مشهد عام لجدارية في شارع محمد محمود في وسط القاهرة انتهى العمل عليها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 في الذكرى الثانية للصدامات العنيفة التي اندلعت هناك بين المتظاهرين الذين كانوا يحتجّون على الحكم العسكري والشرطة، والتي أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصاً وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف بجروح. ويأتي هذا العمل الفنّي بعد عام واحد على إنجاز الفنان عمار أبو بكر جدارية أخرى في الشارع، وعلى أثر رفع حظر التجول ليلاً في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد انقضاء ثلاثة أشهر على تطبيقه بدءاً من آب/أغسطس الماضي عندما استُخدِمت الوسائل العنيفة لتفريق الاعتصامات المؤيّدة لمرسي. تصوير عبد الرحمن زين الدين
العمّال يبنون نصباً تذكارياً بناءً على أوامر حكومية، وقد تولّت تنفيذه شركة العبد للمقاولات المملوكة من الدولة المصرية في وسط ميدان التحرير. وقبيل تدشين النصب، توجّه المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية، هاني عبد اللطيف، بالتعازي عبر شاشات التلفزة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مشيراً إلى أن الهدف من إقامة النصب هو تكريم "شهداء الثورة الذين أريقت دماؤهم الطاهرة لريّ شجرة النضال الوطني". وقد قوبلت هذه التعازي الموجّهة من الحكومة العسكرية بالاستهجان الشديد من جانب المحتجّين الشباب، الذين يقولون إن الدولة الأمنية لاتزال تفلت من العقاب، وإنها مسؤولة عن مقتل وإصابة الآلاف منذ اندلاع انتفاضة 25 كانون الثاني/يناير. تصوير عبد الرحمن زين الدين
في أقل من اثنتَي عشرة ساعة على تدشين الحكومة العسكرية في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 نصباً تذكارياً في ميدان التحرير قالت إنه لتكريم "شهداء الثورة"، حطّمه الشباب حجراً حجراً. قد أعيد بناء النصب في إطار مشهدي جديد، ويتولّى عناصر الشرطة تنظيم حركة السير حول المستديرة التي شُيِّد فيها. تصوير عبد الرحمن زين الدين
بين 18 و19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حطّم الشباب نصباً تذكارياً أقامته الحكومة في وسط ميدان التحرير ويحمل أسماء رئيس البلاد ورئيس الوزراء ونائبه. وقد تزامن إنجاز النصب مع الذكرى الثانية للصدامات العنيفة التي اندلعت بين الشرطة والمتظاهرين المعترضين على الحكم العسكري في شارع محمد محمود في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2011. تصوير عبد الرحمن زين الدين
رسم عمار أبو بكر وزملاؤه من الفنانين الناشطين الجدارية الجديدة فوق عمل فني آخر كان قد أُنجِز في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وهو عبارة عن سلسلة كئيبة من البورتريهات التي يظهر فيها أربعة شباب ينظرون إلى موتهم على أيدي الأجهزة الأمنية. والشباب الأربعة هم: خالد سعيد وعصام عطا وعاطف الجوهري وشنودة نصوحي. يقول أبو بكر إن جداريات محمد محمود هي "مقبرة الميدان"؛ وإنها تكرِّم الضحايا الذين سقطوا منذ انتفاضة 25 كاون الثاني/يناير عبر طرح السؤال "أين هم قتلتهم؟". تصوير أنجيلا بوسكوفيتش
فنّانون يعملون في شارع محمد محمود الذي يربط ميدان التحرير بوزارة الداخلية، على الجدار المحيط بحرم الجامعة الأميركية في وسط القاهرة، في ساعات الصباح الأولى في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. يقول الفنّان عمار أبو بكر عن الفريق الذي يعمل معه: "نحن الصوت الصارخ في الشارع في الوقت الذي يريدون فيه أن يصمت الجميع". تصوير عبد الرحمن زين الدين
