المصدر: Getty
مقال

أكثر من الكلام: الدعم العملي ضروري للإيرانيين

لن تتحقق التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني من دون دعم ملموس يقدمه قادة دوليون متعاطفون ومؤيدون لحركة الشباب والنساء.

 كوروش ضيابرى
نشرت في ٢ مايو ٢٠٢٣

دفعت الحركة التقدّمية التي التفّت حول الاحتجاجات التي قادتها نساء وشباب إيرانيون تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية"، بعدد كبير من السياسيين في الديمقراطيات الغربية إلى التعبير عن دعمهم للشعب الإيراني. وقد تعهّد القادة من الرئيس الأميركي جو بايدن إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بالوقوف إلى جانب المحتجّين الإيرانيين في تحدّيهم لإملاءات الجمهورية الإسلامية. وطرحوا أيضًا أفكارًا عن كيفية تأديب الحكومة في طهران على خلفية حملات القمع الهمجية التي شنّتها، وقد تمحورت هذه الإجراءات بصورة أساسية حول العقوبات الاستهدافية.

في الأشهر الأخيرة، تراجعت التظاهرات في الشارع، ولكن زخم الحركة يتواصل من خلال أفعال العصيان المدني إلى جانب رفض النساء للحجاب الإلزامي. ولكن في وقتٍ يرزح فيه الإيرانيون تحت الوطأة المزدوجة للعزلة الدولية وقبضة حكومتهم الحديدية في الداخل، لم تتجاوز مظاهر الدعم الدولية، بصورة عامة، حدود الخطابات، ولم تُقدَّم مساعدات في شكل دعم اقتصادي وإنساني للمحتجّين المحاصرين.

التقاعس عن العمل

أولًا، وعلى مدى الأشهر العاصفة في ذروة الانتفاضة في إيران، لم تبادر القوى الأوروبية والولايات المتحدة إلى اقتراح مبادرات من شأنها تيسير الأمور للمواطنيين العاديين الإيرانيين، بمن فيهم الطلاب والصحافيون ونشطاء المجتمع المدني، من أجل دعم نضالهم في سبيل الحرية وإنهاء حالة الحرمان العالمية التي لطالما فُرِضت عليهم. وفشلت المنظمات الدولية أيضًا في ترجمة وعودها النبيلة إلى مساعدات وجهود إغاثة قابلة للقياس الكمّي، وتعرّضت منظمة الأمم المتحدة، على وجه الخصوص، لانتقادات حادّة من النشطاء لاكتفائها بالإدلاء بتصاريح متفرّقة تعبيرًا عن القلق بدلًا من اتخاذ خطوات ملموسة لمؤازرة الشعب الإيراني.

لا بل فُرِضت قيود إضافية على اتصال الشباب الإيرانيين بالعالم الخارجي. على سبيل المثال، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية خفض أعداد المراكز الثقافية ومعاهد اللغة الألمانية في طهران ردًّا على العنف الذي مارسته الحكومة الإيرانية. فالطلاب الإيرانيون الذين يتطلّعون إلى حياة أفضل في الخارج كانوا المستفيدين الأساسيين من هذه المؤسسات. ومن السذاجة الاعتقاد بأن خفض أعداد المراكز الثقافية التي تساهم في تيسير التبادلات الأكاديمية هو عقابٌ للحكومة.

علاوةً على ذلك، وفي أوج حملة القمع حين كان المواطنون الإيرانيون يُعتقَلون بأعداد كبيرة ويُقتَلون في الشوارع، لم تقترح أي حكومة مسارًا للهجرة الإنسانية بغية إجلاء المحتجّين والنشطاء ومنحهم اللجوء. ولم تبادر الحكومة الكندية إلى الإعلان عن تعديل قانون الهجرة ليتمكّن الإيرانيون الموجودون في كندا من تمديد إقامتهم المؤقتة إلا في أواخر شباط/فبراير، أي بعد مرور خمسة أشهر على بدء الاحتجاجات. ولا يزال على الإيرانيين الراغبين في مغادرة بلادهم التخبّط في متاهات أنظمة الهجرة الغربية، في مشهدٍ يتناقض مع البرامج السخيّة التي قدّمتها الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي للاجئين الأوكرانيين عقب اندلاع الحرب الأوكرانية.

