المصدر: Getty

خمسة أمور يجب معرفتها عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية

الجزائر على موعد مع الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019. وعلى الرغم من أنها رُتِّبَت مسبقاً وضُبِط إيقاعها بعناية شديدة، لاتزال ثمّة متغيّرات خفيّة.

نشرت في ١١ ديسمبر ٢٠١٩

إنها المرة الثالثة التي تحاول فيها السلطات الجزائرية تنظيم انتخابات رئاسية هذا العام. فالانتخابات التي كانت مقرّرة في الأصل في 18 نيسان/أبريل 2019، أُرجِئت، بسبب الاحتجاجات السلمية الحاشدة التي اندلعت ضد ترشّح الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وبعد استقالة بوتفليقة، كان يُفترَض انتخاب خلفٍ له في الرابع من تموز/يوليو الماضي، لكن المجلس الدستوري الجزائري قرّر إرجاء الانتخابات مرة أخرى، بعدما رفض المرشحَين الوحيدَين اللذين قدّما ترشيحهما.

في مايأتي خمسة أمور يجب معرفتها عن هذه الانتخابات:

1 الجيش هو مَن يتسلّم دفة القيادة.

الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش الجزائري، هو الرجل القوي في البلاد منذ تنحّي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقد طلب صالح، الذي يلقّبه الجزائريون بـ"السرجينت غارسيا"، من الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، في 15 أيلول/سبتمبر، إصدار مرسوم رئاسي يُتيح إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري.

وفي حين تُسلَّط الأضواء على قايد صالح نفسه منذ بداية الاحتجاجات في شباط/فبراير، إلا أن القادة العسكريين هم بصورة عامة صنّاع القرار الحقيقيين. فهم يعمدون، تحت ستار الحفاظ على الدستور، إلى توجيه المرحلة الانتقالية من خلال فرض الانتخابات، ويستخدمون القضاء لإطاحة معارضي النظام والحفاظ على ولاء الحلفاء.

2 يشبّه عدد كبير من الجزائريين الانتخابات بالسيرك.

يعتبر معظم الجزائريين أن المرشحين الخمسة يفتقرون إلى القدرة على استمالة الناخبين، ولايُقدّمون أي تغيير حقيقي. لن تولّد هذه الانتخابات ديناميكيات من شأنها أن تؤدّي إلى قطيعة حقيقية ونهائية مع النظام السياسي الراهن.

على النقيض تماماً: فجميع المرشحين هم من نِتاج المؤسسة السياسية السائدة. واثنان منهم، عبد المجيد تبون وعلي بن فليس، هما من فلول حقبة بوتفليقة. فتبون كان وزيراً أول، وبن فليس كان رئيساً للحكومة في عهد بوتفليقة. وقد شبّه الجزائريون الوضع بـ"السيرك" ووصفوا المرشحين بـ"المهرّجين"، على ضوء التصريحات المثيرة للسخرية التي صدرت عن بعضهم. من هذه التصريحات ما أدلى به وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة الذي قال خلال حملته إن برنامجه الرئاسي يتمحور حول مكافحة ظاهرة العنوسة لدى النساء، مشيراً إلى أنها تُسجّل ارتفاعاً "خطيراً". ولفت في هذا الصدد إلى أن المرأة تكون أفضل حالاً بكثير إذا ما "اكتشفت مباهج الزواج"، حتى لو اقتضى ذلك أن تكون زوجة ثالثة أو رابعة. كما ادّعى أن ثمّة 11 مليون امرأة جزائرية عازبة، وهو رقم "مخيف".

3 المعارضة تفقد دورها.

بعد سنوات من القمع والتطويق، تراجعت اندفاعة الأحزاب المعارضة من أجل التغيير. لقد حاول عدد كبير منها، بما في ذلك الإسلاميون، تصفّح الموجة واستغلال الاحتجاجات. لكن الجزائريين نبذوا هذه الأحزاب معتبرين أنها أدوات متزلّفة لدى النظام.

أما الشخصيات المعارِضة التي انبثقت من الحراك الشعبي، على غرار كريم طابو ومصطفى بوشاشي، فلم تُقدّم نفسها في موقع القيادة السياسية ورفضت مختلف أشكال المأسسة. فبقي الطريق معبّداً أمام وجوه المنظومة السابقة للوصول إلى السلطة بقرار من القيادة العسكرية في البلاد.

4 يبدو أن النظام يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أداةً في سياسته.

أُطلِقت حملات عدّة عبر موقعَي تويتر وفايسبوك لتشجيع الجزائريين على الاقتراع. ليس واضحاً مَن هي الجهة التي تقف خلف هذه الحملات، لكن يمكن الاشتباه بكل ثقة في أن للنظام وداعميه التقليديين يداً فيها.

مؤخراً، صرّح محمد شرفي، رئيس مايُسمّى بـالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، عبر شاشة التلفزة، أن الاحتجاجات المؤيّدة للانتخابات أكثر حشداً وأهمية من تلك المناهضة لها. وقد جرت أيضاً تعبئة وسائل الإعلام لبث هذه السردية وترويج الزعم بأن عدم إجراء الانتخابات سيُفضي إلى "فراغ دستوري".

5 لكن الالتباس يحيط بعاملَين اثنين:

مما لاشك فيه أن الانتخابات تفتقر إلى الشفافية وأنها رُتِّبَت مسبقاً، ولكن ثمة متغيّرتان مجهولتان.

المتغيّرة الأولى هي نسبة الاقتراع. إذ يُتوقَّع أن تكون هذه النسبة متدنّية، إنما إلى أي درجة؟ سوف يطرح تدنّي الإقبال على المشاركة في الانتخابات تحدّياً شديداً لشرعية الرئيس "المنتخَب".

والمتغيّرة المجهولة الثانية هي الوضع الأمني. فقد عمد المواطنون إلى إغلاق مراكز الاقتراع من خلال بناء جدران حولها لمنع الناخبين من الوصول إليها. فضلاً عن ذلك، حُطِّمَت صناديق الاقتراع، وتتواصل التظاهرات. فهل سيتدخّل الجيش لإنهاء الحراك الشعبي؟ يبقى هذا السؤال مفتوحاً على مختلف الاحتمالات. وقد سبق للقوى الأمنية أن اعتقلت نشطاء وصحافيين، وشهدنا مؤخراً نمطاً من أنماط التصعيد.

دالية غانم باحثة مقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، كما أنها مديرة مشاركة في الشؤون المتعلّقة بالجندر في برنامج العلاقات المدنية-العسكرية في الدول العربية، حيث تتمحْور أبحاثها حول العنف والتطرّف السياسيين، والتعصّب، والإسلاموية، والجهادية، مع تركيز خاص على الجزائر.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.