في غضون أيام من انتهاء الاحتفالات الرسمية التي سجَّلت نهاية مهمة الولايات المتحدة في العراق، تحرَّك نوري المالكي رئيس الوزراء لمقاضاة نائب الرئيس طارق الهاشمي بتهم الإرهاب، وسعى إلى إطاحة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك من منصبه، ما أشعل أزمة سياسية كبرى كشفت تماماً وضعية العراق على أنه بلد غير مستقر وغير ديمقراطي تسوده التنافسات القاسية، وعلى أنه أيضاً بلد بالكاد أثرّت عليه الترتيبات المؤسسية. وهكذا، انفجرت فوراً أعمال العنف واسعة النطاق، وذكّرت الهجمات الإرهابية التي شنّت أساساً ضدّ أهداف شيعية بأسوأ أيام العام 2006.
بيد أن ثمة ما هو أكثر من العنف الإرهابي في هذه الأزمة. فالاتفاق السياسي الدقيق والهشّ بين الأحزاب والفصائل السياسية الذي تم التوصُّل إليه في نهاية 2010 تداعى، وحكومة الوحدة الوطنية توقفت عن العمل، والمحافظات التي تريد أن تصبح أقاليم لها صلاحيات الحكم الذاتي التي تشبه صالحيات كردستان العراق بدأت تبذل ضغوطاً مطردة على الحكومة المركزية. وما لم يتم التوصّل إلى اتفاق سياسي جديد قريباً، فقد ينغمس العراق في حمأة حرب أهلية أو ينزلق إلى التقسيم.
بالنسبة إلى المحافظين في الولايات المتحدة، خصوصاً أولئك الذين خطّطوا للحرب وما تلاها من تمرين بناء الدولة، كانت الأزمة التي انغمس فيها العراق غداة الانسحاب الأميركي دليلاً نهائياً على عدم جدارة إدارة أوباما وفشلها في توفير اتفاق مع المالكي كان يجب أن يسمح ببقاء قوة عسكرية أميركية محدودة في البلاد. بيد أن ثمة درساً أكثر بساطة ومباشرة: إذ يُظهر العراق مدى قوة القوى السياسية المحلية في مواجهة حتى ثماني سنوات من الاحتلال، وبالتالي عقم جهود الهندسة السياسية وبناء الأمة التي تُبذَل من الخارج. لقد حاول الاحتلال الأميركي أن يفرض على العراق مجموعة من القواعد السياسية التي لاتعكس لا الثقافة المهيمنة ولا علاقات القوة بين مختلف القوى السياسية. وفي حين أن الثقافات وعلاقات القوة ليست ثابتة، إلا أنها لاتتغيّر غبّ الطلب للتكيُّف مع أهداف القوى الخارجية.
وهكذا، وللمرة الثانية منذ أن أطاح التدخّل الأميركي العام 2003 صدام حسين ونظامه، يواجه العراق تهديداً حقيقياً بالتفكك السياسي. في العام 2007، عملت الولايات المتحدة على الحفاظ على تماسك العراق بالقوة، لكن ضخ المزيد من القوات لم يضمن تحقيق اتفاق ذي ديمومة بين العراقيين. والآن، فإن الحصيلة تعتمد على ما إذا كانت القوى السياسية التي تُهمين على العراق وتمزّقه إرباً، تجد من مصلحتها بلورة حلّ وسط حقيقي أو أنها ستستنتج أنها قد تفيد أكثر إذا ماذهب الجميع في اتجاهات منفصلة.
حالة العراق
إن الحصيلة لما سيجري في العراق تعتمد على ما إذا كانت القوى السياسية التي تُهمين على البلد وتمزّقه إرباً، تجد من مصلحتها بلورة حلّ وسط حقيقي أو أنها ستستنتج أنها قد تفيد أكثر إذا ما ذهب الجميع في اتجاهات منفصلة.
جميع الأبحاث من Carnegie
- مقالكسر قبضة الكبتاغون: كيف تستخدم سورية هذا المخدّر لغرض الضغط السياسي
استخدم نظام الرئيس السوري بشار الأسد الكبتاغون جزئيًا كوسيلة لإعادة دمج سورية في العالم العربي ولتعزيز موقعه بعد سنوات من الصراع والعزلة الدولية.
- مقاللماذا يثير ترسُّخ إيران في جنوب سورية قلق الدول المجاورة
نظرًا إلى التحديات التي يواجهها النظام السوري في إدارة جنوب البلاد، وإلى تراجع نفوذ روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، زادت دمشق وموسكو اعتمادهما على إيران وحلفائها في المنطقة، ما قد يزيد احتمال نشوب صراع بين إيران وإسرائيل.
- مقالالعوائق الجيوسياسية للتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط
من أجل إرساء بيئة تشجّع على التعاون والتنمية، على الولايات المتحدة والصين السعي إلى الحصول على دعم الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية، وإلّا فسيظل التنافس الإقليمي والجيوسياسي عائقًا في وجه التقدّم.
- دراسةتراكم العوامل المؤدّية إلى الأزمة: تونس بين المشاكل الحالية والمسارات المستقبلية
منذ العام 2011، تلوح في الأفق التونسي أزمةٌ على مستوى الاقتصاد الكلّي، بدءًا من العجوزات المالية العميقة، ومرورًا بتقلُّص الحيّز المالي، ووصولًا إلى المفاوضات الصعبة مع صندوق النقد الدولي. ويواجه صنّاع القرار في هذا العام الانتخابي معضلة كبرى: فالإصلاحات الاقتصادية القاسية قد تشعل أزمةً اجتماعية سياسية، ولكن من دون هذه الإجراءات قد تدخل البلاد في دوّامة الانهيار الاقتصادي.
- حمزة المؤدّب,
- إسحاق ديوان,
- هاشمي علية
- مقال"لا شعب، لا مشاكل": الجاذبية المتعاظمة للإدارة السلطوية للنزاعات
نظرت سورية وأذربيجان ومسؤولون في إسرائيل إلى التهجير القسري باعتباره وسيلة لإدارة النزاعات. ولهذا الأمر تداعيات تؤثّر على النموذج الغربي لبناء السلام.