المصدر: Getty
مقال

جماعة الإخوان المسلمين

تقدّم هذه الصفحة معلوماتاً خلفية حول جماعة الإخوان المسلمين.

نشرت في ١١ أكتوبر ٢٠١١

نُشرت هذه الصفحة في 10/11/2011 ولم يتمّ تحديثها لمواكبة آخر الأحداث.

مع تأسيس حزب الحرية والعدالة، تمكّنت جماعة الإخوان المسلمين المصرية في نهاية المطاف من إنجاز ما أنجزته الجماعة في بلدان أخرى مثل المغرب والأردن فلسطين منذ زمن طويل، وخصوصاً فصل نشاط المنظمة السياسي عن مهمتها الإرشادية والخدماتية. بيد أن الجماعة بقيت عاملاً سياسياً هاماً في مصر، وكان لا بد من إدراجها ضمن الحركات التي تؤثّر على الحياة السياسية المصرية.

القيادة

يتولّى قيادة جماعة الإخوان المسلمين كلٌّ من الأمين العام ومكتب الإرشاد العام المؤلَّف من ستة عشر عضواً. وفي ما يلي بعض شخصيات الجماعة الأبرز:
محمد بديع: المرشد العام
 خيرت الشاطر: نائب المرشد العام
 رشاد البيومي: نائب المرشد العام
 محمود حسين: الأمين العام
 محمود غزلان: المتحدث باسم الجماعة

الخلفية

جمعية الإخوان المسلمين، المعروفة أكثر باسم “الإخوان المسلمون”، هي تنظيم إسلامي تأسس في مصر على يد حسن البنّا في العام 1928 بسبب حاجة متصورة إلى نهضة إسلامية. طوال عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، تطوّرت الفكرة إلى حركة تضمّ أبناء الطبقتين الدنيا والمتوسطة ونشرت الإسلام بوصفه أساساً للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

لعب الإخوان المسلمون دوراً مسانداً في ثورة العام 1952، ولكن العلاقات التي كانت وديّة في البداية بين حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمين توتّرت بسرعة. وبعد محاولة اغتيال الجهاز السرّي جمال عبد الناصر في العام 1954، تم حلّ التنظيم رسمياً، وإحراق مقرّه، وألقي القبض على الآلاف من أعضائه.

عندما بدأ أنور السادات فتح النظام السياسي في العام 1971، استغلّ الإخوان الفرصة لإعادة تنظيم صفوفهم. وخلال هذه الفترة، بدأت الحكومة إطلاق سراح السجناء من أعضاء التنظيم تدريجياً وإغلاق مرافق التعذيب التي استخدمت أثناء حكم عبد الناصر. وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان ظلت غير قانونية، فقد سمح لها السادات باستئناف إصدار صحيفة “الدعوة” في العام 1976. في هذا الوقت أصبحت الجماعات الطلابية الإسلامية أكثر انتشاراً في الجامعات ونبذت جماعة الإخوان العنف رسمياً ونأت بنفسها عن الجماعات الإسلامية الأكثر تشدّداً مثل الجماعة الإسلامية.

بدأت جماعة الإخوان خوض الانتخابات البرلمانية في العام 1979 حيث بدأ أعضاؤها باكتساب وعي سياسي زائد من خلال تفاعلهم مع النقابات المهنية والطلابية. وقد اعتمدت الجماعة عموماً إستراتيجية سياسية براغماتية تقلّص من المواجهة مع النظام.

