يتوجّه العراقيون إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد من أجل مايُعتَبَر اختباراً أساسياً للديمقراطية الوليدة. وفي حين أن نتائج الانتخابات البرلمانية ستساعد في تحديد استقرار العراق، وقد تؤثّر في سحب القوات الأميركية، إلا أن التصويت ليس سوى خطوة واحدة في طريق الانتقال السياسي في البلاد.
في سؤال وجواب جديد، تناقش مارينا أوتاوي أهمية الانتخابات وماذا تعني بالنسبة إلى العراق والولايات المتحدة. أوتاوي توضح أن الانتخابات ليست خاتمة لعملية، لكنها "بداية جديدة لإعادة تنظيم القوى السياسية في العراق من دون تدخل الولايات المتحدة".
- من هم المرشّحون البارزون وماهي التحالفات الحزبية في الانتخابات؟
- هل الطائفية في تصاعد؟
- مامدى أهمية الانتخابات بالنسبة إلى الديمقراطية في العراق؟
- مامدى استقرار الديمقراطية الناشئة في العراق؟
- إلى أي مدى يُتوقَّع أن تكون الانتخابات ديمقراطيةً؟
- ما القضايا الرئيسة المطروحة في الحملة الانتخابية؟ وما الذي يهمّ الناخبين العراقيين؟
- ما النتائج المحتمَلة للانتخابات؟
- مامدى تأثير إيران على السياسة الداخلية في العراق؟
- كيف ستؤثّر نتائج الانتخابات على سياسة الولايات المتحدة وخطط الانسحاب العسكري؟
من هم المرشّحون البارزون وماهي التحالفات الحزبية في الانتخابات؟
يوم 7 آذار/مارس، سيتوجّه العراقيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الجمعية الوطنية للمرة الثانية. وهي انتخابات تشهد تنافساً شديداً بين المرشحين السياسيين الـ6172 على 325 مقعداً فقط. من غير المرجّح أن يُسفِر التصويت عن نتائج حاسمة، وسيؤدّي على الأرجح إلى فترة طويلة من المساومات، لأن التحالفات الفائزة تتصارع لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
الوضع مُربِك للغاية في شأن التحالفات الحزبية. ثمة ستة تحالفات حزبية أساسية، لكن من المرجّح تماماً أن تتفكّك ويُعاد تشكيلُها بعد الانتخابات.
يُمثِّل ائتلاف دولة القانون تجسيداً لاستراتيجية المالكي لإعادة صياغة نفسه على أنه زعيم وطني وعلماني. وفي حين أغرى المالكي بعض الأفراد وتنظيمات سنّية وكردية صغيرة نسبياً بالانضمام إلى الائتلاف، إلا أنه لم يجتذب الشخصيات والجماعات الرئيسة اللازمة لإضفاء صبغة فعلية غير طائفية على الائتلاف. ونتيجة لذلك، يبدو الائتلاف غير متوازن ويُهيمِن عليه المالكي نفسه.
الائتلاف الوطني العراقي هو وريث الائتلاف العراقي الموحَّد، الذي كان يُهيمِن على الحكومة منذ انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2005. وهو ائتلاف يضم جميع الأحزاب الشيعية الرئيسة، وهو في الأساس دليل الأحزاب الشيعية في العراق، باستثناء حزب الدعوة الذي يتزعّمه المالكي نفسه.
على الرغم من الحظر، لازال حزب المطلك في الائتلاف، وربما كانت الحركة الوطنية العراقية الجماعة الأكثر صدقية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرغبون في التصويت لصالح ائتلاف علماني.
وهناك أيضا الحركة الوطنية العراقية، وهي ائتلاف متعدّد الطوائف فيه اثنان من اللاعبين الرئيسيين. أحد الاثنين هو رئيس الوزراء السابق إياد علاوي الذي اختارته الولايات المتحدة ليكون أول رئيس للوزراء بعد الاحتلال. والثاني هو صالح المطلك، السياسي السنّي الذي منع من المشاركة في الانتخابات، إلى جانب نحو 500 من المرشحين الآخرين، بحجة أنهم كانوا ينتسبون إلى نظام صدام حسين أو أنهم دافعوا عن النظام السابق.