تبثّ الجدارية أجواء احتفالية في شارع محمد محمود، في مكانٍ بات الشباب يعتبرونه مساحتهم الخاصة. هذا العام تجمّع نحو ألف متظاهر في الشارع إحياءً للذكرى الثانية للصدامات العنيفة التي اندلعت هناك في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2011. تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفنّانة سلمى سامي تعمل على نموذج زهري مموّه في جدارية محمد محمود تُعلّق من خلاله على علاقة الود المفرط التي نشأت بين الحكومة العسكرية والرأي العام والإعلام. تقول سامي التي هي السيّدة الوحيدة بين فنّاني الفريق، إنها كانت متشوّقة جداً للمشاركة في الفريق الذي يعمل في شارع محمد محمود، مضيفةً: "شعرت بأن روح 25 يناير تجتاح كياني". تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفنان عمار أبو بكر يعمل على نص الجدارية الذي يروي كيف جرى تشحيم الخازوق الذي غالباً ماكان يُستعمَل لإخضاع الشعوب الأصلية على أيدي قامعيها، قبل إنزال العقاب بالثوّار. يقول أبو بكر: "إننا نخاطب شرطة همجية، لذلك يجب أن نستخدم تعابير على قدر الأحداث التي تجري في الشارع". تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفريق يُنهي الطبقة الأولى من الجدارية في شارع محمد محمود في الصباح الباكر في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. تصوير عبد الرحمن زين الدين
أجواء احتفالية في ساعات الصباح في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، فيما يُنهي الفريق الطبقة الأولى من الجدارية في شارع محمد محمود. أحضر الشباب زهوراً لوضعها عند مدخل الشارع الذي بات يجسّد نضالات الثورة المتواصلة بالنسبة إلى الشباب الذين يقولون إنهم لايزالون يناضلون من أجل حقوقهم وكرامتهم وحريتهم. تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفريق يجمع أغراضه ومعدّاته عند الجدار في شارع محمد محمود. جمع الفنّانون المال من مدخولهم الخاص لشراء المعدات التي بلغت كلفتها أقل من ألف جنيه مصري (حوالى 145 دولاراً أميركياً)؛ لم يُكشَف عن كلفة النصب التذكاري الذي أقامته الحكومة في ميدان التحرير. تصوير عبد الرحمن زين الدين
فريق الفنّانين، وفنّانو الغرافيتي الناشطون، وسواهم يقفون لالتقاط صورة في ساعات الصباح الأولى في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 بعد انتهائهم من العمل على الطبقة الأولى من جدارية جديدة في شارع محمد محمود في وسط القاهرة. تصوير عبد الرحمن زين الدين
على الرغم من أن الجدارية في شارع محمد محمود توفّر مساحة احتفالية بات الشباب يعتبرونها مساحتهم الخاصة، يحيط الجنود والدبّابات العسكرية وعناصر الشرطة والأسلاك الشائكة بالشارع الذي يربط ميدان التحرير بوزارة الداخلية. تصوير عبد الرحمن زين الدين
على الرغم من أن الجدارية في شارع محمد محمود توفّر مساحة احتفالية بات الشباب يعتبرونها مساحتهم الخاصة، يحيط الجنود والدبّابات العسكرية وعناصر الشرطة والأسلاك الشائكة بالشارع الذي يربط ميدان التحرير بوزارة الداخلية. تصوير عبد الرحمن زين الدين
عناصر من الشرطة يقفون على ناصية شارع محمد محمود عند مدخل ميدان التحرير وينظرون إلى الطبقة الأولى من جدارية أُنجِزت مؤخراً في شارع محمد محمود تعليقاً على أداء الحكومة العسكرية. تصوير عبد الرحمن زين الدين
جنود شباب يقفون أمام الدبابات عند ناصية شارع محمد محمود بمحاذاة مدخل ميدان التحرير أمام الطبقة الأولى من جدارية أُنجِزت مؤخراً في شارع محمد محمود تعليقاً على أداء الحكومة العسكرية. تصوير عبد الرحمن زين الدين
جندي يقف على متن دبابة عسكرية تتمركز في شارع محمد محمود بمحاذاة مدخل ميدان التحرير أمام الطبقة الأولى من جدارية أُنجِزت مؤخراً في شارع محمد محمود تعليقاً على أداء الحكومة العسكرية. وقد جرى في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي رفع حظر التجوّل الذي كان قد فُرِض بعد تفريق الاعتصامات الموالية لمرسي بالوسائل العنيفة واستمرّ ثلاثة أشهر لازم الناس خلالها منازلهم ليلاً. تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفنان عمار أبو بكر يعمل على إنجاز الطبقة الثانية في جدارية جديدة في شارع محمد محمود. يجسّد البورتريه الفتى سعيد خالد، 11 عاماً، الذي لقي مصرعه في صدامات شارع محمد محمود في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وكان شقيق خالد الأكبر قد قُتِل في مايُعرَف بـ"موقعة الجمَل" عندما هاجم معتدون يمتطون الجِمال المتظاهرين المناهضين لمبارك في الثاني من شباط/فبراير 2011. يقول أبو بكر عن البورتريه: "إنهما صغيران جداً، وقد قُتِلا في الشارع بهذه الطريقة. كانا يناضلان من أجل نيل حقوقهما وعيش حياة أفضل". تصوير عبد الرحمن زين الدين
