المصدر: Getty
مقال

مظلوم عبدي: هجمات تركيا تؤثر على حربنا ضد تنظيم الدولة

مع استمرار الهجمات التركية على شمالي سوريا وشرقيها، تتجّه الأنظار مجدداً لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في مقابلة خاصة ل(صدى) يتحدث القائد العام لهذه القوات عن احتمالات توغل تركي جديد.

 جوان سوز
نشرت في ١٢ ديسمبر ٢٠٢٢

 تضمّ مناطق الإدارة الذاتية أجزاء من محافظاتٍ البلاد كالرقة وحلب والحسكة ودير الزور، التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تتواجد بها قواتٍ من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتّحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهناك تتواجد أيضا الشرطة العسكرية الروسية، إلى جانب وحداتٍ من الجيش السوري التي تمّكنت من دخول المنطقة بعد آخرٍ توغّلٍ تركيّ برّي فيها مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد اتفاقٍ مع (قسد).

يتحدّث مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية عن احتمال توغّلٍ تركيّ جديد في المناطق التي تخضع لسيطرة قواته، وعن دور واشنطن للحيلولة دون وقوع هجومٍ قد يؤثر سلباً على الحرب التي تخوضها قواته ضد تنظيم الدولة بالتنسيق مع التحالف الدولي.1

كيف تصف الهجمات التركية الأخيرة على شمالي سوريا وشرقيها؟

لاتزال الحملة الجوية التي شنّتها تركيا ضد مناطقنا بشكل مكثف منذ 20 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مستمرة، وهي تستهدف قواتنا العسكرية والمدنيين والبنى التحتية. بهذه الهجمات التي تستخدم فيها الطائرات الحربية والمسيرات والقصف المدفعي، ترتكب تركيا بحقنا جرائم حرب وتنهتك القانون الدولي. أدت الهجمات إلى مقتل 18 مدنياً و17 مقاتلاً من قواتنا العسكرية، إضافة إلى تدمير 45 منشأة من البنى التحتية الحيوية كمحطات الكهرباء والنفط والغاز والمياه والمستشفيات ومراكز تقديم الخدمات.

كيف تؤثر هذه الهجمات على الحرب التي تخوضونها ضد تنظيم الدولة؟

بالتزامن مع تلك الهجمات، لاحظنا زيادة نشاط التنظيم، وتفيد معلوماتنا أن التنظيم يخطط لتنفيذ هجماتٍ من الجنوب، في حين أن قواتنا منشغلة بمهامها الدفاعية في حماية المواطنين والمنطقة في مواجهة العدوان التركي شمالاً. وبالتالي، أي تصعيد عسكري تركي ضد قواتنا، يؤدي بشكل مباشر إلى تزايد نشاط التنظيم. هذا ما اختبرناه طيلة السنوات الماضية.

كما أن القصف التركي استهدف مؤخرا القوات الأمنية المسؤولة عن حماية مخيم الهول الذي يضمّ أكثر من 55 ألفا من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة، وهذا يصعّب من مهمة القوات الأمنية والعسكرية في شمالي وشرقي سوريا في ضبط أمن المخيمات والسيطرة على مراكز الاحتجاز. بالإضافة إلى ذلك، تخفّض هذه الهجمات مستوى الاستجابة الإنسانية وتخلق وضعاً غير آمن يهدد الاستقرار.

إذن، كيف تواجهون هذه الهجمات؟

نواجه هذه الهجمات بالسبل السلمية للحيلولة دون وقوع حرب كارثية محتملة. وقد تحدثنا مع أصدقائنا وشركائنا والقوى الضامنة لإيقاف هذه الهجمات ومنع تركيا من تنفيذ غزو بري جديد سيؤثر سلباً على جميع الأطراف وسيشعل الحدود السورية - التركية. ولكن في حال حدوث أي غزو بري، فإن قواتنا ستحارب لحماية شعبنا والدفاع عن مناطقنا. نحن كنا ولا نزال نبدي التزامنا باتفاقيات وقف إطلاق النار التي توصلت إليها روسيا والولايات المتحدة مع تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

ما هي أهداف تركيا من هذه الهجمات المتواصلة التي استهدفت منشآت حيوية كحقول النفط والغاز؟

باستهدافها للمنشآت الحيوية، تهدف تركيا إلى تهجير السكان وإحداث تغيير ديمغرافي وخلق حالة دائمة من عدم الاستقرار تستفيد منها التنظيمات الإرهابية، هذا سيؤثر على الأمن الإقليمي والعالمي. تركيا تريد خلق بؤر صراع دائمة، تقوض أمن المنطقة على المدى الطويل.

لماذا تريد تركيا خلق هذه البؤرة؟

تقدم منطقة الإدارة الذاتية في شمالي سوريا وشرقيها نموذجاً معقولاً للسوريين وتمنحهم الأمل بخلق واقع سوري تتعايش فيه كل المكونات، وأكبر دليل على ذلك وجود أكثر من مليون نازح من مناطق متفرقة من سوريا في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية. تسعى تركيا من خلال تدميرها للبنى التحتية الحيوية في مناطقنا، إلى إفشال نموذج الإدارة الذاتية التي باتت تحظى بشرعية محلية واسعة، وتقدم الخدمات وتوفر الأمن لأكثر من 5 ملايين سوري.

