ادعموا هذه الجماعات مالياً أو روّجوا لعملها.
- حدّدوا الأطراف الغربية الميسرة والمساعدة الرئيسة (مثل البنوك وشركات المحاماة) وسلّطوا الضوء على دورها.
- قوموا بحملات جماهيرية ضد مثل هذه الأطراف المساعدة أو الشركات متعدّدة الجنسيات التي تقوم باستثمارات كبيرة في القطاعات التي تشكل مصادر دخل رئيسة للشبكات الفاسدة.
- سلّطوا الضوء على الوسائل التي تجذب بها الحكومات الفاسدة الاستثمار الأجنبي، مثل إغلاق باب المنافسة، وتعطيل التشريعات المحلية الخاصة بالعمل أو البيئة والتساهل في شأن الضرائب. مثل هذه الخدمات تضر أيضاً الاقتصادات الغربية من خلال خلق منافسة غير عادلة.
- الإعلان عن شراء المسؤولين الفاسدين عقارات فاخرة في البلدان الغربية.
- تطوير منصات إعلام اجتماعي رشيقة لرفع مستوى الوعي والمشاركة في هذه الحملات.
- أبلغوا عن عروض الرشوة عندما تسعون للاستثمار في البلدان الفاسدة.
المشاركون
انبثقت هذه الورقة عن ورشة عمل وأنشطة لاحقة شاركت فيها المنظمات التالية من بين غيرها:
كلية واشنطن للقانون في الجامعة الأمريكية - American University Washington College of Law
وكالة أنباء بلومبيرغ - Bloomberg News
مدراء أعمال من أجل الأمن الوطني - Business Executives for National Security
وزارة الخارجية والتجارة والتنمية الكندية -Canadian Department of Foreign Affairs, Trade, and Development
مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي - Carnegie Endowment for International Peace
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية - Egyptian Initiative for Personal Rights
المركز المصري للشفافية والنزاهة - Egyptian Transparency and Integrity Center
الصندوق من أجل السلام - Fund for Peace
منظمة النزاهة المالية العالمية - Global Financial Integrity
منظمة غلوبال إنتيغريتي - Global Integrity
منظمة غلوبال ويتنس - Global Witness
مجموعة الحكم الرشيد - Good Governance Group
Leveraged Outcomes LLC
الصندوق الوطني للديمقراطية - National Endowment for Democracy
وزارة الخارجية النرويجية - Norwegian Ministry of Foreign Affairs
مكتب المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان -Office of the Special Inspector General for Afghanistan Reconstruction
مؤسسات المجتمع المفتوح - Open Society Foundations
منظمة الشفافية الدولية، الأمانة العامة - Transparency International, Secretariat
منظمة الشفافية الدولية، فصول البلدان: بنغلاديش وكولومبيا وبيرو -Transparency International, country chapters: Bangladesh, Colombia, Peru
منظمة الشفافية الدولية والدفاع والأمن -Transparency International, Defence and Security
وزارة الدفاع الأميركية - U.S. Department of Defense
وزارة العدل الأميركية – U.S. Department of Justice
وزارة الخارجية الأميركية – U.S. Department of State
وزارة الخزانة الأميركية – U.S. Department of Treasury
مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي – U.S. National Intelligence Council
مجموعة البنك الدولي - World Bank Group
مشروع العدالة العالمية - World Justice Project
تولّت سارة تشايس إدارة هذا العمل.
يودّ المشاركون في هذا المشروع التعبير عن الامتنان والشكر لكلّ من يوسف أحمد وتيفاني جوسلين ومولي بولمان على الدعم الذي قدموه، ولوزارة التنمية الدولية البريطانية، التي ساهم التمويل والتعاون اللذين قدّمتهما في إنجاز هذا المشروع.
