المصدر: Getty
مقال

ماذا بعد الرقة؟

وثمة مسائل جدّية مطروحة على السلطات المحلية والأفرقاء الدوليين على السواء في إطار البحث في كيفية بسط الاستقرار في المنطقة.

 نقاش صدى
نشرت في ٣ نوفمبر ٢٠١٧

كانت استعادة السيطرة على الرقة في 20 تشرين الأول/أكتوبر موضع ترحيب واسع، فقد اعتُبِرت انتصاراً على تنظيم الدولة الإسلامية ونقطة تحوّل كبرى في جهود مكافحة الإرهاب. غير أن المعركة ضد التنظيمات المتطرفة لم تنتهِ بعد، وثمة مسائل جدّية مطروحة على السلطات المحلية والأفرقاء الدوليين على السواء في إطار البحث في كيفية بسط الاستقرار في المنطقة من خلال الحكم الجامِع لمختلف الإطراف، وإعادة الإعمار، والعدالة الانتقالية.

هذه المسائل يناقشها أربعة خبراء. ندعوكم للانضمام إلى النقاش عبر التعبير عن آرائكم في قسم التعليقات.

نموذج كردي للحكم

نيكولاس هيراس

نيكولاس هيراس، زميل متخصص في أمن الشرق الأوسط في المركز من أجل أمن أميركي جديد. لمتابعته عبر تويتر: NicholasAHeras@.

لقد سقطت الرقة. والولايات المتحدة، سواءً كانت جاهزة أم لا، متورطة الآن حتى العظم في بسط الاستقرار في إطار مهمتها الساعية إلى التصدّي لتنظيم الدولة الإسلامية، والتي يتوقف نجاحها على ما إذا كان الشركاء الذين تدعمهم على الأرض وتمنحهم التمكين اللازم، قادرين على الحكم.

تتمثّل الأداة المستخدَمة في هذه العمليات العسكرية ضد التنظيم المخيف، وريث القاعدة، في تيار سياسي-اجتماعي يستمد زخمه من حزب غامض يتألف من الأكراد في شكل أساسي، وهو حزب الاتحاد الديمقراطي، المعروف خصوصاً بروابطه الوثيقة مع حزب العمال الكردستاني المدرَج على القائمة الأميركية للتنظيمات الإرهابية. غير أن الولايات المتحدة وجدت نفسها تعهد بالاستقرار والأمن والوصاية على إعادة الإعمار في ثلث الأراضي السورية إلى ائتلاف ملتبس. فبعد أكثر من ثلاثة أعوام من الشراكة مع الولايات المتحدة، كُلِّفت قوات سورية الديمقراطية تسلّم زمام الحكم في المناطق التي طُرِد منها تنظيم الدولة الإسلامية، بالاشتراك مع النظام الفدرالي الديمقراطي، أي التنظيم السياسي الذي تتبع له.

هنا يكمن التحدّي والفرصة أمام قوات سورية الديمقراطية. لقد أنشئت هذه القوات من الصفر، في شكل أساسي، لتعكس تنوّع الجماعات في شمال سورية وشرقها، وتاريخ العنف بينها. بيد أن الركيزة الفكرية لحكم قوات سورية الديمقراطية تتمثل في نظرية الكونفدرالية الديمقراطية التي اقترحها أولاً عبدالله أوجلان الذي يُعتبَر زعيم حزب العمال الكردستاني ومصدر إلهامه. دُوِّنت نظرية أوجلان في سلسلة من المقالات في العام 2005، رداً على أعمال العنف بين الإثنيات، لا سيما بين العرب والأكراد، التي شهدتها المناطق الواقعة شمال شرق سورية في العام 2004. لقد تبلورت أفكاره عملياً، وتحوّلت إلى إطار الحكم الذي يحلّ مكان الدولة الإسلامية ويشكّل شريكاً لجهود الاستقرار التي تبذلها الولايات المتحدة. والآن ينبغي على قوات سورية الديمقراطية أن تُظهر، على الرغم من نظرة أوجلان إلى أصولها، أنها ليست ما تخشاه تركيا، أي أداة خطيرة في أيدي حزب العمال الكردستاني الهدف منها استهداف تركيا وتهديد الاستقرار الإقليمي.