الفنان عمار أبو بكر يعمل على النص المرافق لبورتريه سعيد خالد، 11 عاماً، الذي قُتِل في الصدامات التي اندلعت بين المتظاهرين المعترضين على الحكم العسكري وبين رجال الشرطة في شارع محمد محمود في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. يحلّ بورتريه خالد باللونَين الأزرق والأبيض، والذي وُضِع له جناحا ملاك، مكان بورتريهات أشخاص آخرين أكثر شهرة قُتِلوا في الأعوام الثلاثة الماضية على أيدي الأجهزة الأمنية، والذين أصبحت بورتريهاتهم المرسومة في مختلف أنحاء المدن المصرية بمثابة رموز للعبادة. تصوير عبد الرحمن زين الدين
أولاد يقفون لالتقاط صورة أمام بورتريه سعيد خالد، 11 عاماً، الذي لقي حتفه في الصدامات التي اندلعت بين المتظاهرين المعترضين على الحكم العسكري ورجال الشرطة في شارع محمد محمود في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. البورتريه جزء من جدارية جديدة في الشارع توثّق طبقاتها الأحداث التي شهدتها مصر منذ انتفاضة 25 يناير. تصوير عبد الرحمن زين الدين
البورتريه المؤثّر لسعيد خالد، 11 عاماً، والذي يشكّل جزءاً من جدارية جديدة في شارع محمد محمود الذي يقود إلى ميدان التحرير، يذكّر بأنّ عدداً كبيراً من الشباب المصريين دفع الثمن الأغلى من أجل ثورة يقولون إنها لاتزال مستمرة لاستعادة حقوقهم الأساسية، ووضع حد للفساد وسوء الإدارة في البلاد، وكبح الأجهزة الأمنية التي تتصرّف بإفلات تام من العقاب. تصوير عبد الرحمن زين الدين
بورتريه مؤثّر لسعيد خالد، 11 عاماً، يشكّل جزءاً من جدارية جديدة في شارع محمد محمود تحيط بحرم الجامعة الأميركية في وسط القاهرة. يقول وسيم خالد، 22 عاماً، عن العمل الفنّي: "بالنسبة إلي، يمثّل هذا الجدار وشارع محمد محمود الحرية، ومصر التي أحببتها وسأظلّ أحبّها. أشعر بأن روح 25 يناير لاتزال معنا وسوف تتطوّر أكثر". تصوير عبد الرحمن زين الدين
نظّم شباب مصريون شاركوا في الثورة منذ 25 كانون الثاني/يناير 2011، ويقولون إنهم يعبّرون عن مطالب الانتفاضة التي لم تتم تلبيتها بعد، تظاهرات في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لأول مرة منذ أدّت الاحتجاجات الحاشدة إلى سيطرة الجيش على السلطة في تموز/يوليو الماضي. يساهم رسّامو الجداريات وفنّانو الغرافيتي الناشطون بوسائلهم الخاصة في التعبير عن هذه المطالب. وقد رسموا مؤخراً جداريات ضخمة في شارع محمد محمود في القاهرة، في الذكرى الثانية للصدامات العنيفة التي اندلعت هناك في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، في مكانٍ بات الشباب يعتبرونه مساحتهم الخاصة.
قال وسيم خالد، 22 عاماً، الذي شارك في ثورة 25 يناير وتظاهرات شارع محمد محمود: "معظم الشباب في عمري لم يكن لديهم أي شعور تجاه بلادهم قبل ثورة 25 يناير". وأضاف "تعليمي، كل ما أملكه، أمّنته لي عائلتي. لم تقدّم الحكومة شيئاً لنا نحن الشباب". إلا أنه تبيّن أن تحقيق أهداف الثورة عبر وضع حد للفساد وسوء الإدارة داخل الدولة الأمنية، ليس بالأمر السهل. وفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية للعام 2013، تحتلّ مصر المرتبة 114 من بين 177 دولة. تحظّر القوانين المصرية الكشف عن الأنشطة العسكرية، حتى تلك التي تتم في المجال التجاري، وتتمتّع المؤسسة العسكرية بحكم الأمر الواقع بالحصانة من الملاحقة القضائية. كما أن الدستور الجديد الذي سيُعرَض على الاستفتاء في 14-15 كانون الثاني/يناير الجاري يُبقي الميزانية العسكرية خارج نطاق الإشراف المدني. وفي بلدٍ شهد انتفاضات حاشدة أسفرت عن إطاحة حكومتَين في أقل من ثلاث سنوات، صدر قانون جديد لتنظيم التظاهرات يفرض قيوداً شديدة على التجمّعات العامة. وقد تمّت حتى الآن مقاضاة ثلاثة من الناشطين المعروفين في البلاد والمرتبطين بحركة 6 أبريل، وحُكِم عليهم بالسجن ثلاث سنوات بتهمة عدم التقيّد بالقانون الجديد.
