قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن نحو 60 ألف فلسطينية حامل في القطاع يعانين من سوء التغذية والجفاف جراء بسبب الحرب وشح المواد الغذائية التي تدخل القطاع. تشكل النساء 49 بالمئة من سكان القطاع، معظمهن في سن الإنجاب. وهناك نحو 5 آلاف امرأة تلد شهريا في ظروف قاسية وغير آمنة وغير صحية. وفي شباط/فبراير الماضي، حذرت منظمة اليونيسيف من أن الارتفاع الحاد لسوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل تهديدا خطيرا على حياتهم.
في سلسلة لقاءات أجرتها منصة "صدى" خلال فيلم وثائقي أعدته عن معاناة النساء في قطاع غزة سلط الضوء على أوضاع الحوامل تحديداً خلال الحرب، حيث وصفت النازحة الحامل (آلاء طه) عملية نزوحها من شمال القطاع إلى جنوبه "برحلة الموت" حيث اضطرت للسير مشياً على الأقدام عشرات الكيلو مترات وهي تحمل طفلتها الأخرى ما أدى لتعثرها وسقوطها على الأرض عدة مرات وسبب لها نزيفاً حاداً شكل خطراً على جنينها.
بينما قالت (فلسطين أبو وردة) إن الأطباء أخبروا ذويها بأنها قد تموت خلال عملية الولادة القيصرية الصعبة بسبب النزيف الشديد، لكنها نجت بأعجوبة بعد أن تم استئصال رحمها وجرح مثانتها إثر خطأ طبي بسبب صعوبة إجراء العملية القيصرية في ظل نقص المستلزمات الطبية وتحديداً مادة التخدير.
مدير المستشفى الإماراتي بمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة المختص بأمراض النساء والولادة (حيدر أبو سنيمة) قال لصدى "إن حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني نزحوا إلى مدينة رفح منهم 60 ألف امرأة حامل معظمهن يعشن ظروف إنسانية صعبة ويعانين من قلة الغذاء والماء والرعاية الطبية اللازمة." مضيفاً "في الوقت ذاته يتوافد إلى قسم الاستقبال نحو 400 سيدة حامل وهذا العدد كبير بالنسبة لإمكانيات المشفى، ويشكل هذا العدد ضغطاً كبيراً على المنظومة الصحية والكادر الطبي لديه، حيث يقوم قسم الولادة بتوليد ما بين 80 إلى 100 حالة في اليوم".
وبسبب الأعداد الكبيرة للحالات الوافدة التي لا تتناسب مع إمكانات المشافي الثلاثة المتبقية في غزة والتي تعمل بأقل من ربع إمكانياتها الطبيعية بسبب الحرب، يضطر الأطباء لإخراج الأمهات وأطفالهن بعد الولادة مباشرة لإفساح الأَسِّرَّة لمريضات أخريات الأمر الذي يشكل خطراً على سلامة الأم وطفلها.
معاناة السيدات الحوامل في غزة لم تقتصر على رحلة النزوح وألم المخاض وقلة الإمكانيات الطبية في المشافي، بل امتدّت بعد ذلك حيث واجهن النقص في المواد الغذائية اللازمة للأمهات، ما أثر سلباً على قدرة النساء على إرضاع أطفالهن طبيعياً في ظل شح حاد للحليب الصناعي في القطاع المحاصر، وعدم سماح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية بالشكل الكافي للقطاع منذ عدة أشهر.
وخلال إعداد فريق "صدى" لمقابلات مع سيدات غزة شهدنا النازحة (وردة مطر) التي تعيش ظروفا إنسانية صعبة في أحد مراكز الإيواء بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة وقد اضطرت لوضع التمر في فم طفلها حديث الولادة لتغذيته، بعد فشلها إرضاعه طبيعياً بسبب نقص الغذاء، وعدم قدرتها على الحصول على حليب اصطناعي لطفلها المصاب بسوء التغذية.
منذ السابع من أكتوبر 2023 يشن الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية على قطاع غزة قتل خلال أكثر من 35 ألف فلسطيني، شكلت النساء والأطفال نسبة كبيرة منهم وفق إحصاءات فلسطينية وأممية، وتستمر المعاناة هناك مع فشل أطراف النزاع في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، الأمر الذي يزيد من معاناة المدنيين لا سيما النساء والأطفال منهم.