في ظل نظام الرئيس السابق حسني مبارك، لم تكن جماعة الإخوان قانونية، ولكنه سمح لها بدعم مرشحين مستقلين في الانتخابات وتطوير قدرة تنظيمية مثيرة للإعجاب. ومارس التنظيم أيضاً تأثيراً كبيراً على النقابات المهنية وعلى شبكة واسعة من المؤسسات الخيرية الإسلامية، كما مارس نفوذاً في الساحة السياسية الرسمية من خلال ممثليه في مجلس الشعب. في الانتخابات البرلمانية للعام 2005، التي سمح فيها لقوى المعارضة بتنظيم حملاتها الانتخابية بحرية نسبية، فازت جماعة الإخوان بنسبة لم يسبق لها مثيل بلغت 20 في المئة من المقاعد في مجلس الشعب. في هذا الوقت، اختلف قادة الإخوان المحافظون والإصلاحيون حول ما إذا يتعيّن على الجماعة أن تحاول تشكيل حزب سياسي حقيقي، والمدى الذي ينبغي أن يصل إليه التنسيق مع أحزاب المعارضة الأخرى، وجوانب البرنامج السياسي للجماعة، بما في ذلك دور رجال الدين في العملية التشريعية، فضلاً عن الحقوق السياسية للمرأة وغير المسلمين. مارست حكومة مبارك ضغوطاً كبيرة على الإخوان من العام 2006 فصاعداً، بما في ذلك اعتقال مئات من أعضاء الجماعة، ومحاكمة قياداتها العليا أمام المحاكم العسكرية، وشنّ حملة على القاعدة المالية للجماعة.

بالنسبة إلى الانتخابات البرلمانية للعام 2010، كان الإخوان يأملون في خوض الانتخابات بما يزيد عن 145 مرشحاً لمقاعد مجلس الشعب البالغة 508. استبعدت السلطات الانتخابية حوالى 20 في المئة من مرشحي الجماعة، خاضوا الانتخابات جميعاً كمستقلين، ولم يتبقّ سوى 104 من مرشحي الإخوان لخوض الانتخابات. في الفترة التي سبقت الانتخابات، واجه أعضاء الحركة قمعاً شديداً من نظام مبارك: تمّ سجن المئات، ومصادرة الموجودات، وإجبار المحالّ التجارية على الإغلاق.

في الجولة الأولى من الانتخابات، لم يَفُز أي من أعضاء الجماعة في الانتخابات بشكل مباشر، وفاز 27 مرشحاً فقط بما يكفي من الأصوات للمشاركة في الجولة الثانية. بعد اتّهامات بالتزوير والتلاعب قام بها الحزب الوطني الحاكم الذي فاز بنسبة 95 في المئة من المقاعد الـ221 في الجولة الأولى، أعلنت جماعة الاخوان أنها ستقاطع الجولة الثانية.

دور الإخوان في انتفاضة 25 يناير

لم تكن جماعة الإخوان من بين منظّمي احتجاج “يوم الغضب” في 25 كانون الثاني/يناير 2011، على الرغم من أنها قامت بالدعاية للاحتجاج مقدّماً على موقعها على الإنترنت. نظّمت مجموعات شبابية علمانية الحدث، وعلى الرغم من أن بعض أعضاء جماعة الإخوان شاركوا في مظاهرات أيام 25-27 يناير، لم تنضم الجماعة إلى المظاهرات بصفتها الرسمية حتى يوم الجمعة 28 كانون الثاني/يناير.

بمجرّد انضمامها، لعبت جماعة الإخوان دوراً هاماً في الحفاظ على زخم الاحتجاجات من خلال توفير الدعم اللوجستي والتنظيم والمشاركين. قدّم أعضاء الجماعة الماء والطعام للمحتجّين، وأول ميكروفون وسماعات، وفي عدد من المناسبات خلال الاحتجاج، أقاموا نقاط تفتيش أمنيّة لمنع القوات الموالية للحكومة من دخول ميدان التحرير. وأرسلوا أيضاً معلومات عن الاحتجاجات إلى مواقعهم على شبكة الإنترنت.

بعد أسابيع عدّة من الاحتجاجات، وافقت جماعة الإخوان، إلى جانب جماعات معارضة أخرى، على لقاء نائب الرئيس عمر سليمان الذي تمّ تعيينه مؤخراً.

