لقد تسببت جائحة "كوفيد 19" بتدهور الاقتصاد الإيراني الذي يعاني أصلاً من التعثّر، ولكن أزمة البلاد الاقتصادية متجذّرة في عوامل أبعد من تداعيات الجائحة. فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018، بات واضحاً أن المشقات الاقتصادية التي تعاني منها إيران، لا سيما تدهور قيمة عملتها، مرتبطة ارتباطاً شديداً بأحداث سياسية وجيوسياسية أساسية. فالتقلبات في سعر الصرف وتراجع قيمة العملة الإيرانية هما مؤشّران على اعتلال الاقتصاد.
يُسلّط التدهور الشديد في قيمة الريال الإيراني مقابل العملات الأخرى خلال العقد المنصرم، الضوء على تراجع شروط التبادل التجاري في إيران مقارنةً بباقي دول العالم. سعر الصرف هو مؤشّر على الأداء الاقتصادي للبلاد وشروط تبادلاتها التجارية مع الاقتصاد العالمي. ولذلك، مع تحسّن شروط التبادل التجاري، يمكن أن تُصدّر البلاد منتجات أكثر تطوراً وتحقّق مسار التنمية المستدامة، على غرار ما نشهده في عدد كبير من الاقتصادات الناشئة والصناعية.1 يجب أن يتحسّن الميزان التجاري الإيراني نتيجة التراجع الاسمي في قيمة العملة، ما يجعل الصادرات أرخص ثمناً ويؤدّي إلى ارتفاع في مجموع الصادرات. ولكن بسبب تراجع قيمة الريال الإيراني، أصبحت السلع المستوردة الإيرانية أغلى ثمناً، ما تسبب بانخفاض الواردات. ولكن إيران تعتمد على استيراد عدد كبير من المنتجات المتطورة مثل الأدوية والمعدات الطبية والآلات، ويؤدّي تدهور العملة بصورة أساسية إلى ارتفاع ثمن هذه المنتجات.
إضافةً إلى ذلك، عادةً ما تتسبب التقلبات العالية في سعر الصرف بعدم استقرار في التجارة. يتدهور سعر الصرف في إيران مع تقلبات شديدة خلال الأعوام الثلاثة الماضية (انظر الصورة 1 أدناه). وقد تسبب ذلك بما يُعرَف بالتكيّف مع الصدمات غير المتكافئة في الميزان التجاري بسبب التراجع المستمر في قيمة الريال، والنقص في السلع، وارتفاع أسعار السلع المستوردة إلى السوق الإيرانية.2
العملة الوطنية في إيران هي من المؤشرات الرئيسة على عافية البلاد الاقتصادية، ومنذ كانون الثاني/يناير 2018، سجّلت قيمة الريال تراجعاً شديداً في مقابل الدولار الأميركي وذلك بنسبة 450 في المئة، من 42880 ريالاً إلى 318560 ريالاً مقابل الدولار في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020. هذا هو سعر الصرف في السوق، ولكن الواردات الأساسية مدعومة بواسطة سعر الصرف الرسمي المثبَّت عند 42000 ريال للدولار منذ آذار/مارس 2019. بدأ التراجع الكبير الأول في قيمة الريال في الأشهر التي سبقت انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة في أيار/مايو 2018 (انظر الخط العمودي البرتقالي في الصورة 1). في أيلول/سبتمبر 2018، بدأ البنك المركزي الإيراني تطبيق إجراءات لتمويل الواردات الأساسية من خلال عائدات التصدير، عبر استخدام سعر الصرف الرسمي (الخط العمودي الأزرق في الصورة 1). وقد حال ذلك دون تراجع قيمة الريال في السوق الموازية (غير الرسمية) لفترة وجيزة فقط، ثم تجدّدَ مسار تدهور العملة الوطنية إلى أن قامت طهران برفع القيود عن تخصيبها لليورانيوم في 8 أيار/مايو 2019 (الخط العمودي البنّي في الصورة 1). ثم تحسنت قيمة الريال قليلاً حتى 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، رفعت الإدارة الإيرانية الدعم عن المحروقات، ما أثار موجة احتجاجات واسعة في مختلف أنحاء البلاد أعقبتها حملة قمع شديدة. ومنذ ذلك الوقت، تستمر قيمة الريال في التراجع.