أخيرًا، على الرغم من تدهور الأوضاع الحاد في إيران، وخسارة الوظائف بسبب الانقطاع التام للإنترنت بقرارٍ من الحكومة، وإغلاق شركات يُعتقَد أنها مشارِكة في الاحتجاجات، لم يوضَع عمليًا أي تصوّر تخفيفي يتيح تنفيذ العقوبات المالية والمصرفية بطريقةٍ تُمكّن المغتربين الذين لديهم أفراد من عائلاتهم داخل إيران من إرسال التحويلات إليهم من دون أن يشكّل ذلك انتهاكًا للإجراءات العقابية.

دعوة إلى التحرّك

لا يستطيع المحتجّون الإيرانيون أن يحلموا بالديمقراطية الانتقالية فيما يعانون الأمرّين لكسب لقمة عيشهم في اقتصادٍ خاضع لعقوبات شديدة. لذلك، يجب، في مرحلة أولى، إعادة النظر في نظام العقوبات الأميركية من أجل إفساح المجال أمام المهنيين الإيرانيين الشباب للتعاون مع جهات التوظيف الدولية في الخارج والحصول على مصدر ثابت للإيرادات.

تزامنًا، وبما أن الإيرانيين الساعين إلى متابعة تحصيلهم الجامعي في الغرب يجدون باستمرار صعوبة في سداد رسوم تقديم الطلبات أو إيداعات القبول في الجامعات بسبب العقوبات المصرفية، يجب تطبيق آليات لتمكينهم من تخطّي هذه العقبات الصغيرة، ومعاملتهم مثل مقدّمي الطلبات الآخرين بما يضمن المساواة في الوصول إلى الفرص التعليمية. فضلًا عن ذلك، التحويلات المالية هي مسألة حيوية، ويجب الإفادة من الموارد الهائلة للإيرانيين في بلدان الاغتراب من أجل انتشال الإيرانيين من براثن الفقر. فطالما أن العقوبات سيفٌ مصلت على أعناق الجاليات الاغترابية الإيرانية، لن يتمكّن الإيرانيون في الخارج من إرسال الأموال إلى البلاد.

على الرغم من قيام الولايات المتحدة بتخفيف القيود على تأمين خدمات الإنترنت في الخريف المنصرم، لا يزال الإيرانيون يعانون في حياتهم اليومية من الانقطاع في خدمة الإنترنت وتباطؤ سرعتها بصورة دورية. ينبغي على الحكومات الغربية العمل مع شركات التواصل الاجتماعي، وخدمات الرسائل الفورية وغيرها من مقدّمي الخدمات المستندة إلى شبكة الإنترنت ليتمكّن الإيرانيون من تخطّي أشدّ القيود وطأة.

من السابق لأوانه توقّع النتائج السياسية التي يمكن أو يجب أن يولّدها هذا الدعم المتزايد. ولكن حين يتوافر الدعم الدولي الملموس، سيتمكّن الشعب الإيراني من تحقيق التغييرات التي يُنشدها. يجب أن ينبثق التغيير الديمقراطي من داخل إيران، ولكن كي يتبلور هذا السيناريو، ينبغي أولًا تمكين الشعب الإيراني من خلال الأفعال، بدلًا من الاكتفاء فقط بالأقوال.

كوروش زياباري صحافي إيراني حائز على جوائز، ومراسل في صحيفة "آسيا تايمز"، وحائز على منحة شيفنينغ من وزارة الخارجية البريطانية. لمتابعته عبر تويتر: @KZiabari.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.