لم يمضِ وقت طويل على رحيل الرئيس مبارك، حتى بدأت التوتّرات تظهر بين الجماعات المعارضة الليبرالية والإخوان المسلمين. تركّز أحد الخلافات على الاستفتاء الدستوري على التعديلات الدستورية المقترحة. أيّد الاخوان الاستفتاء وأطلقوا حملة من أجل إقراره، في حين دعت المعارضة الأكثر ليبرالية إلى رفضه. وقالوا إن الانتخابات التشريعية المتسرّعة ستفيد الجماعات المستقرّة، مثل الحزب الوطني الديمقراطي وجماعة الإخوان المسلمين، وتجعل من الصعب بالنسبة إلى الجماعات التي تأسست بعد الثورة أن تستعدّ بصورة كافية. علاوة على ذلك، اعترضت جماعات المعارضة العلمانية على استخدام الدين في الحملة التي تقوم بها جماعة الإخوان والناشطون السلفيّون، الذين حاولوا إقناع الناخبين بأنه ينبغي على المسلمين الطيبين الموافقة على الاستفتاء. تم تمرير الاستفتاء في 19 آذار/مارس 2011 بنسبة تزيد عن 77 في المئة من الأصوات.

شهدت جماعة الاخوان المسلمين درجة من التشرذم السياسي منذ قيام الثورة. فقد رفض الشباب من أعضاء الجماعة الذين نسّقوا بشكل وثيق مع الناشطين الشباب الآخرين أثناء وبعد الاحتجاجات أمر بديع بعدم تشكيل أو الانضمام إلى الأحزاب الأخرى، وترك العديد من القادة الإصلاحيين البارزين مثل المرشّح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح، وإبراهيم الزعفراني، ومحمد حبيب جماعة الإخوان. وأعلن كلٌّ من الزعفراني وحبيب عن نيّتهما تشكيل حزب آخر. وحصلت مجموعة من الناشطين بزعامة أبو العلا ماضي، الذين تركوا جماعة الإخوان في منتصف التسعينيات وواجهوا قيوداً قانونية في جهودهم الرامية إلى تشكيل حزب سياسي، أخيراً على موافقة قانونية لتأسيس حزب الوسط في آذار/مارس 2011. كما انسحب شباب إصلاحيون من الجماعة وشكّلوا حزبَي التيار المصري والريادة.

القدرات التنظيمية

تتميّز جماعة الإخوان المسلمين بقدرتها التنظيمية المثيرة للإعجاب، والتي تسمح لها بإدارة الخدمات الاجتماعية وحشد المؤيدين على نحو أكثر فعّالية من أي جماعة أخرى في المشهد السياسي المصري. وقد أنتجت جماعة الإخوان قدراً كبيراً من الدعم الشعبي من خلال توفير الخدمات العامة الحيوية والموارد للجماعات الفقيرة والحفاظ على صورة الاستقامة. وتمدّ الجماعة يدها أيضاً إلى الجمهور من خلال الأنشطة الإرشاديّة والدعويّة. ومن خلال أنشطتها الخيرية، اكتسبت جماعة الإخوان سمعة باعتبارها حليفاً خيراً للطبقات المهمّشة اقتصادياً في مصر ومدافعاً قوياً عن المصلحة العامة.

أزمة المشاركة

بعد عقود من المشاركة السياسية السلمية بالحدّ الأدنى من التأثير على السياسات والقمع المستمر من قبل النظام، بدأ العديد من أعضاء وقادة الجماعة يشكّكون في القيمة الإستراتيجية للمشاركة السياسية. قبل الثورة، تشكّلت الديناميات الداخلية للإخوان إلى حد كبير من خلال سلسلة من المناقشات بين الذين كانوا يدعون إلى المشاركة السياسية الرسمية ومعسكر معارض أوصى بالانسحاب من المجال السياسي لصالح تكثيف النشاطات الاجتماعية وتنظيم العمل الدعوي. بعد الثورة، لجأت جماعة الإخوان بسرعة إلى تشكيل حزب سياسي منفصل عن الحركة الأصلية ولكن استمر الجدل داخل التنظيم حول ما إذا كان يتعيّن على الأعضاء الذين يريدون أن يكونوا نشطين سياسياً أن ينضموا إلى حزب الإخوان الرسمي أو أن يكونوا أحراراً في الانضمام إلى أحزاب أخرى أو تشكيلها.

