المصدر: Getty
مقال

الحق في الحصول على الوثائق في ليبيا في ظل التمييز على أساس النزوح

أكملت عملية الكرامة العسكرية عشرة أعوام منذ انطلاقها بعد بدء الحرب الأهلية الليبية الثانية في عام 2014. نتيجة لهذه العملية، شهدت المنطقة الشرقية عددا كبيرا من مجتمعات النازحين داخليًا.

 عبدالرحمن زايد
نشرت في ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤

يشير تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا إلى أن أكثر مجتمعات النزوح خرجت من مدينة بنغازي بسبب النزاع الذي وقع بين عامي 2014 و2017. وفي حين تمكن بعض النازحين داخلياً من العودة إلى مدنهم الأصلية، "لا يزال البعض الآخر يواجهون تحديات في العودة إلى بنغازي ودرنة بسبب خطر الاضطهاد أو الانتقام من الميليشيات."

بشكل منهجي، تتعرض عملية دمج النازحين من شرق ليبيا للعرقلة بسبب التمييز على أساس حالة نزوحهم، سواء كانوا في المجتمعات المضيفة في المنطقة الغربية أو الذين عادوا إلى مجتمعاتهم الأصلية. نتيجة لذلك، يمنع هذا التمييز النازحين من الحصول على الوثائق الشخصية والإدارية اللازمة، ما يجعل من الصعب عليهم تلبية احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق حلول دائمة. وفقًا لإطار اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات بشأن الحلول الدائمة للنازحين داخليًا، يعد الوصول إلى الوثائق الشخصية وغيرها من الوثائق أمرًا بالغ الأهمية للنازحين داخليًا للوصول إلى الخدمات العامة، واستعادة الممتلكات، والتصويت، وتحقيق أغراض أخرى مرتبطة بالحلول الدائمة.

يعد أحد أنماط التمييز الملحوظة على أساس النزوح هو العائق الذي يواجهه النازحون في الوصول إلى أموال الضمان الاجتماعي بسبب العراقيل المنهجية في الحصول على الوثائق اللازمة. يؤثر هذا بشكل كبير على سبل العيش، لا سيما بالنسبة للأسر التي تكون فيها المرأة النازحة هي ربّة الأسرة. تولت أم البتول، التي نزحت داخلياً من بنغازي منذ عام 2016، دور ربة منزل ومربية لأطفالها الخمسة بعد وفاة زوجها. وعندما حاولت إتمام إجراءات الضمان الاجتماعي بعد وفاة زوجها، واجهت مقاومة من إدارة الشركة العامة للمياه والصرف الصحي في بنغازي، التي رفضت تزويدها بـ "شهادة الدفع الأخير" المطلوبة لاستيفاء معايير الحصول على فوائد الضمان الاجتماعي لأطفالها.

إضافة لذلك، أدت عدم قدرة النازحين داخلياً على الحصول على الوثائق إلى زيادة عدد الأشخاص عديمي الجنسية المحرومين من حقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية. من هؤلاء الطفل عبد الرازق الشابي، ابن أمين، وهو نازح من بنغازي. في أعقاب نزاع 2019 في طرابلس بين القوات المسلحة العربية الليبية والجماعات المسلحة في المنطقة الغربية، أرسل أمين زوجته للاستقرار في بنغازي حتى هدأ النزاع. وفي هذه الأثناء أنجبت زوجته ابنهما عبد الرازق. وبعد انتهاء الصراع، عادت زوجة أمين وابنه إلى مدن غربي ليبيا. على الرغم من ذلك، رفض السجل المدني بالمدن الغربية تسجيل عبدالرازق واستكمال إجراءات الجنسية والهوية الوطنية، متعللا بميلاده في بنغازي. وبالتالي، فإن عبد الرازق غير قادر على الوصول إلى الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والمنح الحكومية للأطفال.

في الآونة الأخيرة، بُذلت جهود محلية عديدة لمعالجة مسألة الوصول إلى الوثائق الإدارية. نظرًا لإيقاف مؤسسات القطاع العام في شرقي ليبيا رواتب العديد من الموظفين النازحين الذين انتقلوا إلى غرب ليبيا، تم إنشاء عدة لجان لمواجهة التحدي المتمثل في الوصول إلى وثائق العمل. تأسست لجنة نازحي المنطقة الشرقية في أغسطس 2021 مع التركيز على حل المشكلات التي يواجهها موظفو القطاع العام النازحون من المنطقة الشرقية.

تمكنت اللجنة بنجاح من نقل ملفات التوظيف لنحو 2500 نازح، وإعادة رواتب 650 نازحاً ممن حصلوا على موافقات النقل. لكن عدة مؤسسات في شرقي ليبيا امتنعت عن التعاون مع الجهات الرسمية في المنطقة الغربية لنقل ملفات الموظفين النازحين، رغم صدور قانون علاقات العمل (القانون رقم 12 لسنة 2010). علاوة على ذلك، فقد أغلق وزير التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية، المكتب المخصص لحل القضايا المتعلقة بملفات النازحين في قطاع التعليم.

 بحسب فرج الضراط، العضو السابق في لجنة نازحي المنطقة الشرقية، فإن أحد أسباب التمييز على أساس النزوح هو فشل الحكومات المؤقتة في تنفيذ القرارات التي تتخذها. ونتيجة لذلك، فإن الموظفين الذين لديهم تحيزات ضد النازحين يخلقون العديد من العقبات التي تعيق استرجاع الوثائق.

 وفقًا لإطار اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات بشأن الحلول الدائمة للنازحين داخليًا، فإن السلطات الوطنية مسؤولة في المقام الأول عن توفير حلول دائمة للنازحين داخليًا وضمان تلبية احتياجاتهم من الحماية والمساعدة.

 

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.