حتى تاريخه، نجح نموذج قوات سورية الديمقراطية، في منبج والطبقة، وربما قريباً في الرقة أيضاً، في الحفاظ على السلم ودعم المجالس المحلية لتتمكّن من الإشراف على مسار المعافاة الطويل. غير أن الأداء السابق لا يعني بالضرورة نجاحاً في المستقبل، وعلى قوات سورية الديمقراطية أن تستمر في ممارسة الحكم بطريقة جامعة ومسؤولة، ومع مراعاة الوقائع الاجتماعية للجماعات التي تنضم إليها، بحيث لا يتمكن أي فريق من تحويل التنظيم إلى ملاذ آمن للإرهاب يُستخدَم في ضرب حلفاء الولايات المتحدة. كان الجنرال رايموند توماس، قائد العمليات الخاصة الأميركية، محقاً في 21 تموز/يوليو، عندما قال أمام الحاضرين في "منتدى أسبن للأمن" إن قوات سورية الديمقراطية مستعدّة لممارسة الحكم بطريقة مسؤولة بعد رحيل الدولة الإسلامية، إنما ينبغي عليها أن تظهر أنها تقدّم فعلاً نموذجاً للمنظومة السياسية المستقبلية في سورية مختلفاً عن النمط السائد، وأنها تستحق الثقة التي محضها إياها توماس والولايات المتحدة.

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.

تحدّيات العدالة

نديم حوري

نديم حوري، المدير المسؤول عن شؤون الإرهاب ومكافحة الإرهاب في منظمة "هيومن رايتس ووتش". لمتابعته عبر تويتر: nadimhoury‏@.

بعد أربع سنوات من سيطرة الدولة الإسلامية، أمام الحكّام الجدد لمدينة الرقة المنكوبة قائمة طويلة ومرهقة من الأمور التي يجب إنجازها. من المهام الملحّة إعادة إرساء منظومة قضائية تعمل كما يجب بحيث تتمكّن من إحقاق العدالة للضحايا، ومقاضاة المشتبه بهم الخطرين المنتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية، والبت في عدد كبير من الخلافات على الأملاك والخلافات الشخصية التي طرأت خلال النزاع.

قد تبدو العدالة أقل إلحاحاً بالمقارنة مع المشاغل الفورية المتعلقة بنزع الألغام وإعادة تفعيل خدمات المياه والكهرباء، غير أنه سيكون من الخطأ التفكير بهذه الطريقة. فمستقبل الاستقرار في الرقة يتوقف على قدرة السلطات على تأمين العدالة كي لا يسعى الضحايا إلى الانتقام، وكي لا يتم إنزال عقاب جماعي بالأشخاص الذين يُعتقَد أنهم عملوا مع تنظيم الدولة الإسلامية أو قدّموا له المساعدة. إنه تحدٍّ عسير لا تتوافر له حلول بسيطة. في الوقت الراهن، تُرِكَت هذه المهمة في عهدة محاكم أنشئت حديثاً تضم قضاة ومحامين ذوي نوايا حسنة، إنما تعاني من شح الموارد، ومحدودية الشرعية، ومن مشكلات خطيرة في اتباع الأصول والإجراءات القانونية.

أعلنت قوات سورية الديمقراطية، وهو التحالف الكردي-العربي المدعوم من الولايات المتحدة الذي استعاد السيطرة على الرقة، أنها ستقوم بتسليم إدارة الشؤون اليومية للمدينة إلى مجلس الرقة المدني. يسعى المجلس راهناً إلى الانضمام إلى منظومة الحكم الذاتي اللامركزية التي أنشأها الأكراد في ثلاثة كنتونات في المنطقة الواقعة شمال سورية والتي يُشار إليها عادةً بروج آفا. تشجّع السلطات في روج آفا اعتماد مقاربة "هرمية من الأسفل إلى الأعلى"، كما تسمّيها، في إدارة شؤون القضاء والعدالة، عبر إنشاء محاكم شعب محلية للنظر في القضايا المدنية والجنائية.  في 22 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن مجلس الرقة، على خطى بلدات أخرى تمت استعادة السيطرة عليها من قبضة الدولة الإسلامية، أنه في صدد إنشاء محكمة شعب جديدة لمدينة الرقة والريف المحيط بها. سوف تبتّ المحكمة في القضايا الجنائية كما المدنية، لا سيما النزاعات على الأملاك التي نشأت خلال وجود الدولة الإسلامية في المدينة.