حملة "الضغوط القصوى"
ولكن تراجع قيمة الريال مقابل الدولار ليس أمراً غير مسبوق ولا غير متوقّع. فقد خسرت إيران جزءاً كبيراً من عائدات التصدير بسبب العقوبات الثانوية التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها قبل نحو عامَين في أيار/مايو 2018. تستهدف هذه العقوبات الثانوية شركات البلدان الثالثة التي تمارس الأعمال والتجارة مع إيران. لذلك لا تسمح العقوبات لإيران بتصدير بضائعها بسهولة. وفقاً للبنك الدولي، من المتوقع أن ينقبض الاقتصاد الإيراني بنسبة 5.3 في المئة في عامه الثالث من الركود، لا سيما بسبب جائحة "كوفيد 19". إذاً، بحلول أواخر عام 2020، سيكون حجم الاقتصاد الإيراني أقل بـ83 في المئة مما كان عليه في عام 2017 قبل انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة.
لقد أسفرت حملة "الضغوط القصوى" الأميركية عن القضاء على صادرات النفط الإيرانية التي تراجعت من 2.6 مليونَي برميل في اليوم في أيار/مايو 2018 إلى ما بين 600000 و700000 برميل في اليوم في قسم كبير من العام الجاري.3 وعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في صادرات المنتجات الهيدروكربونية، لا تزال إيرادات إيران بالعملة الصعبة محدودة جداً، نظراً إلى استمرار التعثّر في الاستحصال على هذه الأموال. وقد عمدت إيران على نحو مطرد إلى زيادة كمية المنتجات التي تُصدّرها إلى البلدان المجاورة من أجل تمويل وارداتها. ولكن بسبب جائحة فيروس كورونا وإغلاق الحدود مع البلدان المجاورة، أصبحت هذه الصادرات أيضاً محدودة. نتيجةً لذلك، يتقلص احتياطي إيران بالعملات الأجنبية بسبب تراجع التصدير، ما يتسبب بعجز كبير في الميزان التجاري. لقد بذل البنك المركزي والإدارة الإيرانية التي تسيطر على هذا الاحتياطي جهوداً حثيثة للحفاظ على الفائض التجاري طوال عقود. وقد سجّلت إيران فائضاً في الحساب الجاري حتى عام 2012، حين أحدثت العقوبات الدولية وتلك التي فرضتها الأمم المتحدة شللاً في تجارتها الدولية. وقد تراكم الفائض في احتياطي العملات، ولكن الوصول إليه باتت دونه عراقيل بسبب العقوبات الدولية التي فُرِضت في عام 2012، ثم العقوبات الثانوية الأميركية منذ عام 2018. ولكن إيران تعتمد اعتماداً شديداً على الواردات، بدءاً من علف المواشي وغذائها الأساسي وصولاً إلى المنتجات المتطورة تكنولوجياً مثل الأدوية ومكوّناتها الفعّالة، والأجهزة الكهربائية، ومعدّات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والآلات والسلع الرأسمالية، والمعدلات الصيدلانية. لذلك، وفي ظل الشح في العملات الصعبة/الأجنبية في السوق الإيرانية، تُسجَّل زيادة مباشرة في الطلب على العملات الأجنبية لاستيراد المنتجات الضرورية.
الصورة 1 – تطوّر سعر الصرف الاسمي بين الدولار الأميركي والريال الإيراني
المصدر: TGJU – Financial Markets Network
التشنجات الجيوسياسية المتفاقمة
السبب الثاني وراء الظروف الاقتصادية المتعثرة في إيران هو التشنجات الجيوسياسية المتفاقمة. إلى جانب الشح في العملات الصعبة بسبب تراجع إيرادات التصدير، يشكّل القرار الصادر عن مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد اتفاقية الضمانات الإيرانية بموجب معاهدة حظر الانتشار عاملاً إضافياً خلف تراجع قيمة الريال. إنه القرار الأول الذي يوجّه انتقادات إلى إيران منذ عام 2012، وقد اشتكى نص القرار من "منع الوصول إلى موقعَين حدّدتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب البروتوكول الإضافي، وغياب التوضيحات المستمر في ما يتعلق بأسئلة الوكالة عن مواد نووية محتملة غير معلَن عنها، وأنشطة ذات صلة بالمجال النووي في إيران". بعد صدور القرار، سجّل الريال تراجعاً حاداً إضافياً في مقابل الدولار. وقد أثار القرار هروباً للرساميل من خلال الدولرة في السوق الموازية. وهذا يعيد إلى الذاكرة نموذج مشابه بعد صدور قرار عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الأول/أكتوبر 2012. ففي أيار/مايو 2012، كان سعر الصرف في السوق نحو 15750 ريالاً للدولار الأميركي، وبعد القرار الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2012، ازداد سعر الصرف بمعدل الضعف ليصل إلى نحو 33000 ريال للدولار، مسجِّلاً بذلك واحداً من التراجعات الأكثر حدّة في قيمة العملة الإيرانية خلال العقود المنصرمة.