على الرغم من الحظر، لازال حزب المطلك في الائتلاف، وربما كانت الحركة الوطنية العراقية الجماعة الأكثر صدقية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرغبون في التصويت لصالح ائتلاف علماني. ثمة فرصة جيدة ليحصل الائتلاف على عدد كبير من الأصوات السنّية، وليس بالضرورة لأن السنّة يرغبون في ائتلاف متعدّد الطوائف، ولكن لأن التحالف يضمّ شخصيات سنّية علمانية رئيسة.
تشمل التحالفات الأخرى كتلة التوافق العراقية التي تُعَدّ سنّية على وجه الحصر تقريباً. كانت الكتلة ائتلافاً من الأحزاب السنّية الرئيسة في ظلّ الحكومة السابقة، لكنها تضاءلت الآن. ويصف أعضاؤها أنفسهم بأنهم ائتلاف علماني، على الرغم من أن العنصر الرئيس فيها هو الحزب الإسلامي العراقي، وأن الجماعات السنّية الرئيسة العلمانية والسياسيين انضمّوا إلى ائتلافات أخرى.
ائتلاف وحدة العراق هو عبارة عن تجمع غير طائفي للأحزاب والأفراد الذين يصفون أنفسهم بأنهم وطنيون علمانيون.
وأخيراً، ثمة الأحزاب الكردية. وتنقسم الأحزاب الكردية في مابينها، لكنها تظهر أنها جبهة موحَّدة أمام بقية البلاد وأنها ذاهبة إلى الانتخابات ككتلة واحدة.
(اقرأ عرضاً كاملاً عن التحالفات الرئيسة وقادتها)
تشكّلت الفصائل السياسية في الأغلب على أُسُس دينية وعرقية. فهل الطائفية في تصاعد؟
الانقسامات الطائفية لازالت بالضبط كما كانت منذ ماقبل الاحتلال الأميركي. التصوّر الذي يقول إن الطائفية آخذة في التصاعد من جديد يقوم على استنتاجات غير دقيقة نشأت بعد انتخابات مجالس المحافظات في العام 2009. ففي هذه الانتخابات، كان أداء حزب المالكي وائتلافه جيداً. وقد صف المالكي ائتلاف دولة القانون الذي يتزعّمه بأنه تحالف غير طائفي، وبالتالي فإن الكثير من الأشخاص، ولاسيما في الولايات المتحدة، قفزوا إلى استنتاج مفاده أننا نشهد انحسار الطائفية.
ينبغي النظر إلى نجاح ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي في انتخابات مجالس المحافظات بوصفه سلسلة من الاتفاقات بين الساسة المحليين والحكومة المركزية. فقد قرّر الساسة المحليون أن يتعلّقوا بالأهداف السامية لرئيس الوزراء بدلاً من أن يقفوا ضدّه، وهذا هو السبب في أن أداء ائتلاف دولة القانون كان جيداً.
إذا نظرتم إلى الأشخاص المنضوين في الائتلافات، فإنه يبدو واضحاً تماما أنها، باستثناء الحركة الوطنية العراقية، غير متوازنة إلى حدّ كبير. فقد حاولت كل الائتلافات (باستثناء الأكراد) جلب الناس من جميع الطوائف، لكن في واقع الأمر، يتم تصنيف اللاعبين الرئيسيين في معظم الائتلافات نتيجة كونهم شيعة أو سنّة أو أكراداً. فهي ليست موثوقة جداً بوصفها ائتلافات غير طائفية. ائتلاف المالكي يضم المالكي نفسه بالإضافة إلى عدد من اللاعبين الصغار نسبياً. وإذا نظرتم إلى حكومته، فإن جميع الأعضاء الكبار غير الشيعة فيها لم ينضموا إليه في ائتلاف دولة القانون.
الطائفية بخير وعافية. هي لم تنبعث من جديد، بل هي استمرار لما كان موجوداً من قبل.