أين القوات السورية الحكومية من هذه الاعتداءات التركية؟ وكيف تنسّقون معاً؟

بعد الغزو التركي لمدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في عام 2019، أدخلنا بالاتفاق مع روسيا، وحدات من الجيش السوري إلى الحدود السورية - التركية وإلى خطوط التماس مع الأتراك. وتنتشر هذه الوحدات على كامل الحدود السورية - التركية، لكن ضبابية موقف السلطات في دمشق تجاه الهجمات التركية الأخيرة الهادفة إلى احتلال دائم للأراضي السورية، غير مفهوم بالنسبة لنا.

وعلى الرغم من غياب الحلّ السياسي، فإن التنسيق العسكري مع الجيش السوري هدفه ردع مخاطر الاحتلال التركي عن سوريا. إننا نؤمن بأن السوريين يجب أن يتّحدوا في مواجهة التدخل الخارجي وسيطرته انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

هل قدمت لكم الولايات المتحدة أو روسيا، أي تطمينات بأنه لن تحدث عملية عسكرية تركية برية كما حصل في أكتوبر 2019؟ وهل ستستمر موسكو في لعب دور الوسيط بينكم وبين دمشق؟

جميع المواقف الدولية المعلنة تجاه الهجوم التركي حالياً، من طرف الولايات المتحدة أو روسيا، تعارض أي اجتياح بري جديد لأراضينا. نرى هذه المواقف جديرة بالثناء، ولكننا لا نعتبرها كافية لإيقاف العدوان التركي على مناطقنا، ولمنع غزو بري جديد ضد مناطق شمال وشرق سوريا.

أما فيما يتعلق بالوساطة الروسية بيننا وبين دمشق، فهي مستمرة، لكن هناك حاجة لحلّ سياسي للأزمة السورية وما نراه اليوم هو أن دمشق ليست جاهزة للحلول السياسية حتى الآن.

يؤكد التحالف الدولي على شراكته مع قواتكم والتنسيق العسكري لمحاربة تنظيم الدولة، لماذا لا تنسقون معاً بشأن الهجمات التركية؟

دور ومهام قوات التحالف الدولي في سوريا واضح، وهو مكافحة تنظيم الدولة. نحن والتحالف الدولي نقوم بعمليات مشتركة فقط لمكافحة الإرهاب في سوريا وهدفنا المشترك إلحاق الهزيمة النهائية بهذا التنظيم. ولكن لطالما عرقل التصعيد التركي ضد مناطقنا هذه الجهود المشتركة. سعينا دائماً لحلّ هذه المشاكل بالسبل والطرق السلمية. هذا ما سعينا إليه عام 2019، عندما عملنا على تطبيق الآلية الأمنية على الحدود السورية - التركية لسدّ الحجج والذرائع التركية. ولكن جاء الردّ التركي بإعلان الحرب واحتلال المزيد من أراضينا. 

وعلى الرغم من التصعيد التركي الحالي، التزامنا بحملة القضاء على تنظيم الدولة ثابت، حيث نستمر بالعمل مع شركائنا في التحالف الدولي لتحقيق الأهداف المشتركة.

هل يمكن لواشنطن التي تقود هذا التحالف لعب دور الوسيط بين قواتكم وتركيا بهدف التوصل إلى حلّ نهائي لحماية أمن المنطقة؟

نعم. بكل تأكيد، ثقل واشنطن على الساحة الدولية يبقي على آمالنا في قدرتها على حلّ المشكلات بيننا وبين تركيا بالسبل الدبلوماسية. كنا ولا زلنا منفتحين على الحوار وتحقيق السلام، هذا موقف مبدئي بالنسبة لنا. أمريكا تتميّز عن غيرها من الدول، بأنها على علاقات أمنية وعسكرية معنا ضمن إطار الحملة الدولية للقضاء على تنظيم الدولة، وأيضا تتميز بعلاقات أمنية وعسكرية مع تركيا ضمن حلف الشمال الأطلسي (الناتو). هذه الميزة تحديداً، تؤهل الولايات المتحدة لأن تكون الدولة الأكثر تأثيراً وقدرةً على حل القضايا الإشكالية بيننا وبين تركيا وإيجاد الحلول لها.

جوان سوز، هو باحث وصحافي مختص بالشؤون التركية والأقليات في الشرق الأوسط، وهو أيضاً عضو في نقابة الصحافة الفرنسية المعروفة اختصاراً بـ SNJ، يمكنكم متابعته على تويتر: @JiwanSoz1

ملاحظة:

1 - المقابلة أجريت عبر تطبيق المراسلة الواتسآب يوم 4 ديسمبر 2022، حيث أجاب عبدي على الأسئلة المرسلة إليه عن طريق مكتبه الإعلامي.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.