لم يوضَع تقييم شامل لعمليات هذه المحاكم، غير أن الدراسات القليلة التي أُنجِزت تُظهر أنها تعاني من غياب المهنية، بما في ذلك ندرة المدّعين العامين والقضاة المدرَّبين. واشتكى بعض النقّاد أيضاً من تسييسها على أيدي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيطِر محلياً.

أما في ما يتعلق بقضايا الإرهاب، فهي ليست من اختصاص محاكم الشعب، بل محكمة حماية الشعب التي تملك مقراً في كل من القامشلي وعفرين. في تموز/يوليو الماضي، قبل استعادة السيطرة على الرقة، نظرت هذه المحكمة في أكثر من سبعمئة قضية على صلة بالإرهاب في روج آفا، وذلك بموجب قانون لمكافحة الإرهاب أقرّه المجلس التشريعي المحلي في روج آفا في العام 2014. 1 تسود مخاوف شديدة بشأن مدى تقيّد هذه المحكمة بالأصول والإجراءات القانونية، وذلك على ضوء حرمان المشتبه بهم من الحق في توكيل محامٍ وفي استئناف الأحكام الصادرة بحقهم. وقد اشتكى المعتقلون من إبقائهم في الحجز لفترات طويلة قبل إحالتهم إلى المحاكمة، ومن عدم قدرتهم على تحدّي الأدلة المستخدَمة ضدهم. لكن، وفي خطوة إيجابية، أقدمت السلطات في روج آفا على إلغاء عقوبة الإعدام، بما في ذلك في قضايا الإرهاب.

في غضون ذلك، ليست هناك استراتيجية للتعامل مع المواطنين الأجانب الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، أو مع عائلات السوريين المنضويين في التنظيم، والتي يعيش عدد كبير من أفرادها في المخيمات المخصصة للنازحين داخلياً. صحيح أن عدداً كبيراً من النساء والأطفال ليس قيد التوقيف رسمياً، إلا أنهم محتجَزون بحكم الأمر الواقع داخل المخيمات، وليست لديهم أدنى فكرة عما ينتظرهم في المستقبل.

من السهل توجيه الانتقادات إلى هذه المحاكم المحلية. فهي تعمل في ظل الشح الشديد في المواد والموارد البشرية، كما أنها لا تستوفي المعايير الأساسية التي تضمن التقيد بالأصول والإجراءات القانونية. إلا أنه ليس هناك من بديل آخر في الوقت الراهن، فالمحاكم التابعة للنظام السوري تلجأ إلى التعذيب على نطاق واسع وتعاني من المشكلات في التقيد بالإجراءات القانونية. بدلاً من ذلك، من شأن بذل مزيد من الجهود الدولية أن يساهم في تحسين هذه المحاكم لضمان حقوق المعتقلين ومعالجة مسألة محاكمة الرعايا الأجانب.

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.


1. مقابلة مع قاضٍ في محكمة حماية الشعب، القامشلي، تموز/يوليو 2017.

إعادة إعمار مجزّأة

سامر عبود

سامر عبود، أستاذ مساعد في مادة الدراسات الدولية في جامعة أركاديا وزميل في مركز الدراسات السورية في جامعة سانت أندروز، اسكتلنده. لمتابعته عبر تويتر: samer_abboud@.

