REQUIRED IMAGE

REQUIRED IMAGE

مقال

حوار مع أبو العلا ماضي، العضو المؤسس في حزب الوسط المصري

أنا مع منع قيام أحزاب على أساس ديني، والمشكلة في تعريف الحزب الديني مع ملاحظة أن الحكومة المصرية لم تواجهنا بهذا النص في حالة حزب الوسط

نشرت في ٢٨ أغسطس ٢٠٠٨

ما هو موقف حزب الوسط من الدستور المصري الذي يمنع إنشاء أحزاب على أساس ديني وهل ترى ضرورة تغيير هذا النص ؟

أنا مع منع قيام أحزاب على أساس ديني، والمشكلة في تعريف الحزب الديني مع ملاحظة أن الحكومة المصرية لم تواجهنا بهذا النص في حالة حزب الوسط ، أي أنها لم ترفضه بحجة أنه حزب ديني فهذا كلام اعلامى وليس قانونيا .

أما تعريف الحزب الديني الذي أقصده فهو الحزب الذي يقوم على عضوية أبناء دين واحد أو الذي يقوم على فكرة الحكم الثيوقراطي أي حكم رجال الدين ، وهذا الحزب أرفض قيامه فعلا ، ويجب أن يكون الأساس في قيام أي حزب هو مبدأ المواطنة وأن يقوم على أساس فكرة مدنية فنحن نقدم أنفسنا على أساس أننا حزب مدني ذو مرجعية إسلامية والحزب يضم مسيحيين مصريين ويقر المساواة بين الرجل والمرأة ويضم الحزب سيدات محجبات وغير محجبات ومن المهم أننا نؤصل لفكرة المواطنة في التطبيق الفعلي .

وفكرة حزب الوسط تسعى لحل إشكالية تاريخية مر عليها أكثر من 50 عاما يمكن أن تؤثر في المنطقة بالكامل ، فالدين مكون أساسي ، ولكن ما هو شكل الاقتراب والتعامل مع الدين والشريعة ومبادئ الإسلام ؟

وهنا نتحدث عن مفهوم عصري للشريعة فالقضايا العامة في الإسلام لها أحكام كلية ، أما القضايا الخاصة ففيها تفصيل بمعنى إذا تحدثنا عن الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق فهذه أحوال خاصة فيها تفصيل أما القضايا العامة الخاصة بالنظم ، فإذا تحدثنا عن الشورى وتعريفها وهل سيكون هناك مجلس أم مجلسان وهل سيكون النظام رئاسيا أم برلمانيا فكل هذه اجتهادات بشرية والديموقراطية تتوافق تماما مع فكرة الشورى والتي تعني مشاركة الناس في صناعة القرار. وكيفية تنفيذ ذلك يعود إلى خبرة البشر وبالتالي نحن نؤكد أن الناس تقبل ما لا يتصادم مع عقائدهم وفي الوقت ذاته يتصالح مع الخبرة البشرية والحضارة الإسلامية التي هي ككل الحضارات وهذه هي فكرة التصالح مع الحضارات والتيارات والأفكار الأخرى بشكل يؤدي إلى التواصل بلا تبعية ولا عداء أحمق لا مبرر له .

وأصدقاؤنا في حزب العدالة والتنمية في المغرب وتركيا هم لاحقون لفكرة الوسط الذي بدأ في يناير 1996، وهم بدأوا في 1998 فالفكرة نابعة من معاناة مجموعة من أبناء الحركة الإسلامية أصحاب الخبرة الذين حاولوا تطوير الحركة من داخلها واستمرت المحاولات منذ 1986 حتى 1996 ، وواجهنا العديد من العقبات ثم قررنا التقدم بمشروعنا لأن التغيير في المنظمات الكبيرة (أي حركة الإخوان المسلمين) من داخلها عملية صعبة جدا ، أما البدء بمنظمة جديدة لها عيب أو ميزة التاريخ.