لكن في تفسير مغاير للأحداث، عمدت الحكومة العسكرية إلى بناء نصب تذكاري قالت إن الهدف منه هو تكريم "شهداء ثورتَي 25 يناير و30 يونيو". أنُجِز النصب المصنوع من الحجر الأصفر والذي رُفِع في وسط ميدان التحرير، في غضون يومَين فقط. وبعد أقل من اثنتَي عشرة ساعة على تدشينه بحضور رئيس الوزراء المصري ومحافظ القاهرة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حطّمه الشباب حجراً حجراً. وقد أعيد بناؤه في إطارٍ مشهديٍّ جديد، ويتولّى عناصر الشرطة تنظيم حركة السير حول المستديرة التي شُيِّد فيها النصب. يشرح الفنّان عمار أبو بكر الذي عمل سابقاً على إنجاز جداريات تجسّد ضحايا الثورة في شارع محمد محمود قائلاً: "أقامت الحكومة العسكرية نصباً تذكارياً مزيّفاً تكريماً للأشخاص الذين قتلتهم بنفسها، وهي التي تبني المؤسّسات التي تقتلنا، لذلك يجب أن نردّ عليها". ينتقد العمل الجديد الذي ينجزه فريقه على طول 150 متراً على الجدار الذي يحيط بحرم الجامعة الأميركية في وسط القاهرة، العلاقة بين الإعلام والرأي العام والسلطة.
يقول الشباب إن غضبهم من النصب الذي أقامته الدولة نابعٌ من إفلات الدولة الأمنية في مصر، ولاسيما الشرطة، من العقاب، ومن التضييق المستمر على المتظاهرين والناشطين منذ انتفاضة 25 يناير. يقول وسيم: "منذ رأيت النصب الذي شيّدته الحكومة، غضبت كثيراً؛ لم يدوّنوا عليه حتى أسماء الأشخاص الذين لقوا حتفهم. أطالب بإحقاق العدالة لجميع الشباب الذين قُتِلوا - أريد محاكمات وأحكاماً عادلة لا نصباً تذكارية".
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تجمّع نحو ألف متظاهر في الشارع إحياءً للذكرى الثانية لصدامات 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 بين الشرطة والمتظاهرين الذين كانوا يعترضون على الحكم العسكري، والتي أسفرت عن مقتل 50 شخصاً وإصابة ثلاثة آلاف آخرين بجروح. وقد رفع المتظاهرون لافتة في ميدان التحرير كُتِب عليها "ممنوع دخول الفلول أو الإخوان المسلمين أو العسكر". وفيما كان المتظاهرون يهتفون في ساعات الصباح في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، كان فريق من حوالى 15 شخصاً يعمل على الجدارية الجديدة. وقد رُسِم نموذج مموَّه بواسطة اللونَين الزهري والأحمر - "لونَي الحب"، كما يقول أبو بكر الذي يضيف: "ثمة نوعٌ من المهرجان الاحتفالي تعبيراً عن الولع بهذه الحكومة العسكرية الجديدة، وتظهر صور السيسي على الحلويات في المخابز وحتى على الملابس الداخلية". يتناقض الجدار ذو الألوان الزاهية بشدّة مع المبنى القديم للجامعة الأميركية في القاهرة الذي يقع فوقه وقد شُلِّعت نوافذه، ويمكن رؤية الجدار من موقع النصب التذكاري الذي أقامته الحكومة.
بعد ثلاث سنوات على انتفاضة 25 يناير، يحمل جدار محمد محمود تاريخاً في ثناياه. يقول أبو بكر: "غضب بعض الأشخاص لأننا رسمنا فوق بورتريهات الشهداء". (غطّى التمويه الزهري عملاً فنياً آخر بريشة أبي بكر يعود إلى العام 2012، وهو عبارة عن سلسلة كئيبة من البورتريهات التي يظهر فيها أربعة شباب ينظرون إلى موتهم على أيدي الأجهزة الأمنية). يتابع أبو بكر: "لكن يجب أن يعكس هذا الجدار الأحداث، ولذلك ارتأينا تغييره. لانرسم الشهيد كي نخلّده، بل لنسأل أين هم قتلتُه". ويضيف: "في هذا الشارع، ندين قتلة جميع هؤلاء الشباب، ليس فقط قتلة الشباب ذوي الوجوه المعروفة التي ترونها في كل مكان، بل أيضاً أصحاب الوجوه المجهولة". توافقه الرأي سلمى سامي، المرأة الوحيدة بين الفنّانين العاملين في الفريق، إذ تقول: "لم أُرِد أن أرسم على جدار محمد محمود تكريماً للموتى، بل لأنني شعرت بأننا نستطيع أن نفعل شيئاً للأحياء".