وفي أيلول/سبتمبر 2020، سجّل الريال الإيراني تراجعاً قياسياً جديداً مقابل الدولار، إذ تدهور سعره إلى 273000 ريال للدولار في السوق غير الرسمية، في اليوم الذي تلى إعلان الرئيس ترامب إعادة العمل بجميع العقوبات التي كانت الأمم المتحدة قد فرضتها على إيران. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر، سجّلت العملة الإيرانية تراجعاً جديداً، فوصل سعر الصرف إلى 300000 ريال للدولار. وقد أكّد محافظ المصرف المركزي، عبد الناصر همتي، الرابط بين تراجع قيمة الريال والأحداث السياسية مشيراً إلى أنه كان لإعلان إدارة ترامب في 29 أيلول/سبتمبر "عزل المنظومة المالية الإيرانية عزلاً كاملاً" من خلال فرض مجموعة جديدة من العقوبات "أثرٌ نفسي" على سوق الصرف في البلاد. ولكن همتي أعرب أيضاً عن تفاؤله بالاستحصال على بعض الأصول الإيرانية المجمّدة (لا سيما 3 مليارات دولار من العراق مقابل صادرات الكهرباء والغاز، فضلاً عن 7 مليارات دولار من كوريا الجنوبية مقابل صادرات النفط الخام)، إنما من دون تقديم أي تفاصيل ملموسة.
في المقابل، كان للأحداث الجيوسياسية الأخيرة أثرٌ إيجابي. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2020، رُفِع حظر السلاح الذي كانت الأمم المتحدة قد فرضته على إيران، وذلك تماشياً مع ما نصّت عليه خطة العمل الشاملة المشتركة. يُستبعَد أن يؤدّي ذلك إلى إحداث تحوّل في الترسانة العسكرية الإيرانية وإلى تحديثها، ولكنه كان موضع احتفاء من إيران التي رأت فيه نصراً سياسياً في مواجهة حملة "الضغوط القصوى" الأميركية، ما أدّى إلى تحسن التوقعات في السوق الإيرانية. وبُعيد ذلك، تحسّنت قيمة الريال مقابل الدولار بنسبة 10 في المئة تقريباً (انظر الخط العمودي في أقصى اليمين في الصورة 1). إضافةً إلى ذلك، كان لهزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية أثرٌ إيجابي إضافي على السوق الإيرانية، فقد سجّلت قيمة الريال زيادة إضافية بنسبة 10 في المئة لفترة وجيزة. وعمد مَن يحتفظون بالعملات الأجنبية لأغراض استثمارية إلى بيعها في السوق تجنّباً لتكبّد خسائر إضافية. وضخّ المصدِّرون أيضاً كميات إضافية من العملات الأجنبية في السوق. ولكن هذا الوضع يبقى غير مستقر إذ إن إيران لا تزال تواجه عجزاً تجارياً مع استمرار العقوبات الأميركية.
