المصدر: Getty

تونس: التمرّد في المناطق الحدودية الغربية

تختلف طبيعة الصراع الدائر في شمال غرب تونس عن التحديات الأمنية الأخرى التي تعانيها البلاد، لأن هذا الصراع أقرب إلى تمرّد منه إلى حملة إرهابية متمادية.

 مات هربرت
نشرت في ٢٧ أغسطس ٢٠١٨

مقدّمة

منذ اندلاع شرارة الثورة في العام 2011، واجهت تونس مهمّة صعبة تمثّلت في الحفاظ على شعلة الانتقال الديمقراطي متّقدة في خضم رياح التحديات الأمنية المتنامية باطّراد. فقد أسفرت الهجمات الإرهابية العديدة عن مقتل سيّاح أجانب ومدنيين ورجال أمن تونسيين، ناهيك عن أن الصراع الذي تشهده ليبيا المجاورة يطرح خطراً دائماً، وهو واقع تجلّى بأوضح صوره في العام 2016 عندما شنّ مقاتلون في تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على إحدى المدن التونسية الحدودية.

لكن هذه الأحداث الدراماتيكية حجبت إلى حدٍّ بعيد مشهد الصراع المديد والأشدّ عنفاً الذي تدور رحاه في الولايات التونسية الشمالية الغربية، حيث يخوض الجيش التونسي وقوات الحرس الوطني والشرطة منذ سبع سنوات معارك ضارية ضد مجموعتين جهاديّتين هما: كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة جند الخلافة في تونس الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية. وقد أسفر هذا الصراع عن مقتل ما لايقلّ عن 127 متشدّداً و118 جنديّاً وعنصراً في قوات الحرس الوطني وضابط شرطة في شمال غرب البلاد، وإصابة أكثر من 200 عنصر من طاقم الأمن والدفاع. ويشمل هذا الرقم غالبية الخسائر التي تكبّدتها هذه القوات منذ نشوب الثورة.1

تختلف طبيعة الصراع الدائر في شمال غرب تونس عن التحديات الأمنية الأخرى التي تعانيها البلاد، لأن هذا الصراع أقرب إلى تمرّد منه إلى حملة إرهابية متمادية. فالغالبية الساحقة من الهجمات تستهدف قوات الأمن والدفاع، فيما تحافظ المجموعات على وجود دائم على الأرض، وتعمل على حشد الدعم في أوساط السكان المحليين. يُضاف إلى ذلك أن كل مقاتلي المجموعات تقريباً هم تونسيون جرى تجنيدهم من أرجاء البلاد كافة.2

لم تحقّق كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس سوى نجاحٍ محدود في تقويض الدولة التونسية. فالمجموعتان لاتزالان صغيرتين إلى حدٍّ ما، وبالتالي تعوزهما القدرة على الاستيلاء حتى على قرية ريفية صغيرة وإحكام السيطرة عليها، ناهيك عن إخضاع مناطق سكنية أكبر. كذلك، يملك المتشدّدون قاعدة دعم محدودة في الشمال الغربي، وتشكّل الإغراءات المالية، لا الإيديولوجية، الدافع الأكبر لمعظم مناصريهم.3

صحيحٌ أن هذه المجموعات لاتحصد راهناً أي انتصارات، بيد أنها لا تتكبّد أيضاً أي خسائر. فعلى الرغم من الضغوط الحكومية القوية، تمكّنت هذه المجموعات من البقاء والاستمرار، وازداد حجمها أربعة أضعاف ما كان عليه. وبالتالي، باتت قادرة على استغلال التغييرات التي طرأت على الوضع الإقليمي، سواء التقهقر الاقتصادي، أو الانتكاسات التي شهدتها العملية الديمقراطية في تونس، أو الانتقال السياسي المُتنازَع عليه في الجزائر. وتعمل كتيبة عقبة بن نافع تحديداً على نحو وثيق مع فصائل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الجزائر، ويشي هذا الطابع العابر للحدود بأن أي أزمة تشهدها الجزائر أو تونس قد تفاقم التحديات الأمنية في كلا البلدين معاً.

نظراً إلى قدرة المجموعات المتشدّدة في الشمال الغربي على الصمود والاستمرار، يتعيّن على الحكومة التونسية والشركاء الدوليين إعادة تقييم مقاربتهم الاستراتيجية للصراع. فلا الحلول الأمنية التقنية السريعة كافية للتصدّي إلى التهديدات، ولايكفي كذلك انتهاج مقاربة تركّز حصراً على القضاء على المتشدّدين. بل إن كسر شوكة التمرّد الدائر في الشمال الغربي يقتضي وضع رؤية استراتيجية لمعالجة الظروف التي سمحت لكلٍّ من كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس بالازدهار، وإلا فستبقى هاتان المجموعتان حيّتَين تُرزقان على الأرجح، وستواصلان تهديد استقرار البلاد.

تهميش اقتصادي وإحباط اجتماعي

يفيد المتشدّدون من معطيات رئيسة عدّة في تونس لبناء قوّتهم، يُعتبر أخطرها على الإطلاق التدهور المستمرّ للوضع الاقتصادي، ولاسيما في الشمال الغربي.

تقع ولايتا القصرين والكاف في قلب دائرة التحدي الذي تطرحه كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، فيما تشهد ولايات جندوبة وسيدي بوزيد وقفصة اشتباكات متفرّقة (انظر الشكل 1). وتجدر الإشارة إلى أن حوالى 1.8 مليون تونسي يقطنون في هذه الولايات الخمس.

يعاني سكان هذه الولايات من ندرة الفرص الاجتماعية-الاقتصادية، ومن نقص في الخدمات التعليمية والرعاية الصحية، في ظل ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل،4 والمشاكل الحادّة الناجمة عن استفحال البطالة والبطالة المقنّعة في صفوف الشباب.

