بات الحُكّام الأوتوقراطيون العرب ماهرين للغاية في العلاقات العامة. فهم يجيدون استخدام لغة الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والأسواق الحرة، فيما يُثابرون على الحفاظ على الادوات القديمة والاعتباطية في عملية اتخاذ القرار. وخلال السنوات العشر الماضية، سقطت الأنظمة العربية في مايمكن تسميته "الجُمْهوريانيّة السُلالية"، وهو شكل من أشكال الحكومات يُترجم نفسه تقريباً بتعبير الإرْداف الخُلْفي: "الرئاسة الملكية".
لكن، ومهما كان شكل المظاهر الخارجية التي تعرضها الحكومات الجمهورية داخل الأنظمة العربية، إلا انها لاتتقدم في الواقع بأي ضمانات تاريخية أو قانونية. فالهيمنة العائلية على الحكومات العربية تختصر الدول إلى مجرد أدوات لتعزيز المصالح الخاصة والشخصية، بدلأ من تحقيق المصلحة العامة. هذا علاوة على أن الدول العربية التي توجد فيها مؤسسات سياسية محدودة، غالباً ما تكتنفها القَبَلِية. وهذه الأخيرة تُسفِر بدورها عن مؤسسات سياسية لاديمقراطية ومُشوّهة.
في مصر، المسرح بات مُعدّاً لاستقبال جمال مبارك كي يكون مرشح الخلافة الوحيد للحزب الوطني الديمقراطي. والواقع ان احتمال أن يخلف جمال أبيه مرتفع، إذا ماحدثت الخلافة فيما هذا الأخير على قيد الحياة. لكن، من دون حسني مبارك، سيكون جمال وحيداً، في وقت لاتخلو الساحة من مرشحين مفاجئين يمكنهم نظرياً وحرفياً أن يبلوا بلاءً حسناً في السباق نحو الرئاسة.