المصدر: Getty

الاقتصاد السياسي اللبناني: من اقتصاد مفترس إلى اقتصاد يلتهم نفسه

كي يتعافى لبنان من أزمته المالية الراهنة، لا بدّ من بناء نظام اقتصادي جديد لمعالجة التفاوت الحادّ في المداخيل، على أن يترافق ذلك مع تطبيق إصلاحات سياسية ومؤسسية وضريبية.

نشرت في ٢٢ مارس ٢٠٢١

ملخّص

في العقود الثلاثة الماضية، أدارت الطبقة الحاكمة اللبنانية، التي تتألّف من نخب متداخلة في السياسة والأعمال، البلاد على نحوٍ تسبّب باستنزاف مقدّراتها وانهيارها. كي يتمكّن لبنان من الصمود في وجه التحدّيات المتراكمة، بما في ذلك الأزمة المالية التي ظهرت إلى العلن في تشرين الأول/أكتوبر 2019، لا بدّ من إعادة النهوض بالدولة بدعمٍ من نموذج اقتصادي جديد قائم على العدالة الاجتماعية. ويؤدّي الإصلاح الضريبي دورًا محوريًا في تحقيق هذا المسعى، وكذلك في ضمان أن تمتلك الدولة الوسائل اللازمة لتأمين الخدمات الأساسية ومعالجة الفقر واللامساواة.

نقاط أساسية

  • يتّصف لبنان، منذ العام 2005، باللامساواة الشديدة في المداخيل والثروات على السواء. ففي المعدّل، تستأثر فئة الـ1 في المئة الأكثر ثراءً من السكان بنسبة 25 في المئة من الدخل الوطني، فيما تحصل شريحة الـ50 في المئة الأكثر فقرًا على أقل من 10 في المئة. وفي ما يتعلق بالثروات، تملك فئة الـ10 في المئة الأكثر ثراءً من السكان نحو 70 في المئة من مجموع الثروات. إضافةً إلى ذلك، ليس أمام الطبقة الوسطى والفقراء سوى فرصة ضئيلة لتحقيق الارتقاء الاجتماعي.
  • تتحمّل نخب رجال الأعمال والسياسيين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد. فقد تقاسموا القطاعَين العام والخاص في ما بينهم، وأنشأوا منظومة تتيح لهم اقتطاع إيرادات مالية من أي نشاط اقتصادي تقريبًا.
  • في ظل غياب الإصلاحات الجذرية والفورية، سيصبح لبنان دولة فاشلة. صحيحٌ أن التغيير السياسي والمؤسسي الواسع أمرٌ ضروري، لكن إعادة صياغة النموذج الاقتصادي هي حاجة ملحّة بالدرجة نفسها. ويُشكّل الإصلاح المالي خطوة أساسية نحو تصميم هذا النموذج وبناء دولة جديدة تضمن توزيعًا أكثر إنصافًا للموارد.

خلاصات وتوصيات

  • على لبنان فرض ضريبة عامة وتصاعدية على الدخل، من خلال فرض ضرائب على جميع مصادر الدخل مجتمعةً، بدلًا من كل مصدر على حدة. ويجب أن يشمل ذلك مختلف أنواع مداخيل رأس المال.
  • على لبنان رفع معدلات الضريبة على الشطور العليا، والتي تُفرَض على المداخيل الأعلى، ولا سيما أن هذه المعدّلات منخفضة جدًّا وفقًا للمعايير الدولية والتاريخية.
  • على لبنان فرض ضريبة على الثروة تُجبى لمرة واحدة من المواطنين الأكثر ثراءً من أجل تمويل عمليات الإغاثة الضرورية جدًّا: فمن شأن فرض ضريبة استثنائية قدرها 10 في المئة على أصحاب المليارات أن يؤمّن ما نسبته 2 إلى 3 في المئة من الدخل الوطني، وهو رقمٌ أعلى من مجموع المَبالغ التي تُجبى راهنًا من ضريبة الدخل التصاعدية التي يسدّدها كل اللبنانيين مجتمعين.
  • إضافةً إلى فرض ضريبة على الثروة تُحصَّل لمرة واحدة، على لبنان أن يفرض ضريبة سنوية على الثروة بمختلف أشكالها، ولا سيما على الأملاك المبنيّة، بغية زيادة الإيرادات.

مقدّمة

بدأ الاقتصاد السياسي في لبنان رحلة التداعي حتى قبل الاحتجاجات الحاشدة التي هزّت البلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019.1 لكن، فوجئ كثيرون بالانهيار المالي المحتوم الذي يتوالى فصولًا، وذلك بسبب الاعتقاد السائد بأن مبدأَي الديمقراطية التوافقية وعدم تدخّل الدولة في الاقتصاد (وكلاهما متجذّران في القطاعَين المصرفي والعقاري)، هما عاملان استثنائيان وقادران على الصمود. ولطالما بالغت النخبة السياسية الحاكمة في الحديث عن الاستثناء اللبناني بغية الحفاظ على وضع قائم كانت هي المستفيد الأساسي، لا بل الحصري، منه. ولكن الحقيقة هي أن الاستثناء اللبناني يكمن في اللامساواة الهائلة في المداخيل والثروات، والتي تستمر بسبب فساد الاقتصاد السياسي. وهذا الاستثناء كان تحديدًا المحرّك الأساسي لاحتجاجات العام 2019.2

في وقت سابق من العام 2019، ناقشت الحكومة اللبنانية إطلاق برنامج تقشّفي للتعامل مع الأزمة المالية التي كانت قد بدأت تلوح في الأفق. ووفقًا للخطة، كانت الفئات السكّانية الأكثر فقرًا وهشاشة ستتأثّر على نحوٍ غير متكافئ بمجموعة من الإجراءات غير المدروسة، والمتمثّلة في خفض أجور موظفي القطاع العام ورواتبهم الشهرية ومعاشاتهم التقاعدية؛ وزيادة الضرائب على المنتجات المستوردة؛ وخفض التمويل للمنظمات غير الحكومية التي يُقدّم عددٌ كبير منها خدمات للفئات المحرومة. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، زادت الحكومة الأمور تعقيدًا من خلال الإعلان عن إجراءين جديدين قوامهما فرض رسم يومي قدره 20 سنتًا على الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت، بما في ذلك عبر تطبيق واتساب المستخدَم على نطاق واسع، ووضع خطة لزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 11 إلى 15 في المئة بحلول العام 2022.3 فكان ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ نزل اللبنانيون إلى الشوارع بأعداد حاشدة للمطالبة بإسقاط المنظومة السياسية الفاسدة التي حرمتهم من الفرص الاقتصادية وأتاحت لنخب السياسيين ورجال الأعمال الاستمرار في مراكمة الثروات.

في العام 2020، وعلى ضوء تراجُع قيمة الليرة اللبنانية بسبب الأزمة المالية التي بلغت أشدّها، دخل الاقتصاد مرحلة السقوط الحر، وازدادت بشكل كبير أعداد السكان الذين يعانون ضائقة مالية شديدة.4 وفي حزيران/يونيو 2020، أعلن وزير الاقتصاد راوول نعمه أن 60 في المئة من اللبنانيين سيصبحون دون خط الفقر بحلول نهاية العام.5 وفي الشهر نفسه أيضًا، كشف رئيس جمعية تجّار بيروت أن ربع المؤسسات الخاصة في بيروت أقفلت أبوابها، فيما تُسجّل أرقامٌ أعلى خارج العاصمة؛ وتوقّع أيضًا استمرار هذا المنحى.6 وفي تموز/يوليو 2020، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 24 في المئة مقارنةً مع الشهر السابق، وبنسبة تفوق 330 في المئة مقارنةً مع ما كانت عليه في شهر تموز/يوليو 2019.7

في غضون ذلك، حذّرت منظمة هيومن رايتش ووتش من أن ملايين الأشخاص في لبنان معرَّضون لخطر المجاعة.8 وقد ارتفعت نسبة الانتحار في أوساط الفقراء اللبنانيين بسبب العوز واليأس.9 أما العاملات المنزليات الأجنبيات اللواتي يخضعن أصلًا لنظام الكفالة الاستغلالي وغالبًا ما يعشن في ظروف مروّعة، فيتم التخلّي عنهنّ بأعداد متزايدة أمام سفارات بلدانهن لأن "كفلاءهن" لم يعودوا قادرين على تسديد أجورهن.10 وقد سرّعت أزمة كوفيد-19 وتيرة الانهيار اللبناني، وألحقت مزيدًا من الأذى بالفئات السكانية الأكثر هشاشة. ثم، وقع انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، فسدّد الضربة القاضية للبلاد.

لا شكّ إذًا أن لبنان بحاجة ماسّة إلى خطة إنقاذية يعدّها صندوق النقد الدولي الذي أبدى استعداده للمساعدة. ولكن الصندوق فرض شروطًا لقاء رزمته المقترَحة، يتعيّن بموجبها على الدولة اللبنانية إجراء إصلاحات هيكلية تؤدّي إلى تعزيز الشفافية والاستقرار المالي، فضلًا عن الحد من الفساد والتهرّب الضريبي.11 ليس مفاجئًا أن الطبقة الحاكمة في البلاد لم تبدِ استعدادًا لتلبية هذه الشروط خوفًا من خسارة امتيازاتها، فبلغت الاجتماعات التي عقدتها وفود حكومية لبنانية مع مسؤولين في صندوق النقد الدولي، طريقًا مسدودًا.12

مع ذلك، يتيح الانهيار الحاصل في القطاع المالي للبنانيين فرصة إنعاش اقتصادهم السياسي غير السليم بطبيعته. وفي حين أن هذه العملية الإصلاحية الشاملة تتطلب تغييرًا سياسيًا جذريًا، بما في ذلك تفكيك المنظومة الطائفية لتقاسم السلطة، يجب أن تقود أيضًا إلى إطلاق نموذج اقتصادي تُعاد صياغته من جديد، يبتعد عن النيوليبرالية ليتّجه نحو دولة الرعاية الاجتماعية المركزية.13 ونظرًا إلى ما تعانيه البلاد من مستويات شديدة من الفقر واللامساواة، فضلًا عن تداعي طبقتها الوسطى، يجب أن تكون العدالة الاجتماعية في صُلب النموذج الاقتصادي الجديد. ففي لبنان حيث تجني الدولة إيرادات قليلة وتعجز عن تأمين العدالة الاجتماعية، لا بدّ أن يكون الإصلاح الضريبي حجر الأساس في أي رزمة إصلاحية من شأنها إعادة النهوض بالدولة اللبنانية.

اللامساواة الشديدة في المداخيل والثروات

التفاوت في المداخيل آفةٌ مستوطنة في لبنان. أُجريت الدراسة الأولى عن توزيع المداخيل في البلاد في العام 1960، وكشفت أن نسبة الـ4 في المئة الأكثر ثراءً من السكّان تجني 32 في المئة من الدخل الوطني. وبيّنت الدراسة كذلك أن نصف السكّان يعيشون في الفقر، ولا تتعدّى حصتهم 18 في المئة من الدخل الوطني،14 حتى أنها أظهرت أوجه تفاوت كبيرة في أوساط المجموعتَين الواقعتين بين شريحة الـ4 في المئة الأكثر ثراءً وشريحة الـ50 في المئة في أسفل التراتبية.15

لم يتغيّر الكثير في العقود الستة التي انقضت منذ إنجاز الدراسة. فقد استخدمت دراسة نشرها مختبر اللامساواة العالمية في العام 2018، بيانات مالية جزئية لوضع تقديرات عن توزيع الدخل على مجموع سكان لبنان بين العامَين 2005 و2016، بما في ذلك العمّال الوافدين واللاجئين.16 وقد توصّلت الدراسة إلى أرقام صادمة، إذ كشفت أن فئة الـ10 في المئة الأكثر ثراءً في البلاد كسبت ما بين 49 و54 في المئة من الدخل الوطني، فيما حصلت شريحة الـ40 في المئة الواقعة في وسط التراتبية على ما نسبته 34 في المئة من الدخل الوطني، وشريحة الـ50 في المئة الأكثر فقرًا لم تجنِ سوى ما بين 12 و14 في المئة من الدخل الوطني (انظر الشكل 1). في المعدل السنوي، استحوذت فئة الـ10 في المئة الأكثر ثراءً على ما يزيد عن 50 في المئة من مجموع المداخيل في البلاد، بالمقارنة مع أقل من 35 في المئة في فرنسا، ونحو 45 في المئة في الولايات المتحدة. وتضع هذه الإحصاءات لبنان ضمن البلدان ذات المستوى الأعلى من التفاوت في المداخيل في العالم، إلى جانب جنوب أفريقيا والبرازيل (انظر الشكل 2).

إضافةً إلى ذلك، كان معدّل الارتقاء الاجتماعي ضئيلًا لدى الطبقتين الوسطى والفقيرة. أما في ما يتعلّق بفئة الـ1 في المئة الأكثر ثراءً، فبلغ احتمال البقاء ضمن فئة الدخل نفسها في العام التالي، 75 في المئة في المعدل ما بين العامَين 2005 و2016. وفي ما يتعلق بفئة الـ0.1 في المئة الأكثر ثراءً، بلغ احتمال البقاء ضمن هذه الفئة نحو 70 في المئة. وانطبق الشيء نفسه على احتمال البقاء في الفئات العليا بعد انقضاء عامَين أو ثلاثة أعوام (انظر الشكلَين 3أ و3ب). وهذه النسبة مرتفعة مقارنةً مع تلك التي تسجّلها بلدان أخرى مثل كندا والولايات المتحدة.17

إضافةً إلى ذلك، يبدو الوضع مقلقًا بالدرجة نفسها عند النظر إلى توزيع مداخيل العمل حصرًا (أي الأجور والرواتب والمعاشات التقاعدية)، وهو نوع المداخيل التي يجنيها معظم السكان.18 وتشير البيانات إلى أن شريحة الـ10 في المئة التي تقع في أعلى هرم مداخيل العمل جنت ما بين 41 و45 في المئة من مجموع مداخيل العمل (انظر الشكل 4). وحصلت شريحة الـ50 في المئة الأكثر فقرًا على ما بين 13 و15 في المئة من المجموع، وهي تقريبًا النسبة نفسها التي تستحوذ عليها فئة الـ1 في المئة الأكثر ثراءً (انظر الشكل 5). واللافت أن البيانات المالية بين العامَين 2005 و2016، لا تغطّي سوى 4 إلى 13 في المئة من مجموع اليد العاملة. بعبارة أخرى، تُغطّي الإدارة المالية شريحة صغيرة فقط من مجموع اليد العاملة، ما يشير إلى أن حصة القطاع غير الرسمي كبيرة جدًّا، بل يُرجَّح أنها أكبر من التقديرات الرسمية.19

يبدو أيضًا أن البلاد تسجّل مستوى مرتفعًا جدًّا من اللامساواة في توزيع الثروات، على الرغم من أن تقدير الأرقام في هذا المجال أكثر صعوبةً، نظرًا إلى أن البيانات عن الثروات أكثر ندرة من البيانات عن المداخيل في لبنان. وفي الوقت الحالي، يتوافر مصدران فقط لتتبُّع ملكية الثروات في لبنان، وهما طريقة توزُّع الودائع المصرفية في العام 2017 والقوائم التي نشرتها مجلّتا "فوربس" و"أرابيان بيزنس" بأسماء أصحاب المليارات. فوفقًا للمصدر الأول، تستحوذ نسبة 0.1 في المئة من الحسابات المصرفية على 20 في المئة من مجموع الودائع.20 وبحسب المجلتَين المذكورتين، شكّلت ثروات أصحاب المليارات، في المعدّل، 30 في المئة من مجموع الدخل الوطني في لبنان بين العامَين 1990 و2016، و23 في المئة من المجموع بين العامَين 2010 و2017، ما يتخطى بأشواط الأرقام المسجّلة في معظم البلدان الأخرى (انظر الشكل 6). وبين 1990 و2016، كان 10 في المئة من السكّان يمتلكون حوالى 70 في المئة من مجموع الثروات في البلاد، وتستحوذ نسبة 1 في المئة على نحو 45 في المئة من الثروات، فيما لم يتبقَّ لشريحة الـ50 في المئة الأكثر فقرًا سوى أقل من 5 في المئة (انظر الشكل 7).21 وهذه المستويات من اللامساواة في المداخيل أعلى بكثير من مثيلاتها في الصين وفرنسا، وأعلى بقليل من المستويات المسجّلة في روسيا والولايات المتحدة خلال الفترة نفسها.

المذنبون: نخب رجال الأعمال والسياسيين اللبنانيين

يُعزى التفاوت الشديد في الثروات والمداخيل إلى أسباب اقتصادية وسياسية على السواء، فاقمها اتفاق الطائف الذي وُقِّع في العام 1989 ليضع حدًّا للحرب الأهلية اللبنانية، لكنه وطّد أيضًا أركان الديمقراطية التوافقية الإشكالية في البلاد.22 يضمن النظام الديمقراطي التوافقي أن تُمثَّل كل طائفة من طوائف البلاد في الحكومة وسائر مؤسسات الدولة، وأن تؤثّر في السياسات العامة.23 نظريًا، تتمثّل حسنات الديمقراطية التوافقية في أنها تسمح بتشارك السلطة على نحو عادل بين أطراف متعدّدة للحؤول دون نشوب نزاع أهلي، لكنها عمليًا تقوّض عملية الحوكمة.24 وفي حالة لبنان تحديدًا، منح هذا النظام النخبة الحاكمة، أي المسؤولين السياسيين الطائفيين، وسائل شتى لتكديس الثروات على حساب السواد الأعظم من السكان.

أفرز النموذج اللبناني من الديمقراطية التوافقية نظام "الكارتيل الحزبي". وهو عبارة عن تكتّل من يضمّ نخبًا متجابهة إيديولوجيًا إنما مضطرة لتقاسم السلطة مع بعضها البعض، عبر تشكيل حكومات وحدة وطنية في غالب الأحيان. وقد اعتمد لبنان بشكل مفرط على هذه الحكومات منذ نهاية الحرب الأهلية، وخصوصًا خلال السنوات التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005، وتوقيع اتفاق الدوحة في العام 2008. ونظرًا إلى أن حكومات الوحدة الوطنية تضم جهات متنازعة وتمثّل أحزابًا سياسية ذات مصالح متضاربة، فهي لا تطبّق، لا بل بحسب البعض تعجز عن تطبيق، سياسات عامة متّسقة تصبّ في خير الجميع. لكن، على الرغم من الخلافات الإيديولوجية بين النخب الحاكمة، غالبًا ما تتواطأ على نهب البلاد، وحماية امتيازاتها الاقتصادية، وتجنّب صعود منافسين جدد إلى المشهد السياسي اللبناني، ولا سيما أولئك الذين يريدون تغيير النظام.25

أحد مساوئ النموذج اللبناني للديمقراطية التوافقية هو ترسيخ الهويات الطائفية ومأسستها، ما يفاقم بدوره التفاوت الاجتماعي. وفي لبنان، تؤثّر الطائفية على كل جوانب الحياة، بدءًا من الزواج والميراث، ومرورًا بالتمثيل السياسي والتوظيف، ووصولًا إلى ملكية الأراضي والتعيينات القضائية وغيرها. تغذّي هذه المأسسة التنافس بين الطوائف وتكرّس تفشّي الممارسات الزبائنية، وتعيق إمكانية ظهور أحزاب سياسية متعدّدة الطوائف من شأنها كسر هذه الحلقة المفرغة. يقدّم المسؤولون السياسيون مجموعة من الخدمات للحصول على دعم المواطنين العاديين، أبرزها تأمين الوظائف وخفض الأقساط المدرسية وتوفير الرعاية الصحية إلى أبناء طوائفهم.26 ويعمد ملوك الطوائف هؤلاء، للحفاظ على شبكات المحسوبية التابعة لهم، إلى تأجيج التظلّمات الدينية والسياسية ومنع الدولة من تحمّل مسؤولية توفير مثل هذه الخدمات بنفسها.27 وتتجلّى الحلقة المفرغة القائمة في لبنان على الشكل التالي: تشلّ الديمقراطية التوافقية عملية بناء الدولة وتحول دون تبنّي سياسات تحقّق المصلحة العامّة، الأمر الذي يزيد بدوره اعتماد المواطنين على زعماء الطوائف. وهكذا، يواصل الشعب دعم المسؤولين الطائفيين، فيحافظ هؤلاء على امتيازاتهم الاقتصادية ويحكمون قبضتهم على السلطة.28

بسبب غياب القيود السياسية المفروضة على زعماء الطوائف، تمكّن هؤلاء من صياغة نموذج اقتصادي يعزّز امتيازاتهم الاقتصادية، بغضّ النظر عن الشبكات الطائفية والزبائنية، من خلال إقامة علاقات وطيدة مع كبار رجال الأعمال والمصرفيين. ففي لبنان، ثمة ارتباط وثيق بين نخب رجال الأعمال ونخب السياسيين، ربما لا نظير له في أي بلد آخر.29 على سبيل المثال، إن أبرز المساهمين في ما لا يقل عن ثمانية عشر مصرفًا من أصل المصارف العشرين الرئيسة في لبنان، عبارة عن شخصيات مرتبطة بالطبقة السياسية أو مقرّبة منها، "فيما يسيطر أفراد مقرّبون للغاية من الطبقة الحاكمة على 43 في المئة من أصول المصارف التجارية".30 يرتدي هذا الأمر أهمية بالغة لأن القطاعات الاقتصادية التي هيمنت عليها تاريخيًا مؤسسات ذات ارتباطات سياسية، لطالما كانت أقل تنافسية.31 وتقدّم نخب رجال الأعمال بانتظام رشاوى وعمولات إلى الطبقة السياسية، مقابل الحصول على إعفاءات ضريبية، واتّباع سياسات التغاضي المطلق، والحد الأدنى من تدخّل الدولة.32

يُشار أيضًا إلى أن مرحلة إعادة الإعمار التي تلت الحرب الأهلية تخلّلها انتقال نحو سياسات نيوليبرالية شبيهة بتلك التي شهدتها دول غربية في ثمانينيات القرن المنصرم.33 وقد عمدت نخب رجال الأعمال والسياسيين إلى خصخصة الاقتصاد وسهّلت حيازة شللها للأصول العقارية والمالية بشكلٍ هائل، ما مكّنها من جني إيرادات طائلة على مر السنوات.34 يشير استيلاء المسؤولين السياسيين على موارد البلاد أيضًا إلى أن إجمالي حصة لبنان من رأس المال العام، أو الأصول المملوكة من الدولة والمستخدمة لتحقيق المصلحة العامة، متدنٍّ للغاية حتمًا، مع أن تقدير نسبة الثروة إلى الدخل في لبنان بشكل دقيق أمر مستحيل. يُعتبر هذا مؤشّرًا مقلقًا، إذ أظهرت الأبحاث أن الديناميكيات بين رأسَي المال العام والخاص أساسية لشرح مستويات التفاوت الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، ترافق ازدياد معدلات التفاوت في الدخل عالميًا مع ارتفاع رأس المال الخاص وانخفاض رأس المال العام (انظر الشكل 8).35

يجسّد مثلان اثنان كيف عمدت الطبقة الحاكمة إلى تدمير أركان الدولة شيئًا فشيئًا، على حساب اللبنانيين العاديين. تم ذلك أولًا من خلال النهب المباشر لخزينة الدولة، ما أوصل البلاد إلى المستويات الشاهقة من الدين العام التي تشهدها راهنًا.36 ومنذ التسعينيات، راكمت الدولة اللبنانية الدين العام من خلال إصدار سندات خزينة بالليرة اللبنانية. وقد شارك مصرف لبنان والمصارف اللبنانية المحلية في شراء سندات الخزينة بأسعار فائدة مرتفعة جدًّا. نتيجةً لذلك، أنفقت الدولة معظم الأموال التي جمعتها من خلال السندات على دفع الفوائد، بدلًا من تمويل برامج الرعاية الاجتماعية أو مشاريع البنى التحتية العامة. وقد أثرت هذه الخطة المبنية على الأرباح المباشرة، المصرفيين وكل من اشترى هذه السندات، وبينهم السياسيون المسؤولون عن هذا الإصدار في المقام الأول.

ثانيًا، أهملت الطبقة اللبنانية الحاكمة نظام التعليم الرسمي، ما أثّر بشكل كبير على مستويات الارتقاء الاجتماعي ومعدّلات اللامساواة على المدى البعيد. فعلى سبيل المثال، أظهر بحث صدر حديثًا عن مختبر اللامساواة العالمية أن أوروبا تنعم بالمساواة أكثر من الولايات المتحدة، ليس لأنها تعيد توزيع المداخيل بشكل أكبر بعد احتساب الإيرادات المحققة، بل لأن توزيع المداخيل قبل اقتطاع الضرائب يتم بشكل أكثر تكافؤًا، نظرًا إلى توفير مستوى أعلى من الخدمات العامة، والتعليم والرعاية الصحية المجانيين. في لبنان، يُعتبر الإنفاق على التعليم (بشقّيه الرسمي والخاص) متدنيًا جدًّا مقارنةً مع سائر مناطق العالم، إذ لا تتجاوز نسبته 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً مع 4.8 في المئة في تركيا، و6 في المئة في الولايات المتحدة، و6.3 في النرويج (انظر الشكل 9). يُشار إلى أن هذه النسبة بدأت تتدنّى باطّراد منذ العام 2005، حين كانت تبلغ 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي (انظر الشكل 10).

وفقًا للأرقام الصادرة حديثًا، تضم المؤسسات التعليمية الخاصة في لبنان حوالى 60 في المئة من تلاميذ الصفوف الابتدائية و50 في المئة من تلاميذ الصفوف الثانوية، لكنها في غالبها مكلفة. وفي العام 2013، بلغ متوسط الأقساط في المدارس الخاصة اللبنانية 2513 دولارًا في العام. وكانت عتبة الدخول إلى شريحة أصحاب المداخيل المتوسطة البالغة نسبتهم 40 في المئة 9014 دولارًا (على أساس تعادل القوة الشرائية) سنويًا، وبلغ متوسط هذه المداخيل 15165 دولارًا. إذًا، يمثّل متوسط أقساط المدارس الخاصة 16 في المئة من إجمالي الدخل السنوي الذي يحصل عليه كمعدّل متوسط الفرد الذي ينتمي إلى شريحة المداخيل المتوسطة. يفسّر ذلك جزئيًا ازدحام القطاع التعليمي الرسمي الذي يعاني أصلًا من نقص التمويل، في ظل شحّ الموارد المتاحة أمام كل تلميذ.

الإصلاح الضريبي: خطوة أولى نحو نموذج اقتصادي جديد

تُعتبر أسباب الأزمات المتعددة التي يواجهها لبنان راهنًا متأصّلة في نظامه، إذ إن الاقتصاد السياسي في البلاد يتيح لنخبه الحاكمة تكديس الثروات على حساب غالبية السكان، وتدمير الدولة شيئًا فشيئًا. لذا، ينبغي أن يكون الحل سياسيًا في الدرجة الأولى. لكن نظرًا إلى فداحة المشكلة، لا بدّ من إعادة تشكيل نموذج لبنان الاقتصادي. من بين الإصلاحات الاقتصادية المتاحة، تُعدّ تلك المتعلقة بالسياسات الضريبية مناسبة جدًّا لمعالجة المستويات الحادة من الفقر والتفاوت الاجتماعي، ولتحقيق الإيرادات التي تشتد حاجة البلاد إليها. فالإجراءات المالية لن تكفي وحدها لوضع لبنان مجدّدًا على المسار الصحيح، ويُشار أن الباحثين والناشطين سبق أن اقترحوا مجموعة من الإصلاحات التكاملية.37 الإصلاح الضريبي هو إذًا شرطٌ أساسي لبناء دولة جديدة وصياغة عقد اجتماعي قوامه العدالة الاجتماعية.

نظام ضريبي غير منصف

ينبغي أن يكون بناء نظام ضريبي عادل وفعّال حجر الأساس لأي نموذج اقتصادي لبناني جديد، خصوصًا أن لبنان يتمتع بهامش مناورة يخوّله إجراء تحسينات كبرى في هذا الصدد. لم يفشل النظام الضريبي الحالي في إعادة توزيع الموارد بشكل عادل وتخفيف وطأة الفقر فحسب، بل فشل أيضًا في جمع الإيرادات. فالإيرادات الضريبية لم تتجاوز نسبتها 15 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي في لبنان في العام 2017، مقارنةً مع 21 في المئة في تشيلي التي تشبه لبنان من حيث مستوى الدخل، والتي شهدت أيضًا احتجاجات كبرى العام الماضي؛ و25 في المئة في الولايات المتحدة؛ ونسبة متوسطة تبلغ 34 في المئة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (انظر الشكل 11).38

علاوةً على ذلك، صُمّم النظام الضريبي بطريقة يدفع بموجبها المواطنون الأكثر ثراءً ضرائب أقل من الفئات الأفقر. ويعتمد هذا النظام في الغالب على الضرائب غير المباشرة: أي الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة على الاستهلاك، والرسوم الجمركية، والضرائب الأخرى التي يتم تحصيلها من خلال وسطاء مثل متاجر البيع بالتجزئة(المفرّق). فهذه الضرائب لا تميّز بين مستويات مداخيل الأفراد، وبالتالي تؤثّر بالدرجة الأكبر على فئات المجتمع الأشدّ فقرًا. وتمثّل الضرائب غير المباشرة 65 في المئة من إجمالي الإيرادات الضريبية في لبنان، في حين تشكّل الضرائب المباشرة 25 في المئة. وتُجبى نسبة 60 في المئة فقط من الضرائب المباشرة على أساس تصاعدي، أي ترتفع نسبتها مع ازدياد دخل الفرد (انظر الشكلين 12أ و12ب).

في لبنان، يُحتسب جزءٌ فقط من ضريبة الدخل الشخصي على أساس تصاعدي. وهذه الضريبة التي تُفرض على الأجور والأرباح المتأتية من العمل الحر والشركات الخاصة وبعض إيرادات الأملاك المبنية، لا تشكّل سوى 2 إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه نسبة متدنية للغاية وفقًا للمعايير الدولية (انظر الشكل 13). يُضاف إلى ذلك أن هذه الضريبة نوعية، بما معناه أنها تُفرض على كل مصدر من مصادر الدخل على حدة بدلًا من فرضها على مجموع مداخيل الفرد. في هذا الإطار، يمكن تقسيم ضريبة الدخل إلى ثلاث فئات منفصلة: الأولى تُفرض على الدخل المتأتي من أي نشاط تجاري (أي الأرباح المسجلة للأفراد العاملين لحسابهم الخاص، والشركاء ضمن شراكات، والأفراد في الشركات الصغيرة)، وتتراوح نسبتها بين 4 و21 في المئة؛ وتُفرض الثانية على مداخيل الموظفين والعمال (أي الرواتب، والأجور، والعلاوات، والمخصصات، والأقساط السنوية التي تستمر مدى الحياة، والمعاشات التقاعدية، وغيرها من المزايا النقدية والعينية)، وتتراوح بين 2 و20 في المئة؛ وتُفرض الثالثة على الإيرادات المتأتية من تأجير الأملاك المبنية، وتتراوح بين 4 و14 في المئة.39

في هذا السياق، يتسبب فرض ضرائب على كل مصدر من مصادر الدخل على حدة بانعدام الاتساق في التعامل مع دافعي الضرائب. وعلى وجه التحديد، يُعتبر هذا النظام غير عادل للذين يؤمنون كامل دخلهم أو جزءًا كبيرًا منه من مصدر واحد. وغالبًا ما تكون هذه حالة الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، فيما يعمد الأثرياء إلى تنويع مصادر دخلهم. من خلال فرض ضرائب على كل مصدر من مصادر الدخل على حدة، يُرجح أن تقلّل الإدارة المالية تقدير مكانة الفرد في التوزيع العام للدخل. فلو أنها تحتسب مجموع مداخيل الفرد، لأصبح الكثير من دافعي الضرائب ضمن شطور ضريبية أعلى.

لنأخذ على سبيل المثال مواطنة لبنانية اسمها غادة، تعمل موظفة في إحدى صالات السينما وتملك عقارين في بيروت، الأول تؤجّره والثاني تسكنه شخصيًا. لكن في ملفات الإدارة المالية، يظهر اسمها مرتين، مرة بسبب الدخل الذي تحصل عليه مقابل تأجير العقار الأول، والمرة الثانية بسبب الراتب الشهري الذي تتلقّاه. وعلى الرغم من أن مستوى دخلها الإجمالي مرتفع نسبيًا، تدفع بصفتها موظفة ضريبة دخل منخفضة تُقتطع من راتبها. لكن في حال فرض ضريبة على مجموع مدخولَيها (أي راتبها زائد إيرادات تأجير العقار)، بدلًا من الضريبة المفروضة على كلٍّ من مصدرَي الدخل بشكل منفصل، ستصبح غادة ضمن شطر ضريبي أعلى يلزمها بدفع مبلغ أكبر.

علاوةً على ذلك، يتمّ التدقيق في الضرائب بشكل أكبر في حالة دافعي الضرائب الواقعين في أسفل هرم توزّع الدخل مما يحدث في حالة دافعي الضرائب الواقعين في أعلى الهرم. وأظهرت النتائج أن الذين يحققون دخلًا من عملهم شكّلوا 50 في المئة في العام 2005 من مجمل دافعي الضرائب الخاضعين للضريبة على الدخل الشخصي، و63 في المئة في العام 2012. في الوقت نفسه، يُعتبر التهرّب الضريبي في لبنان أسهل لدافعي الضرائب الأكثر ثراءً. ويتضمن القانون الضريبي الكثير من الاقتطاعات والإعفاءات، وفي بعض الحالات يتيح للأفراد إمكانية الانتقال من فئة الضريبة على الدخل الشخصي إلى فئة ضريبية مخصّصة حصرًا لمداخيل رأس المال. مثل هذا التفاوت في تطبيق أساليب الرقابة والعقوبات بين دافعي الضرائب يعرقل مبدأ التصاعدية المبتغاة في النظام الضريبي. أضف إلى ذلك كلّه أن معظم مداخيل رأس المال، التي تشكّل الحصة الأكبر من الدخل للأفراد الأكثر ثراءً، تخضع إلى ضرائب بنسبة ثابتة. كذلك، يعيق قانون السرية المصرفية إمكانية الحصول على معلومات حول دافعي الضرائب الأثرياء.40

الطريق إلى العدالة الاجتماعية يمرّ عبر الإصلاح الضريبي

يحتاج لبنان إلى فرض ضريبة دخل تصاعدية شاملة على مصادر الدخل مجتمعةً وليس بشكل منفصل. وفي هذا الصدد، من المهم أن تشمل الضرائب المباشرة مداخيل رأس المال بكافة أنواعها، إذ إن مصادر معينة منها، مثل الفوائد ومكاسب رأس المال، لا تخضع لنظام الضريبة على الدخل الشخصي الراهن، بل تخضع بدلًا من ذلك لنسبة ثابتة وغير تصاعدية. فالضرائب الشاملة على الدخل تُعتبر وسيلة فعّالة لزيادة الإيرادات وتوزيعها بصورة منصفة.

يتعيّن على لبنان أيضًا اتّخاذ خطوة أخرى تتمثّل في رفع معدّلات الضريبة المفروضة على الشطور العليا من المداخيل بشكل ملحوظ، ولا سيما أن هذه المعدّلات متدنّية جدًّا في لبنان مقارنةً مع المعايير الدولية. وتُعدّ الإصلاحات التي أُقرّت في العام 2019، ونصّت على زيادة معدّلات الضريبة المفروضة على الشطور العليا من الرواتب من 20 إلى 24 في المئة وعلى الأرباح من 21 إلى 25 في المئة، خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن لبنان لا يزال يفرض على أصحاب المداخيل الأعلى ضرائب أقل بكثير من مثيلاتها في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكذلك الدول الواقعة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية من العام 1979 حتى يومنا هذا (انظر الشكلين 14أ و14ب). تجدر الملاحظة إلى أن الدول تعمد عمومًا خلال الأحداث الاستثنائية كالحروب، إلى رفع معدّلات الضريبة المفروضة على الشطور العليا بشكل كبير. على سبيل المثال، وصلت هذه الضرائب خلال الحرب العالمية الثانية في فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة، إلى 60 وحتى 80 في المئة. ولبنان بدوره يشهد في الوقت الراهن أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية جمّة تستدعي اتّخاذ مثل هذه التدابير الاستثنائية، أقلّها زيادة معدّل الضريبة المفروضة على الشطور العليا بواقع الضعف ليتساوى مع معدّلها في الولايات المتحدة.

أما الخطوة التالية فتتمثّل في فرض ضريبة على الثروة، ما من شأنه تخفيف حدّة التفاوت الكبير في المداخيل، إنما أيضًا توفير التمويل لخدمات الرعاية الاجتماعية التي تشتدّ الحاجة إليها. نذكر في هذا الإطار إصلاحين اثنين يتمتّعان بحيّز كبير من الأهمية. أولًا، ونظرًا إلى الظروف الاستثنائية الناجمة عن تفشيّ فيروس كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت الذي هزّ بلدًا يعاني أساسًا أزمات سياسية ومالية ضخمة، لا بدّ من التفكير في مسألة فرض ضريبة ثروة لمرة واحدة على المواطنين اللبنانيين الأكثر ثراءً بهدف تمويل المساعدات الطارئة.41

فنظرًا إلى أن إجمالي صافي دخل أصحاب المليارات في لبنان (الذين يُعتقد أنهم سبعة أفراد) يتجاوز بقليل نسبة 20 في المئة من الدخل الوطني (انظر الشكل 6)، من شأن فرض ضريبة على هؤلاء الأفراد بنسبة 10 في المئة أن يحقّق ما نسبته 2 إلى 3 في المئة من الدخل الوطني، أي أكثر ممّا تحصّله حاليًا ضريبة الدخل التصاعدية من جميع اللبنانيين مجتمعين.42 وتجدر الإشارة إلى أن أصحاب المليارات هؤلاء لا يشكّلون سوى قمة جبل الجليد، إذ ثمة الكثير من أصحاب الملايين أيضًا، ما يشي بأن فرض معدّل ضريبة أقل حتى عليهم سيولّد الكثير من الموارد التي تشتدّ حاجة البلاد إليها.43

وينبغي أن تترافق الضريبة على الثروة لمرة واحدة مع ضريبة ثروة على الأملاك والأصول المالية تكون أشمل وأكثر تصاعدية، نظرًا إلى الأهمية التي يتمتّع بها القطاعان العقاري والمصرفي في الاقتصاد اللبناني وحجم الدخل الذي يتأتى عنهما. وفي ما يتعلق بالضرائب على الأملاك، ثمة في الوقت الراهن ضريبة على الميراث وأخرى على الأملاك المبنية المسجلة، التي تمثّل مجتمعةً 0.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.44 وكخطوة أولى، يتعيّن على السلطات أن تبدأ بجمع البيانات المتعلقة بحجم الثروات في لبنان، ولا سيما الأملاك المبنية. وعندئذ، تستطيع الدولة، متسلّحةً بهذه المعلومات، أن تشرع في رفع الإيرادات إلى أقصى حد من خلال فرض ضريبة ثروة شاملة تغطي الأصول المالية فضلًا عن الأصول التجارية وغير المالية مهما كان نوعها.45

خاتمة: نحو دولة جديدة

يمكن بسهولة تخيُّل ما سيكون عليه مصير لبنان ما لم يشهد تغييرًا سياسيًا جذريًا ويطبّق إصلاحات اقتصادية فعلية. فستتسارع وتيرة انهيار البلاد، وستتّسع هوة التفاوت الحاد في المداخيل والثروات، ما سيؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية، لا بل إلى صراع مفتوح. بعبارة أخرى، سيصبح لبنان في ظل هذا السيناريو المُحزن دولة فاشلة.

ومن غير المعروف بعد ما إذا ستوافق طبقة رجال الأعمال والسياسيين التي تحكم لبنان على تطبيق التغييرات الملحّة، وما الشكل الذي قد تتخذه هذه التغييرات. فليس سهلًا إقناع جماعة راسخة في الحكم هدفها الأساسي تحقيق مصالحها الخاصة، بالتنازل عن بعض امتيازاتها. لكن تبدو هذه الفرصة سانحة اليوم، نظرًا إلى الخطورة غير المسبوقة التي وصل إليها الوضع في لبنان. فقد يدفع الغضب الشعبي الموجّه ضدّ الطبقة السياسية بمختلف أطيافهم، والذي بلغ ذروته عقب انفجار مرفأ بيروت، السياسيين الحذقين إلى الإقرار بأنّهم لم يعودوا قادرين على تجاهل دعوات الإصلاح.

أما بالنسبة إلى الآخرين، فلا بدّ من مخاطبتهم بلغة المصلحة الانتهازية التي يفهمها السياسيون، أي لغة المال والسلطة. فالرسالة بسيطة وصريحة: ما لم يتمّ اتّخاذ تدابير اقتصادية وسياسية جذرية وفورية، فلن يبقى لهم ما ينهبونه من ثروات هذه البلاد ومواردها.

هوامش

1 Hannes Baumann, “Lebanon’s Economic Crisis Didn’t Happen Overnight. So How Did It Get to This Point?” Monkey Cage (blog), Washington Post, October 22, 2019, https://www.washingtonpost.com/politics/2019/10/22/lebanons-economic-crisis-didnt-happen-overnight-so-how-did-it-get-this-point.

2ليديا أسود، "حول اللامساواة وما تثيره من سخط في الشرق الأوسط"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 12 آذار/مارس 2020،
https://carnegie-mec.org/2020/04/02/ar-pub-81438

3 “Lebanon Plans to Charge for WhatsApp Calls—Minister,” Reuters, October 17, 2019, https://www.reuters.com/article/lebanon-economy-calls/lebanon-plans-to-charge-for-whatsapp-calls-minister-idUSL5N2724QP.

4عامر بساط، "مأساة التقاعس"، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 21 تشرين الأول/أكتوبر 2020،
https://carnegie-mec.org/diwan/83042

5 Sunniva Rose, “Le Liban surendetté s’enfonce dans une crise profonde” [Over-Indebted Lebanon Goes Deeper into Crisis], Le Figaro, June 7, 2020, http://www.lefigaro.fr/conjoncture/le-liban-surendette-s-enfonce-dans-une-crise-profonde-20200607?utm_source=app&utm_medium=sms&utm_campaign=fr.playsoft.lefigarov3.

6 “Half of Lebanese Businesses Could Close in 2020: Chammas,” Daily Star, June 16, 2020, https://www.dailystar.com.lb/Business/Local/2020/Jun-16/507563-half-of-lebanese-businesses-could-close-in-2020-chammas.ashx.

7 Dana Khreiche, “Lebanon Inflation Soars Past 100% in Latest Sign of Meltdown,” Bloomberg, August 26, 2020, https://www.bloomberg.com/news/articles/2020-08-26/lebanon-inflation-soars-past-100-in-fallout-from-currency-shock?utm_campaign=socialflow-organic&utm_source=twitter&cmpid%3D=socialflow-twitter-politics&utm_content=politics&utm_medium=social&sref=QmOxnLFz;
انظر أيضًا:
Chloe Cornish (@ChloeNCornish), “Lebanon’s economic melt-down gets worse,” Twitter post, August 26, 2020, https://twitter.com/ChloeNCornish/status/1298592128407347205.

8 Lynn Sheikh Moussa, “Lebanese at Risk of Famine as Poverty Soars,” Beirut Today, July 1, 2020, https://beirut-today.com/2020/07/01/lebanese-risk-famine-poverty-soars.

9 Sunniva Rose, “Lebanon: Suicide of Indebted Father Sparks Anger as Economic Woes Grow,” The National, December 3, 2019, http://www.thenational.ae/world/mena/lebanon-suicide-of-indebted-father-sparks-anger-as-economic-woes-grow-1.946098.

10لطالما تجلّت اللامساواة في الاقتصاد السياسي اللبناني من خلال معاملة الدولة للاجئين والعمال المهاجرين، ويظهر التمييز ضدّهم بأشكال لا تُحصى، ولا سيما من خلال نظام الكفالة، الذي يصفه النقاد بأنه شكل حديث من أشكال الرق. انظر: منظمة العفو الدولية، "لبنان: يجب حماية عاملات المنازل المهاجرات المتخلّى عنهن"، 3 حزيران/يونيو 2020،
https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/06/lebanon-abandoned-migrant-domestic-workers-must-be-protected/;
ومظمة العفو الدولية، ""بيتهم سجني": استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان"، 2019،
https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE1800222019ARABIC.pdf

11 Timour Azhari, “Lebanon Faces Painful Reforms to Unlock Foreign Aid,” Al Jazeera, May 12, 2020, https://www.aljazeera.com/ajimpact/lebanon-faces-painful-reforms-unlock-foreign-aid-200512190902820.html.

12للاطلاع على تحليل معمّق حول كيفية تطوّر الوضع الاقتصادي، والانهيار الأخير ومسألة المساعدات الدولية، انظر: شربل نحاس، "اقتصاد ودولة للبنان"، (بيروت: دار رياض الريس للكتب والنشر، 2020).

13 برز لبنان منذ فترة طويلة بين الدول العربية لامتلاكه أقدم نظام سوق ليبرالي في المنطقة، واعتماده باستمرار نظامًا اقتصاديًا يستند إلى مبدأ الحرية الاقتصادية المطلقة، إضافةً إلى سوق حرة، وانفتاحه على التجارة، ووجود الحد الأدنى من تدخّل الدولة. انظر:
Rana Jawad, Social Welfare and Religion in the Middle East: A Lebanese Perspective (Bristol: Policy Press, 2009), 21; and Toufic Gaspard, A Political Economy of Lebanon, 1948–2002: The Limits of Laissez-Faire (Leiden: Brill, 2004), 54.

14 تم إعداد الدراسة بتكليف من وزارة التخطيط اللبنانية ونفّذها المعهد الفرنسي للبحوث والتدريب من أجل التنمية الموحدة. انظر:
Stéphane Malsagne, “Le père Lebret, chroniquer de l’Etat libanais en construction” [Father Lebret, chronicler of the Lebanese state during construction], Jadaliyya, November 26, 2014, http://www.jadaliyya.com/Details/31513.

15 بين الفئتين، كان ثمة مجموعات تمثّل 14 و32 في المئة تكسب 28 و22 في المئة من الدخل الوطني على التوالي.

16 Lydia Assouad, “Rethinking the Lebanese Economic Miracle: The Extreme Concentration of Income and Wealth in Lebanon 2005–2014,” WID.world working paper series number 2017/13, World Inequality Lab, September 19, 2018, https://wid.world/document/rethinking-lebanese-economic-miracle-extreme-concentration-income-wealth-lebanon-2005-2014-wid-world-working-paper-201713,
هذه الدراسة متوافرة أيضًا على:
https://hal.archives-ouvertes.fr/halshs-02160275

17 Emmanuel Saez, “Top Incomes in the United States and Canada Over the Twentieth Century,” Journal of the European Economic Association 3, no. 2/3 (2005): 402-11, www.jstor.org/stable/40004983;
انظر أيضًا:
Wojciech Kopczuk, Emmanuel Saez, and Jae Song, “Earnings Inequality and Mobility in the United States: Evidence from Social Security Data Since 1937,” The Quarterly Journal of Economics 125, no. 1 (February 2010), 91–128, https://doi.org/10.1162/qjec.2010.125.1.91.

18يشار إلى أن البيانات المالية التي قدمتها وزارة المالية هي بيانات مالية جزئية على مستوى الأفراد. وتمّت الإفادة عن ثلاثة مصادر للدخل بشكل منفصل: الدخل المتأتي عن نشاط تجاري، والرواتب والأجور، والدخل من إيجار المساكن (باستثناء إيرادات الأفراد الذين يعيشون في مساكنهم الخاصة). وبالنسبة إلى كلٍّ من الدخل المتأتي عن نشاط تجاري، والأجور، ما تمّ الكشف عنه هو إجمالي الدخل (قبل إجراء أي اقتطاع وإجمالي للنفقات)، والدخل الخاضع للضريبة (بعد خصم الرسوم والاستحقاقات)، وقيمة الضريبة المدفوعة. وبالنسبة إلى إيرادات الإيجار، لم يتم الكشف سوى عن المتغيرين الأخيرين.

19 ينطبق هذا خصوصًا على السوريين المقيمين في لبنان. انظر:   Roberta Gatti, Diego F. Angel-Urdinola, Joana Silva, and András Bodor, Striving for Better Jobs: The Challenge of Informality in the Middle East and North Africa, World Bank, MENA Knowledge and Learning Quick Notes Series no. 49, 86, http://documents1.worldbank.org/curated/en/445141468275941540/pdf/Striving-for-better-jobs-the-challenge-of-informality-in-the-Middle-East-and-North-Africa.pdf.

20 International Monetary Fund, Middle East and Central Asia Department, Lebanon: 2016 Article IV Consultation-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for Lebanon, January 24, 2017, https://www.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2017/01/24/Lebanon-2016-Article-IV-Consultation-Press-Release-Staff-Report-and-Statement-by-the-44572.