دور رجال الدين

في حين تؤكّد جماعة الإخوان المسلمين أن أجندتها الدينية متوافقة تماماً مع البيئة القانونية والمؤسسات الديموقراطية القائمة في مصر، فقد اقترح برنامجها للعام 2007 إنشاء مجلس من علماء الدين من شأنه تقديم المشورة إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأن مسائل الشريعة بطريقة موثوقة وملزمة.

المرأة والأقباط

يشير النقاد الليبراليون للإخوان إلى بند مثير للجدل في مشروع برنامج الحزب للعام 2007 باعتباره دليلاً على أن الجماعة لم تتقبّل بعد مفهوم المواطنة المتساوية للمرأة والأقباط. وينصّ البند على وجوب استبعاد النساء وغير المسلمين من المناصب العليا في أي دولة تحكم وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية. وفي حين ينقسم الإخوان داخلياً بشأن هذه القضية، وألمحوا منذ ذلك الحين إلى أن هذا الموقف قد لا يكون ملزماً، لايزال برنامج العام 2007 يثير مخاوف بشأن آراء الإخوان حول المرأة والأقليّات الدينية. وقالت الجماعة إن حزبها الجديد، الحرية والعدالة، سيكون مفتوحاً لجميع المصريين الذين يتّفقون مع برنامجها، بما في ذلك الأقباط، ولكنها قالت أيضاً إنه سيكون من غير المناسب لامرأة أو لقبطي قيادة الحزب. وجدير بالذكر أنه في أيار/مايو 2011، عُيِّن رفيق حبيب، وهو مفكّر مسيحي وعضو في الكنيسة القبطية الإنجيلية، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة.

العلاقات مع قوى المعارضة الأخرى

علاقات جماعة الاخوان مع جماعات المعارضة الفاعلة الأخرى فضفاضة، وذلك بسبب مقاربة التنظيم الحذرة بشكل مميز إزاء الانضمام إلى تحالفات قد توحي بوجود نيّة لزعزعة استقرار الوضع السياسي الراهن. علاوة على ذلك، إن انعدام الثقة المتبادل بين الاخوان والجهات الفاعلة المعارضة العلمانية أعاق التعاون، حيث إن الأحزاب اليسارية والليبرالية على وجه الخصوص تشكّك بشكل عميق في آراء الإخوان.

دخلت جماعة الإخوان في تحالفات مؤقتة مع القوى السياسية الأخرى مرات عدة. في انتخابات العام 1984 البرلمانية، التي أجريت بموجب نظام القائمة الحزبية، تحالف الإخوان مع حزب الوفد الجديد وفازت الجماعتان مجتمعتين بـ58 مقعداً. في العام 1987، انضم الإخوان إلى حزبي العمل الاشتراكي والاشتراكي الليبرالي في تحالف حصل على ما مجموعه 78 مقعداً، 36 منها لممثلي الإخوان. وقاطعت جماعة الإخوان والعديد من جماعات المعارضة الأخرى انتخابات العام 1990، ومنذ العام 1995 طرحت الجماعة مرشحيها كمستقلين.

تعاونت الجماعة مع الأحزاب الأخرى في تحالفات انتخابية غير رسمية (مثل الجبهة الوطنية المتحدة من أجل التغيير، وهو ائتلاف تشكّل لخوض الانتخابات البرلمانية للعام 2005 بقائمة مشتركة مستمدة من أحزاب التجمع والوفد والناصري والوسط  والكرامة). وفي العام 2010، أيّد الإخوان علناً محمد البرادعي وعريضة الجمعية الوطنية للتغيير من أجل الإصلاح الدستوري وجمعت مئات الآلاف من التوقيعات. وقد حرصت الجماعة على تحديد تأييدها لمحمد البرادعي، مؤكدة على وجوب ألا تُفسَّر مشاركة الإخوان في الحملة الخاصة بالعريضة بوصفها تأييداً لترشيح البرادعي للرئاسة.

منذ قيام الثورة، اقترح الإخوان فكرة تشكيل قائمة واحدة على مستوى البلاد مع جماعات المعارضة الأخرى للحيلولة دون هيمنة أي جماعة واحدة على الدورة البرلمانية الأولى.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.