هوامش
1 الكليبتوقراطية: مصطلح يعني (حكم اللصوص). وهو نمط الحكومة الذي يراكم الثروة الشخصية والسلطة السياسية للمسؤولين الحكوميين والقلة الحاكمة، الذين يكوّنون الكربتوقراط، وذلك على حساب الجماعة. وعادة ما يكون نظام الحكم في تلك الحكومات في الأصل ديكتاتوريًا أو استبداديًا، ومع ذلك فقد تظهر الكليبتوقراطية في بعض النظم الديمقراطية. (المترجم)
2 تنشر منظمة الشفافية الدولية سنوياً مقياس الفساد العالمي الذي يسجّل رأي الجمهور المحلي بشأن تقارير الفساد والنزاهة، وتعدّه الفروع القطرية لمنظمة الشفافية الدولية. انظر:
In Detail: Global Corruption Barometer 2013,” www.transparency.org/gcb2013/in_detail“
3 Hannes Baumann, “The Mood of Capital: Corruption Perception in Ben Ali’s Tunisia,” lecture delivered at Georgetown University, Tuesday, February 19, .2014, www.transparency.org/gcb2013/in_detail
يحاجج باومَن أنّ مؤشّر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية يعطي الأولوية لتصوّرات نخب رجال الأعمال على حساب تصوّرات الأكاديميين وصانعي السياسات وغير النخبويّين. قد ينشئ هذا الانحياز تنافراً بين محصّلة منظمة الشفافية الدولية وبين واقع الفساد في البلاد، لأنّ "نخب رجال الأعمال تتقبّل الفساد طالما أنّه لم يتم المساس بتراكم رأس المال بشكل مفرط. وبالتالي، فهم يقدّمون معدّل فساد منخفضاً نسبيّاً إلى الاستطلاعات التي تشكّل أساس مؤشر الشفافية الدولية". فقد سجّلت إحدى الشركات التابعة لبن علي أداءً ثابتاً في استطلاع المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2010/2011، الذي يُعَدّ عاملاً وازناً في مؤشّر مدركات الفساد، الأمر الذي يرجّح أن يكون السبب وراء تشويه معدّل تونس أكثر على المؤشّر. يمكن الاطلاع على نسخة عن هذه الحجة من العام 2012 على الرابط التالي:
http://brismes2012.files.wordpress.com/2012/02/hannes-baumannwhat-tunisias-revolution-tells-us-about-corruption.pdf
4 أنظر:.Transparency International, “Corruption Perceptions Index 2009,” www.transparency.org/research/cpi/cpi_2009
أنظر أيضاً: Beatrice Hibou, La Force de L’Obeissance: Economie Politique de la Repression en Tunisie (Paris: La Decouverte, 2006), English edition: The Force of Obedience: The Political Economy of Repression in Tunisia (Cambridge: Polity Press, 2011).
5 أنظر على سبيل المثال: Swedish public television’s Mission: Investigation Documentaries on Teliasonera in Uzbekistan. “Teliasonera in Million Dollar Deal With Dictatorship,” September, 19, 2012, www.svt.se/ug/teliasonera-i-miljardaffar-med-diktatur.
6 اخترنا عمداً أن نترك جانباً همّاً دلالياً يشغل الكثير من دارِسي هذه المسألة: التمييز بين "الكليبتوقراطيات" وبين البلدان التي تُعتبَر "مجرّد" بلدان فاسدة جداً. يطال هذا التمييز تقريباً فئتَي البلدان اللتين نناقشهما. يمكن الاطلاع على دراسة مفيدة حول بنى الشبكات الفاسدة في:
Michael Johnston, Syndromes of Corruption (Cambridge: Cambridge University Press, 2005).
للاطلاع على نبذة عن الأنظمة والأنماط الكليبتوقراطية لاستخراج الريع، أنظر: Mats Lundahl, “Inside the Predatory State: The Rationale, Methods, and Economic Consequences of Kleptocratic Regimes,” Nordic Journal of Political Economy 24 (1997).
Bruce Bueno de Mesquita and Alastair Smith, The Dictator’s Handbook: Why Bad Behavior Is Almost Always Good Politics (New York: Public Affairs, 2011).