فيما يتحوّل مسار النزاع السوري بطريقة حاسمة لمصلحة النظام وحلفائه، يبرز بصورة متزايدة النقاش حول إعادة الإعمار. إلا أنه يتعذّر عملياً وضع برنامج وطني واسع النطاق لإعادة الإعمار يحظى بالتأييد من أفرقاء محليين وإقليميين كبار. لا تُبدي الدول الغربية استعداداً لتمويل إعادة الإعمار ما دام بشار الأسد في السلطة، كما أن النظام عاجز عن حشد الموارد المالية الضرورية لتمويل برنامج وطني. ونظراً إلى التفاوت في طبيعة العنف في سورية، يتعذّر عملياً الوصول إلى بعض المناطق. ليس هذا وحسب، بل إن الجزء الأكبر من النقاش في دمشق حول إعادة الإعمار يتركّز على المناطق الحضرية، ما يؤدّي، أيضاً وأيضاً، إلى تهميش المناطق الريفية وتلك الواقعة في الأطراف. مما لا شك فيه أن إعادة الإعمار في سورية ستكون غير متوازنة جغرافياً، ومجزّأة، وعشوائية، وغير مندرجة في إطار برنامج وطني أوسع نطاقاً. بما أن الحكومة المركزية تفتقر إلى الموارد المالية، والتخطيط الاستراتيجي البعيد المدى، والإمكانات المؤسسية لتنفيذ إعادة الإعمار في مختلف أنحاء البلاد، سوف تتولّى السلطات المحلية تخطيط المشاريع ووضعها حيز التنفيذ، وغالب الظن أنها لن تحصل على الدعم من الحكومة المركزية.

هذا ليس سوى غيض من فيض العقبات التي تواجهها الإدارة المحلية لمدينة الرقة بقيادة قوات سورية الديمقراطية التي فرضت سيطرتها على الرقة بعد انسحاب مقاتلي الدولة الإسلامية. ففي الرقة، كما في المدن السورية الأخرى، سوف تتوقّف جدوى إعادة الإعمار على قدرة السلطات المحلية على حشد الموارد الوطنية والإقليمية. يقتضي ذلك، من جملة أمور أخرى، إفساح المجال أمام دخول مجموعات المساعدات، وتحفيز عودة الرساميل السورية، وتأمين الموارد المالية الضرورية لتقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم.

وفي هذا الإطار، القول أسهل من الفعل حتى في الظروف العادية، فكم بالأحرى في الظروف الاستثنائية التي تواجهها السلطات راهناً في الرقة. لقد أثبتت قوات سورية الديمقراطية كفاءتها في ساحة المعركة، ونجحت في استيعاب القبائل العربية المحلية في هيكلية السلطة التي أرستها، لكنها تبقى قوة خاضعة لسيطرة الأكراد وتتصرّف على هذا الأساس. تلتقي القوى الثلاثية – تركيا وروسيا وإيران – التي تفرض سلطتها على سورية، حول شعورها الموحّد بالريبة من التوسّع السياسي الكردي السوري، وغالب الظن أنها لن تساهم في تسهيل توظيف الموارد في المدينة. هذا فضلاً عن أن النزاع الذي يلوح في الأفق بين النظام والقوات التي يقودها الأكراد، يزيد من هشاشة الأوضاع في الرقة، ويُثني على الأرجح الشركات الخارجية أو رجال الأعمال عن الإقبال على العمل والاستثمار في المدينة. سوف تواجه السلطات المحلية تحدّيات أكبر بكثير من المهمّة الشاقّة أصلاً المتمثّلة في إعادة إعمار المدينة التي لحق بها دمار واسع جرّاء أعمال العنف.

إذاً ترتبط إعادة إعمار الرقة ارتباطاً وثيقاً بمستقبل التطلعات الكردية السورية، وبما أنها مركزٌ سكني كبير، سوف تشكّل محك الاختبار الأكثر جدّية للمحاولات التي يبذلها الأكراد من أجل بسط حكمهم الذاتي على مساحات أوسع في شمال شرق سورية. وهذه المعطيات تزيد من الرهانات السياسية المحيطة بإعادة إعمار المدينة، وتشي بأن معاناة السكّان قد تستمر على الرغم من إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية وطرده من الرقة.

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.