 

ما هو الاختلاف والتشابه بين برنامجكم وبرنامج الإخوان المسلمين تجاه القضايا السياسية والاقتصادية ؟

الإخوان لديهم مدرستان أولاهما إصلاحية منفتحة قريبة من أفكارنا والأخرى متشددة وهي الأغلبية والمتحكمة للأسف .

ونحن نفرق بين الوظيفة الدعوية والوظيفة السياسية لأن الخلط بينهما في منتهى الخطورة ويهدد الأوطان والجماعات الدينية نفسها ، ونادينا بالفصل بينهما وهذا كان الاختلاف الأول لأننا حزب مدني وظيفته سياسية وليست دعوية وجماعة الإخوان تجمع بين الوظيفتين والاختلاف الثاني يكمن في الرؤية الغائمة لدى الإخوان التي تطالب بدولة إسلامية.

بالإضافة إلى تخوفهم من الديموقراطية فهم وإن نادوا بها لا يؤمنون بها في الحقيقة حتى في ممارستهم داخل الجماعة وهذا أمر يخصهم .

وهناك مشكلة الوجود التاريخي للجماعة الذي أفرز أمراضا بسبب عدم قانونيتهم على الرغم من أنه ليس هناك جدية منهم لطرح أنفسهم بشكل قانوني حتى الآن . وحينما يقولون إننا نريد حزبا لكن الدولة لا توافق فان المشكلة ليست في عدم موافقة الدولة وإنما السؤال هل ستتحول الجماعة إلى حزب أم سيكون الحزب مجرد واجهة للجماعة ؟ والتصويت داخل الجماعة داخل مكتب الإرشاد منذ شهور قليلة كان 15 لصالح أن يكون الحزب واجهة للجماعة ضد عضوين فقط. وبالتالي سيكون هناك أشخاص يعرفهم الرأي العام وليس لهم قرار وأشخاص لا يعلم عنهم شيء يملكون القرار وتلك أزمة تؤكد الخلط بين الوظيفتين الدعوية والسياسية .

 

هل تتوقع أن ينشق جزء من الإخوان للترشيح على قوائم حزب الوسط في الانتخابات القادمة عام 2010 فيما لو بقيت الانتخابات بالنظام الفردي أو تغيرت إلى القوائم ؟

المشكلة الكبرى ان المسيسين في مصر بمن فيهم الحزب الوطني والإخوان لا يتجاوز عددهم المليون وهناك 70 مليونا غير مسيسين فنحن لا نتصارع على المنظمين داخل أحزاب وانما نحن نستهدف غير المسيسين ومن يرغب منهم في الانضمام بشروطنا وعن اقتناع بمبادئنا سوف نقبله ولدينا شروط حتى لا يتم اختراق وسيطرة لأننا لعبنا ذات اللعبة من قبل داخل جماعة الإخوان .ونحن لدينا اعتراض على نظام التجنيد داخل الجماعة لأنه يركز على الكم عكس الوضع لدينا يركز على الكفاءة ، وهذه نسبة ليست كبيرة في الإخوان وإذا قررت الانضمام إلى حزب الوسط سوف نقبل بها.

وتجربتنا الأولى : كان أغلب المؤسسين من الإخوان ، والتجربة الثانية: حدث توازن في العضوية بين المنتمين للإخوان وغيرهم ، والمرحلة الثالثة: أصبح الوضع طبيعيا وأصبح من له علاقة بالإخوان لا يتجاوز 7 بالمائة من العدد الإجمالي فالوسط يعبر عن شريحة جديدة ليست منظمة داخل حركة الإخوان.

 

ما هي رؤية حزب الوسط فيما يخص الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية في مصر ؟

نرى أن الأزمة في مصر يمكن حلها بثلاث طرق رئيسية .

الأولى : التحول الديموقراطي الكامل ، وهو هدف لابد من السعي إليه وأن يكون لدينا نظام حكم منتخب بشكل حر وشفاف ، بمعنى أن يكون الرئيس منتخب بشكل حقيقي من خلال فرص متساوية أمام جميع المرشحين للمنصب .

