المصدر: Getty
مقال

إيران ومنظمة شنغهاي للتعاون

تعتبر المصادقة على منح إيران العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون خطوة رمزية هامة، إلا أنها لن تكون الدواء الناجع للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها البلاد.

 أومود شوكري
نشرت في ١٧ نوفمبر ٢٠٢٢

قبيل اندلاع الاحتجاجات الشعبية الأخيرة، عملت القيادة الإيرانية على تخفيف العزلة الدولية التي تعانيها البلاد من خلال السعي للحصول على العضوية الرسمية في منظمة شنغهاي للتعاون. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية فإن المسؤولين الإيرانيين لايزالون يؤكدون على أن الانضمام للمنظمة، والذي من المقرر أن يتم في شهر نيسان/أبريل 2023، سيحقق الكثير من الفوائد للقطاعات الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية في البلاد. ويبدو أن منظمة شنغهاي للتعاون بدورها تشارك المسؤولين الإيرانيين هذا التفاؤل بشأن ما قد يحققه التعاون مع إيران من فوائد لعلاقات المنظمة مع دول العالم الإسلامي.

ولكن، نظراً لتأثير العقوبات الدولية وغيرها من أشكال الضغط الواقعة على إيران والتي تصاعدت شدتها في أعقاب حملة القمع التي قادتها طهران ضد المعارضين، فإن هذه الخطوة قد لا ينتج عنها تغييرات جذرية في الجغرافيا السياسية للمنطقة.

بحسب الإحصاءات فإن حجم التبادل التجاري بين إيران والدول الأعضاء في المنظمة قد تجاوز 651 مليار دولار أمريكي في نهاية العام 2021. وبمجرد أن تصبح إيران عضواً دائماً في المنظمة ستتمكن من تعزيز مكانتها بشكل يساعدها على تحييد العقوبات الغربية دون تقديم تنازلات للدول التي فرضتها. إضافة إلى ذلك ستتمكن إيران من الاستفادة من قوة الصين وروسيا في التعامل مع الضغوط الغربية. في الوقت الحالي، وبينما تنتظر إيران حدوث تطورات جديدة في موقف مجلس الأمن تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على عقد مدته 25 عاماً مع الصين وعقد طويل الأجل مع روسيا. هكذا يمكن لعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون أن تعزز الأمن الإقليمي وأن تبعث برسائل الوحدة والطمأنة.

بيد أن هناك تحديات كبيرة يمكن أن تحول دون تحقيق هذه الفوائد المرجوة. فإيران ليست دولة جذب كممر عبور تجاري بسبب القصور الذي تعاني منه شبكات السكك الحديدية والطرق البرية فضلاً عن صعوبة الاستفادة من الموانئ البحرية. ورغم أن التنمية ممكنة، ولكن الدولة تواجه صعوبات كبيرة في تمويل المشاريع التنموية الضخمة، وهي صعوبات لا يُتوقع أن تخففها عضوية إيران في منظمة شنغهاي. علاوة على ذلك فإن استثمارات الصين (وهي من أهم أعضاء المنظمة) والهند في إيران لم تكن على مستوى التوقعات الإيرانية بسبب حرص الدولتين على تجنب رد فعل أمريكي حاد وهي مشكلة أخرى لا يُنتظر أن تحلها العضوية الرسمية لإيران في المنظمة.

وعلى الرغم من أن الصين تشتري حالياً صادرات النفظ الإيرانية، إلا أنه من المرجح أن تستمر في وضع قيود على حجم مشترياتها النفطية من إيران في حال أصرت واشنطن على استمرار فرض عقوبات على طهران. ونظراً للتوترات التي أثارتها مشاركة الهند في تطوير ميناء تشابهار الإيراني فمن غير المرجح أن تستثمر الهند بشكل أعمق في إيران. والواقع أن إيران لن تتمكن من تمويل المشاريع التنموية التي تحتاجها بشدة إلا إذا تم رفع العقوبات الأمريكية وعليه فإنه على الرغم من تمتع البلاد بإمكانات كبيرة في جميع المجالات غير أن حجم التجارة في الوضع الراهن ليس مواتياً.

ونظراً لاحتمال تزايد حجم التجارة بين إيران وأعضاء منظمة شنغهاي، وهي مسألة غير مؤكدة، فإن الدول المجاورة لإيران ستضطر لوضع بعض الاحتمالات نصب أعينها. أولاً، بالنظر إلى الوضع الحالي للتعاون الاقتصادي والعسكري بين بيكين وطهران سيكون من الحكمة أن يفترض اللاعبون الآخرون في الشرق الأوسط أن أي تكنولوجيا تمتلكها الصين ستكون متاحة لإيران وبالتالي سيكون على دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أن تتنبه لهذه المسألة عند إبرام اتفاقات السلاح الخاصة بها مع الصين وهي مسألة قد تثير حفيظة وشكوك كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

وبالرغم من تخوف كلاً من واشنطن والقدس والرياض وأبو ظبي من عضوية إيران في المنظمة إلا أن هذه العضوية قد تسهم في تقريب تلك الدول من بعضها البعض وتسهم في تعزيز التعاون في المعسكر المناهض لإيران. والحقيقة أن عضوية إيران في منظمة شانغهاي ما كان لها أن تتم إلا بفضل الدبلوماسية الإيرانية النشطة في السنوات الأخيرة، ولكن العديد من العقبات الجيوسياسية قد تعيق تحقيق الفوائد المرجوة من هذا الاتفاق.

أومود شوكري هو كبير مستشاري السياسة الخارجية، واستراتيجي الطاقة، ومستشار في شركة Gulf State Analytics (GSA) تابعوه على تويتر @ushukrik.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.