تُعدّ مظاهر اللامساواة هذه من عوارض التهميش الذي تعانيه هذه الجهة منذ أمد بعيد. فقبل الاستقلال، كانت تونس العاصمة تفرض عليها سيطرة واهنة وحسب، وهي شهدت مراراً وتكراراً موجات تمرّد عنيفة. وبُعيد الاستقلال، عمد الرئيسان التونسيان المتعاقبَان الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي إلى مأسسة التهميش الاقتصادي والسياسي الذي يعانيه الشمال الغربي وسائر المناطق الداخلية في تونس، وذلك من خلال تركيز الثقل الاقتصادي والسياسي في الولايات الساحلية. لذا، يسود اعتقاد راسخ في الداخل التونسي بأن الموارد الطبيعية التي تزخر بها هذه الجهة تُنتزع من أيدي سكّانها لتصبّ في مصلحة جهات أخرى، مايؤدّي إلى إحباط المواطنين لأنهم لايتلقّون سوى النزر اليسير من الخدمات الحكومية والمكاسب الاقتصادية.5

لم يبقَ مواطنو الشمال الغربي مكتوفي الأيدي في وجه نُدرة الفرص الاقتصادية والنفوذ السياسي المحدود في تونس العاصمة، بل نزلوا إلى الشارع للاحتجاج مراراً وتكراراً. فمنذ الاستقلال، كان الداخل نقطة انطلاق ثلاث من أصل أربع حركات احتجاجية وطنية شهدتها تونس، إما في الولايات الشمالية الغربية أو تلك الواقعة مباشرةً في جنوب البلاد وشرقها.6 ولعلّ المثال الأشهر على ذلك يتجلّى في ثورة العام 2011 التي أطاحت ببن علي، ولقي خلالها عشرات المتظاهرين في القصرين مصرعهم على أيدي قوات الشرطة.

غداة الإطاحة ببن علي، لاح تفاؤل كبير في أفق الشمال الغربي المهمَّش بأن الحياة اليومية قد تتحسّن، بيد أن هذا الأمل سُرعان ما خاب في السنوات السبع الأخيرة ليحلّ محلّه شعورٌ بالسأم والإحباط.7 فالحكومات المتعاقبة لم تبذل جهداً يُذكر لتحسين الوضع الاقتصادي في الجهات الشمالية الغربية أو لمعالجة المشاكل الاجتماعية-الاقتصادية التي تؤرقه. بل ثمة شعور في أوساط الشباب بأن عزلة هذه الجهة زادت بدلاً من أن تخفّ، وهم يعتقدون كذلك أن الأحزاب السياسية خانتهم. وقد حذّر مسؤول في منظمة غير حكومية قائلاً إن الدولة يجب أن تتّخذ الخطوات اللازمة لمنع تفاقم حالة القنوط واليأس المُستشرية.8

نتيجةً للأزمة الاقتصادية المتنامية التي تعانيها البلاد، وإجراءات التقشّف التي اعتمدتها الحكومة لمواجهتها، رأى العديد من الشباب التونسيين أن ما من خيارات جيّدة مُتاحة أمامهم. فانضمّ بعضهم إلى ركب المظاهرات، من بينها تلك التي عمّت شوارع القصرين والكاف في كانون الثاني/يناير 2018 وتخلّلتها إضرابات واشتباكات مع الشرطة. وقد أقدم متظاهرون على حرق مركز الشرطة في إحدى بلدات ولاية القصرين القريبة من الحدود مع الجزائر.

أما البعض الآخر منهم فقد أبحر على متن قوارب المهاجرين، إذ التحق الكثير من الشبّان والشابّات القاطنين في الشمال الغربي بركب الهجرة غير الشرعية الأوسع نطاقاً التي تحمل التونسيين خلسةً إلى سواحل أوروبا. وهكذا، بين كانون الثاني/يناير 2017 وأيار/مايو 2018، ضبطت السلطات الإيطالية والتونسية أكثر من 15 ألف مهاجر تونسي غير شرعي، وهذا أعلى معدّل سُجِّل منذ الأشهر الأولى التي أعقبت الثورة التي أطاحت ببن علي.9

التشدّد بين الاستقلال والثورة

حدت التظلّمات والعوز الاقتصادي بعدد أقل من التونسيين على التوجّه إلى المناطق الجبلية في شمال غرب البلاد، حيث تنشط وحدات كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، ليصبحوا إما مجنّدين في هاتين المجموعتين أو مناصرين لهما. لكن لابدّ من الانتظار لمعرفة إلى أي مدى ستؤثّر إجراءات التقشّف المتزايدة على هذا الدفق، وما إذا سيؤدّي تطبيقها المطّرد إلى الحدّ من الهجرة غير المنتظمة. لكن، ما لم يحدث انفراج في الوضع الاقتصادي، ثمة خطر واضح بأن يتنامى الانخراط المحلّي مع كتيبة عقبة بن نافع وجند الخليفة في تونس. فقد حذّر مسؤول قضائي تونسي من أن "هؤلاء الناس هم الأفقر في تونس، إلا أنهم لايلقون منذ سنوات سوى الإهمال والتجاهل من قِبل الحكومة. لذا، يشعر بعضهم بأن الإرهاب هو الوسيلة الوحيدة لمحاربة الحكومة".10

على الرغم من التهميش الاقتصادي والسياسي المتواصل لشمال غرب تونس، كانت المخاطر المُحدقة بالأمن الداخلي في المنطقة نادرة قبل الثورة. فمعظمها كان عبارة عن هجمات عبر الحدود على النقاط الحدودية التونسية، وعلى الدوريات الأمنية، وطالت مرّة واحدة مدينة قفصة. ولم تُبذَل سوى محاولة جدّية واحدة لترسيخ وجود المتمرّدين في تونس. ففي العام 2006، أوفدت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية وحدة صغيرة إلى القصرين وإلى أطراف العاصمة. وعلى الرغم من قيام هذه الوحدة بتجنيد سريع لنحو ثلاثين عضواً، فشلت في بناء قدرة عسكرية كبيرة أو حشد الدعم المحلي، وتمّ التخلّص منها بسرعة عند اكتشافها. ويبدو أن هذا الوضع أقنع قادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالتوسّع في أماكن أخرى، مايعزّز وجهة نظر محلية تقول إن قدرات جهاز الأمن التونسي جعلت تنفيذ عمليات في البلاد أمراً صعباً للغاية.

بعد ثورة العام 2011، تغيّرت التصوّرات المحلية والجهوية للقدرات الأمنية التونسية، على ضوء الضعف الذي أصاب قوات الأمن في جميع أنحاء البلاد. ففي الأراضي الحدودية مثلاً، اختفت فجأةً شبكات الاستخبارات التي كانت تترصّد أي تسلّل للمتشدّدين، وكُشفت هوية المُخبرين وتعرّضوا إلى تهديدات، في حين كانت هذه الوحدات تشهد تغييرات في صفوفها، ما أعاق فعاليتها. وفي تونس العاصمة، قامت وزارة الداخلية بحلّ إدارة أمن الدولة التي كانت تشرف على عملية جمع المعلومات الاستراتيجية على الحدود. وبسبب التقسيم الذي أجرته وزارة الداخلية، لم يكن لدى الإدارات الأخرى سوى فهم محدود لاستراتيجية جمع المعلومات، وعجزت عن المحافظة عليها.11 وفي خضم حالة الفوضى هذه، فقدت قوات الأمن التونسية قدرتها على مراقبة ما كان يحدث في الشمال الغربي ورصده. فما كان من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلا أن انطلق لاغتنام الفرصة السانحة أمامه.