والثانية :أننا نريد رئيسا وحكومة ذات كفاءة فنحن نعانى غياب الكفاءة وهذه مشكلة حقيقة ، فالكفاءة يجب أن تكون قبل الإيدولوجيا ومصر بها كفاءات كبيرة جدا والمشكلة أن من يتصدرون المشهد هم عديمو الكفاءة .

الثالث: مواجهة الفساد الهيكلي المنتشر في جميع مؤسسات الدولة ومطالبة الجميع بقرارات الذمة المالية بدءا من رئيس الجمهورية وحتى اصغر موظف فضلا عن تحديد حد أقصى لمدة الخدمة العامة ، على أن تكون مدتين يجب ألا يتعداهما أي مسؤول في منصبه.

هل ترى أن الضغوط الخارجية والداخلية سوف تدفع إلى مزيد من الإصلاح في مصر ؟ وهل هناك مراجعات داخل التيارات والأحزاب بصدد العلاقات مع الغرب ؟

بالتأكيد الضغوط الخارجية ليست هي العامل الرئيسي ، ولكنها مهمة و العامل الرئيسي هو الضغوط الداخلية وهي مرهونة بمدى قوة الضغط الداخلي وأتصور أن الرافعة الأساسية لهذه الضغوط هي حركة كفاية، وهناك تزايد في شرائح الشعب الراغبة في التغيير ولكن هذه الرغبة لم تترجم حتى الآن إلى فعل ملموس على الرغم من الغضب الذي يعم الشارع المصري ، وهذا ما نخطط له في الحقيقة .. أي كيف نترجم هذا الغضب إلى حركة للتغيير في الواقع ، ونحن هنا نعتمد على عامل الوقت.

المراجعات تأتي نتيجة نضج بعض التغييرات التي تطرأ على بعض أفكار الأطراف المعنية . فالعالم الآن متواصل ومتداخل بغض النظر عن نوايا الأطراف المهتمة بالقضايا ذات البعد الدولي مثل التحقيقات الدولية بخصوص اغتيال الحريري وغيرها فلم تعد فكرة السيادة الوطنية متعلقة بأنظمة تغلق على نفسها الباب وتفتك بشعوبها ، وضعف مفهوم السيادة الوطنية هو تطور إيجابي من وجهة نظري لأن قضية نزاهة الانتخابات والرقابة الدولية عليها أصبحت شأنا دوليا خصوصا أنه لا يوجد سبيل آخر سواه لتحقيق النزاهة والشفافية بعد رفض النظام المصري لأي رقابة حقيقية للقضاء أو مشاركة منظمات المجتمع المدني. فقبولنا بمبدأ الرقابة الدولية اضطر النظام إلى قبول رقابة منظمات المجتمع المدني فهذا مكسب فعلا والمناورة كانت ناجحة.

ما هي رؤيتك للخطاب الأمريكي الداعي بقوة أخيرا إلى الإصلاح في العالم العربي؟

بالرغم من تشككي في نوايا هذا الخطاب إلا أن له أثرا ايجابيا بالفعل ولا ننكر أن جزءا كبيرا من الحراك الذي حدث أخيرا يرجع الفضل فيه إلى هذا الخطاب بغض النظر عن النوايا ولكن الممارسات فيها ازدواجية بالفعل ، فهناك خطاب تشجيع للمعارضة وآخر تشجيع للسلطة وهذا ما لم أفهمه وأبلغته لبعض المسؤولين الأمريكيين فالولايات المتحدة كما تحتج على قمع المعارضة وهذا عمل إيجابي فهي توافق على تعديل المادة 76 الخاصة بانتخابات رئيس الجمهورية وعلى إجراء الانتخابات البرلمانية بهذا الشكل المشوه وواضح أن هناك تشجيعا لسياسات غير ديموقراطية وهذا هو ازدواج الخطاب الذي أشرت إليه .

أجرى الحديث عمرو حمزاوي، الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي*

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.