مستقبل جهود مكافحة الإرهاب

كولن كلارك

كولن كلارك خبير في العلوم السياسية في مؤسسة راند وزميل مساعد في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب-لاهاي. لمتابعته عبر تويتر ColinPClarke@

بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية من معقله في الرقة، قد يبدو أمراً حتمياً أن دولة الخلافة التي أنشأها تشارف على الانهيار. لكن حتى لو كان مشروع بناء الدولة الذي وضعه التنظيم قد سقط عملياً، تبقى الدولة الإسلامية شبكة إرهابية سرّية خطيرة تمتلك روابط عابرة للأوطان، ولديها القدرة على استخدام أجزاء من سورية قاعدةً لشن هجمات ضد الغرب.

في بعض المناطق السورية، تخوض الولايات المتحدة وحلفاؤها سباقاً مع الوقت للوصول قبل النظام إلى مواقع معيّنة في مختلف أنحاء البلاد، وهدفهم الظاهري هو ترسيخ مكاسبهم على الأرض والحؤول دون حصول فراغ في السلطة، لكنهم يسعون أيضاً إلى منع إيران من السيطرة على الرواق الممتد من طهران إلى دمشق. كما أن قطع الطريق على النظام السوري لمنعه من السيطرة على مزيد من الأراضي يحول دون اكتسابه أوراق ضغط حاسمة في المفاوضات السياسية في المستقبل.

وفي حين أنه تمت استعادة السيطرة على الرقة، من شأن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يواجه مزيداً من التعقيدات. فمن غير الواضح بعد مَن هي الجهة أو ما هي الآلية التي ستفرض الأمن وتؤمّن الحكم في الرقة التي جرى تحريرها على أيدي ميليشيا مدعومة من الولايات المتحدة تتألف من عرب وأكراد سوريين ويُطلَق عليها اسم قوات سورية الديمقراطية. يتألف سكان الرقة في غالبيتهم الكبرى من عرب سوريين يُبدي كثرٌ منهم خشيتهم من مكوث الميليشيات الكردية في المدينة – فهذا يعني في نظرهم استبدال محتلّ بآخر. وقد تعاظمت مخاوف السكان عندما أقدمت القوات الغازية على رفع صورة ضخمة لعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، وهو تتظيم مدرَج على قائمة التنظيمات الإرهابية وتجمعه روابط بميليشيا وحدات حماية الشعب التي تقاتل في صفوف قوات سورية الديمقراطية.

علاوةً على ذلك، لا يزال مقاتلون موالون لتنظيم الدولة الإسلامية متواجدين في مختلف المناطق الواقعة شرق سورية، بما في ذلك حول دير الزور والميادين. قد يتبيّن أنه من الصعب طرد المقاتلين من هذه المدن، لا سيما إذا استمروا في التحرك خلسةً إلى أن يصبح التنظيم قوياً بما يكفي كي يعيد التنظم في وادي نهر الفرات، حيث لا تزال بعض فلوله تسيطر على مساحةٍ تُقدَّر بنحو أربعة آلاف ميل مربع من الأراضي.

قد تجد الولايات المتحدة صعوبة في الحفاظ على الاهتمام من جانب حلفائها بعد انهيار دولة الخلافة. لا تزال الدولة الإسلامية تضم ما بين ستة آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل موزَّعين بين العراق وسورية. فضلاً عن ذلك، لا يزال عدد كبير من الأفرقاء العنيفين غير الدولتيين، بما في ذلك تنظيم تحرير الشام، فرع القاعدة في سورية، ينشط في مختلف أنحاء البلاد.

حان الوقت كي يضع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تصوّراً عن خطواته المقبلة لمكافحة الإرهاب، حتى فيما يستمر في العمل من أجل بسط الاستقرار في البلاد والسير باتجاه التوصل إلى تسوية سياسية مع القوى الكبرى المعنية الأخرى – إيران وتركيا والسعودية وروسيا وسواها. 

لم تنتهِ الحرب الأهلية السورية فصولاً بعد، إلا أن التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق التفاوض هو خطوة ضرورية للحد من قدرة الدولة الإسلامية على إعادة التنظم والتخطيط لهجمات انطلاقاً من الأراضي غير الخاضعة للحكم في البلاد.

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.