سياسات داخلية مسبِّبة للضرر
تتسبب الضغوط التضخمية الناجمة عن السياسات الداخلية السيئة بتفاقم الانكماش الاقتصادي في البلاد. بما أن أسعار السلع المستورَدة سجّلت ارتفاعاً شديداً بسبب تدهور قيمة الريال، لا تستطيع الحكومة تمويل رزمة التحفيز المالي، لأن العقوبات الأميركية تسببت بقطع الإيرادات النفطية عن البلاد. ومن أجل دعم النفقات، أصدرت البلاد سندات من خلال عمليات السوق المفتوحة. قد تُضاف هذه السندات إلى الديون الحكومية السابقة المستحقّة للمؤسسات العامة مثل منظمة الضمان الاجتماعي. ولكن يجب تمويل الجزء المتبقي من الموازنة الحكومية وخطة التحفيز المالي الهادفة إلى التصدّي لآثار الجائحة، من خلال زيادة الكتلة النقدية. نظراً إلى تراجع إجمالي الناتج المحلي وزيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد، النتيجة المباشرة لهذه الزيادة في حجم الأموال المتداوَلة هي ارتفاع الأسعار. تبعاً لذلك، وفي ضوء زيادة التضخم، وبما أن معدل الفائدة الاسمي أقل من التضخم، لن تُستثمَر المدخرات في المصارف في حين تشهد البلاد هروباً للرساميل نحو استثمارات غير منتجة وقائمة على المضاربة في سوق العملات الأجنبية وبورصة طهران. في هذا الوضع، لا تكون السندات الحكومية مربحة للمصارف والأفراد، ويصبح الحيّز المالي للحكومة محدوداً جداً. والنتيجة هي ركود تضخّمي حيث يقترن التضخم الشديد مع الكساد.
مسارٌ نحو الأمام
تسعى إيران جاهدة في الوقت الحالي من أجل وضع سياسة اقتصادية ملائمة لحل مشكلاتها فيما لا تزال تخضع للعقوبات وتعجز عن الوصول إلى احتياطي العملات الأجنبية والتمويل الدولي. الأولوية في المدى القصير هي تحفيز النمو الاقتصادي، من خلال استعمال الحيّز المالي مثلما فعلت الإدارة الإيرانية عبر تقديم الإعانات النقدية والدعم المباشر إلى بعض الشرائح الهشّة. وقد استحوذت خطة التحفيز على نحو 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيراني.
ولكن الحكومة تواجه شحاً في الإيرادات، وتموِّل موازنتها من خلال عمليات السوق المفتوحة، بسبب عدم وجود دائنين دوليين لتمويل مشاريعها الاستثمارية في البنى التحتية. وقد تسببت طباعة النقود لتمويل الموازنات الحكومية بارتفاع التضخم، وباختلالات في الاقتصاد الكلي، وتدهور سعر الصرف. إذا استمرت الإدارة الإيرانية في تنفيذ سياساتها المالية من خلال البنك المركزي، قد تتسبب "أموال المروحيات"، كما تُسمّى، بزعزعة إضافية للاقتصاد. بعبارة أخرى، قد لا يعود "اقتصاد المقاومة" صالحاً للعمل به، وهذا يُفسّر لماذا يعتمد النظام بصورة أكبر على القمع لتجنّب الانتفاضة المقبلة.
المشقات الاقتصادية التي تعاني منها إيران راهناً هي من نتائج الانسحاب الأميركي من خطة العمل الشاملة المشتركة وإعادة العمل بالعقوبات الثانوية، ولذلك فإن الآفاق المتمثّلة بوصول إدارة جديدة إلى سدّة الحكم في الولايات المتحدة تمنح طهران متنفّساً لأن الرئيس المنتخب جو بايدن قد يستأنف تطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة في حال عادت إيران من جديد إلى التقيّد التام بالاتفاق. ولكن بانتظار دخول بايدن البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير المقبل، سوف يتعيّن على الجمهورية الإسلامية مقاومة حملة "الضغوط القصوى" التي تشنّها عليها واشنطن من خلال "اقتصاد الصمود" الذي تديره بصورة أساسية الشركات التابعة للأجهزة العسكرية. يخضع قسم كبير من النشاط الاقتصادي في إيران لإدارة شركات شبه عامة كبيرة جداً، أي ما يُسمّى بالمؤسسات (بنياد) والكيانات التنفيذية (ستاد) التي يقوم المرشد الأعلى بتعيين قادتها ويختارهم من صفوف القياديين السابقين في الحرس الثوري الإسلامي. هذه الشركات معفيّة عادةً من الضرائب على الإيرادات أو القيمة المضافة، وتملك العديد من الشركات القابضة التي يجري التداول بأسهمها في بورصة طهران. يُتوقَّع أن تساهم هذه الشركات في توجيه "اقتصاد المقاومة" لعبور الأزمة الراهنة، الأمر الذي يمكن أن يتسبب باستفحال الفساد في أعلى مستويات السلطة.