متشدّدو القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يعزّزون قدراتهم في العامَين 2011 و2012

انطلقت عمليات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في تونس بعد أشهر من اندلاع الثورة، ووقعت المواجهة الأولى مع القوات التونسية في أيار/مايو 2011 في ولاية سليانة، على مقربة من الحدود مع القصرين. في البداية، تمّ غضّ الطرف عن الحادثة باعتبارها معزولة، لكنها لم تكن كذلك، بل كانت جزءاً من جهود القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الرامية إلى بسط وجود دائم على جبل الشعانبي، وهو سلسلة جبلية تمتدّ من الحدود الجزائرية إلى مدينة القصرين. وقد ساعدت التضاريس الجبلية الوعرة المقاتلين على التواري عن أنظار الحكومة، ووفّرت لهم غطاءً وازناً ضد أي هجوم.12

في بادئ الأمر، تجنّبت المجموعة إلى حدّ كبير خوض مواجهات مع قوات الأمن التونسية، فلم تشنّ سوى ثلاث هجمات خلال عامين. وبدلاً من ذلك، ركّز متشدّدو التنظيم القلائل الذين وصلوا من الجزائر على تجنيد العناصر في القرى والبلدات الواقعة في المنطقة الحدودية، مركّزين على الإيديولوجيا ومستفيدين من الإحباط الاقتصادي والتظلّمات.13 وهنا، لعبت الإغراءات المالية دوراً بارزاً. فقد شرح أحد أعضاء منظمة غير حكومية في القصرين كيف أن متشدّدَيْن من بلدته انضمّا إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لأنه "أعطاهما مالاً". كما قام المتشدّدون بعمليات تجنيد في المناطق الساحلية، ما جذب كوادر أكثر التزاماً من الناحية الإيديولوجية، كان من بينهم متشدّدون من جماعة أنصار الشريعة، وهي جماعة سلفية محلية صنّفتها الحكومة التونسية في خانة المنظمات الإرهابية في آب/أغسطس 2013.

عمد التنظيم في سبيل تجهيز المجنّدين بالعتاد، إلى شراء ترسانة من بنادق كلاشنكوف وشتاير، ورشاشات آلية، وبنادق قنص، وقذائف صاروخية.14 وبات نهجه المتمثّل في الاستحواذ على الأسلحة الأنموذج الرئيس الذي طبّقه المتشدّدون في الشمال الغربي لاحقاً. وقد تمّ الحصول على بعض الأسلحة من شبكات قديمة لتهريب الأسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تمرّ عبر شرق الجزائر. أما الأسلحة الأخرى – وبصورة أساسية بنادق شتاير- فقد تمّ الاستحواذ عليها من القوّات التونسية.15 وقد جرى أيضاً شراء الأسلحة من السوق العابرة للحدود على شكل أسلحة صيد وذخيرة، بعضها مستورد وبعضها الآخر أنتجه صنّاع أسلحة في الجزائر وتونس.16

أخيراً، قام تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بحشد مؤيدين محليين قادرين على إيصال الإمدادات ومراقبة قوات الأمن. في هذا المجال أيضاً، يُعتبر النهج الذي ابتكره التنظيم النموذج المستخدم راهناً. أما العوامل الدافعة بالنسبة إلى بعض المؤيدين فكانت الإيديولوجيا أو الروابط العائلية، لكن معظمهم مدّوا يد العون لأن المتشدّدين اشتروا دعمهم.17 وبسبب الخيارات الاقتصادية المحدودة في المنطقة، أعرب العديد من الأفراد عن استعدادهم للمخاطرة بالتعرّض إلى التوقيف من أجل بيع السلع أو توفير الخدمات إلى الجماعات المتشدّدة مقابل أسعار مضخمة إلى حدّ كبير.18 وقد موّل التنظيم هذه النفقات وغيرها من خلال مساهمات المؤيدين في الخارج، وأيضاً من خلال فرض الضرائب وحماية المهرّبين وتجّار المخدرات المحليين.19

بحلول أواخر العام 2012، كانت الوحدة التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في جبل الشعانبي قد غيّرت اسمها إلى كتيبة عقبة بن نافع، وأسّست قاعدة دعم محلية، وازداد عدد أعضائها ليصل إلى أربعين مقاتلاً. وشرح أحد المسؤولين المتقاعدين قائلاً: "عندما أدركنا وجود خطر حقيقي، كان الأوان قد فات، إذ كان المتشدّدون قد استقرّوا في الجبل".20

هجمات كتيبة عقبة بن نافع

باتت كتيبة عقبة بن نافع أقوى وأكثر نشاطاً أكثر على صعيد العمليات في أوائل العام 2013. وربما يعود سبب ذلك إلى تسنّم موسى أبو داوود، أحد أهم قياديي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، دفّة القيادة. وهو أحكم سيطرته على الوحدات في تونس، وعلى وحدة قوية تتألف من 150 إلى 200 عنصر وتتمركز في أجزاء متجاورة من شرق الجزائر في شباط/فبراير 2013.21

في العامين 2013 و2014، شنّ المتشدّدون هجوماً على مراكز عسكرية وأمنية وثكنات في تونس، فنفذّوا عمليات في بلدات ومدن عدة، ووسّعوا نطاق عملياتهم شمالاً وشرقاً. وفي ولاية جندوبة، نصَبَ المتشدّدون حاجزاً مزيّفاً على الطريق، وهو تكتيك معروف في الصراع الجزائري، ما أسفر عن مقتل حارسين. وفي الكاف والقصرين، أقدم متشدّدون على اختطاف واغتيال وقطع رؤوس عناصر من قوات الأمن. وفي حين كانت معظم الهجمات تفتقد إلى الحنكة في التخطيط، ضمّت بعض الكمائن المعقّدة أعداداً كبيرة من المقاتلين.22 وقد وصل بهم المطاف إلى القيام حتى بمداهمة منزل وزير الداخلية في مدينة القصرين، ما أدّى إلى مقتل أربعة حرّاس.