ينظر هذا الكتاب في كيفية محافظة الزمر الحاكمة الصغيرة على السلطة.
Robert Bates, When Things Fell Apart: State Failure in Late Century Africa (New York: Cambridge University Press, 2008).
ينظر هذا الكتاب في نقاط الاختلاف بين الحوكمة الجيدة وبين الحوكمة الشرسة.
7 في مايتعلّق بمعلومات عن إطلاق سراح مشتبه به في قضية فساد في صيف العام 2010، قال كرزاي نفسه لـABC News: "طبعاً تدخّلت... تدخّلت بشكل قوي جداً جداً".
.http://abcnews.go.com/ThisWeek/week-transcript-karzai-khan-levitt/story?id=11454631&page=4
8 المادة 37، الفقرة 3، من دستور جمهورية الكاميرون: "يضمن رئيس الجمهورية استقلالية السلطة القضائية. ويعيّن القضاة وأعضاء القسم القانوني". وبالتالي يشرح المحللون أن المحكمة مقيَّدة.
أنظر: Peter Ateh-Afac Fossungu, Democracy and Human Rights in Africa: The Politics of Collective Participation and Governance in Cameroon (Mankon, Bamenda: Langaa Research & Pub. CIG, 2013), 146–53.
9 Nathan Brown, “Why Do Egyptian Courts Say the Darndest Things?” Washington Post, March 25, 2014.
10 Robert Coalson, “Azerbaijani President Aliyev Named Corruption’s ‘Person of the Year,’” Radio Free Europe Radio Liberty, January 2, 2013, www.rferl.org/content/azerbaijan-ilham-aliyev-corruption-person-of-the-year/24814209.html.
11 وثّقت بياتريس إيبو هذين الجانبين من سَير عمل دولة بن علي بشكل لافت في La Force de l’Obéissance.
12 Dominik Zaum, “Political Economies of Corruption in Fragile and Conflict-Affected States: Nuancing the Picture,” U4 Brief, U4 Anti-Corruption Resource Center, September 2013, 4.
13 أنظر على سبيل المثال: Adam Entous, Julian Barnes, and Siobhan Gorman, “U.S. Shifts Afghan Graft Plan,” Wall Street Journal, September 20, 2010.
14 أنظر: Sarah Chayes and Mokhtar Awad, “Bahrain’s Unequal Distribution,” Carnegie Endowment for International Peace, February 13, 2013, http://carnegieendowment.org/2013/02/13/bahrain-unequal-distribution/fm9u.
15 Jean Francois Bayart, Stephen Ellis, and Beatrice Hibou, The Criminalization of the State in Africa (Bloomington, Ind.: Indiana University Press, 1999), 89. See also Jeffrey Gettleman, “Elephants Dying in Epic Frenzy as Ivory Fuels Wars and Profits,” New York Times, September 3, 2012, www.nytimes.com/2012/09/04/world/africa/africas-elephants-are-being-slaughtered-in-poaching-frenzy.html?pagewanted=all&_r=0.
16 أنظر: Preventing Odious Obligations: A New Tool for Protecting Citizens From Illegitimate Regimes,” Center for Global Development, November 22, 2010,“ www.cgdev.org/publication/preventing-odious-obligations-new-tool-protecting-citizens-illegitimate-regimes.
أو أنظر: “Reducing Corruption and Improving Accountability in Aid Projects Through Targeting,” Aid Data Beta blog, June 6, 2013, http://aiddata.org/blog/reducing-corruption-and-improving-accountability-in-aid-projects-through-targeting.
أنظر أيضاً: “Drop Egypt’s Debt,” www.dropegyptsdebt.org.
17 Dan Jordan Smith, A Culture of Corruption: Everyday Deception and Popular Discontent in Nigeria (Princeton, N.J.: Princeton University Press, 2007), 102–104.
18 أنظر: UNODC, “Corruption in Afghanistan: Recent Patterns and Trends,” December 2012, www.unodc.org/documents/frontpage/Corruption_in_Afghanistan_FINAL.pdf.