تكمن إحدى مشاكل الطائفية في الانتخابات في أن بعض الجماعات ستستفيد منها، فيما لن تستفيد جماعات أخرى. ربما يستفيد الشيعة من الطائفية لأن من الواضح أن ثمة ائتلافات شيعية في الغالب، وأن الشيعة يُشكِّلون غالبية السكان. سيحصل الشيعة على الكثير من الأصوات، ويكاد يكون من قبيل تحصيل الحاصل أن ائتلافاً شيعياً – سواء كان الائتلاف الوطني العراقي أو ائتلاف دولة القانون - سيتولّى تشكيل الحكومة. لذلك، سيستفيد الشيعة من الطائفية.
(اقرأ المزيد عن التنظيمات الشيعية وإستراتيجيتها الانتخابية)
لسوء الحظ، لن يستفيد السنّة من الطائفية وذلك لسببين. فهم أقلية (يشكّلون على الأرجح نحو 20 في المئة من السكان) وهم غير موحَّدين، كما أنهم منتشرون والخطر هو أن يخرجوا من الانتخابات وهم يشعرون أنهم أكثر إهمالاً بسبب العملية. السنّة يفتقرون إلى الاستفادة من الأرقام والهدف النهائي الذي يُوحِّدهم.
(اقرأ المزيد عن الانقسامات السنية)
يُشكِّل الأكراد مايقرب من النسبة المئوية نفسها من السكان (أي 20 في المئة) (هذه كلها تقديرات لأن لم يتم أجراء تعداد للسكان منذ عقود)، ولكن الأكراد متَّحدون، فهم يتشاجرون في مابينهم، ولكنهم يظهرون جبهةً متماسكةً تجاه بقية العراق. ونتيجة لذلك، ستكون هناك كتلة كردية ستضطلع بدور هام.
(اقرأ المزيد عن التنافس بين الأحزاب الكردية وأهدافها التوحيدية)
يدلّ تحليل التحالفات المختلفة على أن الطائفية بخير وعافية. هي لم تنبعث من جديد، بل هي استمرار لما كان موجوداً من قبل.
مامدى أهمية الانتخابات بالنسبة إلى الديمقراطية في العراق؟
الديمقراطية ليست نتيجةً لحدث واحد، حتى لو جرت عملية التصويت على مايرام (لاتوجد أحداث عنف كبيرة) وما إلى ذلك. لايمكننا أن نتنفّس الصعداء ونقول إن العراق بلد ديمقراطي.
الانتخابات ليست سوى خطوة واحدة من خطوات عديدة وليست أهمها. ولاينبغي لنا بأي حال من الأحوال النظر إلى هذه الانتخابات باعتبارها تتويجاً لعملية - هي بداية جديدة لإعادة تنظيم القوى السياسية في العراق من دون تدخّل الولايات المتحدة. فقد اضطلعت الولايات المتحدة بدور رئيساً بعد انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2005، لكنها لن تلعب دوراً رئيساً في هذه العملية الجديدة التي تبدأ مع الانتخابات.
مامدى استقرار الديمقراطية الناشئة في العراق؟ وهل ستساعد الانتخابات على تعزيز ديمقراطية مستقرّة تعيد البلاد إلى الاضطرابات العرقية؟
السؤال لايتعلّق بمدى استقرار الديمقراطية في العراق، ولكن بمدى استقرار العراق نفسه. ونحن لانعرف مدى استقرار العراق في هذه المرحلة.
في العام 2006، كان العراق مزعزعاً للغاية. كان هناك الكثير من العنف، وكان العراق أساساً أشبه بمبنى يتداعى. بنت الولايات المتحدة سقالةً كي تسند المبنى المنهار بزيادة عديد قوّاتها. الآن تتمّ إزالة السقالة، ونحن لانعرف كيف سيقف البناء بعد إزالتها.
في العام 2006، كان العراق مزعزعاً للغاية. كان هناك الكثير من العنف، وكان العراق أساساً أشبه بمبنى يتداعى.