في أيار/مايو 2013، أدّت عبوة ناسفة يدوية الصنع إلى جرح عريفين من الجيش في جبل الشعانبي. وتسببت هذه الحادثة بوقوع الإصابات الأولى، في ما بات يُعدّ أكثر التهديدات تواتراً وفتكاً في غرب تونس. وبين 2013 و2017، تمّ الإبلاغ عن 39 هجوماً بالعبوات الناسفة على الأقل في القصرين والكاف وجندوبة، ما أسفر عن مقتل أو إصابة أكثر من 100 جندي وحارس.23

تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه العبوات الناسفة بدائية نسبياً، إذ تُصنّع باستخدام زجاجات بلاستيكية أو حاويات مملوءة بنِترات الأمونيوم، أو مادة تي أن تي، أو أي نوع آخر من المتفجرات، وموصولة بصفائح ضغط أو هواتف.24 وتكون معظم هذه العبوات عبارة عن ألغام صغيرة الحجم مضادّة للأفراد، على الرغم من أن المتشدّدين يمتلكون أيضاً أجهزة أكبر لاستهداف الآليات.25 وغالباً ما يتم العثور على موّاد أساسية تدخل في تركيبة العبوات الناسفة في معسكرات المتشدّدين التي تتمّ السيطرة عليها، الأمر الذي يشير إلى أن معظم عمليات الإنتاج تُنفَذ محلياً. بيد أن العدد الكبير من هذه الموّاد الأساسية للعبوات الناسفة والأجهزة التي لم يتمّ الكشف عنها في الجزائر يطرح إمكانية أن يكون بعضها مُهرّباً عبر الحدود.

على صعيد آخر، دفعت هجمات كتيبة عقبة بن نافع الحكومة إلى التحرّك، فكُلّف الجيش بالتصدّي لتحدّي التمرّد وإقامة منطقة عسكرية مغلقة حول جبل الشعانبي. كذلك، نُشر عناصر من الجيش التونسي في نقاط تفتيش أو سُيّرت قوات متنقلة حول محيط الجبل.26 وبهدف عزل المنطقة بشكل أكبر، يعمل حرّاس ضمن فرق خلف خطوط الجيش. أما في داخل المنطقة العسكرية،

فيُجري الجيش دوريات وعمليات تمشيط منتظمة. وقد أدّت هذه العمليات، في بعض الأحيان، إلى اكتشاف معسكرات للمتشدّدين وهدمها، أو اندلاع اشتباكات مع المجموعات المتشدّدة.27 لكن المفارقة هنا أن هذه العمليات الكاسحة أدّت بشكل رئيس إلى ارتفاع عدد الضحايا والإصابات الناجمة عن العبوات الناسفة.

بدلاً من احتواء كتيبة عقبة بن نافع، دفعت الضغوط الحكومية التنظيم إلى توسيع عملياته إلى ستة جبال مجاورة في القصرين، وإلى أحد جبال الكاف (انظر الشكل 2). وقد أفادت الكتيبة استراتيجياً من وجودها على مقربة من الحدود، ولاذت في بعض الأحيان بالفرار إلى الجزائر عندما كانت الحكومة تكثّف حملات التمشيط.

لكن حتى في خضم توسّعها، أصيبت كتيبة عقبة بن نافع بالتصدّع. ففي العام 2014، انشقّت عنها إحدى الوحدات، وأعلنت الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية، وأطلقت على نفسها اسم جند الخلافة.28 وقد انشق مقاتلون آخرون عن الكتيبة تباعاً والتحقوا بجند الخلافة في تونس، فتوسّع هذا التنظيم سريعاً وحلّ مكان كتيبة عقبة بن نافع في ثلاثة جبال. وفي ثلاثة جبال أخرى، تعايشت المجموعتان بصعوبة، ولم تحتفظ كتيبة عقبة بن نافع بالسيطرة الكاملة إلا على جبل الشعانبي وجبل ورغة في الكاف.

صعود جند الخلافة في تونس في خضم اضطرابات واسعة

في العام 2015، ظهرت جماعة جند الخلافة في تونس، ورفعَت منسوب القتال في الشمال الغربي. وقد حافظت على مقاربة استراتيجية شبيهة بمقاربة كتيبة عقبة بن نافع، واستهدفت في شكل أساسي قوات الأمن والدفاع.29 لكن، كان هناك تباينٌ بين المجموعتين في استخدام العنف ضد المدنيين.

فقد تجنّبت كتيبة عقبة بن نافع شن هجمات على المدنيين، في إطار مقاربة استراتيجية تهدف إلى بناء قاعدة من الدعم.30 وهكذا، كانت الإصابات في صفوف المدنيين، بين العامَين 2011 و2015، عرَضية وغير مقصودة عادةً – إذ أُصيب بعضهم خلال عمليات تبادل إطلاق النار أو انفجار عبوات ناسفة.

على النقيض من ذلك، تعمّدت جماعة جند الخلافة في تونس استهداف المدنيين وقتلهم بهدف ترهيب السكان المحليين. كان المثال الأول على ذلك في العام 2015، عندما أقدمت هذه الجماعة على خطف راعٍ مراهق، واتّهامه بالتجسس، وقطع رأسه. وعلى الرغم من موجة الغضب العارمة التي أثارتها هذه الحادثة على المستوى الوطني، بعدما صُوِّرت على شريط فيديو ونُشِرت على الملأ، أقدمت الجماعة أيضاً على خطف شقيق الراعي الأكبر وقطع رأسه في العام 2017.

وقد حقّقت هاتان الحادثتان، إلى جانب اغتيال جندي في منزله، التأثير المرجو. فالخوف من التعرض إلى الثأر على أيدي المتشدّدين ألقى بكلكله على استعداد المدنيين لتشارُك المعلومات والتعاون مع قوات الأمن.31

ثم جاءت الأحداث في تونس العاصمة والساحل لتحجب إلى حد كبير أعمال العنف المستمرة في الشمال الغربي، وصعود جند الخلافة في تونس. ففي العام 2015، أسفرت هجمات إرهابية في تونس العاصمة وفي مدينة سوسة، عن مقتل أربعة وسبعين شخصاً، معظمهم سيّاح أجانب أو عناصر من الحرس الرئاسي.

على إثر هذه الهجمات، أعلن الرئيس الباجي قائد السبسي أن البلاد "في حالة حرب". وفرضت الحكومة حالة الطوارئ التي منحت قوات الأمن والدفاع سلطة أوسع نطاقاً. وعاد عدد من المديرين العامّين والقادة العسكريين الذين كانوا قد أقيلوا من مناصبهم في وزارة الداخلية بعد الثورة، إلى الخدمة.32

تكثّفت الحملة الأمنية، ما أسفر عن ارتفاع عدد الضحايا والإصابات في صفوف كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس في العام 2015 (انظر الشكل 3). وترافق ذلك مع تراجع أعداد الضحايا والإصابات في صفوف القوات الحكومية، بعدما كانت قد بلغت الذروة في العام 2014، وكان ذلك مؤشراً عن أن قوات الأمن والدفاع تعلّمت أساليب القتال والصمود في وجه المتمرّدين (انظر الشكل 4).

هذا وقد عرفت قوات الأمن التونسية تحسّناً على مستويات أخرى أيضاً. ففي خطوة أقل وضوحاً للعيان، إنما ترتدي القدر نفسه من الأهمية، عالجت الحكومة التنسيق السيئ بين الجيش وبين الحرس الوطني وقوات الشرطة.