أنظر أيضاً: .Integrity Watch Afghanistan, “National Corruption Survey 2014,” www.iwaweb.org/ncs/_2014/executive_summary.html.
19 أنظر على سبيل المثال: “Undue Diligence: How Banks Do Business With Corrupt Regimes,” Global Witness, March 2009.
20 أنظر: Nicholas Shaxson, “Nigeria’s Extractive Industries Transparency Initiative: Just a Glorious Audit?” Chatham House, November 2009, www.chathamhouse.org/publications/papers/view/109174.
أو في مايتعلّق بمخاوف الاتحاد الأوروبي إزاء معايير العضوية للمجر، أنظر: Mihály Fazekas, Lawrence Peter King, and István János Tóth, “Hidden Depths. The Case of Hungary,” The Anticorruption Report (vol. 1), Barbara Budrich Publishers and ANTICORRP, September 5, 2013, http://anticorrp.eu/publications/the-anticorruption-report-1-hidden-depths-the-case-of-hungary.
21 .Vivek Sharma, “Give Corruption a Chance,” National Interest, November 1, 2013, http://nationalinterest.org/article/give-corruption-chance-9276
أنظر أيضاً: Stefan Lindemann, “Inclusive Elite Bargains and the Dilemma of Unproductive Peace: A Zambian Case Study,” Third World Quarterly 32, no. 10 (2011).
أو كما يعبّر عنه يوجين رومر في: Eugene Rumer, “Chaos, Not Democracy May Be Real Alternative to Dictators in Central Asia,” National Interest, July 18, 2005, http://nationalinterest.org/article/chaos-not-democracy-may-be-real-alternative-to-dictators-in-central-asia-2744,
"ما من مقدار كافٍ من الازدراء يمكن أن يعوّض عن واقع أنه قد لايكون ثمة بديل أفضل عن نظام كاريموف".
22 .Webb, “Obama Interview: The Transcript,” BBC World Service, June 2, 2009, www.bbc.co.uk/worldservice/news/2009/06/090602_obama_transcript.shtml
23 أنظر على سبيل المثال: Stephen Carter and Kate Clark, No Shortcut to Stability: Justice, Politics, and Insurgency in Afghanistan (London: Chatham House, 2010), www.chathamhouse.org/sites/default/files/public/Research/Asia/1210pr_afghanjustice.pdf.
24 “Al-Sahab Video Discusses Economic Crisis, Arab ‘Corruption,’ Torture, Part 1 of 2,” September 23, 2009, www.dailymotion.com/video/x19sfqp_as-sahab-the-west-and-the-dark-tunnel-part-1_travel.
25 أنظر: “Corruption and Nuclear Proliferation” in Corruption, Global Security, and World Order (Cambridge: World Peace Foundation and the American Academy of Arts and Sciences, 2009), 124–67.
26 أنظر على سبيل المثال: Kevin Casas-Zamora, ed., Dangerous Liaisons: Organized Crime and Political Finance in Latin America and Beyond (Washington, D.C.: Brookings Institution Press, 2013).
27 درس توماس فريدمان هذه العلاقة بالنسبة إلى سورية. أنظر على سبيل المثال: Thomas Friedman has examined this relationship with respect to Syria. See, for instance, “The Other Arab Spring,” New York Times, April 7, 2012, www.nytimes.com/2012/04/08/opinion/sunday/friedman-the-other-arab-spring.html.
لاحظ أيضاً النقص الحاد في المياه والموارد في شمال نيجيريا حيث يتركّز معظم نشاط بوكو حرام.
28 “Mubarak on Charlie Rose (raw transcript),” McClatchy, August 17, 2009, http://blogs.mcclatchydc.com/cairo/2009/08/mubarak-on-charlie-rose-raw-transcript.html.
29 أنظر: Thomas Carothers and Saskia Brechenmacher, Closing Space: Democracy and Human Rights Support Under Fire (Washington, D.C.: Carnegie Endowment for International Peace, 2014).