يبدو أن العراق مستقرّ في هذه المرحلة، ولكن لايزال هناك مايقرب من 100 ألف جندي أميركي في البلاد. وعلى الرغم من سحب القوات من المدن، وأنها أصبحت أقل ظهوراً مما كانت عليه، فإن الجميع يعلمون بأنها لاتزال موجودةً. لذلك يصبح السؤال، ما الذي سيحدث إذا ما استمرّ الانسحاب ؟
يرتبط استقرار الديمقراطية في العراق باستقرار العراق نفسه. وفي حين أن الاستقرار في البلاد لايضمن الديمقراطية، فإن بلداً مزعزعاً يضمن أنه لن تكون هناك ديمقراطية. ويمكن، مع ذلك، أن يكون هناك بلد مستقرّ ليس ديمقراطياً. كان العراق في عهد صدام حسين بلداً مستقرّاً نوعاً ما، ولكنه لم يكن بالتأكيد ديمقراطياً.
إلى أي مدى يُتوقَّع أن تكون الانتخابات ديمقراطية؟ وهل قوّضت ملحمة اجتثاث البعث وحظر الأفراد ورفع الحظر عنهم، بحجة أنهم كانوا ينتمون إلى نظام صدام حسين، شرعية التصويت؟
من الصعب أن نعرف كم ستكون الانتخابات ديمقراطيةً، فهذا كلّه يتوقف على كيفية تعريف المرء للديمقراطية. من المتوقع ألا يكون هناك قدر كبير من العنف أو الترهيب المباشر في يوم الانتخابات. التحدّي الحقيقي للديمقراطية في العراق هو ماحدث قبل بدء التصويت.
المشكلة الرئيسة التي شابت التحضيرات للانتخابات حتى الآن هي القرار الذي اتّخذته لجنة العدالة والمساءلة، وهي هيئة خاصة أُنشِئَت لفحص المرشّحين، واستبعاد أولئك الذين تبيّن أن لديهم ارتباطات سابقة مع حزب البعث الذي بزعامة صدام حسين. حظّرت لجنة حوالى 500 شخص. وتمّ تشكيل لجنة للطعون، وبعد عملية مربكة جداً ونقض عدد من القرارات، أعادت اللجنة 36 فقط من الأشخاص الذين تم حظرهم في الأصل.
لم يكن الوضع المعقَّد وضعاً ديمقراطياً بالتأكيد. فالعملية لم تكن شفافةً وكانت مسيّسةً جداً. رئيس لجنة العدالة المساءلة نفسه مرشّح في الانتخابات. وفي الواقع، ماكان ينبغي أن يحدث ذلك حقاً.
مامن شك في أن ثمة محاولات عديدة لشراء الأصوات. هذا قد لايغيّر من النتائج، لأن الجميع يفعلون ذلك إلى حدّ ما. جميع المرشحين يقدّمون الهدايا، ومعظمها ذات طابع عملي، إلى الأشخاص الذين يحاولون إقناعهم بالتصويت لهم. أحد الأحزاب استورد عدداً كبيراً من الأحذية الرياضية الرخيصة من الصين ووزّعها. كما أن المالكي يوزّع المسدسات على القبائل. ولكن هذا يحدث على نطاق واسع إلى حدّ أنني لست متأكّدة في النهاية من أنه سيغيّر النتائج في الواقع.
ما القضايا الرئيسة في الحملة الانتخابية؟ وما الذي يهمّ الناخبين العراقيين؟
تتوقّع الولايات المتحدة أن تُخاض الانتخابات إلى حد كبير حول قضية الأمن والاستقرار الداخلي في العراق. الناس في واشنطن ظنوا في البداية أن المالكي سيتمتّع بميزة كبرى لأنه من المرجّح أن يدّعي لنفسه الفضل في إعادة الأمن والحدّ من أعمال العنف خلال العامين الماضيين.
في الواقع، تتحدّث الائتلافات عن مجموعة واسعة من القضايا. الانطباع الأول هو الحالة المعهودة للحملة الانتخابية. كل الأحزاب تقدم وعوداً غير واقعية، وتشنّ الحملات اللفظية على المنافسين، وتحاول استخدام الرموز التي لاتنتمي في الواقع إلى فصيل معين. وهذا هو المعادل العراقي لأن يدّعي المرء أنه يخدم وطنه، بينما يخدم في الحقيقة مصالحه.
ثمة موضوع أكثر غرابة هو حقيقة أن جميع الائتلافات تجهر بالقول إن الاحتيال سيشوب الانتخابات. التحذيرات حول الاحتيال تُنذِر بالخطر إلى حدّ ما، مما يوحي بأن من المرجّح أن يحتجّ الناس إذا كانوا غير راضين عن النتائج. وأسوأ سيناريو يمكن أن يحدث بعد ذلك أن تنشب معركة طويلة ستبطئ عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
وإلى جانب أوجه الشبه، تشدّد مختلف الائتلافات على مواضيع متباينة في حملاتها الانتخابية. ولئن كان من المستحيل معرفة ما إذا كان الناخبون سيحدّدون خياراتهم بناءً على الموضوعات أو الشخصيات أو الهويات الطائفية، فما من شك في أن الخلافات بين الائتلافات حقيقية.
(اقرأ المزيد عن الحملة الانتخابية)
ما النتائج المحتمَلة للانتخابات؟ متى سيتمّ الإعلان عن نتائج الانتخابات، وهل تبطئ الانقسامات العميقة بين الفائزين المحتملين عملية تشكيل ائتلاف حاكم؟
لانعرف كم من الوقت ستستغرق عملية فرز الأصوات، لكن لاشك أن الأمر سيستغرق أياماً عدة، ولن يتم الإعلان عن النتائج على الفور.
الأمر المؤكَّد هو أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة ستستغرق وقتاً طويلاً. استغرق الأمر أربعة أشهر في العام 2006 (الانتخابات العراقية السابقة جرت في كانون الأول/ديسمبر 2005) قبل تشكيل الحكومة. ثمة توقعات بأن يكون هناك صراع طويل على نحو مماثل هذه المرة.
ليس من المتوقع أن يفوز أي من الائتلافات بأغلبية الأصوات، وثمة فرصة في ألا يفوز أي من هذه الائتلافات بأغلبية كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة توقع بألا تستمر الائتلافات المتنافسة في الانتخابات بالضرورة بأشكالها الحالية بعد الانتخابات، لكن ستكون هناك عملية جديدة تماماً من تشكيل الائتلافات من شأنها أن تتأثر أيضاً بالرغبة أو الحاجة لتحقيق التوازن بين لوائح مرشّحي الأحزاب، ليكون فيها بعض التمثيل من الشيعة والسنّة والأكراد والأقليات.
مامدى تأثير إيران على السياسة الداخلية في العراق؟
إيران لديها بالتأكيد قلق بالغ واهتمام شديد بما يجري في العراق. إيران تطمح إلى أن تكون البلد الأكثر نفوذاً في المنطقة. وتشكو دول عربية أخرى من الهيمنة الإيرانية، وبالتأكيد فإن إيران لاعب كبير وهي دولة كبيرة في المنطقة.
مامن شك في أن إيران قدّمت بعض التمويل إلى الأحزاب السياسية الشيعية كافة، وبعض الناس ذكروا أن الإيرانيين يموّلون أيضاً الأحزاب السياسية الأخرى. منذ البداية، لم يختَرْ الإيرانيون فائزاً في الانتخابات، وحاولوا تجنّب إعطاء إجابة قاطعة على رهاناتهم بحيث تكون لديهم علاقات جيدة بغض النظر عمَّن يُشكِّل الحكومة.
ليس من الواقعية في شيء الاعتقاد بأن الإيرانيين سيكونون محرّكي دمى خلف الحكومة الجديدة.
وفي الوقت نفسه، ليس من الواقعية في شيء الاعتقاد بأن الإيرانيين سيكونون محرّكي دمى خلف الحكومة الجديدة. هذا الخوف مبالَغ فيه إلى حدّ كبير، وينسى تاريخ العراق.
في الثمانينيات، كان العراق وإيران في حالة حرب واحدهما مع الآخر. لم تكن حرباً بين السنّة في العراق وبين الشيعة في إيران، بل كانت حرباً بين العراقيين وبين الإيرانيين. ونحن نميل إلى انظر حصراً في بعض الأحيان إلى الانقسام بين السنّة والشيعة عندما نتحدّث عن نفوذ إيران. مانحن في حاجة إلى أن ننظر إليه أيضاً، وهو مايُعقِّد المسألة كثيراً، هو الانقسام بين العرب والفرس. ففي حين أن غالبية السكان في العراق هم من الشيعة، إلا أنهم شيعة عرب، وليسوا شيعة فارسيين.
