المیثاق الوطني والدولة المدنیة والمواطنة المتساویة

من اھم النصوص التي جاءت في المیثاق الوطني تلك المتعلقة بتعریف دولة القانون والدولة المدنیة.

نشرت من قبل
الغد
 on ٢٤ أبريل ٢٠١٩

المصدر: الغد

حظیت وثیقة المیثاق الوطني باھتمام كبیر بعد صیاغتھا العام 1991 ،خاصة وانھا جاءت نتیجة لتوافق وطني عریض بعد ان شعر جلالة المغفور له الملك الحسین بضرورة بلورة وثیقة وطنیة بعد انتخابات 1989 تعطي الطمأنینة لكافة مكونات المجتمع فیما یتعلق بحقوقھا الفردیة والجماعیة.

وكان المیثاق الوطني بمثابة عقد اجتماعي عزز ما جاء في الدستور وأضاف الیه، وظل یذكر بالتوازي مع الدستور الى ان جاءت العملیة السلمیة فوضعته جانبا من الناحیة العملیة. ومن الأھمیة بمكان ان نذكر ان كافة القوى السیاسیة اشتركت في وضع وثیقة المیثاق، من الاخوان المسلمین والقوى الیساریة والنقابیة والمحافظة، فجاءت تعبیرا صادقا عن الارادة الشعبیة وتوافقا وطنیا بامتیاز حول الوعاء الأردني الذي یحوي الجمیع ویحتفي بھم.

أذكر ھذه المقدمة الیوم لأن المیثاق الوطني بشقه السیاسي ما یزال یمثل مرجعیة صالحة للحیاة السیاسیة في البلاد بعد ما یقرب من ثلاثین عاما على إنجازه.

من اھم النصوص التي جاءت في المیثاق الوطني تلك المتعلقة بتعریف دولة القانون والدولة المدنیة، خاصة ونحن نشھد ھذه الایام تھكما غیر مفھوم على الدولة المدنیة من قبل البعض، وكأننا لا نعیش الیوم في دولة مدنیة بامتیاز. المیثاق الوطني یعرف الدولة المدنیة الدیمقراطیة، دولة القانون، بوضوح. ومن المفید ھنا اعادة التذكیر ببنود مھمة وردت فیه:

الفصل السادس، المادة السابعة: ”احترام العقل والإیمان بالحوار والاعتراف بحق الآخرین في الرأي واحترام الرأي الآخر، والتسامح ورفض العنف السیاسي والاجتماعي، ھي سمات أساسیة للمجتمع الأردني، ویبنى على ذلك انه لا إكراه في الدین ولا تعصب ولا طائفیة ولا إقلیمیة“. الفصل السادس، المادة الثامنة: ”الأردنیون رجالا ونساء أمام القانون سواء لا تمییز بینھم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدین...“. ھذه اضافة مطلوبة للدستور، تنصف المرأة وتعترف بضرورة مساواتھا تشریعیا، وھي لم تأت من المنظمات الخارجیة، بل من رحم المجتمع الأردني ومن كافة مكوناته.

الفصل السادس، المادة التاسعة: ”ترسیخ دعائم دولة القانون وسیادته وتعمیق النھج الدیمقراطي القائم على التعددیة السیاسیة، من واجبات مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع المدني وھیئاته كافة“. یعرف المیثاق الوطني دولة القانون على انھا ”الدولة الدیمقراطیة التي تلتزم بمبدأ سیادة القانون وتستمد شرعیتھا وسلطاتھا وفاعلیتھا من إرادة الشعب الحرة كما تلتزم كل السلطات فیھا بتوفیر الضمانات القانونیة والقضائیة والاداریة لحمایة حقوق الانسان وكرامتھ...“.

من أھم ما جاء في المیثاق ”الحفاظ على الصفة المدنیة والدیمقراطیة للدولة، واعتبار اي محاولة لإلغاء ھذه الصفة اوتعطیلھا باطلة من اساسھا، لانھا تشكل تعدیا على الدستور وانتھاكا لمبدأ التعددیة ومفھومھا“.

این نحن الیوم من ھذا المفھوم الراقي للدولة الأردنیة الحدیثة؟ وھل أتت نصوص المواطنة المتساویة والدولة المدنیة من الخارج ام من قامات وقوى وطنیة ممثلة وعریضة؟ ھذا ھو الأردن الذي نرید، وھذا ما توافقنا علیه قبل ثلاثة عقود، وھو ما یستحق أن نعمل جمیعا من أجله.

تم نشر هذا المقال في جريدة الغد.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.