في الوقت نفسه، تعمل طهران على تعزيز أمنها الداخلي، لأنها تخشى الموجة المقبلة من احتجاجات الشوارع والتي قد تكون أشد حدّة. وتؤدّي الجائحة دوراً محفِّزاً في هذا الإطار، بسبب تفاقُم أحوال الفقراء والعاطلين عن العمل، ما يؤجّج فعلياً الشعور بأنه لم يبقَ لديهم ما يخسرون. كان معظم المحتجّين في الانتفاضتين الأخيرتين في إيران ينتمون إلى الشرائح الأكثر فقراً في المجتمع، وقد تحوّل ذلك إلى تهديد أمني أساسي للجمهورية الإسلامية.
لا تزال الأزمة الاقتصادية الإيرانية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعداء مع الولايات المتحدة. إذا التزمت إدارة بايدن العتيدة من جديد بخطة العمل الشاملة المشتركة وعمدت إلى تخفيف العقوبات، فعندئذٍ فقط قد يكون هناك مخرج من المشقّات الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد. فضلاً عن ذلك، ونظراً إلى تعقيدات التخفيف من نظام العقوبات الشاملة والالتباسات المحيطة بمستقبل السياسة الأميركية في الشأن الإيراني، يكمن الحل الأفضل، بالنسبة إلى إيران، في وضع حد للعداوة مع الولايات المتحدة المستمرة منذ أربعة عقود، على الرغم من أن هذا السيناريو ليس مرجَّحاً. ولكنه السبيل الوحيد كي تُحدث إيران تنويعاً مجدياً في اقتصادها، وتطلق العنان لطاقاتها الهائلة، وتعزز احتياطياتها الكبيرة من الرأسمال البشري، الأمر الذي سيساعدها على الشروع في مسار التنمية المستدامة.
مهدي قدسي خبير اقتصادي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية (wiiw). لمتابعته عبر تويتر @MMGhodsi.
علي فتح الله نجاد زميل باحث أول في مركز أفريقيا والشرق الأوسط (AMEC) في جوهانسبرغ. لمتابعته عبر تويتر @AFathollahNejad.
1 تعريف شروط التبادل التجاري هو كمية السلع المستوردة التي تستطيع إيران شراءها مقابل كل وحدة من المنتجات المصدَّرة. ومع تحسين شروط التبادل التجاري، تستطيع البلاد تحقيق مكاسب أكبر من تصدير سلع متنوّعة لتسديد ثمن السلع المستورَدة.
2 لمعرفة المزيد عن التأثير غير المتكافئ لتدهور الريال على الميزان التجاري، انظر Mahdi Ghodsi et al., Does Asymmetric Nonlinear Approach Explain the Relationship Between Exchange Rate and Trade of Iran?, wiiw Working Paper, No. 187 (September 2020), The Vienna Institute for International Economic Studies (wiiw).
3 على الرغم من العقوبات الأميركية، استطاعت إيران في أيلول/سبتمبر تحقيق زيادة كبيرة في صادراتها النفطية إلى مستوى لم تشهده البلاد طوال عامٍ وأكثر. يُعتقَد أن الصادرات، الخام والمكثّفة، ارتفعت إلى 1.5 مليون برميل في اليوم، في حين أنها كانت تُقدَّر بـ600000 إلى 700000 برميل في اليوم في آب/أغسطس. على سبيل المقارنة، قبل إعادة فرض العقوبات الأميركية في منتصف 2018، كانت إيران تصدّر 2.7 مليونَي برميل في اليوم، وبعد العقوبات، تراجعت الكمية إلى حد كبير. وقد أقرّ وزير النفط بيجن نمدار زنغنه أمام البرلمان الإيراني أن صادرات النفط "ليست باسم إيران" مع "تغيير مستندات التصدير ومواصفات الشحن مراراً وتكراراً". على الرغم من أن التتبّع الدولي لأنشطة ناقلات النفط غير الشرعية تحسّنَ إلى حد كبير، لم يُكشَف عن الطرقات التي تسلكها تلك الصادرات وعن وجهتها. انظر: “Iran Oil Exports on the Rise, Despite Sanctions,” Radio Farda, October 1, 2020.