بوصفها لاعباً كبيراً في المنطقة، يتعين مراقبة إيران، ولكني لا أعتقد أن تأثيرها ساحق بالقدر الذي يتم تصوره في بعض الأحيان.
ما دور الولايات المتحدة في الانتخابات؟ وكيف ستؤثر نتائج الانتخابات على سياسة الولايات المتحدة وخطط الانسحاب العسكري؟
لقد تقلّص دور الولايات المتحدة. بين العام 2003 وانتخاب الرئيس أوباما، تدخّلت حكومة الولايات المتحدة في كل جانب من جوانب العملية السياسية والحكم في البلاد. لكن الولايات المتحدة تراجعت خطوةً إلى الوراء في العام الماضي، وهناك تباين أكبر بين واشنطن وبين بغداد.
تدخّلت الولايات المتحدة في عملية الانتخابات كوسيط مرات عدة، جنباً إلى جنب مع الأمم المتحدة، بما في ذلك محاولة المساعدة على إيجاد حلّ وسط في الخلاف على قانون الانتخابات المعمول به حالياً. أثناء أزمة اجتثاث البعث، ذهب نائب الرئيس بايدن إلى العراق للضغط من أجل التوصل إلى حلّ. لكن هذا الدور تضاءل كثيراً بالتأكيد، وبدلاً من التصرّف وحدها، حاولت الولايات المتحدة السماح للأمم المتحدة بأن تضطلع بدور قيادي في المساعدة على تنظيم الانتخابات.
ربما تؤثّر الانتخابات على انسحاب القوات الأميركية. وبموجب الخطة الحالية والظروف الراهنة، ستنسحب كل القوات القتالية الأميركية من العراق بحلول نهاية آب/أغسطس. هذا هو الموعد النهائي الذي فرضته على نفسها، وهو ليس موعداً نهائياً بموجب الاتفاق المبرَم بين الولايات المتحدة والعراق. في الأساس، يمكن أن تُغيِّر الولايات المتحدة الموعد النهائي بمفردها إذا ما ازدادت وتيرة العنف وعدم الاستقرار. وقد وضع الجنرال راي أوديرنو، قائد القوات الأميركية في العراق بالفعل، خطط طوارئ لإبقاء بعض القوات المقاتلة في العراق بعد انتهاء التفويض.
في المدى البعيد، ستحافظ الحكومة العراقية الجديدة على علاقات جيدة مع واشنطن، حيث يعرف العراقيون أن الولايات المتحدة لاعب أساسي في المنطقة.
سيتمّ تحديد عدد القوات التي ستبقى بعد آب/أغسطس من جانب الرئيس أوباما، وإلى حدّ ما، الأمور اللوجستية هي التي ستملي القرار هنا. وبموجب التزامات المعاهدة مع العراق، يجب أن يتم سحب القوات بحلول نهاية العام 2011، على الرغم من أن المدرّبين يمكن أن يبقوا في البلاد بحيث كون هناك بعض المرونة.
بطريقة أو بأخرى، ستكون ثمة حاجة إلى خروج الغالبية العظمى من القوات الأميركية من العراق، والتي يبلغ قوامها حوالي 100 ألف ولاتزال موجودةً في البلاد، بحلول نهاية العام 2011. يجب أن يكون هناك جدول زمني منتظم إلى حدّ ما للانسحاب، وإلا فإن الأمر سيتحوّل إلى هزيمة في النهاية، وهو ما لانريده بوضوح.
من المرجّح أن تعارض الحكومة العراقية الجديدة علناً وجوداً مستمرّاً ومطوّلاً للجيش الأميركي. ولكن في المدى البعيد، ستحافظ على علاقات جيدة مع واشنطن، حيث يعرف العراقيون أن الولايات المتحدة لاعب أساسي في المنطقة.