في عهد الرئيس السابق بن علي، كانت هذه الثغرة في التنسيق متعمّدة من أجل تقليص احتمالات الانقلاب إلى الحد الأدنى. إنما تبيّن أنها غير ملائمة، إلى درجة خطيرة، لمواجهة تحدّي الإرهاب والتمرّد بعد الثورة.

بغية تصحيح الأوضاع، طوّرت الحكومات هيكليات جديدة للتنسيق والاستخبارات، منها إنشاء مجلس الأمن القومي، واللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، والمركز الوطني للاستخبارات. وعلى المستوى التكتيكي، عمدت قوات الأمن إلى زيادة التنسيق الاستخباري، وشكّلت وحدات تدخّل مشتركة ونفّذت مداهمات مشتركة.33

حققت هذه الجهود بعض النتائج الإيجابية، وبنت زخماً لتوطيد الروابط بين القوات المختلفة. غير أن العمل لايزال جارياً لتطوير التنسيق بين الوحدات في تونس، ودونه عقبات تتمثّل في الخصومات المؤسسية والنفور البيروقراطي المتجذّر من التغيير.

في الشمال الغربي، أظهرت الغارات القدرات التكتيكية المتنامية لقوات مكافحة الإرهاب التونسية، وسلّطت دقّتها الاستهدافية وفعاليتها الضوء على القفزة التي حققتها القدرات الاستخبارية في البلاد. لقد أنشأت الحكومة مزيداً من المناطق العسكرية المُغلقة، بما في ذلك في جميع الجبال حيث كانت تتواجد كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في القصرين والكاف، ونشرت عدداً إضافياً من العسكريين.34 وقد عزّزت الحكومة هذه المبادرات من خلال زيادة عمليات مكافحة الإرهاب بدفعٍ من المعلومات الاستخبارية. فالجيش والحرس الوطني ووحدات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة، والتي تعمل أحياناً بالتعاون في ما بينها، استهدفت مراراً وتكراراً قادة وعناصر كباراً منتمين إلى كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، الأمر الذي ترتّبت عنه عواقب وخيمة على القيادة والتحكم في هذين التنظيمَين.35 وأدّى القضاء على العديد من هؤلاء القادة، في شكل خاص، إلى تشرذم كتيبة عقبة بن نافع إلى العديد من الوحدات التي تجمع بينها روابط فضفاضة.

الاحتواء والإغارة منذ العام 2016

عمدت الحكومة إلى تحسين استراتيجيتها لمواجهة كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، وكذلك قدرتها على الرد. فقد تعلّمت قوات الأمن، ولاسيما وحدات النخبة، كيف تشنّ حملة شديدة الحرَكية ومركَّزة على العدو. وساهمت هذه النجاحات في احتواء كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس إلى حد كبير في العامَين الماضيين.

لقد عطّلت الحكومة، من خلال الاحتواء وشنّ غارات لمكافحة الإرهاب، قدرة كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس على العمل خارج قواعدهما الجبلية.36 فسُجِّل تراجع شديد في عدد الاشتباكات.

يمكن أن يُعزى هذا الهدوء في العمليات العسكرية، جزئياً، إلى السياسات الحكومية الناجحة.37 لكن غالب الظن أن المجموعتين سَعَتا أيضاً إلى الحد من الاشتباكات، من أجل إعادة بناء عديدهما بعد خسارتهما ما لايقل عن خمسة وتسعين مقاتلاً في غارات 2013-2015.38

بحلول مطلع العام 2018، أفضت الجهود التي بذلها المتشدّدون لإعادة بناء عديدهم، إلى زيادة عدد مقاتلي كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، إلى ما بين 175 و185 مقاتلاً.39 غالبية هؤلاء المقاتلين من الجنسية التونسية، مع العلم أن البعض يتحدّرون من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، ويجري تجنيد القسم الأكبر منهم وتدريبه في تونس. لكن فيما يدخل النزاع في سورية مراحله النهائية، بدأ التونسيون الذين يقاتلون هناك بالعودة إلى ديارهم. وفي أواخر العام 2017، انتقل نحو اثنَي عشر مقاتلاً، وفق ما أُفيد، من سورية إلى ليبيا، قبل أن يتوجّهوا إلى الحدود التونسية-الجزائرية. ونظراً إلى ميل المقاتلين التونسيين إلى الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية وليبيا، وليس بتنظيم القاعدة، من المتوقَّع أن تكون جماعة جند الخلافة في تونس المستفيد الأساسي من المقاتلين العائدين.

يتحرّك المقاتلون في ثمانية جبال ضمن مجموعات صغيرة مؤلّفة من حوالي اثنَي عشر إلى أربعة وعشرين عنصراً.40 وتعمل الوحدات في إطارٍ من الاستقلال الذاتي، ونادراً ما تلتقي معاً لشنّ عمليات مشتركة. المجموعتان المتشدّدتان هما من الحجم نفسه تقريباً، مع العلم بأن الانشقاقات المستمرة في كتيبة عقبة بن نافع والتجنيد المتزايد في صفوف جند الخلافة في تونس يؤشّران إلى أن هذه الأخيرة ستصبح قريباً الأكبر حجماً بين المجموعات في الشمال الغربي.

لكن على الرغم من هذا النمو، ساهم الاحتواء الاستراتيجي لكلٍّ من كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس في إفشال جهودهما الرامية إلى استقطاب دعم شعبي واسع النطاق في الشمال الغربي. يبدو أن هاتين المجموعتَين اللتين تكتفيان بالنزر اليسير من الرسائل العلنية أو سواها من الجهود الأخرى الظاهرة للعيان، تُعلّقان آمالهما حصراً على تحقيق نصر عسكري غير مُحتمَل.

بيد أن النشاط العملاتي للمجموعتين مستمر في التراجع. فمعظم الاشتباكات مع قوات الأمن، عند حدوثها، هي عبارة عن تفجير عبوات ناسفة تستهدف دوريات تابعة للحكومة. وفي حالات أقل، نصبَ المتشدّدون كمائن معقّدة للدوريات، وهاجموا ثكنات تابعة لأمن الحدود، ونفّذوا هجمات موجّهة ضد آليات تنقل سجناء واستخدموا – في خطوة تشكّل سابقة في شمال غرب تونس – أحزمة ناسفة عند مواجهتهم خطر الاعتقال.41

يُعزى انحسار عمليات المتشدّدين إلى الصعوبات اللوجستية من جملة أمور أخرى. لقد جرى، بين العامَين 2016 و2018، توقيف أكثر من مئة شخص من أنصار المتشدّدين، ولاسيما في القصرين أو الكاف، ماعطّل قدرات المتشدّدين على الوصول إلى الطعام والمعدّات.42 وقد أثار الحرمان المتزايد اشتباكاً واحداً منخفض الوتيرة، على الأقل، بين كتيبة عقبة بن نافع وبين جند الخلافة في تونس، ودفعَ بالمتشدّدين إلى الإغارة على المتاجر والمنازل لمصادرة الإمدادات عنوةً.43

مع ذلك، يزداد التصدي لكتيبة عقبة بن نافع صعوبةً في بعض النواحي. ففيما تواجه الكتيبة تحديات في غرب تونس، تصبح أكثر تداخلاً مع المشروع الأكبر لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. لقد خسر هذا الأخير أراضٍ في معقله التقليدي في الشمال الأوسط في الجزائر، وانتقل إلى مناطق واقعة شرق الجزائر على مقربة من الحدود التونسية. وازداد عدد الاشتباكات في الجانب الجزائري من الحدود، والتي شملت أيضاً ارتفاعاً ضئيلاً في الهجمات بالعبوات الناسفة (انظر الشكل 5). وتتحوّل المنطقة الواقعة بين القصرين والكاف والولايات الجزائرية، تبسة والوادي وخنشلة، بصورة مطّردة، إلى ساحة معركة واحدة فعلياً. وتتحرّك كتيبة عقبة بن نافع ومجموعة الفتح المبين التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمتمركزة شرق الجزائر، ذهاباً وإياباً عبر الحدود هرباً من الضغوط الحكومية، ولتشاطر المهارات والإمدادات، وشنّ الغارات.44 تساهم هذه الروابط في تعزيز صمود وحدات المتشدّدين على طرفَي الحدود، وتتسبّب بتعقيد الجهود المنفردة التي تبذلها كلٌّ من الجزائر وتونس لمواجهة التهديد.

هذه الطبيعة العابرة للحدود التي يكتسبها التشدّد بصورة مطّردة، تزيد من أهمية التنسيق وتشارُك المعلومات بفعالية بين القوات الجزائرية والتونسية. فالتعاون الأمني بين الحكومتَين، والذي كان قد بلغ مستوى متدنّياً في أعقاب الثورة، شهِدَ تحسّناً كبيراً جراء التغييرات في الحكومة التونسية، والهجمات المتزايدة التي تشنّها كتيبة عقبة بن نافع، والعنف المتنامي في المناطق الحدودية الجزائرية.45 وتتحوّل الاجتماعات بين القادة العسكريين رفيعي المستوى والتدريبات المشتركة إلى ممارسة روتينية بصورة مطّردة، فيما يعقد الضباط المتمركزون عند الحدود اجتماعات منتظمة، ويتبادلون المعلومات عن التهديدات، ويناقشون العمليات المزمع تنفيذها.46 لقد كان لهذه الجهود وقعها، لكنها لم تعالج بعد المشكلة معالجة كاملة.

تحديات وتوصيات

في حين أن كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس لا تحققان الانتصارات، إلا أنهما تنجحان في الصمود – وثمّة وسائل كثيرة تتيح لهما الاستفادة من الديناميكيات في تونس بما يصبّ في مصلحتهما.

لقد بذلت القوات الحكومية جهوداً كبيرة للقضاء على المجموعتَين، لكنها عجزت عن تحقيق ذلك، لا بل تضاعفت أعداد المتشدّدين أربع مرات منذ العام 2012. وثمة خطر بأن تزداد أعدادهم أكثر، بدفعٍ من انضمام المقاتلين التونسيين المتمرّسين العائدين من سورية، والشباب التونسيين الذين كانوا توجّهوا، لولا ذلك، إلى الخارج للقتال. وقد تساهم عودة المقاتلين في تعزيز القدرات العملاتية للمتشدّدين.

ستفيد كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة كذلك من الوضع الاقتصادي المتدهور في تونس. فأمام النزر القليل من الخيارات الاقتصادية الجيّدة، رفعت الحكومة في أوائل العام 2018 الضرائب وسمحت بزيادة الأسعار على مجموعة من المنتجات، بما في ذلك سلع أساسية مثل الخبز والوقود.ويتمّ دفع العديد من عائلات الطبقتَيْن الوسطى والدنيا إلى حافة الهاوية الاقتصادية، فيما تستمرّ المظاهرات، التي انفجرت بشكل كبير في شهر كانون الثاني/يناير العام 2018، على نحو متقطّع في جميع أنحاء البلاد. يتيح هذا الوضع الفرص أمام المتشدّدين لتجنيد المزيد من المقاتلين والمناصرين، من خلال الضرب على وتر التظلّمات المتزايدة أو الاستفادة من حاجة العديد من السكان إلى فرص لكسب الرزق. ومثل هذه المخاطر ستتفاقم إذا ما ضغطت الدول الأوروبية على تونس للحدّ من الهجرة غير المنتظمة، الأمر الذي سيُصعّد التوترات الاجتماعية والتظلّمات.

تُمثّل الإحباطات الشعبية من العمليات السياسية في تونس والجهود المبذولة لتحقيق لامركزية السلطة فرصة أخرى للمتشدّدين. إذ إن عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الوفاء بالوعود السياسية أو تحسين نوعية حياة معظم التونسيين أدّيا إلى تغذية التشاؤم المتزايد بشأن السياسيين والأحزاب السياسية، وظهر هذا الاستياء جلياً في انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية في أيار/مايو العام 2018. يبرز هنا خطر كبير من تفاقم خيبات الأمل لدى المواطنين، خصوصاً إذا كانت المجالس البلدية المنتخبة حديثاً غير قادرة على تلبية الاحتياجات والمخاوف والتوقعات المحلية على نحو سريع أو كافٍ. وقد يمثّل هذا مدخلاً خطيراً لتجنيد المتشدّدين وحشد شبكات الدعم، ولاسيّما في المناطق المهمّشة تاريخياً مثل القصرين وجندوبة.

على المستوى الإقليمي، هناك أيضاً دافع لمراقبة التوجّهات في الجزائر عن كثب. فمحاولات تونس لاحتواء كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، تفيد من جهود الجزائر الشرسة لمكافحة الإرهاب وضمان الأمن الحدودي. لكن الجزائر تُواجه تحدّياتها الخاصة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية الآخذة في الاستفحال وتزايد التوتّرات الاجتماعية. وستمرّ البلاد حتماً في مرحلة انتقالية على مستوى القيادة في السنوات المقبلة؛ ومن غير الواضح ما تأثير ذلك على الأمن على نطاق واسع، وتحديداً على الحدود التونسية. ونظراً إلى أنشطة كتيبة عقبة بن نافع عبر الحدود، فإنّ أي تحوّل في مستوى السيطرة على الجانب الجزائري منها سيؤدّي إلى تأثيرات أمنية كبيرة في تونس.

بسبب هذه المخاطر، يتوجّب عدم النظر إلى اللحظة الراهنة كانتصار على المتشدّدين، بل كاستراحة متزعزعة. ويتعيّن على الحكومة العمل على مواجهة التحدّيات الاقتصادية والسياسية الحالية من أجل تقويض التشدّد المتزايد، وعلى قوات الأمن والدفاع العمل على تدارك التحدّيات الداخلية الكبيرة التي لاتزال تواجهها.

في الميدان، ثمة حاجة إلى مزيد من الأفراد لتأمين المناطق المغلقة في القصرين والكاف. فالقوات المنتشرة قليلة نسبياً مقارنة بحجم الجهة المُكلّفة بمراقبتها، مايتطلّب أن تكون الدوريات متباعدة نسبياً، وهذا يحدّ من فعالية الطوق العسكري ويترك الوحدات معزولة وقابلة للاستهداف.47

كذلك، تحتاج القوات الميدانية إلى المزيد من المعدّات والتدريب، خصوصاً أنّ عدد ضحايا العبوات الناسفة حمّل المركبات المدرّعة عبئاً إضافياً. وتتولّى كليّة لمكافحة العبوات الناسفة في بنزرت بتدريب القوات العسكرية التونسية على أفضل الممارسات الدولية، مركّزةً في المقام الأوّل على وحدات الهندسة العسكرية.48 لكن من غير الواضح ما إذا كان يتم توفير أي تدريب لمكافحة العبوات الناسفة في المناهج التدريبية الأساسية أو المستمرة للعسكريين وعناصر الحرس الوطني، أو ما إذا طال الأمر وحدات الخطوط الأمامية.

يتعيّن على تونس زيادة التنسيق وتبادل المعلومات بين قوات الأمن والدفاع. وفي حين أنّ هذا يجب أن يحدث على جميع المستويات، هو ضروري بشكلٍ خاص بالنسبة إلى الوحدات الميدانية. وسيتطلّب ذلك المزيد من التحوّلات الهيكلية، التي تزيل الترتيبات المُعيقة للتنسيق وتبادل المعلومات وبناء أخرى جديدة. وسيترتّب عليه أيضاً تحوّل سلوكي أكثر صعوبة بكثير بين عناصر من المستويين المتوسط والقيادي.

أعاق القتال ضدّ كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس كذلك إصلاح قطاع الأمن، بعدما كانت التظلّمات ضدّه ​​بمثابة محرّك لثورة العام 2011. ومنذ ذلك الحين، اتخذت وزارة الداخلية، بدعم من شركاء أجانب، خطوات تدريجية لإصلاح هذا القطاع، من ضمنها الجهود الرامية إلى تحويل كيفية فهم قوات الأمن لمهمّتها وكيفية تعاملها مع المواطنين. وبينما يوافق بعض المسؤولين في وزارة الداخلية على أنّ إصلاح قطاع الأمن سيفيد الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الأمنية، ليس هذا الشعور سائداً على نطاق واسع، بل على العكس، تباطأت جهود الإصلاح منذ العام 2015، تحت تبرير ضرورة التصدّي أوّلاً لتحدّي التشدّد.49

على تونس أن تضمن ألّا تحبط مكافحة التشدّد عمليّتها الإصلاحية في قطاع الأمن. إذ ستساعد الإصلاحات قوات الأمن على تقديم الخدمات بشكل فعّال وبطرق غير قسرية، كما ستعزّز هذه التحسينات الثقة الشعبية في الخدمات والفعالية العملاتية. فكلاهما من العناصر الأساسية في النضال ضدّ كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس. لكن أي إصلاحات فاشلة، أو عملية إصلاح مبتورة، تهدّد بتأجيج التظلّمات وحالة فقدان الثقة بين المواطنين وقوات الأمن، ما من شأنه تسهيل الطريق أمام المتشددّين لتجنيد المقاتلين والمناصرين.

بشكل عام، تواجه الحكومة تحدياً بسبب طريقة إطلالتها على القضية في الشمال الغربي. لقد حققت مقاربة تونس الحالية التي تركّز على معاداة كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس بعض النجاحات، لكنّها لم تحرز نجاحاً استراتيجياً. فالمتشدّدون يستبدلون المقاتلين الذين قُتلوا أو أُسروا بصورة روتينية، وبينما يبدو أنّ قاعدة دعم المتشدّدين قد تقلّصت، لايزال هناك الكثيرون على استعداد لبيع السلع والخدمات للجماعات المسلحة. علاوةً على ذلك، أثّرت جهود جند الخلافة في تونس المتنامية لإرغام المدنيين على مدى استعداد هؤلاء لتوفير المعلومات والمساعدة للقوات الحكومية.

سيتعزّز النجاح الاستراتيجي من خلال استراتيجية شاملة لمكافحة التشدّد تركّز على السكّان، وتهدف إلى معالجة التحدّيات التي يواجهها الاقتصاد والحوكمة، والتي تستغلّها المجموعات. وسيتطلّب مثل هذا النهج إعادة توزيع الموارد النادرة أصلاً. وفي حين أن هذه الخطوة ستحقق بعض النجاح الفوري، سيستغرق الأمر بعض الوقت لتحقيق نتائج رئيسة.

على الرغم من تعقيد هذه العملية، يُعتبر انتهاج استراتيجية شاملة تركّز على السكّان من الوسائل الأكثر قابلية للتنفيذ من أجل إنهاء الصراع ومعالجة الإحباطات الاقتصادية والتظلّمات السياسية ومشاعر اليأس المتفشية في الشمال الغربي. ففي غياب هذا، ستصمد كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس، مايشكّل تهديداً مستمرّاً لاستقرار تونس.

مات هربرت شريك في الشركة الاستشارية التونسية Maharbal (ماهربعل) المتخصّصة في الأمن، والحوكمة الاستراتيجية، وسيادة القانون. وهو طالب دكتوراه في كليّة فليتشر للقانون والدبلوماسية، وباحث في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.

هوامش

1 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبراء أمنيين تونسيين، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2018؛ وقاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسية.

2 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس، كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل 2018.

3 مقابلة أجراها المؤلّف مع آرون زيلين، عن بعد، شباط/فبراير 2018.

4 حسابات استخلصها المؤلّف من بيانات "إحصائيات تونس".

5 مقابلة أجراها المؤلِّف مع ممثّل منظمة غير حكومية، الكاف، آذار/مارس 2015.

6 تشمل هذه الحركات انتفاضة الخبز في العام 1984 وثورة العام 2011 واحتجاجات العام 2016. أمّا إضراب الاتحاد العام التونسي للشغل في العام 1978 فقد جرى في غرب البلاد، على الرغم من أنّه لم ينطلق من هناك.

7 مقابلة أجراها المؤلّف مع ممثّل منظّمة غير حكومية، عن بعد، تموز/يوليو 2016.

8 مقابلتان أجراهما المؤلّف مع ناشط تونسي في مجال حقوق الإنسان ومع ممثّل منظّمة غير حكوميّة، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2018.

9 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير صادرة عن الحكومة ووسائل الإعلام. تتّسم البيانات بالدقة بدءاً من 23 أيار/مايو 2018.

10 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول قضائي تونسي، تونس العاصمة، آذار/مارس 2015.

11 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول أمني تونسي متقاعد، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

12 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

13 للمزيد من الأمثلة، يُرجى الاطلاع على المصادر التالية: ‎Mosaïque FM, “Foussana: Des habitants mettent la main sur un terroriste (Photos)” [Foussana: residents get their hands on a ‎terrorist], August 29, 2017, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-regional-tunisie/194577/foussana-des-‎habitants-mettent-la-main-sur-un-terroriste; وأيضاً: Mosaïque FM, “Kasserine: Identité du deuxième terroriste abattu” ‎‎[Kasserine: The identity of the second terrorist shot], August 9, 2017, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-‎regional-tunisie/184558/kasserine-identite-du-deuxieme-terroriste-abattu; وأيضاً: Mosaïque FM, “Kasserine: détails ‎sur le terroriste abattu à Aïn Fara” [Kasserine: details on the terrorist shot in Aïn Fara], February 17, 2017, ‎https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-faits-divers/97423/kasserine-details-sur-le-terroriste-abattu-a-ain-fara

14 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

15 للمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على المصادر التالية: مقابلة أجراها المؤلّف مع باحث في الأمن التونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018، ووزارة الداخلية التونسية، "الجمهورية التونسية بوابة وزارة الداخلية: بلاغ"، 9 آب/أغسطس 2017، http://www.interieur.gov.tn/actualite/2086/بلاغ وأيضاً: Mosaïque FM, “Ministère de la Défense: Bilan de l’opération de Jendouba” [Ministry of Defense: review of the Jendouba operation], July 26, 2016, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-regional-tunisie/21747/ministere-de-la-defense-bilan-de-l-operation-de-jendouba.

16 للمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على المصادر التالية: مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018، وأيضاً: Tunis Afrique Presse, “Nearly 300 cartridges seized in two illegal warehouses in Bizerte,” January 18, 2018, https://www.tap.info.tn/en/Portal-Regions/9767914-nearly-300.

17 مقابلات أجراها المؤلّف مع صحافي تونسي، القصرين، آذار/مارس 2015، ومع مدير أحد المنظمات غير الحكومية التونسية، تونس العاصمة، آذار/مارس 2015، ومع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

18 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي تونسي، القصرين، آذار/مارس 2015.

19 مقابلة أجراها المؤلّف مع باحث في الأمن التونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

20 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول أمني تونسي متقاعد، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

21 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير تونسي في محاربة الإرهاب، تونس العاصمة، آذار/مارس 2015.

22 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، أيار/مايو 2016.

23 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

24 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، شباط/فبراير 2018.

25 للمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على المصدر التالي: وزارة الدفاع الوطنية التونسية، بلاغ، 10 شباط/فبراير 2016، http://www.defense.tn/index.php/ar/2013-09-05-14-14-08/item/520-19-2016

26 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، شباط/فبراير 2018.

27 للمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على هذا المصدر الإضافي: Mosaïque FM, “Découverte de camps de terroristes dans les hauteurs de Kasserine” [Discovery of terrorist camps in the heights of Kasserine], October 4, 2016, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-regional-tunisie/27996/decouverte-de-camps-de-terroristes-dans-les-hauteurs-de-kasserine.

28مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير في الأمن الجهوي، عن بعد، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

29 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

30مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير في السياسة التونسية، تونس العاصمة، آذار/مارس 2015.

31مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

32اتصال أجراه المؤلّف مع خبير في الأمن الجهوي،عن بعد، آذار/ملرس 2018.

33مقابلة أجراها المؤلّف مع باحث في الأمن التونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

34"أمر رئاسي عدد 120 لسنة 2015 مؤرخ في 6 تموز/يوليو 2015 يتعلّق بإعلان مناطق عمليات عسكرية ومناطق عمليات عسكرية مغلقة"، 6 تموز/يوليو 2015.

35 مقابلة أجراها المؤلّف مع ضابط متقاعد في الجيش التونسي، تونس العاصمة، تشرين الثاني/نوفمبر 2017.

36 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

37 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير في الأمن الجهوي، تونس العاصمة، آذار/مارس 2018.

38 حسابات بناءً على قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

39 اتصالات ومقابلات أجراها المؤلّف مع خبير (خبراء) في الأمن التونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير وآذار/مارس ونيسان/أبريل 2018.

40 اتصال أجراه المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، نيسان/أبريل 2018.

41 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

42 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبيانات الصحافية الصادرة عن الحكومة التونسيّة.

43 لمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على هذه المصادر الإضافية: Mosaïque FM, “Les terroristes arrêtés originaires du Kef et de Jendouba” [Terrorists arrested from Kef and Jendouba] December 25, 2017, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-faits-divers/259914/les-terroristes-arretes-originaires-du-kef-et-de-jendouba; وأيضاً: Mosaïque FM, “Kef: opération de ratissage à la recherche de terrorists” [Kef: Raking operation looking for terrorists], August 6, 2017, https://www.mosaiquefm.net/fr/actualite-regional-tunisie/183268/kef-operation-de-ratissage-a-la-recherche-de-terroristes.

44 قاعدة بيانات المؤلّف لتقارير وسائل الإعلام والبلاغات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني الجزائريّة.

45 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير في السياسة التونسية، تونس العاصمة، آب/أغسطس 2017.

46 مقابلة أجراها المؤلّف مع باحث في الأمن التونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018، واتصال أجراه المؤلّف مع خبير في الأمن الجهوي، عن بعد، آذار/مارس 2018.

47 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير أمني تونسي، تونس العاصمة، كانون الثاني/يناير 2018.

48 مقابلة أجراها المؤلّف مع خبير في الأمن الجهوي، تونس العاصمة، آذار/مارس 2018.

49 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول في الأمن الجهوي، تونس العاصمة، آذار/مارس 2015، وأخرى أجراها مع خبير في الأمن الجهوي، تونس العاصمة، آذار/مارس 2018.