المصدر: الغد
ما ھي العلاقة بین سیاسات الحكومة وابنة دولة الرئیس؟ صفر. فلنھدأ قلیلا. آخر الفذلكات التي استنبطھا البعض للھجوم على دولة الرئیس، ولا أقول على سیاسات الحكومة، ْ تصریح عمره سنتان لابنته لصحیفة محلیة أمیركیة تتحدث عن نشأتھا. ویشتم من نشر ھذا التصریح على وسائل الاتصال الاجتماعي التشكیك بمواطنة الابنة أو حتى الرئیس نفسه لأنھا قالت بلغة أمیركیة مستعملة من كل المراھقین الشباب في أمیركا (والدة الابنة أمیركیة وقد عاشت الابنة طفولتھا في الولایات المتحدة) انھا تعیش الآن في الاردن، ولم تقل انھا ”تتسكع“ في البلد حسب الترجمة المضللة. كما أشادت الابنة بأصولھا السوریة والفلسطینیة والأمیركیة. ألا یجري في دماء الكثیر منا أصول متعددة لا تمنع مواطنتنا الأردنیة؟ لكن كل ھذا لیس بیت القصید.
لا یجب ان یعنینا تصریح لابنة في سن المراھقة، أو في أي سن كانت، فعائلة الرئیس شأن شخصي لا یجوز أن ننحدر لنطالھ بأي شكل من الأشكال. والتاریخ القومي لعائلة الرئیس لا یحتاج لدفاع.
من لدیه مشكلة مع سیاسات الحكومة، وأنا من الذین انتقدت ھذه السیاسات بشدة رغم صداقتي الشخصیة للرئیس، فلیناقش ھذه السیاسات ولیقارع الحجة بالحجة. ولا داعي لعنتریات الوطنیة الزائفة، فلیس لمواطنة أحد في ھذا البلد منزلة أعلى من مواطنة الآخر، لا بسبب أصوله ولا أفكاره ولا وضعه الاجتماعي ولا جنسه ولا دینه. كلنا مواطنون ما دمنا نحمل رقما وطنیا، ولكل منا الحق في الدلو بدلوه دون تكفیر أو تخوین أو مزاودة.ھناك ضحالة سیاسیة لدى البعض ممن لا یمتلك الوعي السیاسي الذي یتیح له الاختلاف الدیمقراطي مع من لا یتفق معه سیاسیا، فیلجأ إلى الأسلوب الرخیص المتمثل بمحاولة اغتیال الشخصیة، لأنھ أسھل بكثیر ولا یحتاج لثقافة ومن السھل أن ینطلي على البعض في زمن فیسبوك.
وكم رأینا من اشخاص، والبعض منھم سیاسیون مخضرمون، یسھل علیھم مھاجمة الشخص ویصعب علیھم مھاجمة الفكرة، وما ذلك إلا دلالة على فقرھم الفكري لیس إلا. وحتى ھذا المقال سیھاجم صاحبھ بینما یتم تجاھل موضوعه.
لا یجوز أن نترك ھذه الظاھرة دون مواجھة، نحن الذین نعارض سیاسات الحكومة كما نحن الذین نؤیدھا. ولن یتم تطویر ثقافة سیاسیة ذات بعد فكري راق إن لم نعترض مجتمعیا وبشدة على مثل ھذه التجاوزات التي ما فتئت تواجه الفكر باغتیال الشخصیة وذلك لإفلاسھا الفكري والأخلاقي. فالموضوع لا یتعلق بابنة الرئیس ولا بالرئیس نفسھ، بل یتعلق ببناء ثقافة فكریة وسیاسیة تلیق بھذا الوطن.
مشروع التحدث ما شئنا عن سیاسات الحكومة الاقتصادیة، ومشروع انتقاد ما شئنا تباطؤ الحكومة الواضح في موضوع الاصلاح السیاسي، وقد فعلت ذلك شخصیا في العدید من المرات، ومشروع مھاجمة الخلفیة الفكریة للرئیس وبعض افراد حكومته، ولكن اتركوا ابنة الرئیس جانبا. فلا دخل لھا، مھما قالت. تقع علینا جمیعا مسؤولیة بناء ثقافة دیمقراطیة تحدد أطر الاختلاف في السیاسة، وأما من یمتھن التجریح الشخصي فما ھو إلا دلالة على ضعفه وفقره السیاسي لیس إلا، وھو أسلوب ینبغي أن یكون غریبا عن كل منا.