يقول وسيم إنه شعر بالأسى لرؤية بورتريه صديقه عاطف الجوهري يختفي تحت الألوان إفساحاً في المجال أمام الجدارية الجديدة. وكان الجوهري قد توفّي متأثّراً بإصابة في وجهه من طلق ناري خلال الاحتجاجات ضد وزارة الدفاع في حي العباسية في القاهرة، في 4 أيار/مايو 2012. يروي وسيم قائلاً: "في البداية غضبت كثيراً عندما رأيت عمار ينظّف الجدار. لكن عاطف كان يساعد الناس دائماً، ولو كان بيننا، لطلب منا ألا نأبه لصورته، وأن نهتم بدلاً من ذلك بالثورة، لذلك تقبّلت الأمر".
يعود البورتريه المؤثّر في الجدارية لصبي يجهله معظم الناشطين، وقد استُلهِم من صورة التُقِطت لسعيد خالد، ابن الأحد عشر ربيعاً، في ميدان التحرير. لقي شقيق سعيد مصرعه في ما يُعرَف بـ"موقعة الجمَل" عندما هاجم معتدون يمتطون الجِمال المتظاهرين المناهضين لمبارك في الثاني من شباط/فبراير 2011. وقد شارك سعيد الذي أراد أن يسير على خطى شقيقه، في كل التظاهرات الكبرى، إلى أن لقي هو أيضاً حتفه في صدامات شارع محمد محمود في العام 2011. يقول أبو بكر: "إنهما صغيران جداً، وقد قُتِلا في الشارع بهذه الطريقة. كانا يناضلان من أجل نيل حقوقهما وعيش حياة أفضل".
إلى جانب الدور النقدي الذي تؤدّيه جداريات محمد محمود، تشكّل أيضاً مساحة للتجمّع. من النادر أن تعمل النساء في الشارع، وقد كان رسم هذه الجدارية حدثاً وجودياً بالنسبة إلى سامي، خرّيجة الفنون الجميلة البالغة من العمر 30 عاماً، والتي تعمل أيضاً مصمّمة أزياء. وقد انصبغت زاوية شارع محمد محمود وميدان التحرير بأنها بؤرة للاعتداءات الجنسية. تقول سامي: "بما أنني امرأة، كانت لديّ مشكلة في الذهاب إلى ذلك الشارع، حتى إنني أعرف فتاة تعرّضت إلى الاعتداء. لكن لايمكنني الاختباء في المنزل. عندما كنّا نعمل، شعرت بأنّ روح 25 يناير تجتاح كياني، ولم أشعر بالخوف". فضلاً عن ذلك، رُسِمت نماذج التمويه بواسطة فرشاة الأسطوانة، الأمر الذي سهّل على الجميع المشاركة في الرسم، وحوّل المكان إلى مشغل في الهواء الطلق. تقول سامي: "أحببت حقاً أننا عملنا كمجموعة". فيما تشارف مصر على إحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، يقول أبو بكر وزملاؤه الفنّانون الناشطون إن التقلّبات التي تشهدها البلاد أمر متوقّع في إطار النضال الذي يخوضه المصريون. يعلّق أبو بكر قائلاً: "خلال حظر التجوّل الذي استمرّ ثلاثة أشهر [بين آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر] حصل الناس على الوقت للتفكير، لكن الثورة ليست ذكرى، وهذا الحوار على الجدار جزء من الثورة". باتت الجداريات تمثّل الثورة لعدد كبير من الشباب. يقول وسيم: "عندما يُنظَّف الجدار، يصبح مثل قطعة قماش جديدة جاهزة للرسم عليها". ويتابع: "بالنسبة إليّ، يمثّل هذا الجدار وشارع محمد محمود الحرية، ومصر التي أحببتها وسأظلّ أحبّها. أشعر بأن روح 25 يناير لاتزال معنا وسوف تتطوّر أكثر".
أنجيلا بوسكوفيتش كاتبة وباحثة ومنتجة ثقافية مقيمة في القاهرة.
* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية