REQUIRED IMAGE

REQUIRED IMAGE

مقال

الإصلاح الفلسطيني والمساعدة الدولية

يوم أول مارس ستجتمع الرباعية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) وغيرهم من المانحين في لندن ليناقشوا سبل دعم القيادة الفلسطينية الجديدة في تنفيذ إصلاح سياسي واقتصادي وأمني، للإعداد للانفصال الإسرائيلي عن غزة.

نشرت في ٣١ أغسطس ٢٠٠٨

يوم أول مارس ستجتمع الرباعية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) وغيرهم من المانحين في لندن ليناقشوا سبل دعم القيادة الفلسطينية الجديدة في تنفيذ إصلاح سياسي واقتصادي وأمني، للإعداد للانفصال الإسرائيلي عن غزة. ويبني الاجتماع الذي يستضيفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير على سنوات عديدة من جهود المانحين وسيهيء المسرح لمؤتمر تالٍ للتعهدات.

وقد بدأ الجهد الدولي المستمر للضغط من أجل إصلاح السلطة الفلسطينية في أعقاب خطاب الرئيس بوش في يونيو 2002، الذي ربط فيه صراحة التحرك نحو إقامة دولة فلسطينية بإصلاح السلطة الفلسطينية. في خلال أسابيع بعد خطاب بوش،شكل المانحون الرئيسيون (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة والنرويج واليابان والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي) " قوة العمل للإصلاح الفلسطيني " . وأسست تلك الهيئة بالمشاركة مع سبع جماعات دعم للإصلاح نظمها المانحون وتعمل فعليا في الأراضي الفلسطينية، سلسلة من العلامات المعينة التي على أساسها جرى تقييم أداء السلطة الفلسطينية في اجتماعات "قوة العمل" اللاحقة في 2002 و2003. وقد ضمن الاهتمام الدولي الواسع بقاء مسألة الإصلاح في المقدمة، حتى بينما كان الوضع الاقتصادي - الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية يتدهور، وبينما كان الصراع بين المناضلين الفلسطينيين وقوات الدفاع الإسرائيلية يزداد حدة.

منذ العام 2000، كانت جهود الإصلاح الفلسطيني تمضي بفعل ضغوط داخلية وخارجية، خصوصا تبنيها من جانب أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني ونشطاء المجتمع المدني. معا، جعل هؤلاء الفلسطينيون من مسائل الإصلاح ومقاومة الفساد موضوعا مهيمنا في الجدل السياسي الفلسطيني. الأهم من ذلك، أدت الضغوط الداخلية إلى تعيين الممثل المقيم السابق لدى صندوق النقد الدولي والذي يتمتع بقدر كبير من الاحترام سلام فياض وزيرا للمالية في يونيو 2002، وإلى رفض المجلس التشريعي الفلسطيني في سبتمبر 2002 الوزارة التي رشحها عرفات(التي اعتبر المجلس أنها لا تتمتع بما يكفي من العقلية الإصلاحية، وإلى تقوية سلطات رئيس الوزراء في مارس 2003. وقام فياض بالذات بإدخال تغيير ثوري على ممارسات السلطة الفلسطينية، ما أكسبه ثقة المجتمع الدولي والسلطات الإسرائيلية.

ومنذ البداية، خلقت الانتخابات التي اعتبرت مكونا لا يتجزأ من برنامج الإصلاح، مشكلة محيّرة للمجتمع الدولي كما للفلسطينيين. فرغم الالتزام النظري القوي بالعمليات الديموقراطية، كانت الولايات المتحدة غير مهتمة بإجراء انتخابات رئاسية فلسطينية في حياة عرفات. وكان عرفات ودائرته الداخلية، من ناحيتهم، مترددين في إجراء انتخابات برلمانية أو محلية، حيث كانوا يخشون أن تؤدي نتائجها إلى زعزعة حكمهم. في الحقيقة، بعد وفاة عرفات، كان هناك جدل جدي حول ما إذا كان يجب انتخاب أبو مازن، أم، ببساطة، تتويجه. على أي حال أثمرت ضغوط الإصلاحيين الفلسطينيين، الذين طالما تبنوا الانتخابات كوسيلة لخلق فعالية جديدة في المجتمع الفلسطيني، أولا بقرار إجراء انتخابات بلدية على مراحل ثم بقرار تحديد موعد للانتخابات الرئاسية خلال 50 يوما من وفاة عرفات، على نحو ما يقضي به "القانون الأساسي الفلسطيني".

مما له مغزى، أن مسألة الإصلاح الأمني لم تكن ضمن برنامج "قوة العمل للإصلاح الفلسطيني". بدلا من ذلك، فضلت الولايات المتحدة، بموافقة كل من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، أن تعالج هذا الموضوع في منتدى منفصل ومغلق، كان يمثل تفريعا عن الترتيبات التي وجدت منذ توقيع اتفاقات أوسلو في 1993. ما ترتب على هذا القرار السياسي هو أن الإصلاح الأمني انفصل عن المناقشات الأعرض حول الإصلاح السياسي والاقتصادي، بما في ذلك مجالات مثل سلطة القانون والإصلاح القضائي، بينما كان يجب أن تكون هناك رابطة عضوية إذا كان الهدف هو نظام حكم ديموقراطي.

ينظر كثير من الفلسطينيين إلى ما ورد أعلاه كتاريخ غابر ويأملون أنه مع انتخاب محمود عباس، ينتظرهم مستقبل أحسن. في كل حال، ستواصل مترتبات عملية الإصلاح في السنوات الخمس الماضية، التأثير على التطورات في الأشهر المقبلة. على سبيل المثال، التعديلات التي أدخلت على "القانون الأساسي" في 2003، والتي ينظر إليها كإجراء إصلاحي مهم للحد من احتكار عرفات للسلطة، تحدّ الآن من السلطة الدستورية لمحمود عباس في تعيين رئيس الوزراء وعدد محدود من المسؤوليات الوزارية الأخرى المرسومة. و "اللجنة المركزية للانتخابات" المستقلة، التي كان إنشاؤها واحدا من منجزات الإصلاحيين الفلسطينيين والتي عملت على نحو يدعو إلى الإعجاب في تنظيم الانتخابات الرئاسية، شهدت استقالة عديد من كبار أعضائها يعتقدون أنها تعرضت لتصرفات تعسفية غير ملائمة من جانب مؤيدين كبار لعباس في يوم الانتخاب.الأمر الأبرز، يجب على السلطة الفلسطينية الآن أن تعيد الإصلاح الأمني تحت سيطرتها لكي تستعيد احتكار السلطة على استخدام القوة من جانب كل من ينشطون على الأراضي الفلسطينية.

كل هذه الجهود ستجري تحت ضوء دولي ساطع. وبعد اجتماع أول مارس، لا شك أن "قوة العمل للإصلاح الفلسطيني" ستعيد الحيوية إلى الجهود في كل من عواصمها والأراضي الفلسطينية.

** لاري غاربر، حاليا المدير التنفيذي ل"صندوق إسرائيل الجديدة" وكان يدير برنامج وكالة الولايات المتحدة للمعونة الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة من 1999 حتى 2004.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.