21انظر:
Lydia Assouad, “Rethinking the Lebanese Economic Miracle: The Extreme Concentration of Income and Wealth in Lebanon.”
تجدر الملاحظة أن المؤلّفة احتسبت متوسطًا افتراضيًا لتوزيع ثروة باستخدام إحصاءات الثروة المتاحة في قاعدة بيانات مختبر اللامساواة العالمية، وعدّلت الشطر الأعلى من التوزيع لأخذ الثقل الذي يشكّله أصحاب المليارات اللبنانيين في الاعتبار، باستخدام تقنية "باريتو". يشار إلى أن جميع مصادر البيانات والرموز لاشتقاق أرقام اللامساواة في الثروات متاحة على الإنترنت على الموقع الإلكتروني الخاص بقاعدة بيانات مختبر اللامساواة العالمية:
https://wid.world/news-article/new-paper-inequality-lebanon

22 انظر فواز طرابلسي، "الطبقات الاجتماعية والسلطة السياسية في لبنان"، (مخطوطة غير منشورة، أُعدّت بدعم مالي من مؤسسة هاينريش بول شتيفتونغ – مكتب الشرق الأوسط)،
https://lb.boell.org/sites/default/files/fawaz_english_draft.pdf

23 Arend Lijphart, “Consociational Democracy,” World Politics 21, no. 2 (January 1969), 207–225, https://www.cambridge.org/core/journals/world-politics/article/consociational-democracy/BB47BF2A5A4EBAE341FD3FA4E262410F

24 Ian S. Spears, “Africa: The Limits of Power-Sharing,” Journal of Democracy 13, no. 3 (2002), 123-136, https://muse.jhu.edu/article/17227/pdf

25 Christiana Parreira, “Another Unity Government Won’t Solve Lebanon’s Crisis,” Monkey Cage (blog), Washington Post, August 20, 2020, https://www.washingtonpost.com/politics/2020/08/20/another-unity-government-wont-solve-lebanons-crisis/?utm_source=twitter&utm_medium=social&utm_campaign=wp_monkeycage.

26 Melani Cammett, “Lebanon, the Sectarian Identity Test Lab,” The Century Foundation, April 10, 2019, http://www.tcf.org/content/report/lebanon-sectarian-identity-test-lab/?agreed=1.

27 انظر الأعمال الكثيرة لباسل صلوخ، بما فيها "السياسات الطائفية في لبنان ما بعد الحرب" (مع مؤلّفين مشاركين هم ربيع بركات وجنان س. الحبّال ولارا و. خطّاب وشوغيغ ميكائيليان) (لندن: منشورات بلوتو، 2015).

28 للمزيد من المعلومات، انظر:
Melani Cammett, Compassionate Communalism: Welfare and Sectarianism in Lebanon (Ithaca, NY: Cornell University Press, 2014).

29 Ishac Diwan, Adeel Malik, and Izak Atiyas, Crony Capitalism in the Middle East – Business and Politics from Liberalization to the Arab Spring (Oxford University Press, 2019).

30 Jad Chaaban, “I’ve Got the Power: Mapping Connections between Lebanon’s Banking Sector and the Ruling Class,” Economic Research Forum Working Paper Series, no. 1059, October 2016, http://www.erf.org.eg/publications/ive-got-the-power-mapping-connections-between-lebanons-banking-sector-and-the-ruling-class.

31 فيما ينطبق هذا الوضع على لبنان، تكمن إحدى خصائص الرأسمالية الزبائنية اللبنانية في أنها ظاهرة لا تدعمها دولة قوية، على خلاف حالة مصر والمغرب وسورية وتونس. انظر:
Ishac Diwan and Jamal Ibrahim Haidar, “Political Connections Reduce Job Creation: Firm-level Evidence From Lebanon,” Journal of Development Studies, forthcoming, https://scholar.harvard.edu/files/haidar/files/diwanhaidar-pcjc-01142017.pdf.

32 Hannes Baumann, Citizen Hariri: Lebanon’s Neo-Liberal Reconstruction (Oxford University Press, 2017).

33انظر جورج قرم، "لبنان المعاصر: تاريخ ومجتمع" (المكتبة الشرقية الكبرى، 2004)؛ انظر أيضًا:
Hannes Baumann, Citizen Hariri: Lebanon’s Neo-Liberal Reconstruction
يقدّم هذان الكتابان تحليلًا عن المضاعفات لجهة توزيع الثروات الناجمة عن سياسات إعادة الإعمار والمناخ الاقتصادي الكلّي بين العامَين1990 و2005.

34 Sami Halabi and Jacob Boswall, “Extend and Pretend: Lebanon’s Financial House of Cards,” Triangle, Who Will Foot the Bill? Working Series, November 2019, http://www.thinktriangle.net/wp-content/uploads/2019/11/Extend_Pretend_Lebanons_Financial_House_of_Cards_2019.pdf.
انظر أيضًا:
Rosalie Berthier, “Grand Theft Lebanon,” Synaps, April 14, 2020, https://synaps.network/post/lebanon-finance-economy-ponzi-bankrupt.

35 World Inequality Lab, Word Inequality Report 2018: Executive Summary, 14(Figure E6), https://wir2018.wid.world.

36 للمزيد من المعلومات، انظر نسرين سلطي، "ليس بلداً للفقراء: كيف فاقم دَيْنُ لبنان عدم المساواة"، مركز مالكوم-كير كارنيغي للشرق الأوسط،
https://carnegie-mec.org/2019/10/04/ar-pub-79992

37 Sami Atallah et al., “For An Emergency Economic Rescue Plan For Lebanon,” Carnegie Middle East Center, November 10, 2019, https://carnegie-mec.org/2019/11/10/for-emergency-economic-rescue-plan-for-lebanon-pub-80307.

38 OECD (2020), “Tax Revenue (Indicator),” OECD Data, accessed December 15, 2020, https://data.oecd.org/tax/tax-revenue.htm.

39 يتمّ فرض ضريبة بشكل منفصل على مداخيل رأس المال الأخرى (إيرادات الأرباح الموزعة ومخصصات أعضاء مجلس الإدارة من الأرباح، وإيرادات الفوائد بما فيها الفائدة على السندات وأذونات الخزينة) بنسبة ثابتة تبلغ 10 في المئة. انظر:
Karim Daher, Les Impôts au Liban [Taxation in Lebanon], (Beirut: Librairie Antoine, 2002).

40 المصدر السابق. يبلغ معدل ضريبة الشركات 17 في المئة. وتفرض ضريبة على إيرادات الفوائد وتوزيعات الأرباح ومكاسب رأس المال بنسبة 7 و10 و15 في المئة على التوالي. 

41 حول هذه النقطة، انظر:
ESCWA, “Wealth Inequality and Closing the Poverty Gap in Arab Countries: The Case for a Solidarity Wealth Tax,” 2020,  https://www.unescwa.org/publications/wealth-inequality-closing-poverty-gap-arab-countries.

42 على الأقل 1.5 مليار دولار، وفق معدلات الناتج المحلي الإجمالي للعام 2018.

43 انظر:
Nabil Abdo and Shaddin Almasri, “For a Decade of Hope Not Austerity in the Middle East and North Africa,” OXFAM International, August 27, 2020, https://www.oxfam.org/en/research/decade-hope-not-austerity-middle-east-and-north-africa.

44 انظر:
Brunot Marot and Alexa Moukarzel-Héchaimé, “La fiscalité foncière au Liban”  [Property Taxes in Lebanon], La revue fiscale Libanaise, 2015, 12–31, https://www.academia.edu/30992005/La_fiscalit%C3%A9_fonci%C3%A8re_au_Liban.

45 حول جدوى فرض ضريبة على الثروة، انظر:
Juliana Londoño-Velez and Javier Ávila-Mahecha, “Can Wealth Taxation Work in Developing Countries? Quasi-Experimental Evidence from Colombia,” Job Market Paper, November 29, 2018, https://eml.berkeley.edu/~saez/course/londono-wealth2018.pdf.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.